الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تصح إمامة الصبي الذي لا يميز لأن صلاته لنفسه غير صحيحة لعدم صحة نيته، أما الصبي المميز فإن إمامته صحيحة لحديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبيه:«وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين» (1) .
والحد بسن معين غير منضبط، فيعتبر تمييز كل صبي بنفسه؛ لأن من الصبيان من يميز في السبع، ومنهم من يميز بأقل منها ومنهم من لا يميز إلا بأكثر، والله أعلم.
[صفات هي أولى ما يكون عليه الإمام]
أما القسم الثاني من الصفات، وهو أولى ما يكون عليه الإمام فيمكن إجماله فيما يلي: أولا: عن صفات علمية، وتتلخص في حفظ القرآن الكريم كله أوجله، وحفظ قدر طيب من السنة، والإلمام بعلوم القرآن، والسنة، والتفسير، والسيرة وفقه الإيمان، وفقه الأحكام، والإطلاع على التاريخ ومعرفة اللغة العربية وعلومها. ومعرفة ما يدور في واقع الأمة، وأبرز قضاياها، وكشف شبهات الباطل ودحض مفترياته، ومعرفة خطط الأعداء، والتحديات المعاصرة الفكرية، والسياسية
(1) رواه البخاري في المغازي، باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح 5 / 95. انظر في شروط صحة الإمامة: غاية المرام في شرح شروط المأموم والإمام ص 40 فما بعدها لشمس الدين محمد بن أحمد الرملي الشافعي.
والسلوكية التي تواجه شباب المسلمين، ذلك أن من شأن خطيب الجمعة توجيه الناس، وتبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم، وغرس الالتزام بالإسلام في حياة الناس، عقيدة، وعبادة، وخلقا وسلوكا، وهذا يحتاج إلى ما أشرنا إليه من الصفات، وإلا ضعف أداؤه لهذا العمل.
ثانيا: صفات عملية. وتتلخص في إخلاصه لله عز وجل، وبعده عن الشهرة، والجاه، وحب الظهور، ولا بد من متابعته للنبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأعماله، وقوة صلته بالله تعالى، وشدة تألهه، وإصلاح سريرته، وصدقه، وغيرته، وورعه وكرمه وحيائه وحسن تعامله، وتواضعه، وصبره، وعفته، وألا يسرف في المباحات؛ لأنه قدوة، وألا يخالف قوله عمله، وأن يكون مشفقا على إخوانه المسلمين، باذلا لهم النصح والدعاء وذا عطف على المحتاجين الفقراء، مستذكرا دائما قوله الله تعالى:{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88](1) .
ثالثا: صفات قيادية. وذلك بأن يكون قوي الشخصية، ثابت القلب، ذا حزم ورأي، وثقه بالله تعالى، وشجاعة في غير تهور، وله نظرة بعيدة، وتفكير عميق وعزيمة قوية، ونشاط دائب، وترتيب لأقواله وأفكاره، وأعماله، مستشعرا قول الله تعالى. {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 39] (2) . نسأل الله العظيم بفضله وكرمه أن يمن علينا بذلك.
(1) سورة هود 88.
(2)
سورة الأحزاب 39.