الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سائبة، وجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها، وكانوا إذا ولدت الشاة أنثى فهي لهم، وإن ولدت ذكراً فهو لآلهتهم، وإن ولدت ذكراً وأنثى قالوا: وصلت أخاها - أي ذكر وأنثى من بطن واحد – وهي الوصيلة، وإذا أنتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا: قد حمى ظهره، وهو الحام.
فلما جاء الإسلام أبطل هذه العادات كلها، فلا بحيرة، ولا سائبة، ولا وصيلة، ولا حام (1).
فأحلّ الله تبارك وتعالى الأنعام كلها إلا ما استثنى سبحانه وتعالى من هذه الأنعام، فأحل الطيبات، وحرم الخبائث، وأبطل عادات الجاهلية، فالحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرّمه الله ورسوله، أما ما استثنى سبحانه مما أحلّ للمؤمنين فهو قوله تعالى:{إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} ، وتوضيحه سيأتي إن شاء الله تعالى.
ثانياً: ما استُثنِيَ مما أحل الله للمؤمنين من بهيمة الأنعام:
قوله تعالى: {إِلَاّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} ، قال
علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ((يعني بذلك، الميتة والدم، ولحم الخنزير
…
))، قال ابن كثير: ((والظاهر والله أعلم أن المراد بذلك قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ
(1) صفوة التفاسير، 1/ 369.
وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} (1).
وقال القرطبي: ((قوله تعالى: {إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} أي يقرأ عليكم في القرآن والسنة، من قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ
…
} الآية وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وكل ذي ناب من السباع حرام)) (2).
وقوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} ، قال بعضهم: هذا منصوب على الحال، والمراد بالأنعام ما يعمّ الإنسي من الإبل، والبقر، والغنم وما يعم الوحشي، كالظباء، والبقر، والحمر، فاستُثني من الإنسي ما تقدم، واستثني من الوحشي الصيد في حال الإحرام.
وقيل: المراد أحللنا الأنعام إلا ما استُثْنِيَ منها لمن التزم تحريم الصيد، وهو حرام لقوله تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3).
أي أبحنا تناول الميتة للمضطر بشرط أن يكون غير باغٍ ولا معتدٍ، وهكذا هنا أي كما أحللنا الأنعام في جميع الأحوال، فحرموا الصيد حال الإحرام؛ فإن الله قد حكم بهذا وهو الحكيم في جميع ما يأمر به وينهى عنه؛ ولهذا قال:{إِنَّ الله يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (4).
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 2/ 4، والآية 3 من سورة المائدة.
(2)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، والحديث رواه مسلم، برقم 1933، ولكن بلفظ:((كل ذي ناب من السباع فأكله حرام))، وتقدم تخريجه.
(3)
سورة النحل، آية:115.
(4)
تفسير القرآن لابن كثير، 2/ 4، والآية الأولى من سورة المائدة.