المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قصة بحيرى الراهب مع أبي طالب - مستعذب الإخبار بأطيب الأخبار

[أبو مدين الفاسى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌نماذج من صور المخطوطات

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌كنيته صلى الله عليه وسلم

- ‌[النسب الزكي الطاهر]

- ‌فائدة:

- ‌قصة بحيرى الراهب مع أبي طالب

- ‌خطبة أبي طالب عند زواج الرسول ب «خديجة»

- ‌صداق «خديجة» رضي الله عنها

- ‌[أولاده صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنهم]

- ‌أولاد فاطمة

- ‌[غزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة ودان

- ‌[غزوة بواط

- ‌[غزوة بدر الأولى- سفوان

- ‌[غزوة بدر الكبرى]

- ‌عدة أصحابه- صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر

- ‌المتخلفون من أصحابه- صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر

- ‌عدد المشركين في غزوة بدر

- ‌[غزوة بني قينقاع*]

- ‌[غزوة السويق]

- ‌[غزوة بني سليم- الكدر

- ‌[غزوة ذي أمر

- ‌[غزوة أحد

- ‌[غزوة بني النضير]

- ‌[غزوة ذات الرقاع]

- ‌[غزوة دومة الجندل]

- ‌[غزوة بني المصطلق

- ‌[غزوة الخندق- الأحزاب

- ‌[غزوة بني قريظة

- ‌[غزوة بني لحيان]

- ‌[غزوة الغابة]

- ‌[عمرة الحديبية*]

- ‌[غزوة خيبر]

- ‌عمرة القضية

- ‌[غزوة مكة]

- ‌[غزوة حنين

- ‌[غزوة الطائف

- ‌[غزوة تبوك]

- ‌فهرس الايات القرآنية

- ‌ثانيا: فهرس الأحاديث النبوية والاثار

- ‌ثالثا: المصادر والمراجع:

- ‌ المخطوطات

- ‌المصادر والمراجع المطبوعة:

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌قصة بحيرى الراهب مع أبي طالب

كحمراء- بلدة بالشام من أمهات القرى على ثمان مراحل «1» من المدينة، (فرآه حبر من يهود تيماء) ، هكذا وقع في «سيرة الزهري» ، وهي أول سيرة ألفت في الإسلام «2» .

‌قصة بحيرى الراهب مع أبي طالب

وقال المسعودي في تاريخه «3» : إنه كان نصرانيا من عبد القيس، (يقال له:

بحيرى) - بفتح الموحدة وكسر المهملة/ وسكون المثناة التحتية ثم راء مقصورة- واسمه «جرجيس*» - بتقديم الجيم- كإدريس، وقيل:«سرجس» - بتقديم السين المهملة- كمجلس (الراهب)، قال ابن حجر في الإصابة: وما أدري أدرك البعثة أم لا «4» ؟!

وقد ذكره غيره ممن ألف في الصحابة ك «ابن منده» ، و «أبي نعيم» ، وبالجملة فقد مات على دين حق، وهو وإن لم يدرك البعثة فقد أدرك دين النصرانية «5» قبل نسخة بالبعثة

- حاج الشام

كان يقال لها: تيماء اليهودي، وهي اليوم تتبع المملكة العربية السعودية ا. هـ/ معجم البلدان لياقوت الحموى 2/ 67. بتصرف.

(1)

و «المراحل» : جمع مرحلة، وهي المسافة يقطعها السائر في نحو يوم أو ما بين المنزلين. المعجم الوسيط.

(2)

قال الإمام/ السهيلي في (الروض الأنف) - قصة بحيرى

- 1/ 205: «وقع في سيرة الزهري: أن بحيرى كان حبرا من يهود تيماء. ا. هـ/ الروض الأنف. حول كون سيرة الزهري، هي أول سيرة ألفت في الإسلام قال الإمام/ السهيلي في (الروض الأنف) 1/ 214 (قصة النكاح) : «وذكر الزهري في سيرته، وهي أول سيرة ألفت في الإسلام» ا. هـ/ الروض. وانظر: مصادر السيرة وتقويمها للدكتور/ فاروق حمادة ص 48. طبع دار الثقافة. الدار البيضاء/ بالمغرب.

