المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في استقبال القبلة] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ١

[محمد بن أحمد عليش]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة مُخْتَصَر خَلِيل]

- ‌(بَابٌ) يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّاهِرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إزَالَةُ النَّجَاسَةِ]

- ‌فَرَائِضُ الْوُضُوءِ:

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَاب قَضَاء الْحَاجَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجِبَات الْغُسْل وَوَاجِبَاته وَسُنَنه وَمَنْدُوبَاته وَمَا يُنَاسِبهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي مسح الْخَفّ بدلا عَنْ غَسَلَ الرَّجُلَيْنِ فِي الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مسح الْجُرْح أَوْ الجبيرة أَوْ الْعِصَابَة نِيَابَة عَنْ غَسَلَ أَوْ مسح أصلي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَيْض وَالنِّفَاس وَالِاسْتِحَاضَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَان أَوْقَات الصَّلَوَات الْخَمْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان شَرْطَيْنِ مِنْ شُرُوط صِحَّة الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي سِتْر الْعَوْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرَائِضُ الصَّلَاةِ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِيَام وبدله وَمَرَاتِبهَا فِي الْفَرْض]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاء الْفَائِتَة وَتَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُجُود السَّهْو وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَجْدَة التِّلَاوَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفَل]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان حُكْم فعل الصَّلَاة فِي جَمَاعَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام اسْتِخْلَاف إمَام]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام صَلَاة السَّفَرِ]

- ‌[فَصْل فِي بَيَان شُرُوط الْجُمُعَةَ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا وَمُسْقِطَاتهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الِاسْتِسْقَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْمَيِّتِ]

الفصل: ‌[فصل في استقبال القبلة]

(فَصْلٌ) وَمَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ؛

ــ

[منح الجليل]

الْمُكَلَّفِ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِسِتْرِ عَوْرَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ مَالِكِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى قَسَمِهِ إتْلَافٌ كَذِي فِلْقَتَيْنِ أَوْ طَوِيلٍ يَكْفِي كُلُّ طَرَفٍ مِنْهُ شَخْصًا وَجَبَ إعَارَتُهُمْ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُنْدَبُ وَضَعُفَ.

[فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة]

(فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ)(وَ) شُرِطَ لِصِحَّةِ صَلَاةٍ (مَعَ الْأَمْنِ) مِنْ نَحْوِ عَدُوٍّ وَسَبُعٍ وَالْقُدْرَةِ قِيلَ الْأَوْلَى ذِكْرُهَا بَدَلَ الْأَمْنِ لِاسْتِلْزَامِهَا إيَّاهُ دُونَ الْعَكْسِ وَالذِّكْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ وَنَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ الْمُقَدَّرُ (اسْتِقْبَالُ) أَيْ مُقَابَلَةُ (عَيْنِ) أَيْ ذَاتِ (الْكَعْبَةِ) بِجَمِيعِ الْبَدَنِ يَقِينًا (لِمَنْ) يُصَلِّي (بِمَكَّةَ) وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا يَقِينًا كَالْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِهَا وَالْأَوْدِيَةِ وَالطُّرُقِ الْقَرِيبَةِ مِنْهَا فَلَا يَكْفِيهِمْ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهَا وَلَا اجْتِهَادٌ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَالْيَقِينَ تَمْنَعُ اسْتِقْبَالَ الْجِهَةِ وَالِاجْتِهَادَ فِي اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ الْمُعَرَّضَيْنِ لِلْخَطَأِ فَإِنْ صَلَّوْا صَفًّا مُسْتَقِيمًا مُقَابِلَهَا زَائِدًا عَلَى عَرْضِهَا كَصَفٍّ مُعْتَدِلٍ مِنْ أَوَّلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى آخِرِهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهَا الْأَرْبَعِ فَصَلَاةُ الَّذِي لَمْ يُقَابِلْ بَدَنُهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ الْكَعْبَةَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْ عَيْنَهَا وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ جِهَتَهَا.

