الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ، وَإِنْ لِحَائِضٍ.
(فَصْلٌ) يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ.
ــ
[منح الجليل]
الْمُصْحَفَ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " مَا إنَّ الْمُعَلِّمَ كَالْمُتَعَلِّمِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى مَسِّ الْمُصْحَفِ مَعَ الْحَدَثِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ بِأَنَّ حَاجَةَ الْمُعَلِّمِ صِنَاعَةٌ وَتَكَسُّبٌ وَحَاجَةُ الْمُتَعَلِّمِ الْحِفْظُ.
(وَ) لَا يَمْنَعُ حَمْلَ (حِرْزٍ) مِنْ آيَاتِ قُرْآنٍ (بِسَاتِرٍ) عَلَيْهِ يَصُونُهُ مِنْ وُصُولِ أَذًى إلَيْهِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهَا لِمُسْلِمٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ غَيْرِ حَائِضٍ بَلْ (وَإِنْ لِحَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ وَجُنُبٍ لَا لِكَافِرٍ لِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُ عَلَيْهِ إهَانَةٌ لَهُ وَلَوْ عَظَمَةً وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ امْتِهَانِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ رَدَّ عج مَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ جَوَازِهِ لِكَافِرٍ وَيَجُوزُ بِسَاتِرٍ لِبَهِيمَةٍ وَفِي جَوَازِ جَعْلِ الْمُصْحَفِ الْكَامِلِ حِرْزًا قَوْلَانِ.
[فَصْلٌ فِي مُوجِبَات الْغُسْل وَوَاجِبَاته وَسُنَنه وَمَنْدُوبَاته وَمَا يُنَاسِبهَا]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ الْوُضُوءِ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ فَقَالَ:
(فَصْلٌ) فِي مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ وَمَا يُنَاسِبُهَا (يَجِبُ غَسْلُ) جَمِيعِ (ظَاهِرِ الْجَسَدِ) وَمِنْهُ طَيَّاتُ الْبَطْنِ وَالسُّرَّةِ وَتَكَامِيشُ الدُّبُرِ فَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا حَالَ غَسْلِهِ وَمَا خَلِقَ أَوْ بَرِئَ غَائِرًا مُمْكِنًا غَسْلُهُ لَا دَاخِلَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالصِّمَاخِ وَالْعَيْنِ (بِ) سَبَبِ خُرُوجِ (مَنِيٍّ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَيْ بُرُوزِهِ عَنْ فَرْجِهَا إلَى مَحَلِّ اسْتِنْجَائِهَا وَهُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْهَا عِنْدَ جُلُوسِهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغَسْلُ بِإِحْسَاسِهَا بِانْفِصَالِهِ مِنْ مُسْتَقَرِّهِ وَانْعِكَاسٍ إلَى رَحِمِهَا بِدُونِ بُرُوزٍ إلَى مَحَلِّ اسْتِنْجَائِهَا خِلَافًا لِسَنَدٍ وَوُصُولُهُ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى عَيْنِهِ قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ.
وَقَالَ الْبُنَانِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ الْغَسْلُ
وَإِنْ بِنَوْمٍ، أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلَا جِمَاعٍ، وَلَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بِلَا لَذَّةٍ، أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ الذَّكَرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْحَطّ وَمِثْلُهُ فِي عَارِضَةَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغَسْلُ إلَّا بِبُرُوزِهِ خَارِجًا فَإِنْ وَصَلَ مَنِيُّ الرَّجُلِ لِأَصْلِ ذَكَرِهِ أَوْ لِوَسَطِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغَسْلُ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَا تَلْزَمُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ إلَّا بِظُهُورِهِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ، وَخِلَافُ سَنَدٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرْأَةِ إنْ خَرَجَ فِي يَقِظَةٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بَلْ (وَإِنْ) خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (بِنَوْمٍ) أَيْ فِي حَالِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِخُرُوجِهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ وَوَجَدَهُ بَعْدَ تَيَقُّظِهِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ إنْ قَارَنَ خُرُوجَهُ فِي الْيَقِظَةِ أَوْ النَّوْمِ اللَّذَّةُ بَلْ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا وَقَدْ أَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ
(أَوْ) وَإِنْ خَرَجَ فِي يَقِظَةٍ أَوْ نَوْمٍ (بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ) مُعْتَادَةٍ (بِلَا جِمَاعٍ) بِأَنْ نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ رَأَى أَنَّهُ يُجَامِعُ فَالْتَذَّ وَأَنْعَظَ ثُمَّ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ وَارْتَخَى ذَكَرُهُ ثُمَّ خَرَجَ مَنِيُّهُ بَعْدَ تَيَقُّظِهِ.
(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَغْتَسِلْ) قَبْلَ خُرُوجِ مَنِيِّهِ وَكَذَا إنْ كَانَ اغْتَسَلَ قَبْلَهُ لِأَنَّ غُسْلَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِمُجَرَّدِ الْتِذَاذِهِ بِلَا جِمَاعٍ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ فَيَجِبُ اغْتِسَالُهُ بَعْدَهُ وَلَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ يَعْتَذِرُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَهَابٍ صَادِقٍ فَخُرُوجُ بَعْضِ مَنِيِّهِ مُقَارِنًا لِلَذَّتِهِ وَبَاقِيهِ بَعْدَ ذَهَابِهَا أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بَعْدَ خُرُوجِ الْبَاقِي إنْ لَمْ يَغْتَسِلْ عَقِبَ الْخُرُوجِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ اغْتَسَلَ عَقِبَهُ فَلَا يَغْتَسِلُ عَقِبَ خُرُوجِ بَاقِيهِ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّتِهِ لِمُصَادِفَةِ غَسْلِهِ لَوْ جَرَّبَهُ بِخُرُوجِ الْبَعْضِ الْأَوَّلِ فَلِذَا قَالَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ يَقِظَةً (بِلَا لَذَّةٍ) بِأَنْ كَانَ سَلَسًا وَهَلْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ وَمُطْلَقًا تَرَدُّدٌ بَيْنَ شُرَّاحِهِ أَوْ لِضَرْبَةٍ أَوْ طَرِبَةٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ.