(*) حول تسميتة ب «جرجيس» انظر: (مروج الذهب

) للمسعودي 1/ 57. وانظر: (الإصابة) لابن حجر 1/ 176 رقم: 795.

(3)

قول المسعودي: «

إنه كان نصرانيا

إلخ» ذكره في كتابه «مروج الذهب

» 1/ 57 فقال: «إنه كان نصرانيا

» .

(4)

قول ابن حجر: «وما أدري

إلخ» ذكره في كتابه «الإصابة

» 1/ 293 رقم: 791- ترجمة بحيرى- فقال: «

ذكره ابن منده، وتبعه أبو نعيم، وقصته معروفة في المغازي، وما أدري أدرك البعثة أم لا؟ وقد وقع في بعض السنن، عن الزهري: أنه كان من يهود تيماء

» اه/ الإصابة.

(5)

حول نصرانية «بحيرى» انظر: الإصابة لابن حجر 1/ 176. وقال ابن حجر الهيتمى في «فتاويه» - مخطوط- لوحة 103/ ب: «

فقد أدرك-

ص: 98

المحمدية.

(فقال لأبي طالب: من هذا الغلام معك؟! قال: هو ابن أخي) . هذا بعد أن قال له أولا: هو ابني، فقال له بحيرى: ما هو بابنك، ولا ينبغي لهذا الغلام أن يكون له أب حيّ. قال: ما فعل أبوه؟! قال: مات وأمه حامل به، قال: صدقت.

(قال: أشفيق أنت عليه؟ قال: نعم. قال: فو الله لئن قدمت به الشام؛ لتقتلنه اليهود؛ لأنه عدو لهم «1» ) .

وفي حديث «محمد بن عمر الأسلمي**» قال: ارجع بابن أخيك إلى بلده

- دين النصرانية» اه/ فتاوى الهيتمى.

(1)

حول قول «بحيرى» لأبي طالب: «من هذا الغلام معك

؟» انظر المراجع الاتية: أ- «السيرة النبوية» للإمام/ ابن هشام مع «الروض الأنف» للسهيلي 1/ 206. ب- «دلائل النبوة» للإمام أبي نعيم 1/ 168- 172 رقم: (108) - ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام في المرة الأولى

إلخ اه: دلائل النبوة لأبي نعيم. ج- «دلائل النبوة» للإمام البيهقي 1/ 370. د- «الدرة المضية في السيرة النبوية» للحافظ/ عبد الغنى المقدسي «ت 600 هـ» ص 20. هـ- «السيرة النبوية» للإمام/ ابن كثير 1/ 245 «فصل في خروجه- صلى الله عليه وسلم مع عمه «أبي طالب» إلى الشام، وقصته مع بحيرى. د- «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير

» - السيرة النبوية- للذهبي شأن خديجة ص 63- 66.

(**) و «محمد بن عمر» ترجم له الإمام الذهبي في «سيرة أعلام النبلاء» 9/ 454- 469 رقم: (172) فقال هو: «محمد بن عمر بن واقد الأسلمى مولاهم الواقدي المديني القاضي» . صاحب التصانيف والمغازي العلامة الإمام أبو عبد الله أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه. ولد بعد العشرين ومائة وأربعين سمع من صغار التابعين فمن بعدهم بالحجاز، والشام، وغير ذلك. حدث عن «محمد بن عجلان» ، و «ابن جريج»

وخلق كثير إلى الغاية من عوام المدينة. وجمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين، فاطرحوه لذلك؛ ومع هذا فلا يستغنى عنه في «المغازى وأيام الصحابة وأخبارهم» . حدث عنه «محمد بن سعد» كاتبه، و «أبو بكر بن أبي شيبة» ، ومحمد بن يحيى الأزدى

وعدة. ذكره البخاري فقال: سكتوا عنه، وتركه أحمد، وابن نمير. وقال مسلم وغيره: متروك الحديث.... قال البخاري: مات الواقدى في ذى الحجة سنة سبع ومائتين اه: السير.

