الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ.
(فَصْلٌ) سُنَّ الْأَذَانُ
ــ
[منح الجليل]
الصَّوْمِ كَسَلًا يُؤَخَّرُ لِقُرْبِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُتَعَرَّضُ لِتَارِكِ الْحَجِّ، وَلَوْ عَلَى فَوْرِيَّتِهِ لِأَنَّ شَرْطَهُ الِاسْتِطَاعَةُ وَرُبَّ عُذْرٍ بَاطِنِيٍّ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ فَيُؤْمَرُ وَيُدَيَّنُ وَتَارِكُ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ كَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ قُتِلَ فَهَدَرٌ، وَلَكِنْ لَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ وَتَكْفِيهِ نِيَّةُ الْمُكْرَهِ لَهُ.
(وَالْجَاحِدُ) أَيْ الْمُنْكِرُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ أَوْ رُكُوعَهَا أَوْ سُجُودَهَا (كَافِرٌ) أَيْ مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ تَمَّتْ وَلَمْ يَتُبْ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كُفْرًا فَلَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُتْرَكُ لِلْكَافِرِينَ إلَّا أَنْ تُخَافَ ضَيْعَتُهُ فَيُوَارَى لَا لِقِبْلَتِنَا وَلَا لِقِبْلَتِهِمْ وَلَا يُورَثُ مَالُهُ فَهُوَ فَيْءٌ
لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَحَدَ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا لِعَامَّةِ النَّاسِ كَأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِقَدْحِهِ فِي الدِّينِ، سَوَاءٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ الْحَدِيثُ أَوْ الْإِجْمَاعُ أَوْ الْقِيَاسُ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهِمَا]
وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ إعْلَامٍ بِشَيْءٍ وَشَرْعًا إعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ قُرْبِهِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ أَيْضًا.
(سُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الْأَذَانُ) أَيْ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ تَلَاصَقَتْ أَوْ عَلَا بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِكُلِّ مَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَيَجِبُ فِي كُلِّ بَلَدٍ كِفَايَةً، وَإِنْ تَرَكُوهُ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ هَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي كُلِّ بَلَدٍ.
لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا: فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ، وَلَوْ جُمُعَةً وَهُوَ مُثَنًّى،
ــ
[منح الجليل]
وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِهِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَصِلَةُ سُنَّ (لِجَمَاعَةٍ) أَيْ مِنْهَا كِفَايَةً لَا لِمُنْفَرِدٍ وَنَعَتَهَا بِجُمْلَةِ (طَلَبَتْ) أَيْ جَمَاعَةٌ (غَيْرَهَا) لِلصَّلَاةِ مَعَهَا لَا لِجَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ غَيْرِ طَالِبَةٍ غَيْرَهَا وَصِلَةُ " سُنَّ "(فِي فَرْضٍ) لَا فِي سُنَّةٍ كَعِيدٍ (وَقْتِيٍّ) بِشَدِّ الْيَاءِ أَيْ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ فِي جُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الزَّمَانِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، مُخْرِجٌ الْفَائِتَةَ إذْ وَقْتُهَا وَقْتُ تَذَكُّرِهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَالْجِنَازَةَ إذْ وَقْتُهَا الْفَرَاغُ مِنْ تَكْفِينِهَا كَذَلِكَ، وَالْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ " اخْتِيَارِيٍّ " وَلَوْ حُكْمًا لِتَخْرُجَ الصَّلَاةُ الْمُؤَدَّاةُ فِي الضَّرُورِيِّ لِغَيْرِ جَمْعٍ وَتَدْخُلَ الْمَجْمُوعَةُ فِيهِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا إنْ كَانَ الْفَرْضُ الْوَقْتِيُّ غَيْرَ جُمُعَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (جُمُعَةً) فَأَذَانُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ عَقِبَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَلَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْهُ وَلَا فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَكَذَا الثَّانِي الَّذِي هُوَ عَقِبَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِوُجُوبِ الثَّانِي، وَفِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِدْعَةٌ مُضَيِّعَةٌ لِثَمَرَتِهِ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ الْخَارِجِينَ عَنْ الْمَسْجِدِ لِيَسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَيَذَرُوا الْبَيْعَ وَكُلَّ مَا يَشْغَلُهُمْ عَنْهُ وَالْحَاضِرُونَ فِي الْمَسْجِدِ لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِالْأَذَانِ فَالصَّوَابُ فِعْلُهُ فِي مَحَلِّ الْأَذَانِ الْمُعْتَادِ لِلْإِسْمَاعِ لِمَنْ لَيْسَ فِي الْجَامِعِ كَمَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ إلَى الْآنَ.
