الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَهَا، وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ.
(فَصْلٌ) فَرَائِضُ الصَّلَاةِ.
تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ
ــ
[منح الجليل]
وَهَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ عَلَى حَدِّ:
وَبَدَا الصَّبَاحُ كَأَنَّ غُرَّتَهُ
…
وَجْهُ الْخَلِيفَةِ حِين يُمْتَدَحُ
وَالْأَصْلُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَالدَّابَّةِ (فَلَهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ يُصَلِّي الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ بَعْدَ إيقَافِهَا لَهُ فِي صُورَتَيْ الْخَضْخَاضِ وَالْمَرَضِ وَيُومِئُ بِسُجُودِهِ لِلْأَرْضِ لَا إلَى كَوْرِ رَاحِلَتِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ بِالْأَرْضِ وَلَوْ مِنْ جُلُوسٍ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ. وَأَمَّا مَنْ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى الدَّابَّةِ كَوْنُهُ يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَتَأْدِيَتِهَا عَلَى الدَّابَّةِ لِعَجْزِهِ عَنْ النُّزُولِ.
(وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (كَرَاهَةُ) الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ) أَيْ الْمَرِيضِ الَّذِي يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَالدَّابَّةِ، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهَا لَمْ تُصَرِّحْ بِكَرَاهَتِهَا عَلَى الدَّابَّةِ بَلْ قَالَتْ لَا يُعْجِبُنِي فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَنْعِ، فَالْمُنَاسِبُ وَفِيهَا فِي الْأَخِيرِ لَا يُعْجِبُنِي وَهَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَأْوِيلَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ هِيَ الْمُتَبَادَرَةُ مِنْ لَا يُعْجِبُنِي فَنَزَّلَهَا مَنْزِلَتَهُ فِي النَّصِّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي فَرَائِضُ الصَّلَاةِ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا]
(فَرَائِضُ الصَّلَاةِ) أَيْ أَرْكَانُهَا وَأَجْزَاؤُهَا الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً أَوَّلُهَا (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ إمَامُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَمْلِهِ الْفَرْضَ وَلَكِنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحَمْلِهِ الْفَاتِحَةَ فَعُمِلَ بِهَا
وَقِيَامٌ لَهَا، إلَّا لِمَسْبُوقٍ فَتَأْوِيلَانِ
ــ
[منح الجليل]
فِيهَا وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَالْإِحْرَامُ لُغَةً الدُّخُولُ فِي الْحُرْمَةِ ثُمَّ نُقِلَ إلَى مَا يَدْخُلُ بِهِ فِيهَا وَهُوَ مَجْمُوعُ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ فَإِضَافَةُ التَّكْبِيرَةِ إلَيْهِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ. وَقِيلَ هُوَ النِّيَّةُ وَحْدَهَا فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ شَيْءٍ إلَى مُصَاحِبِهِ وَقِيلَ هُوَ التَّكْبِيرُ وَحْدَهُ فَهِيَ لِلْبَيَانِ. فَإِنْ شَكَّ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَتَى بِهَا وَابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ وَبَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ إنْ كَانَ فَذًّا وَإِنْ كَانَ إمَامًا فَقَالَ سَحْنُونٌ يَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ فَإِذَا سَلَّمَ سَأَلَهُمْ، فَإِنْ قَالُوا لَهُ أَحْرَمْت رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ وَإِنْ شَكُّوا أَعَادُوهَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وُجُوبًا قِيلَ عَلَى صَحِيحَةٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ
وَالزُّهْرِيُّ مِنْ شُيُوخِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ. وَقِيلَ عَلَى بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِهِمَا وَيُعِيدُهَا أَبَدًا.
(وَ) ثَانِيهَا (قِيَامٌ) بِلَا اسْتِنَادٍ (لَهَا) أَيْ لِأَجْلِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي فَرْضٍ لِقَادِرٍ عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْبُوقٍ فَلَا يُجْزِئُ تَكْبِيرُهَا حَالَ اسْتِنَادٍ لِمَا لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ أَوْ أَنْحَاءٍ أَوْ جُلُوسٍ (إلَّا لِ) شَخْصٍ (مَسْبُوقٍ) بِمَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا وَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَخَافَ رَفْعَهُ مِنْهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ مَعَهُ فَابْتَدَأَهَا حَالَ قِيَامِهِ وَأَتَمَّهَا حَالَ انْحِطَاطِهِ أَوْ رُكُوعِهِ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ.
(فَتَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِي اعْتِدَادِهِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الْعَقْدَ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِ بِهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِانْصِرَافِهِ، لِلْإِحْرَامِ لَا فِيمَنْ نَوَى بِهِ الرُّكُوعَ وَحْدَهُ، لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِتَرْكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَإِنْ وَجَبَ تَمَادِيهِ عَلَيْهَا لَحِقَ الْإِمَامَ فَإِنْ ابْتَدَأَهُ حَالَ انْحِطَاطِهِ وَأَتَمَّهُ فِيهِ أَوْ وَهُوَ رَاكِعٌ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى وَبَطَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ، لِذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ فَصْلٌ كَثِيرٌ بَطَلَتْ فِي الْقِسْمَيْنِ وَنَصُّهَا. قَالَ مَالِكٌ إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ لِلرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَ الْإِحْرَامِ أَجْزَأَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ رُشْدٍ وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ.
وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ يَصِحُّ وَإِنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لِلرُّكُوعِ إنَّمَا يَكُونُ
وَإِنَّمَا يُجْزِئُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ،
وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ،
ــ
[منح الجليل]
فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَسْبُوقِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَلَى الثَّانِي يَسْقُطُ عَنْهُ. وَجَعَلَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ ثَمَرَتَهُمَا رَاجِعَةً لِلِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَجَعَلَ الْحَطّ ثَمَرَتَهُمَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُهَا وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ.
لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ عج أَقْوَى مُسْتَنَدًا وَعَلَيْهِ فَوَجْهُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ بُطْلَانِ الرَّكْعَةِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ مَعَ إنَّهُ لِلْخَلَلِ فِي الْإِحْرَامِ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَمُقْتَضَاهُ بُطْلَانُهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْقِيَامُ فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ فَكَانَ الْإِحْرَامُ حَصَلَ حَالَ قِيَامِهَا فَهِيَ أَوْ صَلَاتُهُ فَالْقِيَامُ مُقَارِنٌ لِلتَّكْبِيرِ حُكْمًا وَالرَّكْعَةُ الْأُولَى لَمْ يُقَارِنْ التَّكْبِيرُ الْقِيَامَ فِيهَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِيهَا فَلِذَا أُلْغِيَتْ أَفَادَهُ الْمَازِرِيُّ الْمِسْنَاوِيُّ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ حَكَمُوا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ قِيَامَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا عَلَى الْمَسْبُوقِ وَبِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ لِلْخَلَلِ فِي رُكُوعِهَا بِادِّمَاجِ الْإِحْرَامِ فِيهِ، فَالْقِيَامُ لَهَا إنَّمَا وَجَبَ لِصِحَّةِ الرُّكُوعِ فَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ.
