الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: مواقيت الحج والعمرة
المواقيت نوعان:
النوع الأول: المواقيت الزمانية:
فالميقات الزماني بالنسبة للحاج من أول شهر شوال إلى العاشر من ذي الحجة، قال الله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (1)، وأما ميقات العمرة الزماني فهو العام كله، يحرم بها المعتمر متى شاء، لا تختصّ بوقت، ولا يختصّ إحرامها بوقت، فيعتمر متى شاء: في شعبان، أو رمضان، أو شوال أو غير ذلك من الشهور (2).
النوع الثاني: المواقيت المكانية:
وهي خمسة بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم:
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهلّه من أهله، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها)) (3).
وعن عائشة رضي الله عنها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق)) (4)، ولم يبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الحديث، فحدّد لأهل
العراق
(1) سورة البقرة، الآية:197.
(2)
شرح العمدة لابن تيمية، 1/ 399، وانظر: الحج وصف لرحلة الحج للدكتور عبد الله الطيار، ص 48.
(3)
متفق عليه: البخاري، برقم 1526، ورقم 1524، ومسلم، برقم 1181.
(4)
أخرجه أبو داود بلفظه، برقم 1739، والنسائي، برقم 2655، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 488، وفي صحيح سنن النسائي، 2/ 247، وانظر: إرواء الغليل، 4/ 175.
ذات عرق، وهذا من اجتهاداته الكثيرة التي وافق فيها السنة (1)، والواجب على من مرّ على هذه المواقيت أن يحرم منها، ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصداً مكة يريد حجاً أو عمرةً، سواء كان مروره عن طريق البر، أو البحر، أو الجو، والمشروع لمن توجّه إلى مكة عن طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة، فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه، ثم لبَّى بما يريد من حج أو عمرة، وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب، أو قبل الدنو من الميقات فلا بأس، ولكن لا ينوي الدخول في الإحرام، ولا يلبي إلا إذا حاذى الميقات أو دنا منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم إلا من الميقات.
وأما من كان مسكنه دون هذه المواقيت كسكان: جدة، وبحرة، والشرائع، وغيرها فمسكنه هُوَ ميقاته، فيحرم منه بما أراد من حج أو عمرة، أما أهل مكة فيحرمون بالحج وحده من مكة (2).
ومن أراد الإحرام بعمرة أو حج فتجاوز الميقات غير محرم، فإنه يرجع ويحرم من الميقات، فإن لم يرجع فعليه دم يجزئ في الأضحية؛ لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:((من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً)) (3).
(1) انظر: البخاري مع الفتح،3/ 389.
(2)
انظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز الجزء الخامس القسم الأول، 5/ 251.
(3)
مالك في الموطأ، 1/ 419، والدارقطني، 2/ 244، والبيهقي، 5/ 152، قال الألباني:((ثبت موقوفاً))، وانظر: إرواء الغليل، 4/ 299.
أما من توجّه إلى مكة، ولم يرد حجاً ولا عمرة، وإنما أراد التجارة، أو القيام بعمل من الأعمال له أو لغيره، أو زيارة لأقربائه أو غيرهم ونحو ذلك، فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما وقّت المواقيت ((
…
هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة
…
)) (1)، فمفهومه أن من مرّ على المواقيت ولم يرد حجاً ولا عمرةً فلا إحرام عليه، ويدل على ذلك أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما دخل مكة عام الفتح لم يدخلها محرماً، بل دخلها وعلى رأسه المغفر (2)؛ لكونه لم يرد حينئذ حجاً ولا عمرةً وإنما أراد فتحها وإزالة ما فيها من الشرك (3).
(1) البخاري، برقم 1526، ومسلم، برقم 1181.
(2)
المغفر: ما يلبس على الرأس من درع الحديد.
(3)
البخاري، برقم 1846، ومسلم، رقم 357، وانظر: مجموع فتاوى ابن باز في الحج والعمرة، 5/ 251.