الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
أولاً: بيان الخلاف في حلّ صيد بعض الجوارح:
قيل: إن السبع يسمى كلباً، فيدخل كل سبع يصاد به، وقيل: إن هذه الآية خاصة بالكلاب.
وقد حكى ابن المنذر عن ابن عمر أنه قال: ((ما يصاد بالبزاة وغيرها من الطير، فما أدركت ذكاته فهو حلال وإلا فلا تطعمه)).
وإن كان الكلب الأسود بهيماً فكره صيده الحسن، وقتادة، والنخعي، وقال أحمد: ما أعرف أحداً يرخص فيه إذا كان بهيماً .. واحتجوا بحديث ((الكلب الأسود شيطان)) (1).
أما عامة أهل العلم بالمدينة والكوفة، فيرون جواز صيد كل كلب معلَّم.
قال الشوكاني: ((والحق أنه يحلّ صيد كل ما يدخل تحت عموم الجوارح من غير فرق بين الكلب وغيره، وبين الأسود من الكلاب وغيره، وبين الطير وغيره)) (2)، قلت: قال القاضي عياض، وأبو يعلى: ((ومنع أصحابنا الصيد بالكلب الأسود وإن كان معلَّماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله، والأمر بالقتل: يمنع ثبوت الصيد، ويبطل حكم الفعل، فيصير
(1) سبق تخريجه، وهو في مسلم، برقم 510.
(2)
فتح القدير للشوكاني، 2/ 13.
وجوده كعدمه.
قلت: يقصد القاضي عياض وأصحابه بأمر صلى الله عليه وسلم الرسول بقتل الكلب الأسود: حديث: ((عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان)) (1).
وحديث عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم)) (2).
واستثنى الإمام أحمد الكلب الأسود كذلك؛ لأنه عنده مما يجب قتله، ولا يحل اقتناؤه؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((يقطع الصلاة الحمار، والمرأة، والكلب الأسود))، فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟ قال: ((الكلب الأسود شيطان)) (3).
أما ما عدا الكلب الأسود، فقد جاء الشرع باستثناء ثلاثة من الكلاب، ودليل ذلك ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من اقتنى كلباً ليس كلب صيد، ولا ماشية، ولا أرض؛ فإنه ينقص من أجره
(1) مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وبيان تحريم اقتنائها، إلا لصيد أو زرع أو ماشية ونحو ذلك، برقم 1572.
(2)
أبو داود، كتاب الصيد، باب فِى اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، برقم 2847، الترمذي، كتاب الأحكام والفوائد، باب قتل الكلاب، برقم 1486، والنسائي، كتاب الصيد والذبائح، صفة الكلاب التي أمر بقتلها، برقم 4791، والدارمي، 2/ 90، وانظر: صحيح الجامع الصغير، 5/ 75، برقم 5198.
(3)
مسلم، كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وبيان تحريم اقتنائها، إلا لصيد أو زرع أو ماشية ونحو ذلك، برقم 510.