وَهَذَا وَاقِعٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كُلَّ يَوْمٍ وَالنَّاسُ غَافِلُونَ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَعْتَنُونَ بِاعْتِدَالِ الصُّفُوفِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهُمْ دَائِرَةً مُحِيطَةً بِالْكَعْبَةِ بِحَيْثُ يُقَابِلُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ قَوْسًا مُحِيطًا بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ طُولُ الصَّفِّ قَدْرَ عَرْضِ الْكَعْبَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى تَقْوِيسِهِ وَكَيْفِيَّةُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ يُصَلِّي بِمَكَّةَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ كَجَبَلٍ أَوْ سَطْحٍ حَتَّى يَرَى الْكَعْبَةَ وَيُقَابِلَهَا بِبَدَنِهِ وَيُصَلِّيَ أَوْ يُرْسِلَ شَيْئًا ثَقِيلًا فِي حَبْلٍ إلَى الْأَرْضِ فَكُلَّمَا قَابَلَهُ مِنْ حَائِطِ السَّقْفِ الَّذِي هُوَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسَامِتٌ لَهَا فَيَعْلَمُهُ وَيُصَلِّي إلَيْهِ هُوَ وَغَيْرُهُ كُلَّمَا أَرَادَ الصَّلَاةَ وَلَا يَنْحَرِفُ عَنْهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا.

ص: 231

فَإِنْ شَقَّ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ

ــ

[منح الجليل]

فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصُّعُودِ أَوْ كَانَ بِلَيْلٍ أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ عَالٍ اسْتَدَلَّ عَلَى عَيْنِهَا بِعَلَامَاتِهَا الْيَقِينِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْحَائِلُ وَجَدَ نَفْسَهُ مُسَامِتًا لَهَا وَيُصَلِّي إلَيْهَا وَحَيْثُ عَرَفَ مُسَامِتَهَا مِنْ بَيْتِهِ فَيُصَلِّي إلَيْهِ بَقِيَّةَ عُمْرِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِمَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا خُصُوصُ رُؤْيَتِهَا وَمُشَاهَدَتِهَا بِحَيْثُ لَا تُحْجَبُ عَنْهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَاحْتَرَزَ بِالْأَمْنِ مِنْ الْخَوْفِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ الِاسْتِقْبَالُ وَبِالْقُدْرَةِ مِنْ الْعَجْزِ عَنْهُ كَمَنْ تَحْتَ هَدْمٍ وَمَرْبُوطٍ وَزَمَنٍ عَاجِزٍ عَنْ التَّحَوُّلِ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ أَيْضًا وَبِالذِّكْرِ مِنْ النِّسْيَانِ فَيَسْقُطُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(فَإِنْ) أَمْكَنَ مَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا يَقِينًا وَ (شَقَّ) عَلَيْهِ لِمَرَضٍ أَوْ هِرَمٍ (فَفِي) جَوَازِ (الِاجْتِهَادِ) فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِبِنَاءِ الدِّينِ عَلَى التَّيْسِيرِ وَمَنْعِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ (نَظَرٌ) أَيْ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَصَوَّبَ ابْنُ رَاشِدٍ مَنْعَ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا يَقِينًا بِوَجْهٍ كَشَدِيدِ مَرَضٍ أَوْ زَمِنٍ أَوْ مَرْبُوطٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا اتِّفَاقًا.

وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِغَيْرِ جِهَتِهَا مَعَ عِلْمِهَا لِمَرَضٍ أَوْ هَدْمٍ عَلَيْهِ أَوْ رَبْطٍ فَيُصَلِّي لِغَيْرِ جِهَتِهَا لِعَجْزِهِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا أَقْسَامٌ.

الْأَوَّلُ صَحِيحٌ آمِنٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا يَقِينًا إمَّا بِصَلَاتِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ بِالصُّعُودِ عَلَى مُرْتَفَعٍ وَرُؤْيَتِهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا اسْتَدَلَّ عَلَى عَيْنِهَا بِعَلَامَةٍ يَقِينِيَّةٍ يَقْطَعُ بِهَا قَطْعًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ أَنَّهُ لَوْ أُزِيلَ الْحَائِلُ لَكَانَ مُسَامِتًا لَهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ حَيْثُ يَرَاهَا.

الثَّانِي مَرِيضٌ مَثَلًا يُمْكِنُهُ مَا يُمْكِنُ الصَّحِيحَ لَكِنْ بِجُهْدٍ وَمَشَقَّةٍ فَتَرَدَّدُوا فِي جَوَازِ اجْتِهَادِهِ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ.

الثَّالِثُ مَرِيضٌ مَثَلًا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَهَذَا يَجْتَهِدُ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا اتِّفَاقًا.

الرَّابِعُ مَرِيضٌ مَثَلًا عَالَمٌ جِهَتَهَا يَقِينًا وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِغَيْرِهَا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا

ص: 232

وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ جِهَتُهَا اجْتِهَادًا

ــ

[منح الجليل]

يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ لَهَا فَهَذَا يُصَلِّي لِغَيْرِ جِهَتِهَا كَالْخَائِفِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ وَعَدُوٍّ لِأَنَّ شَرْطَ الِاسْتِقْبَالِ الْأَمْنُ وَالْقُدْرَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَيَأْتِي هُنَا فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ وَالرَّاجِي آخِرُهُ وَالْمُتَرَدِّدُ وَسَطُهُ.

