الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2- الاطلاع والسماع:
وهو المصدر الثانى من المصادر التى اعتمد عليها ابن الخطيب فى تدوين كتابه «معيار الاختيار» ونعنى به قراءته لكتب من سبقوه من المؤرخين والكتاب فى أوصاف المدن الاندلسية والمغربية على الخصوص، وفى تاريخها الحافل بالاحداث، وكذلك سماعه من شيوخه الذين تتلمذ عليهم، فى أحوال المغرب منذ القدم، وأحداث المملكة الاسلامية بالأندلس، لا سيما وأنه تربى فى أحضانها، ودرج بين ربوعها، وجاس خلال ديارها، فحديثه عنها حديث الخبير العالم، ووصفه لها وصف المحيط بأسرارها.
هذا بالاضافة الى مجالس ابن الخطيب العلمية، وندواته الثقافية، والتى كانت كثيرا ما تجمع رواة الاخبار، وحفظة التاريخ.
3- التقارير الادارية الرسمية:
وابن الخطيب كوزير، وأمين سر السلطان، لابد وأن يطلع على كافة التقارير الرسمية، والرسائل الادارية، التى كانت ترد عادة الى الديوان من عمال وحكام الاقاليم، فهذه التقارير وتلك الرسائل وثائق تاريخية لها أهميتها البالغة، اذ على أساسها- فى العادة- تدار سياسة الدولة، وتوجه الامور الوجهة الصالحة، لذلك نرى أن ابن الخطيب قد استفاد الى حد كبير من هذه الوثائق، بالاضافة الى المصدرين السابقين، وبذلك أمكنه أن يعطينا هذه الاوصاف لتلك المدن فى مؤلفه «معيار الاختيار» .
هذا، وينبغى أن نشير اخيرا الى أن شخصية المؤلف وعلاقاتها بالآخرين لابد وأن تنعكس على كتاباته، وهذا ما وضح من خلال أوصاف ابن الخطيب لبعض البلاد وأهلها، فانه وان كان قد تعمق فى البحث على نحو دقيق، وحلل الاسباب والمسببات حتى جاء الموضوع
وثيقة تاريخية يعتمد عليها الى حد بعيد- وبخاصة اذا اعتبرنا قلة المراجع التاريخية التى تناولت العصر الذي عاشه ابن الخطيب، وذلك فى أخبار كل من الاندلس والمغرب- الا أنه لا ينبغى أن نغفل الدوافع الشخصية، والنزعات النفسية للمؤلف أيا كان، فهذه وتلك لابد وأن يحسب حسابهما، ويقام وزنهما، فى تقييم مثل هذه الوثيقة التاريخية، لرجل وزير كابن الخطيب، قضى حياته بين تيارات السياسة، تتنازعه الاهواء والدوافع، يعطف على مسلكة البعض، وينقم على خطته البعض الآخر، وبالتالى يكون اتجاهه متباينا نحو كليهما، وما يصدق على الافراد يصدق على مجموعة منها تؤلف بلدا أو مدينة.
وللتدليل على هذا التأثر النفسى عند الكاتب، وانعكاسه على ما يحرره، نذكر أن ابن الخطيب نفسه قد صب جام غضبه على مدينة سلا المغربية، فى رسالته المسماة «مفاخرات بين مالقة وسلا» ، رغم أنه أقام بها طيلة فترة النفى الاولى، قرابة ثلاث سنوات، واحتوته عزيزا مكرما، ولكن كان قد حدث احتكاك بينه وبين بعض الفقهاء من أهل هذه المدينة، الامر الذي ساقه الى تأليف رسالة خاصة، فى النيل من هؤلاء الفقهاء، وهى المسماة «مثلى الطريقة، فى ذم الوثيقة» ، فى أسلوب يفيض اقذاعا ونيلا غير كريم من الخصوم، وعليه- بالتالى- فلم يكن من المنتظر أن يرتفع ابن الخطيب بمدينة سلا فى المفاخرات مع مالقة.
فنخلص من هذا الى أن ابن الخطيب لم يسلم- الى حد ما- من تحامل فى وصفه لبعض المدن الاندلسية والمغربية فى كتابه «معيار الاختيار» ، وبخاصة عندما كان يتناول أحوال سكانها الاجتماعية.
بيد أن هذا التحامل الضئيل المفترض لن يطغى بحال على ما للكتاب من قيمة تاريخية كبرى، ولا يمنع الدارسين لتاريخ المغرب والاندلس- فى الفترة التى عاصرها ابن الخطيب- من الاستفادة من «معياره»
هذا الى حد بعيد..، اذا ما عن لهم الكشف عن الحالة الاجتماعية بهذين القطرين فى ذلك العصر، وعن الاقتصاد، والمحصولات الزراعية، وأهمية الاسواق، والصناعة الاندلسية ودورها، وما الى ذلك مما تناوله المؤلف، تجاه البلاد الاندلسية والمغربية، فى منتصف القرن الرابع عشر الميلادى.
الفصل الرابع كتاب معيار الاختيار في ذكر المعاهد والديار
المجلس الأول
اللوحة الاولى من مخطوط «معيار الاختيار» بالاسكوريال (الفزيرى 777. 1)
اللوحة الاولى من «المجلس الثانى»
اللوحة الاخيرة من «المجلس الاول»
اللوحة الاخيرة من «المجلس الثانى» نهاية المخطوط