الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه حتى وفاته، ثم عند عمر حتى قبض، ثم عند حفصة أم المؤمنين.
ولقد قوبل هذا الجمع البكري بمباركة الصحابة ورضاهم، وكيف لا وهم حماة الإسلام وبناة صرحه.
قال علي: (أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع بين اللوحين).
هل استوعب مصحف أبي بكر الأحرف السبعة؟
إن القرآن كتب بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغة قريش إمعانا في تحدي العرب الفصحاء.
فها هو القرآن يسجل بلغتهم الأدبية الراقية، أما الأحرف السبعة فهي في قراءة القرآن وأدائه لا في كتابته.
وعثمان أمر زيدا وصحبه بكتابة القرآن على لسان قريش، فهل كان زيد قد كتبه أيام أبي بكر بالأحرف السبعة، ثم كتبه أيام عثمان بحرف؟ هذا محال، مما يرجح ما قررناه من أن مصحف أبي بكر اشتمل على ما في العرضة الأخيرة من الأحرف السبعة أداء وقراءة، أما كتابته فكانت بلسان قريش أي بكتبتهم.
كما أننا قررنا من قبل أن القرآن قد بدأت كتابته في مكة مما يستلزم أن يكتب بلسان أهلها أي بطريقة أهلها في الكتابة.
3 - الجمع العثماني للقرآن الكريم
: تفرق كبار الصحابة في الأمصار بعد وفاة عمر بن الخطاب، وأخذ كل منهم يقرأ القرآن في بيئته الجديدة بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم من قراءات.
وكانت هذه القراءات مألوفة لدى الصحابة في تغايرها واختلاف أدائها، أما الأقوام المستأخرون فإنهم لم يدركوا أبعاد ذلك التغاير حتى حسّن كل منهم قراءته وذم قراءة الآخرين.
فكانت بوادر من هذا الاختلاف في كل صقع من أصقاع المسلمين.
ولما ندب عثمان أهل الشام وأهل العراق على فتح أرمينية عاب بعضهم على بعض في القراءة، فهرع حذيفة بن اليمان إلى خليفة المسلمين عثمان أن أدرك هذه الأمة قبل اختلافها على كتاب ربها.
فالخلاف كان لتنوع القراءات التي يقرأ ويقرئ بها الصحابة، وكان أثرا لتعدد مصاحف الصحابة التي اكتتبوها لأنفسهم ولم يشترطوا فيها ما اشترط أبو بكر في جمعه،
فكانت هذه المصاحف تزاحم المصحف الذي أمر بجمعه أبو بكر.
استشار عثمان الصحابة فأشاروا عليه بجمع الناس على مصحف واحد وتحريق ما دونه من مصاحف.
وبعث عثمان في طلب الصحف التي كانت عند حفصة والتي جمعت بإذن أبي بكر، وشكل عثمان لجنة لتوثيق المصحف مرة أخرى، ولاستنساخ نسخ عنه يجمع عليها الناس فتكون لهم مرجعا وحكما وإماما.
ضمت اللجنة: زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومالك بن أبي عامر، وأنس بن مالك وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر، وأبان بن سعيد.
وترأس عثمان نفسه هذه اللجنة للاضطلاع بهذه المهمة الجسيمة.
وقد وضعت أهداف لهذه اللجنة من أهمها: كتابة القرآن على لسان قريش، وفي ذلك قال عثمان للرهط القرشيين:
إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم.
وأراد عثمان جمع الناس على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفق العرضة الأخيرة.
فكتبت اللجنة المصحف الإمام ليكون أصلا للمصاحف، وقد راجعه زيد مرات كثيرة ثم راجعه عثمان نفسه رضي الله عنه.
ثم نسخت اللجنة عن المصحف الإمام خمسة مصاحف، بعثت إلى مكة والكوفة والبصرة والشام وبقي واحد في المدينة المنورة.
وأمر عثمان بمحو وتحريق المصاحف التي في الأمصار، ونال هذا الأمر مصاحف الصحابة التي كتبوها لأنفسهم.
وبذا جمع عثمان المسلمين ولمّ شعثهم، فكان جمعه للقرآن وكتابته للمصاحف منقبة عظيمة له، وخدمة جليلة لكتاب الله. ولذا أجمع الصحابة على فعله رضى وقبولا.
قال زيد: رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون: أحسن والله عثمان، أحسن والله عثمان.
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، ولم ينكر عليه أحد.
ولم يكتف عثمان ببعث المصاحف إلى الأمصار الإسلامية، بل أرسل مع كل مصحف عالما لإقراء الناس القرآن بما يحتمله رسم المصحف، فأمر زيد بن ثابت بإقراء أهل المدينة، وأمر عبد الله بن السائب بإقراء أهل مكة، والمغيرة بن شهاب بإقراء أهل الشام، وعامر بن عبد القيس بإقراء أهل البصرة، وأبا عبد الرحمن السلمي بإقراء أهل الكوفة.
وقال الإمام علي: لو وليت ما ولي