(وَإِلَّا) إي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ وَلَا بِمَا أُلْحِقَ بِهَا (فَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ الَّذِي يَشْتَرِطُ اسْتِقْبَالُهُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ (جِهَتُهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ لَا عَيْنِهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ عَيْنُهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ وَمُرَادُهُمْ تَقْدِيرُ الْمُصَلِّي ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا فِي الْوَاقِعِ كَمَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا لِأَنَّ هَذَا تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى مُقْتَدِيًا بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ زَائِدٌ عَلَى عَرْضِ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ عَيْنَهَا وَيَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَأْمُومِهِ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ.

وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّ الْجِسْمَ يُقَابَلُ بِأَكْبَرَ مِنْهُ مَعَ الْبُعْدِ وَكُلَّمَا زَادَ الْبُعْدُ عَظُمَ الْمُقَابَلُ كَغَرَضِ الرُّمَاةِ وَقُطْبِ الدَّائِرَةِ وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَقَوُّسِ الْمُقَابِلِ كَالدَّائِرَةِ حَوْلَ قُطْبِهَا وَإِلَّا لَزِمَ فِي صَفٍّ مُعْتَدِلٍ وَلَا تَقَوُّسَ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَإِنْ أُرِيدَ إمْكَانُ الْوَصْلِ بَيْنَهُمَا بِخَطٍّ وَلَوْ مَالَ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا رَجَعَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا عبق وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعِيدُ أَبَدًا الْبُنَانِيُّ الْحَقُّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا ثَمَرَةَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَأَنَّهُ لَوْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ اجْتِهَادٍ عَلَيْهِمَا وَالْأَبَدِيَّةُ عِنْدَنَا إنَّمَا هِيَ فِي قِبْلَةُ الْقَطْعِ.

وَلَعَلَّ عبق أَخَذَ ذَلِكَ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ (اجْتِهَادًا) فِي اسْتِقْبَالِ جِهَتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَوْ جَامِعِ عَمْرٍو بِمِصْرَ الْعَتِيقَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ الْمُؤَدِّي لِمُخَالَفَةِ مِحْرَابِهِمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ مِحْرَابِهِمَا لِأَنَّ مِحْرَابَ الْمَدِينَةِ بِالْوَحْيِ وَمِحْرَابَ جَامِعِ عَمْرٍو بِإِجْمَاعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الثَّمَانِينَ وَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ يَسِيرًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَكِنْ بَحْثٌ بِالنِّسْبَةِ لِجَامِعِ عَمْرٍو بِأَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوهُ نَحْوَ الثَّمَانِينَ وَذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي الْإِجْمَاعِ.

وَلِذَا رُوِيَ أَنَّ اللَّيْثَ وَابْنَ لَهِيعَةَ كَانَا يَتَيَامَنَانِ فِيهِ قِيلَ وَتَيَامَنَ بِهِ قُرَّةٌ لَمَّا بَنَاهُ عَلَى عَهْدِ

ص: 233

كَأَنْ نُقِضَتْ، وَبَطَلَتْ إنْ خَالَفَهَا، وَإِنْ صَادَفَ.

وَصَوَّبَ سَفَرِ قَصْرٍ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ فَقَطْ.

ــ

[منح الجليل]

بَنِي أُمَيَّةَ وَمِثْلُ جَامِعِ عَمْرٍو وَجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ بِالشَّامِ وَجَامِعِ الْقَيْرَوَانِ لِاجْتِمَاعٍ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهِمَا أَيْضًا ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَجِدْ فِي الْبَيَانِ وَلَا فِي الْوَقْتِ اسْتِظْهَارًا لِابْنِ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ، فَالْمُنَاسِبُ فَالْأَصَحُّ أَوْ الْأَحْسَنُ. وَأَجَابَ تت بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اقْتَصَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَالْخَرَشِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ وَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي قَوَاعِدِهِ الْكُبْرَى.

وَشَبَّهَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي اسْتِقْبَالِ الْجِهَةِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (نُقِضَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَاءِ التَّأْنِيثِ، أَيْ هُدِمَتْ الْكَعْبَةُ وَنُقِلَ حَجَرُهَا وَنُسِيَ مَحَلُّهَا، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ مِنْ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ إذْ ذَاكَ الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِقْبَالِ جِهَتِهَا اتِّفَاقًا لِانْعِدَامِ عَيْنِهَا وَجَهْلِ مَحَلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَفِي عبق إنْ كَانَ بِمَكَّةَ اجْتَهَدَ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِ مَحَلِّهَا.

(وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (إنْ) أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ وَ (خَالَفَهَا) بِصَلَاتِهِ لِغَيْرِهَا عَامِدًا إنْ لَمْ يُصَادِفْ الْقِبْلَةَ فِي الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا بَلْ (وَإِنْ صَادَفَ) هَا فِي الْجِهَةِ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا فَيُعِيدُهَا أَبَدًا لِدُخُولِهِ عَلَى الْفَسَادِ وَتَعَمُّدِهِ إيَّاهُ فَلَمْ يَنْوِ مَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِهَا فَإِنْ صَلَّى لِغَيْرِهَا نِسْيَانًا فَصَادَفَ فَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِصِحَّتِهَا وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِهَا لِجَزْمِهِ النِّيَّةَ وَتَبَيُّنِ الْمُوَافَقَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنْ صَلَّى لِجِهَةِ اجْتِهَادِهِ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ أَوْ اسْتَدْبَرَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا. وَقَيَّدَ الْبَاجِيَّ إعَادَتَهُ فِيهِ بِظُهُورِ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ. قَالَ فَإِنْ خَفِيَتْ فَلَا يُعِيدُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ تَحَيَّرَ وَاخْتَارَ جِهَةً صَلَّى إلَيْهَا كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ.

(وَصَوْبُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ جِهَةُ (سَفَرِ قَصْرٍ) لِلرُّبَاعِيَّةِ بِأَنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ مَقْصُودَةٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا (لِرَاكِبِ دَابَّةٍ) رُكُوبًا مُعْتَادًا (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِسَفَرٍ وَمَا بَعْدَهُ، أَيْ لَا حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ غَيْرِ قَصْرِهِ لِنَقْصِهِ عَنْهَا أَوْ عِصْيَانٍ أَوْ لَهْوٍ بِهِ وَلَا لِمَاشٍ وَلَا لِرَاكِبٍ غَيْرِ دَابَّةٍ كَسَفِينَةٍ وَلَا لِرَاكِبِ دَابَّةٍ رُكُوبًا غَيْرَ مُعْتَادٍ بِجَعْلِ وَجْهِهِ لِذَنَبِهَا أَوْ جَنْبِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحْمِلٍ بَلْ.

ص: 234

وَإِنْ بِمَحْمَلٍ بَدَلٌ فِي نَفْلٍ، وَإِنْ وَتْرًا. وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا، لَا سَفِينَةٍ فَيَدُورُ مَعَهَا إنْ أَمْكَنَ، وَهَلْ إنْ أَوْمَأَ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ

ــ

[منح الجليل]

(وَإِنْ) كَانَ (بِمَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَا يَرْكَبُ فِيهِ مِنْ نَحْوِ شُقْدُفٍ وَيَتَرَبَّعُ حَالَ إحْرَامِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَرُكُوعِهِ وَيُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ لِسُجُودِهِ عَلَى خَشَبِ الْمَحْمِلِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَحَالَ التَّشَهُّدِ وَخَبَرُ صَوْبُ (بَدَلٌ) أَيْ عِوَضٌ عَنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ (فِي) صَلَاةِ (نَفْلٍ) فَقَطْ لَا فِي فَرْضٍ وَلَوْ كِفَائِيًّا كَجِنَازَةٍ إنْ كَانَ النَّفَلُ غَيْرَ سُنَّةٍ بَلْ.

(وَإِنْ) كَانَ (وَتْرًا) إنْ عَسُرَ ابْتِدَاؤُهُ لِجِهَةِ الْكَعْبَةِ بَلْ (وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) أَيْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجِبُ ابْتِدَاؤُهُ لَهَا إنْ سَهُلَ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ حَالَ صَلَاتِهِ عَلَيْهَا مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ إمْسَاكِ عَنَانِهَا وَتَحْرِيكِ رِجْلِهِ بِجَنْبِهَا وَضَرْبِهَا بِنَحْوِ سَوْطٍ، وَيُومِئُ بِسُجُودِهِ لِلْأَرْضِ لَا لِقَرَبُوسِ الدَّابَّةِ، وَيُشْتَرَطُ رَفْعُ عِمَامَتِهِ عَنْ جَبْهَتِهِ حَالَ إيمَائِهِ بِهَا لَا طَهَارَةَ الْأَرْضِ، فَإِنْ انْحَرَفَ لِغَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا انْحِرَافًا كَثِيرًا اخْتِيَارًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ.

