المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سهيل بن عمرو بن عبد شمس - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٠

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌سعيد بن كيسان

- ‌سعيد بن محمد بن الحسن

- ‌سعيد بن محمد أبو الفرج

- ‌سعيد بن مسبِّح

- ‌سعيد بن مسلمة بن أمية بن هشام

- ‌سعيد بن مسلم بن بانك

- ‌سعيد بن منصور بن شعبة

- ‌سعيد بن مهران بن داود

- ‌سعيد بن نمران بن نمران الهمداني

- ‌سعيد بن هشام بن عبد الملك

- ‌سعيد بن يحيى بن صالح

- ‌سعيد بن يربوع ين عنكثة

- ‌سعيد بن يزيد بن معيوف الحجوري

- ‌سعيد بن يزيد القرشي

- ‌سعيد بن يوسف الرحبي

- ‌سعيد مولى نمران

- ‌السفر بن إسماعيل بن سهل

- ‌سفيان بن الأبرد بن أبي إمامة

- ‌سفيان بن سلمون السفياني

- ‌سفيان بن شعيب بن مسلم

- ‌سفيان بن عاصم بن عبد العزيز

- ‌سفيان بن عوف بن المغفل

- ‌سفيان بن مجيب وقيل نفير

- ‌سفيان بن وهب أبو أيمن الخولاني

- ‌سفيان الهذلي ويقال الدائلي

- ‌سلطان بن يحيى بن علي

- ‌سلمان ابن الإسلام أبو عبد الله الفارسي

- ‌سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو

- ‌سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد

- ‌سلمان بن ندى بن طراد بن مطر

- ‌سلمان أبو رجاء مولى أبي قلابة

- ‌سلمة بن أسلم بن حريش

- ‌سلمة بن بشر بن صيفي أبو بشر

- ‌سلمة بن تميم

- ‌سلمة بن دينار

- ‌سلمة بن سبرة

- ‌سلمة بن شبيب

- ‌سلمة بن صالح العنبسي الحرستاني

- ‌سلمة بن عبد الله بن الوليد

- ‌سلمة بن عمرو بن الأكوع

- ‌سلمة بن عمرو العقيلي

- ‌سلمة بن العيّار بن حصن

- ‌سلمة بن كلثوم الكندي

- ‌سلمة بن كُهيل

- ‌سلمة بن موسى أبو موسى الأنصاري

- ‌سلمة بن هشام بن المغيرة

- ‌سلم بن زياد بن عبيد

- ‌سلم بن قتيبة بن مسلم

- ‌سلم بن معاذ بن السلم بن الفضل

- ‌سلم بن يحيى بن عبد الحميد

- ‌سليط بن حرملة ويقال سويبط

- ‌سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطر

- ‌‌‌سليمان بن احمد بن محمدبن سليمان

- ‌سليمان بن احمد بن محمد

- ‌سليمان بن أحمد بن يحيى بن سليمان

- ‌سليمان بن أحمد أبو الحسن البزاز

- ‌سليمان بن الأحنف

- ‌سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري

- ‌سليمان بن الأشعث بن إسحاق

- ‌سليمان بن أيوب بن سليمان

- ‌سليمان بن بلال بن أبي الدرداء

- ‌سليمان بن حبيب أبو بكر

- ‌سليمان بن أبي حثمة بن حذيفة

- ‌سليمان بن حميد المزني

- ‌سليمان بن حيان بن خيثمة العذري

- ‌سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب

- ‌سليمان بن داود

- ‌سليمان بن داود بن أبي حفص

- ‌سليمان بن داود أبو داود الخولاني

- ‌سليمان بن داود الدمشقي

- ‌سليمان بن سعد الخشني مولاهم