(وَإِنَّمَا يُجْزِئُ) فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (اللَّهُ أَكْبَرُ) بِتَقْدِيمِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَمَدِّهِ مَدًّا طَبِيعِيًّا بِلَفْظٍ عَرَبِيٍّ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يُجْزِئُ أَكْبَرُ اللَّهُ وَاَللَّهُ الْعَظِيمُ أَكْبَرُ وَلَا مُرَادِفُهُ بِعَرَبِيَّةٍ أَوْ عَجَمِيَّةٍ اتِّبَاعًا لِلْإِجْمَاعِ الْعَمَلِيِّ وَلِلتَّوْقِيفِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا بِهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لِسَائِرِ اللُّغَاتِ.
(فَإِنْ عَجَزَ) مُرِيدُ الصَّلَاةِ عَنْ النُّطْقِ بِاَللَّهِ أَكْبَرُ لِخَرَسٍ أَوْ عُجْمَةٍ (سَقَطَ) التَّكْبِيرُ عَنْهُ وَالْقِيَامُ لَهُ وَيُحْرِمُ بِالنِّيَّةِ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ الْمَعْجُوزِ عَنْهَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ كَاللَّهُ أَوْ أَكْبَرُ أَوْ بَرٌّ، قَالَهُ عج وَاعْتُمِدَ وَقَالَ سَالِمٌ لَا يَأْتِي بِالْبَعْضِ مُطْلَقًا.
(وَ) ثَالِثُهَا (نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ) بِأَنْ يَقْصِدَ فَرْضَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ لَا فِي الْمَنْدُوبِ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ النَّفْلِ، وَالْوَقْتُ يَصْرِفُهُ لِمَا طُلِبَ فِيهِ مِنْ
وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ، وَإِنْ تَخَالَفَا فَالْعَقْدُ، وَالرَّفْضُ مُبْطِلٌ، كَسَلَامٍ أَوْ ظَنِّهِ فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ إنْ طَالَتْ أَوْ رَكَعَ، وَإِلَّا فَلَا
ــ
[منح الجليل]
ضُحًى وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَتَهَجُّدٍ وَشَفْعٍ وَرَاتِبَةِ فَرْضٍ قِبْلِيَّةٍ أَوْ بَعْدِيَّةٍ (وَلَفْظُهُ) أَيْ تَلَفُّظُ الْمُصَلِّي بِمَا يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ (وَاسِعٌ) أَيْ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا الْمُوَسْوَسُ فَيُنْدَبُ لَهُ اللَّفْظُ لِإِذْهَابِ اللَّبْسِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمُصَنِّفُ وَبَهْرَامُ وَقِيلَ مُبَاحٌ وَقِيلَ غَيْرُ مُضَيَّقٍ فَإِنْ شَاءَ قَالَ أُصَلِّي فَرْضَ الظُّهْرِ أَوْ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَوَيْت أَوْ نَحْوَهَا. (وَإِنْ) تَلَفَّظَ و (تَخَالَفَا) أَيْ لَفْظُهُ وَنِيَّتُهُ (فَالْعَقْدُ) أَيْ الْقَصْدُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَا اللَّفْظُ إنْ كَانَ سَاهِيًا فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِتَلَاعُبِهِ بِلَصْقِهَا فَكَأَنَّهُ بِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ إلْحَاقَ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ (وَالرَّفْضُ) أَيْ نِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِبْطَالُهَا فِيهَا (مُبْطِلٌ) لَهَا اتِّفَاقًا لَا بَعْدَهَا عَلَى الْأَرْجَحِ كَالصَّوْمِ قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ إنْ رَفَضَهَا فِيهَا يُبْطِلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَشَبَّهَ فِي الْإِبْطَالِ فَقَالَ (كَسَلَامٍ) عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا مِنْ رُبَاعِيَةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ لِظَنِّهِ إتْمَامَهَا (أَوْ ظَنِّهِ) أَيْ السَّلَامِ مِنْ ظَنِّ الْإِتْمَامِ وَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْهُمَا (فَأَتَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ أَحْرَمَ فِي الصُّورَتَيْنِ (بِنَفْلٍ) أَوْ فَرْضٍ فَالْأَوْلَى فَشَرَعَ فِي صَلَاةٍ فَتَبْطُلُ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (إنْ طَالَتْ) الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا بِشُرُوعِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَقِيلَ بِفَرَاغِ الْفَاتِحَةِ.
(أَوْ) لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ وَ (رَكَعَ) أَيْ انْحَنَى لِلرُّكُوعِ وَلَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ بِأَنْ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْقِرَاءَةِ فَيُتِمُّ النَّفَلَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ، أَوْ عَقَدَ مِنْ النَّفْلِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَيَقْطَعُ الْفَرْضَ الَّذِي شَرَعَ فِيهَا وَيَنْدُبُ شَفْعُهُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهُ وَوَجَبَ إتْمَامُ النَّفْلِ الَّذِي عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً أَوْ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ دُونَ الْفَرْضِ وَلَوْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً لِأَنَّ النَّفَلَ إذَا لَمْ يُتِمَّ يَفُوتُ إذْ لَا يُقْضَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَرْكَعْ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ (فَلَا) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي سَلَّمَ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ مِنْهَا قَبْلَ إتْمَامِهِمْ فَيَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَهَا مِنْهَا وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا فَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَقْصٌ وَإِلَّا غَلَبَهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ.
كَأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ أَوْ عَزُبَتْ؛ أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ، أَوْ الْأَدَاءَ أَوْ ضِدَّهُ
وَنِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ، وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ،
ــ
[منح الجليل]
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَمْسَ مَسَائِلَ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافٍ تَشْبِيهٍ صِلَتُهُ (لَمْ يَظُنَّهُ) أَيْ الْمُصَلِّي السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَنَسِيَهَا وَظَنَّ أَنَّهُ فِي نَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ آخَرَ وَصَلَّى رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهُ الْأُولَى، فَلَا تَبْطُلُ وَيَعْتَدُّ فِيهَا بِمَا فَعَلَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ. أَوْ فَرْضٍ آخَرَ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (أَوْ عَزُبَتْ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فَزَايٍ، أَيْ ذَهَبَتْ نِيَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ وَنَسِيَهَا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِاشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِأَمْرٍ آخَرَ أُخْرَوِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ وَصَلَّى وَهُوَ كَذَلِكَ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْهَا لِمَشَقَّةِ اسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ.
(أَوْ) لَمْ يَنْوِ عَدَدَ (الرَّكَعَاتِ) لِلصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكُلُّ صَلَاةٍ تَتَضَمَّنُ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا (أَوْ) لَمْ يَنْوِ (الْأَدَاءَ) فِي الَّتِي حَضَرَ وَقْتَهَا (أَوْ) لَمْ يَنْوِ (ضِدَّهُ) أَيْ الْقَضَاءَ فِي الَّتِي خَرَجَ وَقْتُهَا فَلَا تَبْطُلُ. وَالْوَقْتُ يَسْتَلْزِمُ الْأَدَاءَ وَخُرُوجُهُ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ، وَتَصِحُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَعَكْسِهِ إنْ اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ بِأَنْ اعْتَقَدَ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَنَوَى الْأَدَاءَ وَتَبَيَّنَ خُرُوجُهُ أَوْ اعْتَقَدَ خُرُوجَهُ فَنَوَى الْقَضَاءَ وَتَبَيَّنَ بَقَاؤُهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ فَلَا تَصِحُّ، وَكَذَا إنْ تَعَدَّدَتْ الصَّلَاةُ كَمَنْ صَلَّى صَلَاةً قَبْلَ وَقْتِهَا أَيَّامًا نَاوِيًا الْأَدَاءَ فَلَا تَكُونُ صَلَاةُ يَوْمٍ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ.
