الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
أولاً: تعريف الشعائر:
الشعائر لغة: أشعرها جعل لها شعيرة، وشعائر الحج مناسكه، وعلاماته، والشعيرة، والشعارة، والمشعر معظمها، وشعائره معالمه التي ندب الله إليها، وأمر بالقيام بها، وكلما ألزقته بشيء أشعرته به، والشعائر جمع شعيرة، على وزن فعيلة
…
ومنه الإشعار للهدي، والمشاعر المعالم، واحدها مشعر (1).
قال عطاء في الشعائر: ((جميع ما أمر الله به، ونهى عنه)).
وقال الحسن: دين الله كله، كقوله:{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (2).
قال القرطبي: ((وهو الراجح الذي لا يُقدَّمُ غيرهُ؛ لعمومه)) (3).
ثانياً: سبب النزول، وأقوال العلماء فيما نسخ من هذه الآية وما لم ينسخ:
قال الشوكاني: ((إن سبب نزول هذه الآية أن المشركين كانوا يحجون ويعتمرون، ويهدون، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله
…
} (4) إلى آخر هذه الآية، فيكون
(1) القاموس المحيط، فصل الشين، باب الراء، 2/ 59.
(2)
سورة الحج، آية:32.
(3)
الجامع لأحكام القرآن الكريم للقرطبي، 6/ 37.
(4)
سورة المائدة، الآية:2.
ذلك منسوخاً بقوله تعالى: {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ
…
} (1)، وقوله تعالى:{فَلَا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (2)، وقوله صلى الله عليه وسلم:((لا يحجنّ بعد العام مشرك)) (3)، وقال قوم: الآية محكمة، وهي في المسلمين)) (4).
قلت: وسبق أن ذكرت أقوال العلماء بالتفصيل في الباب الأول، الفصل الثاني: تحت عنوان: ما نسخ من هذه الآيات الخمس وما لم ينسخ، وذكرت الثلاثة الأقوال التي قالها علماء الناسخ والمنسوخ، فأغنى عن إعادتها هنا، قوله تعالى:{وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلآئِدَ} ، يعني بذلك تحريمه والاعتراف بتعظيمه، وترك ما نهى الله عن تعاطيه فيه، من الابتداء بالقتال، وتأكيد اجتناب المحارم، وفي صحيح البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع:((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجبُ مُضرَ الذي بين جُمادَى وشعبان)) (5).
(1) سورة التوبة، آية:5.
(2)
سورة التوبة، آية:38.
(3)
البخاري، كتاب الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك، برقم 1622، ولكنه بلفظ:((ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان)).
(4)
فتح القدير للشوكاني، 2/ 6.
(5)
البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أرضين، برقم 3197، ومسلم، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، برقم 1679.
((قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني لا تستحلوا القتال فيه
…
وذهب الجمهور إلى أن ذلك منسوخ، وأنه يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم
…
وقد حكى الإجماع الإمام أبو جعفر على أن الله قد أحل قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم وغيرها.
وقوله: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلآئِدَ} ، أي لا تتركوا الإهداء إلى البيت الحرام، فإن فيه تعظيم شعائر الله، ولا تتركوا تقليدها في أعناقها لتتميز به عما عداها من الأنعام؛ وليعلم أنها هدي إلى الكعبة، فيجتنبها من يريدها بسوء، وتبعث من يراها على الإتيان بمثلها؛ فإن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء)) (1).
قوله تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} ، أي ولا تستحلوا قتال القاصدين إلى بيت الله الحرام لحج أو عمرة، نهى تعالى عن الإغارة عليهم أو صدهم عن البيت كما كان أهل الجاهلية يفعلون (2).
وقوله تعالى: {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا
…
} يعني بذلك التجارة، وهذا كما تقدم في قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} (3).
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 2/ 4.
(2)
صفوة التفاسير للصابوني، 1/ 226.
(3)
سورة البقرة، آية:198.