المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[التزام هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة] - مسؤولية إمام المسجد

[علي عسيري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[معنى الإمامة لغة واصطلاحا]

- ‌[فضل الإمامة ومنزلة الإمام]

- ‌[صفات القائم بالإمامة]

- ‌[اختيار الإمامة مبني على الأفضلية]

- ‌[صفات وشروط تعتير الحد الأدنى لمن يقوم بالإمامة]

- ‌[صفات هي أولى ما يكون عليه الإمام]

- ‌[إمامة الفاسق ومستور الحال]

- ‌[إمامة العاجز]

- ‌[مسئولية إمامة المسجد]

- ‌[أولا القدر المشترك من المسئولية]

- ‌[لا يصح للإمام أن يفرط في مسئوليته]

- ‌[كسب قلوب الناس وجعلهم يحبون التردد على المساجد]

- ‌[تأثير الإمام في المأمومين واستماعهم لتوجيهاته]

- ‌[ثانيا مسئولية الإمام العالم]

- ‌[ثالثا مسئولية إمام الجامع]

- ‌[مسئوليته تجاه المصلين]

- ‌[مسئوليته تجاه خطبة الجمعة]

- ‌[التزام هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة]

- ‌[التزام الحكمة والموعظة الحسنة]

- ‌[مراعاة أحوال المخاطبين واختلاف مداركهم وبيئاتهم]

- ‌[اعتماده على مصادر المعرفة الإسلامية الموثقة والترفع عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات]

- ‌[ترتيب الأولى وتقديم الأهم من الموضوعات على المهم]

- ‌[ترجيح المصلحة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[رابعا مسئولية إمام الفروض]

- ‌[الخاتمة]

الفصل: ‌[التزام هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة]

الحياة المتحركة فيه، الحياة التي تجعل هذا الدين يزحف من قلب إلى قلب، ويثب من فكر إلى فكر، وهذا هو السر في أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب كل أسبوع، وكل عيد، ويخطب وينيب عنه أميرا يخطب في وفود الحجيج عند جبل الرحمة ودعما للحق جعل الله الخطابة من شعائر الإسلام، وجعل المسلمين يحتشدون كل أسبوع في المسجد ليسمعوا داعية إلى الله يذكر به ويعلم دينه " (1) .

[التزام هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة]

وإذا كان الأمر كما ذكر فإن على الخطيب تجاه الخطبة مراعاة ما يلي: أولا: التزام هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة جاء في زاد المعاد للإمام ابن القيم رحمه الله فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في خطبته: «وكان إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: " صبحكم ومساكم» ويقول: «بعثت أنا والساعة كهاتين " ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى» ، ويقول:«أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» (2) . وكان لا يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله، وأما قول كثير من الفقهاء أنه يفتتح الاستسقاء بالاستغفار، وخطبة العيدين بالتكبير

(1) الخطابة الدينية بين النظرية والتطبيق للدكتور عبد الغفار عزيز ص 31.

(2)

الحديث رواه مسلم في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة 2 / 592 ح (867) .

ص: 49

فليس معهم فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ألبتة، وسنته تقتضي خلافه، وهو افتتاح جميع الخطب بـ " الحمد لله "، وهو أحد الوجوه الثلاثة لأصحاب أحمد، وهو اختيار شيخنا قدس الله سره.

وكان يخطب قائما، وفي مراسيل عطاء وغيره «أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر أقبل بوجهه على الناس ثم قال " السلام عليكم» . . وكان كثيرا ما يخطب بالقرآن ففي صحيح مسلم عن أم هشام بنت حارثة قالت «ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس» (1) .

«وكان إذا تشهد قال: " الحمد لله نستعينه ونستغفره» (2) الخ خطبه الحاجة المعروفة وكان مدار خطبه على حمد الله، والثناء عليه بآلائه، وأوصاف كماله، ومحامده، وتعليم قواعد الإسلام، وذكر الجنة والنار والمعاد، والأمر بتقوى الله، وتبيين موارد غضبه، ومواقع رضاه، فعلى هذا كان مدار خطبه.

وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة الخاطبين ومصلحتهم، ولم يكن يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله، ويتشهد فيها

(1) رواه مسلم في الجمعة باب تخفيف الصلاة والخطبة.

(2)

رواه النسائي في كتاب النكاح، باب ما يستحب من الكلام 6 / 73 - 74، وأبو داود في الصلاة رقم (1097) وأحمد في المسند 5 / 271. . .

ص: 50

بكلمتي الشهادة، ويذكر فيها نفسه باسمه العلم. وثبت عنه أنه قال:«كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء» (1) .

وكان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر. . وكان إذا عرض له في خطبته عارض اشتغل به، ثم رجع إلى خطبته، وكان يخطب فجاء الحسن والحسين يعثران في قميصين أحمرين فقطع كلامه، فنزل فحملهما ثم عاد إلى منبره، ثم قال:«صدق الله العظيم إنما أموالكم وأولادكم فتنة (2) رأيت هذين يعثران في قميصيهما، فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما» (3) .

وجاء سليك الغطفاني وهو يخطب فجلس فقال له: «قم يا سليك فاركع ركعتين وتجوز فيهما ثم قال وهو على المنبر: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما» (4) .

وكان يقصر خطبته أحيانا، ويطيلها أحيانا بحسب حاجة الناس، وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة، وكان يخطب النساء على حدة في الأعياد ويحرضهن على الصدقة (5) والله أعلم.

(1) رواه الترمذي في النكاح باب ما جاء في خطبة النكاح، وأحمد في المسند 2 / 302 وحسنه الترمذي.

(2)

سورة الأنفال 28.

(3)

رواه الترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين.

(4)

رواه البخاري في الجمعة، باب إذا رأي الإمام رجلا وهو يخطب 2 / 336.

(5)

انظر بتصرف زاد المعاد 1 / 186 - 191.

ص: 51