المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سفانة بنت حاتم الطائية - مختصر تاريخ دمشق - جـ ١٠

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌سعيد بن كيسان

- ‌سعيد بن محمد بن الحسن

- ‌سعيد بن محمد أبو الفرج

- ‌سعيد بن مسبِّح

- ‌سعيد بن مسلمة بن أمية بن هشام

- ‌سعيد بن مسلم بن بانك

- ‌سعيد بن منصور بن شعبة

- ‌سعيد بن مهران بن داود

- ‌سعيد بن نمران بن نمران الهمداني

- ‌سعيد بن هشام بن عبد الملك

- ‌سعيد بن يحيى بن صالح

- ‌سعيد بن يربوع ين عنكثة

- ‌سعيد بن يزيد بن معيوف الحجوري

- ‌سعيد بن يزيد القرشي

- ‌سعيد بن يوسف الرحبي

- ‌سعيد مولى نمران

- ‌السفر بن إسماعيل بن سهل

- ‌سفيان بن الأبرد بن أبي إمامة

- ‌سفيان بن سلمون السفياني

- ‌سفيان بن شعيب بن مسلم

- ‌سفيان بن عاصم بن عبد العزيز

- ‌سفيان بن عوف بن المغفل

- ‌سفيان بن مجيب وقيل نفير

- ‌سفيان بن وهب أبو أيمن الخولاني

- ‌سفيان الهذلي ويقال الدائلي

- ‌سلطان بن يحيى بن علي

- ‌سلمان ابن الإسلام أبو عبد الله الفارسي

- ‌سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو

- ‌سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد

- ‌سلمان بن ندى بن طراد بن مطر

- ‌سلمان أبو رجاء مولى أبي قلابة

- ‌سلمة بن أسلم بن حريش

- ‌سلمة بن بشر بن صيفي أبو بشر

- ‌سلمة بن تميم

- ‌سلمة بن دينار

- ‌سلمة بن سبرة

- ‌سلمة بن شبيب

- ‌سلمة بن صالح العنبسي الحرستاني

- ‌سلمة بن عبد الله بن الوليد

- ‌سلمة بن عمرو بن الأكوع

- ‌سلمة بن عمرو العقيلي

- ‌سلمة بن العيّار بن حصن

- ‌سلمة بن كلثوم الكندي

- ‌سلمة بن كُهيل

- ‌سلمة بن موسى أبو موسى الأنصاري

- ‌سلمة بن هشام بن المغيرة

- ‌سلم بن زياد بن عبيد

- ‌سلم بن قتيبة بن مسلم

- ‌سلم بن معاذ بن السلم بن الفضل

- ‌سلم بن يحيى بن عبد الحميد

- ‌سليط بن حرملة ويقال سويبط

- ‌سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطر

- ‌‌‌سليمان بن احمد بن محمدبن سليمان

- ‌سليمان بن احمد بن محمد

- ‌سليمان بن أحمد بن يحيى بن سليمان

- ‌سليمان بن أحمد أبو الحسن البزاز

- ‌سليمان بن الأحنف

- ‌سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري

- ‌سليمان بن الأشعث بن إسحاق

- ‌سليمان بن أيوب بن سليمان

- ‌سليمان بن بلال بن أبي الدرداء

- ‌سليمان بن حبيب أبو بكر

- ‌سليمان بن أبي حثمة بن حذيفة

- ‌سليمان بن حميد المزني

- ‌سليمان بن حيان بن خيثمة العذري

- ‌سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب

- ‌سليمان بن داود

- ‌سليمان بن داود بن أبي حفص

- ‌سليمان بن داود أبو داود الخولاني

- ‌سليمان بن داود الدمشقي

- ‌سليمان بن سعد الخشني مولاهم

- ‌سليمان بن سلمة بن عبد الجبار

- ‌سليمان بن سُليم أبو سلمة

- ‌سليمان بن سُليم بن كيسان

- ‌سليمان بن عبد الله المنصور

- ‌سليمان ويقال سُليم بن عبد الله

- ‌سليمان بن عبد الحميد بن رافع

- ‌سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد

- ‌سليمان بن عبد الرحمن

- ‌سليمان بن عبد الرحمن عيسى

- ‌سليمان بن عبد الملك بن مروان

- ‌سليمان بن عتبة بن ثور بن يزيد

- ‌سليمان بن علي بن عبد الله

- ‌سليمان بن أبي كريمة

- ‌سليمان بن محمد بن إسماعيل

- ‌سليمان بن محمد بن سلمة

- ‌سليمان بن محمد بن الفضل بن جبريل

- ‌سليمان بن مجالد بن أبي المجالد

- ‌سليمان بن موسى

- ‌سليمان بن موسى

- ‌سليمان بن هشام بن عبد الملك

- ‌سليمان بن يسار أبو عبد الرحمن

- ‌سليمان أبو أيوب الخوّاص

- ‌سُليم بن أسود بن حنظلة

- ‌سليم بن أيوب بن سليم

- ‌سليم بن عامر أبو يحيى

- ‌سُليم بن عتر بن سلمة بن مالك

- ‌سليم أبو عامر من أهل الحاضر

- ‌سليم أبو الصلت الحضرمي الشامي الحمصي

- ‌سليم مولى بني عذرة

- ‌سليم مولى زياد

- ‌سليم بن صالح أبو سفيان العنسي

- ‌سماك بن عبد الصمد بن سلام

- ‌سمرة بن سهم الأسدي

- ‌السمط بن ثابت بن يزيد

- ‌سمعان بن هُبيرة بن مساحق

- ‌سمعون التغلبي

- ‌سنان بن أبي منظور أبو الفضل

- ‌سندي بن شاهك أبو نصر

- ‌سند بن يحيى بن سند

- ‌سواد بن قارب الأزدي

- ‌سويبط بن سعد بن حرملة

- ‌سيود بن سعيد بن سهل

- ‌سويد بن عبد العزيز بن نمير

- ‌سويد بن عمرو الأنصاري

- ‌سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر

- ‌سهل بن إسماعيل بن سهل

- ‌سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد

- ‌سهل بن الحسن بن محمد بن أحمد

- ‌سهل بن داود بن ديزويه

- ‌سهل بن أبي زينب

- ‌سهل بن شعيب بن ربيعة

- ‌سهل بن صدقة الأموي

- ‌سهل بن عبد الله بن الفرخان

- ‌سهل بن عبد العزيز بن مروان

- ‌سهل بن الحنظلية

- ‌سهل بن محمد بن الحسن أبو الحسن

- ‌سهل بن محمد بن شجاع

- ‌سهل بن هاشم بن بلال

- ‌سهل مولى عمر بن عبد العزيز

- ‌سهم بن خنبش أبو خنبش

- ‌سهيل بن عمرو بن عبد شمس

- ‌سلامة بن بحر أبو الفرج القاضي

- ‌سلامة بن بشر بن بديل

- ‌سلامة بن عبد الله بن نعيم

- ‌سلامة بن علي الفارقي

- ‌سلامة بن محمد بن ناهض

- ‌سلامة بن محمد أبو الخير البغدادي

- ‌سلامة بن محمود بن محمد