(وَ) رَابِعُهَا (نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ) بِإِمَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ تَارِكًا الْفَاتِحَةَ وَنَحْوَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَسَيَعُدُّهَا الْمُصَنِّفُ شَرْطًا فِي الِاقْتِدَاءِ بِقَوْلِهِ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ أَوَّلًا فَلَا تَنَافِيَ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ هُوَ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ فَيَلْزَمُ جَعْلُهَا شَرْطًا لِنَفْسِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَاهِيَّتِهَا فَفِي عَدِّهَا رُكْنًا تَسَامُحٌ.
(وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ (دُخُولٌ) مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ (عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ) مِنْ
وَبَطَلَتْ بِسَبْقِهَا إنْ كَثُرَ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ
وَفَاتِحَةٌ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ، وَإِنْ لَمْ
ــ
[منح الجليل]
إتْمَامٍ أَوْ قَصْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ ظُهْرٍ وَيَكْفِيهِ مَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْرَمَ بِهِ مِنْهُمَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إحْدَى صُورَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى التَّحْقِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يَجِدَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةٍ عَقِبَ الزَّوَالِ، وَلَا يَدْرِي هَلْ هِيَ ظُهْرٌ أَوْ جُمُعَةٌ وَخَشِيَ إنْ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا تَتَبَيَّنُ الْأُخْرَى فَيُحْرِمُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ ظُهْرًا كَانَ أَوْ جُمُعَةً وَيَكْفِيهِ مَا يَتَبَيَّنُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَجِدَ مُسَافِرًا إمَامًا فِي رُبَاعِيَةٍ وَلَا يَدْرِي هَلْ الْإِمَامُ مُسَافِرٌ نَاوٍ الْقَصْرَ فَيَنْوِيَهُ أَوْ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ نَاوٍ وَالْإِتْمَامُ فَيَنْوِيه تَبَعًا وَخَشَى إنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ فَلَهُ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ.
ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُسَافِرٌ نَوَى الْقَصْرَ قَصَرَ مَعَهُ وَأَجْزَأْته، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ نَاوٍ الْإِتْمَامَ أَتَمَّ مَعَهُ وَأَجْزَأَتْهُ وَهَذَا تَقْرِيرُ ابْنِ غَازِيٍّ وَالْحَطّ وَسَالِمٍ، وَجَعَلَهُ بَهْرَامُ وتت شَامِلًا لِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ شَخْصٌ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَوَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْعَصْرِ فَيُحْرِمُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنْ تَبَيَّنَتْ الظُّهْرُ أَجْزَأَتْ وَيُصَلِّي الْعَصْرَ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ تَبَيَّنَتْ الْعَصْرُ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ صَحَّتْ، وَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ وَتُسْتَثْنَى، هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ شَرْطِيَّةِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ، وَهَذَا خِلَافُ النَّفْلِ وَهُوَ إنْ تَبَيَّنَتْ الْعَصْرَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَيَتَمَادَى عَلَى بَاطِلَةٍ لِحَقِّ الْإِمَامِ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ بَعْدَ الظُّهْرِ أَبَدًا.
(وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا (بِسَبْقِهَا) أَيْ النِّيَّةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ (وَإِنْ كَثُرَ) أَيْ طَالَ الزَّمَانُ الَّذِي بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ بِالْعُرْفِ كَتَأَخُّرِ النِّيَّةِ عَنْ التَّكْبِيرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَسَبَقَتْ النِّيَّةُ التَّكْبِيرَ بِيَسِيرٍ عُرْفًا كَنِيَّتِهِ فِي مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَتَكْبِيرِهِ فِي الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لَهَا (فَخِلَافٌ) فِي تَشْهِيرِ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَقَالَ بِالْبُطْلَانِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْجَلَّابِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ بِالصِّحَّةِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(وَ) خَامِسُهَا (فَاتِحَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا (بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) فَلَا يَكْفِي إجْرَاؤُهَا عَلَى الْقَلْبِ بِدُونِ حَرَكَةِ لِسَانٍ (عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ) لَا عَلَى مَأْمُومٍ وَتَكْفِي إنْ أَسْمَعَ بِهَا نَفْسُهُ بَلْ (وَإِنْ لَمْ)
يُسْمِعْ نَفْسَهُ
وَقِيَامٌ لَهَا فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أَتَمَّ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهُمَا،
ــ
[منح الجليل]
يُسْمِعْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ بِهَا (نَفْسَهُ) فَيَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ وَالْأَوْلَى إسْمَاعُ نَفْسِهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
(وَ) سَادِسُهَا (قِيَامٌ) اسْتِقْلَالًا (لَهَا) أَيْ لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي فَرْضٍ لِقَادِرٍ عَلَيْهِ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ فَلَيْسَ فَرْضًا لِنَفْسِهِ مُسْتَقِلًّا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا سَقَطَ الْقِيَامُ لَهَا. وَقِيلَ إنَّهُ فَرْضٌ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْعَاجِزِ عَنْهَا فَيَقُومُ بِقَدْرِهَا. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا لَكِنْ إنْ جَلَسَ وَرَكَعَ مِنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ هُوِيَّ الرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَهُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ جَلَسَ وَقَامَ لِلرُّكُوعِ بَطَلَتْ لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَتِهَا نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ حَالُهَا لِمَا لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ وَاسْتَقَلَّ حَالَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَفِي هَذَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ عَدَمِ فَرْضِيَّةِ الْقِيَامِ لَهَا عَلَيْهِ. وَإِنْ قَدَرَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ لِبَعْضِ الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(فَيَجِبُ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (تَعَلُّمُهَا) أَيْ حِفْظُ الْفَاتِحَةِ (إنْ أَمْكَنَ) تَعَلُّمُهَا الْمُكَلَّفَ بِأَنْ قَبِلَهُ وَلَوْ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ وَوَجَدَ مُعَلِّمًا وَلَوْ بِأَجْرٍ وَاتَّسَعَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَيَجِبُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِيهِ إنْ كَانَ عُسْرُ الْحِفْظِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ الْفَاضِلَةِ عَنْ أَوْقَاتِ ضَرُورِيَّاتِهِ (إلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُهَا بِعَدَمِ قَبُولِهِ أَوْ بِعَدَمِ مُعَلِّمٍ أَوْ بِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ (ائْتَمَّ) أَيْ اقْتَدَى وَصَلَّى مَأْمُومًا وُجُوبًا شَرْطًا بِمَنْ يَحْفَظُهَا إنْ وَجَدَهُ فَإِنْ صَلَّى فَذًّا مَعَ وُجُودِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ.
(فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ التَّعَلُّمُ وَالِائْتِمَامُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ أَلِفِ التَّثْنِيَةِ وَعُودُ الضَّمِيرِ عَلَى الِائْتِمَامِ الْمُتَرَتِّبِ وُجُوبُهُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ (فَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (سُقُوطُهُمَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ وَالْقِيَامِ لَهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا بِذِكْرٍ أَوْ سُورَةٍ أُخْرَى وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ إنْ عَجَزَ عَنْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا بِمَا ذُكِرَ وَلَا الْقِيَامُ بِقَدْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ فِي قَوْلِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهَا.
وَنُدِبَ فَصْلٌ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ
وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلّ رَكْعَة أَوْ الْجُلِّ، خِلَافٌ، وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ
ــ
[منح الجليل]
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ (فَصْلٌ) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ سُورَةٍ أُخْرَى وَهُمَا أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ وَالثَّالِثُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي (بَيْنَ تَكْبِيرِهِ) لِلْإِحْرَامِ أَوْ الْقِيَامِ (وَ) تَكْبِيرِ (رُكُوعِهِ) لِئَلَّا يَشْتَبِهَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.
(وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْأَرْجَحُ (أَوْ) تَجِبُ فِي (الْجُلِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ الْأَكْثَرِ كَثَلَاثٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَاثْنَتَيْنِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ، وَتُسَنُّ فِي رَكْعَةٍ مِنْهُمَا. وَقِيلَ تَجِبُ فِي النِّصْفِ وَقِيلَ تَجِبُ فِي رَكْعَةٍ. وَقِيلَ لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَتُسَنُّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِيهِ (خِلَافٌ) فِي تَشْهِيرِ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَالثَّانِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ رضي الله عنه وَشَهَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي الْإِرْشَادِ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
(وَإِنْ تَرَكَ) إمَامٌ أَوْ فَذٌّ (آيَةً مِنْهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ تَرَكَهَا مِنْ رَكْعَةٍ أَكْثَرَ وَلَوْ جَلَّ الرَّكَعَاتِ وَفَاتَ تَدَارُكُهَا بِانْحِنَائِهِ لِلرُّكُوعِ اعْتَدَّ بِمَا تَرَكَهَا مِنْهَا وَ (سَجَدَ) قَبْلَ سَلَامِهِ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، فَيَحْتَاطُ لِلصَّلَاةِ بِتَرْقِيعِهَا وَجَبْرِهَا بِالسُّجُودِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا احْتِيَاطًا لِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ. الْأَرْجَحُ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَيَجْمَعُ بَيْنَ السُّجُودِ وَالْإِعَادَةِ احْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ وَلِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.
هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ فِيمَنْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ الصُّبْحِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ وَنَصُّ الرِّسَالَةِ. وَاخْتَلَفَ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ الصُّبْحِ فَقِيلَ يُجْزِئُ عَنْهَا سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقِيلَ يُلْغِيهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ولَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا: وَهُوَ أَحْسَنُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
وَرُكُوع تَقْرَب رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَنَدَبَ تَمْكِينهمَا. وَنُصِبْهُمَا، وَرَفَعَ مِنْهُ
وَسُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ. وَأَعَادَ لِتَرْكِ أَنْفِهِ بِوَقْتٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ أَيْضًا كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ، وَفِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ سَالِمٌ وَالرَّمَاصِيُّ يُعِيدُ أَبَدًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ بِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ.
(وَ) سَابِعُهَا (رُكُوعٌ) وَأَقَلُّهُ الِانْحِنَاءُ الَّذِي (تَقْرُبُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ (رَاحَتَاهُ) مُثَنَّى رَاحَةٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ وَجَمْعُهَا رَاحٍ أَيْ بَاطِنَا كَفَّيْ الْمُصَلِّي (فِيهِ) أَيْ الرُّكُوعِ (مِنْ رُكْبَتَيْهِ) أَيْ الْمُصَلِّي إنْ وَضَعَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ فَإِنْ انْحَنَى إنْحَاءً لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فَلَيْسَ رُكُوعًا بَلْ إيمَاءً وَأَكْمَلُهُ انْحِنَاءٌ يُسَوِّي فِيهِ ظَهْرَهُ وَرَأْسَهُ فَلَا يُنَكِّسُهُ وَلَا يَرْفَعُهُ وَاَلَّذِي فَهِمَهُ سَنَدٌ وَأَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ فِي الرُّكُوعِ مُسْتَحَبٌّ وَفَهِمَ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ مِنْهَا وُجُوبَهُ.
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَمْكِينُهُمَا) أَيْ الرَّاحَتَيْنِ (مِنْهُمَا) أَيْ الرُّكْبَتَيْنِ وَرَأَى مَالِكٌ التَّحْدِيدَ فِي تَفْرِيقِ الْأَصَابِعِ وَضَمَّهَا بِدْعَةٌ (وَ) نُدِبَ (نَصْبُهُمَا) أَيْ إقَامَةُ الرُّكْبَتَيْنِ بِلَا إبْرَازٍ.
(وَ) ثَامِنُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ الرُّكُوعِ
(وَ) وَتَاسِعُهَا (سُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ) أَيْ مَسُّ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ ثَابِتٍ بِجُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْ مُسْتَدِيرِ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ، وَنُدِبَ بَسْطُهَا كُلُّهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مَا ثَابِتٌ. وَكُرِهَ الِاتِّكَاءُ بِهَا عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَظْهَرُ فِيهَا الْأَثَرُ فَلَا يَصِحُّ عَلَى قُطْنٍ مَنْدُوفٍ أَوْ تَبْنِ مَنْفُوشٍ أَوْ بِزْرِ كَتَّانٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ تَحْتَهَا وَلَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْعَجُزِ عَنْ الرَّأْسِ وَيَنُوبُ (وَأَعَادَ) الصَّلَاةَ نَدْبًا (لِتَرْكِ) السُّجُودِ عَلَى (أَنْفِهِ بِوَقْتٍ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلَوْ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَالرَّاجِحُ نَدْبُهُ.
وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ كَيَدَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَرَفْعٌ: مِنْهُ
وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ وَسَلَامٌ، عُرِّفَ بِأَلْ،
ــ
[منح الجليل]
(وَسُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ السُّجُودُ (عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ) يَجْعَلُ بُطُونَ أَصَابِعِهِ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا لِلْأَرْضِ (وَ) عَلَى (رُكْبَتَيْهِ) وَشَبَّهَ فِي السُّنِّيَّةِ فَقَالَ (كَ) السُّجُودِ عَلَى (يَدَيْهِ) أَيْ بَطْنِ كَفَّيْهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالسُّنِّيَّةِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: كَوْنُ السُّجُودِ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ لَيْسَ بِصَرِيحِ الْمَذْهَبِ. غَايَتُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ قَالَ الَّذِي يُقَوِّي فِي نَفْسِي أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ» الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا ابْنُ الْحَاجِبِ سَحْنُونٌ إنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ فَقَوْلَانِ خَلِيلٌ يَتَخَرَّجُ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى الْيَدَيْنِ قَوْلَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا سَحْنُونٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَعَلَى الْبُطْلَانِ فَالسُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ، وَعَلَى عَدَمِهِ لَيْسَ وَاجِبًا. وَصَحَّحَ سَنَدٌ الثَّانِي فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ إشَارَةً لِتَصْحِيحِ سَنَدٍ وَرَجَّعَهُ تت لِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ فِيمَا قَبْلَهَا.
