الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب سجود التلاوة والشكر
فصل في سجود التلاوة
…
باب سجود التلاوة
سببه: التلاوة على التالي والسامع في الصحيح وهو واجب على التراخي إن لم يكن في الصلاة وكره تأخيره تنزيها ويجب على من تلا آية ولو بالفارسية وقراءة حرف السجدة مع كلمة قبله أو بعده من آيتها كالآية في الصحيح، وآياتها أربع عشرة آية في الأعراف والرعد والنحل والإسراء،
ــ
باب سجود التلاوة
من إضافة الحكم إلى سببه وهو الأصل في الإضافة لأنها للاختصاص، وأقوى وجوهه اختصاص المسبب بالسبب لأنه حادث به وشرطها الطهارة عن الحدث والخبث ولا يجوز لها التيمم بلا عذر واستقبال القبلة وستر العورة وركنها وضع الجبهة على الأرض وصفتها الوجوب على الفور في الصلاة وعلى التراخي إن كانت غير صلاتية وحكمها سقوط الواجب في الدنيا ونيل الثواب في العقبى.
ثم شرع في بيان السبب فقال "سببه التلاوة على التالي" اتفاقا "و" على "السامع في الصحيح" والسماع شرط عمل التلاوة في حقه فالأصم إذا تلاها ولم يسمع وجب عليه السجدة "وهو" أي سجود التلاوة "واجب" لأنه أمر صريح به أو تضمن استنكاف الكفار عنه أو امتثال الأنبياء وكل منها واجب "على التراخي" عند محمد ورواية عن الإمام وهو المختار وعند أبي يوسف وهو رواية عن الإمام يجب على الفور "إن لم تكن" وجب بتلاوته "في الصلاة" لأنها صارت جزءا من الصلاة لا يقضي خارجها فتجب فورية فيها وغيرها تجب موسعا "و" لكن "كره تأخيره" السجود عن وقت التلاوة في الأصح إذا لم يكن مكروها لأنه بطول الزمان قد ينساها فيكره تأخيرها "تنزيها ويجب" السجود "على من تلا آية" مكلفا بالصلاة وليس مقتديا في غير ركوع وسجود وتشهد للحجر فيها عن القراءة "ولو" تلاها "بالفارسية" اتفاقا فهم أو لم يفهم لكونها قرآنا من وجه "وقراءة حرف السجدة مع كلمة قبلة أو بعده من آيتها" توجب السجود "كالآية" المقروءة بتمامها "في الصحيح" وقيل لا يجب إلا أن يقرأ أكثر آية السجدة وفي مختصر البحر لو قرأ وسجد وسكت ولم يقرأ واقترب يلزمه السجدة "وآياتها أربع عشر آية" فتجب السجدة "في الأعراف" عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206]"وفي الرعد {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الرعد: 15] "والنحل" {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 49، 50] "والإسراء" {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ
ومريم وأولى الحج والفرقان والنمل والسجدة وص وحم السجدة والنجم وانشقت،.....
ــ
رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء: 107 - 109]"ومريم"{أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم: 58]"والحج"{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18]"والفرقان"{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً} [الفرقان: 60]"والنمل"{أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 25، 26] وهذا على قراءة العامة بالتشديد وعند قوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا} على قراءة الكسائي بالتخفيف وفي المجتبي قال الفراء إنما تجب السجدة في النمل على قراءة الكسائي أي بالتخفيف وينبغي أن لا تجب بالتشديد لأن معناها زين لهم الشيطان أن لا يسجدوا والأصح هو الوجوب على القراءتين لأن كتب في مصحف عثمان رضي الله عنه كذا في الدراية "والسجدة"{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15]"ص"{وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 24، 25] وهذا هو الأولى مما قال الزيلعي تجب عند قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} وعند بعضهم عند قوله تعالى: {وَحُسْنَ مَآبٍ} لما نذكره "وحم السجدة"{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] من قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 37، 38] وهذا على مذهبنا وهو المروي عن ابن عباس ووائل بن حجر وعند الشافعي رحمه الله عند قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} وهو مذهب علي ومروي عن ابن مسعود وابن عمر ورجح أئمتنا الأول أخذا بالاحتياط عند اختلاف مذاهب الصحابة، فإن السجدة لو وجبت عند قوله تعالى:{تَعْبُدُونَ} فالتأخير إلى قوله تعالى: {لا يَسْأَمُونَ} لكانت السجدة المرادة قبله حاصلة قبل وجوبها ووجوب سبب وجوبها فيوجب نقصانا في الصلاة ولو كانت صلاتية ولا نقص فيما قلناه أصلا وهذا هو إمارة التبحر في الفقه كذا عن البدائع ففيما قلته قبله في ص كذلك، وإلا يلزمنا التناقض وهذا هو الوجه الذي وعدنا به "و" في "النجم" عند قوله تعالى:{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 59 - 62]"و" في إذا السماء "انشقت" عند قوله تعالى:
واقرأ. ويجب السجود: على من سمع وإن لم يقصد السماع إلا الحائض والنفساء والإمام والمقتدى به بالسماع من مقتد ولو سمعوها من غيره سجدوا بعد الصلاة ولو سجدوا فيها لم تجزهم ولم تفسد صلاتهم في ظاهر الرواية ويجب بسماع الفارسية إن فهمها على المعتمد واختلف التصحيح في وجوبها بالسماع من نائم ومجنون ولا تجب بسماعها من الطير والصدى؛ وتؤدى بركوع أو سجود في الصلاة غير ركوع الصلاة.....