(لَا) يَكُونُ صَوْبُ سَفَرِ الْقَصْرِ بَدَلًا لِرَاكِبِ (سَفِينَةٍ) لِسُهُولَةِ اسْتِقْبَالِهِ جِهَةَ الْكَعْبَةِ فِيهَا وَإِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ لِجِهَةِ الْكَعْبَةِ فَدَارَتْ السَّفِينَةُ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا (فَيَدُورُ) الْمُصَلِّي (مَعَهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ أَوْ السَّفِينَةِ، أَيْ يَدُورُ لِلْقِبْلَةِ مَعَ دَوْرَانِ السَّفِينَةِ لِغَيْرِهَا (إنْ أَمْكَنَ) دَوَرَانُهُ وَإِلَّا فَيُصَلِّي حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ.

(وَهَلْ) مَنْعُ النَّفْلِ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ (إنْ أَوْمَأَ) الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا فَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ فَيَجُوزُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ دَوَرَانٍ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ التَّبَّانِ وَأَبِي إبْرَاهِيمَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الْإِيمَاءُ (أَوْ) مَنْعُهُ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالْإِيمَاءِ، وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ عَدَمُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَهِيَ رُخْصَةٌ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا وَهُوَ سَفَرُ قَصْرٍ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ فَقَطْ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ اخْتِلَافٌ مِنْ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِ قَوْلِهَا لَا يَنْتَقِلُ فِي السَّفِينَةِ

ص: 235

وَلَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ غَيْرَهُ وَلَا مِحْرَابًا إلَّا لِمِصْرٍ، وَإِنْ أَعْمَى وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ وَقَلَّدَ غَيْرَهُ مُكَلَّفًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ تَحَيَّرَ

ــ

[منح الجليل]

إيمَاءً حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ مِثْلَ الدَّابَّةِ فَفَهِمَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَابْنُ التَّبَّانِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَوْلِهَا لَا يَنْتَقِلُ فِي السَّفِينَةِ قَوْلُهَا إيمَاءً، وَفَهِمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهَا قَوْلُهَا حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَعِبَارَتُهَا مُحْتَمَلَةٌ لَهُمَا.

(وَلَا يُقَلِّدُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً، وَفَاعِلُهُ شَخْصٌ (مُجْتَهِدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَعْرِفَةِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ لِمَعْرِفَتِهِ أَدَاتَهَا وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا شَخْصًا (غَيْرَهُ) مُجْتَهِدًا فَالِاجْتِهَادُ وَاجِبٌ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّقْلِيدِ.

(وَ) لَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ (مِحْرَابًا) مَنْصُوبًا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) مِحْرَابًا (لِمَصْرٍ) بِالتَّنْوِينِ أَيْ بَلَدٍ كَبِيرٍ حَضَرٍ نَصَبَ مِحْرَابَهُ إلَيْهَا الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ كَبَغْدَادَ وَمِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة، وَلَوْ خَرِبَ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ قَوْلُهُ لَا لِمِصْرٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَمْنُوعِ وَهُوَ إنَّمَا يُفِيدُ الْجَوَازَ. وَصَرَّحَ فِي الْمِعْيَارِ بِالْجَوَازِ وَنَفْيِ الْوُجُوبِ قَائِلًا وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي جُهِلَ حَالُ نَاصِبِهَا دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي قَطَعَ الْعَارِفُونَ بِخَطَئِهَا كَمَحَارِيبَ رَشِيدٍ وَقَرَافَةِ مِصْرَ الْعَتِيقَةِ وَمُنْيَةِ ابْنِ خَصِيبٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا لَا لِلْمُجْتَهِدِ وَلَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ بَصِيرًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَعْمَى وَسَأَلَ) أَيْ الْأَعْمَى (عَنْ الْأَدِلَّةِ) لِيَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ.

(وَقَلَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وَفَاعِلُهُ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ الْجَاهِلُ بِأَدِلَّتِهَا أَوْ بِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا وُجُوبًا شَخْصًا (مُكَلَّفًا) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا تَنَازَعَ فِيهِ سَأَلَ وَقَلَّدَ عَدْلًا فِي الرِّوَايَةِ (عَارِفًا) بِالْأَدِلَّةِ وَبِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا (أَوْ) قَلَّدَ (مِحْرَابًا) وَلَوْ لِغَيْرِ مِصْرٍ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ تَقْلِيدِ مِحْرَابِ الْمِصْرِ عَلَى تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ عَلَى مِحْرَابِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ.