(وَهُوَ) أَيْ الْأَذَانُ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ، وَهُوَ ذِكْرُ الِاسْمِ الظَّاهِرِ بِمَعْنًى، وَاعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ (مُثَنًّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ
وَلَوْ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ. مُرَجَّعُ الشَّهَادَتَيْنِ
ــ
[منح الجليل]
أَيْ كُلُّ جُمْلَةٍ تُثَنَّى أَيْ تُذْكَرُ مَرَّتَيْنِ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا مَعْدُولًا عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ تُذْكَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ وعبق وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْأَذَانِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ جُمْلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ رُجُوعِهِ لَهُ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ جُمَلِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ جُمَلَ الْأَذَانِ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ كَمَا يُقَالُ جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ تَرْتِيبُ جُمَلِهِ فَإِنْ نَكَّسَ شَيْئًا مِنْهَا ابْتَدَأَهُ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ وَبَالَغَ فِي تَثْنِيَةِ الْجُمَلِ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَتْ الْجُمْلَةُ (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الَّذِي فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بَيْنَ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " وَالتَّكْبِيرِ الْأَخِيرِ وَيَقُولُهَا الْمُؤَذِّنُ وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا بِفَلَاةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إنْسَانٌ يَنْشَطُ لِلصَّلَاةِ وَقِيلَ: يُسْقِطُهَا حِينَئِذٍ وَرَدَّهُ سَنَدٌ بِأَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ إنْسَانًا، وَجُعِلَ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا «أَتَاهُ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ: صلى الله عليه وسلم هَذَا يَا بِلَالُ اجْعَلْهُ فِي أَذَانِكَ إذَا أَذَّنْتَ لِلصُّبْحِ» .
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لِلْمُؤَذِّنِ الَّذِي جَاءَ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ فَهُوَ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَقِبَ الْأَذَانِ فَبِدْعَةٌ حَدَثَتْ فِي آخِرِ الْقَرْنِ الثَّامِنِ.
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِإِفْرَادِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ " وَهُوَ مُثَنًّى " جُمْلَةُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " فَلَا تُثَنَّى اتِّفَاقًا وَلَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا يَكْفِي فِي الْمَطْلُوبِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً أَوْ مَنْدُوبًا وَإِنْ أَوْتَرَ أَقَلَّهُ كَفَى (مُرَجَّعُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُشَدَّدًا خَبَرٌ ثَانٍ لِهُوَ أَيْ مُكَرَّرُ (الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ تَثْنِيَتِهِمَا مَعًا قِيلَ الْأَوْلَى " الشَّهَادَاتِ " لِيُفِيدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَجِّعُهَا بَعْدَ جَمْعِهَا. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَصْدُقُ بِتَرْجِيعِ مَرَّتَيْ الْأُولَى قَبْلَ مَرَّتَيْ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا
بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ أَوَّلًا. مَجْزُومٌ بِلَا فَصْلٍ، وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ
ــ
[منح الجليل]
الْمُرَادُ أَنَّهُ يَذْكُرُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ عَنْ صَوْتِ التَّكْبِيرِ ثُمَّ يُرَجِّعُهَا (بِأَرْفَعَ) أَيْ أَعْلَى (مِنْ صَوْتِهِ) بِهِمَا (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا عَقِبَ تَكْبِيرِهِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ لِخَفْضِهِ صَوْتَهُ بِهِمَا عَنْ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْمَاعِ فَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ فَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ (مَجْزُومٌ) أَيْ سَاكِنٌ آخِرُ الْجُمَلِ نَدْبًا لِمَدِّ الصَّوْتِ لِلْإِسْمَاعِ.
الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَّةَ جَزْمَهُ وَشُيُوخُ الْقَرَوِيِّينَ إعْرَابَهُ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ ابْنُ رَاشِدٍ: الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِهِ حَتَّى " اللَّهُ أَكْبَرُ " الْأَخِيرِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ مُعْرَبًا فَجَزْمُ مَا عَدَا التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَعِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رَاشِدٍ الْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَيُكْرَهُ اللَّحْنُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ سَلَامَتُهُ مِنْهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ حَدِيثًا إلَى مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ.