- ‌سلام بن سلمة ويقال ابن سليم

- ‌سلام بن أبي سلام منظور الحبشي

- ‌سيابة بن عاصم بن شيبان

- ‌سيار مولى معاوية

- ‌سيار خادم عمر بن عبد العزيز

- ‌سيف بن أبي سيف

- ‌سيماه ويقال سيمويه البلقاوي

- ‌أسماء النساء على حرف السين المهملة

- ‌سارة بنت هازان بن ناحور

- ‌سفانة بنت حاتم الطائية

- ‌سكينة واسمها أميمة

- ‌سكينة زوج أبي الحسن

- ‌سلمى بنت سعيد بن خالد

- ‌سلامة أم المنصور

- ‌سلامة أم سلام المعروفة بسلامة القس

- ‌سيدة بنت عبد الله بن مرحوم

- ‌سيدة بنت عبد الله

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌شافع بن محمد بن يعقوب

- ‌شاكر بن عبد الله بن محمد

- ‌شبل بن الحسين بن علي

- ‌شبل بن علي بن شبل

- ‌شبلي بن عبد الملك بن أحمد

- ‌شبة بن عقال بن صعصعة

- ‌شبيب بن شيبة بن عبد الله

- ‌شجاع بن بكر بن محمد

- ‌شجاع بن علي بن أحمد بن علي

- ‌شجاع بن وهب

- ‌شجرة بن مسلم

- ‌شداد بن أوس بن ثابت

- ‌شداد بن عبد الله أبو عمار

- ‌شداد بن عبيد الله بن شداد

- ‌شداد بن قيس

- ‌شراحيل بن آدة

- ‌شراحيل بن عبيدة بن قيس العقيلي

- ‌شراحيل بن عمرو أبو عمر العنسي

- ‌شراحيل بن مرثد أبو عثمان الصنعاني

- ‌شراحيل بن مسلمة بن عبد الله

- ‌شرحبيل بن السمط بن شرحبيل

- ‌شرحبيل بن عبد الله بن المطاع

- ‌شرحبيل بن محمد الداراني

- ‌شريح بن أوفى بن يزيد بن زاهر

- ‌شريح بن الحارث بن قيس

- ‌شريح بن عبيد بن شريح

- ‌شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك

- ‌شريك بن الأعور

- ‌شريك بن سلمة المرادي

- ‌شريك بن شداد الحضرمي الشيعي

- ‌شعيب بن يوبب بن عنقاء بن مدين

- ‌شعيب بن أحمد بن عبد الحميد

- ‌شعيب بن إسحاق بن شعيب بن إسحاق

- ‌شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن

- ‌شعيب بن دينار

- ‌شعيب بن رزيق

- ‌شعيب بن سهل بن كثير

- ‌شعيب بن شعيب بن إسحاق

- ‌شعيب بن شعيب بن مسلم بن شعيب

- ‌شعيب بن عبد الرحمن بن عمر

- ‌شعيب بن عمرو بن نصر

- ‌شعيب بن الهيثم بن إبراهيم

- ‌شقران السلاماني

- ‌شقيق بن إبراهيم

- ‌شقيق بن ثور بن عُفير

- ‌شقيق بن سلمة أبو وائل الأسدي

- ‌شمر بن ذي الجوشن

- ‌شمعون أبو ريحانة الأزدي

- ‌شهاب بن خراش بن حوشب

- ‌شهاب بن محمد بن شهاب

- ‌شهاب بن مسرور بن مساور

الفصل: ‌سفانة بنت حاتم الطائية

‌سفانة بنت حاتم الطائية

أخت عدي بن حاتم، ويقال عمته، وإن ثبت أن أسمها سفانة فهي أخته، أسلمت وحكت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقدمت في طلب أخيها.