(وَ) عَاشِرُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ السُّجُودِ الْمَازِرِيُّ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ حَتَّى يَكُونَا سَجْدَتَيْنِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ فِي كَوْنِ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً خِلَافٌ لِأَنَّهُ فِي الِاعْتِدَالِ لَا فِي أَصْلِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا حَيْثُ اعْتَدَلَ.
(وَ) حَادِيَ عَشَرَتِهَا (جُلُوسٌ لِسَلَامٍ) فَلَوْ سَلَّمَ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ رَاكِعًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَ) ثَانِيَ عَشَرَتِهَا (سَلَامٌ عُرِّفَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً (بِ) لَفْظِ (الـ) فَإِنْ نَكَّرَ كَسَلَامٍ عَلَيْكُمْ أَوْ عَرَّفَ بِإِضَافَةٍ كَسَلَامِي عَلَيْكُمْ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِتَأْخِيرِ الْخَبَرِ وَمِيمِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا تَعَبَّدَ أَوْ لِأَنَّهُ يَخْلُو مِنْ جَمْعٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ.
وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ خِلَافٌ. وَأَجْزَأَ فِي تَسْلِيمَةُ الرَّدِّ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَعَلَيْك السَّلَامُ
وَطُمَأْنِينَتُهُ
وَتَرْتِيبُ أَدَاء
وَاعْتِدَالٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ
وَسُنَنُهَا: سُورَةٌ بَعْدَ
ــ
[منح الجليل]
(وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِهِ) أَيْ السَّلَامِ وَعَدَمِهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهَا. وَقَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ الْمَشْهُورُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَتُنْدَبُ (وَأَجْزَأَ) أَيْ كَفَى (فِي تَسْلِيمَةِ الرَّدِّ) مِنْ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) بِالتَّنْكِيرِ (وَعَلَيْك السَّلَامُ) بِتَقْدِيمِ الْخَبَرِ وَحَذْفِ الْمِيمِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَأَجْزَأَ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ كَسَلَامِ التَّحْلِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(وَ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ (طُمَأْنِينَةُ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ أَيْ تَمَهُّلٍ وَتَأَنٍّ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُمَا حَتَّى تَذْهَبَ حَرَكَةُ الْأَعْضَاءِ زَمَنًا يَسِيرًا صَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَرْضِيَّتَهَا أَوْ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ سُنِّيَّتُهَا زَرُّوقٌ مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ فَضِيلَةٌ.
(وَ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ (تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ) أَيْ فَرَائِضُهَا الْمُؤَادَةِ بِأَنْ يُقَدِّمَ النِّيَّةَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَهُوَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَهِيَ عَلَى الرُّكُوعِ وَهُوَ عَلَى السُّجُودِ، وَهَكَذَا إلَى السَّلَامِ وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي نَفْسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ فَهُوَ سُنَّةٌ.
(وَ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ (اعْتِدَالٌ) لِلْبَدَنِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُنْحَنِيًا (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ (عَلَى نَفْيِ) وُجُوبِ (هـ) أَيْ الِاعْتِدَالِ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَرَجَّحَهُ الْعَدَوِيُّ وَضَعَّفَهُ شب وَهَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَتَرَك الْمُصَنِّفُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ فَرْضٌ وَلَا يُقَالُ يُغْنِي عَنْهُ الرَّفْعُ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى لِتَحَقُّقِهَا بِرَفْعِهِ مِنْهَا قَائِمًا مُطْمَئِنًّا مُعْتَدِلًا.
(وَسُنَنُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ الْفَرْضُ أَوْ النَّفَلُ إلَّا السُّورَةُ وَالْقِيَامُ لَهَا وَالسِّرُّ وَالْجَهْرُ فَمَنْدُوبَاتٌ فِي النَّفْلِ خَمْسَ عَشْرَةَ سُنَّةً السُّنَّةُ الْأُولَى (سُورَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا (بَعْدَ) أَيْ عَقِبَ قِرَاءَةِ
الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَقِيَامٌ لَهَا، وَجَهْرٌ أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه، وَسِرٌّ بِمَحِلِّهِمَا
وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ إلَّا الْإِحْرَامَ
ــ
[منح الجليل]
الْفَاتِحَةِ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ) فَلَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ وَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عَقِبَ الْفَاتِحَةِ إنْ لَمْ يَنْحَنِ لِلرُّكُوعِ. وَالْمُرَادُ بِهَا مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ آيَةً قَصِيرُهُ كَ {مُدْهَامَّتَانِ} . وَبَعْضُ آيَةٍ لَهُ بَالٌ وَيُنْدَبُ إتْمَامُ السُّورَةِ. وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهَا عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ وَقِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ أَوْ سُورَةً وَبَعْضَ أُخْرَى فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْفَرْضِ إلَّا لِمَأْمُومِ أَتَمَّ سُورَةً وَلَمْ يَرْكَعْ إمَامُهُ وَخَشِيَ التَّفْكِيرَ فِي دُنْيَوِيٍّ وَإِنَّمَا تُسَنُّ فِي فَرْضٍ مُتَّسَعٍ وَقْتُهُ وَتُنْدَبُ فِي النَّفْلِ وَتَحْرُمُ فِي فَرْضٍ ضَاقَ وَقْتُهُ.
(وَ) السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ (قِيَامُ) مُسْتَقِلٍّ (لَهَا) أَيْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ لِذَاتِهِ فَلَا يَقُومُ بِقَدْرِهَا مَنْ عَجَزَ عَنْهَا. فَإِنْ اسْتَنَدَ حَالَ قِرَاءَتِهَا وَاسْتَقَلَّ حَالَ الْإِحْرَامِ وَهَوَى لِلرُّكُوعِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ لَا إنْ جَلَسَ حَالَهَا فَتَبْطُلُ سَوَاءٌ قَامَ لِلرُّكُوعِ أَوْ هَوَى لَهُ مِنْ جُلُوسٍ.
(وَ) الثَّالِثَةُ (جَهْرٌ) أَقَلُّهُ لِرَجُلٍ (أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ إنْ أَنْصَتَ لَهُ وَجَهْرُ الْمَرْأَةِ إسْمَاعُهَا نَفْسِهَا فَقَطْ كَرَجُلٍ يَلْزَمُ عَلَى إسْمَاعِ مَنْ يَلِيهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَتِهِ كَفَذَّيْنِ أَوْ مَسْبُوقَيْنِ قَامَا لِلْقَضَاءِ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِمَا فَيَقْتَصِرُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ.
