الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
--
باب: الهدي والأضاحي وما يتعلق بهما:
الهدي ما يهدى للحرم من النعم وغيرها لأنه يهدى إلى الله تعالى، والأضحية بضم الهمزة وكسرها وتخفيف الياء وتشديدها ويقال ضحية كسرية والجمع ضحايا واحدة الأضاحي: ما يذكى من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم الأهلية أيام النحر الثلاثة وليلتي يومي التشريق على ما يأتي إن شاء الله تعالى بسبب العيد، بخلاف ما يذبح بسبب نسكك أو إحرام فليس بأضحية تقربا إلى الله تعالى، احترازاً عما يذبح أيام النحر للبيع ونحوه فإنه ليس بأضحية. وقال شيخ الإسلام رحمه الله: وكل ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى لحرم فإنه هدي، سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم، ويسمى أيضاً أضحية بخلاف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنه أضحية وليس بهدي، وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما في سائر الأمصار، فإذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك إن اشتراه من الحرم فذهب به إلى التنعيم، وأما إذا اشترى الهدي من منى وذبحه ففيه نزاع، فمذهب مالك أنه ليس بهدي وهو منقول عن ابن عمر، ومذهب الثلاثة أنه هدي وهو منقول عن عائشة انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
والأصل في مشروعية الأضحية الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتب فقوله تعالى:(فَصَلّ لربك وانحر) قال أهل التفسير: المراد التضحية بعد صلاة العيد، وأما السنة فروى أنس قال (ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما يُسمِّي ويكبر فذبحهما بيده) . رواه الجماعة، وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية، وكان صلى الله عليه وسلم يبعث
بالهدي إلى مكة وهو بالمدينة، وأهدى في حجة الوداع مائة بدنة، قال في الشرح الكبير: ويستحب لمن أتى مكن أن يهدي هدياً لأن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في حجته مائة بدنة، وكان صلى الله عليه وسلم يبعث الهدي ويقيم بالمدينة انتهى، ولا تجزئ أضحية ولا هدي من غير الإبل والبقر والغنم الأهلية، والجواميس في الأضحية والهدي كالبقر في الإجزاء والسن وإجزاء الواحدة عن سبعة لأنها نوع من البقر، والأفضل في الهدي والأضحية إبل ثم بقر إن أخرج كاملاً بأن ضحى ببدنة كاملة أو بقرة كاملة، ثم غنم لحديث أبي هريرة مرفوعاً (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن) .
متفق عليه، ولأن الإبل أكثر ثمناً ولحماً وأنفع للفقراء، والتفضيل المذكور هو فيما إذا قوبل الجنس بالجنس وإلا فإن سبع شياه أفضل من البدنة والبقرة، والشاة أفضل من شِرك في بدنة أو بقرة لأن إراقة الدم مقصودة في الأضحية، والمنفرد تقرّب بإراقته كله فصار أفضل من المتقرب بسُبع بدنة أو سُبع بقرة، لأن المضحي بالسُبع لم يتقرب إلا بشرك في دم، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وقال به مالك في الهدي، وقال في الأضحية الأفضل الضآن ثم البقر ثم البدن'، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين ولا يفعل إلا الأفضل، ولو علم الله سبحانه خيراً منه لفدى به الذبيح، ودليلنا الحديث المتقدم المتفق عليه، ولا يجزيء في الأضحية الوحشي إذ لا يحصل المقصود به مع عدم الورود، ولا يجزيء في الأضحية أيضاً من أحد أبويه وحشي تغليبا لجانب المنع، والأفضل من كل جنس أسمن ثم أغلى ثمناً لقوله تعالى:(ومن يُعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) . قال ابن عباس: تعظيمها استسمانها واستحسانها
ولأن ذلك أعظم لأجرها وأكثر لنفعها، وأفضل ألوانها الأشهب وهو الأملح وهو الأبيض النقي البياض، قاله ابن الأعرابي، أو ما فيه بياض وسواد وبياضه أكثر من سواده قال الكسائي لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين) رواه أحمد والحاكم والبيهقي ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس (بلفظ دم الشاة البيضاء عند الله أزكى من دم السوداوين) وفيه حمزة النصيبي قد اتهم بوضع الحديث، ورواه الطبراني أيضاً وأبو نعيم من حديث كبيرة بنت سفيان نحو الأول، ورواه البيهقي موقوفاً على أبي هريرة، ونقل عن البخاري أن رفعه لا يصح. والعفراء: التي بيضاها ليس بناصع. قال في الفتاوى المصرية لشيخ الإسلام: والعفراء أفضل من السوداء، وإذا كان السواد حول عينيها وفمها وفي رجلها أشبهت أضحية النبي صلى الله عليه وسلم انتهى.