عن عدي بن حاتم الطائي قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة. فلم رأيت ذلك من أمره في علوه، وأنه تثب سراياه فتغير فلا يقوم بشيء قلت لنفسي: يا نفس، لو أني خلقت لي أجمالاً فإن أغير على النعم والغنم كان عندي ما أتحمل عليه، فخلفت عندي من الإبل ما أعلم أنه يحملني إن بليت ببلوى. فبينا أنا ذات يوم إذ جاءني راعي الإبل بعصاه، فقلت له: ما وراءك؟ قال: قد أغير عل النعم، فقلت: ومن أغار عليها؟ قال: خيل محمد، قلت: يا نفس، هذا الذي كنت أحاذر، فأين الفرار؟ فقربت أجمالي وحملت أهلي لأنجو بهم، وكنت نصرانيا، فدخلت على عمتي، فقلت: ما عسى أن نصنع بمثل هذه وقد كبرت، فحملت امرأتي، فقالت عمتي: يا عدي، أما تتقي ربك، نتنجو بامرأتك وتدع عمتك! فقلت لها: وما عسى أن نصنع بك وأنت امرأة قد كبرت، فمضيت ولم ألتفت إلى عمتي، حتى وردت الشام فانتهيت إلى قيصر، وكان بأرض حمص فأدخلت عليه، فقلت له: إني رجل من العرب وأنا على دينك، وهذا الرجل قد تناولنا ببلدنا، فكان المفر منه إليك، فقال لي قيصر: اذهب فانزل بمكان كذا وكذا حتى نرى لك رأياً في أمره، فنزلت لذلك المكان، فمكثت به حيناً، فإني في بعض أيامي بهم وغم فإذا أنا بظعينة متوجهة نحونا. فلما انتهيت إليّ نظرت فإذا هي عمتي. فلما رأتني ابتدرتني فقالت لي: يا عدي، أما اتقيت ربك، نجوت بامرأتك مما تحاذره وتركت عمتك، وذكر الحديث.

قال عبد الله بن أبي بكر بن حزم لموسى بن عمرا بن مناح وهما جالسان بالبقيع: تعرف سرية الفلس؟ قال موسى: ما سمعت بهذه السرية. قال: فضحك ابن حزم ثم قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً في خمسين ومئة رجل على مئة بعير وخمسين فرساً وليس وما

ص: 251

في السرية إلا أنصاري، وفيها وجوه الأوس والخزرج، فاجتنبوا الخيل، واعتقبوا على الإبل حتى أغاروا على أحياء من أحياء العرب، وسأل عن محلة آل حاتم فدل عليه، فشنوا الغارة مع الفجر، فسبوا حتى ملؤوا أيدهم من السبي والنعم والشاء، وهدم الفلس وخربه وكان صنماً لطيىء، ثم أنصرف راجعاً إلى المدينة.

قالوا: وإن علياً عليه السلام، خرج ومعه راية سوداء ولواء أبيض، معهم القنا والسلاح الظاهر، وقد دفع رايته إلى سهل بن حنيف، ولواءه إلى جبار بن صخر السلمي، وخرج بدليل من بني أسد يقال له حريث خريتا فسلك بهم على طريق فيد، فلما انتهى بهم إلى موضع قال: إن بينكم وبين الحي الذي تريدونه يوماً تاماً، وإن ترناه بالنهار ووطئنا أطرافهم ورعاءهم، فأنذورا الحي فتفرقوا. فلم تصيبوا منهم حاجتكم، لكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي، ثم نعتشي ليلتنا على متون الخيل فنجعلها غارة حتى نصبحهم في عماية الصبح، قالوا: هذا الرأي فعسكروا وسرحوا إبلهم واصطنعوا، وبعثوا نفراً منهم يتقصون ما حولهم، فبعثوا أبو قتادة والجباب بن المنذر وأبا نائلة فخرجوا على متون خيلهم يطوفون حول المعسكر، فأصابوا غلاماً أسود فقالوا: ما أنت: قال: أطلب بغيتي، فأتوا به علياً، فقال: من أنت؟ قال: باغ، قال: فشدوا عليه فقال: أنا غلام لرجل من طيئ من بني نبهان، أقرّوني في هذا الموضع، وقالوا: إن رأيت خيل محمد فطر إلينا فأخبرنا، وأنا لا أدرك شداً. فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم، ثم قلت: لا أعجل حتى آتي أصحابي بخبر بين من عددكم وعدد خيلكم وركابكم، ولا أخشى ما أصابني، فلكأني كنت مقيداً حتى أخذتني طلائعكم.