(بِلَا فَصْلٍ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ وَجُمَلِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ فَإِنْ وَجَبَ لِكَإِنْقَاذِ أَعْمَى فَصَلَ وَبَنَى مَا لَمْ يَطُلْ وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ (وَلَوْ) كَانَ (بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ) وَرَدِّهِ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِجَوَازِ إشَارَتِهِ لِكَسَلَامٍ كَالْمُصَلِّي، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا مَهَابَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الْقَلْبِ فَالْإِشَارَةُ فِيهَا لَا تَجُرُّ إلَى الْكَلَامِ، وَالْأَذَانَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْإِشَارَةُ فِيهِ لِذَلِكَ تُؤَدِّي لِلْكَلَامِ فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَعَبَّرَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِالْمَنْعِ فَحَمَلَهُ عج عَلَى الْكَرَاهَةِ وَأَبْقَاهُ الْحَطَّابُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَيُؤَيِّدُ كَلَامَ زَرُّوقٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُعَدَّ مِمَّا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَكُرِهَتْ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كَرَاهَتَهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْفَصْلِ بِهَا وَأَنَّهَا لَا تُكْرَهُ إنْ لَمْ يَفْصِلْ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ.
وَيَرُدُّ الْمُؤَذِّنُ السَّلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وُجُوبًا وَإِنْ ذَهَبَ الْمُسَلِّمُ وَيُسْمِعُهُ إنْ حَضَرَ وَالْمُلَبِّي كَالْمُؤَذِّنِ، وَكَذَا قَاضِي الْحَاجَةِ، وَالْوَاطِئُ وَلَكِنْ لَا يُؤْمَرَانِ بِالرَّدِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِنْ حَضَرَ
وَبَنَى إنْ لَمْ يَطُلْ، غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ، إلَّا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ.
وَصِحَّتُهُ بِإِسْلَامٍ،
ــ
[منح الجليل]
الْمُسَلِّمُ لِأَنَّ حَالَهُمَا يُنَافِي الذِّكْرَ (وَبَنَى) الْمُؤَذِّنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ أَذَانَهُ إنْ فَصَلَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (إنْ لَمْ يَطُلْ) فَصْلُهُ وَإِلَّا ابْتَدَأَهُ (غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ) شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ فَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَتَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَمُضَيِّعٌ لِفَائِدَتِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ إنْ عَلِمُوا تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنْ عَلِمُوهُ بَعْدَهَا فَلَا يُعِيدُونَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ مِنْ الْوَقْتِ أَعَادَهُمَا وُجُوبًا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ.
(إلَّا الصُّبْحَ فَ) يُؤَذَّنُ لَهَا (بِ) أَوَّلِ (سُدُسِ اللَّيْلِ) الْأَخِيرِ لِأَنَّهَا تَأْتِي النَّاسَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَنَبَّهُوا أَوْ يَتَأَهَّبُوا لَهَا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَالِاغْتِسَالِ مِنْ الْجَنَابَةِ إنْ كَانَتْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَادُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ قَوْلُ سَنَدٍ وَاخْتَارَهُ اللَّقَانِيُّ وَبَعْضُ مُحَقِّقِي الْمَغَارِبَةِ وَالرَّاجِحُ إعَادَتُهُ فَقِيلَ: نَدْبًا، وَالسُّنَّةُ الْأَوَّلُ، وَتَقْدِيمُهُ مَنْدُوبٌ وَالرَّاجِحُ اسْتِنَانًا، وَقِيلَ: مَنْدُوبٌ كَتَقْدِيمِهِ وَاخْتَارَ عج أَنَّهُمَا مَسْنُونَانِ وَأَيَّدَهُ الْبُنَانِيُّ بِالنُّقُولِ وَيَحْرُمُ الْأَذَانُ لِلصُّبْحِ قَبْلَ السُّدُسِ الْأَخِيرِ وَمَبْدَأُ اللَّيْلِ الْغُرُوبُ.
(وَصِحَّتُهُ) أَيْ الْأَذَانِ مَشْرُوطَةٌ (بِإِسْلَامٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ لِوُقُوعِ بَعْضِهِ حَالَ كُفْرِهِ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِسْلَامٍ فَإِنْ رَجَعَ فَمُرْتَدٌّ إنْ عَلِمَ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَذَانِهِ وَإِلَّا فَيُؤَدَّبُ وَيُتْرَكُ مَا لَمْ يَعْتَذِرْ بِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِقَرِينَةٍ صَدَّقَتْهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ. الْحَطَّابُ: لَمْ أَعْلَمْ فِي إسْلَامِهِ بِأَذَانِهِ خِلَافًا عج لَوْ أَذَّنَ الْكَافِرُ كَانَ بِأَذَانِهِ مُسْلِمًا عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ أَذَانِهِ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: إنْ أَعَادُوهُ فَحَسَنٌ وَإِنْ اجْتَزَءُوا بِهِ أَجْزَأَهُمْ اهـ وَقَالَ عج: يُعَادُ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ. اهـ. وَهُوَ الظَّاهِرُ لِبُطْلَانِ أَذَانِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْبَلَدِ، وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ عُلِمَ دُخُولُ الْوَقْتِ بِدُونِهِ.
