الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واشتركوا في شراء أضحية وذبحوها عن إنسان، وإذا ضحى إنسان بشاة واحدة وجعل ثوابها لوالديه وإخوانه مثلا جاز ذلك وإن كثروا كما تقدم، بخلاف الحجة فإنها لا تصح إلا عن واحدة، فلو حج عن والديه بحجة واحدة لم يصح ذلك لأن الحجة الواحدة لا تقع عن عدد، ولا يجوز التشريك فيها بخلاف الأضحية، وإذا أراد إنسان أن يضحي عن جماعة بأضحية واحدة فإنه لا يشترط تسميتهم بل تكفي النية لكن يستحب له أن يسميهم فيقول عن فلان وفلان وفلان، أما لو حج حجة واحدة نفلاً لنفسه ثم بعد إتمامها جعل ثوابها لوالديه ونحوهما فإنه غير ممنوع فيما يظهر وصرح به في رد المحتار لابن عابدين الحنفي، والله أعلم.
--
فصل:
ولا تجزيء في الهدي والأضحية العوراء البينة العور: وهي التي انخسفت عينها، فإن كان على العين بياض وهي قائمة لم تذهب أجزأت لأن ذلك لا ينقص لحمها، ولا تجزيء فيهما عمياء وإن لم يكن عماها بيِّناً كقائمة العينين مع ذهاب إبصارهما لأن العمى ينع مشيها مع رفيقتها ويمنع مشاركتها في العلف، وفي النهي عن العوراء تنبيه على النهي عن العمياء.
قال النووي: وتجزيء العشواء على الأصح؛ وهي التي تبصر بالنهار دون الليل لأنها تبصر وقت الرعي، وأما العمش وضعف بصر العينين جميعاً فقطع الجمهور بأنه لا يمنع وقال الروياني إن غطى الناظر بياضٌ أذهب أكثره منع وإن أذهب أقله لم يمنع على الصحيح انتهى. ولا تجزئء عجفاء لا تفقي بضم التاء وإسكان النون وكسر القاف، من أنقت الإبل: إذا سمنت وصار فيها نقي، بكسر النون
وإسكان القاف: وهو مخ العظم وشحم العين من السمن قاله ابن أبي الفتح الحنبلي في المطلع، والعجفاء هي الهزيلة التي لا مخ فيها، ولا تجزيء عرجاء بيِّنٌ ظلعها بفتح اللام وسكونها: أي غمزها وهي التي لا تقدر على المشي مع جنسها الصحيح إلى المرعى، ولا تجزيء كسيرة ولا مريضة بين مرضها: وهو المفسد للحمها بجرب أو غيره لحديث البراء بن عازب قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسيرة التي لا تنقي) . رواه الخمسة وصححه الترمذي وأخرجه أيضاً ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه النووي، وفي رواية الترمذي والنسائي والعجفاء بدل الكسيرة، قال النووي وحكى وجه في الهيام خاصة أنه يمنع الأجزاء وهو من أمراض الماشية وهو أن يشتد عطشها فلا تروى من الماء، والهيام بضم الهاء قال أهل اللغة هو داء يأخذها فتهيم في الأرض لا ترعى، وناقة هيماء بفتح الهاء والمد انتهى.
ولا تجزيء عضباء بالعين المهملة والضاد المعجمة: وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها لحديث علي قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب الأذن والقرن) قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: العضب: النصف فأكثر من ذلك رواه الخمسة، وصححه الترمذي، لكن ابن ماجة لم يذكر قول قتادة إلى آخره، وسكت عن الحديث أبو داود والمنذري، وقال الإمام أحمد العضباء ما ذهب أكثر أذنها أو قرنها، نقله حنبل لأن الأكثر كالكل، وتكره معيبة أذن بخرق أو شق أو قطع لنصف أو أقل من النصف، وكذا معيبة قرن بواحد من هذه، وهذه الكراهة كراهة تنزيه فيحصل الإجزاء بها لأن اشتراط السلامة من ذلك يشق ولأنه ليس داخلاً في العضب المنهي
عنه، قال في المنتهى وشرحه، ولا يجزيء عضباء: وهي ما ذهب أكثر أذنها أو ذهب أكثر قرنها إلى أن قال: وتكره معيبتهما؛ أي الأذن والقرن بخرق أو شق أو قطع لنصف منهما فأقل انتهى، وكذا في الإقناع وشرحه: قال في الغاية: وكره معيبة أذن وقرن بخرق أو شق أو قطع لنصف فأقل، ويتجه احتمال أَلْيه كذلك انتهى، قال في شرح الدليل للشيخ عبد القادر: وتجزيء الحامل وما خلق بلا أذن أو ذهب نصف أليته أو أذنه، وتكره معيبة أذن بخرق أو شق أو قطع لنصف أو أقل وكذا قرن، ولا تجزيء عضباء، وهي ما ذهب أكثر أذنها أو قرنها لأن الأكثر كالكل انتهى ملخصاً، ومن هذا يتضح أن المذهب إجزاء ما ذهب نصف أذنها أو قرنها كما هو نص الإمام أحمد في رواية حنبل خلافاً لما ذهب إليه سعيد بن المسيب رحمه الله حيث قال: العضب النصف فأكثر، والله أعلم.