ــ
{فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 20، 21]"و" في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] عند قوله تعالى: {كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] .
ونذكر فائدة هذا الجمع أيضا "ويجب السجود على من سمع" التلاوة العربية "وإن لم يقصد السماع" فهم أو لم يفهم مروي عن أكابر الصحابة "إلا" أنه استثنى "الحائض والنفساء" فلا تجب عليهما بتلاوتهما وسماعهما شيئا وتجب بالسماع منهما كما تجب على الجنب وبسماعهما من كافر وصبي مميز "و" إلا "الإمام والمقتدي به" فلا تجب عليهما بالسماع من مقتد بالإمام السامع أو بإمام آخر وتجب على من ليس في الصلاة بسماعه من المقتدي على الأصح "ولو سمعوها" أي المقتدون والإمام "من غيره" أي غير المؤتم "سجدوا بعد الصلاة" لتحقق السبب وزوال المانع من فعلها في الصلاة "ولو سجدوا فيها لم تجزهم" لنقصانها "ولم تفسد صلاتهم" لأنها من جنسها "في ظاهر الرواية" وهو الصحيح "وتجب" السجدة "بسماع" القراءة باللغة "الفارسية إن فهمها على المعتمد" وهذا عندهما وتجب عليه عند أبي حنيفة وإن لم يفهم معناها إذا أخبر بأنها آية سجدة ومبنى الخلاف على أن الفارسية قرآن من كل وجه أو من وجه وإذا فهم تجب احتياطا "واختلف التصحيح في وجوبها" على السامع "بالسماع من نائم أو مجنون" ذكر شيخ الإسلام أنه لا يجب لعدم صحة التلاوة بفقد التمييز وفي التتار خانية سمعها من نائم قيل تجب والصحيح هو المختار ومن نائم الصحيح أنها تجب ومثله قاضيخان وإذا أخبر أنه قرأها في نومه تجب عليه وهو الأصح وفي الهداية لا يلزمه هو الصحيح وقراءة السكران موجبة عليه وعلى السامع والأبكم والأصم وكاتب السجدة لا تجب برؤية من سجد والكتابة لعدم التلاوة والسماع "ولا تجب" سجدة التلاوة "بسماعها من الطيور" على الصحيح وقيل تجب وفي الحجة هو الصحيح لأنه سمع كلام الله وكذا الخلاف بسماعها من القرد المعلم "و" لا تجب بسماعها من "الصدى" وهو ما يجيب مثل صوتك في الجبال والصحاري ونحوها "وتؤدي بركوع أو سجود" كاثنين "في الصلاة غير ركوع الصلاة و"
وسجودها ويجزىء عنها ركوع الصلاة إن نواها وسجودها وإن لم ينوها إذا لم ينقطع فور التلاوة بأكثر من آيتين....................
ــ
غير "سجودها" والسجود أفضل لأنه تحصيل قربتين سورة الواجب ومعناه وبالركوع المعنى وهو الخضوع وإذا كانت آخر تلاوة ينبغي أن يقرأ ولو آيتين من سورة أخرى بعد قيامه منها حتى لا يصير بانيا الركوع على السجود ولو ركع بمجرد قيامه منها كره "ويجزئ عنها" أي عن سجدة التلاوة "ركوع الصلاة إن نواها" أي نوى أدائها فيه نص عليه محمد لأن معنى التعظيم فيها واحد وينبغي ذلك للإمام مع كثرة القوم أو حال المخافتة حتى لا يؤدي إلى التخليط "و" يجزئ عنها أيضا "سجودها" أي سجود الصلاة "وإن لم ينوها" أي التلاوة "إذا لم ينقطع فور التلاوة" وانقطاعه "ب" أن يقرأ "أكثر من آيتين" بعد آية سجدة التلاوة بالإجماع وقال شمس الأئمة الحلواني لا ينقطع الفور ما لم يقرأ أكثر من ثلاث آيات وقال الكمال أن قول شمس الأئمة هو الرواية.