ثم يلي الأشهب في الأفضلية الأصفر، ثم الأسود. قال الإمام أحمد: يعجبني البياض وأكره السواد، وكل ما كان أحسن لوناً فهو أفضل؛ وجذع الضأن أفضل من ثني الماعز على الصحيح من المذهب، قال الإمام أحمد: لا تعجبني الأضحية إلا بالضأن ولأن جذع الضأن أطيب لحماً من ثني الماعز، وكل من جذع الضأن وثني الماعز أفضل من سُبع بدنة أو سُبع بقرة لما تقدم من أن إراقة الدم مقصودة في الأضحية، ومن تقرب بإراقته كله أفضل ممن تقرب بإراقة سُبعه، وسَبع شياه أفضل من بدنة أو بقرة لكثرة إراقة الدماء المطلوبة شرعاً وتقدم، وزيادة عدد في جنس أفضل من المغالاة مع عدم التعدد. سأل ابن منصور الإمام أحمد: بدنتام سمينتان بتسعة وبدنة بعشرة؟ قال أحمد: بدنتان أعجب إليّ انتهى لما فيه من كثرة إراقة الدماء، قال في الفروع: وهل زيادة العدد أفضل كالعتق، أم المغالاة في الثمن وفاقاً للشافعي، أم سواء؟ يتوجه ثلاثة
أوجه، ثم ذكر رواية ابن منصور انتهى، ورجح شيخ الإسلام تفضيل البدنة السمينة التي بعشرة على البدنتين بتسعة لأنها أنفس، قال زين الدين بن رجب: وفي سنن أبي داود حديث يدل عليه انتهى، وبمراجعتي لسنن أبي داود وجدت فيه: عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: (أهدى عمر بن الخطاب نجيباً فأعطى به ثلثمائة دينار فأتى النبي صلى الله عليه وسل فقال: يا رسول الله إني أهديت نجيباً فأعطيت به ثلثمائة دينار أفأبيعها وأشتري بثمنها بدنا، قال: لا، انحرها إياها) . قال أبو داود: هذا لأنه كان أشعرها انتهى.
وذكر وأنثى سواء، لقوله تعالى:(ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام)، وقوله تعالى:(والبُدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خيرٌ) ولم يقل ذكراً ولا أنثى، قال الإمام أحمد: الخصي أحب إلينا من النعجة لأن لحمه أوفر وأطيب، قال الموفق: الكبش في الأضحية أفضل النَّعم لأنها أضحية النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرن أفضل (لأنه عليه الصلاة والسلام ضحى بكبشين أملحين أقرنين) ويسن استسمانها واستحسانها لما تقدم، ولا يجزيء في هدي واجب ولا أضحية دون جذع ضأن، وهو ما له ستة أشهر كوامل لحديث أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(يجوز الجذع من الضأن أضحية) رواه أحمد وبان ماجة وابن جرير والطبراني والبيهقي، ورجال إسناده كلهم بعضهم ثقة وبعضهم صدوق وبعضهم مقبول، والهدي مثلها؛ ويعرف الجذع بنوم الصوف على ظهره قال الخرقي عن أبيه عن أهل البادية، ونوم الصوف افتراقه على ظهره على جنبيه، ولا يجزيء دون ثني معز وهو ما له سنة كاملة لأنه قبلها لا يلقح بخلاف جذع الضأن فإنه ينزو ويلقح، ولا يجزيء دون ثني بقر وهو ما له سنتان كاملتان، ولا يجزيء دون ثني إبل وهو ما له خمس سنين كوامل، سمي بذلك لأنه ألقى ثنيته
وكذلك عند مالك والليث والشافعي وأبي عبيد وأصحاب الرأي لا يجزيء إلا الجذع من الضأن والثني مما سواه، وتجزيء الشاة عن واحد وعن أهل بيته وعياله مثل امرأته وأولاده ومماليكه. قال صالح: قلت لأبي يضحي بالشاة عن أهل البيت؟ قال: نعم لا بأس (قد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشين، فقال بسم الله هذا عن محمد وأهل بيته، وقرَّب الآخر، وقال: بسم الله، اللهم منك ولك عمن وحدك من أمتي)، ويدل له أيضاً ما روى أبو أيوب قال:(كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى) .
رواه مالك في الموطأ وابن ماجة والترمذي وصححه، قال في الشرح الكبير: ولا بأس أن يذبح الرجل عن أهل بيته شاة واحدة أو بدنة أو بقرة يضحي بها، نص عليه أحمد وبه قال مالك والليث والأوزاعي وإسحاق، وروى ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة وتمامه فيه. وقال بعض أهل العلم: لا تجزيء الشاة إلا عن نفس واحدة، وهو قول عبد الله بن المبارك وغيره من أهل العلم حتى زعم النووي أنه مجمع عليه ووافقه على دعوى الإجماع ابن رشد. والحق الذي لا ريب فيه أنها تجزيء عن أهل البيت وإن كثروا كما قضت بذلك السُنة.
