الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصف الأصول الخطية
تحتفظ خزائنُ المخطوطات ودور الكتب - فيما تيسر الوقوف عليه - بثلاثة عشر أصلًا خطيًّا لكتاب "مفتاح دار السعادة"، انتخبتُ منها خمسةً هي أصحُّها وأعلاها، واستأنستُ بسادسٍ نُسِخ سنة 786، بالإضافة لأصلٍ من القرن التاسع لأحد مختصرات الكتاب، وسآتي على وصف معتمدي منها، ثم أشير لباقي الأصول، وما نُسِبَ في بعض الفهارس ضِلَّة.
* أما الأصول المعتمدة، فهي:
1 - نسخة مكتبة داماد إبراهيم باشا (د):
وهي نسخة تامةٌ نفيسة، كتبها الإمام الحافظ إسماعيل بن محمد بن بَرْدِس البعلي
(1)
سنة 766، بعد وفاة المصنف بخمس عشرة سنة، بخطه المضبوط المجوَّد.
وأصلها محفوظٌ بمكتبة داماد إبراهيم باشا، ضمن المكتبة السليمانية بتركيا، برقم (413).
(1)
أبو الفداء، عماد الدين، ولد سنة 720، وسمع من طائفة، وعني بالحديث، ورحل في طلبه إلى دمشق، وقرأ بنفسه، وكتب الكثير، نظم "النهاية في غريب الحديث" و"طبقات الحفاظ" للذهبي، وغيرها، وتخرَّج به جماعة، وكان أحد الحفاظ المكثرين المصنفين، حسن الخلق، كثير الديانة، توفي في العشر الأواخر من شوال سنة 784. انظر:"الرد الوافر"(161)، و"السحب الوابلة"(1/ 287) وفي حاشيته مصادر ترجمته.
وعدد أوراقها 325 ورقة، في الصفحة 23 سطرًا، وفي السطر نحو من 17 كلمة.
وقد لقيت هذه النسخة ضروبًا من العناية، فأول ذلك ضبطُ ابن بردسٍ نصَّها بالشكل، وعنايته بعلامات الإهمال، فيضع فوق الحرف المهمل علامةً كقلامة الظفر المضجعة، لا يكاد يخلُّ بذلك، ثم مقابلته لها على الأصل وإن لم ينص على ذلك، لكن التصحيحات المثبتة في طرر النسخة المختومة بـ "صح" (ق 3/ ب، أ، 4/ أ، 6/ أ، 8/ أ، 10/ أ، 12/ ب، 14/ أ، 17/ ب،
…
)، واللحق واستدراك السقط (ق 2/ ب، 3/ ب، 5/ أ، 10/ أ،
…
)، ولا تكاد تخلو منهما ورقة= يدلَّان على المقابلة.
وما طغى فيه القلمُ أو الحبر أعاد كتابته في الطرة مجودًا، وفوقه كلمة "بيان"، وربما ختمه بـ "صح" (ق 30/ ب، 39/ أ، 51/ ب، 75/ أ، 80/ ب،
…
).
ويميِّز الفصول ونحوها، فيكتبها بخطٍّ كبير محبَّر.
وختم النسخة بقوله: "نجز الكتاب المسمى بمفتاح دار السعادة، وهو كتابٌ نفيس، لا يملُّه الجليس، وفيه من بدائع الفوائد وفرائد القلائد ما لا يوجد ذلك في سواه، وفيه من البحوث ما يستقصي كلَّ علم إلى منتهاه، واسمه مطابقٌ لمسمَّاه، ولفظه موافقٌ لمعناه؛ فإن فيه من الإفادة ما يحدو إلى دار السعادة. وذلك على يد أفقر خلق الله إليه، المتوكل في جميع أحواله عليه، والمعترف بالخطأ والزلل، والمسيء في القول والعمل: إسماعيل بن محمد بن بردس، عفا الله عنه، وكان تمام ذلك في التاسع عشر من شهر شعبان المكرم عام ستة وستين وسبع مئة من الهجرة النبوية، وحسبنا الله ونعم الوكيل".
ولم يذكر الأصل الذي نقل عنه، ولا يبعد أن يكون أصل المصنف، لقرب العهد والدار.
ولعسر خط المصنف وتعليقه وتركه الإعجام إذا أسرع في الكتابة، كما تراه فيما وصلنا بخطه من مسودة كتابه "طريق الهجرتين"، اشتبهت كثيرٌ من المواضع على نسَّاخ الكتاب، فرسموها رسمًا كما رأوها في الأصل، وأبقوها محتملةً لأكثر من قراءة، وأمثلهم طريقةً في ذلك ابنُ بردس، وفي مواضع ليست بالقليلة اجتهدوا في القراءة فكتبوها محرفةً عن جادة الصواب.
