الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: حكم نكاح الكتابيات
.
قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} أي وأحل لكم نكاح الحرائر العفائف من النساء المؤمنات، وذكر هذا توطئة لما بعده، وهو قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} أي المحصنات العفيفات عن الزنا، كما قال تعالى:{مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} (2).
وقد كان الناس لا ينكحون الكتابيات بعد أن نزلت الآية التي في سورة البقرة: {وَلَا تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} (3)، فجعلوا هذه الآية مخصصة للتي في سورة البقرة: {وَلَا تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ
…
} إن قيل بدخول الكتابيات في عمومها، وإلا فلا معارضة بينها وبينها؛ لأن أهل الكتاب قد انفصلوا في ذكرهم عن المشركين في غير موضع، كقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ
(1) سورة المائدة، الآية:5.
(2)
سورة النساء، الآية:25.
(3)
سورة البقرة، الآية:221.
الْبَيِّنَةُ} (1)، قال ابن كثير أيضاً:((قد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى، ولم يروا بذلك بأساً أخذاً بهذه الآية الكريمة)) (2).
قال ابن الجوزي: ((وقد روي عن عثمان أنه تزوج نائلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية.
وعن طلحة بن عبيد الله: أنه تزوج يهودية
…
أما المجوس فالجمهور على أنهم ليسوا بأهل كتاب، وقد شذّ من قال: إنهم أهل كتاب)) (3).
وقوله: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي مهورهن، أي كما هن محصنات عفائف فابذلوا لهن المهور عن طيب نفس.
وقوله {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} ، فكما شرط الإحصان في النساء وهو العفة عن الزنا، كذلك شرطها في الرجال أن يكونوا محصنين عفيفين؛ ولهذا قال تعالى:{غَيْرَ مُسَافِحِينَ} ، وهم الزناة، {وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} أي ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهن؛ ولهذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصحّ نكاح المرأة البغي حتى تتوب، وكذلك لا يصحّ عنده عقد الرجل الفاجر على عفيفة حتى يتوب؛ لهذه الآية؛ ولحديث:((لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله)) (4).
(1) سورة البينة، الآية:1.
(2)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 2/ 20.
(3)
زاد المسير في علم التفسير، 2/ 296.
(4)
تفسير ابن كثير، 2/ 17، والحديث في مسند أحمد، 2/ 324، برقم 8283، وسنن أبي داود، كتاب النكاح، باب في قوله تعالى:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} ، برقم 2054، 2/ 221، وانظر: صحيح الجامع للألباني، 6/ 255.
قال قتادة: ((أحلّ الله لنا محصنتين: محصنة مؤمنة، ومحصنة من أهل الكتاب، نساؤنا عليهم حرام، ونساؤهم لنا حلال)) (1).
(1) فتح القدير للشوكاني 2/ 16.