قال عليّ: اصدقنا ما وراءك؟ قال: أوائل الحي على مسيرة ليلة طرادة تصحبهم الخيل في مغارهم خبباً وعدواً، قال علي لأصحابه: ما ترون؟ قال جبار بن صخر: نرى أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبح القوم وهم غارون فنغير عليهم ونخرج

ص: 252

بالعبد الأسود دليلاً ونخلف حريثاً مع العسكر حتى يلحقونا، إن شاء الله، قال علي: هذا الرأي.

فخرجوا بالعبد الأسود والخيل تعادى، وهو ردف بعضهم عقبة، ثم ينزل فيردف آخر عقبة، وهو مكتوف. فلما رأى ابهار الليل كذب العبد، وقال: لقد أخطأت الطريق وتركتها ورائي، فقال علي: فارجع بنا إلى حيث أخطأت، فرجع ميلاً أو أكثر ثم قال: أنا على خطأ، فقال علي: أنا منك على خدعة، ما تريد إلا أن تتيهنا عن الحي قدموه، لتصدقنا أو لنضرب عنقك، قال: فقدم وسل السيف على رأسه، فلما رأى الشر قال: أرأيت أن صدقتكم أينفعني؟ قالوا: نعم، قال: فإني صنعت ما رأيتم، أنه أدركني ما يدرك الناس من الحياء، فقلت: أقبلت بالقوم أدلهم على الحي من غير محنة، ولا خوف منهم، فلما رأيت منكم ما رأيت، وخفت أن تقتلوني كان لي عذر، فأنا أحملكم على الطريق، قالوا: أصدقنا، قال: القوم منك قريب. فخرج بهم حتى انتهوا إلى أدنى الحي، فسمعوا نباح الكلاب وحركة النعم في المراح الشاه، فقال: هذا الأصرام وهي على فرسخ فنظر بعضهم إلى بعض، قالوا: فأين آل حاتم؟ قال: هم متوسطوا الأصرام قال القوم بعضهم لبعض: إن أفزعنا الحي تصايحوا وأفزع بعضهم بعض، فيغيب عنا إخوانهم في سواد الليل، ولكن نمهل حتى يطلع الفجر معترضاَ، فقد قرب طلوعه فنغير، فإن أنذر بعضهم بعضاَ لم يخف علينا أين أخذوا، وليس عند القوم خيل يهربون عليها، ونحن على متون الخيل، قالوا: الرأي ما أشرت به.

فلما اعترض الفجر أغاروا عليهم، فقتلوا من أشرف، واستاقوا الذرية والنساء، وجمعوا النعم والشاء، ولم يخف عليهم أحد تغيب، فملؤوا أيدهم، قال: تقول جارية من الحي: وهي ترى العبد الأسود، وكان اسمه أسلم، وهو موثق، ماله هبل، هذا عمل رسولكم أسلم، لا سلم، وهو جلبهم عليكم، ودلهم على عورتكم. قال: يقول الأسود: اقصري يا بنة الأكارم، ما دللتهم حتى قدمت ليضرب عنقي. قال: فعسكر القوم، وعزلوا

ص: 253

الأسرى، وعزلوا الذرية، وأصابوا آل حاتم: أخت عدي ونسيات معها، فعزلوهن على حدة، فقال أسلم لعلي: ما تنتظر بإطلاقي؟ فقال: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، قال: أنا على دين قومي، هؤلاء الأسرى، ما صنعوا ما صنعت، قال: ألا تراهم موثقين، فنجعلك معهم في رباطك؟ قال: نعم، أنا مع هؤلاء موثقاً أحب إليّ من أن أكون مع غيرهم مطلقاً، يصيبني ما أصابهم، فضحك أهل السرية منه، فأوثق وطرح مع الأسرى، وقال: أنا معهم حتى تروا فيهم ما أنتم راؤون، فقائل يقول له من الأسرى: لا مرحباً بك أنت جئتنا بهم، وقائل يقول: مرحباَ بك وأهلَا، ما كان عليك أكثر مما صنعت، لو أصابنا الذي أصابك لفعلنا الذي فعلت، وأشد منه، ثم قد آسيت بنفسك.