(أَوْ) خُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ (غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) كَنُزُولِهِ فِي مَاءٍ حَارٍّ أَوْ حَكِّ جَرَبٍ بِغَيْرِ ذَكَرِهِ فَالْتَذَّ فَأَمْنَى وَلَوْ اسْتَدَامَ، وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ مَا لَمْ يَسْتَدِمْ وَكَالْتِذَاذِ بِحَكَّةِ ذَكَرِهِ لِجَرَبٍ بِهِ أَوْ بِهَزِّ دَابَّةٍ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَحُسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِمْهَا فِيهِمَا إلَى أَنْ يُمْنِي فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ ابْنُ مَرْزُوقٍ الرَّاجِحُ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ
وَيَتَوَضَّأُ كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى، وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ
وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ. لَا مُرَاهِقٍ. أَوْ قَدْرِهَا. فِي فَرْجٍ وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ
ــ
[منح الجليل]
وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ نَقَلَ الْبُنَانِيُّ الْعَدَوِيُّ إعْرَاضَ الشَّارِحِينَ عَنْ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ عَدَمَ تَسْلِيمِهِ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْوُجُوبِ.
(وَيَتَوَضَّأُ) وُجُوبًا مَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَشَرْطُهُ فِي الْمِسَاسِ مُفَارَقَةُ الْأَكْثَرِ وَشَبَّهَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ فَقَطْ فَقَالَ (كَمَنْ جَامَعَ) بِتَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ فِي فَرْجٍ وَلَمْ يُمْنِ (فَاغْتَسَلَ) لِجِمَاعِهِ (ثُمَّ أَمْنَى) فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ لِتَقَدُّمِهِ بَعْدَ وُجُوبِهِ وَالْجِنَايَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَكَرَّرُ الْغُسْلُ لَهَا وَالْمَرْأَةُ إذَا جُومِعَتْ وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُهَا إذْ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَمْنَى مَعْنَاهُ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ سَوَاءٌ كَانَ مَنِيَّهُ أَوْ مَنِيَّ غَيْرِهِ.
(وَ) لَوْ صَلَّى بَعْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجِمَاعِ بِلَا مَنِيٍّ ثُمَّ أَمْنَى فَ (لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ) وَكَذَا مَنْ الْتَذَّ بِلَا جِمَاعٍ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَمْنَى فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ
(وَ) يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ (بِ) سَبَبِ (مَغِيبِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إغَابَةِ (حَشَفَةِ) أَيْ رَأْسِ ذَكَرِ (بَالِغٍ) وَلَوْ بِلَا انْتِشَارٍ وَلَا إنْزَالٍ عَلَى ذِي الْحَشَفَةِ وَعَلَى الْمَغِيبِ فِيهِ إنْ كَانَ بَالِغًا أُنْثَى أَوْ ذَكَرًا وَلَوْ لَفَّ شَيْئًا خَفِيفًا لَا يَمْنَعُ اللَّذَّةَ بِشَرْطِ تَغْيِيبِهَا كُلِّهَا لَا بَعْضِهَا وَلَوْ أَكْثَرَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ.
(لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَغِيبِ حَشَفَةِ (مُرَاهِقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ مُقَارِبِ الْبُلُوغِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ مَا لَمْ تُنْزِلْ وَصَرَّحَ بِهِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ بَالِغٍ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ عَلَيْهِ. (أَوْ) أَيْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَغِيبِ (قَدْرِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مَخْلُوقٍ بِدُونِهَا أَوْ مِنْ مُثْنِي وَهَلْ يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا مَعَ بَقَائِهِ مُثْنِيًا أَوْ عَلَى تَقْدِيره مُفْرِدًا وَاسْتَظْهَرَ، وَصِلَةُ " مَغِيبِ "(فِي فَرْجٍ) أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيٍّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْفَرْجُ (مِنْ بَهِيمَةٍ) إنْ كَانَ مِنْ حَيٍّ بَلْ
وَمَيِّتٍ.
وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ. كَصَغِيرَةٍ. وَطِئَهَا بَالِغٌ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ وَلَوْ الْتَذَّتْ
ــ
[منح الجليل]
وَ) إنْ كَانَ مِنْ (مَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ وَإِلَّا فَلَا غُسْلَ عَلَى ذِي الْحَشَفَةِ إنْ لَمْ يُنْزِلْ
وَكَذَا مَنْ غَيَّبَ بَيْنَ فَخِذَيْنِ أَوْ شُفْرَيْنِ أَوْ فِي هَوِيِّ الْفَرْجِ بِلَا مَسٍّ.
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْغُسْلُ (لِمُرَاهِقٍ) أَوْ مَنْ دُونَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَطِئَ مُطِيقَةً وَلَا يُنْدَبُ لِمَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ بَالِغَةً لَمْ تُنْزِلْ وَإِلَّا وَجَبَ غُسْلُهَا وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ، فَقَالَ (كَصَغِيرَةٍ) مَأْمُورَةٍ بِالصَّلَاةِ (وَطِئَهَا بَالِغٌ) لَا صَبِيٌّ ابْنُ بَشِيرٍ إذَا عُدِمَ بُلُوغُ الْوَاطِئِ أَوْ الْمَوْطُوءَةِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا وَيُؤْمَرَانِ بِهِ نَدْبًا وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ سَحْنُونٍ: يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا فَلَوْ صَلَّيَا بِدُونِهِ، فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدَانِ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: يُعِيدَانِ بِقُرْبِ ذَلِكَ لَا أَبَدًا سَنَدٌ وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْقُرْبُ كَيَوْمٍ.
(لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَرْأَةِ (بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ) بِلَا جِمَاعٍ فِيهِ وَلَوْ بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَهُ وَلَا الْوُضُوءُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَمْسٌ وَلَمْ تَلْتَذَّ بِوُصُولِهِ لِفَرْجِهَا بَلْ (وَلَوْ الْتَذَّتْ) بِوُصُولِهِ لَهُ مَا لَمْ تُنْزِلْ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحُمِلَ قَوْلُ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِيهَا أَمَّا مَا لَمْ تَلْتَذَّ عَلَى الْإِنْزَالِ وَإِبْقَائِهَا الْبَاجِيَّ وَالتُّونُسِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا وَإِلَيْهَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِ وَلَوْ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ حَمْلِهَا مِنْ الْمَنِيِّ الْوَاصِلِ فَرْجَهَا بِلَا جِمَاعٍ فِيهِ فَإِنْ حَمَلَتْ اغْتَسَلَتْ وَأَعَادَتْ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّتْهَا بَعْدَ وُصُولِهِ فَرْجَهَا لِأَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ بَعْدَ انْفِصَالِ مَنِيِّهَا مِنْ مَحَلِّهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَنِيَّ لَمَّا تَخَلَّقَ مِنْهُ وَلَدٌ صَارَ فِي حُكْمِ الْخَارِجِ بِالْفِعْلِ وَأَنَّ هَذَا الْمَاءَ لَمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخَارِجِ لَوْلَا الْحَمْلُ وَجَبَ الْغُسْلُ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ كَتَحَقُّقِهِ بِخِلَافِ حَمْلِهَا مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا مِنْ بَلَاطِ حَمَّامٍ فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَيْهَا وَلَا إعَادَةَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ اسْتَلْزَمَ إمْنَاءَهَا بِلَا لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِزَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ بِأَنْ مَضَى مِنْ عَقْدِهِ أَوْ مِلْكِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمَنِيَّ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَابْنُ زِنَا فَتُحَدُّ وَإِنْ ادَّعَتْ بِذَلِكَ لِبُعْدِهِ جِدًّا.
وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ بِدَمٍ وَاسْتُحْسِنَ، وَبِغَيْرِهِ.
لَا بِاسْتِحَاضَةٍ. وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ
وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذَكَرَ، وَصَحَّ قَبْلَهَا وَقَدْ أَجْمَعَ
ــ
[منح الجليل]
وَ) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِ) سَبَبِ خُرُوجِ (حَيْضٍ وَ) بِسَبَبِ (نِفَاسٍ) أَيْ وَضْعِ وَلَدٍ (بِدَمٍ) أَيْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ بِلَا دَمٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَيُنْدَبُ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ وَهَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَوْ لَا قَوْلَانِ (وَاسْتُحْسِنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ السِّينِ أَيْ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ بِدَمٍ (وَبِغَيْرِهِ) أَيْ الدَّمِ أَيْ اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه ".
(لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِ) سَبَبِ (اسْتِحَاضَةٍ) أَيْ دَمِ عِلَّةٍ وَمَرَضٍ وَهَذَا مَفْهُومُ حَيْضٍ صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ اللَّقَبِ.
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْغُسْلُ (لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ لِلتَّنْظِيفِ وَتَطْبِيبِ النَّفْسِ كَنَدْبِ غُسْلِ الْمَعْفُوَّاتِ الْمُتَفَاحِشَةِ لِهَذَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لِاحْتِمَالِ مُخَالَطَةِ حَيْضٍ لَمْ تَعْلَمْهُ فِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَاءِ وُجُوبِهِ الشَّكَّ فِي مُوجِبِهِ وَأَيْضًا لَا يَطَّرِدُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
(وَيَجِبُ غُسْلٌ) بِضَمِّ الْغَيْنِ أَيْ اغْتِسَالُ (كَافِرٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَصِلَةُ " غُسْلٌ "(بَعْدَ) نُطْقِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى (الشَّهَادَةِ) مِنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْوَحْدَانِيَّةِ فِي الْأُلُوهِيَّةِ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِالرِّسَالَةِ سَوَاءٌ كَانَ لَفْظُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَصِلَةُ " يَجِبُ "
(بِمَا) أَيْ بِسَبَبِ مُوجِبٍ (ذُكِرَ) ضَمٌّ فَكَسْرٌ أَيْ فِي قَوْلِهِ بِمَنِيٍّ وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ بَلَغَ الْكَافِرُ بِالسِّنِّ مَثَلًا وَأَسْلَمَ وَتَشَهَّدَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَيُنْدَبُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ: يَجِبُ غُسْلُهُ مُطْلَقًا تَعَبُّدًا وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا وَيَجِبُ لِجَبِّ الْإِسْلَامِ مَا قَبْلَهُ. (وَصَحَّ) أَيْ غُسْلُهُ (قَبْلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ أَجْمَعَ) أَيْ عَزَمَ الْكَافِرُ
عَلَى الْإِسْلَامِ، لَا الْإِسْلَامُ إلَّا لِعَجْزٍ.
وَإِنْ شَكَّ. أَمَذْيٌ، أَوْ مَنِيٌّ؟ اغْتَسَلَ وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
(عَلَى الْإِسْلَامِ) وَجَزَمَ بِهِ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ بِقَلْبِهِ وَعَزْمَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ إيمَانٌ صَحِيحٌ يُنْجِيهِ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ إذْ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَيْسَ رُكْنًا مِنْ الْإِيمَانِ وَلَا شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَنْوِي بِغُسْلِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا مَنَعَهُ الْأَكْبَرُ أَوْ طُهْرَ الْإِسْلَامِ وَعَطَفَ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ الرَّاجِعِ إلَى الْغُسْلِ فَقَالَ (لَا) يَصِحُّ (الْإِسْلَامُ) مِنْ الْكَافِرِ قَبْلَ نُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ الظَّاهِرِيِّ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مِنْ إرْثِ مُسْلِمٍ وَنِكَاحِ مُسْلِمَةٍ وَقَسْمِ غَنِيمَةٍ وَغُسْلٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ وَدَفْنِهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إذْ النُّطْقُ بِهِمَا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ.
(إلَّا لِعَجْزٍ) عَنْهُ بِخَرَسٍ وَنَحْوِهِ مَعَ قِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى تَصْدِيقِهِ بِقَلْبِهِ فَيَحْكُمُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ لَا يُقَالُ صِحَّةُ الْغُسْلِ حُكْمٌ ظَاهِرِيٌّ فَكَيْفَ يَثْبُتُ قَبْلَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بَاطِنِيٌّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى لَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ فَمَدَارُهُ عَلَى تَصْدِيقِهِ وَعَزْمِهِ عَلَى النُّطْقِ بِهِمَا.
(وَإِنْ شَكَّ) مَنْ وَجَدَ بِفَرْجِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ بَلَلًا أَوْ أَثَرًا فِي جَوَابِ (أَ) هُوَ (مَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ) شَكًّا مُسْتَوِيًا فِيهِمَا (اغْتَسَلَ) وُجُوبًا لِلِاحْتِيَاطِ كَمُتَيَقِّنِ الطَّهَارَةِ الشَّاكِّ فِي الْحَدَثِ بَعْدَهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ ذَكَرِهِ.
(وَ) إنْ لَمْ يَدْرِ جَوَابَ أَيْ نَوْمَةٍ حَصَلَ فِيهَا الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَكَانَ صَلَّى صَلَوَاتٍ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ (أَعَادَ) الشَّاكُّ بَعْدَ غُسْلِهِ صَلَوَاتِهِ الَّتِي صَلَّاهَا (مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ) إلَى وَقْتِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يَنْزِعَ ثَوْبَهُ أَوَّلًا هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي مُوَطَّئِهِ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلِيٍّ عَنْهُ، وَجَعَلَهُ أَبُو عُمَرَ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ إعَادَتِهَا مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ إنْ كَانَ لَا يَنْزِعُهُ وَإِنْ كَانَ يَنْزِعُهُ فِي آخِرِ نَوْمَةٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ كَتَحَقُّقِهِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ فَمَا بَعْدَ النَّوْمَةِ الْأُولَى مَشْكُوكٌ فِيهِ أَيْضًا الْبَاجِيَّ رَأَيْت أَكْثَرَ الشُّيُوخِ يَجْعَلُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِلْمُوَطَّأِ وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ لِمَالِكٍ " رضي الله عنه ".