(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مُجْتَهِدًا وَلَا مِحْرَابًا يُقَلِّدُهُ (أَوْ تَحَيَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا

ص: 236

مُجْتَهِدٌ تَخَيَّرَ، وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا لَحَسُنَ وَاخْتِيرَ.

وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قَطَعَ. غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٍ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهِ ا، وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ؛

ــ

[منح الجليل]

مُهْمَلُ الْحَاءِ فَاعِلُهُ (مُجْتَهِدٌ) بِخَفَاءِ أَدِلَّتِهَا عَلَيْهِ لِحَبْسٍ أَوْ غَيْمٍ وَلَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا وَلَا مِحْرَابًا يُقَلِّدُهُ أَوْ الْتِبَاسِهَا عَلَيْهِ مَعَ ظُهُورِهَا لَهُ بِأَنْ تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ (تَخَيَّرَ) كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ اخْتَارَ كُلٌّ مِنْ الْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مِحْرَابًا وَلَا مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ وَالْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ.

(وَلَوْ صَلَّى) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَرْبَعًا) مِنْ الصَّلَوَاتِ لِكُلِّ جِهَةٍ صَلَاةً (لَحَسُنَ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (وَاخْتِيرَ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا إذَا كَانَ تَحَيُّرُهُ وَشَكُّهُ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَإِلَّا تَرَكَ مَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ قِبْلَةً، وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً عَلَى الْأَوَّلِ لِلْجِهَةِ الَّتِي يَخْتَارُهَا، وَعَدَدُهَا بِقَدْرِ مَا شَكَّ فِيهِ عَلَى الثَّانِي وَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ مُخَالِفًا بِهِ قَوْلَ الْجُمْهُورِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاللَّخْمِيُّ.

(وَإِنْ تَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَهَرَ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا لِمُجْتَهِدٍ أَوْ مُقَلِّدٍ أَوْ مُتَحَيِّرٍ بِقِسْمَيْهِ وَفَاعِلُ تَبَيَّنَ (خَطَأٌ) فِي الْقِبْلَةِ الَّتِي هُوَ مُسْتَقْبِلُهَا وَصِلَةُ تَبَيَّنَ (بِصَلَاةٍ) أَيْ فِيهَا (قَطَعَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا شَخْصٌ (غَيْرُ أَعْمَى وَ) غَيْرُ (مُنْحَرِفٍ) عَنْ الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا (يَسِيرًا) وَغَيْرُهُمَا هُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا بِأَنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَوْلَى الْمُسْتَدْبِرُ وَمَفْهُومُ غَيْرُ أَعْمَى أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ وَغَيْرُ مُنْحَرِفٍ يَسِيرًا أَنَّ الْبَصِيرَ الْمُنْحَرِفَ يَسِيرًا لَا يَقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَالْأَوْضَحُ الْمُخْتَصَرُ بَصِيرًا انْحَرَفَ كَثِيرًا (فَيَسْتَقْبِلَانِهِ ا) أَيْ الْقِبْلَةَ وَيَبْنِيَانِ عَلَى مَا صَلَّيَاهُ إلَى غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلَا وَأَتَمَّاهَا إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْأَعْمَى الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا بَصِيرًا كَانَ أَوْ أَعْمَى مَعَ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِمَا.

(وَ) إنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ (بَعْدَ) فَرَاغٍ (بِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (أَعَادَ) أَيْ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا (فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ) ظَاهِرٌ فِي الْعَصْرِ خَاصَّةً إذَا الظُّهْرُ تُعَادُ إلَى الِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ وَالصُّبْحُ

ص: 237

وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا؟ خِلَافٌ

وَجَازَتْ سُنَّةٌ فِيهَا، وَفِي الْحَجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ

ــ

[منح الجليل]

إلَى الطُّلُوعِ وَأَمَّا الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَالْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا فَلَا تُنْدَبُ لَهُمَا الْإِعَادَةُ فِيهِ الْوَقْتِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُمَا الْخَطَأُ بَعْدَهَا وَهَذَا فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ. وَأَمَّا قِبْلَةُ الْقَطْعِ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَجَامِعِ عَمْرٍو وَنَحْوِهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ فِيهَا فِي الصَّلَاةِ وَجَبَ قَطْعُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ فَيُعِيدُهَا أَبَدًا.