- ‌سليمان بن سلمة بن عبد الجبار

- ‌سليمان بن سُليم أبو سلمة

- ‌سليمان بن سُليم بن كيسان

- ‌سليمان بن عبد الله المنصور

- ‌سليمان ويقال سُليم بن عبد الله

- ‌سليمان بن عبد الحميد بن رافع

- ‌سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد

- ‌سليمان بن عبد الرحمن

- ‌سليمان بن عبد الرحمن عيسى

- ‌سليمان بن عبد الملك بن مروان

- ‌سليمان بن عتبة بن ثور بن يزيد

- ‌سليمان بن علي بن عبد الله

- ‌سليمان بن أبي كريمة

- ‌سليمان بن محمد بن إسماعيل

- ‌سليمان بن محمد بن سلمة

- ‌سليمان بن محمد بن الفضل بن جبريل

- ‌سليمان بن مجالد بن أبي المجالد

- ‌سليمان بن موسى

- ‌سليمان بن موسى

- ‌سليمان بن هشام بن عبد الملك

- ‌سليمان بن يسار أبو عبد الرحمن

- ‌سليمان أبو أيوب الخوّاص

- ‌سُليم بن أسود بن حنظلة

- ‌سليم بن أيوب بن سليم

- ‌سليم بن عامر أبو يحيى

- ‌سُليم بن عتر بن سلمة بن مالك

- ‌سليم أبو عامر من أهل الحاضر

- ‌سليم أبو الصلت الحضرمي الشامي الحمصي

- ‌سليم مولى بني عذرة

- ‌سليم مولى زياد

- ‌سليم بن صالح أبو سفيان العنسي

- ‌سماك بن عبد الصمد بن سلام

- ‌سمرة بن سهم الأسدي

- ‌السمط بن ثابت بن يزيد

- ‌سمعان بن هُبيرة بن مساحق

- ‌سمعون التغلبي

- ‌سنان بن أبي منظور أبو الفضل

- ‌سندي بن شاهك أبو نصر

- ‌سند بن يحيى بن سند

- ‌سواد بن قارب الأزدي

- ‌سويبط بن سعد بن حرملة

- ‌سيود بن سعيد بن سهل

- ‌سويد بن عبد العزيز بن نمير

- ‌سويد بن عمرو الأنصاري

- ‌سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر

- ‌سهل بن إسماعيل بن سهل

- ‌سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد

- ‌سهل بن الحسن بن محمد بن أحمد

- ‌سهل بن داود بن ديزويه

- ‌سهل بن أبي زينب

- ‌سهل بن شعيب بن ربيعة

- ‌سهل بن صدقة الأموي

- ‌سهل بن عبد الله بن الفرخان

- ‌سهل بن عبد العزيز بن مروان

- ‌سهل بن الحنظلية

- ‌سهل بن محمد بن الحسن أبو الحسن

- ‌سهل بن محمد بن شجاع

- ‌سهل بن هاشم بن بلال

- ‌سهل مولى عمر بن عبد العزيز

- ‌سهم بن خنبش أبو خنبش

- ‌سهيل بن عمرو بن عبد شمس

- ‌سلامة بن بحر أبو الفرج القاضي

- ‌سلامة بن بشر بن بديل

- ‌سلامة بن عبد الله بن نعيم

- ‌سلامة بن علي الفارقي

- ‌سلامة بن محمد بن ناهض

- ‌سلامة بن محمد أبو الخير البغدادي

- ‌سلامة بن محمود بن محمد

- ‌سلام بن سلمة ويقال ابن سليم

- ‌سلام بن أبي سلام منظور الحبشي

- ‌سيابة بن عاصم بن شيبان

- ‌سيار مولى معاوية

- ‌سيار خادم عمر بن عبد العزيز

- ‌سيف بن أبي سيف

- ‌سيماه ويقال سيمويه البلقاوي

- ‌أسماء النساء على حرف السين المهملة

- ‌سارة بنت هازان بن ناحور

- ‌سفانة بنت حاتم الطائية

- ‌سكينة واسمها أميمة

