المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأمه «عوانة بنت سعد بن قيس عيلان بن مضر» ويقال: - مستعذب الإخبار بأطيب الأخبار

[أبو مدين الفاسى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌نماذج من صور المخطوطات

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌كنيته صلى الله عليه وسلم

- ‌[النسب الزكي الطاهر]

- ‌فائدة:

- ‌قصة بحيرى الراهب مع أبي طالب

- ‌خطبة أبي طالب عند زواج الرسول ب «خديجة»

- ‌صداق «خديجة» رضي الله عنها

- ‌[أولاده صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنهم]

- ‌أولاد فاطمة

- ‌[غزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة ودان

- ‌[غزوة بواط

- ‌[غزوة بدر الأولى- سفوان

- ‌[غزوة بدر الكبرى]

- ‌عدة أصحابه- صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر

- ‌المتخلفون من أصحابه- صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر

- ‌عدد المشركين في غزوة بدر

- ‌[غزوة بني قينقاع*]

- ‌[غزوة السويق]

- ‌[غزوة بني سليم- الكدر

- ‌[غزوة ذي أمر

- ‌[غزوة أحد

- ‌[غزوة بني النضير]

- ‌[غزوة ذات الرقاع]

- ‌[غزوة دومة الجندل]

- ‌[غزوة بني المصطلق

- ‌[غزوة الخندق- الأحزاب

- ‌[غزوة بني قريظة

- ‌[غزوة بني لحيان]

- ‌[غزوة الغابة]

- ‌[عمرة الحديبية*]

- ‌[غزوة خيبر]

- ‌عمرة القضية

- ‌[غزوة مكة]

- ‌[غزوة حنين

- ‌[غزوة الطائف

- ‌[غزوة تبوك]

- ‌فهرس الايات القرآنية

- ‌ثانيا: فهرس الأحاديث النبوية والاثار

- ‌ثالثا: المصادر والمراجع:

- ‌ المخطوطات

- ‌المصادر والمراجع المطبوعة:

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: وأمه «عوانة بنت سعد بن قيس عيلان بن مضر» ويقال:

وأمه «عوانة بنت سعد بن قيس عيلان بن مضر» ويقال: / «هند بنت عمرو بن عيلان» .

وأولاده المعقبون: «النضر» المتقدم، و «عبد مناة» و «مالك» و «ملكان «1» » .

‌فائدة:

ذكر «ابن حزم» «2» أنه ليس في العرب «ملك» - بإسكان اللام- غير «ملك بن كنانة» وسائرهم* مالك- بكسر اللام وقبلها ألف «3» -.

- وانظر: (تلقيح فهوم أهل الأثر) لابن الجوزي ص 11.

(1)

حول أولاد «كنانة» انظر: (تاريخ الطبري) - المصدر السابق- (2/ 266) .

(2)

هو «علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري» أبو محمد، عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام. صاحب مذهب الحزمية، وكان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه. ولد ب «قرطبة» سنة 384 هـ، وكانت له ولأبيه من قبله رياسة الوزراة، وتدبير المملكة، فزهد بها وانصرف إلى العلم

فكان فقيها حافظا، مستنبطا للإحكام من الكتاب والسنة

درس «ابن حزم» مذهب الإمام الشافعي، وتعمق في دراسته، وكان من المتعصبين له، ثم تركه وانتقل إلى المذهب الظاهري، ودرس الفقه المالكي، ودرس الموطأ، وقام بنتقيح مذهب «داود» ، ووضع الكتب في تفسيره، واتخذ لنفسه بعدها مذهبا خاصا وآراء تفرد بها. لقد كان «ابن حزم» بعيدا عن المصانعة، فانتقد كثيرا من العلماء، فأجمعوا على تضليله، وحذروا سلاطينهم من فتنته، فأقصى وطورد، ورحل إلى بادية «لبلة» في بلاد الأندلس، وتوفي هناك سنة 456 هـ. ثناء العلماء فيه: قال الذهبي: «ابن حزم» رجل من العلماء الكبار، فيه أدوات الاجتهاد كاملة، تقع له المسائل المحررة، والمسائل الواهية، كما يقع لغيره، «وكل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم» اه: من مقدمة كتاب «جمهرة أنساب العرب» . وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (18/ 184- 212) ترجمة رقم: (99) . وانظر: لسان الميزان للحافظ ابن حجر (4/ 198- 202) ترجمة رقم: (631) .

(*) لم يسلم العلماء للجوهري صاحب (الصحاح) بأن «سائر) بمعنى «جميع» حول هذا القول انظر ما ذكرناه من أقوال العلماء في كتاب (الفارق بين المصنف والسارق) للإمام السيوطي بتحقيقنا، والله أعلم.

(3)

قول ابن حزم: «وهؤلاء

وليس في العرب

إلخ» في كتابه (جمهرة أنساب العرب)(1/ 11) . وانظر: (الكامل في التاريخ) للإمام ابن الأثير (1/ 559) . وانظر: (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للإمام الصالحي (1/ 287) .

ص: 61

(ابن خزيمة «1» ) - بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي- كجهينة.

أمه «سلمى بنت أسلم بن الحاف «2» » من قضاعة «3» .

وفيه يقول الشاعر:

أما خزيمة فالمكارم جمة

سيقت إليه وليس ثم عتيد «4»

(1) و «خزيمة» مشتق من «الخزم» وهو شجر له لحاء يفتل منه حبال الواحدة «خزمة» . و «خزيمة» تصغير «خزمة»

إلخ، اه: الاشتقاق (1/ 29) . وحول «خزيمة» قال ابن الأثير في (الكامل)(1/ 562) : «

وخزيمة هو الذي نصب «هبل» على الكعبة؛ فكان يقال: «هبل» صنم «خزمية»

» اه: الكامل. وقال الإمام/ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري (ت 966 هـ) في كتابه (تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس)(1/ 155) : «

إنما سمى خزيمة

؛ لأنه خزم نور آبائه، وفيه نور رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبقي سنين لا يدري كيف يتزوج، حتى أرى في منامه أن تزوج «برة بنت طابخة» فتزوجها، وكانت يومئذ سيدة قومها في الحسن والجمال، فولدت له «كنانة

إلخ» اه: تاريخ الخميس بتصرف. وفي معنى «خزيمة» أيضا انظر المراجع الاتية: أ- الروض الأنف للإمام/ السهيلي (1/ 9) . ب- المواهب اللدنية للإمام القسطلاني مع شرحها للإمام/ الزرقاني (1/ 74) . ج- الحاوي للفتاوى للإمام/ السيوطي (2/ 216- 222) .

(2)

ولمعرفة «سلمى أم خزيمة» انظر: المصادر والمراجع الاتية: 1- (التاريخ) للإمام ابن جرير الطبري (2/ 266) . 2- (الاشتقاق) للإمام ابن دريد (1/ 42) . 3- (الثقات) للإمام ابن حبان (1/ 30) . 4- (الكامل في التاريخ) للإمام ابن الأثير (1/ 562) .

(3)

عن «قضاعة» قال ابن قتيبة في كتابه (المعارف) ص 63- نسب عدنان-: «فأما قضاعة فصارت إلى اليمن إلى حمير، فهي تعد من اليمن

» . المعارف. وانظر أيضا: المعارف ص 103.

(4)

قوله: أما خزيمة

البيت ذكره الإمام الصالحي في (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد)(1/ 287) فقال: «وكانت له على الناس مكارم أخلاق وأفضال بعدد الزمان

إلخ» .

ص: 62

ونقل الشامي «1» عن «ابن حبيب» «2» بسند جيد عن ابن عباس- رضي الله عنهما «مات خزيمة على ملة إبراهيم «3» » .

وقد ألف الحافظ شيخ الحديث «جلال الدين السيوطي» رحمه الله، ستة تواليف «4» في

(1) و «الشامي» هو «شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الصالحي الشامي، كان عالما. ألف السيرة النبوية- سبل الهدى والرشاد

- من ألف كتاب، وأقبل الناس على كتابتها

إلخ. توفي- رحمه الله سنة 942 هـ» اه: من مقدمة «سبل الهدى والرشاد» ص 40- 49.

(2)

و «ابن حبيب» ترجم له الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد (2/ 277- 278) فقال: «هو الإمام/ «محمد بن حبيب» صاحب كتاب المحبر

كان عالما بالنسب، وأخبار العرب، موثقا في روايته، ويقال: إن «حبيب» اسم أمه. وقيل: بل اسم أبيه، والله أعلم. توفي- رحمه الله سنة 240 هـ

إلخ» اه/ تاريخ بغداد. وانظر: الأعلام للزركلي (6/ 78) .

(3)

حول كون: «عدنان» ، و «معد» ، و «ربيعة» ، و «مضر» ، و «خزيمة» و «أسد» على ملة إبراهيم عليه السلام، قال الإمام السيوطي في كتابه (الحاوي للفتاوي) (2/ 217) : الدليل على أنه لم يلحق الشرك نسب النبي صلى الله عليه وسلم: وقد أخرج ابن حبيب في تاريخه، عن ابن عباس، قال: «كان عدنان ومعد

وأسد على ملة إبراهيم فلا تذكروهم إلا بخير» اه: الحاوي

طبع دار الكتب العلمية. بيروت. وانظر: سبل الهدى والرشاد للإمام/ الصالحي (1/ 287) . وانظر: المواهب اللدنية للإمام/ القسطلاني مع شرحها للإمام/ الزرقاني (1/ 78) .

(4)

من هذه التواليف التي ألفها السيوطي ما يأتي: 1- مسالك الحنفا في أبوي المصطفى. 2- التعظيم والمنة في أن أبوي الرسول في الجنة. 3- الدرج المنيفة في الاباء الشريفة. 4- نشر العالمين المنيفين في إحياء الأبوين

إلخ. الرسائل السابقة أخذت من [مجلة عالم الكتب ص 326 العدد الثالث مايو ويوينة سنة 1993 م] انظر: بقية الرسائل حول الموضوع في المرجع المذكور. ول «أحمد كمال باشا» رحمه الله في [مكتبة الملك عبد العزيز- رحمه الله بالمدينة النبوية- مجموعة الساقزلي- رقم: (1047/ 443) رسالة في «نجاة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم» . وفي صحيح الإمام مسلم كتاب (الجنائز) استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه (7/ 45، 46) ورد بلفظ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي» . وفي صحيح مسلم- نفس المصدر- ورد أيضا بلفظ- عن أبي هريرة- قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال:«استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت» اه صحيح مسلم.

ص: 63

إيمان أبويه «1» صلى الله عليه وسلم وأجداده ونجاتهم. ووردت أحاديث بالتنصيص على إيمان بعضهم، وأنهم كانوا على ملة إبراهيم عليه السلام «كخزيمة» هذا، و «إلياس» و «مضر» و «معد» و «عدنان» .

- وعن الحديث الأول، قال الإمام/ النووي في شرحه لصحيح مسلم [فيه «جواز زيارة المشركين في الحياة وقبورهم بعد الوفاة إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة أولى، وقد قال الله- تعالى- وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً [سورة لقمان، من الاية: 15] . وفيه النهي عن الاستغفار للكفار. قال القاضي عياض- رحمه الله: سبب زيارته صلى الله عليه وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:«فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت» . وعن الحديث الثاني قال: «

رواه أبو داود في سننه، عن محمد بن سليمان الأنباري، والنسائي في سننه- الجنائز 101-، ورواه ابن ماجه في سننه- الجنائز 49-، وهؤلاء كلهم ثقات فهو حديث صحيح بلا شك. قال الإمام/ القاضي عياض: بكاؤه صلى الله عليه وسلم على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به» اه: صحيح مسلم بشرح النووي (3/ 45- 46) طبع دار الريان للتراث بتصرف وزيادة.

(1)

حول نجاة أبويه صلى الله عليه وسلم قال الإمام السيوطي في (مسالك الحنفا في والدي المصطفى) - من كتاب (الحاوي

) (2/ 202- 203، 220، 222) تحت عنوان (مسألة) : قال: «مسألة) : الحكم في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما ناجيان، وليسا في النار صرح بذلك جمع من العلماء، ولهم في تقرير ذلك مسالك: المسلك الأول: أنهما ماتا قبل البعثة، ولا تعذيب قبلها لقوله- تعالى- وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [سورة الإسراء من الاية: 15]

والدعوة لم تبلغ أباه وأمه فما ذنبهما؟. وجزم به الإمام/ الأبي في «شرح صحيح مسلم

وقد ورد في أهل الفترة أحاديث أنهم يمتحنون يوم القيامة، وآيات مشيرة إلى عدم تعذيبهم، وإلى ذلك مال شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر في بعض كتبه، فقال:«والظن ب «آله» صلى الله عليه وسلم يعني- الذين ماتوا قبل البعثة أنهم يطيعون عند الامتحان إكراما له صلى الله عليه وسلم لتقر بهم عينه» ، ثم رأيته قال في الإصابة:«ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم، ومن مات في الفترة، ومن ولد أكمه (أعني أصم) ومن ولد مجنونا، أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ، ونحو ذلك أن كلا منهم يدلي بحجة ويقول: «لو عقلت أو ذكرت لامنت» . فترفع لهم النار، ويقال:«ادخلوها» . فمن دخلها كانت له بردا وسلاما، ومن امتنع أدخلها كرها، هذا معنى ما ورد» . قال: وقد جمعت طرقه في جزء مفرد. قال: ونحن نرجو أن يدخلها «عبد المطلب» وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا فينجو إلا «أبا طالب» فإنه أدرك البعثة، ولم يؤمن، وثبت في الصحيح أنه في ضحضاح من نار:

ص: 64

انظر: «مسالك الحنفا» للسيوطي، فقد جلب تلك الأحاديث وأجاد في تقرير/ هذه المسألة غاية [الإجادة «1» ] .

أولاده الذكور ثلاثة:

«كنانة» المتقدم، و «أسد» و «الهون» «2» .

(ابن مدركة «3» ) - بضم الميم وإسكان المهملة- واسمه «عمرو» على الصحيح «4» .

وله ولدان:

«خزيمة» المتقدم، و «هذيل «5» » .

