المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شقيق بن إبراهيم - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٠

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌سعيد بن كيسان

- ‌سعيد بن محمد بن الحسن

- ‌سعيد بن محمد أبو الفرج

- ‌سعيد بن مسبِّح

- ‌سعيد بن مسلمة بن أمية بن هشام

- ‌سعيد بن مسلم بن بانك

- ‌سعيد بن منصور بن شعبة

- ‌سعيد بن مهران بن داود

- ‌سعيد بن نمران بن نمران الهمداني

- ‌سعيد بن هشام بن عبد الملك

- ‌سعيد بن يحيى بن صالح

- ‌سعيد بن يربوع ين عنكثة

- ‌سعيد بن يزيد بن معيوف الحجوري

- ‌سعيد بن يزيد القرشي

- ‌سعيد بن يوسف الرحبي

- ‌سعيد مولى نمران

- ‌السفر بن إسماعيل بن سهل

- ‌سفيان بن الأبرد بن أبي إمامة

- ‌سفيان بن سلمون السفياني

- ‌سفيان بن شعيب بن مسلم

- ‌سفيان بن عاصم بن عبد العزيز

- ‌سفيان بن عوف بن المغفل

- ‌سفيان بن مجيب وقيل نفير

- ‌سفيان بن وهب أبو أيمن الخولاني

- ‌سفيان الهذلي ويقال الدائلي

- ‌سلطان بن يحيى بن علي

- ‌سلمان ابن الإسلام أبو عبد الله الفارسي

- ‌سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو

- ‌سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد

- ‌سلمان بن ندى بن طراد بن مطر

- ‌سلمان أبو رجاء مولى أبي قلابة

- ‌سلمة بن أسلم بن حريش

- ‌سلمة بن بشر بن صيفي أبو بشر

- ‌سلمة بن تميم

- ‌سلمة بن دينار

- ‌سلمة بن سبرة

- ‌سلمة بن شبيب

- ‌سلمة بن صالح العنبسي الحرستاني

- ‌سلمة بن عبد الله بن الوليد

- ‌سلمة بن عمرو بن الأكوع

- ‌سلمة بن عمرو العقيلي

- ‌سلمة بن العيّار بن حصن

- ‌سلمة بن كلثوم الكندي

- ‌سلمة بن كُهيل

- ‌سلمة بن موسى أبو موسى الأنصاري

- ‌سلمة بن هشام بن المغيرة

- ‌سلم بن زياد بن عبيد

- ‌سلم بن قتيبة بن مسلم

- ‌سلم بن معاذ بن السلم بن الفضل

- ‌سلم بن يحيى بن عبد الحميد

- ‌سليط بن حرملة ويقال سويبط

- ‌سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطر

- ‌‌‌سليمان بن احمد بن محمدبن سليمان

- ‌سليمان بن احمد بن محمد

- ‌سليمان بن أحمد بن يحيى بن سليمان

- ‌سليمان بن أحمد أبو الحسن البزاز

- ‌سليمان بن الأحنف

- ‌سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري

- ‌سليمان بن الأشعث بن إسحاق

- ‌سليمان بن أيوب بن سليمان

- ‌سليمان بن بلال بن أبي الدرداء

- ‌سليمان بن حبيب أبو بكر

- ‌سليمان بن أبي حثمة بن حذيفة

- ‌سليمان بن حميد المزني

- ‌سليمان بن حيان بن خيثمة العذري

- ‌سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب

- ‌سليمان بن داود

- ‌سليمان بن داود بن أبي حفص

- ‌سليمان بن داود أبو داود الخولاني

- ‌سليمان بن داود الدمشقي

- ‌سليمان بن سعد الخشني مولاهم

- ‌سليمان بن سلمة بن عبد الجبار

- ‌سليمان بن سُليم أبو سلمة

- ‌سليمان بن سُليم بن كيسان

- ‌سليمان بن عبد الله المنصور

- ‌سليمان ويقال سُليم بن عبد الله

- ‌سليمان بن عبد الحميد بن رافع

- ‌سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد

- ‌سليمان بن عبد الرحمن

- ‌سليمان بن عبد الرحمن عيسى

- ‌سليمان بن عبد الملك بن مروان

- ‌سليمان بن عتبة بن ثور بن يزيد

- ‌سليمان بن علي بن عبد الله

- ‌سليمان بن أبي كريمة

- ‌سليمان بن محمد بن إسماعيل

- ‌سليمان بن محمد بن سلمة

- ‌سليمان بن محمد بن الفضل بن جبريل