وَعَقْلٍ، وَذُكُورَةٍ، وَبُلُوغٍ
وَنُدِبَ. مُتَطَهِّرٌ، صَيِّتٌ، مُرْتَفِعٌ، قَائِمٌ إلَّا لِعُذْرٍ، مُسْتَقْبِلٌ إلَّا لِإِسْمَاعٍ
ــ
[منح الجليل]
(وَعَقْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ طَافِحٍ (وَبُلُوغٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ لَمْ يُعْتَمَدْ فِيهِ وَلَا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى بَالِغٍ عَدْلٍ فَإِنْ اُعْتُمِدَ عَلَيْهِ صَحَّ أَذَانُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كِفَايَتُهُ الْبَالِغِينَ عَنْ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ تَنْزِيلًا لِإِقْرَارِهِمْ لَهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِمْ.
(وَذُكُورَةٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ أُنْثَى وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ لِأَنَّهُ مِنْ مَنَاصِبِ الذُّكُورِ كَالْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ وَأَذَانُهَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَسَنَدٍ وَالْقَرَافِيِّ يُكْرَهُ أَذَانُهَا قَالَ الْحَطَّابُ: يَنْبَغِي حَمْلُ الْكَرَاهَةِ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَقَدْ يُقَالُ: صَوْتُهَا لَيْسَ عَوْرَةً حَقِيقَةً بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ النِّسَاءِ وَمُعَامَلَتِهِنَّ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْعَوْرَةِ فِي حُرْمَةِ التَّلَذُّذِ بِكُلٍّ فَإِبْقَاءُ الْكَرَاهَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَجِيهٌ.
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنْ يُؤَذِّنَ شَخْصٌ (مُتَطَهِّرٌ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ مُحْدِثٌ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَكَرَاهَتُهُ مِمَّنْ حَدَثُهُ أَكْبَرُ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَتِهِ مِمَّنْ حَدَثُهُ أَصْغَرُ (صَيِّتٌ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا أَيْ حَسَنُ الصَّوْتِ وَمُرْتَفِعُهُ وَكُرِهَ أَذَانُ قَبِيحِ الصَّوْتِ، وَالتَّطْرِيبُ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَيَحْرُمُ لِاسْتِخْفَافِهِ بِالسُّنَّةِ وَفَسَّرَ الْحَطَّابُ الصَّيِّتَ بِالْمُرْتَفِعِ وَجَعَلَ الْحُسْنَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
(مُرْتَفِعٌ) بِمَكَانٍ عَالٍ إنْ أَمْكَنَ كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ أَوْ دَابَّةٍ عُلُوًّا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ إذْ الْمُتَفَاحِشُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ إسْمَاعِهِ فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْ نَدْبِ ارْتِفَاعِهِ (قَائِمٌ) وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْجَالِسِ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَذَّنَ لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِيهَا يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه: يُكْرَهُ أَذَانُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ لَا لِلنَّاسِ (مُسْتَقْبِلٌ) الْقِبْلَةَ فَيُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهُ (إلَّا لِإِسْمَاعٍ) فَيَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ وَلَوْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَيَدُورُ حَوْلَ الْمَنَارِ لِلْإِسْمَاعِ وَظَاهِرُهُ حَالَةَ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ
وَحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ مَثْنَى، وَلَوْ مُتَنَفِّلًا،
ــ
[منح الجليل]
وَقِيلَ: لَا يَدُورُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْجُمْلَةِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الدَّوَرَانُ لَا يَنْقُصُ مِنْ صَوْتِهِ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي، وَرَابِعُهَا لَا يَدُورُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ، وَيُنْدَبُ ابْتِدَاؤُهُ لِلْقِبْلَةِ. (وَ) نُدِبَ (حِكَايَتُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (لِ) شَخْصٍ (سَامِعِهِ) أَيْ الْأَذَانِ بِأَنْ يَقُولَ السَّامِعُ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ بِأَنْ سَمِعَ حِكَايَتَهُ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ إلَّا الْمَكْرُوهَ فَلَا يَحْكِي فَأَوْلَى الْمُحَرَّمُ، وَمَفْهُومُ سَامِعِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَا تُنْدَبُ لَهُ حِكَايَتُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ إخْبَارٍ وَهَلْ يَحْكِي الْمُؤَذِّنُ أَذَانَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ لِآخِرِ أَذَانِهِ فَيَحْكِيهِ إنْ شَاءَ اهـ.