- صحيح البخاري المناقب رقم: (3594)، ورقم:(3596)، ورقم:(7540، 6079) . - وصحيح مسلم الإيمان رقم: 308، 309، 310-

إلخ» اه: مسالك الحنفا

بتصرف وزيادة. وانظر أيضا: (الحاوي للفتاوي)(2/ 217) طبع دار الكتب العلمية، بيروت سنة 1403 هـ- 1983 م. وقال ابن سيد الناس اليعمري (ت 734 هـ) في [عيون الأثر 1/ 228] :«وقد روي أن «عبد الله ابن عبد المطلب» و «آمنة بنت وهب» أبوي النبي صلى الله عليه وسلم أسلما أيضا، وأن الله أحياهما فامنا به، وروي ذلك في حق جده «عبد المطلب» ، وهي روايات لا معول عليها

» اه: السيرة النبوية: عيون الأثر وحديث البخاري ومسلم- رحمهما الله تعالى- يردان هذا القول الذي ذهب إليه الإمام السيوطي. والله أعلم.

(1)

ما بين القوسين المعكوفين مطموس بالأصل وأثبتناه من دلالة الكلام، ومن الفعل «أجاد» لأنه مصدر له.

(2)

و «الهون» قال عنه الإمام/ ابن دريد في (الاشتقاق)(1/ 178) : «مشتق من الشيء السهل من قولهم: مر على هونه وهينته، أي: على سكون وهدوء. و «الهون» - بضم الهاء- الهوان من قوله جلا جلاله: أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ [سورة النحل، من الاية، 59] . وقال الأستاذ عبد السلام هارون- رحمه الله (محقق الكتاب) : «الهون ضبط في الأصل بضم الهاء وفتحها» .

(3)

و «مدركة» الهاء فيه للمبالغة، وهو مشتق من «أدرك يدرك إدراكا» ، أي: لحق. ولقب ب «مدركة» لما أدرك الإبل» اه: الاشتقاق لابن دريد (1/ 30) بتصرف.

(4)

في سيرة ابن هشام [1/ 9 سرد النسب الزكي] قال: «واسم مدركة: عامر» اه: ابن هشام. وانظر: «التاريخ» للإمام/ الطبري (2/ 267) .

(5)

و «هذيل» من الهذل، وهو الاضطراب، يقال:«هوذل الرجل ببوله» ، إذا اضطرب-

ص: 65

(ابن إلياس) - بهمزة قطع مكسورة- موافقا لاسم «إلياس» النبي عليه السلام.

قاله: ابن الأنباري «1» . واسمه «حبيب» ، وأمه «الرباب بنت حيدة بن معد بن عدنان» قاله الطبري «2» .

وقيل: هي «الحنفاء بنت إياد بن معد بن عدنان» نقله «أبو الربيع «3» » عن «الزبير» أولاده الذكور:

«عمرو» وهو «مدركة» على الصحيح، وتقدم في عمود النسب، و «عامر» «4» ، و «عمير «5» » وأمهم:«ليلى بنت حلوان بن عمرو بن الحاف «6» » من قضاعة. ويقال لها:

«خندف «7» » - بالخاء المعجمة- (ابن مضر «8» ) - بضم الميم وفتح الضاد المعجمة-

- بوله

إلخ» اه: الاشتقاق لابن دريد (1/ 176) .

(1)

قول «ابن الأنباري» : «ابن إلياس» موافق لاسم «إلياس» النبي. انظر في: (الروض الأنف) بحاشية (السيرة النبوية) لابن هشام (1/ 9) .

(2)

قول الإمام/ الطبري: «واسمه حبيب

إلخ» انظره في (تاريخ الطبري)(1/ 268) .

(3)

نقل «أبو الربيع» عن «الزبير

» ذكره في كتابه (الاكتفا في مغازي المصطفى

) (1/ 19) اه: (الاكتفا) لأبي الربيع الكلاعي صاحب (الاكتفا) .

(4)

انظر: تاريخ الإمام/ الطبري (2/ 167) .

(5)

انظر: الطبري (2/ 266- 267) . وانظر: الاشتقاق لابن دريد (1/ 42) .

(6)

«الخندفة» : نوع من المشي، وهي امرأة من اليمن- أم بني إلياس- فغلبت على نسب بنيه فقيل: بنو خندف، وسميت بذلك؛ لأن «إلياس» خرج في سفر له فنفرت إبله من «أرنب» فخرج إليها «عمرو» فأدركها، فسمى «مدركة» ، وأخذها «عامر» فطبخها فسمى «طابخة» ، وانقمع «عمير» في الخباء فلم يخرج فسمي «قمعة» ، وخرجت أمهم تمشي، فقال لها «إلياس» : أين تخندفين؟ فسميت «خندف

» اه (تاريخ الطبري)(2/ 267) بتصرف. وانظر: (الاشتقاق) للإمام ابن دريد (1/ 42) . وانظر: الروض الأنف للسهيلي بحاشية (السيرة النبوية) لابن هشام (1/ 99) .

(7)

وعن «مضر» قال السهيلي في (الروض الأنف)(1/ 10) : قال القتبي: «هو من المضيرة

والمضيرة شيء يصنع من اللبن فسمي مضرا لبياضه، والعرب تسمى الأبيض أحمر؛ فلذلك قيل: مضر الحمراء

وهو أول من سن الحداء للإبل، وكان أحسن صوتا

وفي الحديث المروي: «لا تسبوا مضر ولا ربيعة؛ فإنهما كان مؤمنين» ذكره الزبير

إلخ» اه: الروض الأنف. وانظر: أيضا الاشتقاق لابن دريد (2/ 30) .

(8)

وانظر: (الحاوي للفتاوي) للإمام/ السيوطي (2/ 220) . طبع دار الكتب العلمية.

ص: 66

ممنوع من الصرف للعلمية والعدل: عن «ماضر» واسمه «عمرو» وكنيته «أبو إلياس» .

وأمه: «سودة بنت عك بن عدنان «1» » .

وأولاده: «إلياس» المتقدم، و «قيس عيلان «2» » -/ بالمهملة- بن مضر وقال قوم:«قيس بن عيلان» بزيادة «ابن «3» » .

قال «ابن حزم» : والصحيح الأول. قال نصر بن سيار:

أنا ابن خندف تنميني قبائلها

للصالحات وعمي قيس عيلانا «4»

(ابن نزار «5» ) - بنون وزاي منقوطة ومهملة آخره.

أولاده: «مضر» المتقدم، و «ربيعة» وزاد «ابن إسحاق» «أنمارا» ، وزاد «ابن هشام» «إيادا» «6» .

(ابن معد «7» ) - بفتحتين وتشديد الدال-

(1) حول «سودة بنت عك

» انظر: المراجع الاتية: أ- (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للإمام السهيلي (1/ 97) . ب- (التاريخ) للإمام/ الطبري (2/ 268) . ج- (الاشتقاق) للإمام ابن دريد (1/ 42) .

(2)

وسمي «عيلان» - فيما ذكر- لأنه كان يعاتب على جوده فيقال له: لتغلبن عليك العيلة يا عيلان فلزمه الاسم. وقيل: بل سمي «عيلان» بفرس كانت له تدعى «عيلان» . وقيل: سمي بذلك لأنه حضنه «عبد» لمضر يدعى «عيلان» . اه: تاريخ الطبري 2/ 268. وقال ابن دريد في الاشتقاق (2/ 265» : «عيلان» اسمه الناس، والمراد اليابس. اه: الاشتقاق.

(3)

حول هذا القول- زيادة «ابن» - انظر: (جمهرة أنساب العرب)(1/ 10) .

(4)

بيت الشعر ذكره ابن حزم في الجمهرة (1/ 10) .

(5)

و «نزار» مشتق من الشيء النزر، وهو القليل، من قولهم:«أعطاه نزرا، وأنزرت له العطاء» ، أي: أقللته و «ماء منزور أي: قليل» اه: الاشتقاق لابن دريد (1/ 30) .

(6)

حول «إياد» انظر (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف)(1/ 96- 97) ذكر ولد نزار ابن معد.

(7)

و «معد» مشتق من شيئين: إما: أن يكون «مفعل» من العدد؛ فكأنه كان «معدد» فأدغمت الدال.

ص: 67

أولاده: «نزار» المتقدم و «إياد» على ما قال ابن إسحاق.

وزاد ابن إسحاق أيضا في أولاد «معد» «قنصا» .

وزاد أيضا «قضاعة» - بضم القاف-.

قال: وكان بكر «معد» الذي به يكنى- فيما يزعمون «1» -

(ابن عدنان) - بفتح العين- كسكران.

قال الحافظ أبو عمر: الذي أجمعوا عليه من ولد «عدنان» : «معد «2» »

وكثير منهم يقول: و «عك» ، واختلفوا فيما سواهما «3» ، و «عك» - بفتح المهملة وتشديد الكاف- وقيل: اسمه «الحارث بن عدنان» وقيل: هو «عك بن الديث» - بالمهملة والمثلثة- ك «ذيب بن عدنان» «4» .

قال الدارقطني: «الديث بن عدنان» أخو «معد بن عدنان» ، وابنه «عك بن الديث» إلى هنا إجماع الأمة. وما فوق ذلك لا يدرى ما هو؟ فينبغي الإعراض عنه؛ لما فيه من كثرة الاضطراب، وعدم الوقوف على شيء متفق عليه «5» .

- وإما أن يكون من «المعد» ، وهو اللحم في مرجع كتف الفرس

إلخ» اه: (الاشتقاق) للإمام ابن دريد (1/ 30- 31) .

(1)

حول قول ابن إسحاق: «

وكان بكر معد

يزعمون» انظر: (السيرة النبوية) لابن هشام، مع (الروض الأنف) للسهيلي (1/ 21) .

(2)

حول قول «أبي عمر» : «الذي أجمعوا عليه

«معد»

إلخ» انظر: (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) بحاشية (الإصابة) للحافظ ابن عبد البر- أبي عمر- «محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم» (1/ 50) . وانظر: كتاب (الثقات) للإمام/ ابن حبان (1/ 22- 26) . وانظر: كتاب (الإشارة) للحافظ مغلطاي ص 5.

(3)

عن هذا الاختلاف انظر: (التاريخ) للإمام/ الطبري (1/ 271- 276) .

(4)

حول «عك بن الديث

» قال ابن حزم في كتابه (جمهرة أنساب العرب)(1/ 9)، (2/ 328- 329) :«ولد «عدنان» : «معد» ، و «عك» . قيل: اسمه «الحارث» ، وقد قيل:«عك بن الديث» - بالدال غير منقوطة والثاء التي عليها ثلاث نقاط- بن عدنان»

» اه: (الجمهرة) . وانظر: (السيرة النبوية) للإمام/ ابن كثير (1/ 82) .

(5)

انظر: (السيرة النبوية) للإمام/ ابن كثير (1/ 75- 76) .

ص: 68

روى «عمر «1» » رضي الله عنه أنه عليه السلام قال: «إنما ننتسب إلى «عدنان» وما فوق ذلك لا ندري ما هو؟» .

وروي أنه صلى الله عليه وسلم نسب نفسه كذلك إلى «نزار بن معد بن عدنان «2» » .

وعن ابن عباس- رضي الله عنهما أنه عليه السلام كان إذا انتسب لم يتجاوز «معد بن عدنان» ، ثم يمسك ويقول:«كذب النسابون» «3» .

وقال «ابن جزي «4» » في قوانينه: إلى هنا انتهى النسب الذي أجمع الناس عليه.

وقال «أبو الربيع الكلاعي» في «الاكتفا «5» » : «هذا هو الصحيح المجمع عليه في نسبه صلى الله عليه وسلم وما فوق ذلك مختلف فيه» .

وقال «ابن دحية» : «أجمع العلماء- والإجماع/ حجة- على أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما انتسب إلى «عدنان» ولم يتجاوزه.

(1) قول الخليفة «عمر» رضي الله عنه انظره في: (الروض الأنف) بحاشية (السيرة النبوية) للإمام/ ابن هشام (1/ 11) .

(2)

نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى «نزار» ذكره ابن عبد البر في [الاستيعاب (1/ 50) ] فقال: «وقد روي في أخبار الاحاد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نسب نفسه كذلك إلى «نزار

» . وما ذكر- انتسب إلى عدنان- من إجماع أهل السير والعلم بالأثر- يعني- ما سواه

إلخ» الاستيعاب.

(3)

أثر ابن عباس- رضي الله عنهما «كذب النسابون» ذكره الإمام السهيلي في (الروض الأنف) بحاشية (السيرة النبوية) لابن هشام (1/ 11) فقال: «وما بعد عدنان من الأسماء مضطرب فيه، فالذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا انتسب إلى عدنان لم يتجاوزه؛ بل قد روي من طريق ابن عباس أنه لما بلغ «عدنان» قال: «كذب النسابون» مرتين، أو ثلاثا. والأصح في هذا الحديث أنه من قول الصحابي الجليل «ابن مسعود» اه: الروض الأنف. وانظر: (السيرة النبوية) للإمام/ ابن كثير «خبر عدنان

» . وانظر: (الكامل في التاريخ) للإمام/ ابن كثير (1/ 565) .

(4)

«ابن جزي» ترجم له الحافظ ابن حجر في (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)(3/ 356) فقال: «هو «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن جزي الكلبي أبو القاسم» فقيه من العلماء بالأصول، واللغة من أهل «غرناطة» ، من كتبه:«القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية» وهو الكتاب الذي نقل منه «أبو مدين» هنا

» اه: (الدرر) . وانظر: (الأعلام) للزركلي.

(5)

«الاكتفا في مغازي المصطفى

» طبع بعضه بتحقيق: د/ مصطفى عبد الواحد.

ص: 69

وقال سيدي العربي الفاسي في سيرته:

ولا تثق بعد ما من بعد عد

نان ولتقف لهذا الحد

فلم يك النبي زائدا عليه

إذ ينتمي بل كان ينتمي إليه

ثم يقول:

كذب النساب، أي: إن يزد من بعد انتساب.

هذا المقال لابن مسعود أصح عند «السهيلي» ، وسرده وضح «1» .