ولذا وجدنا ابن بردس يبدي في مواضع كثيرة من الطرر احتمالاتٍ أخرى للقراءة، مبدوءة بـ "لعله"، كما في (ق 21/ أ، 37/ أ، 43/ ب، 73/ أ، 86/ أ،
…
).
وفي مراتٍ قليلة (ق 75/ب، 78/ب، 195/ب) رأيته يشير إلى قراءة نسخة أخرى، ويرمز لها بـ "خ".
وربما نقل تعليقًا من طرة الأصل، فيما أقدِّر، كما في (ق 124/ أ).
وجاء بعده عثمان بن علي بن حميد، ولم أعثر على ترجمته، فقرأ النسخة بقلعة بعلبك، بلد ابن بردس، وقابلها (أو ثلثها الأخير على أقل تقدير) على أصلٍ آخر، واستدرك بعض ما سقط منها وأثبته في الطرر بخطٍّ مهمل من النقط، وأبدى احتمالاتٍ أخرى للقراءة، وصدَّرها كسلفه بـ "لعله".
وقد انتفعتُ بهذه القراءات في تحقيق نص الكتاب، وأثبتُّ منها في الحواشي ما رأيته محتملًا للصواب.
وفي النسخة بياضٌ يسيرٌ في موضعين (ق 3/ ب، 323/ أ).
ومن طريقة ابن بردس التي رأيت: تسهيل الهمز في غالب أمره، وتحقيقها أحيانًا، وكذا الأصلان (ق) و (ت)، والأشبه أن المصنف لم يكن مطردًا في التسهيل أو التحقيق وإن كان الأول هو الأغلب عليه، ولذا وجدنا الأصول تتفق على أحدهما حينًا وتختلف حينًا آخر.
ومن طريف ما وقع من ذلك كلمة "الجزئية"، فإن المصنف يرسمها بالتسهيل:"الجزوية"، وكثيرٌ من المتقدمين يرسمها كذلك، فجوَّد رسمها ابن بردس في نسخته، ولم يفطن لها نسَّاخ الأصول الأخرى فرسموها رسمًا مشتبهًا، وتحرفت عند الناشرين على ألوان:"الحرورية" و"الحزورية" و"الحرونة"!
ومن ذلك: رسم "الأسئلة": "الأسولة". إلى آخره.
ومن طريقته أيضًا: كتابة الأبيات مفردةً في وسط السطر غير متصلةٍ بما يليها، ويختم أحيانًا البيت بدائرة، وكثيرٌ من النساخ يخلُّ بذلك.
وربما فاته البيتُ بعد البيت مما يدرجه المصنف في مثاني كلامه، فلم يصنع بها صنيعه ذاك، وكذا باقي الأصول، وكُتبت في المطبوعات نثرًا
(1)
.
(1)
قال العلَّامة عبد القادر بن بدران في "المدخل"(484) وهو يذكر ما يلزم المتفقه معرفتُه: "وقد يذكر الفقهاء كثيرًا من الشروط والواجبات
…
منظومةً،
…
فإذا كان المريدُ لحفظها جاهلاً بفنَّي العروض والقوافي حَفِظها مختلَّة الوزن غير مستقيمة، وربما كان بحيث لا يفرِّق بين المنظوم والمنثور، ولاسيما إذا كان الناسخ جاهلاً فكتب النظم ككتابته للنثر، فهناك يفُوت المقصود، ويُعَدُّ ذلك من الجهل".
وقد حظيت النسخة بتعليقات أكثر من قارئ.
فأولهم قارئٌ لم يذكر اسمه، له تعليقاتٌ منتشرةٌ في صفحات النسخة بقلم فارسيٍّ دقيق جدًّا، في الطُّرر وبين السطور. وهي على أضرب:
فمنها: شرحٌ لبعض الغريب، كما في (ق 36/ ب) يشرح لفظة"صفد"، قال:"الصفَد، بالتحريك، العطاء. جوهري".
ومنها: توضيحٌ للضمائر ونحوها، كما في (ق 68/ ب) علَّق على قول المصنف:"وإذا فقدهما" بقوله: "أي: العلم والعقل".
ومنها: نقولٌ من كتب التفسير والحديث وغيرها، كما في (ق 72/أ، 95/ ب، 115/ ب، 125/ ب، 127/ أ،
…
).