فَلَا يَحْكِيهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ لِفَصْلِهِ بِالْحِكَايَةِ وَهَلْ يَحْكِي مُؤَذِّنٌ أَذَانَ مُؤَذِّنٍ آخَرَ إنْ سَمِعَهُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ أَذَانِ نَفْسِهِ وَإِذَا أَذَّنَ جَمَاعَةٌ وَاحِدٌ عَقِبَ وَاحِدٍ فَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَكْرِيرَ الْحِكَايَةِ وَقِيلَ: يَكْفِيهِ حِكَايَةُ الْأَوَّلِ عبق: إنْ سَمِعَ بَعْضَهُ اقْتَصَرَ عَلَى حِكَايَتِهِ الْعَدَوِيُّ: الظَّاهِرُ حِكَايَةُ الْأَذَانِ كُلِّهِ لِلْحَدِيثِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» إذْ الْمُتَبَادَرُ إذَا سَمِعْتُمْ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ خُصُوصًا، وَقَدْ قَالَ:«فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» لَا مَا قَالَ.
(لِمُنْتَهَى) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ آخِرِ (الشَّهَادَتَيْنِ) وَتُكْرَهُ حِكَايَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ هَذَا الْمَشْهُورُ فَلَا يُحْكَى التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ الْأَخِيرُ وَقِيلَ: يُخَيَّرُ فِي حِكَايَتِهِمَا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ حِكَايَتُهُ لِآخِرِهِ وَإِبْدَالُ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِحَوْقَلَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إنْ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ حِكَايَتُهُ لِآخِرِهِ فَمَا وَجْهُ الْمَشْهُورِ قُلْت: الْمِثْلِيَّةُ تَصْدُقُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْكُلِّ وَبِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْبَعْضِ فَصَاحِبُ الْمَشْهُورِ حَمَلَهَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْأَدْنَى تَيْسِيرًا، وَالْمُقَابِلُ حَمَلَهَا عَلَى الْأَكْمَلِ وَيُنْدَبُ مُتَابَعَةُ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ.
(مَثْنَى) فَلَا يَحْكِي التَّرْجِيعَ اتِّفَاقًا إلَّا إذَا لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ اقْتِصَارُ الْحَاكِي عَلَى تَكْبِيرَتَيْنِ وَلَوْ كَبَّرَ الْمُؤَذِّنُ أَرْبَعًا وَلَا يَحْكِي " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " وَلَا يُبْدِلُهَا بِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ وَقِيلَ: يُبْدِلُهَا بِهِ وَقِيلَ: يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَيَحْكِيهِ سَامِعُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَنَفِّلًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُتَنَفِّلًا) أَيْ مُصَلِّيًا نَفْلًا وَيَقْتَصِرُ عَلَى مُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ حَكَى مَا زَادَ عَلَيْهِمَا بِلَفْظِ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " بَطَلَتْ وَإِنْ أَبْدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِحَوْقَلَتَيْنِ فَلَا
لَا مُفْتَرِضًا، وَأَذَانُ فَذٍّ إنْ سَافَرَ، لَا جَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ.
وَجَازَ أَعْمَى، وَتَعَدُّدُهُ وَتَرَتُّبُهُمْ، إلَّا الْمَغْرِبَ وَجَمْعُهُمْ
ــ
[منح الجليل]
تَبْطُلُ وَإِنْ حَكَى " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " بَطَلَتْ أَبْدَلَهَا أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لَا يَحْكِيهِ الْمُتَنَفِّلُ.
(لَا) يَحْكِي الْمُصَلِّي الْأَذَانَ إنْ كَانَ (مُفْتَرِضًا) أَيْ مُصَلِّيًا فَرْضًا فَتُكْرَهُ حِكَايَتُهُ فِي الْفَرْضِ وَتُنْدَبُ بَعْدَ فَرَاغِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ يَحْكِيهِ الْمُفْتَرِضُ فَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْمَشْهُورِ فِي الْفَرْعَيْنِ وَفِي عَطْفِ لَا مُفْتَرِضًا عَلَى مُتَنَفِّلًا رَكَاكَةٌ وَلَكِنْ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ.
