الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع عشر: الوقوف بعرفة
1 -
إذا وصل الحاج إلى عرفة استحب له أن ينزل بنمرة إلى الزوال إن تيسر له ذلك؛ لفعله صلى الله عليه وسلم (1)، وإن لم يتيسر النزول بها فلا حرج عليه أن ينزل بعرفة.
2 -
إذا زالت الشمس سُنَّ للإمام أو نائبه أن يخطب خطبة يُبيِّنُ فيها ما يُشرع للحاج في هذا اليوم وما بعده، ويأمرهم فيها بتقوى الله وتوحيده، والإخلاص له في كل الأعمال، ويُحذِّرهم من محارمه تعالى، ويُوصيهم فيها بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والحكم بهما والتحاكم إليهما في كل الأمور، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كلِّه، وبعد الخطبة يصلون الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الأولى بأذان واحد وإقامتين؛ لفعله صلى الله عليه وسلم (2).
3 -
من لم يُصلِّ مع الإمام صلَّى مع جماعة أخرى إذا زالت الشمس جمعاً وقصراً في وقت الأولى كما تقدم.
4 -
ثم ينزل إلى الموقف بعرفة إن لم يكن بها، وعليه أن يتأكد من حدودها ثم يكون داخلها، والأفضل أن يجعل جبل الرحمة بينه وبين القبلة إن تيسر له ذلك (3) ، فإن لم يتيسر استقبالهما استقبل القبلة، وإن لم يستقبل الجبل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((وقفت ههنا وعرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة)) (4).
(1) مسلم، برقم 1218.
(2)
مسلم، برقم 1218.
(3)
مسلم، برقم 1218.
(4)
ابن ماجه، برقم 3012، وأبو داود، برقم 1936، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/ 172، وفي صحيح أبي داود، 1/ 544، وأصله في صحيح مسلم، برقم 49 - (1218)، وأحمد، 4/ 82.
5 -
يُستحبّ في هذا الموقف العظيم أن يجتهد الحاج في ذكر الله تعالى، ودعائه، والتضرع إليه، ويرفع يديه حال الدعاء اقتداءً بنبيِّه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه وقف بعد الزوال رافعاً يديه مجتهداً في الدعاء، قال أسامة رضي الله عنه:((كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى)) (1)، ((ولم يزل واقفاً يدعو حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً)) (2)، وقد حث أمته على الدعاء ورغب فيه، فقال صلى الله عليه وسلم:((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) (3)، وقال صلى الله عليه وسلم:((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء)) (4)، فينبغي للحاج أن لا يفوِّت هذه الفرصة العظيمة، فعليه أن يكثر من الذكر، والدعاء، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتوبة، والاستغفار إلى أن تغرب الشمس (5).
ومن الأفضل أن يكون مفطراً اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد أرسلت إليه أم الفضل بقدح لبنٍ وهو واقف على بعيره فشربه (6).
(1) النسائي، برقم 3011، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 344.
(2)
مسلم، برقم 1218.
(3)
الترمذي، برقم 3585، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/ 472، وفي الأحاديث الصحيحة، 4/ 6، وفي صحيح الجامع، 3/ 121، وأخرجه مالك أيضاً.
(4)
مسلم، برقم 1349، وتقدم.
(5)
وانظر أدعية جامعةً وأذكاراً نافعةً مناسبةً لهذا الموقف وغيره في آخر هذا الكتاب.
(6)
البخاري، برقم 1988، ومسلم، برقم 1123.
6 -
فإذا غربت الشمس وتحقق غروبها انصرف الحاج إلى مزدلفة بسكينةٍ، ووقار، وأكثروا من التلبية، وأسرعوا في المتسع؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله:((أيها الناس السكينةَ السكينةَ)) (1).
7 -
ولا يفوت الوقوف بعرفة إلا بطلوع الفجر من يوم النحر، لحديث عبد الرحمن بن يعمر (2)، وعروة بن مُضرِّس رضي الله عنهما (3).
8 -
إذا طلع الفجر من يوم النحر ولم يقف الحاج بعرفة فقد فاته الحج، فإن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه بقوله:((فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني)) تحلل من إحرامه ولا شيء عليه، ولكن الأفضل له أن يتحلَّل بعمرة، وإن لم يكن اشترط وفاته الوقوف بعرفة؛ فإنه يتحلَّل بعمرة، فيطوف، ويسعى، ويحلق أو يقصر، وإذا كان معه هدي ذبحه ويحج عاماً قابلاً ويهدي (4)، كما أفتى بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأبي أيوب الأنصاري، وهبَّار بن الأسود رضي الله عنهما (5).
(1) مسلم، برقم 1218.
(2)
النسائي، برقم 3016، وأبو داود، برقم 1949، والترمذي، برقم 889، وابن ماجه، برقم 3015، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 547، وصحيح النسائي، 2/ 633 وصحيح ابن ماجه، 2/ 173.
(3)
أبو داود، برقم 1950، والترمذي، برقم 891، والنسائي، برقم 3040، وابن ماجه، برقم 3016، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 351، وصححه في سائر السنن، وفي إرواء الغليل، 4/ 258، برقم 1016.
(4)
المغني، 2/ 424، وشرح العمدة، 2/ 655 - 668، والمنهج لمريد العمرة والحج، ص 58.
(5)
أخرجه الإمام مالك في الموطأ، 1/ 383، والبيهقي، 5/ 174، وصححه الألباني في الإرواء، 4/ 344. وانظر: المغني لابن قدامة، 5/ 246، وشرح العمدة، 2/ 665.