[ميلاده صلى الله عليه وسلم]

(وولد صلى الله عليه وسلم عام الفيل «2» ) ، ومن العلماء من حكى الاتفاق عليه، وقال: كل قول يخالفه وهم.

ومذهب الأكثر أن ذلك بعد الفيل بخمسين يوما على المشهور المرتقى «3» . وقيل:

(1) نسبة هذا القول لابن مسعود تقدم ذكرها.

(2)

قصة الفيل أصبحت من الشهرة بمكان، ويكفي أن الله- تعالى- أنزل سورة باسمها في القرآن الكريم- سورة الفيل- ولكن للتذكير بالقصة نذكر بعض المصادر والمراجع التي ذكرت القصة. وهي: أ- (السيرة النبوية) للإمام/ ابن هشام (1/ 43- 62)(أمر الفيل) . ب- (الجامع لأحكام القرآن) للإمام القرطبي (تفسير سورة الفيل 20/ 193- 194) . ج- تفسير الماوردي- النكت والعيون- للإمام/ أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري (تفسير سورة الفيل 6/ 338) . د- كتاب السيرة- الإشارة- للحافظ/ مغلطاي ص 6 (قصة الفيل) . هـ- (مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ/ محمد بن عبد الوهاب. طبع الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. وحول مكان ولادته قال الفيروز آبادي في «تبع» دار التابعة: ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم اه. (القاموس المحيط) .

(3)

حول ولادته صلى الله عليه وسلم بعد الفيل بخمسين يوما، قال الإمام/ الماوردي في كتابه: 1- التفسير- النكت والعيون-. 2- أعلام النبوة (ص 223) قال ما يأتي: «ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وكان بعد الفيل بخمسين-

ص: 70

وكانت قصة الفيل في المحرم توطئة لنبوته، وتقدمة لظهوره عليه السلام يوم الاثنين، كما يشهد له حديث مسلم، عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين، فقال:«ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أنزل/ عليّ «1» » .

وحديث «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: «ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، واستنبئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين «2» » .

واختلف في الوقت الذي ولد صلى الله عليه وسلم فيه.

والصحيح المشهور كما قاله ابن جماعة وابن حجر الهيتمي: (الفجر «3» ) .

- يوما، ووافق من شهور الروم العشرين من شهر «شباط» في السنة الثانية عشرة من ملك هرمز أنوشران» . اه/ تفسير الماوردي، وأعلام النبوة. وانظر: السيرة النبوية- عيون الأثر- لابن سيد الناس (مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 79- 81) طبع/ مكتبة دار التراث بالمدينة النبوية. تحقيق د: الخطراوي وآخر سنة 1413 هـ 1992 م.

(1)

حديث الإمام/ مسلم أخرجه في صحيحه- بشرح النووي- كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام

(8/ 49) . وعزاه الإمام السيوطي في الجامع الكبير- نسخة قوله- 1/ 625- 626 من رواية أبي قتادة رضي الله عنه إلى: أ- الإمام/ أبي داود الطيالسي في مسنده: ب- الإمام/ أحمد في (مسنده) 5/ 297، 299. ج- الإمام/ أبي داود في سننه كتاب (الصوم) (2/ 808 رقم:(2426) . د- الإمام ابن حبان في صحيحه (كتاب الصيام) 6/ 260 رقم (3634) . هـ- الإمام/ أبي عبد الله الحاكم في (المستدرك) كتاب (التاريخ)(2/ 652) . وقال: «صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه» . ووافقه الذهبي في التلخيص، والإمام/ ابن زنجويه.

(2)

حديث «ابن عباس» رضي الله عنهما أخرجه الإمام/ أحمد في (مسنده)(5/ 297- 299، والطبراني في المعجم الكبير. وذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد) كتاب (العلم)، باب التاريخ (1/ 201) وقال: رواه أحمد، والطبراني في الكبير (11/ 85) ، وفيه «ابن لهيعة» وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح، اه: مجمع الزوائد. وانظر: (الكامل في التاريخ) للإمام/ ابن الأثير (2/ 8) .

(3)

عن ولادته صلى الله عليه وسلم في الفجر قال الحافظ/ مغلطاي في كتابه (الزهر الباسم) - المخطوط- الجزء-

ص: 71

ويدل عليه حديث «مسلم» المتقدم، وإلى ذلك أشار سيدي العربي الفاسي بقوله:

ولد في الأصح إثر الفجر

من يوم الاثنين اتفاقا فادر

وفي الأصح في ربيع الأول

بثامن منه على معول «1»

(لثمان خلون من ربيع الأول) وهو اختيار أكثر أهل الحق، قاله في «المواهب» وصححه «ابن عباس» رضي الله عنهما وغيره.

وحكى إجماع أهل التاريخ عليه.

وقال ابن إسحاق «2» : «لاثنتي عشرة ليلة مضت منه» .

وقال ابن كثير: هو المشهور عند الجمهور، وبالغ بعضهم فنقل فيه الإجماع «3» ، وهو الذي عليه أهل «مكة» في زيارة موضع مولده «4» في هذا/ الوقت، وإنما ولد صلى الله عليه وسلم في

- الأول لوحة 74/ أ: «قال أبو الخطاب: وقيل: إن مولده وافق من البروج: الحمل عند طلوع الفجر» اه: (الزهر الباسم) . وانظر: أيضا كتاب (الإشارة) - مختصر الزهر الباسم- للحافظ/ مغلطاي ص 57.

(1)

ولادته صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين لا خلاف فيه؛ لحديث مسلم المتقدم. وإنما كثر الخلاف في التاريخ والوقت الذي ولد فيه؛ فعن ولادته صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع يقول الحافظ مغلطاي في كتابه المتقدم- (الزهر الباسم) المخطوط 1/ ورقة 74/ أ-: قال: قال أبو الخطاب- رحمهما الله تعالى-: أجمع أهل الزيج، أن مولده كان لثمان خلون من شهر ربيع الأول بعد قدوم الفيل بخمسين يوما، أخذوا ذلك من حساب السنين والأعوام، ومنازل النجوم، وقد قام عليه دليل، فاستند إلى محكم التنزيل، وهو اختيار العلماء منهم:«أبو الوليد الوضني» : عالم الأندلس، و «ابن حزم» اه: ورقة 74/ أ. مغلطاي. وانظر: (السيرة النبوية- عيون الأثر) للإمام/ ابن سيد الناس (1/ 79- 81) . وانظر: (المواهب اللدنية» للإمام/ القسطلاني مع شرحها للإمام/ الزرقاني 1/ 130- 132.

(2)

قول ابن إسحاق: «لاثنتي عشرة

إلخ» في (السيرة النبوي) لابن هشام مع شرحها (الروض الأنف)(1/ 181) . وانظر: (السيرة النبوية) للإمام ابن كثير 1/ 199. والصواب- إن شاء الله تعالى- هو ما توصل إليه «محمود باشا الفلكي» كما سيأتي.

(3)

قول «ابن كثير: «هو المشهور

إلخ» انظره في كتابه [السيرة النبوية 1/ 199] . وانظره أيضا: في كتابه [الفصول ص 9] .

(4)

حول زيارة موضع مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم نذكر ما قاله: د/ ناصر عبد الرحمن بن محمد الجديع في كتابه: (التبرك) - رسالة دكتوراه- أنواعه وأحكامه ص 355- 357 قال: تحت عنوان: -

ص: 72

شهر ربيع لا في شهر رمضان «1» الذي أنزل فيه القرآن، ولا في الأشهر الحرم، التي جعل الله لها الحرمة يوم خلق السماوات والأرض، ولا في ليلة النصف «2» من شعبان،

- (حكم التبرك بمكان ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يأتي: «سأختم هذا المبحث ببيان حكم هذه المسألة المتعلقة بموضعه: فقد ذكر بعض المتأخرين من المؤرخين أن ب «مكة» موضعا مشهورا، يقال: إنه مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يزار بعد صلاة المغرب من الليلة الثانية عشرة من شهر ربيع الأول في كل سنة من قبل بعض الفقهاء والأعيان، على طريقة خاصة، فيدخلون فيه ويخطبون، ويدعون لولاة الأمر، ثم يعودون إلى المسجد الحرام قبيل العشاء. وذكر بعضهم أن هذا الموضع يفتح يوم الاثنين من شهر ربيع الأول ليتبرك به الناس- بالصلاة والدعاء والتمسح ونحو ذلك؛ فهو أول تربة مست جسمه الطاهر- عليه الصلاة والسلام حتى ادعى بعض العلماء أن الدعاء يستجاب في مولد النبي صلى الله عليه وسلم عند الزوال. فهل التبرك بمكان ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم مشروع أو ممنوع؟! والجواب

هو عدم الجواز؛ وذلك من وجهين: الوجه الأول: اختلاف العلماء والمؤرخين في تعيين مكان ولادته صلى الله عليه وسلم وعدم وجود أدلة صحيحة تحدد هذا الموضع يقنيا. وأما المكان المشهور- المشار إليه آنفا- فمحل شك لدى كثير من العلماء

إلخ. والوجه الثاني: لو صحت معرفة مكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم لما جاز التبرك به على أي وجه

إلخ. انظر: «الأدلة التي دلل بها على ذلك-

» اه: التبرك.

(1)

القول بميلاده صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع ذكره «ابن كثير» في كتابه (السيرة النبوية) 1/ 200 فقال: «نقله ابن عبد البر: عن الزبير بن بكار، وهو قول غريب جدا، وكان مستنده أنه- عليه الصلاة والسلام أوحي إليه في رمضان بلا خلاف، وذلك على رأس أربعين سنة من عمره، فيكون مولده في رمضان، وهذا فيه نظر، والله أعلم» اه (السيرة النبوية) لابن كثير. وانظر: المواهب اللدنية للقسطلاني مع شرحها للزرقاني (1/ 131) .

(2)

حول: «ليلة النصف من شعبان» : انظر: كتاب (التحذير من البدع) - أربع رسائل مفيدة- لسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز- رحمه الله الرسالة الثالثة (حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان) ص 11- 16. وحول التاريخ الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشهر والعام) توصل/ محمود باشا الفلكي بعد ذكر ما قيل «وبحسابات فلكية» فقال: «ويتلخص من هذا أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم: ولد يوم الاثنين 9 من ربيع الأول الموافق العشرين من إبريل سنة 571 مسيحية فاحرص على التحقيق، ولا تكن أثيرا للتقليد» اه (نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام) ص 28- 35.

ص: 73

ولا في غير ذلك من الأيام والليالي الفاضلة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «تتشرف به الأزمنة والأمكنة، لا هو يتشرف به؛ بل يجعل «1» للزمان، أو المكان الذي يباشره عليه السلام الفضيلة والمزية على غيره؛ فلو ولد في بعض هذه الأوقات لتوهم أنه يتشرف بها، فجعل الحكيم جلا جلاله مولده غيرها؛ ليظهر عظيم عنايته وكرامته عليه «2» » .

تتباهى بك العصور وتسموا

بك علياء بعدها علياء

ووافق ذلك من الفصول: فصل الربيع، وفي ذلك من المناسبة:

أن فصل الربيع «3» هو أعدل الفصول وأحسنها، ليس فيه برد مزعج، ولا حر مقلق، سالم من الأمراض التي/ يتوقعها الناس في غيره، فكان ذلك شبيها بشريعته السمحة، وبما جاء به من رفع الإصر والأغلال، ولله در القائل:

يقول لنا لسان الحال منه

وقول الحق يعذب للسميع

فوجهي والزمان وشهر وضعي

ربيع في ربيع في ربيع

«4»

(1) من قوله: «تتشرف به الأزمنة

» إلى قوله: «

عنايته وكرامته عليه» مقتبس من كلام/ أبي عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري المالكي الشهير بابن الحاج (ت 737 هـ) في كتابه (المدخل)(2/ 29) قال- رحمه الله: «الوجه الرابع أنه قد شاء الحكيم- سبحانه وتعالى أنه- عليه الصلاة والسلام تتشرف به الأزمنة

إلخ» اه (المدخل) لابن الحاج. طبع مكتبة التراث بالقاهرة. وانظر: المواهب اللدنية (1/ 132) . وانظر: تاريخ الخميس

للديار بكري (1/ 196- 197) .

(2)

في المدخل «بل يحصل» بدل: «بل يجعل» . انظر التعليق السابق.

(3)

حول قوله: «ووافق ذلك من الفصول فصل الربيع

إلخ» قال الإمام السهيلي في (الروض الأنف) (1/ 184- تحديد تاريخ مولده

-: «

وأهل الزيج يقولون: وافق مولده من الشهور الشمسية نيسان- إبريل- فكانت لعشرين مضت منه

إلخ» اه: الروض. وقال ابن كثير في (السيرة النبوية)(1/ 201) : «كان في العشرين من نيسان. وهذا أعدل الزمان والفصول؛ وذلك لسنة اثنتين وثمانين لذي القرنين فيما ذكر أصحاب الزيج» اه: السيرة

لابن كثير.

(4)

بيتا الشعر ذكرهما الإمام: حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري (ت 966 هـ) في كتابه (تاريخ الخميس)(1/ 198) .

ص: 74

وينعقد في سلك هذا النظام ما هيأ الله له من اسم مربيته: ففي الوالدة والقابلة:

الأمن «1» والشفاء، وفي اسم الحاضنة «2» : البركة والنماء، وفي مرضعته «3» : الثواب والحلم والسعد. (وأمه صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة) بن كلاب القرشية الزهرية.

أمها «برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة «4» » .

(وتزوج آمنة) هذه (عبد الله بن عبد المطلب) ، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش

- وانظر: (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للصالحي (1/ 337) . وانظر: (السيرة الحلبية) للإمام: برهان الدين الحلبي ص 93.