وجاء العسكر فاجتمعوا فقربوا الأسرى، فعرضوا عليهم الإسلام، فمن أسلم ترك، ومن أبى ضربت عنقه، حتى أتوا العبد الأسود، فعرضوا عليه الإسلام، فقال: إن الجزع من السيف للؤم، وما من خلود، قال: يقول رجل الحي ممن أسلم: يا عجباً منك إلا كان هذا حيث أخذت. فلما قتل من قتل منا وسبي من سبي منا، وأسلم من أسلم راغباً في الإسلام، تقول ما تقول! ويحك، أسلم واتبع دين محمد، قال: فإني أسلم وأتبع دين محمد، فأسلم فترك، وبقي بعد ذلك إلى كانت الردة فشهد مع خالد بن الوليد اليمامة، فأبلى بلاء حسناً.

قال: وسار علي إلى الفلس فهدمه وخربه، ووجدوا في بيته ثلاثة أسياف: رسوب والمخذم، وسيف يقال له اليماني، وثلاثة أدرع، وجردوه، وكان عليه ثياب يلبسونه إياها، وجمعوا السبي فاستعمل علي عليهم أبا قتادة، واستعمل عبد الله بن عتيك السلمي على الماشية والرثة، ثم ساروا حتى نزلوا ركك فاقتسموا السبي والغنائم، وعزل للنبي صلى الله عليه وسلم صفياً رسوباً والمخدم، ثم صار له بعد السيف الآخر، وعزل الخمس، وعزل آل حاتم، فلم يقسمهم حتى قدم المدينة.

قالوا: وكان في السبي أخت عدي بن حاتم فلم تقسم، فأنزلت دار رملة بنت

ص: 254

الحدث، وكان عدي بن حاتم قد هرب حين سمع بحركة علي، وكان له عين بالمدينة فحذره، فخرج إلى الشام، وكانت أخت عدي إذا مر النبي صلى الله عليه وسلم تقول: يا رسول الله هلك الوالد وعاب الوافد، فامنن علينا منّ الله عليك، كل ذلك يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وافدك؟ فتقول: عدي بن حاتم، فيقول: الفار من الله ورسوله؟ حتى يئست. فلما كان يوم الرابع مرّ النبي صلى الله عليه وسلم فلم تكلم فأشار إليها رجل: قومي فكلميه، فكلمته، فأذن لها ووصلها، وسألت الرجل الذي أشار إليها فقيل: علي، وهو الذي سباكم أما تعرفينه؟ فقالت: لا والله، ما زلت مدنية طرف ثوبي على وجهي وطرف ردائي على برقعي من يوم أسرت حتى دخلت هذه الدار، ولا رأيت وجهه ولا وجه أحد من أصحابه.

وفي حديث أخر بمعناه أنها لما كلمته وقالت: فامنن علي منّ الله عليك، قال قد فعلت، لا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة يبلغك إلى بلادك ثم آذنيني، قالت: وأقمت حتى قدم نفر من بلي أو قضاعة، وأنا أريد أن أتي الشام، قالت: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، قد قدم رجال من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ، قالت: فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملني وأعطاني نفقة، فخرجت فيهم حتى قدمت الشام.

قال أبو عامر: وكانت قد أسلمت وحسن إسلامها.