ص: 99

واحذر/ عليه اليهود، فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، وإنه كائن لابن أخيك شأن؛ فأسرع به إلى بلده، ولا تذهب إلى الروم؛ فإنهم إذا عرفوه بالصفة فيقتلونه «1» .

وأخرج الحاكم «2» وصححه، والترمذي وحسنه «أن في هذه السفرة أقبل سبعة نفر من الروم يريدون قتله صلى الله عليه وسلم، لعلمهم بنبوته فاستقبلهم «بحيرى» فقال: ما جاء بكم؟

فقالوا: إن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس. قال:

أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس ردّه؟! قالوا: لا. فبايعوه، وأقاموا معه وردّه «أبو طالب «3» » .

(فرجع إلى مكة) وشب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلأه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية

- وانظر: «تاريخ بغداد» للخطيب 3/ 3021 رقم: (939) . وانظر: «الكامل في التاريخ» لابن الأثير 6/ 385.

(1)

حديث الواقدي أخرجه الإمام ابن سعد في «الطبقات الكبرى» 1/ 76 بلفظ: أخبرنا محمد بن عمر قال: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم اثنتى عشرة سنة، خرج به أبو طالب إلى الشام في العير التي خرج فيها للتجارة، ونزلوا بالراهب «بحيرى» ، فقال لأبي طالب في النبي صلى الله عليه وسلم ما قال: وأمره أن يحتفظ به، فرده «أبو طالب» معه إلى مكة اه: الطبقات.

(2)

من الملحوظ على المؤلف- رحمه الله تقديمه المستدرك للحاكم على جامع الترمذي أحد الكتب الستة.

(3)

الحديث أخرجه الإمام/ الترمذي في «جامعه» كتاب «المناقب» ، باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم [5/ 550 رقم: 3620] بلفظ: «عن أبي موسى الأشعرى قال: خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم، ولا يلتفت. قال: فهم يحلون أرحالهم، فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟! قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبى، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم، طعاما، فلما أتاهم به، وكان هو في رعية الإبل، قال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه. قال: فبينما هو قائم عليهم يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم؛ فإن الروم إذا عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا هو بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال: -

ص: 100

ومعايبها، لما يريد به من كرامته ورسالته، حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم/ خلقا وأكرمهم جوارا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما، وما رؤي ملاحيا ولا مماريا حتى [ما اسمه «1» ] في قومه [إلا «2» ] الأمين؛ لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة «3» » .

خديجة- رضي الله عنها وخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم لها وسنه عند الزواج بها

(فلما أتت له خمس وعشرون سنة «4» وشهران وعشرة أيام، خطب إلى خديجة

- ما جاء بكم

الحديث» . قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. اه/ جامع الترمذي. وأخرجه الحاكم في المستدرك كتاب التاريخ 4/ 615- 616. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وسكت عنه الحافظ الذهبي في التلخيص. وانظر: «دلائل النبوة» للإمام/ أبي نعيم 1/ 168- 172 ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام. وانظر: «دلائل النبوة» للإمام/ البيهقي 1/ 370. وانظر: «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 107- 109.

(1)

ما بين الأقواس المعكوفة غير واضح بالأصل، واقتبسناه من المرجعين الاتيين: أ- «السيرة النبوية» لابن هشام مع «الروض الأنف» للإمام السهيلي 1/ 207. ب- «الطبقات الكبرى» للإمام «محمد بن سعد» 1/ 121 ذكر أبي طالب وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروجه معه إلى الشام.

(2)

انظر الحاشية السابقة.

(3)

من أول قوله: «يكلأه الله....» إلى قوله: «

من الأمور الصالحة» اقتبسه المؤلف من كلام ابن إسحاق كما في: «السيرة النبوية» لابن هشام مع «الروض الأنف» 1/ 270. وانظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد 1/ 121.

