الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: الضابط العام للأنواع المحرمة من الحيوانات والطيور:
عن أبي ثعلبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع)) (1).
وفي صحيح مسلم: عن ابن عباس: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير)) (2).
والمخلب للطير كالظفر لغيره، لكنه أشد منه وأغلظ وأَحَدُّ، فهو كالنَّاب للسبع، قال ابن حجر في فتح الباري: ((اختلف القائلون بالتحريم في المراد بما له ناب، قيل: إنه ما يتقوَّى به ويصول على غيره، ويصطاد ويعدو بطبعه غالباً كالأسد، والفهد، والصقر، والعقاب، أما ما لا يعدو كالضبع، والثعلب، فلا، وإلى هذا ذهب الشافعي، والليث، ومن تبعهما.
ثم قال: وقد ورد هذا في حل الضبع أحاديث لا بأس بها.
أما الثعلب فورد في تحريمه حديث خزيمة بن جزء عند الترمذي، وابن ماجه، ولكن سنده ضعيف)) (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل ذي ناب من السباع فأكله
(1) البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب أكل كل ذي ناب من السباع، برقم 5530، وكتاب الطب، باب ألبان الأتن، برقم الحديث 5780.
(2)
صحيح مسلم، برقم 1934، وتقدم تخريجه.
(3)
فتح الباري، 9/ 658.
حرام)) (1)، قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم في شرح هذا الحديث: قوله: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير))، وفي رواية:((كل ذي ناب من السباع فأكله حرام))، والمخلب بكسر الميم وفتح اللام، وقال أهل اللغة: المخلب للطير والسباع بمنزلة الظفر للإنسان، فهذه الأحاديث دلالة لمذهب الشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، وداود، أنه يحرم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير.
أما الإمام مالك، فقال: لا يحرم بل يكره، ودليله قوله تعالى:
{قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
…
} الآية (2).
ثم قال النووي: ((ورَدَّ عليه أصحابنا بهذه الأحاديث، وقالوا: والآية ليس فيها الإخبار بأنه لم يجد في ذلك الوقت محرماً إلا المذكورات في الآية، ثم أوحي إليه بتحريم كل ذي ناب من السباع - ومخلب من الطير - فوجب قبوله والعمل به)) (3).
قلت: وبالجملة تحرم الحيوانات والطيور المفترسة آكلة اللحوم، ويستثنى من هذه الحيوانات ما ورد في الشرع استثناؤه من هذه الحيوانات، كالضبع، فإنه قد ورد في حِلّه أحاديث منها:
(1) مسلم، برقم 1933، وتقدم تخريجه.
(2)
سورة الأنعام، الآية:145.
(3)
شرح النووي لصحيح مسلم، 13/ 82.
1 -
عن أبي عمار قال: ((قلت لجابر: الضبع، أصيد هي؟ قال: نعم، قال: قلت: آكلها؟ قال: نعم، قال: قلت: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم)) (1).
2 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: ((هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم)) (2)، وقال ابن حجر العسقلاني:((وقد ورد في حل الضبع أحاديث لا بأس بها)) (3).
الخلاصة في هذا الموضوع أنه يحرم: كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، إلا ما استثني كالضبع كما تقدم.
(1) رواه الترمذي، باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم، برقم 851، وقال:((هذا حديث حسن صحيح))، وانظر: صحيح الترمذي، 1/ 255.
(2)
رواه أبو داود، كتاب الأطعمة، باب في أكل الضبع، برقم 3801، وقد روي أحاديث كثيرة في الضبع، روى ذلك، أحمد، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، والدارمي، ومالك واخترت حديثين هما ما ذكر أعلاه من سنن الترمذي، وسنن أبي داود.
(3)
فتح الباري كتاب الصيد 9/ 658.