(1)

قوله: «ففي الوالدة والقابلة

إلخ» . أراد- رحمه الله من قوله هذا: «أن في اسم أمه آمنة: الأمن، وفي اسم قابلته- الشفّاء-: الشفاء. والمراد: الشفاء بنت عمرو بن عوف، والدة الصحابي الجليل «عبد الرحمن بن عوف» أخرج أبو نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ) في (دلائل النبوة)(1/ 136) بلفظ: عن عبد الرحمن بن عوف. قالت أمي: لما ولدت آمنة محمدا صلى الله عليه وسلم وقع على يدي فاستهل فسمعت قائلا يقول: رحمك ربك

إلخ» اه: (دلائل النبوة) لأبي نعيم. وانظر: (تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس) للديار بكري (1/ 202) . وانظر: (المواهب اللدنية) للإمام: القسطلاني مع شرحها للإمام: الزرقاني (1/ 137- 154) . وانظر: (السيرة الحلبية) للإمام: برهان الدين الحلبي (1/ 103) .

(2)

قوله: «وفي اسم الحاضنة

إلخ» المراد بالحاضنة «أم أيمن» واسمها «بركة» وقد حضنته صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه ب «الأبواء» في أثناء عودتهما من المدينة. وفي اسمها وكنيتها: «البركة، واليمن، والنماء، وهي أم «أسامة بن زيد» رضي الله عنهما.

(3)

قوله: «وفي مرضعته «الثواب» أراد «ثوبية» مولاة «أبي لهب» حيث أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم اه: الروض الأنف (1/ 186) . وأشار بقوله: «

الحلم والسعد» إلى مرضعته الأخرى «حليمة السعدية» ففيها الحلم والسعد. الروض الأنف (1/ 186) .

(4)

حول «برة

» أم «آمنة بنت وهب

» . انظر المصادر والمراجع الاتية: أ- (المحبر) للإمام: محمد بن حبيب البغدادي ص 9. ب- (المنمق) للإمام: محمد بن حبيب البغدادي ص 48. ج- (السيرة النبوية) للإمام: ابن هشام مع (الروض الأنف) للسهيلي- (أمهات آمنة) - (1/ 179) . -

ص: 75

نسبا وموضعا، فدخل عليها حين أملكها «1» مكانه يوم الاثنين، في «شعب أبي طالب» ، عند الجمرة، وأقام عندها ثلاثة وتلك/ السنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في يومها «2» .

قال أبو عمر: «وكان حين تزوجها ابن خمس وعشرين سنة، ولم يتزوج غيرها قط، ولم تتزوج غيره قط» ذكره الواقدي «3» .

(فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق، قاله الزبير بن بكار «4» .

وقال سيدي العربي الفاسي:

- د- (الكامل في التاريخ) للإمام: ابن الأثير (1/ 566) . هـ- (تلقيح فهوم أهل الأثر

) للإمام: ابن الجوزي ص 12.

(1)

حول تزوج «عبد الله بن عبد المطلب» ب «آمنة بنت وهب» انظر المصادر والمراجع الاتية: أ- (الطبقات الكبرى) للإمام: محمد بن سعد- ذكر تزوج عبد الله بامنة- 1/ 94- 95. ب- (تاريخ الطبري) للإمام: محمد بن جرير الطبري (2/ 423) . ج- (السيرة النبوية) للإمام ابن كثير- ذكر تزوج عبد الله بامنة- (1/ 176- 177) . د- (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للإمام: الصالحي 1/ 326- 327.

(2)

قوله: «وأقام عندها ثلاثة

إلخ» : أخرجه الإمام/ محمد بن سعد في (الطبقات) - ذكر تزوج عبد الله من آمنة- (1/ 95) بلفظ: «لما تزوج «عبد الله» آمنة أقام عندها ثلاثا، وكانت تلك السّنّة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في أهلها» اه: الطبقات. وانظر: (السيرة الحلبية)(1/ 84) .

(3)

قول «أبي عمر» - ابن عبد البر-: «وكان حين دخل

إلى» ذكره في كتابه (الاستيعاب) بحاشية (الإصابة)(1/ 55) . وانظر: (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للصالحي- وفاة عبد الله- الباب الثالث (1/ 55) ، (1/ 331) .

(4)

قول «الزبير بن بكار» ذكره الحافظ مغلطاي في (الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم) - مخطوط، الجزء الأول- لوحة 72/ ب فقال:«وفي كتاب الزبير حملت به آمنة أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى» اه: مخطوط الزهر الباسم نسخة الشيخ حماد الأنصاري- رحمه الله. وانظر: (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للإمام: الصالحي (1/ 239) . وانظر: (المواهب اللدنية) للقسطلاني مع شرحها للزرقاني (1/ 109) .

ص: 76

وقيل في أيام تشريق كما

بدا لمحبّ الطبري جزما «1»

وقال «سهل بن عبد الله التستري» «2» : «لما أراد الله- تعالى- خلق محمد في بطن أمه ليلة رجب، وكانت ليلة جمعة أمر الله- تعالى- تلك الليلة «رضوان» خازن الجنان بفتح الفردوس، وينادي مناد في السماء والأرض: ألا إن النور المخزون المكنون الذي يكون منه النبي خارج في هذه الليلة، يستقر في بطن أمه الذي يتم فيه خلقه، ويخرج إلى الناس بشيرا ونذيرا» «3» .

ولما حملت به صلى الله عليه وسلم ظهر لحمله عجائب، وآيات تنبئ عن عظيم ما له/ عند الله من رفعة القدر، وكان حمله- عليه السلام خفيفا.

قالت أمه: «ما شعرت بأني حملت به، ولا وجدت ثقلا ولا وحما «4» ، كما يجد النساء، إلا أني أنكرت رفع حيضتي «5» .

ولله در القائل:

حملته آمنة وقد شرفت به

وتباشرت كل الأنام بقربه

(1) قول الإمام: محب الدين الطبري: «وحملت به

إلخ» ذكره في كتابه (خلاصة السير) المخطوط لوحة 3/ أ.

(2)

و «سهل بن عبد الله

» ترجم له الإمام: الزرقاني في (شرح المواهب اللدنية (1/ 10- 105) فقال: «سهل بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن رفيع التستري» الصالح المشهور الذي لم يسمع بمثله الدهر علما وورعا. ولد سنة 200 أو سنة 201 ب «تستر» - بضم الفوقية الأولى، وفتح الثانية، بينهما مهملة ساكنة آخره راء كما ضبطه النووي، وغيره، وحكى ضم التائين وفتح الأولى، وضم الثانية- مدينة بالأهواز، أو بخوزستان

إلخ» اه/ شرح الزرقاني على المواهب بتصرف.

(3)

قول: «سهل

» «لما أراد الله

» إلى قوله: «

بشيرا ونذيرا» ذكره الإمام/ حسين بن محمد الديار بكري في كتابه (تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس)(1/ 185) فقال: «لما أراد الله خلق محمد

إلخ» وعزاه إلى الخطيب البغدادي.

(4)

«وحمت» تقول: وحمت الحبلى: توحم وحما: اشتهت شيئا على حبلها. المعجم الوسيط.

(5)

قول «آمنة» أم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما شعرت

» إلى قوله: «رفع حيضتي» ذكره الإمام: ابن الجوزي في كتابه (صفة الصفوة)(1/ 50- 51) باب ذكر حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ: «روى يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن عمته قالت: كنا نسمع أن آمنة لما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقول: ما شعرت

إلخ» اه: صفة الصفوة. وانظر: (تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس) للديار بكري (1/ 186) .

ص: 77

حملا خفيفا لم تجد ألما به

وتباشرت وحش الفلا فرحا به

واستبشرت من فورهن وكيف لا

وهو الغياث ورحمة من ربه

(ثم بعث عبد المطلب: عبد الله) والد النبي صلى الله عليه وسلم (يمتار «1» له تمرا من يثرب «2» ،

(1) قوله: «يمتار» ورد بصيغة المضارع هكذا في جميع النسخ المخطوطة والمطبوعة لكتاب (أوجز السير) لابن فارس- أصل كتابنا- عدا إحدى نسخ (معهد المخطوطات)، وهي النسخة «أ» ففي الحاشية اللوحة 1/ ب «ليمتار» مع وجود «يمتار» في الأصل. و «الميرة» : «الطعام يمتاره الإنسان، وهم يمتارون لأنفسهم، ويميرون غيرهم ميرا، وقد مار عياله وأهله يميرهم ميرا، وامتار لهم، والميار: جالب الميرة

» اه: لسان العرب.

(2)

وعن «يثرب» قال إسماعيل حقي، صاحب (تفسير روح البيان) في كتابه (الفروق) ص 114:«يثرب» من أسماء المدينة؛ سميت باسم واحد من العمالقة، نزل بها، وكانت تدعى به قبل الإسلام، غير منصرف للوزن والعلمية- كيزيد ويشكر- وفي (إنسان العيون) : يثرب اسم محل في المدينة؛ سمى بذلك؛ لأنه نزل يثرب، من نسل نوح- عليه السلام انتهى. أو سميت لما كان فهي من الثرب، وهو الفساد واللوم بسبب عفونة الهواء، وكثرة الحمى؛ فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ذلك فسماها ب «طيّبة» على وزن «بصرة» من الطيب، وقد أفتى الإمام مالك- رحمه الله تعالى- فيمن قال:«تربة المدينة رديّة» بضربه ثلاثين درّة وبحبسه، وقال: ما أحوجه إلى ضرب عنقه؛ تربة دفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعم أنها غير طيبة، كما في بعض شروح المصابيح، وتسميتها بيثرب في (القرآن) إنما هو حكاية لقول المنافقين، (أي: بعد نهيهم عن ذلك) ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لا أراها إلا يثرب» ، ونحو ذلك من كل ما وقع في كلامه صلى الله عليه وسلم من تسميتها بذلك كان قبل النهي عن ذلك؛ وإنما كرهت تسميتها بيثرب؛ لأن يثرب مأخوذ من التثريب، وهو المؤاخذة بالذنب، ومنه قوله- تعالى- لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ [سورة يوسف من الاية: 92] أو من الثرب- بالتحريك- وهو الفساد، وفي الحديث:«من قال المدينة بيثرب فليستغفر الله ثلاثا، هي طابة» . أخرجه أحمد، وأبو يعلى كما سيأتي، وإنما سميت «طيبة» لطيف رائحة من مكث بها، وتزايد روائح الطيب بها، ولا يدخلها طاعون، ولا دجال، ولا يكون بها مجذوم؛ لأن ترابها يشفي الجذام، كما في (إنسان العيون) اه:(الفروق) لإسماعيل حقي. نسخة مكتبة المسجد النبوي الشريف رقم: 410/ ح. ق. ف. وقال الإمام «ياقوت الحموي» في كتابه (معجم البلدان) 5/ 430: «يثرب» بفتح أوله وسكون ثانيه وكسر الراء وباء موحدة- قال أبو القاسم الزجاجي: يثرب مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم سميت بذلك؛ لأن أول من سكنها

«يثرب بن قانية بن مهلائيل بن إرم

» من ولد «سام بن نوح»

» اه/ معجم البلدان لياقوت الحموي (5/ 430) . وانظر: (مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) للإمام/ البكري (2/ 1474) . وانظر: (تاريخ المدينة) للإمام/ ابن شبة (1/ 164- 165) . وانظر: (وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى) - الباب الأول في أسماء هذه المدينة- للإمام/ السمهودي (ت 911 هـ) .

ص: 78

فتوفي بها) ودفن في «دار النابغة «1» » - بنون ومعجمة بعد الموحدة أو بتاء مثناة فوقية، ومهملة بعد الموحدة «2» -.

وقيل: توفي ب «الأبواء «3» » ، وكان يوم مات ابن ثمان عشرة

- وكره النبي صلى الله عليه وسلم تسميتها ب «يثرب» . روى الإمام أحمد في مسنده (4/ 285)، وأبو يعلى في مسنده: عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله ثلاثا هي طابة، هي طابة» . قال الهيثمي في [مجمع الزوائد: باب فضل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم باب في اسمها 3/ 303] . وقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجاله ثقات. اه: مجمع. حول امتيار التمر هل كان من المدينة- كما هنا- أو من الشام «غزة» انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- (الطبقات الكبرى) للإمام ابن سعد- أقبل من الشام (1/ 99) كما سيأتي- إن شاء الله تعالى. ب- (تاريخ الطبري)(2/ 246) . ج- (الاستيعاب) للإمام/ ابن عبد البر (1/ 66) .

(1)

حول دفن «عبد الله» والد الرسول صلى الله عليه وسلم في دار «النابغة» : قال ابن سعد في (الطبقات)(1/ 99) ذكر وفاة عبد الله بن عبد المطلب: «أخبرنا محمد بن عمر الواقدي

خرج «عبد الله»

إلى الشام- غزة- في عير من عيرات قريش يحملون تجارات، ففرغوا من تجاراتهم، ثم انصرفوا فمروا بالمدينة و «عبد الله

» يومئذ مريض، فقال:«أنا أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار» ، فأقام عندهم مريضا شهرا، ومضى أصحابه فقدموا مكة، فسألهم «عبد المطلب

» عن «عبد الله» فقالوا: خلفناه عند أخواله فبعث إليه «عبد المطلب»

«الحارث» فوجده قد توفي، ودفن في دار «النابغة» وهو رجل من بني عدي ابن النجار، في الدار التي إذا دخلتها فالدويرة عن يسارك

إلخ» اه/ الطبقات. وانظر: (تاريخ الطبري)(2/ 246) . وانظر: (السيرة النبوية) للإمام/ الذهبي ص 50.

(2)

حول تسمية الدار بالتابعة، انظر: المراجع الاتية: أ- (عيون الأثر) لابن سيد الناس (1/ 79) . ب- (المواهب اللدنية) للقسطلاني (1/ 110) وفيها: «

فوجده قد توفي ودفن في دار التابعة» . وقال الزرقاني في (شرح المواهب)(1/ 110) عن (التابعة) . «

بفوقية فموحدة فعين مهملة» . وانظر: (سبل الهدى والرشاد

) للصالحي الباب الثالث وفاة عبد الله بن عبد المطلب (1/ 331) .

(3)

القول بدفنه ب «الأبواء» غير مشهور ذكره الحافظ مغلطاي في كتابه (الزهر الباسم) - مخطوط- الجزء الأول ورقة 74/ ب] ذكره نقلا عن كتاب (ابن سرور) .