(4)

حول سنه صلى الله عليه وسلم عند زواجه بخديجة رضي الله عنها انظر المراجع الاتية: أ- «الطبقات الكبرى» للإمام محمد بن سعد- ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد (1/ 84- 85) . ب- «السيرة النبوية» للإمام/ ابن هشام مع «الروض الأنف» للسهيلى 1/ 211، حديث تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة- رضي الله عنها. ج- «التاريخ» الإمام/ الطبري 2/ 280. د- «تاريخ الإسلام

» للذهبي- السيرة النبوية- «شأن خديجة» ص 63- 66. هـ- «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 135.

ص: 101

نفسها «1» ) وهي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي

(1) قوله: «

خطب إلى خديجة نفسها» هذا قول الإمام/ ابن فارس. وهناك أقوال أخرى منها: الأول: قال ابن إسحاق: «وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، مع ما أراد الله بها من كرامته، فلما أخبرها «ميسرة» بما أخبرها به بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له- فيما يزعمون- يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك، وأمانتك، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا

إلخ» اه/ السيرة النبوية لابن هشام. وانظر: دلائل النبوة للإمام/ البيهقي 2/ 67 وفيها «

حتى رغبت خديجة في نكاحه» . الثاني: أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/ 131- 132- ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها بلفظ: «عن أم سعد بنت سعد بن الربيع عن «نفيسة بنت منبه» قالت: كانت خديجة

امرأة حازمة جلدة شريفة

وكل قومها كان حريصا على نكاحها، لو قدر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دسيسا إلى محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: يا محمد ما يمنعك أن تزوج؟! فقال: ما بيدى ما أتزوج به. قلت: فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة. قال: فمن هي؟. قلت: خديجة. قال: وكيف لى بذلك؟ قالت: قلت: عليّ. قال: فأنا أفعل، فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن ائت ساعة كذا وكذا، وأرسلت لعمها «عمرو بن أسد» ليزوجها فحضر، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته، فزوجه أحدهم. فقال عمرو

: هذا الفحل لا يقرع أنفه، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة» اه: الطبقات لابن سعد. الثالث: وأخرج ابن سعد أيضا 1/ 132: «أخبرنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يذكر أن أبا مجلز حدث أن خديجة قالت لأختها: انطلقى فاذكرينى له؛ أو كما قالت، وأن أختها جاءت فأجابها بما شاء الله وأنهم تواطئوا على أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم» اه/ الطبقات. الرابع: قال الإمام/ السهيلي في «الروض الأنف 1/ 214» : «وذكر الزهري في سيرته

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لشريكه الذي كان يتاجر معه في مال خديجة: هلم فلنتحدث عند خديجة؟ وكانت تكرمهما وتتحفهما، فلما قاما من عندها جاءت مستنشئة- كاهنة-

فقالت له: جئت خاطبا يا محمد؟ فقال: كلا. فقالت: ولم؟! فو الله ما في قريش امرأة- وإن كانت خديجة- إلا تراك كفئا لها. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطبا لخديجة مستحييا منها

» اه/ الروض الأنف.

ص: 102

القرشية «1» .

الخامس: أخرج البيهقي في «دلائل النبوة» 2/ 71 باب ما جاء في تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بخديجة: «أن عمار بن ياسر كان إذا سمع ما يتحدث به الناس بتزويجه إياها

وإني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتى إذا كنا بالحزورة أجزنا على أخت خديجة، وهي جالسة على أدم تبيعها فنادتني فانصرفت إليها ووقف لى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أما لصاحبك هذا من حاجة في تزويج خديجة؟ قال عمار: فرجعت إليه فأخبرته فقال: بلى لعمرى فذكرت لها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: اغدوا علينا إذا أصبحنا. فغدونا عليهم