(وَ) الرَّابِعَةُ (سِرٌّ) أَقَلُّهُ لِرَجُلٍ حَرَكَةُ لِسَانٍ بِدُونِ إسْمَاعِ نَفْسِهِ وَأَعْلَاهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ فَقَطْ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّوَابَ عَكْسُهُ لِأَنَّ أَعْلَى الشَّيْءِ مِمَّا يُجْعَلُ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ وَأَقَلُّهُ مَا يَحْصُلُ بِدُونِهَا وَاجِبٌ بِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ لَا مُشَاحَّةَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّ الْقِرَاءَةِ السَّرِيَّةِ الَّتِي إذْ نَقَصَ عَنْهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْقَلْبِيَّةِ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي إنْ زَادَ عَلَيْهَا صَارَ تَارِكًا لِلسِّرِّ وَمُبَدِّلًا لَهُ بِالْجَهْرِ (بِمَحِلِّهِمَا) أَيْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ، أَيْ الْجَهْرُ سُنَّةٌ فِي مَحَلِّهِ وَهِيَ الصُّبْحُ وَالْجُمُعَةُ وَأَوَّلَتَا الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالسِّرُّ سُنَّةٌ فِي مَحِلِّهِ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَأَخِيرَةُ الْمَغْرِبِ وَأَخِيرَتَا الْعِشَاءِ.
(وَ) الْخَامِسَةُ (كُلُّ تَكْبِيرَةٍ) سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (إلَّا الْإِحْرَامَ) فَإِنَّهُ فَرْضٌ هَذَا مَذْهَبُ
وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ
وَكُلُّ تَشَهُّدٍ، وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ، وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ الثَّانِي وَعَلَى الطُّمَأْنِينَةِ
ــ
[منح الجليل]
ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ وَالْأَبْهَرِيِّ أَنَّ مَجْمُوعَ التَّكْبِيرَاتِ سِوَى الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَيَنْبَنِي عَلَى الْأَوَّلِ السُّجُودُ لِتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ سَهْوًا وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ عَنْ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ دُونَ الثَّانِي.
(وَ) السَّادِسَةُ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أَيْ كُلِّ وَاحِدَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَجْمُوعُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ (لِإِمَامٍ وَفَذٍّ) حَالَ رَفْعِهِمَا مِنْ الرُّكُوعِ.
(وَ) السَّابِعَةُ (كُلُّ تَشَهُّدٍ) وَلَوْ الَّذِي يَلِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ هُوَ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ وَقِيلَ بِوُجُوبِ تَشَهُّدِ السَّلَامِ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ أَنَّ مَجْمُوعَ التَّشَهُّدَيْنِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَنَّ مَأْمُومًا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمَأْمُومِ إذَا نَسِيَهُ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ نَسِيَ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ إمَامَهُ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَلَا يَدْعُو سَوَاءٌ بَقِيَ إمَامُهُ أَوْ انْصَرَفَ وَلَا تَحْصُلْ السُّنَّةُ إلَّا بِجَمِيعِهِ وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ.
(وَ) الثَّامِنَةُ (الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ) أَيْ الَّذِي لَا يُسَلِّمُ عَقِبَهُ.
(وَ) التَّاسِعَةُ (الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ) الْجُلُوسِ (الثَّانِي) أَيْ الَّذِي يَلِيهِ السَّلَامُ مِنْ أَوَّلِ التَّشَهُّدِ إلَى رَسُولِهِ وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ. وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ الدُّعَاءِ بَعْدَهَا مَنْدُوبٌ وَالْجُلُوسُ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مَكْرُوهٌ وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ السَّلَامِ وَاجِبٌ فَحُكْمُ الْجُلُوسِ حُكْمُ مَا يَحْصُلْ فِيهِ.
(وَ) الْعَاشِرُ الطُّمَأْنِينَةُ الزَّائِدَةُ (عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ) الْفَرْضِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُمَا. وَيُنْدَبُ تَطْوِيلُهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَقْصِيرُهَا فِي الرَّفْعِ مِنْهُمَا الْبُنَانِيُّ نَظَرٌ مَنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ زَائِدَ الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةٌ. وَنَصَّ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الزَّائِدِ عَلَى أَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطُّمَأْنِينَةِ فَقِيلَ فَرْضٌ مُوَسَّعٌ، وَقِيلَ نَافِلَةٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ. وَهَكَذَا عِبَارَاتُهُمْ فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا اهـ. قُلْت لَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ فِي أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ الزَّائِدَةَ سُنَّةٌ
وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ، ثُمَّ يَسَارِهِ، وَبِهِ أَحَدٌ
وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ
ــ
[منح الجليل]
وَحَدُّ السُّنَّةِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهَا وَالْأُمَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى مُنْتَهَى الْإِسْلَامِ مُجْمِعَةٌ عَلَيْهَا، فَهِيَ مِنْ الْمُتَوَاتِرَاتِ الظَّاهِرَاتِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِمْ فَرْضٌ سَنَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ مُوَسَّعٌ وَمُقَابِلَتُهُ بِنَافِلَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) الْحَادِيَةَ عَشَرَ (رَدُّ مُقْتَدٍ) أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ السَّلَامَ (عَلَى إمَامِهِ) مُشِيرًا لَهُ بِقَلْبِهِ لَا بِرَأْسِهِ وَلَوْ كَانَ أَمَامَهُ.
(ثُمَّ) رَدُّهُ السَّلَامَ عَلَى مُقْتَدٍ آخَرَ بِإِمَامِهِ مِنْ جِهَةِ (يَسَارِهِ وَبِهِ) أَيْ الْيَسَارِ (أَحَدٌ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ انْصَرَفَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ، رَوَاهُ لِلْحَالِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يُقَدِّمُ الرَّدَّ عَلَى يَسَارِهِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى إمَامِهِ وَهَذِهِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَ.
(وَ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ (جَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ) مِنْ مَمْنُوعَاتِ الصَّلَاةِ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ تَسْلِيمِ الرَّدِّ فَيُنْدَبُ إسْرَارُهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى تَسْتَدْعِي الرَّدَّ وَتَسْلِيمَ الرَّدِّ لَا يَسْتَدْعِيهِ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَذَّ لَا يُسَنُّ جَهْرُهُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ وَيُنْدَبُ الْجَهْرُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَمْ يُسَنُّ لِقُوَّتِهَا بِاقْتِرَانِهَا بِالنِّيَّةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَيُنْدَبُ الْجَهْرُ بِبَاقِي التَّكْبِيرِ لِلْإِمَامِ فَقَطْ وَالْإِسْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ كَذَا قَالُوا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهَا سُنَّةٌ لِانْطِبَاقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ وَإِنَّهُ بِالْإِحْرَامِ أَوْكَدُ.
(وَإِنْ سَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ (عَلَى الْيَسَارِ) نَاوِيًا التَّحْلِيلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا (ثُمَّ تَكَلَّمَ) مَثَلًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَنْدُوبَ التَّيَامُنِ بِالسَّلَامِ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ أَوْ مَأْمُومٌ لَيْسَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ لِحَمْلِهِ عَلَى نِيَّةِ التَّحْلِيلِ لِغَلَبَتِهِ. فَإِنْ نَوَى الْفَضِيلَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ وَنَوَى الْفَضِيلَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ تَكَلَّمَ سَهْوًا وَسَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ قُرْبٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ تَلَاعُبِهِ. وَإِنْ طَالَ قَبْلَ سَلَامِ التَّحْلِيلِ أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ، إنْ خَشِيَا مُرُورًا: بِظَاهِرٍ ثَابِتٍ، غَيْرُ مُشْغِلٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِلَّخْمِيِّ جَمَعَ بِهِ بَيْنَ قَوْلِ الزَّاهِيِّ بِالْبُطْلَانِ وَمُطَرِّفٍ بِعَدَمِهِ فِيمَنْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَقْصِدْ تَحْلِيلًا وَلَا فَضِيلَةً، وَتَكَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِهِ عَنْ يَمِينِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا. وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ اعْتِمَادُ تَفْصِيلِ اللَّخْمِيِّ. وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا نَاوِيًا الْفَضِيلَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ. وَلَوْ كَانَ نَوَى الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَاخْتَارَهُ عج قَائِلًا الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ.