ص: 79

سنة «1» ، وقيل: خمس وعشرين «2» وقيل: ثلاثين «3» . وذلك حين تم لامنة من حملها شهران، على ما قاله ابن إسحاق، وصح به الحديث، ونسب إلى الجمهور، وقيل:

إنه- عليه/ السلام- كان في الحمل حين توفي أبوه «4» ، ونقل السهيلي «5» عن الدولابي

- وقال به أيضا الإمام/ عبد الغني المقدسي (ت 600 هـ) في كتابه (الدرة المضية في السيرة النبوية)(ص 17) قال: «وقيل: مات بالأبواء بين مكة والمدينة» اه/ الدرة المضية للمقدسي. تحقيق د/ علي حسين البواب. طبع المكتب الإسلامي. وذكره أيضا الإمام/ المقريزي في (إمتاع الأسماع)(1/ 5) تحقيق د/ حميد الله. طبع: دار المعارف بالقاهرة، وقال القسطلاني في المواهب (1/ 110) :«وقيل: دفن بالأبواء- بفتح أوله ومد آخره- قرية من عمل «الفرع» من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا. والصحيح أنها سميت بالأبواء لتبوء السيول بها، قاله: ثابت بن حزم

إلخ» اه/ المواهب.

(1)

عن سن وفاة والد الرسول صلى الله عليه وسلم (في سن الثامنة عشرة من عمره) . قال الإمام/ السهيلي في (الروض الأنف)(1/ 185) : «

وكان بينه وبين أبيه- عليه السلام في السن ثمانية عشرة سنة» اه (الروض) بتصرف. وانظر: كتاب (الإشارة) للحافظ/ مغلطاي ص 64.

(2)

عن وفاة والد الرسول صلى الله عليه وسلم في سن الخامسة والعشرين. قال ابن سعد في (الطبقات)(1/ 99) - ذكر وفاة عبد الله- قال الواقدي: «

ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حمل، ول «عبد الله

» يوم توفي خمس وعشرون سنة» . قال محمد بن عمر الواقدي: «هذا أثبت الأقاويل والرواية في وفاة «عبد الله بن عبد المطلب» وسنه عندنا» اه: الطبقات. بتصرف. وانظر: كتاب الإشارة للحافظ/ مغلطاي ص 63.

(3)

حول وفاة والد الرسول صلى الله عليه وسلم وعمره ثلاثون عاما، قال ابن عبد البر في (الاستيعاب) بحاشية (الإصابة)(1/ 54، 55) : «

وتزوجها عبد الله بن عبد المطلب- يعني آمنة أم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاثين سنة

إلخ» اه: الاستيعاب. وانظر: (الإشارة) للحافظ/ مغلطاي ص 64 (وفاة أبيه) . وانظر: (سبل الهدى والرشاد) للصالحي (1/ 331- 332)(الباب الثالث في وفاة عبد الله) .

(4)

قول ابن إسحاق: «

وذلك حين تم لامنة

» إلى قوله: «حين توفي أبوه» . انظره: في (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للسهيلي- ذكر وفاة «عبد الله» (1/ 180) . وانظر: (الطبقات) للإمام/ ابن سعد- ذكر وفاة «عبد الله» (1/ 99) .

(5)

نقل الإمام/ السهيلي، عن الإمام/ الدولابي وغيره انظره في:(الروض الأنف) بحاشية (السيرة النبوية) لابن هشام (1/ 184) .

ص: 80

أنه قول الأكثرين، وعليه فقيل: وهو ابن شهرين، وقيل: ابن سبعة، وقيل غير ذلك على خلاف ما نقلوه.

(وولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين) كرره ليرتب عليه ما بعده.

(وكان في حجر جده عبد المطلب) حين توفيت أمه، فرق عليه رقة لم يرقها على ولده، «وبقي في كلاءة الله وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته «1» » ، فكان يوضع ل «عبد المطلب» ، فراش في ظل الكعبة في الحجر، وكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك، حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إعظاما له؛ فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام صغير حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه؛ فيقول «عبد المطلب» ، إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني فو الله إن له لشأنا، ثم يجلسه عليه/ ويمسح ظهره، ويسره ما يراه يصنع «2» » (فاسترضعه) «عبد المطلب» (امرأة من بني سعد ابن بكر «3» ) من «هوازن «4» » (يقال لها: حليمة «5» ) . وتكنى «أم كبشة «6» » (بنت أبي

(1) قول الإمام/ ابن إسحاق: «وبقي في كلاءة الله

» إلى قوله: «لما يريد به من كرامته» انظره: في (السيرة النبوية) لابن هشام مع شرحها (الروض الأنف) للسهيلي (1/ 194) .

(2)

قوله: «فكان يوضع ل عبد المطلب

» إلى قوله: «ويسره ما رآه يصنع» هذا القول هو من كلام ابن إسحاق، ذكره الإمام/ ابن هشام في (السيرة النبوية)(1/ 195) .

(3)

قوله: «فاسترضعه

إلخ» انظره في: أ- (السيرة النبوية) للإمام/ ابن هشام (1/ 183) . ب- (الثقات) للإمام/ ابن حبان (1/ 38) .

(4)

«هوازن» : جمع هوزن، وهو ضرب من الطير

فولد «هوازن» «بكر بن هوازن» فمنهم: بنو سعد بن بكر بن هوازن استرضع النبي صلى الله عليه وسلم فيهم» اه: الاشتقاق لابن دريد (1/ 291) . وانظر: (جمهرة أنساب العرب) للإمام/ ابن حزم (1/ 264) .

(5)

حول قوله: يقال لها: «حليمة» انظره في: (جمهرة أنساب العرب) لابن حزم (1/ 265) .

(6)

حول تكنية «حليمة» رضي الله عنها ب «أم كبشة» قال الإمام/ البيهقي في (دلائل النبوة)(1/ 182- 183) : «بلغني: «أبو كبشة» أول من عبد (الشعرى) وخالف دين قومه، فلما خالف النبيّ صلى الله عليه وسلم دين قريش، وجاء بالحنيفية شبههوه ب «أبي كبشة» ، ونسبوه إليه فقالوا:«ابن أبي كبشة» وبلغني: أنه كان سيدا في قومه «خزاعة» ، وبلغني: أن اسمه «وجز بن غالب بن عامر بن الحارث» وهو: «أبو عمرة بنت وجز» . و «عمرة» هي أم «وهب بن عبد مناف» والد «آمنة» أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ب «جده» من قبل أمه «أبي كبشة» والله أعلم» اه: (دلائل النبوة للبيهقي) تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، طبع دار الكتب العلمية. وقال النجم/ عمر بن فهد في (إتحاف الورى بأخبار أم-

ص: 81

ذؤيب) - بضم الذال المعجمة- «ابن عبد الله بن سحنة «1» » - بسين مهملة مكسورة- «ابن رزام «2» » - براء فزاي- «ابن ناصرة بن فصية» تصغير: فصاة، وهي النواة من التمر، «ابن سعد بن بكر بن هوازن» واعلم أن العلماء- رحمهم الله تعالى- اختلفوا في إيمانها وإدراكها البعثة اختلافا كثيرا يطول ذكره «3» .

- القرى) (1/ 57) : «

ويكنى زوجها الحارث بن عبد العزى ب «أبي كبشة» . وانظر: القاموس المحيط: للفيروز آبادي (4/ 8- 9) . «كبش» . وانظر: كتاب (نور اليقين في سيرة سيد المرسلين) للخضري ص 9. طبع دار الباز. مكة المكرمة.

(1)

«ابن سحنة» : - بكسر السين- وفي بعض المصادر والمراجع: «ابن شحنة» - بشين معجمة مكسورة- وحول كليهما- ابن سحنة، وابن شحنة- انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- ابن إسحاق كما في (السيرة النبوية) لابن هشام (1/ 183) . ب- (الطبقات الكبرى) للإمام/ محمد بن سعد (1/ 110) . ج- كتاب (جمل من أنساب الأشراف) للإمام/ أحمد بن يحيى البلاذري (ت 279)(1/ 101) . نسخة مكتبة المسجد النبوي [رقم: 32796/ 929/ ب. ل. ج. د- (تاريخ الطبري) للإمام/ محمد بن جرير الطبري (2/ 57) . هـ- (الثقات) للإمام/ ابن حبان (1/ 38) . و (جمهرة أنساب العرب) للإمام/ ابن حزم الأندلسي (1/ 265) . ز- (السيرة النبوية) للإمام/ ابن كثير (1/ 225) . ح- (عيون الأثر) للإمام/ ابن سيد الناس (1/ 96) .

(2)

«

ابن رزام» ورد في (ابن إسحاق) - السيرة النبوية لابن هشام (1/ 183) ، و (الطبقات) لابن سعد (1/ 110) «

ابن رزام بن جابر» وليس «ابن ناصرة» .

(3)

حول إسلام «حليمة

» : انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- (الطبقات الكبرى) للإمام/ محمد بن سعد (1/ 114) وفيها: «

روى عن عمر بن سعد قال: جاءت ظئر النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه وأدخل يده في ثيابها ووضعها على صدرها قال: وقضى حاجتها، قال: فجاءت إلى أبي بكر رضي الله عنه فبسط لها رداءه، وقال لها: دعيني أيضع يدي خارجا من الثياب، قال: ففعل، وقضى لها حاجتها، ثم جاءت إلى «عمر» رضي الله عنه ففعل مثل ذلك» اه/ الطبقات. ب- (الاستيعاب) لابن عبد البر بحاشية (الإصابة) لابن حجر (12/ 261) رقم:3300. ج- (الإصابة) للحافظ/ ابن حجر- القسم الأول- 12/ 200 وفيها يقول: «حليمة السعدية مرضعة النبي- رضي الله عنها روى عنها عبد الله بن جعفر. قلت: حديثه عنها بقصة إرضاعها أخرجه الحافظ/ أبو يعلى، وابن حبان في صحيحه، وصرح فيه بالتحديث بين عبد الله وحليمة.

ص: 82

والصحيح الذي عليه «أبو بكر بن أبي خيثمة «1» » ، والحافظ «المنذري» والحافظ «أبو الفرج بن الجوزي» أنها قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما تزوج «خديجة» رضي الله عنها، وشكت إليه جدب البلاد، فكلم «خديجة» رضي الله عنها فأعطتها أربعين شاة وبعيرا، ثم قدمت عليه بعد النبوة فأسلمت وبايعت «2» .

وإليه يشير قول الحافظ «مغلطاي» «3» :

- وأخرج أبو داود، وأبو يعلى وغيرهما من طريق «عمارة بن ثوبان» ، عن أبي الطفيل؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ب «الجعرانة» يقسم لحما فأقبلت امرأة فلما دنت من النبي صلى الله عليه وسلم بسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هذه؟! قالوا: «أمه التي أرضعته» اه (الإصابة) لابن حجر، بتصرف. (الإشارة إلى سيرة المصطفى

) للإمام/ مغلطاي ص 65. وفيها: «

وأرضعته حليمة

وصحح ابن حبان وغيره حديثا دل على إسلامها» . هـ- (عيون الأثر) لابن سيد الناس (1/ 96)، وفيها: «

وأسلمت حليمة بنت أبي ذؤيب

إلخ» . «سبل الهدى والرشاد

» للإمام/ الصالحي (1/ 382- 385)(الباب الثالث في إسلام حليمة) . وحول إسلام زوجها الحارث انظر: (الإصابة) للحافظ/ ابن حجر- القسم الأول- (2/ 162- 163) رقم: 1435. مما سبق يتضح لنا أن «حليمة» وزوجها «الحارث بن عبد العزى» لا شك في إسلامهما، والله أعلم.

(1)

و «أبو بكر بن خيثمة» ترجم له الإمام/ الذهبي في (سير أعلام النبلاء)(11/ 492- 494) . ترجمة رقم (131) فقال هو: «صاحب التاريخ الكبير الكثير الفائدة. قال عنه الخطيب: كان ثقة عالما متقنا حافظا بصيرا بأيام الناس راوية للأدب، له كتاب (التاريخ) الذي أحسن تصنيفه، وأكثر فائدته، فلا أعرف أغزر فوائد منه. توفي- رحمه الله تعالى- في شهر جمادى الأولى سنة 289 هـ» اه: سير.

(2)

قصة قدوم «حليمة» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زواجه ب «خديجة» رضي الله عنها: أخرجها الإمام/ ابن سعد في (الطبقات الكبرى)(1/ 113) فقال: «قدمت حليمة بنت عبد الله» على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وقد تزوج «خديجة» رضي الله عنهم فتشكت إليه جدب البلاد، وهلاك الماشية، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم «خديجة» رضي الله عنها فيها «فأعطتها أربعين شاة، وبعيرا

» اه: الطبقات. وانظر: كتاب «جمل من أنساب العرب) للإمام/ البلاذري (1/ 101) تحقيق/ سهيل زكار. نسخة مكتبة المسجد النبوي.

(3)

و «مغلطاي» ترجم له الحافظ/ ابن حجر في [الدرر الكامنة 4/ 352] فقال: الحافظ المفتنّ علاء الدين أبو عبد الله مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري الحنفي، صاحب التصانيف، ولد بعد التسعين وستمائة له تصانيف كثيرة منها:

ص: 83

أضحت حليمة تزدهي بمفاخر

ما نالها في عصرها إنسان

فلها الكفالة والرضاع وصحبة

وكذا جزاء المحسن الإحسان

وقال الحافظ مغلطاي أيضا: ورأيت ليلة الأحد ثاني عشر من ربيع الاخر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة في المنام «عيسى ابن مريم» - عليهما الصلاة والسلام- وسألته عنها، فقال مجيبا في الحال: رضي الله عنها «1» . اه.

وأسلم أيضا زوجها «الحارث بن عبد العزى» ، ولم يذكره كثير ممن ألف في الصحابة.

وذكره ابن إسحاق في رواية «يونس بن بكير «2» » .

وفي شرح الهمزية ل «ابن حجر الهيتمي» : أن «حليمة» أسلمت «3» هي وزوجها،

- 1- شرح البخاري. 2- الزهر الباسم

وقد بحثت في صورة المخطوط المتوافرة لدي عن بيتي الشعر فلم أصل إليهما. 3- كتاب الإشارة وهو مختصر كتاب الزهر الباسم

إلى غير ذلك من المؤلفات. توفي- رحمه الله تعالى سنة «762 هـ» اه/ الدرر. بتصرف، وانظر:(النجوم الزاهرة)(11/ 9) .

(1)

قصة رؤياه التي ذكرها المؤلف هنا بحثت عنها في كتابه (الزهر الباسم

) فلم أصل إليها.

(2)

رواية «يونس بن بكير» ذكرها السهيلي في (الروض الأنف)(1/ 185) - في أبيه صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وإسلامه فقال: «وقد ذكره ابن يونس في روايته فقال: حدثنا ابن إسحاق

عن رجال من بني سعد بن بكر قال: قدم الحارث بن عبد العزى

«مكة» حين أنزل عليه القرآن، فقالت له قريش: ألا تسمع يا حار ما يقول ابنك هذا؟! فقال: وما يقول؟ قالوا: «يزعم أن الله يبعث بعد الموت، وأن لله دارين يعذب فيهما من عصاه، ويكرم فيهما من أطاعه، فقد شتت أمرنا، وفرق جماعتنا» ، فأتاه فقال:«أي بني ما لك ولقومك يشكونك ويزعمون أنك تقول: إن الناس يبعثون بعد الموت، ثم يصيرون إلى جنة ونار؟!» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم أنا أزعم ذلك، ولو قد كان ذلك اليوم يا أبت، لقد أخذت بيدك حتى أعرفك حديثك اليوم» . فأسلم «الحارث» بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان يقول حين أسلم:«لو قد أخذ بيدي فعرفني ما قال لم يرسلني- إن شاء الله- حتى يدخلني الجنة» اه: الروض الأنف.

(3)

عن إسلام «حليمة» قال الحافظ مغلطاي في كتابه (الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم) مخطوط 1/ ورقة 78/ ب، 79/ أ] : «وأما حليمة بنت أبي ذؤيب- رضي الله عنها فقد ذكرها في جملة الصحابة من غير تردد ولا شك جماعة من الأئمة منهم: أ- ابن أبي خيثمة. ب- الطبراني. الصحابة من غير تردد ولا شك جماعة من الأئمة منهم: أ- ابن أبي خيثمة. ب- الطبراني. ج- العسكري. د- أبو نعيم الأصبهاني. هـ- ابن عبد البر. وابن سبع. -

ص: 84

وبنوها «1» .

وصحح «ابن حبان «2» » وغيره حديث إسلام «حليمة» وابنتها «الشيماء» ، وإنما استرضع صلى الله عليه وسلم في بني سعد؛ لأن نساء قريش كن يرين إرضاع أولادهن عارا عليهن، فكانت الأمهات يتخذن لأولادهن المراضع، وأيضا لينشأ غريبا نائيا عن قومه فيكون أنجب للغلام، وأفصح له، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«أنا أعرب العرب، ولدتني قريش، ونشأت في بني سعد فأنى يأتيني اللحن «3» » . فجمع الله بذلك قوة عارضة البادية

- ز- القاضي عياض. ح- ابن منده. وتبعهم غير واحد من المتأخرين. وقول من قال من المتأخرين: «لم يثبت إسلامها» غير جيد، وقد أفردت لذكرها جزآ اسمه (التحفة السنية في ذكر حليمة السعدية) : استدللت فيه على صحة إسلامها، وبطلان قول من شذ فقال: لم تسلم

» اه: الزهر الباسم. وقال ابن الجوزي في (الحدائق في علم الحديث والزهديات)(1/ 169) : «ثم قدمت بعد النبوة فأسلمت وبايعت، وأسلم زوجها «الحارث بن عبد العزى» اه: الحدائق تحقيق: مصطفى السبكي. طبع دار الكتب العلمية، نسخة مكتبة (مسجد الهدي المحمدي) بعين شمس الشرقية. وانظر:(الاستيعاب) للإمام/ ابن عبد البر (4/ 374) رقم (3336)، وانظر:(الإصابة) للحافظ ابن حجر (4/ 274) رقم: 299.

(1)

عن إسلام بنيها- رضي الله عنهم انظر: المراجع الاتية: 1- (الاستيعاب) للحافظ ابن عبد البر بحاشية (الإصابة)(13/ 61) رقم: (3403) . 2- (الإصابة) للحافظ: ابن حجر (13/ 9، 10) رقم: (630) . 3- (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للصالحي (1/ 382) .

(2)

حديث ابن حبان أخرجه في (صحيحه- بترتيب ابن بلبان)(10/ 44) رقم: (4232) بلفظ: «حدثنا عمارة بن ثوبان؛ أن أبا الطفيل أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ب «الجعرانة» يقسم لحما

قال: فأقبلت امرأة بدوية

إلخ» كما تقدم. والحديث أخرجه الإمام/ أبو يعلى في (مسنده)(2/ 195) رقم: (900) وانظر: (الإصابة) للحافظ ابن حجر- المصدر السابق-.

(3)

حول حديث: «أنا أعربكم

» . قال ابن كثير في (البداية

) 2/ 257- رضاعه صلى الله عليه وسلم: قال ابن إسحاق: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «أنا أعربكم أنا قرشي، واسترضعت في بني سعد» اه/ البداية. وحول حديث: «أنا أعرب العرب

» انظر أيضا: المراجع الاتية: 1- (الطبقات) لابن سعد (1/ 113) . 2- (الجامع الكبير) للإمام/ السيوطي- نسخة قوله: (1/ 327) .

ص: 85

وجزالتها، / ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونقها «1» ، فلما فصلته «حليمة» قدمت به هي وزوجها «الحارث» ومن كان معهما على أمه، وهم أحرص شيء على مكثه فيهم لما يرون من بركته «2» صلى الله عليه وسلم، فكلموا أمه في ذلك، ففعلت فرجعت به «حليمة» إلى أهلها.

- 3- (الجامع الصغير) للسيوطي مع شرحه (فيض القدير) للمناوي (3/ 44) . 4- (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للسهيلي (1/ 192) . 5- (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي (2/ 364) . 6- (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين) للإمام/ الزبيدي (7/ 112) . 7- (كشفإ لخفاء ومزيل الإلباس

) للعجلوني (1/ 232) .

(1)

حول إرضاع نساء قريش لأولادهن في البادية يقول الإمام/ السهيلي في (الروض الأنف)(1/ 187- 188) تحت عنوان: «الأسباب الدافعة للاسترضاع» : «وأما دفع قريش وغيرهم من أشراف العرب أولادهم إلى المراضع فقد يكون ذلك لوجوه: أولا: تفريغ النساء إلى الأزواج، كما قال «عمار بن ياسر» لأم سلمة رضي الله عنها وكان أخاها من الرضاعة- حين انتزع من حجرها «زينب بنت أبي سلمة» فقال: دعي هذه المقبوحة المشقوحة التي آذيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثانيا: وقد يكون ذلك منهم أيضا لينشأ الطفل في الأعراب، فيكون أفصح للسانه، وأجلد لجسمه، وأجدر ألا يفارق الهيئة المعدية كما قال «عمر» رضي الله عنه: «تمعددوا وتمعززوا- اشتدوا- واخشوشنوا

» ، وقد قال عليه السلام ل «أبي بكر» حين قال له: ما رأيت أفصح منك يا رسول الله! فقال: «وما يمنعني وأنا من قريش وأرضعت في بني سعد؟» فهذا كله ونحوه كان يحملهم على دفع الرضعاء إلى المراضع الأعرابيات» اه/ الروض الأنف.

(2)

حول بركته صلى الله عليه وسلم عند ما أخذته «حليمة» يقول ابن إسحاق وغيره: «قالت- يعني حليمة: «فلما أخذته رجعت به إلى رحلي فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي، وشرب معه أخوه حتى رويا، ثم ناما، وكنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا- ناقتنا- تلك، فإذا إنها لحافل، فحلب منها ما شرب وشربت معه، حتى انتهينا ريّا وشبعا، فبتنا بخير ليلة» . قالت: يقول صاحبي حين أصبحنا: «تعلمي والله يا حليمة: لقد أخذت نسمة مباركة» . قالت: «فقلت: والله إني لأرجو ذلك» . قالت: «ثم خرجنا وركبت أتاني- حماري- وحملته عليها معي، فو الله لقطعت بالركب ما يقدر عليه شيء من حمرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي: يا بنة أبي ذؤيب ويحك! أربعي علينا، أليست هذه أتانك التي خرجت عليها؟! فأقول لهن: بلى والله، إنها لهي هي، فيقلن: والله إن لها لشأنا. قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد. وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح عليّ حين قدمنا به شباعا-

ص: 86

(فلمّا شب صلى الله عليه وسلم أي: صار غلاما جفرا- والجفر «1» - الغليظ الشديد- ويقال:

هو الصبي ابن أربعة أعوام أو نحوها، (وسعى) أتاه «2» وهو عندهم: ملكان أو ثلاثة، وهو مع أتراب «3» له من الصبيان، فاختطفاه من بينهم وأضجعاه، وشقا صدره «4» ، وهم

- لبنا فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب. فتروح أغنامهم ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعا لبنا، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته- أي فطمته- وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا» اه: السيرة النبوية للإمام/ ابن هشام مع (الروض الأنف)(1/ 185- 186) . وحول بركته انظر أيضا: المصادر والمراجع الاتية: أ- (الطبقات الكبرى) للإمام/ ابن سعد (1/ 112) ذكر من أرضع الرسول صلى الله عليه وسلم

إلخ؟. ب- (تاريخ الطبري- تاريخ الرسل والملوك-) للإمام/ محمد بن جرير الطبري (2/ 158- 160) . ج- (الثقات) للإمام/ ابن حبان (1/ 38- 39) . د- (أعلام النبوة) للإمام/ أبي الحسن البصري الماوردي، ص (227- 228) .

(1)

و «الجفر» زيادة على ما ذكره المؤلف نذكر ما قاله ابن الأثير في (النهاية) فيقول: «جفر في حديث حليمة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر، فبلغ ستّا وهو جفر» ، استجفر الصبي إذا قوي على الأكل وأصله في أولاد المعز إذا بلغ أربعة أشهر، وفصل عن أمه، وأخذ في الرعي قيل له:«جفر» ، والأنثى جفرة» اه/ النهاية/ جفر.

(2)

حول قوله: «

أتاه ملكان أو ثلاثة

إلخ» : الملكان هما: جبريل، وميكائيل كما في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبراني. والثالث: من الجائز أن يكون إسرافيل. وفي (صحيح مسلم بشرح النووي) باب الإسراء (2/ 217) : «

أنه جاءني ثلاثة نفر

» وفي (سبل الهدى والرشاد) للصالي (1/ 388)

«إذ أتاني رهط ثلاث» . وانظر: تاريخ الطبري (2/ 161) .

(3)

و «الأتراب» : جمع ترب، وهو المماثل في السن.

(4)

اختلف العلماء في حادث شق الصدر لرسولنا صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: «الشق تم مرة واحدة، وهو عند ظئره «حليمة» لأن الهدف هو إخراج حظ الشيطان وحظه لا يتكرر» . وقال بعضهم: «وقع الشق مرتين: الأولى: وهو عند حليمة. والثانية: «ليلة الإسراء» واستدلوا لهما بحديثي أنس عند الإمام/ مسلم في صحيحه: الحديث الأول: أخرجه في صحيحه (باب الإسراء، وفرض الصلوات)(2/ 216) بلفظ: عن أنس بن مالك- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام. وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: -

- «هذا حظ الشيطان

إلخ» اه/ صحيح مسلم بشرح النووي. الحديث الثاني: أخرجه الإمام/ مسلم في صحيحه [الباب السابق 2/ 217- 218] بلفظ: عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر- رضي الله عنه يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل- عليه السلام ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغهما في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء

» اه/ صحيح مسلم بشرح النووي. وقال فريق آخر: «الشق تم ثلاث مرات ذكروا المرتين السابقتين، وزادوا مرة ثالثة تمت بغار (حراء) مستدلين بحديث «عائشة- رضي الله عنها الذي أخرجه أبو نعيم، والبيهقي في دلائلهما، والطيالسي، والحارث ابن أبي أسامة في مسنديهما. والحكمة فيه: زيادة الكرامة ليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي، في أكمل الأحوال من التطهير» اه: المواهب اللدنية مع شرحها (1/ 153) . وقال فريق آخر: الشق تم أربع مرات: منها حينما كان عمره صلى الله عليه وسلم عشر سنين وأشهرا، واستدلوا بحديث «عبد الله بن أحمد» في زوائد المسند- مسند محمد بن أبي بن كعب (5/ 139) بلفظ: عن محمد بن أبيّ بن كعب، أن أبا هريرة- رضي الله عنه كان حريّا أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره فقال يا رسول الله: ما أول ما رأيت من أمر النبوة؟! فاستوى جالسا، وقال:«لقد سألت يا أبا هريرة: إني لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا بوجوه لم أرها لخلق قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسّا، فقال أحدهما لصاحبه: «أضجعه» . فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره. فهوى أحدهما إلى صدري ففلقها- فيما أرى- بلا دم ولا وجع، فقال:«الغل والحسد» فأخرج شيئا كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها فقال له:«ادخل الرحمة والرأفة» . فإذا مثل الذي أخرج شبيه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال:«اغد أسلم» . فرجعت بها أغدو بها رأفة على الصغير ورحمة على الكبير» . وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد كتاب علامات النبوة، باب في أول أمره وشرح صدره [8/ 225] . رواه عبد الله بن أحمد، ورجاله ثقات، وثقهم ابن حبان» اه: مجمع الزوائد. وعزا الزرقاني في (شرح المواهب)(1/ 153) الحديث إلى أبي نعيم في (الدلائل) ، إلى ابن حبان، وابن عساكر، والضياء في (المختارة) : عن أبي بن كعب. اه/ (المواهب) . وذكر القسطلاني والزرقاني في (المواهب) وشرحها (1/ 153) : «الشق مرة خامسة، وهو ابن عشرين سنة فيما قيل، ولم تثبت» اه: المواهب وشرحها. الحكمة في شق صدره الشريف: قال الإمام القسطلاني في (المواهب اللدنية)(1/ 153- 154) : «والحكمة في شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم في حال صباه، وهو عند ظئره تطهيره عن حالات-

ص: 87

ينظرون، فلما علمت بذلك «حليمة» ردته «1» مع زوجها إلى أمه، فقالت لها: ما ردكما به يا ظئر «2» ، فقد كنتما عليه حريصين؟!