إلخ» اه: دلائل النبوة. وانظر: سبل الهدى والرشاد للصالحى 2/ 164- 165 الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم. من تولى عقد نكاح خديجة رضي الله عنها: قيل: تولى عقد قرانها أبوها «خويلد» ذكر ذلك كل من: أ- ابن إسحاق كما جاء في «السيرة النبوية» لابن هشام 1/ 53. ب- ابن سعد في «الطبقات الكبرى» 1/ 132. وقد رد هذا القول ابن سعد في «الطبقات» نفسها 1/ 132 فقال: «وقال محمد بن عمر: فهذا كله عندنا غلط، ووهم، والثبت عندنا المحفوظ عن أهل العلم: أن أباها «خويلد» مات قبل الفجار، وأن عمها «عمرو بن أسد» زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: تولى عقد قرانها- وهو الصحيح المجمع عليه- عمها «عمرو بن أسد» كما تقدم. قال المبرد وطائفة معه: الذي أنكح خديجة رضي الله عنها هو عمها لما في حديث الطبراني، عن جبير بن مطعم، وابن عباس وعائشة- رضي الله عنهم أن عمرو

هو الذي أنكح خديجة لقوله في الرد على خطبة النكاح لأبي طالب: هو الفحل الذي لا يقدع أنفه

» اه: الروض الأنف. وقيل: الذي تولى عقد نكاحها أخوها «عمرو بن خويلد» ذكره ابن إسحاق في آخر الكتاب» اه الروض الأنف. وانظر: «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» للنجم عمر بن فهد 1/ 135- 139. و «خديجة» رضي الله عنها كانت تسمى في الجاهلية والإسلام ب «الطاهرة» . وفي سيرة التيمى: أنها كانت تسمى: «سيدة نساء قريش» اه/ الروض الأنف 1/ 215. ولفظ «خديجة» مشتق من قولهم: خدجت الناقة، وأخدجت إذا ألقت ولدها ناقص الخلق، ومنه الحديث «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهيخداج- لمعرفة مخرجى الحديث انظر: الجامع الكبير للسيوطي ص 622-» اه: الاشتقاق لابن دريد 1/ 163 بتصرف.

(1)

حول نسب «خديجة» رضي الله عنها انظر: المصادر والمراجع الاتية: أ- «السيرة النبوية» لابن هشام مع «الروض الأنف» للسهيلى 1/ 213.

ص: 103

وأمها «فاطمة بنت زائدة بن جندب» ، وهو الأصم بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي*، «فقبلته ورغبت فيه، والذي عند «أبي سعد النيسابوري» «1» في «الشرف «2» » أن خديجة هي التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى عمك فقل له: عجل لنا بالغداة. فلما جاء قالت له: يا أبا طالب ادخل على «عمرو» عمي، فكلمه يزوجني من ابن أخيك محمد ابن عبد الله. فقال أبو طالب: يا خديجة لا تستهزئين بي، فقالت: هذا صنع الله.

فقام أبو طالب مع عشرة من قومه. فذكر الحديث «3» .

وعند ابن إسحاق «4» أنها قالت له: / يا محمد ألا تتزوج؟! قال: ومن؟ قالت:

- ب- «الطبقات الكبرى» للإمام/ ابن سعد 1/ 131- 133 ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. ج- «الثقات» للإمام/ ابن حبان 1/ 42- 45. د- «عيون الأثر» لابن سيد الناس 1/ 115- 120.

(*) حول نسب أم خديجة رضي الله عنها قال ابن إسحاق كما في «السيرة النبوية لابن هشام 1/ 213: «وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر

إلخ» اه/ السيرة النبوية. وقال السهيلي في الروض 1/ 215: «وأما حجر فهو بفتح الحاء والجيم من حجر كذا قيده الدارقطني، وأخوه حجير بن عبد معيص بن عامر، وأما حجر- بسكون الجيم- ففي حي ذي رعين، وإليه ينسب الحجريون، وأما حجر- بكسر الحاء- ففي بني الديان: عبد الحجر بن عبد المدان، وهم من بني الحارث بن كعب بن مذحج

» اه: الروض الأنف.

(1)

و «أبو سعد» ترجم له الإمام/ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» 17/ 256- 257 ترجمة رقم: (153) فقال: هو: «الإمام/ أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراقيم النيسابوري الواعظ الخركوشي- سكة بنيسابور-. له كتاب دلائل النبوة، وكتاب الزهد، قال عنه الحاكم: أقول: إني لم أر أجمع منه علما وزهدا وتواضعا، وإرشادا. قال الخطيب: كان ثقة ورعا صالحا

توفي في جمادى الأول سنة 407 هـ. اه/ سير أعلام النبلاء.