تنبيه مهم: إذا انقطع فور التلاوة صارت دينا فلا بد من فعلها بنية فيأتي لها بسجود أو ركوع خاص. قال المحقق الكمال بن الهمام رحمه الله تعالى فإن قلت قد قالوا إن تأديتها في ضمن الركوع وهو القياس والاستحسان عدمه والقياس هنا مقدم على الاستحسان فاستغنى بكشف هذا المقام.
فالجواب: أن مرادهم من الاستحسان ما خفي من المعاني التي يناط بها الحكم ومن القياس ما كان ظاهرا متبادرا فظهر من هذا أن الاستحسان لا يقابل بالقياس المحدود في الأصول بل هو أعم منه فقد يكون الاستحسان بالنص وقد يكون بالضرورة بالقياس إذا كان قياس آخر متبادرا وذلك خفي وهو القياس الصحيح فيسمى الخفي استحسانا بالنسبة إلى ذلك المتبادر فثبت به أن مسمى الاستحسان في بعض الصور هو القياس الصحيح ويسمى مقابله قياسا باعتبار الشبه وبسبب كون القياس المقابل ما ظهر بالنسبة إلى الاستحسان ظن محمد بن سلمة أن الصلبية هي التي تقوم مقام سجدة التلاوة لا الركوع فكان القياس على قوله أن تقوم الصلبية وفي الاستحسان لا تقوم بل الركوع لأن سقوط السجدة بالسجدة أمر ظاهر فكان هو القياس وفي الاستحسان لا يجوز لأن السجدة قائمة مقام نفسها فلا تقوم مقام غيرها كصوم يوم من رمضان لا يقوم عن نفسه وعن قضاء يوم آخر فصح أن القياس وهو الآمر الظاهر هنا مقدم على الاستحسان بخلاف قيام الركوع مقامها فإن القياس يأبى الجواز لأن الظاهر وفي الاستحسان يجوز وهو الخفي فكان حينئذ من تقديم الاستحسان لا القياس.
لكن عامة المشايخ على الركوع هو القائم مقامها كذا ذكره محمد رحمه الله في الكتاب فإنه قال قلت فإن أراد أن يركع بالسجدة نفسها هل يجزئه ذلك قال: أما
ولو سمع من إمام فلم يأتم به أو ائتم في ركعة أخرى سجد خارج الصلاة في الأظهر وإن ائتم قبل سجود إمامه لها سجد معه وإن اقتدى به بعد سجودها في ركعتها صار مدركا لها حكما فلا يسجدها أصلا ولم تقض الصلاتية خارجها ولو تلا خارج الصلاة فسجد ثم..................................
ــ
في القياس فالركعة في ذلك والسجدة سواء لأن كل ذلك صلاة وأما في الاستحسان فينبغي له أن يسجد وبالقياس نأخذ هذا لفظ محمد وجه القياس ما ذكره محمد أن معنى التعظيم فيهما واحد فكانا في حصول التعظيم بهما جنسا واحدا والحاجة إلى تعظيم الله إما اقتداء بمن عظم وإما مخالفة لمن استكبر فكان الظاهر هو الجواز ووجه الاستحسان أن الواجب هو التعظيم مخصوصة وهو السجود بدليل أنه لو لم يركع على الفور حتى طالت القراءة ثم نوى بالركوع أن يقع عن السجدة لا يجوز ثم أخذوا بالقياس لقوة دليله وذلك لما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كانا أجازا أن يركع عن السجود في الصلاة ولم يرو عن غيرهما خلافه فلذا قدم القياس فإنه لا ترجيح للخفي لخفائه ولا للظاهر لظهوره بل يرجح في الترجيح إلى ما اقترن بهما من المعاني فمتى قوي الخفي أخذوا به والظاهر أخذوا به غير أن استقراءهم أوجب قله قوة الظاهر المتبادر بالنسبة إلى الخفي المعارض له فلذا حصروا مواضع تقديم القياس على الاستحسان في بضعة عشرة موضعا تعرف في الأصول هذا أحدها ولا حصر لمقابله. اهـ.