تنبيه: إذا ذهب أكثر القرن من الكبش فإنه لا يجزيء في الأضحية ولا في الهدي، ولا يقال إن عدم الأجزاء فيما ذهب أكثر قرنه مختص بالبقر والمعز كما فهمه بعض المعاصرين محتجاً بأن القرن في الكبش نادر والنادر لا حكم له، لأنا نقول قرن البش له حكم في الأفضلية وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين ونهى أن يضحي بأعضب القرن، فشمل النهي كل ما له قرن سواء كان من البقر أو المعز أو الكبش والله أعلم. ولا تجزيء الجداء: وهي جافة الضرع: أي الجدباء التي شاب ونشف ضرعها لأن هذا أبلغ في الإخلال بالمقصود من ذهاب شحمة العين ولأنها في معنى العجفاء، بل أولى، والجداء: اسم لما لم يكن في ضرعها لبن فإذا وجد فيه شيء فليس بجداء، ولو جد شطر وسلم الآخر أو بعضه فإنها لا تكون جداء، قال بعض
المالكية عن مذهبهم لا تجزيء في الأضحية يابسة الضرع فإن كانت ترضع ببعضه لم يضر انتهى، قال في المنتهى ولا تجزيء جداء وهي الجدباء وهي ما شاب ونشف ضرعها انتهى، قال عبد الوهاب بن فيروز في حاشية الزاد قوله وهو ما شاب كذا في الرعاية ولم يظهر لي معنى هذا اللفظ، ولم أر في القاموس كالصحاح والمجمل ما أستدل به عليها فتأمل انتهى كلام ابن فيروز. قلت: عدم ظهور معنى ذلك لابن فيروز يعد منه قصوراً. قال في شرح الغاية: معنى شاب أبيض ضرعها لأن الشاة إذا كبرت ابيض ضرعها انتهى، وما ذكره شارح الغاية واف بالمعنى، قال في النهاية: الجدّاء: ما لا لبن فيها من حلوبة لآفة أيبست ضرعها، وتجدّ الضرع: ذهب لبنه، والجدّاء من النساء الصغيرة الثدي انتهى، ولا تجزيء هتما وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها، هذه عبارة الأصحاب، فظهر من تعريفهم هذا أن المانع من الإجزاء هو ذهاب الثنيتين جميعاً، فلو لم يذهب إلا ثنية واحدة أجزأت فيما يظهر والله أعلم.
ولا تجزيء عصماء، وهي التي انكسر غلاف قرنها، قال في الإقناع: وتجزيء ما ذهب دون نصف أليتها قال في شرحه وكذا ما ذهب نصفها كما في المنتهى، وقياس ما تقدم في الأذن، وتكره، بل هنا أولى انتهى. وعبارة المنتهى: ويجزيء ما خلق بلا أذن أو ذهب نصف أليته انتهى، فإن ذهب أكثر من نصف الألية لم تجزيء لأن الألية ليست بذنب والله أعلم، وتجزيء الجماء. وهي التي خلقت بلا قرن، والصمعاء بالصاد والعين المهملتين، وهي صغيرة الأذن وما خلقت بلا أذن، والبتراء التي لا ذنب لها خلقه أو مقطوعاً لأن ذلك لا يخل بالمقصود، وتجزيء التي بعينها بياض لا يمنع النظر لعدم فوات المقصود من البصر وتقدم، ويجزيء الخصي وهو ما قطعت خصيتاه أو سُلَّتا أو رُضتّا لأن