كَتَحَقُّقِهِ.
وَوَاجِبُهُ. نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ.
وَإِنْ نَوَتْ الْحَيْضَ وَالْجَنَابَةَ،
ــ
[منح الجليل]
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَالْإِعَادَةِ مِنْ آخَرِ نَوْمَةٍ، فَقَالَ (كَتَحَقُّقِهِ) أَيْ الْمَنِيِّ وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ خُرُوجِهِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ كَانَ طَرِيًّا فَمِنْ آخِرِ نَوْمِهِ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَمِنْ أَوَّلِ نَوْمِهِ وَقَيَّدَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وُجُوبَ الْغُسْلِ فِي صُورَتَيْ الشَّكِّ وَالتَّحَقُّقِ بِعَدَمِ لَبْسِ غَيْرِ الشَّاكِّ مِمَّنْ يُمْنِي الثَّوْبَ الَّذِي بِهِ الْأَثَرُ فَإِنْ لَبِسَهُ غَيْرُهُ مِنْهُ فَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَيُنْدَبُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ بِوُجُوبِهِ عَلَى شَخْصَيْنِ لَبِسَا ثَوْبًا وَنَامَ كُلٌّ فِيهِ وَوَجَدَا فِيهِ مَنِيًّا وَلِقَوْلِهِ الْبُرْزُلِيُّ لَوْ نَامَ شَخْصَانِ تَحْتَ لِحَافٍ وَوَجَدَا مَنِيًّا عَزَاهُ كُلٌّ لِلْآخَرِ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَا وَصَلَّيَا مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ نَامَاهَا فِيهِ لِتَطَرُّقِ الشَّكِّ لَهُمَا مَعًا فَلَا يَبْرَآنِ إلَّا بِيَقِينٍ وَإِنْ كَانَا زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهُ لَا مِنْ الزَّوْجَةِ الْبُنَانِيُّ وَهُمَا قَوْلَانِ وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِي فَإِنْ شَكَّ فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَذْيٌ وَالْآخَرُ بَوْلٌ أَوْ وَدْيٌ وَجَبَ غَسْلُ ذَكَرِهِ كُلِّهِ بِنِيَّةٍ فَإِنْ شَكَّ مَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَبَوْلٌ أَوْ وَدْيٌ غَسَلَ ذَكَرَهُ فَقَطْ أَيْضًا لِضَعْفِ الشَّكِّ فِي الْمَنِيِّ وَصَيْرُورَتِهِ وَهْمًا.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ شَرَعَ فِي وَاجِبَاتِهِ فَقَالَ (وَوَاجِبُهُ) أَيْ الْغُسْلِ وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ لِلضَّمِيرِ مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِقَوْلِهِ (نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ)(كَ) نِيَّةٍ وَمُوَالَاةٍ
(الْوُضُوءِ) فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ وَزَمَنِهَا وَسَائِر أَحْكَامِهَا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةٍ مَمْنُوعَةٍ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِهِ وَكَوْنُهَا عِنْدَ أَوَّلٍ مَفْعُولُ وَعَدَمُ ضَرَرِ إخْرَاجِ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحَاتِ أَوْ نِسْيَانُ مُوجِبٍ لَا إخْرَاجُهُ أَوْ نِيَّةُ مُطْلَقُ الطَّهَارَةِ وَالِاخْتِلَافُ فِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ وَسَائِرِ مَا مَرَّ فِيهَا وَفِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ بِكَوْنِهَا وَاجِبَةً إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ أَوْ سَنَةً وَبِنَائِهِ بَيِّنَةٌ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ عَجْزًا حُكْمِيًّا أَوْ تَعَمَّدَ مَا لَمْ يَطُلْ وَلَيْسَ وَجْهُ الشَّبَهِ حُكْمَهُمَا لِتَصْرِيحِهِ بِهِ قَبْلَ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ: وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ. . . إلَخْ.
(وَإِنْ نَوَتْ) امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ بِغُسْلِهَا (الْحَيْضَ) أَوْ النِّفَاسَ (وَالْجَنَابَةَ)
أَوْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ
أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ، أَوْ نِيَابَةً عَنْ الْجُمُعَةِ، حَصَلَا.
وَإِنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ، أَوْ قَصَدَ نِيَابَةً عَنْهَا، انْتَفَيَا.
وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ، وَضَغْثُ مَضْفُورِهِ.
ــ
[منح الجليل]
مَعًا أَيْ رَفْعِ حَدَثِهِمَا أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ مِنْهُمَا أَوْ أَدَاءِ الْفَرْضِ بِسَبَبِهِمَا حَصَلَا (أَوْ) نَوَتْ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الْحَيْضَ وَالْجَنَابَةَ حَالَ كَوْنِهَا (نَاسِيَةً) أَوْ ذَاكِرَةً (لِلْآخَرِ) وَلَمْ تُخْرِجْهُ حَصَلَا.
(أَوْ نَوَى) الْمُغْتَسِلُ (الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ) أَوْ الْعِيدَ أَوْ الْإِحْرَامَ أَيْ أَشْرَكَهُمَا فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ بِنِيَّتِهِمَا حَصَلَا (أَوْ) نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ وَنَوَى بِهِ (نِيَابَةً عَنْ) غُسْلِ (الْجُمُعَةِ) أَوْ الْعِيدِ أَوْ الْإِحْرَامِ مَثَلًا (حَصَلَا) أَيْ الْغُسْلَانِ وَسَقَطَ طَلَبُهُمَا وَالْأَوْلَى تَفْرِيعٌ إنْ نَوَتْ بِالْفَاءِ عَلَى قَوْلِهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّهُ إيضَاحٌ لَهُ.
(وَإِنْ) نَوَى الْجُمُعَةَ مَثَلًا وَ (نَسِيَ الْجَنَابَةَ) انْتَفَيَا لِأَنَّ غُسْلَ نَحْوِ الْجُمُعَةِ لَا يَصِحُّ مَعَ قِيَامِ الْجَنَابَةِ (أَوْ) نَوَى بِغُسْلِهِ الْجُمُعَةَ وَ (قَصَدَ) بِهِ (نِيَابَةً عَنْ) غُسْلٍ (هَا) أَيْ الْجَنَابَةِ (انْتَفَيَا) أَيْ فَلَا يَحْصُلُ مَا نَوَاهُ وَلَا مَا نَسِيَهُ فِي الْأُولَى وَلَا مَا نَوَاهُ وَلَا مَا نَوَى النِّيَابَةَ عَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ إذْ غَيْرُ الْوَاجِبِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبِ.