فائدة: قال الشيخ أحمد بن محمد القصيِّر: اعلم أن قولهم وتجزيء الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته وعياله والبدنة والبقرة عن سبعة أن سبع البدنة أو سبع البقرة لا يكفي عن الرجل وأهل بيته لأنه شرك في دم ولفظ الحديث في الشاة بخلاف سبع البدنة أو البقرة وهذه فائدة جليلة انتهى. وفي الموطأ عن ابن شهاب قال: (ما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعن أهل بيته إلا بدنة واحدة أو بقرة واحدة) شك مالك انتهى، قال البخاري في صحيحه: باب ذبح
الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن وساق بسنده إلى عمرة بنت عبد الرحم قالت سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا الحج، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه ومسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل قالت: فدُخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت ما هذا؟ قال: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه)، واستفهام عائشة عن اللحم لما دُخِل به عليها استدل به البخاري على قوله في الترجمة: من غير أمرهن، لأنه لو كان الذبح بعلمها لم تحتج إلى الاستفهام، وعبر البخاري في الترجمة بلفظ الذبح، وفي الحديث بلفظ النحر إشارة إلى رواية سليمان بن بلال المذكورة في باب ما يأكل من البدن وما يتصدق ولفظه (فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت ما هذا؟ فقيل ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه) ونحر البقر جائز عند العلماء لكن الذبح أولى لقوله تعالى: (إن الله يأمركن أن تذبحوا بقرة) وتجزيء كل من البدنة والبقرة عن سبعة لحديث جابر قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة) متفق عليه.
وفي الشرح الكبير بعد ما ذكر أن البدنة والبقرة عن سبعة وأنه قول أكثر أهل العلم، قال وعن سعيد بن المسيب: أن الجزور عن عشرة والبقرة عن سبعة، وبه قال إسحاق لما روى رافع (أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم فعدل عن عشر من الغنم ببعير) متفق عليه. وعن ابن عباس قال:(كنا مع رسول الله صلى الله علي وسلم في سفر فحضر الأضحى فاشتركنا في الجزور عن عشرة والبقرة عن سبعة) . رواه ابن ماجة وتمامه فه، قال في المنتقى: عن ابن عباس قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضي الأضحى، فذبحنا البقرة عن سبعة، والبعير عن عشرة) . رواه الخمسة إلا أبا داود انتهى، والحديث حسنه الترمذي، ويشهد له
حديث رافع بن خديج المتقدم لكن أجاب الشارح بأن حديث رافع في القسمة لا في الأضحية. قلت: عمل الناس على حديث جابر أن البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة والله أعلم، وتجزيء البدنة والبقرة عن أقل من سبعة بطريق الأولى، والاعتبار في إجزاء البدنة أو البقرة عن سبعة فأقل أن يشترك الجميع في البدنة أو البقرة دفعة واحدة؛ فلو اشترك ثلاثة في بدنة أو بقرة أضحية وقالوا من جاء يريد أضحية شاركناه فجاء قوم فشاركوهم لم تجز البدنة أو البقرة إلا عن الثلاثة نقله الزركشي في شرحه على الخرقي عن الشيرازي، قال في الإقناع وشرحه: والمرا إذا أوجبوها: أي الثلاثة على أنفسهم نص عليه لأنهم إذا لم يوجبوها فلا مانع من الاشتراك قبل الذبح لعدم التعيين، قال في شرح المنتهى وإن اشترك ثلاثة في بدنة أو بقرة وأوجبوها لم يجز أن يشركوا غيرهم فيها انتهى.