"ولو سمع" آية السجدة "من إمام فلم يأتم به" أصلا "أو ائتم" به "في ركعة أخرى" غير التي تلا الآية فيها وسجد لها الإمام "سجد" السامع سجودا "خارج الصلاة" لتحقق السمع وهو التلاوة الملزمة أو السماع من تلاوة صحيحة على اختلاف المشايخ في السبب وقوله "في الأظهر" متعلق بالمسألة الأخيرة صونا لها عن الضياع وللصلاة عن الزائد وأشار في بعض النسخ إلى أنها تسقط عنه بالاقتداء في ركعتها بناء على أنها صلوية "وإن ائتم" السامع "قبل سجود إمامه لها سجد معه" لوجود السبب وعدم المانع "فإن اقتدى" السامع "به" أي بالإمام "بعد سجودها" وكان اقتداؤه "في ركعتها صار" السامع "مدركا لها" أي للسجدة "حكما" بإدراكه ركعتها فيصير مؤديا لها حكما "فلا يسجدها أصلا" باتفاق الروايات لأنه لا يمكنه أن يسجدها في الصلاة لما فيه من مخالفته الإمام ولا بعد فراغه منها لأنها صلوية "ولم تقض الصلاتية خارجها" لأن لها مزية فلا تتأدى بناقض وعليه التوبة لإثمه بتعمد تركها كالجمعة لفوات الشرط إذا لم تفسد الصلاة بغير حيض ونفاس فإذا فسدت به فعليه السجدة لأن المفسد لا يبطل جميع أجزاء الصلاة وإنما يفسد الجزء المقارن فيمنع البناء عليه والحائض تسقط عنها السجدة بالحيض كالصلاة وفي حكمها النفساء، "ولو تلا" آية "خارج الصلاة فسجد" لها "ثم"
أعاد فيها: سجد أخرى، وإن لم يسجد أولا كفته واحدة في ظاهر الرواية كمن كررها في مجلس واحد لا مجلسين، ويتبدل المجلس بالانتقال منه ولو مسديا وبالانتقال من غصن إلى غصن وعوم في نهر أو حوض كبير في الأصح، ولا يتبدل بزوايا البيت والمسجد ولو كبيرا ولا بسير سفينة ولا بركعة وبركعتين وشربة وأكل لقمتين ومشى خطوتين ولا باتكاء وقعود وقيام......................................
ــ
دخل في الصلاة و "أعاد" تلاوتها "فيها" أي في الصلاة في مجلسه "سجد" سجدة "أخرى" لعدم تبعيتها للخارجية لقوة الصلاتية "وإن لم يسجد أولا" حين تلا أو سمع خارج الصلاة "كفته" سجدة "واحدة" وهي الصلاتية من التلاوتين لقوتها "في ظاهر الرواية" وإذا تبدل المجلس بنحو أكل لزم سجدتان وكذا إذا سجد في الصلاة ثم أعادها بعد سلامه يسجد أخرى في ظاهر الرواية لعدم بقاء الصلوية حكما "كمن كررها" أي الآية الواحدة "في مجلس واحد" حيث تكفيه سجدة واحدة سواء كانت في ابتداء التلاوة أو أثنائها أو بعدها للتداخل لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها على أصحابه مرارا ويسجد مرة وهذا تداخل في السبب لا الحكم فتنوب عما قبلها وبعدها لأنه أليق بالعبادات والتداخل في الحكم لا ينوب إلا عن السابق لا اللاحق وهو أليق بالعقوبات فالحد بعد الشرب أو الزنا مرارا كاف لها وإذا عاد يعاد عليه لأنه للزجر ولم ينزجر بالأول "لا" في "مجلسين" لعدم ما يقتضي التداخل "ويتبدل المجلس بالانتقال منه" بخطوات ثلاث في الصحراء والطريق "ولو كان مسديا"1 في الأصح بأن يذهب وبيده السدى ويلقيه على أعواد مضروبة في الحائط والأرض لا الذي يدير دولابا يسمى دوارة يلقي عليه السدى وهو جالس أو قائم بمحل "و" يتبدل المجلس "بالانتقال من غصن" شجرة "إلى غصن" منها في ظاهر الرواية وهو الصحيح "و" يتبدل المجلس في "عوم" أي سباحة "في نهر""أو" سباحة في "حوض كبير" ودياسة ودور حول الرحى لاختلاف المجلس وقوله "في الأصح" رجع إلى المسائل كلها "ولا يتبدل" مجلس السماع والتلاوة "بزوايا البيت" الصغير "و" لا يتبدل مجلس التلاوة بزوايا "المسجد ولو" كان "كبيرا" لصحة الاقتداء مع اتساع الفضاء فيه "ولا" يتبدل مجلس التلاوة والسماع "بسير سفينة" كما لو كانت واقفة "ولا" يتبدل "بركعة" تكررت فيها التلاوة اتفاقا "و" لا يتبدل "بركعتين" عند أبي يوسف خلافا لمحمد وكذا الخلاف في الشفع الثاني من الفرض إذا كررها فيه وبتكرارها في الشفع الثاني من سنة الظهر يسجد ثانيا "و" لا يتبدل بشرب "شربة وأكل لقمتين ومشي خطوتين" في الصحراء بخلاف الأكثر منها "ولا باتكاء وقعود وقيام"
1 المسدي: الرجل يأخذ بيده خيوط النسيج فيلقيها على أعواد مضروبة في الحائط أو في الأرض. وهذه الخيوط تسمى السدا، وعمله يسمى التسدية.
وركوب ونزول في محل تلاوته ولا بسير دابته مصليا ويتكرر الوجوب على السامع بتبديل مجلسه وقد اتحد مجلس التالي لا بعكسه على الأصح، وكره أن يقرأ سورة ويدع آية السجدة لا عكسه وندب ضم آية أو أكثر إليها وندب إخفاؤها عن غير متأهب لها وندب القيام ثم السجود لها ولا يرفع السامع رأسه منها قبل تاليها ولا يؤمر التالي بالتقدم ولا السامعون بالاصطفاف فيسجدون كيف كانوا. وشرط لصحتها شرائط الصلاة إلا التحريمة، وكيفيتها أن يسجد سجدة واحدة بين تكبيرتين هما سنتان،........
ــ
بدون مشي في الصحراء "وركوب ونزول" كائن "في محل تلاوته" كما في الخانية، "ولا" يتبدل المجلس "بسير دابته" إذا كررها "مصليا" لجعل المجلس متحدا ضرورة جواز الصلاة "ويتكرر الوجوب على السامع بتبديل مجلسه و" الحال أنه "قد اتحد مجلس التالي" كأن سمع تاليا بمكان فذهب السامع ثم عاد فسمعه يكررها تكرر على السامع السجود إجماعا و "لا" يتكرر الوجوب على السامع "بعكسه" وهو اتحاد مجلس السامع واختلاف مجلس التالي بأن تلا فذهب ثم عاد مكررا فسمعه الجالس أيضا تكفيه سجدة "على الأصح" لأن السبب في حقه السماع ولم يتبدل مجلسه "وكره أن يقرأ سورة ويدع آية السجدة" منها لأنه يشبه1 الاستنكاف عنها "لا" يكره "عكسه" وهو أن يفرد آية السجدة بالقراءة لأنه مبادرة إليها "و" لكن "ندب ضم آية أو" ضم "أكثر" من آية "إليها" أي إلى آية السجدة لدفع توهم التفضيل "وندب إخفاؤها" يعني استحب المشايخ إخفاؤها "من غير متأهب لها" شفقة على السامعين إن لم يتهيئوا لها "وندب القيام" لم تلا جالسا "ثم السجود لها" روي ذلك عن عائشة رضي الله عنها "و" ندب أن "لا يرفع السامع" عند تلاوتها "رأسه منها" أي السجدة "قبل" رفع رأس "تاليها" لأنه الأصل في إيجابها فيتبع في أدائها وليس هو حقيقة اقتداء "و" لذا "لا يؤمر التالي بالتقدم ولا" يؤمر "السامعون بالاصطفاف فيسجدون" معه حيث كانوا و "كيف كانوا" قال شيخ الإسلام "وشرط لصحتها" أن تكون "شرائط الصلاة" موجودة في الساجد الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة وتحريها عند الاشتباه والنية "إلا التحريمة" فلا تشترط لأن التكبير سنة فيها وفي التتار خانية عن الحجة ويستحب للتالي أو السامع إذا لم يمكنه السجود أن يقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير انتهى يعني ثم يقضيها "وكيفيتها أن يسجد سجدة واحدة" كائنة "بين تكبيرتين" تكبيرة للوضع وتكبيرة للرفع "هما سنتان" كذا قال في مبسوط فخر الإسلام: التكبير
1 ولأنه يوهم الفرار من لزوم السجود هجران بعض القرآن وكل ذلك مكروه.