(وَ) وَاجِبُهُ (تَخْلِيلُ شَعْرٍ) وَلَوْ كَثِيفًا عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ يُنْدَبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفِ وَقِيلَ يُبَاحُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي اللِّحْيَةِ فَقَطْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَتَخْلِيلُهُ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَثِيفًا (وَضَغْثُ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَبِسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَثُلُثُهُ أَيْ جَمْعُ وَتَحْرِيكُ (مَضْفُورِهِ) أَيْ الشَّعْرِ لِيَعُمَّهُ الْمَاءُ وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ طَاهِرَةً وَإِنْ كَانَتْ عَرُوسًا زُيِّنَ شَعْرُهَا بِطِيبٍ وَنَحْوِهِ.
وَفِي الْبُنَانِيِّ أَنَّهَا تَمْسَحُهُ حِفْظًا لِلْمَالِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا: وَلَا تَنْقُضُ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا الْمَضْفُورَ وَلَكِنْ تَضْغَثُهُ بِيَدِهَا مَا نَصُّهُ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَرُوسًا. وَفِي شَرْحِ ابْنِ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهَا لَيْسَ عَلَيْهَا غَسْلُ رَأْسِهَا لِإِفْسَادِهِ الْمَالَ وَتَمْسَحُهُ الْوَانُّوغِيُّ هَذَا بَعِيدٌ كُلَّ الْبُعْدِ وَفِي فُرُوعِنَا مَا يَشْهَدُ لَهُ وَسَلَّمَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَابْنُ نَاجِي وَابْنُ عُمَرَ وَفِي الْحَطَّابِ أَنَّهَا تَتَيَمَّمُ إذَا كَانَ الطِّيبُ فِي جَسَدِهَا كُلِّهِ لِحِفْظِ الْمَالِ، وَغَيْرُ الْمَضْفُورِ
لَا نَقْضُهُ.
وَدَلْكٌ وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ، وَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ.
ــ
[منح الجليل]
كَالْمَضْفُورِ فِي كِفَايَةِ ضَغْثِهِ أَيْ جَمْعِهِ وَتَحْرِيكِهِ وَضَفْرُ الرَّجُلِ شَعْرَهُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ النِّسَاءِ جَائِزٌ وَعَلَيْهَا مَمْنُوعٌ لِلتَّشَبُّهِ بِهِنَّ.
(لَا) يَجِبُ (نَقْضُهُ) أَيْ حَلُّ ضَفْرِ الشَّعْرِ الْمَضْفُورِ إذَا كَانَ مُرْخَيًا بِحَيْثُ يَدْخُلُهُ الْمَاءُ وَلَمْ يُضَفَّرْ بِثَلَاثَةِ خُيُوطٍ بِأَنْ ضُفِّرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ بِخَيْطَيْنِ فَإِنْ اشْتَدَّ أَوْ ضُفِّرَ بِخُيُوطٍ وَجَبَ نَقْضُهُ وَلَا يَجِبُ تَحْوِيلُ الْخَاتِمِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَا حُلِيِّ الْمَرْأَةِ وَلَوْ ضَيِّقًا مَانِعًا وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ كَالْجَبِيرَةِ وَفِيهِ أَنَّهَا لِلضَّرُورَةِ وَالنَّظَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ الْخِلْقِيِّ.
(وَ) وَاجِبُهُ (دَلْكٌ) أَيْ إمْرَارُ عُضْوٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمَغْسُولِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْغُسْلِ الَّذِي هُوَ الْإِيصَالُ مَعَ الدَّلْكِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ لَا لِلْإِيصَالِ فَتُغْنِي عَنْهُ فَرِيضَةُ الْغُسْلِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِهِ وَلِلرِّدَّةِ عَلَى رِوَايَةِ مَرْوَانَ نَدَبَهُ، وَيَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ عَلَى الصَّوَابِ فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي الْإِيصَالِ الْوَاجِبِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا تُشْتَرَطُ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي حَقِّ مُسْتَنْكِحِ الشَّكِّ لِعَجْزِهِ عَنْهَا فَيَكْفِيهِ الشَّكُّ فِيهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ اللَّهْوُ عَنْهُ وَلَا دَوَاءَ لَهُ إلَّا هَذَا وَلَا تُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِصَبِّ الْمَاءِ فَيَكْفِي.
(وَلَوْ بَعْدَ) صَبِّ (الْمَاءِ) وَتَقَاطُرِهِ عَنْ الْبَدَنِ مَا لَمْ يَجِفَّ الْجَسَدُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِاشْتِرَاطِ مُقَارَنَتِهِ لِلْمَاءِ (أَوْ) وَلَوْ دَلَكَ (بِخِرْقَةٍ) بِأَنْ يَمْسِكَ طَرَفَيْهَا بِيَدَيْهِ وَيُمِرَّ وَسَطَهَا عَلَى نَحْوِ ظَهْرِهِ فَيَكْفِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّلْكِ بِيَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا الْخِرْقَةُ الْمَلْفُوفَةُ عَلَى الْيَدِ فَالدَّلْكُ بِهَا دَلْكٌ بِالْيَدِ كَافٍ اتِّفَاقًا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِلَا حَائِلٍ عَلَيْهَا.
(أَوْ) دَلْكٌ بِ (اسْتِنَابَةٍ) لِحَلِيلَتِهِ وَلَوْ فِي الْعَوْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِي غَيْرِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ خِرْقَةٍ فَإِنْ اسْتَنَابَ مَعَهَا فَلَا يَكْفِي (وَإِنْ تَعَذَّرَ) الدَّلْكُ بِالْيَدِ وَالْخِرْقَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ (سَقَطَ) وُجُوبُهُ وَيَكْفِي التَّعْمِيمُ بِالْمَاءِ وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ
وَسُنَنُهُ. غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا، وَصِمَاخِ أُذُنَيْهِ، وَمَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ، وَاسْتِنْثَارٌ
وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى، ثُمَّ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ كَامِلَةً
ــ
[منح الجليل]
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ تَعَذَّرَ بِالْيَدِ. سَقَطَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْأَصْوَبُ وَالْأَشْبَهُ بِيُسْرِ الدِّينِ، وَضَعَّفَ ابْنُ الْقَصَّارِ قَوْلَ سَحْنُونٍ.