ففي (ق 38/ ب) علَّق على قول المصنف عن النجوم: "إنها رجومٌ للشياطين"، فنقل عن الضحاك أن الكواكب التي تُرى لا يُرجم بها، وإنما يُرجم بالتي لا يراها الناس، ثم نقل عن أبي علي: أن الكواكب أنفسها لا يُرجم بها؛ لأنها ثابتة، وإنما ينفصل عنها شهابٌ يحرق .... وهكذا في (ق 40/ ب) نقلٌ طويلٌ من كتاب "آكام المرجان" للشبلي.
وهو يكتبُ بخطِّه الفارسي الدقيق بمدادٍ أحمر عناوين جانبية مختصرة لبعض الفوائد والمسائل (ق 5/ ب، 27/ ب، 38/ ب، 45/ ب، 48/ ب، 51/ ب، 65/ أ،
…
).
ويضع خطًّا بالقلم نفسه فوق بدايات المقاطع والوجوه ونحوها، وفي بعض المواضع يضع فواصل بين الجمل، وربما وضع في آخر البيت نقاطًا [ثلاثًا] كالأثافي.
وعلَّق قارئ ثانٍ في طرة (ق 44/ أ) حين نقل المصنف سنة وفاة سعيد بن المسيب حاشيةً في الأقوال المذكورة في سنة وفاته.
وعلَّق ثالثٌ في (ق 141/ أ) بما شاهده من حال الخفاش ليلًا، وأكله الثمار. وهو تعليقٌ طريف، وقد نقلته في موضعه.
وكتب العنوان على لوحة الكتاب: "كتاب مفتاح دار السعادة، تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام بركة الأنام قدوة السلف طراز الخلف أحد أركان التفسير البحر الغزير، أبي عبد الله محمد بن الشيخ الصالح الزاهد أبي بكر بن أيوب، المعروف بابن قيم الجوزية، رحمه الله تعالى ورضي عنه وجعل الجنة مثواه، آمين".
وتحته كتب أحدهم: "الحمد لله وحده، رحم الله مصنفه، لقد أجاد، فجزاه الله عن الإسلام خيرًا، لقد صنف كتابًا ما سبقه إليه أحدٌ قبله، ولا يدركه أحدٌ بعده".
وأسفل منه عن يساره كتب: "مرحوم طاش كوبري زاده". وتحته كلمة لم أقرأها. ولا أدري أهذا خطُّه أم لا؟
وعن يمينه قيد مطالعةٍ للكتاب بخطٍّ مزخرف سنة 880.
وعن يساره أسفل الصفحة قيدٌ آخر، أوله: "نظر فيه داعيًا لمالكه ومثنيًا على مصنفه
…
".
وفوقه قيد مطالعةٍ آخر.
وفي يسار الصفحة في أعلاها ثلاثة تملُّكاتٍ للنسخة.
وفي أسفلها من جهة اليمين ختمٌ قديمٌ لم أستطع قراءة نصه.
أما ختم مكتبة داماد إبراهيم باشا، ففي مواضع من طرر النسخة (ق: 3/أ، 11/ أ، 21/ أ، 31/ أ، 41/ أ،
…
)، وفي (ق 159/ أ، 257/ أ) ختمٌ آخر للمكتبة أكبر حجمًا، وظهر لي من كلماته: "
…
الصدر الأفخم إبراهيم باشا يسر الله له
…
الوزير لحضرة السلطان الغازي أحمد خان خلدت خلافته
…
".
أما خاتمة النسخة، فتحت خاتمة ابن بردس:"طالعه وانتخب منه إسماعيل الزرعي، عفا الله عنه وعن مالكه والمسلمين، آمين". وكتب في (ق 28/ ب) قيد مطالعةٍ باسمه.
وتحته: "قرأه العبد الفقير إلى رحمة ربه القدير: عثمان بن علي بن حميد عفا الله عنه، وكتب بتاريخ رابع عشر شهر صفر
…
في مقام الخليل إبراهيم عليه أفضل الصلاة والسلام، بقلعة بعلبك المنصورة، وهو يسأل الله عز وجل ويتوسل بمحمد صلى الله عليه وسلم
(1)
أن يأخذ حقه ممن ظلمه قريب غير بعيد، إنه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير".
ثم بعدها ثلاث صفحات كتب فيها دعاء الفرج والدعاء عند الكرب وعند الهم والحزن وغيرها.
وفي آخر الصفحة الثالثة قيد مطالعةٍ نصُّه: "طالع في هذا الكتاب المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد بن محمد الحلبي عفا الله عنه وعن جميع المسلمين".
(1)
ليس هذا التوسلُ بالمشروع في أصحِّ قولي العلماء.