- ‌سكينة زوج أبي الحسن

- ‌سلمى بنت سعيد بن خالد

- ‌سلامة أم المنصور

- ‌سلامة أم سلام المعروفة بسلامة القس

- ‌سيدة بنت عبد الله بن مرحوم

- ‌سيدة بنت عبد الله

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌شافع بن محمد بن يعقوب

- ‌شاكر بن عبد الله بن محمد

- ‌شبل بن الحسين بن علي

- ‌شبل بن علي بن شبل

- ‌شبلي بن عبد الملك بن أحمد

- ‌شبة بن عقال بن صعصعة

- ‌شبيب بن شيبة بن عبد الله

- ‌شجاع بن بكر بن محمد

- ‌شجاع بن علي بن أحمد بن علي

- ‌شجاع بن وهب

- ‌شجرة بن مسلم

- ‌شداد بن أوس بن ثابت

- ‌شداد بن عبد الله أبو عمار

- ‌شداد بن عبيد الله بن شداد

- ‌شداد بن قيس

- ‌شراحيل بن آدة

- ‌شراحيل بن عبيدة بن قيس العقيلي

- ‌شراحيل بن عمرو أبو عمر العنسي

- ‌شراحيل بن مرثد أبو عثمان الصنعاني

- ‌شراحيل بن مسلمة بن عبد الله

- ‌شرحبيل بن السمط بن شرحبيل

- ‌شرحبيل بن عبد الله بن المطاع

- ‌شرحبيل بن محمد الداراني

- ‌شريح بن أوفى بن يزيد بن زاهر

- ‌شريح بن الحارث بن قيس

- ‌شريح بن عبيد بن شريح

- ‌شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك

- ‌شريك بن الأعور

- ‌شريك بن سلمة المرادي

- ‌شريك بن شداد الحضرمي الشيعي

- ‌شعيب بن يوبب بن عنقاء بن مدين

- ‌شعيب بن أحمد بن عبد الحميد

- ‌شعيب بن إسحاق بن شعيب بن إسحاق

- ‌شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن

- ‌شعيب بن دينار

- ‌شعيب بن رزيق

- ‌شعيب بن سهل بن كثير

- ‌شعيب بن شعيب بن إسحاق

- ‌شعيب بن شعيب بن مسلم بن شعيب

- ‌شعيب بن عبد الرحمن بن عمر

- ‌شعيب بن عمرو بن نصر

- ‌شعيب بن الهيثم بن إبراهيم

- ‌شقران السلاماني

- ‌شقيق بن إبراهيم

- ‌شقيق بن ثور بن عُفير

- ‌شقيق بن سلمة أبو وائل الأسدي

- ‌شمر بن ذي الجوشن

- ‌شمعون أبو ريحانة الأزدي

- ‌شهاب بن خراش بن حوشب

- ‌شهاب بن محمد بن شهاب

- ‌شهاب بن مسرور بن مساور

الفصل: ‌سهيل بن عمرو بن عبد شمس

‌سهيل بن عمرو بن عبد شمس

ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب أبو يزيد العامري القرشي الأعلم أحد خطباء قريش. له صحبة. أسلم يوم فتح مكة، وخرج إلى الشام مجاهداً في جماعة من أهل بيته، وهلك بالشام وقيل: إنه قتل باليرموك وشهد مع المشركين بدراً، وكان يقال له: ذو الأنياب.

حدث أبو سعد أبي فضالة الأنصاري، وكانت له صحبة قال:

اصطحبت أنا وسهيل بن عمرو إلى الشام ليالي أغزانا أبو بكر الصديق، فسمعت سهيلاً يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مقام أحدكم في سبيل الله ساعة خير من عمله عمره في أهله. قال سهيل: وأنا أرابط حتى أموت ولا أرجع إلى مكة أبداً، فلم يزل بالشام حتى مات بها في طاعون سنة ثمان عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.

وعن سهيل بن عمرو قال: لقد رأيت يوم بدر رجالاً بيضاً على خيل بلق بين السماء والأرض معلمين يقتلون ويأسرون.

وكان سهيل أعلم الشفة، وكان من أشراف قريش، أسره يوم بدر مالك بن الدخشم فقال في ذلك مالك: من المتقارب

أسرت سهيلَا فلن أبتغي

أسيراً به من جميع الأمم

وخندف تعلم أن الفتى

سهيلاً فتاها إذا تصطلم

ضربت بذي الشفر حتى انثنى

وأكرهت سيفي على ذي العلم

ص: 230

ذو الشفر لقب سيفه فقدم مكرز بن حفص بن الآخيف العامري ثم المعيصي فقاطعهم على فدائه.

وفي رواية: فانتهى إلى رضاهم في سهيل أرفع الفداء: أربعة آلاف وقال لهم: اجعلوا أرجلي في القيد مكان رجليه حتى نبعث إليكم بالفداء، ففعلوا ذلك به، وبعث سهيل بالمال مكانه من مكة، وفي ذلك يقول مكرز بن حفص: من الطويل

فديت بأذواد كرام سبا فتى

ينال الصميم غرمها لا المواليا

وقلت سهيل خيرنا فاذهبوا به

لأبنائنا حتى يديروا الأمانيا

ولما استنفر أبو سفيان بن حرب قريشاً لعيرها قام سهيل بن عمرو قال: يال غالب، أتاركون أنتم محمد والصباة من أهل يثرب يأخذون عيرانكم وأموالكم؟! من أراد مالاً فهذا مال، ومن أراد قوة فهذه قوة، فقال في ذلك أمية بن أبي الصلت: من الكامل

أأبا يزيد رأيت سيبك واسعاً

وسجال كفك تستهل وتمطر

بسطت يداك بفضل عرفك والذي

يعطي يسارع في العلاء فيظفر

فوصلت قومك واتخذت صنيعة

فيهم تعد وذو الصنيعة يشكر

ونمى ببيتك في المكارم والعلا

يابن الكرام فروع مجد تزخر

وجحاجح بيض الوجوه أعزة

غر كأنهم نجوم تزهر

إن التكرم والندى عامر

أخواك ما سلكت لحج عزور

عزور: رمل بالجحفة.

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسهيل أسير: دعني

ص: 231

أنزع حتى يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيباً أبداً، وكان سهيل أعلم مشقوق الشفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعله يقوم مقاماً نحمده، فأسلم سهيل في الفتح، وقام بعد ذلك بمكة خطيباً حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وماج أهل مكة، وكادوا يرتدون، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالمدينة، وكأنه كان يسمعها، فسكن الناس، وقبلوا منه، وأمير مكة يومئذ عتاب بن أسيد.

وسهيل بن عمر ((والذي جاء في الصلح يوم الحديبية، فقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: قد سهل أمركم، فكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب القضية هو. وكان سهيل بن عمرو بعد أن أسلم كثير الصلاة والصوم والصدقة، وخرج سهيل بجماعة أهله إلا ابنته هند إلى الشام مجاهداً حتى ماتوا كلهم هنالك.

وعن قتادة في قوله تبارك وتعالى: " فقاتلوا أئمة الكفر " قال: أبو سفيان بن حرب، وأمية بن خلف، عتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله وهموا بإخراج الرسول، وليس كما يتناول أهل البدع والشبهات الفري على الله وعلى كتابهوعن سالم عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم ألعن فلاناً، اللهم، العن الحارث بن هشام اللهم، ألعن سهيل بن عمرو، اللهم، ألعن صفوان بن أمية. قال: فنزلت هذه الآية: " ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون " قال: فتيب عليهم كلهم.

حدث عامر ين سعد عن أبيه قال: رميت يوم بدر سهيل بن عمرو فقطعت نساه فأتبعت أثر الدم حتى وجدته قد أخذه مالك بن الدخشم، وهو آخذ بناصية، فقلت: أسيري رميته، فقال مالك: أسيري أخذته

ص: 232

فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه منهما جميعاً، فأفلت سهيل بالروحاء من مالك بن الدخشم، فصاح في الناس، فخرج في طلبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من وجده فليقتله، فوجده النبي صلى الله عليه وسلم نفسه فلم يقتله، وقيل: أنه صلى الله عليه وسلم وجده بين سمرات، فأمر به فربطتداه إلى عنقه ثم قربه إلى راحلته فلم يركب خطوة حتى قدم المدينة، فلقي أسامة بن زيد وهو على راحلته القصواء، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه، وسهيل مجنوب، يداه إلى عنقه. فلما نظر أسامة إلى سهيل قال: يا رسول الله، أبو زيد؟! قال: نعم، هذا الذي كان يطعم بمكة الخبز.

ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقدم بالأسرى وسودة بنت زمعة عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ، وذلك قبل أن يضرب الحجاب، قالت سودة: فأتينا فقيل لنا: هؤلاء الأسرى قد أتي بهم، فخرجت إلى بيتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وإذا أبو يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت: أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم ألا متم كراماً، فوالله ما راعني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيا سودة، أعلى الله وعلى رسوله؟ قلت: يا نبي الله، والذي بعثك بالحق إن ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت.

قال الحسن بن محمد.

قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، دعني أنزع ثنية سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيباً في قومه أبداً، فقال: دعها فلعلها أن تسرك يوماً. قال: ولما مات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر منه أهل مكة، فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة وقال: من كان محمد إلهه فإن محمد قد مات، والله حي لا يموت.

ولما فتح رسول الله مكة، دخل البيت، فصلى بين الساريتين، ثم وضع يديه على عضادتي الباب، فقال: لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، وصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون؟ وما تظنون؟ فقال سهيل بن عمرو: نقول خيراً، ونظن خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، وقد قدرت. قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف: "

ص: 233

لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين " ألا إن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي إلا سدانة البيت وسقاية الحاج " قال سهيل بن عمرو: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وظهر انقحمت بيتي وأغلقت علي بابي، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل أن أطلب لي جواراً من محمد، فإني لا آمن أن أقتل، قال: وجعلت أتذكر أثري عند محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فليس أحد أسوأ أثراً مني، وإني لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بما لم يلقه أحد، وكنت الذي كاتبه مع حضوري بدراً وأحداً، وكلما تحركت قريش كنت فيها، فذهب عبد الله بن سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أبي تؤمنه؟ فقال: نعم، هو آمن بأمان الله، فليظهر، فليخرج، فلعمري إن سهيلاً له عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع، فخرج عبد الله إلى أبيه فخبره بمقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سهيل: كان والله برّاَ صغيراً وكبيراً، فكان سهيل يقبل ويدبر، وخرج إلى حنين مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو على شركة حتى أسلم بالجعرانة.

زاد في رواية: وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ من غنائم حنين مئة من الإبل.

قال سعيد بن مسلم:

لم يكن أحد من كبراء قريش الذي تأخر إسلامهم، فأسلموا يوم فتح مكة، أكثر صلاة ولا صوماً ولا صدقة، ولا أقبل على ما يعينه من أمر الآخرة من سهيل بن عمرو، حتى إن كان لقد شحب وتغير لونه، وكان كثير البكاء رقيقاً عند قراءة القرآن. لقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل، يقرئه القرآن، وهو يبكي حتى خرج معاذ من مكة، حتى قال له ضرار بن الخطاب: يا أبا يزيد، تختلف، إلى هذا الخزري يقرئك القرآن! ألا يكون

ص: 234

يختلف إلى رجل من قومك من قريش؟ فقال: يا ضرار، هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كل السبق، لعمري أختلف إليه، ووضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله أقواماً بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا، وأني لأذكر ما قسم الله في تقدم إسلام أهل بيتي الرجال والنساء، مولاي عمير بن عوف فأسر به وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله نفعني بدعائهم، ألا أكون مت على ما مات عليه نظرائي، وقتلوا. قد شهدت مواطن كلها أنا فيها معاند للحق: يوم بدر، ويوم أحد، والخندق وأنا وليت أمر الكتاب يوم الحديبية، يا ضرار، أني لأذكر مراجعتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، وما كنت ألظ به من الباطل، فأستحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بمكة وهو بالمدينة ولكن ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك، ولقد رأيتني يوم بدر وأنا في حيز المشركين، وأنظر إلى ابني عبد الله ومولاي عمير بن عوف قد فرا مني فصارا في حيز محمد، وما عمي عليّ يومئذ من الحق، لما أنا فيه من الجهالة وما أرادهما الله به من الخير، ثم قتل ابني عبد الله بن سهيل يوم اليمامة شهيداً عزاني به أبو بكر وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته، فأنا أرجو أن يكون أول من يشفع له.

وكان أبو بكر الصديق يقول: ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية، ولكن الناس يومئذ قصر رأيهم عما كان بين محمد وربه. والعباد يعجلون، والله لا يعجل كعجلة العباد حتى تبلغ الأمور ما أراد، لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجة الوداع قائماً عند المنحر يقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينحرها بيده، ودعا الحلاق فحلق رأسه، ونظر إلى سهيل يلقط من شعره، وأراه يضعه على عينيه، وأذكر إباءه أن يقرّ يوم الحديبية بأن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، ويأبى أن يكتب محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمدت الله الذي هداه للإسلام، وصلوات الله وبركاته على نبي الرحمة الذي هدانا به وأنقذنا به من الهلكة.

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سهيل بن عمرو يستهديه من ماء زمزم، فبعث إليه براويتين وجعل كرا غوطيا.

ص: 235

وعن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء الخزاعي قال: نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وقد تقلد السيف ثم قام خطيباً بخطبه أبي بكر التي خطبت بالمدينة كأنه كان يسمعها، فقال: أيها الناس، من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقد نعى الله نبيكم إليكم، وهو بين أظهركم، ونعاكم إلى أنفسكم فهو الموت حتى لا يبقى أحد، ألم تعلموا أن الله قال:" إنك ميت وإنهم ميتون " وقال: " وما محمد إلا برسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " وقال: " كل نفس ذائقة الموت " ثم تلا: " كل شيء هالك إلا وجهه " فاتقوا الله واعتصموا بدينكم، وتوكلوا على ربكم، فإن دين الله قائم وكلمة الله تامة، وإن الله ناصر من نصره، ومعز دينه، وقد جمعكم الله على خيركم. فلما بلغ عمر كلام سهيل بمكة قال: أشهد أن محمداً رسول الله، وأن ما جاء به حق، هذه هو المقام الذي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: لعله يقوم مقاماً لا تكرهه.

سئل سعيد بن المسيب عن خطباء قريش في الجاهلية فقال: الأسود بن المطلب بن أسد، وسهيل ين عمرو، وسئل عن خطبائهم في الإسلام، فقال: معاوية وابنه، وسعيد وابنه، وعبد الله بن الزبير.

قال سفيان الثوري:

حضر باب عمر الخطاب جماعة من مشيخة الفتح وغيرهم، فيهم سهيل بن عمرو عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، فخرج الإذن أين صهيب؟ أين عمار؟ أين سلمان؟ ليدخلوا. فتمعرت وجوه القوم، فقال سهيل: لم تمعر وجوهكم؟ دعوا ودعينا فأسرعوا وأبطأنا، فلئن حسدتموهم على باب عمر فما أعد الله لهم في الجنة أكثر من هذا.

ص: 236