(وَ) نُدِبَ (أَذَانُ فَذٍّ سَافَرَ) سَفَرًا لُغَوِيًّا فَشَمِلَ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَدِينَةٍ لِمَزَارِعِهَا لِنَزَاهَةٍ أَوْ مَقْبَرَتِهَا لِزِيَارَةٍ، وَمِثْلُهُ جَمَاعَةٌ مُسَافِرَةٌ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا (لَا) يُنْدَبُ الْأَذَانُ لِ (جَمَاعَةٍ) غَيْرِ مُسَافِرَةٍ (لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا) فَيُكْرَهُ لَهَا كَفَذٍّ غَيْرِ مُسَافِرٍ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه لِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ: لَا أُحِبُّ الْأَذَانَ لِلْفَذِّ الْحَاضِرِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُنْفَرِدَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَرَّةً أُخْرَى: وَإِنْ أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَلَا يُنْهَى عَنْهُ مَنْ أَرَادَهُ وَحُمِلَ قَوْلُهُ لَا أُحِبُّ عَلَى مَعْنَى لَا يُؤْمَرُونَ بِهِ كَمَا يُؤْمَرُ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ.
(وَجَازَ أَعْمَى) أَيْ أَذَانُهُ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ إنْ كَانَ تَابِعًا فِيهِ أَوْ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لِبَصِيرٍ عَدْلٍ (وَ) جَازَ (تَعَدُّدُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ أَيْ تَأْذِينٌ مُتَعَدِّدٌ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْأَذَانِ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَكَانِ كَمَسَاجِدَ أَوْ أَرْكَانِ مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَيُكْرَهُ تَعَدُّدُهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ نَصَّ عَلَيْهِ سَنَدٌ لِأَنَّهُ يُشَكِّكُ السَّامِعَ.
(وَ) جَازَ (تَرَتُّبُهُمْ) أَيْ الْمُؤَذِّنِينَ بِأَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُؤَدِّ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَيُمْنَعُ (إلَّا لِمَغْرِبٍ) فَيُكْرَهُ تَرَتُّبُهُمْ فِي أَذَانِهَا الضَّيِّقِ وَقْتُهَا إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِخُرُوجِ مُخْتَارِهَا وَإِلَّا فَيُمْنَعُ.
(وَ) جَازَ (جَمْعُهُمْ) أَيْ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ بِأَنْ يُؤَذِّنُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ
كُلٌّ عَلَى أَذَانِهِ، وَإِقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ، وَأُجْرَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ صَلَاةٍ.
وَكُرِهَ عَلَيْهَا،
ــ
[منح الجليل]
فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا (كُلٌّ) مِنْهُمْ يَبْنِي (عَلَى أَذَانِهِ) غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِأَذَانِ غَيْرِهِ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَيَحْرُمُ قَالَهُ عج وَتَلَامِذَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ فَإِنَّ الِاسْمَ إذَا تَقَطَّعَ لِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ عَلَى نِيَّةِ تَكْمِيلِهِ فَلَا يُمْنَعُ وَقَدْ عَلَّلُوا النَّهْيَ عَنْ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ بِالتَّقْطِيعِ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا بِالْكَرَاهَةِ لَا بِالْمَنْعِ وَاسْتَظْهَرَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ مَا لعج وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَجَابَ عَنْ بَحْثِ أَبِي عَلِيٍّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ التَّقْطِيعِ فِي الْقِرَاءَةِ مَحْمُولٌ عَلَى تَقْطِيعِ الْجُمَلِ فَلَا يُنَافِي حُرْمَةَ تَقْطِيعِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ.
(وَ) جَازَ (إقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ) وَالْأَفْضَلُ إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ (وَ) جَازَ (حِكَايَتُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ بِأَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ فَيَحْكِيهِ وَيَسْبِقُ الْمُؤَذِّنَ فِي ذِكْرِ بَاقِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا لِحَاجَةٍ أَوْ لَا، وَمَعْنَى الْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى إذْ الْمُسْتَحَبُّ مُتَابَعَةُ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ فَإِنْ قُلْت: الْحِكَايَةُ الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا حَصَلَ فَمَا وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا فِيمَا لَمْ يَحْصُلْ حِكَايَةً قُلْت التَّجَوُّزُ بِاسْتِعْمَالِ اسْمِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ أَوْ اسْمِ الْمُجَاوِرِ فِي مُجَاوِرِهِ فَإِنْ سَبَقَ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ بِأَوَّلِ الْأَذَانِ فَلَيْسَ حَاكِيًا وَفَاتَهُ الْمَنْدُوبُ قَالَهُ عبق وَلَا تَفُوتُ بِفَرَاغِ الْأَذَانِ فَيَحْكِي بَعْدَهُ قَالَهُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ.