(وَسُنَنُهُ) أَيْ الْغُسْلِ وَلَوْ مَنْدُوبًا لِكَعِيدٍ (غَسْلُ يَدَيْهِ) إلَى كُوعَيْهِ مَرَّةً وَيُنْدَبُ الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ وَقِيلَ التَّثْلِيثُ شَرْطٌ فِي السُّنِّيَّةِ وَرَجَّحَ أَيْضًا (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ قَبْلَ الِاغْتِرَافِ بِهِمَا مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ رَاكِدٍ يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا تُشْتَرَطُ الْأَوَّلِيَّةُ فِي السُّنِّيَّةِ (وَ) سُنَنُهُ مَسْحُ (صِمَاخِ) أَيْ ثُقْبِ (أُذُنَيْهِ) الَّذِي يَمَسُّهُ طَرَفُ إصْبَعِهِ عِنْدَ إدْخَالِهِ وَلَا يَصُبُّ الْمَاءَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ بَاقِي أُذُنَيْهِ بِأَنْ يَكْفِيَهُمَا مَا عَلَى كَفِّهِ مَمْلُوءَةً مَاءً حَتَّى يَعُمَّهُمَا وَيُرْسِلَهُ وَيَدْلُكَهُمَا عَقِبَهُ وَلَا يَصُبُّ الْمَاءَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ.
(وَمَضْمَضَةٌ) مَرَّةً (وَاسْتِنْشَاقٌ) مَرَّةً وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَاسْتِنْثَارٌ)
(وَنُدِبَ بَدْءٌ) بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ (بِإِزَالَةِ الْأَذَى) أَيْ النَّجَاسَةِ عَنْ بَدَنِهِ إنْ كَانَتْ فِيهِ بِفَرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ مَنِيًّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ وَيَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ قُبُلِهِ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةً مَمْنُوعَةً فَيَكْفِيهِ عَنْ غَسْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُ بَعْدُ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ تَوَضَّأَ وَدَلَكَ بِبَطْنِ أَوْ جَنْبِ كَفِّهِ أَوْ أَصَابِعِهِ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ.
(ثُمَّ) يَتْبَعُ ذَلِكَ بِغَسْلِ (أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ) إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ فَلَا يُعِيدُهُ لِفِعْلِهِ أَوَّلًا الرَّمَاصِيُّ لَا مُسَاعِدَ لِقَوْلِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ يُعِيدُ غَسْلَهُمَا فِي وُضُوئِهِ إلَّا قَوْلَهُمْ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ غَسْلِ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ لِتَقَدُّمِهِ وَلَا يُقَالُ إنْ مَسَّ ذَكَرَهُ قَدْ نَقَضَهُ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ فَلَا يَنْقُضُهُ مَسُّ ذَكَرِهِ حَالَ كَوْنِ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ (كَامِلَةً) فَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ إلَى آخِرِ غَسْلِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى الْبُنَانِيُّ هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ نَدْبُ تَأْخِيرِ غَسْلِهِمَا الْمَجِيءِ الصَّرِيحِ بِهِ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ " رضي الله عنها " وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْإِطْلَاقُ فَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ اهـ.
مَرَّةً وَأَعْلَاهُ وَمَيَامِينِهِ،
ــ
[منح الجليل]
وَقِيلَ إنْ كَانَ الْغُسْلُ وَاجِبًا فَالْأَوْلَى التَّأْخِيرُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً أَوْ مَنْدُوبًا فَالْأَوْلَى التَّقْدِيمُ لِمُوَالَاةِ الْوُضُوءِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَحَلُّ نَظِيفًا فَالْأَوْلَى التَّقْدِيمُ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى التَّأْخِيرُ وَيَغْسِلُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ كُلَّ عُضْوٍ (مَرَّةً) فَلَا يَشْفَعُ وَلَا يُثَلِّثُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَا فَضِيلَةَ فِي تَكْرَارِهِ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَيْضًا الرَّمَاصِيُّ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ " رضي الله عنها " زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهَا وَصَفَتْ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجَنَابَةِ وَفِيهِ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا» اهـ. وَفِي الْجُزُولِيِّ إنَّ التَّكْرَارَ هُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَاعْتَمَدَهُ وَيَنْوِي بِغَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَمْنُوعِهِ (وَ) نُدِبَ بَدْءٌ بِ (أَعْلَاهُ) أَيْ الْمُغْتَسِلِ بِيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ قَبْلَ أَسْفَلِهِ كَذَلِكَ (وَ) نُدِبَ بَدْءٌ بِ (مَيَامِنِهِ) أَيْ الْأَعْلَى قَبْلَ مَيَاسِرِهِ وَبِمَيَامِنِ الْأَسْفَلِ قَبْلَ مَيَاسِرِهِ الْحَطَّابُ ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ تُفِيدُ أَنَّ الْأَعْلَى بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ كَذَلِكَ لَا أَنَّ الْأَيْمَنَ بِأَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْيَسَارِ وَكَذَلِكَ بَلْ هَذَا صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةَ ابْنُ عَاشِرٍ ازْدَحَمَ الْأَعْلَى وَالْأَيْمَنُ فِي التَّقْدِيمِ فَتَعَارَضَ فِيهِ أَعْلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَأَسْفَلُ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمُ الْأَعْلَى مُطْلَقًا مَعَ تَقْدِيمِ يُمْنَاهُ ثُمَّ الْأَسْفَلِ كَذَلِكَ فَيَغْسِلُ أَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِلرُّكْبَةِ ظَهْرًا أَوْ بَطْنًا وَجَنْبًا ثُمَّ أَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ أَسْفَلَ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ أَسْفَلَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ. وَاعْتَمَدَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الصَّغِيرُ وَتِلْمِيذُهُ الْعَدَوِيُّ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْمَنْدُوبَ تَقْدِيمُ الْجَانِبِ الْيَمِينِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ عَلَى الْجَانِبِ الْيَسَارِ كَذَلِكَ وَنَزَّلُوا عَلَى هَذَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُجْعَلُ ضَمِيرُ أَعْلَاهُ لِلْجَانِبِ وَضَمِيرُ مَيَامِنِهِ لِلْمُغْتَسِلِ قَالُوا: وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْأَسْفَلِ عَلَى الْأَعْلَى لِأَنَّ الْجَانِبَ الْيَمِينَ كُلَّهُ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَالْيَسَارَ كَذَلِكَ وَإِلَّا وَرَدَ أَنْ يُقَالَ لِمَ قُلْتُمْ بِالِانْتِهَاءِ لِلرُّكْبَةِ وَلَمْ تَقُولُوا يَنْتَهِي لِفَخْذِهِ ثُمَّ مِنْ مَنْكِبِ الْأَيْسَرِ إلَى
وَتَثْلِيثُ رَأْسِهِ، وَقِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ، كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ، لَا تَيَمُّمٍ.
ــ
[منح الجليل]
فَخِذِهِ ثُمَّ مِنْ فَخِذِ الْيَمِينِ إلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ مِنْ فَخِذِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ مِنْ رُكْبَةِ الْأَيْمَنِ إلَى كَعْبِهِ ثُمَّ مِنْ رُكْبَةِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ.