فقالت: نخشى الإتلاف والأحداث، فقالت: ماذا لي بكما، أصدقاني شأنكما؟ فأخبرتها بخبره، وما وقع له من شق الصدر، فقالت: أخشيتما عليه؟! كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل؟ والله إنه لكائن لا بني هذا شأن. قالت حليمة؛

- الصبا حتى يتصف في سن الصبا بأوصاف الرجولة؛ ولذلك نشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان وغيره، وخلقت هذه العلقة لأنها من جملة الأجزاء الإنسانية، فخلقت تكملة للخلق الإنساني

ونزعها كرامة ربانية طرأت بعد، فإخراجها بعد إخراجها أدل على مزيد الرفعة، وعظيم الاعتناء والرعاية من خلقه بدونها، قاله العلامة السبكي. وقال غيره:«لو خلق سليما منها لم يكن للادميين اطلاع على حقيقته، فأظهره على يد جبريل ليتحققوا كمال باطنه، كما برز لهم مكمل الظاهر» اه/ المواهب مع شرحها. وقال جمال الدين محمد الأشخر، اليمني شارح كتاب (بهجة المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل) (1/ 43) : «قلت: الحكمة في تكرير الشق أربعا: أن الشق إنما هو لإذهاب حظ الشيطان منه، وقد علم من صحيح الحديث جريانه من ابن آدم مجرى الدم من العروق، والدم يستمد من الطبائع الأربع، فقطع في كل مرة من مرات الشق من طبيعته

إلخ» اه: بهجة المحالف

مع شرحها. طبع دار صادر. بيروت.

(1)

حديث رد «حليمة» رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمه: ذكره الإمام/ ابن إسحاق كما في (السيرة النبوية) لابن هشام (1/ 188) فقال: «قالت: وقال أبوه: «يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب- بعد حادثة شق الصدر- فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به» . قالت: «فاحتملناه فقدمنا به على أمه، فقالت: ما أقدمك به يا ظئر وقد كنت حريصة عليه، وعلى مكثه عندك؟» قالت: «فقلت: قد بلغ الله به وقضيت الذي عليّ، وتخوفت الأحداث عليه فأديته إليك كما تحبين» . قالت: «ما هذا شأنك فأصدقيني خبرك؟» قالت: «فلم تدعني حتى أخبرتها» . قالت: «أفتخوفت عليه الشيطان؟» قالت: «قلت: نعم» . قالت: «كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لا بني لشأنا، أفلا أخبرك خبره؟ قالت: «قلت: بلى» . قالت: رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء قصور بصرى من أرض الشام

إلخ» اه: السيرة النبوية لابن هشام. وانظر: (أعلام النبوة) للإمام/ أبي الحسن الماوردي ص 228- 229.

(2)

و «الظئر» «المرضعة غير ولدها، ويقع على الذكر والأنثى

إلخ» اه: (النهاية في غريب الحديث) للإمام/ ابن الأثير.

ص: 89

وحدثت «عبد المطلب» «1» حديثه، فقال: / يا حليمة: إن لا بني هذا لشأنا، ووددت أني أدرك هذا الزمان. ثم جهزني «عبد المطلب» أحسن جهاز، وصرفني إلى منزلي بكل خير، (فلما أتت صلى الله عليه وسلم له ست سنين «2» ) وقيل: خمس سنين؛ لما رواه أبو نعيم «3» عن أم سماعة بنت أبي رهم، عن أمها قالت: شهدت آمنة بنت وهب في علتها التي ماتت فيها، ومحمد صلى الله عليه وسلم غلام يافع له خمس سنين، عند رأسها «ماتت أمه» ولها من العمر نحو العشرين سنة تقريبا (مرجعها من المدينة) وذلك في (الأبواء «4» ) ، وهو موضع بين مكة والمدينة، بينه وبين المدينة ثلاثة وعشرون ميلا «5» ،

(1) قولها: «وحدثت عبد المطلب

إلخ» في (سبل الهدى والرشاد) للصالحي، الباب الرابع، قصة الرضاع (1/ 390- 391) . وانظر:(إتحاف الورى بأخبار أم القرى) للإمام/ عمر بن فهد (1/ 88) .

(2)

عن وفاة أمه صلى الله عليه وسلم وعمره ست سنوات قال ابن إسحاق: «فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين توفيت أمه آمنة

إلخ» اه/ (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف)(1/ 194) . وانظر: (الطبقات الكبرى) للإمام/ ابن سعد- ذكر وفاة آمنة- (1/ 166) . وانظر: (تاريخ الطبري)(2/ 165) . وانظر (تاريخ الإسلام) للإمام/ الذهبي ص 50.

(3)

رواية «أبي نعيم» عن «أم سماعة» ذكرها الحافظ «مغلطاي» في كتابه (الزهر الباسم) . مخطوط الجزء الأول، لوحة 80/ ب] بلفظ: «

من حديث عبد الله بن العلاء، عن الزهري، عن أم سماعة بنت أبي رهم، عن أمها قالت: شهدت آمنة في علتها التي ماتت فيها، ومحمد غلام يفع له خمس سنين، إذ أغمي عليها، فلما أفاقت قالت:

بارك الله فيك من غلام

يا بن الذي عوجل بالحمام

إلخ» - انظر: بقية الأبيات- في (الحاوي للفتاوي) للسيوطي (2/ 222) . وأثر أم سماعة ذكره السيوطي في الحاوي للفتاوي (2/ 222) . الأمر الثالث: أثر ورد في أم النبي صلى الله عليه وسلم خاصة أخرج أبو نعيم في دلائل النبوة- لم أعثر عليه في الدلائل- رجوعه إلى مكة، ووفاة أمه بالأبواء بسند ضعيف من طريق الزهري، عن أم سماعة بنت أبي رهم، عن أمها قالت: «شهدت

إلخ» اه: الحاوي طبع دار الكتب العلمية، بيروت سنة 1403 هـ 1983 م، وانظر: سبل الهدى والرشاد للصالحي (1/ 121) .

(4)

في بعض نسخ (أوجز السير) ب «الأبواء» بدل «في الأبواء» وكلاهما صواب.

(5)

و «الميل» : مقياس للطول قدر قديما بأربعة آلاف ذراع، وهو الميل الهاشمي، وهو: -

ص: 90

- وكانت أخرجته «1» إلى أخواله بني عدي بن النجار، تزيره إياهم، ومعه «أم أيمن «2» » رضي الله عنها، فنزلت به بدار «النابغة» «3» فأقامت به عندهم شهرا، ثم رجعت به إلى «مكة» بعد خمسة أيام من موت أمه، (فيتم «4» صلى الله عليه وسلم في حجر «5» جده

- أ- «بري» . ب- و «بحري» . فالبري: يقدر الان بما يساوي: 1609 من الأمتار. والبحري: يساوي: 1852 من الأمتار: اه/ المعجم الوسيط.

(1)

حول خروج الرسول صلى الله عليه وسلم مع أمه لزيارة أخواله، انظر المصادر والمراجع الاتية: أ- (السيرة النبوية) للإمام/ ابن هشام مع (الروض الأنف)(1/ 192)، وفيها: «.... تزيره إياهم

إلخ» . أي: تزير الرسول صلى الله عليه وسلم أخوال أبيه

» قال ابن هشام: «فهذه الخئولة التي ذكرها ابن إسحاق لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم» . ب- الطبقات الكبرى للإمام/ ابن سعد (1/ 116) - ذكر وفاة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها: «فلما بلغ ست سنين خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار تزورهم به

إلخ» الطبقات. ج- تاريخ الطبري للإمام/ ابن جرير الطبري (2/ 165- 166)، وفيه: «كانت قدمت به المدينة على أخواله

تزيره إياهم

إلخ» اه/ تاريخ الطبري. د- دلائل النبوة (1/ 163) للإمام/ أبي نعيم- «ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم مع أمه إلى المدينة زائرا أخواله» . هـ- السيرة النبوية للإمام/ ابن كثير (1/ 235) . والمراد بأخواله هنا أخوال أبيه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أخوال، ولا خالات؛ لأن أمه «آمنة» ليس لها أخ، ولا أخت، فيكون خالا للرسول صلى الله عليه وسلم. قال ابن قتيبة: الزهريون يقولون: «نحن أخواله؛ لما كانت أمه منهم، وبنو النجار أخوال أبيه

» اه: وسيلة الإسلام بالنبي- عليه السلام للإمام/ ابن قنفذ (ت 810 هـ) ص 64.

(2)

«أم أيمن» تقدم الحديث عنها.

(3)

دار «النابغة» تقدم الحديث عنها.

(4)

حول اليتيم «يقول الجوهري في الصحاح- باب الميم فصل الياء (5/ 2064: «وقد يتم الصبي- بالكسر- ييتم يتما بضم الياء-، ويتما- بفتح الياء وبالتسكين فيهما-. واليتيم في الناس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الأم، وكل شيء مفرد يعز نظيره فهو يتيم» . يقال: «درة يتيمة» اه/ الصحاح/ للجوهري. وقال صاحب القاموس: «يتم» «كضرب وعلم) يتما

ما لم يبلغ الحلم. القاموس.

(5)

و «حجر» بكسر الحاء وفتحها مع سكون الجيم-: الكنف والرعاية والحماية، يقال: هو في حجره، (أي: كنفه ورعايته) ، وفي التنزيل وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [سورة-

ص: 91

عبد المطلب) ، فقالت الملائكة «1» : إلهنا وسيدنا، بقي نبيك يتيما! فقال الله- تعالى-: أنا له حافظ/ ونصير. قال- تعالى- أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (6)«2» وإنما يتم صلى الله عليه وسلم لئلا يكون عليه حق لمخلوق، نقله «أبو حيان» في «البحر «3» » ، وأيضا لينظر صلى الله عليه وسلم إذا وصل إلى مدارج عزه، وعلو مراقي كرامته؛ فيعلم أن العزيز من أعز الله، وأن قوته ليست من الاباء والأمهات، وإنما هي من الله- تعالى- وليرحم الفقير والأيتام «4» » .

أخذ الألدا بالرسول ولم يزل

برسوله الفرد اليتيم رحيما

نفسي الفداء لمفرد في يتمه

والدر أحسن ما يكون يتيما «5»

(فلما أتت له صلى الله عليه وسلم ثماني «6» سنين) على ما ذكره

- النساء من الاية 33] اه: المعجم الوسيط.

(1)

حول قوله: «قالت الملائكة إلهنا

إلخ» انظر: (المواهب اللدنية) للقسطلاني مع شرحها للزرقاني (1/ 110) .

(2)

سورة الضحى، الاية:6.

(3)

قول أبي حيان: «لئلا يكون عليه

إلخ» ذكره الإمام/ محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان في تفسيره (البحر الحيط)(8/ 485) فقال: «قيل لجعفر الصادق: لم يتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لئلا يكون عليه

إلخ» اه/ تفسير البحر المحيط. طبع دار الفكر. وانظر: ما نقلناه من (الكنز المدفون) للسيوطي كما سيأتي تحت رقم: 1. وانظر: المواهب اللدنية للقسطلاني مع شرحها للزرقاني (1/ 110) .

(4)

من أول قوله: «

وأيضا لينظر صلى الله عليه وسلم إذا وصل إلى مدارج عزه

» إلى قوله: «

والأيتام» منقول بنصه، من كلام الإمام السيوطي- رحمه الله من الكتاب المنسوب إليه والمسمى ب «الكنز المدفون» أو «الفلك المشحون» ص 283، حيث قال تحت عنوان-. فائدة: «لم ربى الله- تعالى- نبينا يتيما؟ قال: لأن أساس كل كبير صغير، وعقبى كل حقير خطير، وأيضا لينظر

» اه/ الكنز المدفون. طبع مكتبة مصطفى الحلبي بالقاهرة، الطبعة الأخيرة سنة 1412 هـ 1991 م.

(5)

بيتا الشعر بحثت عنهما في المراجع المتوفرة لدي فلم أصل إليهما. وقد تقدم بيان ما قيل في (يتم) .

(6)

في بعض نسخ (أوجز السير)«ثمان» بدون ياء، وهذا جائز لغة. وحول وفاة «عبد المطلب» وعمره صلى الله عليه وسلم ثماني سنين قال ابن إسحق:«فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين هلك عبد المطلب» اه/ (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للسهيلي (1/ 195) .

ص: 92

الواقدي «1» عن شيوخه، ورواه «محمد بن عمر الأسلمي» ، عن «أم أيمن» . وقيل:

(وشهران «2» وعشرة أيام توفي جده «عبد المطلب» ) عن سن عالية*، مختلف في حقيقتها، أدناهما في نقل خمس وستون سنة، وقيل: عشر سنين ومائة «3» ، وبه صدر الشامي «4» ، ونقل ترجيحه «5» ، ودفن بالحجون**.

(1) حديث الواقدي عن شيوخه

إلخ. أخرجه الإمام/ ابن سعد في (الطبقات)(ذكر وفاة عبد المطلب)(1/ 119) بلفظ: «

ومات عبد المطلب

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتذكر عبد المطلب؟ قال: «نعم، أنا يومئذ ابن ثماني سنين

إلخ» اه/ (الطبقات لابن سعد) بتصرف. وعن وفاة «عبد المطلب» وسن الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من ثماني سنين انظر المراجع الاتية: أ- دلائل النبوة للإمام/ أبي نعيم/ 1/ 166. ب- الإشارة للحافظ/ مغلطاي ص 74.

(2)

رواية الشهرين والعشرة أيام ذكرها الحافظ ابن الجوزي في كتابه تلقيح فهوم أهل الأثر ص 13.