(وَهَلْ يُعِيدُ) الشَّخْصُ (النَّاسِي) شَرْطِيَّةُ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ جِهَةُ قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا، وَتَذَكَّرَ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ صَلَاتَهُ (أَبَدًا) وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَحْدَهُ أَوْ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ (خِلَافٌ) وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ وَصَلَّى لِغَيْرِهَا عَمْدًا فَيُعِيدُ أَبَدًا اتِّفَاقًا كَمَنْ تَذَكَّرَ فِيهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي مُجْتَهِدٍ أَوْ مُقَلِّدٍ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَظَهَرَ خَطَؤُهُ فَلَا تَقْصِيرَ عِنْدَهُ، وَمَا هُنَا فِي عَالِمِ الْقِبْلَةِ وَنَسِيَ حُكْمَهَا وَتَعَمَّدَ اسْتِقْبَالَ غَيْرِهَا أَوْ نَسِيَهَا نَفْسَهَا وَاسْتَقْبَلَ غَيْرَهَا فَهُوَ مُقَصِّرٌ. فَإِنْ عَلِمَ فِيهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَعْمَى وَمَحَلُّهُ فِي الِانْحِرَافِ الْكَثِيرِ الْمُتَبَيِّنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا إعَادَةَ بِهِ اتِّفَاقًا.

(وَجَازَتْ سُنَّةٌ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ كَوَتْرٍ أَيْ صَلَاتُهَا (فِيهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (وَفِي الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، أَيْ الْبِنَاءِ الْمُقَابِلِ لِرُكْنَيْ الْكَعْبَةِ الْعِرَاقِيِّينَ الْمُخْتَلَفِ فِي كَوْنِهِ مِنْهَا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَمِنْهَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ أَوْ الرُّكْنِ وَأَوْلَى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْمَنْدُوبِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَنْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ، قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ. وَالْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ يُجَازَ مُضِيٌّ بَعْد الْوُقُوعِ فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ بَعِيدٌ. وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَالرَّوَاتِبُ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ فَتُنْدَبُ فِيهَا.

(لِأَيِّ جِهَةٍ) أَيْ مِنْ الْكَعْبَةِ فَقَطْ وَلَوْ لِبَابِهَا مَفْتُوحًا. وَأَمَّا الْحِجْرُ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ إلَّا إلَى الْكَعْبَةِ فَلَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ اسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ قَالَهُ الْحَطّ الرَّمَاصِيُّ

ص: 238

لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ

وَبَطَل فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا

ــ

[منح الجليل]

قَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الْحِجْرِ لِأَنَّهُ جِهَةٌ مِنْهُ لِنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِيهِ كَحُكْمِ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِهَا فِي الْبَيْتِ وَلَوْ لِبَابِهِ مَفْتُوحًا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ شَيْئًا مِنْ بِنَائِهِ، فَكَذَا يُقَالُ فِي الْحِجْرِ عَلَى مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الْبُنَانِيُّ مِمَّا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ نَظَرٌ، إذْ كَلَامُ عِيَاضٍ وَالْقَرَافِيِّ صَرِيحٌ فِي مَنْعِ اسْتِقْبَالِ الْحِجْرِ مِنْ خَارِجِهِ، وَصَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فَالصَّلَاةُ فِيهِ لِغَيْرِ الْكَعْبَةِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، وَهَذَا لَا يَدْفَعُ بِظَاهِرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ظُهُورِ التَّخْصِيصِ.

(لَا) يَجُوزُ فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ (فَرْضٌ) عَيْنِيٌّ أَوْ كِفَائِيٌّ كَالْجِنَازَةِ وَإِذَا صَلَّى عَلَى الْفَرْضِ فِي أَحَدِهِمَا (فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا، وَتُعَادُ الْجِنَازَةُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا لَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَإِنْ مُنِعَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا فِيهِمَا.

(وَأُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاو مُثَقَّلًا، أَيْ فُهِمَ قَوْلُهَا يُعَادُ الْفَرْضُ فِيهِمَا فِي وَقْتِهِ (بِالنِّسْيَانِ) مِنْ الْمُصَلِّي لَهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ فَيُعِيدَانِ أَبَدًا وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالنِّسْيَانِ فَيُعِيدُ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ فِي الْوَقْتِ كَالنَّاسِي وَهَذَا لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(وَبَطَلَ فَرْضٌ) صُلِّيَ (عَلَى ظَهْرِهَا) أَيْ سَطْحِ الْكَعْبَةِ فَيُعَادُ أَبَدًا، وَمَفْهُومُ " فَرْضٌ " عَدَمُ بُطْلَانِ النَّفْلِ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَلَّابِ، قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ إنْ أَرَادَ مَا شَمِلَ السُّنَنَ وَالْفَجْرَ فَمَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْفَرْضِ فِي عَدَمِ جَوَازِهَا فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَالصَّلَاةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْهَا عَلَيْهَا وَقَدْ نَصَّ تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ عَلَى بُطْلَانِ السُّنَّةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَيُخَصُّ كَلَامُ الْجَلَّابِ بِغَيْرِهَا مِنْ النَّفْلِ وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. وَالصَّلَاةُ تَحْتَ الْكَعْبَةِ بَاطِلَةٌ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا فَوْقَهُ فَيَجُوزُ لَلْجُنُبِ الْمُكْثُ تَحْتَهُ لَا الطَّيَرَانُ فَوْقَهُ.

ص: 239

كَالرَّاكِبِ إلَّا لِالْتِحَامٍ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ كَسَبُعٍ، وَإِنْ لِغَيْرِهَا

وَإِنْ أَمِنَ أَعَادَ الْخَائِفُ بِوَقْتٍ، وَإِلَّا لِخَضْخَاضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ، أَوْ لِمَرَضٍ، وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ

ــ

[منح الجليل]

وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) صَلَاةِ الشَّيْخِ (الرَّاكِبِ) عَلَى دَابَّةٍ إنْ كَانَتْ فَرْضًا لِتَرْكِهِ كَثِيرًا مِنْ أَرْكَانِهَا كَالْقِيَامِ وَالسُّجُودِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا قَائِمًا رَاكِعًا سَاجِدًا مُسْتَقْبِلًا فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَصِحُّ لِشِدَّةِ الْخَطَرِ. وَقَالَ سَنَدٌ تَصِحُّ وَاعْتُمِدَ (إلَّا) صَلَاتُهُ فَرْضًا عَلَيْهَا (لِالْتِحَامٍ) أَيْ اخْتِلَاطٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي الْقِتَالِ لِإِعْلَاءِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بَيْنَ الدَّافِعِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَوْ أَمْوَالِهِمْ وَالزَّاحِفِينَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بَيْنَ الطَّائِعِينَ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَالْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِهِ.

(أَوْ) لِ (خَوْفِهِ مِنْ كَسَبُعٍ) أَوْ لِصٍّ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ إنْ نَزَلَ عَنْهَا فَيُصَلِّي إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ فِيهِمَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهَا (لِغَيْرِهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ مِنْ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ وَاحْتَرَزَ بِالِالْتِحَامِ مِنْ صَلَاةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ لِإِمْكَانِ النُّزُولِ عَنْهَا.

(وَإِنْ أَمِنَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ حَصَلَ الْأَمْنُ لِمَنْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ لِالْتِحَامٍ أَوْ خَوْفًا مِنْ كَسَبُعٍ (أَعَادَ الْخَائِفُ) مِنْ كَسَبُعٍ الصَّلَاةَ (بِوَقْتٍ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ إنْ تَبَيَّنَ عَدَمَ مَا خَافَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ وَمَفْهُومُ الْخَائِفِ أَنَّ الْمُلْتَحِمَ لَا يُعِيدُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقُوَّتِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ عَلَيْهِ.

(وَإِلَّا) صَلَاتُهُ فَرْضًا عَلَى الدَّابَّةِ (لِخَضْخَاضٍ) أَيْ فِيهِ وَنَعَتَهُ بِجُمْلَةِ (لَا يُطِيقُ) أَيْ الرَّاكِبُ (النُّزُولَ بِهِ) أَيْ فِي الْخَضْخَاضِ لِخَوْفِ غَرَقِهِ أَوْ تَلَوُّثِ ثِيَابِهِ، وَلَوْ الَّتِي لَا يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ يُطِيقُ النُّزُولَ فِيهِ لَزِمَهُ تَأْدِيَتُهَا عَلَى الْأَرْضِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ (أَوْ) إلَّا صَلَاتُهُ عَلَى الدَّابَّةِ (لِمَرَضٍ) يُطِيقُ النُّزُولَ مَعَهُ إلَى الْأَرْضِ.

(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (يُؤَدِّيهَا) أَيْ يُصَلِّي الْفَرْضَ (عَلَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ بِإِيمَاءٍ (كَ) تَأْدِيَتِهَا عَلَى (الْأَرْضِ) بِإِيمَاءٍ. وَإِنْ كَانَ الْإِيمَاءُ بِالْأَرْضِ أَتَمَّ مِنْ الْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ

ص: 240