(وَ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ (سُتْرَةٌ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ نَصَبَهَا أَمَامَهُ لِمَنْعِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الِاسْتِتَارِ بِالْعَنَزَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ أَيْ الرُّمْحِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي طَرَفِهِ حَرْبَةٌ وَغَيْرِهَا فِي السَّفَرِ. وَخَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَهَا مِنْ إثْمِ الْمُتَعَرِّضِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ مَنْدُوبَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ السُّنَّةُ وَسَطُهَا (الْإِمَام وَفَذّ) لَا الْمَأْمُومُ لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُ، الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْوَهَّابِ.
وَاخْتَلَفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ وَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ الَّتِي لَمْ يُحِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ. وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ سَائِرِ الصُّفُوفِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِبَاقِي الصُّفُوفِ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْمُرُورَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي.
(إنْ خَشِيَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ وَلَوْ شَكًّا (مُرُورًا) بَيْنَ يَدَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَخْشَيَا مُرُورًا فَلَا تُسَنُّ السُّتْرَةُ لَهُمَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَفِيهَا، وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ مُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ ابْنِ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤْمَرُ بِهَا مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشَارَ لِصِفَتِهَا بِقَوْلِهِ (بِطَاهِرٍ) لَا نَجِسٍ (ثَابِتٍ) لَا نَحْوِ حَبْلٍ مُعَلَّقٍ بِسَقْفٍ غَيْرِ حَجَرٍ وَاحِدٍ (غَيْرُ مُشْغِلٍ) لِلْمُصَلِّي عَنْ الْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ.
فِي غِلَظِ رُمْحٍ، وَطُولِ ذِرَاعٍ، لَا دَابَّةٍ وَحَجَرٍ وَاحِدٍ وَخَطٍّ، وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَفِي الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ. وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ،
ــ
[منح الجليل]
وَأَشَارَ لِقَدْرِهَا بِقَوْلِهِ (فِي غِلَظِ رُمْحٍ) فَلَا يَكْفِي أَرَقُّ مِنْهُ (وَطُولِ ذِرَاعٍ) مِنْ طَرَفِ الْوُسْطَى إلَى الْمِرْفَقِ (لَا دَابَّةٍ) إمَّا لِنَجَاسَةِ فَضْلَتِهَا كَالْبَغْلِ وَإِمَّا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا كَالشَّاةِ وَإِمَّا لَهُمَا مَعًا كَالْفَرَسِ فَهُوَ مُحْتَرَزٌ طَاهِرٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ هُمَا، فَإِنْ كَانَتْ فَضْلَتُهَا طَاهِرَةً وَرُبِطَتْ جَازَ الِاسْتِتَارُ بِهَا (وَ) لَا (حَجَرٍ وَاحِدٍ) فَيُكْرَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِشَبَهِهِ بِعِبَادَةِ الصَّنَمِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ الِاسْتِتَارُ بِهِ مَائِلًا عَنْهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. وَكَذَا سَائِرُ السِّتْرِ وَمَفْهُومُ وَاحِدٍ جَوَازُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(وَ) لَا (خَطٍّ) يَخُطُّهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَقَابُلُهَا. وَكَذَا حُفْرَةٌ وَمَاءٌ وَنَارٌ وَلَا مُشْغِلٍ كَنَائِمٍ وَحَلْقَةِ عِلْمٍ أَوْ ذِكْرٍ وَلَا بِكَافِرٍ أَوْ مَأْبُونٍ أَوْ مَنْ يُوَاجِهُ الْمُصَلِّي فَيُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ (وَ) لَا لِظَهْرِ امْرَأَةٍ (أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مَحْرَمٍ.
(وَفِي) جَوَازِ وَكَرَاهَةِ الِاسْتِتَارِ بِالْمَرْأَةِ (الْمَحْرَمِ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. وَرَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْجَوَازَ. وَاخْتَلَفَ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي الَّذِي يُمْنَعُ الْمُرُورُ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ مَا يُشَوِّشُ الْمُرُورُ فِيهِ عَلَى الْمُصَلِّي وَذَلِكَ نَحْوُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هِلَالٍ. وَقِيلَ قَدْرُ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ، وَقِيلَ بِسَهْمٍ وَقِيلَ قَدْرُ مَكَانِ الْمُضَارَبَةِ بِسَيْفٍ.
(وَأَثِمَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ شَخْصٌ (مَارٌّ) فِي حَرَمِ الْمُصَلِّي. وَكَذَا مُنَاوِلٌ فِيهِ آخَرَ شَيْئًا مِنْكُمْ مَعَ آخَرَ وَالْمُصَلِّي بَيْنَهُمَا وَنُعِتَ مَارٌّ بِجُمْلَةِ (لَهُ) أَيْ الْمَارِّ وَكَذَا مَنْ أَلْحَقَ بِهِ (مَنْدُوحَةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ سَعَةً فِي تَرْكِ الْمُرُورِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ صَلَّى الْمُصَلِّي لِسُتْرَةٍ أَمْ لَا إلَّا طَائِفًا فَيَجُوزُ مُرُورُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِلَا سُتْرَةٍ. وَيُكْرَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ وَمُصَلِّيًا مَرَّ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ فِي صِفَةٍ أَوْ لِغَسْلِ رُعَافٍ وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ عَنْ إثْمِ مَارٍّ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ
وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ
وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ، وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ
وَنُدِبَتْ إنْ أَسَرَّ كَرَفْعِ يَدَيْهِ مَعَ إحْرَامِهِ حِينَ شُرُوعِهِ
ــ
[منح الجليل]
(وَ) أَثِمَ مُصَلٍّ (تَعَرَّضَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ، أَيْ جَعَلَ نَفْسَهُ عُرْضَةً لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِصَلَاتِهِ فِي مَحَلٍّ خَشِيَ الْمُرُورَ فِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا سُتْرَةٍ وَيَحُثُّ فِيهِ بِأَنَّ الْمُرُورَ فِعْلُ الْمَارِّ فَكَيْفَ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ سَدُّ طَرِيقِ الْإِثْمِ فَتَرَكَهُ فَمِنْ هَذَا خَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ الِاسْتِتَارِ وَبَحَثَ الْبُنَانِيُّ فِيهِ بِأَنَّ سَدَّ طَرِيقِ الْإِثْمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِتَارِ لِحُصُولِهِ بِالْعُدُولِ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَخْشَى الْمُرُورَ بِهِ، وَأَيْضًا لَوْ وَجَبَ لَأَثِمَ بِتَرْكِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مُرُورٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَفْهُومُ تَعَرَّضَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ يَأْثَمَانِ وَقَدْ لَا يَأْثَمَانِ وَقَدْ يَأْثَمُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ.
