الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
أولاً: معرفة سبب نزول الآيات الخمس الأُول من سورة المائدة:
1 -
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{لَا تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله} قال: كان المشركون يحجّون البيت الحرام، ويهدون الهدايا، ويعظّمون حرمة المشاعر، وينحرون في حجّهم، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم، فقال الله:{لَا تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ الله} (1).
2 -
وفي الصحيحين من حديث طارق بن شهاب، قال:((جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرؤون آية من كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال: وأي آية هي؟ قال: قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} (2)، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والساعة التي نزلت فيها، والمكان الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم جمعة، وفي لفظ: نزلت عشية عرفة)) (3)، قال سعيد بن جبير: عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك واحداً وثمانين يوماً.
(1) فتح القدير، 2/ 7.
(2)
سورة المائدة، الآية:4.
(3)
البخاري، كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه، برقم 45، ومسلم، كتاب التفسير، برقم 3017، ولفظ مسلم قريب من ذلك، ورواه أحمد، 1/ 237، برقم 188.
3 -
قال ابن الجوزي في تفسيره: ((زاد المسير في علم التفسير)): في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ
…
} الآية:
((في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بقتل الكلاب، قال الناس: يا رسول الله ماذا أحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فنزلت هذه الآية (1).
والثاني: أن عدي بن حاتم، وزيد الخيل الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيد الخير قالا: ((يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، فمنه ما ندرك ذكاته، ومنه ما لا ندرك ذكاته، وقد حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا منها، فنزلت هذه الآية، قاله سعيد بن جبير)) (2).
وكان السبب في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب هو ما رواه مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ((أخبرتني ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوماً واجماً (3)، فقالت ميمونة: يا رسول الله لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن جبريل كان واعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني أما والله ما أخلفني))، قال: فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على
(1) رواه الحاكم في مستدركه، وقال:((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي، وفي سنده محمد بن إسحاق وقد عنعن، المستدرك، 2/ 311.
(2)
رواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين، وفي سنده ابن لهيعة، قال الحافظ في التقريب:((صدوق خلط بعد احتراق كتبه))، وعطاء بن دينار الراوي عن سعيد بن جبير قيل لم يسمع منه.
(3)
الواجم هو الساكت الذي يظهر عليه الهم والكآبة.
ذلك، ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه، فلما أمسى لقيه جبريل فقال له:((قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة))، قال: أجل ولكنَّا لا ندخل بيتاً فيه كلبٌ ولا صورة، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، فأمر بقتل الكلاب، حتى إنه يأمر بقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير (1)، وعن جابر رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فتقتله، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها، وقال:((عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان)) (2).
4 -
نزول قوله تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (3):
أ- قال ابن الجوزي: ((إن الله تعالى لما رخّص في نكاح الكتابيات قلن بينهن لولا أن الله تعالى قد رضي علينا، لم يبح للمؤمنين تزويجنا، وقال المسلمون: كيف يتزوج الرجل منا الكتابية وليست على ديننا، فنزلت:{وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} ،رواه أبو صالح عن ابن عباس.
ب - وقال مقاتل بن حيان: نزلت فيما أحصن المسلمون من نساء أهل الكتاب، يقول: ليس إحصان المسلمين إياهن بالذي يخرجهن من
(1) رواه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة
…
بقم 2105.
(2)
مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، وبيان تحريم اقتنائها إلا لصيد أو زرع أو ماشية ونحو ذلك، برقم 1572.
(3)
سورة المائدة، آية:5.