(وَ) نُدِبَ (تَثْلِيثُ) مَصْدَرُ ثَلَّثَ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلُ اللَّامِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (رَأْسِهِ) أَيْ الْمُغْتَسِلِ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَعُمُّهُ بِكُلِّ غَرْفَةٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: غَرْفَةٌ لِيَمِينِهِ وَغَرْفَةٌ لِوَسَطِهِ وَغَرْفَةٌ لِيَسَارِهِ.
(وَ) نُدِبَ (قِلَّةُ) أَيْ تَقْلِيلُ (مَاءٍ) مَنْقُولٍ لِغَسْلِ عُضْوٍ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ لِلْقَلِيلِ بِصَاعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِاخْتِلَافِ الْأَجْسَامِ وَالْأَحْوَالِ فَكُلُّ إنْسَانٍ يُقَلِّلُ بِحَسَبِ جِسْمِهِ، وَحَالِهِ مَعَ الْأَحْكَامِ وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ، فَقَالَ (كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ) جَامَعَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ فَيُنْدَبُ غَسْلُهُ (لِعَوْدِهِ لِجِمَاعِ) الَّتِي جَامَعَهَا أَوْ غَيْرَهَا لِتَقْوِيَةِ الْعُضْوِ، وَقِيلَ: يَجِبُ لِجِمَاعِ غَيْرِ الْأُولَى لِئَلَّا يُدْخِلَ فِي الثَّانِيَةِ نَجَاسَةَ الْأُولَى وَرُدَّ بِأَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِ الْغَسْلِ التَّلَطُّخُ بِالنَّجَاسَةِ وَالرَّاجِحُ كَرَاهَتُهُ وَلَوْ لِغَيْرِهِ مَعَ رِضَاهُ قُلْت: الْمَكْرُوهُ تَلْطِيخُ الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ وَتَلْطِيخُ الْبَاطِنِ مَمْنُوعٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ، تَطْهِيرِهِ وَهَذَا مِنْهُ وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِهِ إذَا أَرَادَ جِمَاعَ الْأُولَى فَلَعَلَّ الْفَرْعَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفِ أَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ وَالْمَنِيِّ طَاهِرَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) كَ (وُضُوئِهِ) أَيْ الْجُنُبِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (لِنَوْمٍ) أَيْ عِنْدَهُ لِيَنَامَ طَاهِرًا وَقِيلَ: لِيَنْشَطَ لِلْغُسْلِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَغَيْرِ الْجُنُبِ إنْ أَرَادَ النَّوْمَ وَهُوَ مُحْدِثٌ (لَا) يُنْدَبُ لِلْجُنُبِ الَّذِي أَرَادَ النَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً لِلْوُضُوءِ أَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِ (تَيَمُّمٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لِلنَّشَاطِ لِلْغُسْلِ وَيَتَيَمَّمُ عَلَى أَنَّهُ لِيَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ.
ابْنُ بَشِيرٍ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُنُبَ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ النَّوْمِ وَهَلْ الْأَمْرُ بِهِ إيجَابٌ أَوْ نَدْبٌ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أَمَرَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ» وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّتِهِ فَقِيلَ لِيَنْشَطَ لِلْغُسْلِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ الْكَافِيَ فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّيَمُّمِ وَقِيلَ لِيَبِيتَ عَلَى طَهَارَةٍ لِأَنَّ النَّوْمَ مَوْتٌ أَصْغَرُ فَشُرِعَتْ فِيهِ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى كَمَا شُرِعَ فِي الْمَوْتِ الْأَكْبَرِ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى فَعَلَى هَذَا إنْ فَقَدَ الْمَاءَ يَتَيَمَّمُ وَمِثْلُهُ
وَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِجِمَاعٍ.
وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ. مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ، وَالْقِرَاءَةَ إلَّا كَآيَةٍ لِتَعَوُّذٍ وَنَحْوِهِ.
وَدُخُولَ مَسْجِدٍ وَلَوْ مُجْتَازًا.
ــ
[منح الجليل]
لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي، تَيَمُّمِ الْعَاجِزِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّشَاطِ أَوْ لِتَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ.
(وَلَمْ يَبْطُلْ) أَيْ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ بِشَيْءٍ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بِحَيْثُ يُطْلَبُ بِوُضُوءٍ آخَرَ لِلنَّوْمِ (إلَّا بِجِمَاعٍ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَخُرُوجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَأَمَّا وُضُوءُ غَيْرِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنْ نَامَ الرَّجُلُ عَلَى طَهَارَةٍ وَضَاجَعَ زَوْجَتَهُ وَبَاشَرَهَا بِجَسَدِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ. إلَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ اللَّذَّةَ، وَقَالَ عِيَاضٌ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ لَا بَعْدَهُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ.
(وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ) أَيْ مَمْنُوعَاتِ الْحَدَثِ (الْأَصْغَرِ) الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ الْحَدَثُ صَلَاةً وَطَوَافًا وَمَسَّ مُصْحَفٍ.
(وَ) تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ (الْقِرَاءَةَ) بِلَا مَسِّ مُصْحَفٍ وَلَوْ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ فَقَطْ وَأَمَّا بِالْقَلْبِ فَلَا تَمْنَعُهَا الْجَنَابَةُ إذْ لَا تُعَدُّ قِرَاءَةً شَرْعًا. وَنَقَلَ ابْنُ عُمَرَ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهَا مِنْ الْجُنُبِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهَا فِي التَّوْضِيحِ (إلَّا) قِرَاءَةَ (كَآيَةٍ) فِي الْيَسَارَةِ وَالْخِفَّةِ (لِتَعَوُّذٍ) كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ قِرَاءَةَ " قُلْ أُوحِيَ " وَفِي الذَّخِيرَةِ: لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 160] وَلَا آيَةُ الدَّيْنِ لِلتَّعَوُّذِ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَوَّذُ بِهِ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَتَبِعَهُ عج وَغَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حِصْنٌ وَشِفَاءٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ يُتَعَوَّذُ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظُ التَّعَوُّذِ وَلَا مَعْنَاهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ التَّعَوُّذِ كَرُقْيَا وَاسْتِدْلَالٍ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا يُقَالُ عِنْدَ رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ.
(وَ) تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ (دُخُولَ مَسْجِدٍ) وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتٍ إنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُجْتَازًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ مَارًّا مِنْ بَابٍ لِبَابٍ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لَا بَأْسَ بِمُرُورِ الْجُنُبِ بِالْمَسْجِدِ إذَا كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ الصَّحِيحِ
كَكَافِرٍ، وَإِنْ أَذِنَ مُسْلِمٌ.
وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ، وَرَائِحَةُ طَلْعٍ. أَوْ عَجِينٍ.
وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ.
ــ
[منح الجليل]
الْجُنُبِ دُخُولُهُ بِالتَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا فِي جَوْفِهِ أَوْ يَكُونَ بَيْتُهُ دَاخِلَهُ وَيُرِيدُ دُخُولَهُ أَوْ الْخُرُوجَ مِنْهُ لِأَجْلِ الْغُسْلِ أَوْ يُضْطَرَّ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ فَيَتَيَمَّمُ لِدُخُولِهِ وَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ الْعَادِمُ لِلْمَاءِ لَهُ دُخُولُهُ بِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهُ بِهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَلَا يَمْكُثُ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَمَنْ نَامَ فِيهِ فَاحْتَلَمَ فَفِي النَّوَادِرِ يَتَيَمَّمُ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَالْأَقْوَى لَا يَتَيَمَّمُ بَلْ يُسْرِعُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ دُخُولُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ مُسْلِمٌ بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِيهِ شَخْصٌ (مُسْلِمٌ) إلَّا لِضَرُورَةٍ كَعِمَارَةٍ لَمْ تُمْكِنْ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ أَمْكَنَتْ وَكَانَتْ صَنْعَةُ الْكَافِرِ أَتْقَنَ أَوْ نَقَصَتْ أُجْرَتُهُ عَنْ أُجْرَةِ الْمُسْلِمِ نَقْصًا لَهُ بَالٌ وَنُدِبَ إدْخَالُهُ مِنْ أَقْرَبِ بَابٍ إلَى مَحَلِّ الْإِصْلَاحِ.
(وَلِلْمَنِيِّ) مِنْ الرَّجُلِ فِي حَالِ اعْتِدَالِ مِزَاجِهِ (تَدَفُّقٌ) فِي خُرُوجِهِ (وَرَائِحَةُ طَلْعٍ) لِذَكَرِ نَخْلٍ (أَوْ) رَائِحَةُ (عَجِينٍ) قِيلَ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ رَائِحَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُمَا وَقِيلَ: تَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الطَّبَائِعِ وَهَذَا فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ وَأَمَّا الْيَابِسُ فَرَائِحَتُهُ شَبِيهَةٌ بِرَائِحَةِ الْبَيْضِ وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ يَخْرُجُ بِلَا تَدَفُّقٍ وَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ طَلْعِ النَّخْلَةِ الْأُنْثَى.
(وَيُجْزِئُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا غَسْلُ الْجَنَابَةِ (عَنْ الْوُضُوء) فَإِذَا أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ انْغَمَسَ فِيهِ وَدَلَكَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ أَدَاءِ الْفَرْضِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ مِنْهُ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ الْوُضُوءَ وَلَا رَفَعَ الْأَصْغَرَ فَلَهُ الصَّلَاةُ بِهِ وَالطَّوَافُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَاقِضُ وُضُوءٍ بَعْدَ غَسْلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى يَتَوَضَّأَ ابْنُ بَشِيرٍ الْغُسْلُ يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ فَلَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَبْدَأْ بِالْوُضُوءِ وَلَا خَتَمَ بِهِ لَأَجْزَأَهُ غُسْلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ هَذَا إنْ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ غُسْلٍ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ غُسْلٍ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ تَمَامِ غُسْلِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْفَرِ اتِّفَاقًا.
وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ جَنَابَتِهِ.
وَغَسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ، كَلُمْعَةٍ مِنْهَا؛ وَإِنْ عَنْ جَبِيرَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهِ فَهَلْ يَفْتَقِرُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ أَوْ تَجْزِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَفْتَقِرُ لِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: لَا وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي ارْتِفَاعِ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَمَالِ وَيُجْزِئُ الْغُسْلُ عَنْ الْوُضُوءِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَدَمُ جِنَايَتِهِ بَلْ (وَإِنْ تَبَيَّنَ) بَعْدَ غُسْلِهِ (عَدَمُ جَنَابَتِهِ) .
(وَ) يُجْزِئُ (غَسْلُ) أَعْضَاءِ (الْوُضُوءِ) بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِهِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ بِهِ.
(عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ) أَيْ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَكْبَرِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِهِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ بِهِ فَإِنْ بَنَى عَلَى الْوُضُوءِ يَغْسِلُ بَاقِيَ بَدَنِهِ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ كَفَاهُ وَلَا يُطْلَبُ بِغَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ ثَانِيًا إنْ كَانَ مُتَذَكِّرَ جَنَابَتِهِ حَالَ وُضُوئِهِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ) حَالَ وُضُوئِهِ وَتَذَكَّرَهَا بَعْدَهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ وُضُوئِهِ وَتَذَكُّرِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الطُّولِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَيُصَلِّي بِغُسْلِهِ بَعْدَ إتْمَامِهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَاقِضٌ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَاحْتَرَزَ بِغُسْلِ الْوُضُوءِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ غُسْلِهِ فِي الْغُسْلِ إلَّا إذَا كَانَ فَرْضُهُ فِيهِ مَسْحَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ غُسْلِهِ. وَكَذَا غَيْرُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَ) غَسْلِ (لُمْعَةٍ) بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ مَحَلٍّ لَمْ يَعُمَّهُ الْغَسْلُ فِي غُسْلِ الْجِنَايَةِ نِسْيَانًا (مِنْهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَتَوَضَّأَ وَغَسَلَهُ بِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ فَيُجْزِئُ عَنْ غُسْلِهِ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ إنْ كَانَتْ اللُّمْعَةُ مِنْ غُسْلِهِ عَنْ غَيْرِ جَبِيرَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ اللُّمْعَةُ الَّتِي فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَعُمَّهَا الْغُسْلُ حَصَلَتْ (عَنْ جَبِيرَةٍ) مَسَحَهَا فِي غُسْلِهِ ثُمَّ سَقَطَتْ أَوْ بَرِئَ مَحَلُّهَا وَغُسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ بِنِيَّتِهِ فَيُجْزِئُ عَنْ غُسْلِهَا بِنِيَّةِ الْغُسْلِ وَالْأَوْلَى قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَقُولَ: وَإِنْ عَنْ غَيْرِ جَبِيرَةٍ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ لِأَنَّ لُمْعَةَ الْجَبِيرَةِ تُرِكَتْ لِلضِّرْوَةِ وَلُمْعَةَ غَيْرِهَا تُرِكَتْ نِسْيَانًا وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّفْرِيطِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فَتَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ فِي لُمْعَةِ الْجَبِيرَةِ فَلَا تَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.