- ‌سليمان بن مجالد بن أبي المجالد

- ‌سليمان بن موسى

- ‌سليمان بن موسى

- ‌سليمان بن هشام بن عبد الملك

- ‌سليمان بن يسار أبو عبد الرحمن

- ‌سليمان أبو أيوب الخوّاص

- ‌سُليم بن أسود بن حنظلة

- ‌سليم بن أيوب بن سليم

- ‌سليم بن عامر أبو يحيى

- ‌سُليم بن عتر بن سلمة بن مالك

- ‌سليم أبو عامر من أهل الحاضر

- ‌سليم أبو الصلت الحضرمي الشامي الحمصي

- ‌سليم مولى بني عذرة

- ‌سليم مولى زياد

- ‌سليم بن صالح أبو سفيان العنسي

- ‌سماك بن عبد الصمد بن سلام

- ‌سمرة بن سهم الأسدي

- ‌السمط بن ثابت بن يزيد

- ‌سمعان بن هُبيرة بن مساحق

- ‌سمعون التغلبي

- ‌سنان بن أبي منظور أبو الفضل

- ‌سندي بن شاهك أبو نصر

- ‌سند بن يحيى بن سند

- ‌سواد بن قارب الأزدي

- ‌سويبط بن سعد بن حرملة

- ‌سيود بن سعيد بن سهل

- ‌سويد بن عبد العزيز بن نمير

- ‌سويد بن عمرو الأنصاري

- ‌سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر

- ‌سهل بن إسماعيل بن سهل

- ‌سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد

- ‌سهل بن الحسن بن محمد بن أحمد

- ‌سهل بن داود بن ديزويه

- ‌سهل بن أبي زينب

- ‌سهل بن شعيب بن ربيعة

- ‌سهل بن صدقة الأموي

- ‌سهل بن عبد الله بن الفرخان

- ‌سهل بن عبد العزيز بن مروان

- ‌سهل بن الحنظلية

- ‌سهل بن محمد بن الحسن أبو الحسن

- ‌سهل بن محمد بن شجاع

- ‌سهل بن هاشم بن بلال

- ‌سهل مولى عمر بن عبد العزيز

- ‌سهم بن خنبش أبو خنبش

- ‌سهيل بن عمرو بن عبد شمس

- ‌سلامة بن بحر أبو الفرج القاضي

- ‌سلامة بن بشر بن بديل

- ‌سلامة بن عبد الله بن نعيم

- ‌سلامة بن علي الفارقي

- ‌سلامة بن محمد بن ناهض

- ‌سلامة بن محمد أبو الخير البغدادي

- ‌سلامة بن محمود بن محمد

- ‌سلام بن سلمة ويقال ابن سليم

- ‌سلام بن أبي سلام منظور الحبشي

- ‌سيابة بن عاصم بن شيبان

- ‌سيار مولى معاوية

- ‌سيار خادم عمر بن عبد العزيز

- ‌سيف بن أبي سيف

- ‌سيماه ويقال سيمويه البلقاوي

- ‌أسماء النساء على حرف السين المهملة

- ‌سارة بنت هازان بن ناحور

- ‌سفانة بنت حاتم الطائية

- ‌سكينة واسمها أميمة

- ‌سكينة زوج أبي الحسن

- ‌سلمى بنت سعيد بن خالد

- ‌سلامة أم المنصور

- ‌سلامة أم سلام المعروفة بسلامة القس

- ‌سيدة بنت عبد الله بن مرحوم

- ‌سيدة بنت عبد الله

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌شافع بن محمد بن يعقوب

- ‌شاكر بن عبد الله بن محمد

- ‌شبل بن الحسين بن علي

- ‌شبل بن علي بن شبل

- ‌شبلي بن عبد الملك بن أحمد

- ‌شبة بن عقال بن صعصعة

- ‌شبيب بن شيبة بن عبد الله

- ‌شجاع بن بكر بن محمد

- ‌شجاع بن علي بن أحمد بن علي

- ‌شجاع بن وهب

- ‌شجرة بن مسلم

- ‌شداد بن أوس بن ثابت

- ‌شداد بن عبد الله أبو عمار

- ‌شداد بن عبيد الله بن شداد

- ‌شداد بن قيس

- ‌شراحيل بن آدة

- ‌شراحيل بن عبيدة بن قيس العقيلي

- ‌شراحيل بن عمرو أبو عمر العنسي

- ‌شراحيل بن مرثد أبو عثمان الصنعاني

- ‌شراحيل بن مسلمة بن عبد الله

- ‌شرحبيل بن السمط بن شرحبيل

- ‌شرحبيل بن عبد الله بن المطاع

- ‌شرحبيل بن محمد الداراني

- ‌شريح بن أوفى بن يزيد بن زاهر

- ‌شريح بن الحارث بن قيس

- ‌شريح بن عبيد بن شريح

- ‌شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك

- ‌شريك بن الأعور

- ‌شريك بن سلمة المرادي

- ‌شريك بن شداد الحضرمي الشيعي

- ‌شعيب بن يوبب بن عنقاء بن مدين

- ‌شعيب بن أحمد بن عبد الحميد

- ‌شعيب بن إسحاق بن شعيب بن إسحاق

- ‌شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن

- ‌شعيب بن دينار

- ‌شعيب بن رزيق

- ‌شعيب بن سهل بن كثير

- ‌شعيب بن شعيب بن إسحاق

- ‌شعيب بن شعيب بن مسلم بن شعيب

- ‌شعيب بن عبد الرحمن بن عمر

- ‌شعيب بن عمرو بن نصر

- ‌شعيب بن الهيثم بن إبراهيم

- ‌شقران السلاماني

- ‌شقيق بن إبراهيم

- ‌شقيق بن ثور بن عُفير

- ‌شقيق بن سلمة أبو وائل الأسدي

- ‌شمر بن ذي الجوشن

- ‌شمعون أبو ريحانة الأزدي

- ‌شهاب بن خراش بن حوشب

- ‌شهاب بن محمد بن شهاب

- ‌شهاب بن مسرور بن مساور

الفصل: ‌شقيق بن إبراهيم

‌شعيب بن الهيثم بن إبراهيم

ابن يزيد بن غيلان أبو محمد القرشي البيروتي حدث عن العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي بسنده عن خزيمة بن ثابت أنه قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".

‌شقران السلاماني

مولى سلامان من قضاعة، شاعر من شعراء دولة بني أمية. وفد على الوليد بن يزيد وكان مداحاً له، وهاجى ابن ميادة. ومن شعره يرثي أخاه: من الطويل

ذكرت أبا أروى فبت كأنني

برد الأمور الماضيات وكيل

لكل اجتماع من خليلين فرقة

وكل الذي دون الفراق قليل

وإن افتقادي واحداً بعد واحد

دليل على ألا يدوم خليل

قال ابن الأعرابي: قوله: برد الأمور الماضيات وكيل أي أتعزى بالأسى التي أصيب بها الناس قبلي، وأقول: ما ت فلان وفلان، لأتعزى.

‌شقيق بن إبراهيم

أبو علي الأزدي البلخي الزاهد أحد شيوخ التصوف. صحب إبراهيم بن أدهم.

حدث عن إبراهيم بن أدهم بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار ثم كان الاثنان أحب إليكم من الواحد لم تبلغوا الاستقامة.

وحدث عن عباد بن كثير عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجلسوا عند كل عالم إلا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس، من الشك إلى اليقين، ومن الكبر إلى التواضع، ومن العداوة إلى النصيحة، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الرغبة إلى الزهد ".

ص: 320

وحدث عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالساً، فقلت: يا رسول الله، إنك تصلي جالساً فما أصابك؟ قال: الجوع يا أبا هريرة، فبكيت، فقال: لا تبك يا أبا هريرة، فإن شدة الحساب لا تصيب الجائع إذا احتسب.

وحدث شقيق بن إبراهيم، الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة المداوم على عبادة ربه، عن أبي هاشم الأبلي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قضى حاجة المسلم في الله كتب له الله عمر الدنيا سبعة آلاف صيام نهاره وقيام ليله ".

قال حاتم الأصم: كان شقيق بن إبراهيم موسراً، وكان يتفتى ويعاشر الفتيان، وكان علي بن عيسى بن ماهان أمير بلخ يحب كلاب الصيد، ففقد كلباً منها، فسُعي برجل أنه عنده، وكان الرجل في جوار شقيق، فطلب الرجل وضرب، فدخل دار شقيق مستجيراً، فمضى شقيق إلى الأمير وقال: خلوا سبيله فإن الكلب عندي أرده إليكم إلى ثلاثة أيام، فخلوا سبيله، وانصرف شقيق مهتماً لما صنع. فلما كان اليوم الثالث كان رجل غائباً عن بلخ رجع، فوجد في الطريق كلباً عليه قلادة فأخذه وقال: أهديه إلى شقيق فإنه يشتغل بالتفتي فحمله إليه، فنظر شقيق فإذا هو كلب الأمير، فسر به وحمله إلى الأمير، وتخلص من الضمان، فرزقه الله الانتباه، وتاب مما كان فيه وسلك طريق الزهد.

قال خلف بن تميم:

التقى إبراهيم بن أدهم وشقيق بمكة فقال إبراهيم لشقيق: ما بدء أمرك الذي بلغك هذا؟ فقال: سرت في بعض الفلوات، فرأيت طيراً مكسور الجناحين في فلاة من الأرض، فقلت: انظر من أين يرزق هذا، فقعدت بحذائه، فإذا أنا بطير قد أقبل في منقاره جرادة فوضعها في منقار الطير المكسور الجناحين، فقلت لنفسي: يا نفس، الذي قيض هذا الطائر الصحيح لهذا الطائر المكسور الجناحين في فلاة من الأرض هو قادر أن يرزقني حيثما كنت، فتركت التكسب، واشتغلت بالعبادة. فقال إبراهيم: يا شقيق، ولم لا تكون أنت الطير الصحيح الذي أطعم العليل حتى تكون أفضل منه؟ أما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم: اليد العليا

ص: 321

خير من اليد السفلى؟ ومن علامة المؤمن أن يطلب أعلى الدرجتين في أموره كلها حتى يبلغ منازل الأبرار؟ قال: فأخذ يد إبراهيم يقبلها وقال له: أنت أستاذنا يا أبا إسحاق.

قال حاتم: قدم شقيق بن إبراهيم من الكوفة يريد مكة، فلقيه سفيان الثوري فقال له: أنت الذي يدعو إلى التوكيل ويمنع المكاسب؟ فقال: شقيق ما قلت كذا. قال: أيش قلت؟ قال: قلت: حلال بيّن وحرام بيّن ومتشابه فيما بين ذلك ولكن دخلت الآفة من الخاصة على العامة. وهم خمس طبقات: فأولهم العلماء، والثاني الزهاد، والثالث الغزاة، والرابع التجار، والخامس السلطان. فأما العلماء فهم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم. وإذا كان العالم طامعاً جامعاً فالجاهل بمن يقتدي؟ وأما الزهاد فهم ملوك الأرض. فإذا كان الزاهد يرغب فيما في أيدي الناس فالراغب بمن يقتدي؟ وأما الغزاة فهم أضياف الله في أرضه. فإذا كان الغازي يحب الخيلاء والتصدر في المجالس فمن يغزو؟ وأما التجار فهم أمناء الله عز وجل في أرضه، فإذا كان التاجر الأمين خائناً فالخائن بمن يقتدي؟ وأما السلطان فهم الرعاة، فإذا كان الراعي هو الذئب فالذئب ما يجد ما يأكل. يا سفيان، لا تجمعن منها إلا قدر مقامك فيها، فقام سفيان ولم يردّ عليه شيئاً.

قال شقيق: التوكل طمأنينة القلب بموعود الله.

كان شقيق البلخي يقول: لكل واحد مقام، فمتوكل على ماله، ومتوكل على نفسه، ومتوكل على لسانه، ومتوكل على سيفه، وقيل على شرفه ومتوكل على سلطنته، ومتوكل على الله عز وجل. فأما المتوكل على الله فقد وجد الاسترواح، نوّه الله به ورفع قدره. وقال:" وتوكَّلْ على الحي الذي لا يموت " وأما من كان مستروحاً إلى غيره فيوشك أن ينقطع به فيبقى.

ص: 322

قال محمد بن عامر: قال لشقيق: متى أوفق العمل الصالح؟ قال: إذا جعلت أحداث يومك وليلتك متقدمة عند الله. قلت: فمتى أتوكل؟ قال: إن اليقين إذا تم بينك وبين الله سمي تمامه توكلاً. قلت: فمتى يصح ذكري لربي؟ قال: إذا سمجت الدنيا في عينيك، وقدمت أملك فيما بين يديك. قلت: فمتى أعرف ربي؟ قال: إذا كان الله لك جليساً ولم تر سواه لنفسك أنيساً. قلت فمتى أحب ربي؟ قال: إذا كان ما أسخطه أمر عندك من الصبر. وكان ما ينزل بك هو الغنم والظفر، وجددت لذلك حمداً وشكراً. قلت: فمتى أشتاق إلى ربي؟ قال: إذا جعلت الآخرة لك قراراً ولم تسمّ لك الدنيا مسكناً. قلت: فمتى أعرف لقاء ربي؟ قال: إذا كنت تقدم على حبيب، وتصدر عن أمل قريب. قلت: متى أستلذ الموت؟ قال: إذا جعلت الدنيا خلف ظهرك، وجعلت الآخرة نصب عينيك، وعلمت أن الله تبارك وتعالى يراك على كل حال، وقد أخفي عليك الدقيق والجليل. قلت: فمتى أكتفي بأهون الأغذية؟ قال إذا عرفت وبال الشهوات غداً وسرعة انقطاع عذوبة اللذات. قلت: متى أوثر الله ولا أوثر عليه سواه؟ قال: إذا أبغضت فيه الحبيب، وجانبت فيه القريب.

قال حاتم: اختلفت إلى شقيق ثلاثين سنة فقال لي يوماً: أيش تعلمت في ترددك إلينا؟ فقلت له: أربعة أشياء، استغنيت بها عن الأشياء كلها. فقال لي: ما هي؟ فقلت: رأيت أن رزقي من عند ربي فلم أشتغل إلا بربي، ورأيت أن ربي قد وكل بي ملكين يكتبان علي كل ما تكلمت به، فلم أتكلم إلا بما يرضي ربي، ولم أتكلم إلا بحق، ورأيت أن الخلق ينظرون إلى ظاهري والله ينظر إلى باطني، فرأيت مراقبته أولى وأوجب فسقط عني رؤية الخلق، ورأيت أن الله داعياً يدعوا الخلق إليه، فاستعددت له متى جاءني لا أحتاج أن يقتلني يعني ملك الموت، فقال له: يا حاتم، ما خاب سعيك.

سئل شقيق البلخي: ما علامة التوبة؟ قال: إدمان البكاء على ما سلف من الذنوب، والخوف المقلق من الوقوع فيها، وهجران إخوان السوء، وملازمة أهل الخير.

ص: 323

قيل لشقيق: ما علامة العبد المباعد المطرود؟ قال: إذا رأيت العبد قد منع الطاعة، واستوحش منها قلبه وحلا له المعصية واستأنس بها، وخفت عليه، ورغب في الدنيا، وزهد في الآخرة، وأشغله بطنه وفرجه لم يبال من أين أخذ الدنيا فاعلم أنه عند الله مباعد لم يرضه لخدمته.

قال شقيق بن إبراهيم: بينا أنا ذات ليلة نائم حيال الكعبة في المسجد الحرام إذ رأيت في منامي ملكين أتياني فوقفا علي، فقال أحدهما لصاحبه: كم حج العام؟ قال له صاحبه: حج ثلاثة: فلان وفلان، وفلان يقال له شقيق. قال: لا، شقيق عليه فضل ثوب. قال: فلما كان قابل حججت في عباء، فبينا أنا راقد في المسجد الحرام رأيتهما في منامي، فقال أحدهما لصاحبه: كم حج العام فقال: ثلاثة فلان وفلان وشقيق، ألا إن الله عز وجل شفعهم في كل من حج.

كان شقيق يقول: تفسير الحمد على ثلاثة أوجه: أوله إذا أعطاك الله شيئاً تعرف من أعطاك، والثاني أن ترضى بما أعطاك، والثالث ما دام قوته في جسدك أن لا تعصيه.

قال شقيق: من شكا مصيبة نزلت به إلى غير الله لم يجد في قلبه لطاعة الله حلاوة أبداً.

قال حاتم الأصم: كنا مع شقيق البلخي ونحن مصافو الترك في يوم لا أرى فيه إلا رؤوساً تندر، وسيوفاً تقطع، ورماحاً تقصف، فقال لي شقيق ونحن بين الصفين: كيف ترى نفسك يا حاتم في هذا اليوم؟ تراه مثله في الليلة التي زفت إليك امرأتك؟ قلت: لا، والله. قال: لكني والله، أرى نفسي في هذا اليوم مثله في الليلة التي زفت فيها امرأتي. قال: ثم نام بين الصفين ودرقته تحت رأسه حتى سمعت غطيطه. قال حاتم: ورأيت رجلاً من أصحابنا في ذلك اليوم يبكي فقلت: مالك؟ قال: قتل أخي. قال: قلت: حبط أجرك، صار إلى

ص: 324