(*) وحول قوله: «

عن سن عالية» قال «ابن سيد الناس» في (عيون الأثر)(1/ 103) - ذكر وفاة عبد المطلب

إلخ: «ثم إن عبد المطلب بن هاشم هلك عن سن عالية مختلف في حقيقتها» ، قال أبو الربيع بن سالم: «أدناها- فيما انتهى إليّ، ووقفت عليه- خمس وتسعون سنة. ذكر ذلك الزبير، وأعلاها

وبلغ عبيد مائة وعشرين سنة، وبقي عبد المطلب بعده عشرين سنة، وكانت سنة تسع من الفيل

إلخ» اه/ عيون الأثر.

(3)

حول سن «عبد المطلب» عند وفاته يقول الإمام/ ابن سعد في (الطبقات)(1/ 119) : «

ومات عبد المطلب فدفن بالحجون، وهو يومئذ ابن اثنتين وثمانين سنة، ويقال: ابن مائة وعشر سنين.... وقال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، قال: مات عبد المطلب

قبل الفجار، وهو ابن عشرين ومائة سنة» اه/ الطبقات. وانظر:(دلائل النبوة) للإمام/ أبي نعيم (1/ 166) . وانظر: (إتحاف الورى بأخبار أم القرى) للنجم عمر بن فهد (ت 885 هـ)(1/ 97) . ولم أعثر على رواية وفاته في سن خمس وستين، التي ذكرها ابن فارس، ولعلها خمس وتسعون سنة، والله أعلم.

(4)

انظر: ما ذكرناه سابقا حول وفاته. وقوله: «وصدر به الشامي

إلخ» هو قول الواقدي وقد ذكرناه سابقا. وانظر زيادة على ما تقدم من المراجع: (جمل أنساب الأشراف) للبلاذري (1/ 106) .

(5)

ترجيح الشامي هذا انظره في كتابه [سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 1/ 331] .

(**) قال بدفنه في الحجون كل من: أ- ابن سعد في الطبقات 1/ 119. ب- البلاذي في جمل من أنساب الأشراف 1/ 92- 93. ج- الإمام/ ابن كثير في السيرة النبوية (1/ 241) .

ص: 93

(فوليه) عمه (أبو طالب بن عبد المطلب) بوصاة «عبد المطلب» إياه.

وقال له/ فيما ذكره السهيلي:

أوصيك يا عبد مناف بعدي

بمؤتم بعد أبيه فرد

فارقه وهو ضجيع المهد «1»

(1) قول السهيلي: «أوصيك

إلخ» في كتابه (الروض الأنف)(1/ 185) . وقال الإمام/ البيهقي في دلائل النبوة، 2/ 22- 23، باب ما جاء في شفقة عبد المطلب «قال ابن إسحاق: وكان عبد المطلب- فيما يزعمون- يوصي أبا طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أن «عبد الله» و «أبا طالب» لأم. فقال عبد المطلب- فيما يزعمون- فيما يوصيه به- واسم أبي طالب «عبد مناف» فذكر بعد قوله: المهد

...............

... فكنت كالأم له في الوجد

وذكر أبياتا أخرى قال فيهن:

بل أحمد رجوته للرشد

قد علمت علام أهل العهد

أن الفتى سيد أهل نجد

يعلو على ذي البدن الأشد

وقال أيضا:

أوصيت من كنيته بطالب

عبد مناف وهو ذو تجارب

بابن الذي قد غاب غير آيب

وذكر أبياتا أخر قال فيهن:

فلست بالايس غير الراغب

بأن يحق الله قول الراهب

فيه وأن يفضل آل غالب

إني سمعت أعجب العجائب

من كل حبر عالم وكاتب

هذا الذي يقتاد كالجنائب

من حل بالأبطح والأخاشب

أيضا ومن تاب إلى المثاوب

من ساكن للحرم أو مجانب

اه/ دلائل النبوة، للإمام/ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ) تحقيق د/ قلعجي طبع دار الكتب العلمية بيروت ط/ 1. وقال الإمام/ البلاذري في كتابه (جمل من أنساب الأشراف) 1/ 93] :«قالوا: فلما احتضر «عبد المطلب» جمع بنيه فأوصاهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الزبير بن عبد الله المطلب، وأبو طالب، أخوي «عبد الله» لأمه وأبيه، وكان-

ص: 94

فكفله، وكان شفيقا عليه ناصرا له، «وكان يحبه حبا شديدا لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، وصب به صبابة «1» لم يصب مثلها بأحد غيره، وكان يخصه بالطعام وكان عيال «أبي طالب» إذا أكلوا جميعا أو فرادى لم يشبعوا، فإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا، وكان «أبو طالب» إذا أراد أن يغذيهم قال:«كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم فيفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعهم «2» » وفاضت بركته صلى الله عليه وسلم وخيره على جميع أهل ذلك المكان، وكيف لا وهو السيد الذي يستسقى الغمام بوجهه، كما أشار إلى ذلك أبو طالب في قصيدته اللامية التي

- «الزبير» أسنهما فاقترع «الزبير» و «أبو طالب» أيهما يكفل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابت القرعة «أبا طالب» فأخذه، ويقال: بل اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم على «الزبير» وكان ألطف عميه به، ويقال: بل أوصاه «عبد المطلب» بأن يكفله بعده» اه: (جمل من أنساب الأشراف) للبلاذري. وانظر: (السيرة النبوية) للإمام/ ابن كثير 1/ 240. وانظر: (إتحاف الورى بأخبار أم القرى) للإمام/ عمر بن فهد (1/ 97- 98) .

(1)

وعن «الصبابة» قال السهيلي في (الروض الأنف)(1/ 206) : «صب أم ضبث» ، وقال فيه: فصب رسول الله بعمه. الصبابة رقة الشوق- الصحاح للجوهري (1/ 160) - يقال: صببت- بكسر الباء- أصب، ويذكر عن بعض السلف أنه قرأ: أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ [سورة يوسف من الاية 33] . وفي رواية أبي بحر: ضبث به محاذرة أن يقضب الحبل قاضبه» اه/ الروض الأنف. وانظر: (عيون الأثر) لابن سيد الناس (1/ 105- 106) . وانظر (سبل الهدى والرشاد) للصالحي 2/ 145 (تنبيهات) .

(2)

قوله: «وكان يحبه حبّا شديدا

» إلى قوله: «

لم يشبعهم» مقتبس من (الطبقات الكبرى) للإمام/ محمد بن سعد (1/ 119- 120) . وقال الحافظ أبو نعيم في (دلائل النبوة- وفاة «عبد المطلب» وضم أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم [1/ 166- 167 رقم: 104] : «قالوا: فلما توفي «عبد المطلب» ضم أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو طالب لا مال له، وكان له قطيعة من إبل يكون ب «عرنة» يبدو إليها فيكون ينشأ فيها، ويؤتى بلبنها إذا كان حاضرا بمكة، وكان أبو طالب قد رق عليه وأحبه، وكان إذا أكل عيال «أبي طالب» جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا، وكان إذا أراد أن يعشيهم فيقول: «كما أنتم حتى يحضر ابني» . فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم، فكانوا يفضلون من طعامهم، وإن كان لبنا شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم، ثم يتناول العيال (القعب) فيشربون منه فيروون عن آخرهم من (القعب) الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعبا وحده. فيقول أبو طالب:«إنك لمبارك» . وكان الصبيان يصبحون شعثا رمصا، ويصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم دهينا كحيلا» اه: دلائل النبوة لأبي نعيم.

ص: 95

مدحه بها فقال:

وأبيض* يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آل «1» هاشم

فهم عنده في نعمة «2» وفواضل «3»

(*) قوله: «وأبيض» قال عنه الإمام/ عبد القادر بن عمر البغدادي في كتابه (خزانة الأدب، ولب لباب لسان العرب)(2/ 67- 68) : «وأبيض: معطوف على «سيد» المنصوب بالمصدر قبله، وهو من عطف الصفات التي موصوفها واحد، وهكذا أعربه «الزركشي» في نكته على البخاري المسمى ب (التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح) » ، وقال:«لا يجوز غير هذا» . وتبعه ابن حجر في (فتح الباري

) وكذلك الدماميني في (تعليق المصابيح على الجامع الصحيح) ، وفي حاشيته على (مغني اللبيب) أيضا، والصواب الأول. وزعم ابن هشام في المغني: أن أبيض مجرور ب «ربّ» مقدرة، وأنها للتقليل، والصواب الأول؛ فإن المعنى ليس على التنكير؛ بل الموصوف بهذا الوصف واحد معلوم. و «الأبيض» هنا بمعنى الكريم. قال السمين في عمدة الحفاظ: عبر عن الكريم بالبياض؛ فيقال: له عندي يد بيضاء، أي: معروف، وأورد هذا البيت. والبياض: أشرف الألوان، وهو أصلها؛ إذ هو قابل لجميعها، وقد كنى به عن السرور والبشر. وبالسواد عن الغم؛ ولما كان البياض أفضل قالوا: البياض أفضل، والسواد أهول، والحمرة أجمل، والصفرة أشكل

اه: خزانة الأدب

تحقيق: الأستاذ عبد السلام هارون- رحمه الله طبع مكتبة الخانجي.

(1)

اختلف العلماء في آل فقال الحافظ السخاوي في (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع) ص 81- الفصل الثامن في تحقيق الال: اختلف في الال فقيل: أصله أهل قلبت الهاء همزة، ثم سهلت، ولهذا إذا صغر رد إلى الأصل فقالوا: أهيل. وقيل: بل أصله أول من آل يؤول إذا رجع، سمي بذلك من يؤول إلى الشخص ويضاف إليه، ويقويه أنه لا يضاف إلا إلى معظم. فيقال: لحملة القرآن آل الله، وكذا آل محمد، والمؤمنين والصالحين، وآل القاضي ولا يقال: آل الحجام وآل الخياط بخلاف أهل فإنها تضاف إلى المعظم وغيره، ولا يضاف آل أيضا إلى غير العاقل، ولا إلى الضمير عند الأكثر، وجوزه بعضهم بقلة. وقد ثبت في شعر عبد المطلب في قصة أصحاب الفيل:

وانصر على آل الصليب

وعابديه اليوم آلك

وقد يطلق «آل فلان على نفسه وعليه، وعلى من يضاف إليه جميعا، وضابطه أنه إذا قيل: فعل آل فلان كذا. دخل هو فيهم إلا بقرينة، ومن شواهده قوله: صلى الله عليه وسلم: «إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة» ، وإن ذكرا معا فلا، وهو كالفقير والمسكين

» اه: القول البديع

(2)

في السيرة النبوية لابن هشام 2/ 13، وفي تاريخ الإسلام للذهبي- السيرة النبوية- ص 163 ورد لفظ «في رحمة» بدل «في نعمة» .

(3)

البيتان من قصيدة ل «أبي طالب» قالها في معاداة خصومه

يخبرهم وغيرهم في ذلك-

ص: 96

وبقي صلى الله عليه وسلم مع أبي طالب حتى بلغ خمس عشرة سنة، ثم انفرد بنفسه، وكان مع ذلك مائلا إليه «1» .

(وكان أبو طالب أخا عبد الله) والد النبي صلى الله عليه وسلم لأمه وأبيه «2» ، (فلما أتت له صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة) على ما قال «البلاذري «3» » ، وقيل:(وشهرن وعشرة أيام، ارتحل به صلى الله عليه وسلم عمه (أبو طالب تاجرا قبل الشام فنزل تيماء «4» ) - وهي بمثناتين فوقية، ثم تحتية، والمد

- من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه. قال ابن هشام: وحدثنى من أثق به، قال: أقحط أهل المدينة فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوا ذلك إليه، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فاستسقى فما لبث أن جاء من المطر ما أتاه أهل الضواحي يشكون منه الغرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اللهم حوالينا ولا علينا» فانجاب السحاب عن المدينة، فصار حواليها كالإكليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسره» . فقال له بعض أصحابه: كأنك يا رسول الله أردت قوله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

إلخ. فقال: أجل. اه: السيرة النبوية لابن هشام 2/ 13- 14. وقال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد النحوي (ت 285 هـ) في كتابه (ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد) ص 29- 30: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استسقى على المنبر فسقى فقال: «يا أبا طالباه: لو رأيت ابن أخيك إذ تقول: وأبيض يستسقى

إلخ» . اه/ ما اتفق لفظه

باعتناء/ عبد العزيز الميمنى الراجكوتى الأثرى طبع المطبعة السلفية بالقاهرة سنة 1350 هـ. وانظر: السيرة النبوية للإمام/ الذهبي ص 163.

(1)

قوله «وبقى مع أبي طالب» إلى قوله: «مائلا إليه» مقتبس من الاستيعاب للحافظ/ ابن عبد البر بحاشية الإصابة 1/ 67. وانظر: ما نقلناه عن البلاذرى سابقا في وصاة «عبد المطلب» تعليق رقم: 4.

(2)

انظر قول البلاذري في كتابه «جمل من أنساب الأشراف 1/ 92- 93» .

(3)

و «البلاذري» - بفتح الباء وضم الذال المعجمة وكسر الراء- نسبة إلى شجر من فصيلة البطميات وثمره شبيه بنوى التمر، ولبه مثل لب الجوز، وقشره متخلخل. قيل: إنه يقوى الحفظ؛ لكن الإكثار منه يؤدى إلى الجنون ا. هـ/ من مقدمة- حاشية- كتاب جمل من أنساب الأشراف/ تحقيق د/ سهيل زكا و «البلاذري» هو العلامة الأديب المصنف أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البغدادى البلاذرى الكاتب صاحب التاريخ، كان كاتبا بليغا شاعرا محسنا، وسوس بأخرة، لأنه شرب «البلاذر» للحفظ، وقد ربط في «البيمارستان» - المستشفى- وفيه مات. توفي بعد السبعين ومائتين-رحمه الله تعالى-- ا. هـ/ سير أعلام النبلاء للذهبي 13/ 162- 163. وانظر: معجم البلدان للإمام/ ياقوت الحموى 2/ 89- 102.

(4)

و: «تيماء» - بالفتح والمد- بليد في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى على طريق-

ص: 97