الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
--
فصل:
وقت ابتداء ذبح أضحية أو هدي نذر أو تطوع أو هدي تمتع أو قران من بعد أسبق صلاة العيد بالبلد الذي تصلى فيه ولو قبل الخطبة، والأفضل بعدها وبعد ذبح الإمام إن كان خروجاً من الخلاف لحديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى) . متفق عليه، أو بعد قدر الصلاة بعد دخول وقتها بمحل لا تصلي فيه كأهل البوادي من أصحاب الطنب والخركاوات ونحوهم، قال مرعي: ويتجه أو ببلد لا تجب عليهم انتهى، فدخول وقت ذبح ما ذكر في حقهم بمضي قدر ما تفعل فيه الصلاة بعد دخول وقتها لأنه لا صلاة في حقهم تعتبر فوجب الاعتبار بقدرها، أما من بمصر أو قرية يصلي فيها العيد فليس له الذبح قبل الصلاة حتى تزول الشمس، فإن فاتت الصلاة بالزوال ذبح بعده. قال في الإقناع وشرحه: ووقت ابتداء ذبح يوم العيد بعد الصلاة، ولو سبقت صلاة إمام في البلد الذي يتعدد فيه العيد جاز الذبح لتقدم الصلاة عليه انتهى ملخصاً.
وآخر وقت ذبح أضحية أو هدي نذر أو تطوع أو هدي تمتع أو قران آخر اليوم الثاني من أيام التشريق؛ فأيام النحر ثلاثة: يوم العيد ويمان بعده وهو قول عمر وابنه وابن عباس وأبي هريرة وأنس وأبي حنيفة ومالك، قال الإمام أحمد: أيام النحر ثلاثة عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية عن خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أن آخر وقت الذبح لأضحية أو هدي آخر أيام التشريق، وروى عن علي أنه قال (أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده) حكاه النووي في شرح مسلم، وحكاه أيضاً عن جبير بن مطعم وعطاء والحسن
البصري وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام ومكحول وداود الظاهري والأوزاعي وابن المنذر ومشى عليه في الإيضاح، وهو مذهب الشافعي واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فعلى هذه الرواية تكون أيام النحر أربعة يوم العيد وثلاثة أيام بعده، والتضحية وذبح الهدي في يوم العيد أفضل، وأفضله عقب الصلاة والخطبة وذبح الإمام إن كان وتقدم لما فيه من المبادرة والخروج من الخلاف، ثم ما يلي يوم العيد أفضل مسارعة للخير؛ ويجزيء ذبح هدي أو أضحية في ليلتي اليوم الأول والثاني من أيام التشريق لدخوله في مدة الذبح فجاز فيه كالأيام، وفي الإقناع: يجزيء مع الكراهة للخروج من الخلاف، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والشافعي وإسحاق وأبي ثور والجمهور، وظاهر المنتهى لا يكره، واختار الخرقي لا يجزيء الذبح في ليلتيهما، وهو اختيار الخلال ونص عليه في رواية الأثرم، قال في الفروع: وعنه لا يجزيء ليلا اختاره الخلال وأنه رواية الجماعة والخرقي وغيرهما انتهى وهو المشهور عن مالك وعليه عامة أصحابه، وحكم ليلة اليوم الثالث حكم ليلتي اليوم الأول والثاني على الرواية الثانية، ووقت ذبح ما وجب من الدماء بفعل محظور فعله في الإحرام كلبس وطيب وحلق رأس ونحوه من حين فعل المحظور، وإن أراد فعل
المحظور لعذر يبيحه فله ذبح ما يجب به قبل فعل المحظور لوجود سببه كإخراج كفارة عن يمين بعد حلف وقبل حنث وتقدم في باب الفدية ذكر ذلك. ووقت ذبح ما وجب من الدماء لترك واجب في حج أو عمرة من حين ترك الواجب ولا يختص ذلك بأيام النحر، فلو ترك الإحرام من الميقات أو خرج من عرفة قبل الغروب جاز ذبح ما وجب من الدم بسبب ذلك قبل أيام النحر وبعدها لكن بشرط كون الذبح بالحرم، هذا في أحد واجبات الحج وفي فعل المحظور
في الحرم، وأما إذا فعل المحظور خارج الحرم فلا يتعين ذبح ذلك بالحرم بل يجوز ولو خارجا عنه غير قتل الصيد فلا يجزيء إلا في الحرم، وإن ذبح هدياً أو أضحية قبل وقته لم يجزئه كالصلاة قبل الوقت وصنع به ما شاء لأنه لحم وعليه بدل الواجب لبقائه في ذمته، وإن فات وقت الذبح قبل ذبح هدي أو أضحية ذبح الواجب قضاء وفعل به كالأداء؛ أي كالمذبوح في وقته المعتبر لأن الذبح أحد مقصودي الهدي والأضحية فلا يسقط بفوات وقته، كما لو ذبحها في الوقت ثم خرج قبل تفرقتها فرقها بعد ذلك، وسقط التطوع بخروج وقت الذبح لأنه سنة فات محلها، فلو ذبح التطوع بعد خروج الوقت وتصدق به كان لحما تصدق به لا أضحية وهدياً.
فوائد: الأولى: عقار وقفه مالكه وجعل من ريعه أضحية لشخص أو أشخاص فاشترى الوصي من غلته أضحية ومضت أيام النحر ولم تذبح لعذر أي غيره لزم الوصي ذبحها أي وقت كان، لأنها وجبت بنفس الشراء من غلة العقار الموقوف عليها فتعينت به، أما إن مضت أيام النحر قبل شراء الأضحية فإنه يؤخرها إلى العام المقبل ويذبحها مع أضحية ذلك العام، والله أعلم.
الثانية: الوصي على ذبح الأضاحي هل له أن يشتريها قبل عيد يوم النحر أو لا يشتريها إلا وقت الذبح، وهل إن اشتراها قبل وقت الذبح يضمن إن تلفت أم لا؟ فإن ضاعت ووجدها بعد أن مضت أيام النحر ما يفعل بها؟ الظاهر أنه يرجع في ذلك إلى العادة فإن كانت عادة أهل بلده جارية بشراء الأضاحي قبل وقت الذبح فله شراؤها قبله ولا ضمان عليه إن ضاعت لعدم تعديه، وإلا تكن عادة أهل بلده جارية بالشراء قبل وقت الذبح فليس له ذلك، فإن اشتراها في هذه الحال وتلفت فالظاهر أنه يضمن لوجود التعدي منه، وإذا ضاعت ووجدت بعد مضي أيام النحر فإنها تذبح حال وجودها ويفعل بها كما يفعل بها لو ذبحت في وقت الذبح، والله أعلم.