(2)

عن كتاب «الشرف» قال عنه حاجي خليفة- صاحب «كشف الظنون» 2/ 1045: «وكتاب شرف المصطفى لأبي سعد الواعظ: ثمان مجلدات، ولعله شرف النبوة. ذكره الحافظ السخاوي في كتابه القول البديع- ص 120- 195، 196» اه/ كشف الظنون.

(3)

قول أبي طالب: «يا خديجة

إلخ» هو- قول الإمام النيسابوري- ذكره الإمام/ الصالحي في كتابه «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد» 2/ 164.

(4)

قول الإمام/ ابن إسحاق: «أنها قالت له:

يا محمد

إلخ» انظره في: «سبل الهدى والرشاد» للصالحي 2/ 164.

ص: 104

أنا. قال: ومن لي بذلك، أنت أيّم قريش، وأنا يتيم قريش. قالت: اخطبني. وذكر ذلك الحديث؛ لما شاهدت رضي الله عنها من تظليل الملائكة له صلى الله عليه وسلم، وقد أخبرها به «ميسرة «1» » ، ولما رواه ابن إسحاق قال:«كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في المسجد، فاجتمعن يوما فيه، فجاءهن يهودي فقال: يا معشر نساء قريش، إنه يوشك أن يكون فيكن نبي «2» فأيكن استطاعت أن تكون له فراشا فلتفعل، فسبّه «3» النساء، وقبحنه، وأغلظن له، وأغضت «خديجة» ولم تعرض فيما عرضن فيه النساء، ووقر ذلك في نفسها، فلما أخبرها «ميسرة» بما رآه من الايات، وما رأته هي، قالت: إن كان ما قاله اليهودي حقّا ما ذاك إلا هذا «4» .

فاستقر عندها حاله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة حازمة شريفة لبيبة ما أراد الله/ بها من الكرامة

(1) حديث «ميسرة» ل «خديجة» من تظليل الملائكة

إلخ» ذكره ابن إسحاق فقال: «فكان «ميسرة» - فيما يزعمون- إذا كانت الهاجرة واشتد الحريرى ملكين يظلانه من الشمس، وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة

حدثها «ميسرة» عن قول الراهب، وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه» اه: السيرة النبوية للإمام/ ابن هشام مع الروض الأنف للسهيلي 1/ 213.

(2)

وانظر أيضا حول الموضوع نفسه المصادر والمراجع الاتية: أ- «الطبقات الكبرى» للإمام/ محمد بن سعد ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام في المرة الثانية 1/ 130. ب- «دلائل النبوة» للإمام/ أبي نعيم- ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام ثانيا مع «ميسرة-» 1/ 174. ج- «السيرة النبوية- عيون الأثر-» للإمام/ ابن سيد الناس 1/ 120.

(3)

في السيرة الحلبية 1/ 277 «

يوشك فيكن نبى قرب وجوده» . في «الطبقات» للإمام/ محمد بن سعد 1/ 15. وفي «السيرة الحلبية» 1/ 288: «فحصبته النساء «بدل» فسبه النساء» والمراد: رمينه بالحصباء.

(4)

وحديث: «كان لنساء قريش

إلخ» أخرجه الإمام/ ابن سعد في «الطبقات» - ذكر خديجة رضي الله عنها 1- 1/ 15- 16 بلفظ: عن ابن عباس رضي الله عنه أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب فلم يتركن شيئا من إكبار ذلك العيد إلا أتينه فبينا هن عكوف عند وثن مثل لهن كرجل في هيئة رجل حتى صار منهن قريبا، ثم نادى بأعلى صوته: يا نساء تيماء إنه سيكون في بلدكن نبى يقال له: «أحمد» يبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا فلتفعل، فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له، وأغضت «خديجة» على قوله، ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء. اه/ الطبقات. وانظر: الإصابة للإمام/ ابن حجر 12/ 214- 215.

ص: 105