الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد تناولها تاريخيا واجتماعيا وثقافيا، وتمكن- رغم قيود السجع والجناس والكناية وغيرها- من ابراز هذه المعالم فى صورة مشوقة.
ومع ذلك، نرى أن ابن الخطيب لو أطلق لنفسه العنان فى هذا المؤلف التاريخى، وحرر نفسه من هذه القيود اللفظية التى كبل بها قلمه- لجاء وصفه للبلدان أبدع فنا، وأشمل موضوعا، فلا شك أنه حصر نفسه فى نطاق ضيق، كانت نتيجته الحتمية أن فوت علينا المؤلف انطلاقاته المعروفة عنه، فى تقصى المعانى، والاحاطة بشتات الموضوع الذي يتعرض له.
قيمة الكتاب كوثيقة تاريخية
توجد لكتاب «معيار الاختيار، فى ذكر المعاهد والديار» أكثر من مخطوطة، فى الاسكوريال والرباط، وفاس، وقد ورد هذا الكتاب ضمن مؤلف آخر من مؤلفات ابن الخطيب، وهو «التاج المحلى فى مساجلة القدح المعلى» (554 الاسكوريال) ، كما ورد ضمن مؤلفه «ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب» حيث أورده المؤلف فى باب «المقامات» .
وقد ألف ابن الخطيب «معيار الاختيار» هذا عندما نفى الى المغرب مع سلطانه الغنى بالله ابن الاحمر المعروف بمحمد الخامس، حيث حلا ضيفين على السلطان أبى سالم ملك المغرب (محرم 761 هـ- 1359 م) ولكن ابن الخطيب لم يذكر فى الكتاب تاريخ تأليفه بالضبط، وانما عرفنا الفترة التى ألفه خلالها من مؤلف آخر له، حيث ذكر به أنه دون بعض كتبه خلال سنوات المنفى الثلاث التى قضاها بمدينة سلا بالمغرب «1» .
(760- 763 هـ) - (1358- 1361 م) ، ومن بين تلك الكتب «معيار الاختيار» ، وقد أدرج الغزيرى هذا المؤلف تحت رقم 1777 بفهرس المخطوطات العربية بمكتبة الاسكوريال بأسبانيا.
ولما كنت قد قارنت- أثناء البحث والدراسة- بين نسخ مخطوطة هذا الكتاب، والتى وجدتها فى كل من مدريد والرباط وفاس والقاهرة والفاتيكان، فقد بان لى أن أكملها وأوفاها- كما ذكرت- مخطوطة الأسكوريال بأسبانيا (رقم 554) ، وقد ذكر ناسخ هذه المخطوطة أنه كتبها عام 173 هـ (1468 م) ، أى بعد تدوين ابن الخطيب للكتاب نفسه بحوالى 112 عاما تقريبا، وبعد وفاة المؤلف بنحو 97 عاما.
وقد نشر المستشرق الاسبانى «سيمونيت» القسم الاول من «معيار الاختيار» ، بعد أن فصل عنه المقدمة التى أشرنا الى مضمونها، وهذا القسم هو الخاص بمدن مملكة غرناطة، وعددها أربع وثمانون مدينة، تحت عنوان «وصف مملكة غرناطة، فى عهد بنى نصر» «1» .
ثم نشر باقى الكتاب- وهو الجزء الخاص بمدن المغرب- المستشرق الالمانى «موللر» ، متضمنا وصفا لجبل الفتح، وسبتة، ومراكش، وأغمات، فى مجموعة خاصة «2» . ولم يفت هذا المستشرق أن ينوه ببعض الاخطاء التى وقع فيها زميله الاسبانى «سيمونيت» عند تحقيقه للجزء الخاص بمدن الاندلس، وان كان هو بدوره قد وقع فى عدة أخطاء أثناء التحقيق، وذلك نتيجة عدم التمرس بالاساليب العربية، ولا سيما عبارة ابن الخطيب كطابع عام لما كانت عليه اللغة فى العصور الاسلامية الوسطى.
وتجدر الاشارة الى أن قيمة «المعيار» تمكن فى التعريف بالوضعية التى كانت عليها كل من مملكتى بنى نصر وبنى مرين فى منتصف القرن الرابع عشر الميلادى، وأن ابن الخطيب قد حدثنا- بحق أيضا