قال عدي: وإني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة تؤمنا، قال: قلت: ابنة حاتم، فإذا هي هيه. فلما وقفت علي انسحلت: القاطع الظالم ارتحلت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك أختك عورتك؟ قال: قلت: يا خية، لا تقولي إلا خيراً، فوالله ما لي من عذر، ولقد صنعت ما ذكرت. قال: ثم نزلت فأقامت عندي. قال: فقلت لها: " وكانت امرأة حازمة ":ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى أن تلحق به سريعاً، فإن يكن الرجل نبياً فللسابق إليه فضله، وإن يكن ملكاً فلن تذل عز اليمن وأنت أنت. قال: قلت: والله إن هذا الرأي. قال فخرجت حتى أقدم على الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في

ص: 255

مسجده، فس ((لمت عليه، فقال: من الرجل؟ قال: قلت: عدي بن حاتم، فرحب به النبي صلى الله عليه وسلم وقربه وكان يتألف شريف القوم ليتألف به قومه، قالوا: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق به إلى بيته قال: فلقيته امرأة كبيرة ضعيفة فاستوقفته، فوقف لها طويلاً تكلمه في حاجتها، قال: قلت في نفسي: ما هذا بملك، قال: ثم مضى حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفاً فقدمها إليّ، فقال: اجلس على هذه. قال: قلت: بل أنت فأجلس. قال: فقال: بل أنت فاجلس عليها. قال: فجلست عليها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض. قال: قلت في نفسي: ما هذا بأمر مل.

قال أبو عامر في حديث: فدخل الإسلام في قلبي، وأحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً لم أحببه شيئاً قط - وقال أوائل هذا الحديث: إن عدياً قال: ما رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به مني - قال: ولم يكن في البيت إلا خصاف ووسادة أدم، قال: فلم يجلس عليها، ولم أجلس عليها، ثم أقبل عليّ فقال: هيه يا عدي بن حاتم، أفررت أن توحد الله، وهل من أحد غير الله، هيه يا عدي بن حاتم، أفررت أن تكبر الله، ومن أكبر من الله، هيه يا عدي بن حاتم أفررت أن تعظم الله، ومن أعظم من الله، هيه يا عدي بن حاتم أفررت أن تشهد أن لا إله إلا الله، وهل من إله غير الله، هيه يا عدي بن حاتم أفررت أن تشهد أن محمداً رسول الله. قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نحو هذا وأنا أبكي. قال: ثم أسلم.

قال ابن إاق في حديثه:

ثم قال: إيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسياً؟ قال: قلت: بلى، قال: أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع؟ قال: قلت: بلى. قال: فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك، قال: قلت: أجل والله، وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل. قال: ثم قال: لعله يا عدي بن حاتم إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله لأوشك أن يفيض فيهم

ص: 256

يعني المال - حتى لا يوجد من يأخذه، ولعله أن يمنعك من ذلك ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم، قال: فأسلمت، فكان عدي يقول: مضت اثنتان، وبقيت الثالثة، والله لتكونن. لقد رأيت القصور البيض من أرض بابل، وقد فتحت عليهم، ورأيت المرأة تخرج على بعيرها، لا تخاف إلا الله حتى تحج البيت من القادسية، وأيم الله لتكونن الثالثة: ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.

وعن علي بن أبي طالب أنه قال: يا سبحان الله، ما أزهد كثيراً من الناس في الخير، عجبت لرجل يجيئه أخوه المسلم في حاجة لا يرى نفسه للخير أهلاً، فلو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فإنها تدل على سبل النجاح، فقام رجل فقال: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وما هو خير منه، لما أتينا سبايا طيئ وقعت جارية جماء، حواء، لعساء، لمياء، عيطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة، درماء الكعبين، جدلة الساقين، لفاء العجزين، خميصة الخصرين، مصقولة المتنين، ضامرة الكشحين، فلما رأيتها أعجبت بها، فقلت: لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها من فيئي. فلما تكلمت نسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت: يا محمد، إن رأيت أن تخلي عني فلا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يفكّ العاني، ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويفشي السلام، ويطعم الطعام، ولم يرد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طيئ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جارية، هذه صفة المؤمن حقاً، لو كان أبوك إسلامياً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق، فقام أبو بردة بن نيار، فقال: يا رسول الله، الله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال: يا أبا بردة، لا يدخل الجنة أحد إلا بحسن الخلق.

ص: 257