إذا تقرر هذا فإن الثلاثة مثلاً إذا اشتروا بدنة أو بقرة ولم يوجبوها كلها على أنفسهم، بل قال واحد أريد فيها أضحية واحدة وقال الثاني أريد أضحيتين وقال الثالث أريد ثلاث ضحايا ثم أتى رابع وأشركو÷ وأخذ الأضحية الباقية فإن هذا سائغ شرعاً وعليه العمل من غير نكير، وسواء كان المشتركون من أهل بيت واحد أو لم يكونوا، وسواء أراد جميع الشركاء في البدنة أو البقرة القربة أو أراد بعضهم القربة وأراد الباقون اللحم لأن الجزء المجزيء لا ينقص إجره بإرادة الشريك غير القربة كما لو اختلفت جهات القربة بأن أراد بعضهم عن دم التمتع والآخر عن دم القران والآخر عن ترك واجب من واجبات الحج كترك الإحرام من الميقات لمن مر عليه، والآخر عن فعل محظور من محظورات الإحرام، وقال أبو حنيفة: يجوز إذا كانوا كلهم متقربين، ولا يجوز إذا لم يرد بعضهم القربة، ويجزيء الاشتراك في البدن والبقر ولو كان بعض الشركاء
ذمياً في قياس قول الإمام أحمد قاله القاضي وجزم بمعناه في المنتهى، ويعتبر ذبح البدنة أو البقرة عن السبعة فأقل نص عليه، ويجوز أن يقتسموا اللحم لأن القسمة في المثليات ونحوها ليست بيعاً بل إفراز حق، ولو ذبحوا البدنة أو البقرة على أنهم سبعة فبانوا ثمانية ذبحوا شاة وأجزأتهم الشاة مع البدنة أو البقرة، فإن بانوا تسعة ذبحوا شاتين، وهكذا ولو اشترك اثنان في شاتين على الشيوع أجزاء ذلك عنهما كما لو ذبح كل منهما شاة، ولو اشترى سبع بدنة أو بقرة ذبحت للحم فهو لحم اشتراه ولست الحصة التي اشتراها أُضحية لعدم نيتها قبل الذبح، وكذا لو اشترى شاة ذبحت للحم فهي لحم وليست بأضحية، أما إذا اشترى سبعاً أو سبعين من بدنة أو بقرة وهي حية وأوجب ما اشتراه أضحية وأراد اللحم في الباقي جاز وله بيعه، وقول الأصحاب لو اشترى سبع بدنة أو سبع بقرة ذبحت للحم فو لحم المراد منه إذا اشترى سبعها وهي مذبوحة، فإن كانت حية جاز ذلك كما تقدم والله أعلم.
وأما ما ذبح هديا أو أضحية فلا يصح بيعه ولو تطوعا لتعينه بالذبح ويأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
فائدة: حيث كانت كل واحدة من البدنة والبقرة تجزيء عن سبعة كما تقدم فهل هذا مطلق فلا تجزيء عن أهل بيته إذا كانوا أكثر من سبعة أو هي أولى بالإجزاء من الشاة؟ وبخط عبد الوهاب بن فيروز ما نصه قوله عن سبعة، أقول ظاهره مطلقاً، ولا يقال كما فهم من أبعد النجعة أن المراد عن سبع شياه يريد بذلك أنه يجزئ ذبحها عن أهل بيته ولو زادوا على سبعة، لأنا نقول كونها عن سبع شياه مسلم لكن لا مطلقاً فتأمل انتهى.
قلت: الظاهر أن البدنة أو البقرة تجزيء عنه وعن أهل بيته ولو كانوا أكثر من سبعة لأنها أغلى وأفضل من الشاة خلافاً لما جنح إليه عبد الوهاب بن فيروز، قال في الشرح
الكبير: ولا بأس أن يذبح الرجل عن أهل بيته شاة واحدة أو بدنة أو بقرة يضحي بها نص عليه أحمد وبه قال مالك والليث والأوزاعي، وروى ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة وتمامه فيه، وتقدمت عبارة الشرح هذه، ومنها يؤخذ إجزاء البدنة أو البقرة عن أهل البيت ولو كانوا أكثر من سبعة لأن صاحب الشرح ذكرهما مع الشاة المنصوص على إجزائها عن أهل البيت ولو كانوا أكثر من سبعة (لأنه صلى الله عليه وسلم قد ذبح كبشين وقال: بسم الله هذا عن محمد وأهل بيته وقرّب الآخر، وقال اللهم منك ولك عمن وحدك من أمتي) وبخط عبد الوهاب بن فيروز أيضاً ما نصه قوله: وتجزيء الشاة عن واحد وأهل بيته يظهر أنه لو شرك غيرهم من الأجانب لا يجزيء خلافاً لمن عمم انتهى كلام ابن فيروز.
قلت: الظاهر أنه لا خصوص لأهل البيت لما في الحديث (اللهم منك ولك عمن وحدك من أمتي) ثم رأيت كلاماً للشيخ عبد الله أبي بطين قد استظهر فيه أنه لا خصوص لأهل البيت، والله أعلم.
قال ابن القيم رحمه الله: (وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة من أصحابه كانوا معه فأخرج كل واحد منهم درهما فاشتروا أضحية فقالوا يا رسول الله لقد أغلينا بها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رجل برجل ورجل برجل ورجل بيد ورجل بيد ورجل بقرن ورجل بقرن وذبحها السابع وكبروا عليها جميعاً ذكره أحمد نزل هؤلاء النفر منزلة أهل البيت الواحد في إجزاء الشاة عنهم لأنهم كانوا رفقة واحدة انتهى كلام ابن القيم.
فائدة: إذا أراد الإخوة أن يضحوا عن والدهم مثلاً بأضحية واحدة صح ذلك سواء كانوا شركاء في المال أو لم يكونوا وكذلك لو لم يكونوا إخوة