(وَ) جَازَ لِلْمُؤَذِّنِ (أُجْرَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ أَخْذُهَا عَلَى الْأَذَانِ وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ صَلَاةٍ) إمَامًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَكَذَا عَلَى إقَامَةٍ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ صَلَاةٍ أَوْ مَعَ أَذَانٍ مَعَ إقَامَةٍ أَوْ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ النَّاسِ الْمُصَلِّينَ
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْأَجْرُ (عَلَيْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا مِنْ الْمُصَلِّينَ لَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ لَا إجَارَةٌ إذْ لِلْأَئِمَّةِ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَقْفِ الْعَامِّ، وَلَوْ لَمْ يَؤُمُّوا وَأَمَّا وَقْفٌ لِيُسْتَأْجَرَ مِنْ رِيعِهِ مَنْ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَهَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ قَالَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ.
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ. كَمُلَبٍّ وَإِقَامَةُ رَاكِبٍ، أَوْ مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ. كَأَذَانِهِ.
وَتُسَنُّ إقَامَةٌ مُفْرَدَةٌ،
ــ
[منح الجليل]
وَ) كُرِهَ (سَلَامٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِرَدِّهِ الْفَاصِلِ بَيْنَ جُمَلِ أَذَانِهِ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) سَلَامٍ عَلَى (مُلَبٍّ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِذَلِكَ، وَقَاضِي حَاجَةٍ، وَمُجَامِعٍ لِأَنَّهُمَا فِي حَالَةٍ تُنَافِي الذِّكْرَ وَيُسْتَحَى مِنْ ظُهُورِهَا وَذِي بِدْعَةٍ وَمُشْتَغِلٍ بِلَهْوٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ كَشِطْرَنْجٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ، وَمَنْ شَأْنُهُمْ الْمَعَاصِي فِي حَالِ إقْلَاعِهِمْ، وَشَابَّةٍ غَيْرِ مَخْشِيَّةٍ وَإِلَّا حَرُمَ فِيهِمَا لَا عَلَى مُصَلٍّ وَمُتَطَهِّرٍ وَآكِلٍ وَقَارِئِ قُرْآنٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ عج الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ اقْتَصَرَ الْحَطّ عَلَى كَرَاهَتِهِ عَلَى آكِلٍ وَقَارِئٍ قَائِلًا: لَمْ يَقِفْ ابْنُ نَاجِي وَشَيْخُهُ أَبُو مَهْدِيٍّ عَلَى جَوَازِهِ عَلَيْهِمَا.
(وَ) كُرِهَتْ (إقَامَةُ) شَخْصٍ (رَاكِبٍ) لِفَصْلِهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِنُزُولِهِ وَعَقْلِ دَابَّتِهِ وَإِصْلَاحِ مَتَاعِهِ غَالِبًا (أَوْ) إقَامَةُ رَجُلٍ (مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ) لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ صَلَاتِهَا فَذًّا بِخِلَافِ مُعِيدِهَا لِفَسَادِهَا وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَأَذَانِهِ) أَيْ الْمُعِيدِ لِلْفَضْلِ وَأَوْلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الْإِعَادَةَ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ أَذَّنَ لَهَا قَبْلَ صَلَاتِهَا أَوْ لَا، وَمَنْ أَذَّنَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ.
(وَتُسَنُّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (إقَامَةٌ) الْبُنَانِيُّ: لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي سُنِّيَّتِهَا، وَالْقَوْلُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهَا لَيْسَ لِوُجُوبِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بَلْ لِتَرْكِ السُّنَّةِ عَيْنًا عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ بَالِغٍ يُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا لِنِسَاءٍ وَحْدَهُنَّ وَكِفَايَةً لِذُكُورٍ بَالِغِينَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُقِيمُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ فَعَلَهُ خَالَفَ السُّنَّةَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهَا إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ دُونَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ وَكَانَ السُّيُورِيُّ يُقِيمُ لِنَفْسِهِ وَيَقُولُ: إنَّهَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَالْعَامِّيُّ يَغْفُلُ عَنْهَا وَلَا يَعْرِفُهَا. الْمَازِرِيُّ: وَكَذَلِكَ أَنَا أَفْعَلُ فَأُقِيمُ لِنَفْسِي الْعَدَوِيُّ: الْحَقُّ أَنَّهَا تَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْفِعْلِ كَالْأَذَانِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعَامِّيِّ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ الَّتِي يَغْفُلُ عَنْهَا الْعَامِّيُّ.
وَمَا فَعَلَهُ السُّيُورِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ (مُفْرَدَةٌ) جُمَلُهَا وَلَوْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَتَبْطُلُ بِشَفْعِهَا كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا أَوْ نِصْفِهَا لَا أَقَلِّهَا وَلَوْ نِسْيَانًا لَا إنْ رَآهُ مَذْهَبًا كَحَنَفِيٍّ.
وَثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا لِفَرْضٍ، وَإِنْ قَضَاءً. وَصَحَّتْ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا.
وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا فَحَسَنٌ، وَلْيُقَمْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ.
ــ
[منح الجليل]
(وَثُنِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (تَكْبِيرُهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ " مُفْرَدَةٌ " وَصِلَةُ " تُسَنُّ "(لِفَرْضٍ) وَتُكْرَهُ لِنَفْلٍ إذَا كَانَ الْفَرْضُ أَدَاءً بَلْ
(وَإِنْ) كَانَ (قَضَاءً) وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ وَمَحَلُّ سُنِّيَّتِهَا لِلْأَدَاءِ إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهِ بِهَا وَإِلَّا وَجَبَ تَرْكُهَا كَسَائِرِ السُّنَنِ مُحَافَظَةً عَلَى إدْرَاكِ الْوَقْتِ وَنُدِبَ لِإِمَامٍ تَأْخِيرُ إحْرَامِهِ عَنْهَا بِقَدْرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَالِاشْتِغَالِ بِدُعَاءٍ مِنْهُ وَمِنْ الْمَأْمُومِينَ وَأَنْ لَا يَدْخُلَ الْمِحْرَابَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهَا وَهَذَا مِنْ عَلَامَاتِ فِقْهِهِ كَتَخْفِيفِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَالْجُلُوسِ لِغَيْرِ السَّلَامِ، وَفِي الْحَطّ وَغَيْرِهِ هِيَ ثَلَاثٌ يُعْرَفُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا فَقِيهٌ، وَزِيدَ تَأْخِيرُ تَكْبِيرِ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ عَنْ الِاعْتِدَالِ فِيهِ.
(وَصَحَّتْ) صَلَاةُ تَارِكِهَا إنْ تُرِكَتْ سَهْوًا بَلْ (وَلَوْ تُرِكَتْ) الْإِقَامَةُ تَرْكًا (عَمْدًا) وَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ فَإِنْ سَجَدَ لِتَرْكِهَا قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ تَرْكُهَا عَمْدًا مُبْطِلٌ.
(وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ) الْمُصَلِّيَةُ وَحْدَهَا إقَامَةً (سِرًّا فَحَسَنٌ) أَيْ مَنْدُوبٌ وَإِنْ صَلَّتْ مُقْتَدِيَةً بِرَجُلٍ اكْتَفَتْ بِإِقَامَتِهِ وَسَقَطَ طَلَبُهَا بِهَا، وَلَا تَجُوزُ إقَامَتُهَا لَهُ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِهَا لِأَنَّ شُرُوطَهَا شُرُوطُ الْأَذَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا بِوَصْفِ السِّرِّيَّةِ مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَقِيلَ: الْإِسْرَارُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ.
وَيُنْدَبُ لِلْفَذِّ إسْرَارُهَا وَلِصَبِيٍّ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَلَا تَكْفِي إقَامَتُهُ الْبَالِغَ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَكْفِي عَنْ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا مَعَ اقْتِدَائِهِ بِالْبَالِغِ الْحَطّ يُنْدَبُ لِلْمُقِيمِ طَهَارَةُ حَدَثٍ أَصْغَرَ وَقِيَامٌ وَاسْتِقْبَالٌ ابْنُ عَرَفَةَ: الْوُضُوءُ شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ لِأَنَّهَا كَجُزْءِ الصَّلَاةِ وَأَوْكَدُ مِنْ الْأَذَانِ أَلَا تَرَى سُنِّيَّتَهَا لِلْفَذِّ دُونَ الْأَذَانِ عبق الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطّ الْبُنَانِيُّ: مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
(وَلْيَقُمْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ مِنْ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ مُرِيدُهَا غَيْرُ الْمُقِيمِ وَأَمَّا هُوَ فَيُنْدَبُ قِيَامُهُ قَبْلَهَا وَلَا تَبْطُلُ بِجُلُوسِهِ حَالَهَا وَإِنْ خَالَفَ الْمَنْدُوبَ (مَعَهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ أَوَّلَهَا أَوْ أَثْنَاءَهَا وَآخِرَهَا.
(أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ فَلَا يُحَدُّ الْقِيَامُ بِحَدٍّ بَلْ (بِقَدْرِ الطَّاقَةِ) خِلَافًا لِمَنْ حَدَّهُ بِقَارِنَةِ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " وَمَنْ حَدَّهُ بِالتَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ.