الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ودعها وخرج، فأخذه يزيد ودعا بها فقال: أخبراني عما كان في ليلتكما، اصدقاني، فأخبراه، وأنشداه ما قالا، فقال له يزيد: أتحبها؟ قال: إي والله يا أمير المؤمنين: من البسيط
حباً شديداً تليداً غير مطرف
…
بين الجوانح مثل النار تضطرم
ثم قال لها: أتحبينه؟ قالت: نعم يا أمير المؤمنين:
حباً شديداً جرى كالروح في جسدي
…
فهل تفرق بين الروح والجسد
فقال يزيد: إنكما لتصفان حباً شديداً، خذها يا أحوص فهي لك. ووصله صلة سنية فأخذها وانصرف إلى الحجاز، وهو من أقر الناس عيناً.
سلامة أم المنصور
قال طيفور مولى أمير المؤمنين: حدثتني سلامة أم أمير المؤمنين قالت: لما حملت بابي جعفر رأيت كأنه خرج من فرجي أسد فزأر ثم أقعى فاجتمعت حوله الأُسد، فكلما انتهى إليه منها أسد سجد له.
سلامة أم سلام المعروفة بسلامة القس
إحدى جاريتي يزيد بن عبد الملك اللتين انتشر ذكرهما، واشتهر حبه لهما، كانت قبل يزيد لسهيل بن عبد الرحمن بن عوف، وكانت من مولدات المدينة، وكانت أحسن الناس غناء في زمانها، والقس هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار.
اشتراها يزيد بثلاثة آلاف دينار فأعجب بها. وفيها يقول ابن قيس الرُّقيات: من الطويل
لقد فتنت ريا وسلامة القسا
…
فم تتركا للقس عقلاً ولا نفسا
كان القس عند أهل مكة من أحسنهم عبادة وأظهرهم تبتلاً " قالوا: وكان
يقدم على عطاء في النسك " وأنه مر يوماً بسلامة، جارية كانت لرجل من قريش، وهي التي اشتراها يزيد بن عبد الملك، فسمع غناءها فوقف يستمع فرآه مولاها، فدنا منه فقال: هل لك أن تدخل فتسمع فتأبى عليه، فلم يزل به حتى تسمح، وقال: أقعدني في موضع لا أراها ولا تراني، قال: أفعل، فدخل فتغنت فأعجبته، فقال مولاها: هل لك أن أحولها إليك فتأبى ثم تسمح، فلم يزل يسمع غناءها حتى شغف بها وشغفت به، وعلم ذلك أهل مكة. فقالت له يوماً: أنا والله أحبك، قال: وأنا والله أحبك، قالت: وأحب أن أضع فمي على فمك، قال: وأنا والله، قال: وأحب أن ألصق صدري بصدرك وبطني ببطنك، قال: وأنا والله، قالت: فما يمنعك فوالله إن الموضع لخال؟ قال: إني سمعت الله يقول: " الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " وأنا أكره أن تكون خلة ما بيني وبينك تؤول بنا إلى عداوة يوم القيامة، قالت: يا هذا، أتحسب أن ربي وربك لا يقبلنا إن نحن تبنا إليه؟ قال: بلى، ولكن لا آمن أن أفاجأ، ثم نهض، وعيناه تذرفان، فلم يرجع وعاد إلى ما كان عليه من النسك.
قالوا: كانت بالمدينة جارية لآل أبي رمانة أو لآل تفاحة، يقال لها سلامة، فكتب فيها يزيد بن عبد الملك لتشترى له، فاشتريت بعشرين ألف دينار، فقال أهلها: ليس تخرج حتى تصلح من شأنها، فقالت الرسل: لا حاجة لكم بذلك، معنا ما يصلحها، فخرج بها حتى أُتي بها سقاية سليمان فأنزلها رسله، فقالت: لا والله، لا أخرج حتى يأتيني قوم كانوا يدخلون علي فأسلم عليهم، قال: فامتلأت رحبة ذلك الموضع، ثم خرجت فوقفت بين الناس وهي تقول: من الخفيف
فارقوني وقد علمت يقيناً
…
ما لمن ذاق ميتة من إياب
إن أهل الحصاب قد تركوني
…
موزعاً مولعاً بأهل الحصاب
أهل بيت تبايعوا للمنايا
…
ما على الدهر بعدهم من عتاب
فما زالت تبكي ويبكون حتى راحت، ثم رأسلت إليهم ثلاثة آلاف درهم.