(وَ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ (إنْصَاتٌ) أَيْ تَرْكُ قِرَاءَةِ شَخْصٍ (مُقْتَدٍ) فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ إنْ قَرَأَ إمَامُهُ بَلْ (وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ) بَيْنَ تَكْبِيرٍ وَفَاتِحَةٍ أَوْ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رُكُوعٍ أَوْ أَسَرَّ الْقِرَاءَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِعَارِضٍ أَوْ بَعُدَ فَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ.
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ. قَالَ سَنَدٌ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ إمَامُهُ لَا يَقْرَأُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَجِبُ إنْصَاتُ الْمُقْتَدِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
(وَنُدِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قِرَاءَةُ مُقْتَدٍ (إنْ أَسَرَّ) إمَامُهُ الْقِرَاءَةَ بِمَحَلِّهِ لَا مُطْلَقًا وَلَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ شَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَرَفْعِ) الْمُصَلِّي (يَدَيْهِ) إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاهِبٍ، قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَرَجَّحَهُ عج. وَقَالَ عِيَاضٌ بُطُونُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاغِبٍ. وَقَالَ زَرُّوقٌ الظَّاهِرُ جَعْلُهُمَا قَائِمَتَيْنِ أَصَابِعِهِمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ وَكَفَّاهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إلَى خَلْفِهِ وَظُهُورُهُمَا إلَى إمَامِهِ بِهَيْئَةِ النَّابِذِ. صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِتَشْهِيرِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَرَجَّحَهَا اللَّقَانِيُّ.
(مَعَ إحْرَامِهِ) فَقَطْ لَا مَعَ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ وَلَا مَعَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَلَا أَثَرَ قِيَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَصِلَةُ رَفَعَ (حِينَ شُرُوعِهِ) فِي التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَ فَرَاغِهِ فَيُكْرَهُ وَنُدِبَ كَشْفُهُمَا
وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ، وَالظُّهْرُ تَلِيهَا، وَتَقْصِيرُهَا بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ، كَتَوَسُّطٍ بِعِشَاءٍ، وَثَانِيَةٍ عَنْ أَوْلَى، وَجُلُوسٍ أَوَّلَ
وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ
ــ
[منح الجليل]
وَإِرْسَالُهُمَا بِوَقَارٍ وَلَا يَدْفَعُ بِهِمَا إمَامَهُ، هَذِهِ أَشْهُرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهِيَ الَّتِي عَمِلَ بِهَا أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ. وَإِنْ اسْتَظْهَرَ فِي التَّوْضِيحِ رَفْعَهُمَا مَعَ الرُّكُوعِ وَرَفْعُهُ وَالْقِيَامُ مِنْ اثْنَتَيْنِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِهِ، وَلَكِنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْعَمَلِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى النَّسْخِ.
(وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ (وَالظُّهْرُ تَلِيهَا) أَيْ الصُّبْحِ فِي تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَهَذَا فِي الْفَذِّ وَإِمَامِ جَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ طَلَبَتْ مِنْهُ التَّطْوِيلَ وَعَلِمَ إطَاقَتَهُمْ لَهُ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ تَقْصِيرُهُ لِاحْتِمَالِ السَّقِيمِ وَالضَّعِيفِ وَذِي الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ (وَتَقْصِيرُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا مِنْ قِصَارِهِ وَأَوَّلُهُ وَالضُّحَى، وَهُمَا سِيَّانِ وَقِيلَ الْمَغْرِبُ أَقْصَرُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَتَوَسُّطٍ) فِي الْقِرَاءَةِ (بِعِشَاءٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ وَسَطُهُ وَأَوَّلِهِ عَبَسَ، وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ سُوَرِهِ بِالْبَسْمَلَةِ (وَ) نُدِبَ تَقْصِيرُ قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (ثَانِيَةٍ عَنْ) قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (أُولَى) فِي فَرْضٍ فَلَوْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةً قَصِيرَةً عَنْ سُورَةِ الْأُولَى وَرَتَّلَ حَتَّى طَالَ زَمَنَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فَقَدْ أَتَى بِالْمَنْدُوبِ. وَقِيلَ الْمَنْدُوبُ تَقْصِيرُ زَمَنِ الثَّانِيَةِ عَنْ زَمَنِ الْأُولَى. وَإِنْ قَرَأَ فِيهَا أَطْوَلَ مِنْ الْأُولَى وَاسْتَظْهَرَ وَيَدُلُّ لَهُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَيَحْصُلُ الْمَنْدُوبُ بِنَقْصِ نَحْوِ الرُّبُعِ. وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْصِيرِ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الزَّمَنِ وَكَوْنِ الثَّانِيَةِ أَطْوَلَ وَالتَّسْوِيَةُ خِلَافُ الْأَوْلَى.
(وَ) تَقْصِيرُ (جُلُوسٍ أَوَّلَ) أَيْ الَّذِي يَلِيهِ الْقِيَامُ لَا السَّلَامُ بِالِاقْتِصَارِ فِيهِ عَلَى التَّشَهُّدِ. وَكَذَا جُلُوسُ تَشَهُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ.
(وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ الْمَسْنُونُ، وَمَفْعُولُ الْقَوْلِ
رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَتَأْمِينُ فَذٍّ مُطْلَقًا، وَإِمَامٍ بِسِرٍّ، وَمَأْمُومٍ بِسِرٍّ، أَوْ جَهْرٍ إنْ سَمِعَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِسْرَارُهُمْ بِهِ
وَقُنُوتٌ سِرًّا بِصُبْحٍ فَقَطْ،
ــ
[منح الجليل]
رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ فَالْفَذُّ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَالَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَنْدُوبٌ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْهُ، وَالْإِمَامُ بِالسُّنَّةِ حَالَ رَفْعِهِ مِنْهُ، وَالْمَأْمُومُ بِالْمَنْدُوبِ فَقَطْ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْهُ.
(وَ) نُدِبَ (تَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ) بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَالْأَوْلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ (وَسُجُودٍ) كَذَلِكَ وَالْأَوْلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ وَدُعَاءٌ بِسُجُودٍ فَقَطْ.
(وَتَأْمِينُ فَذٍّ) أَيْ قَوْلُهُ آمِينَ عَقِبَ وَلَا الضَّالِّينَ تَأْمِينًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ سَرِيَّةٌ (وَ) تَأْمِينُ (إمَامٍ بِسِرٍّ) أَيْ فِي قِرَاءَةٍ سِرِّيَّةٍ لَا فِي قِرَاءَةٍ جَهْرِيَّةٍ (وَمَأْمُومٍ بِسِرِّ) عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (أَوْ جَهْرٍ) عِنْدَ قَوْلِ إمَامِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (إنْ سَمِعَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ قَوْلَ الْإِمَامِ وَلَا الضَّالِّينَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَبْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ وَلَا يَتَحَرَّاهُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِئَلَّا يُوقِعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَرُبَّمَا يُصَادِفُ آيَةَ عَذَابٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ الدُّعَاءُ بِالْعَذَابِ إلَّا عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ فَلَا ضَرَرَ فِي مُصَادِفَتِهِ بِالتَّأْمِينِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ يَتَحَرَّى فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لَا لِمَنْطُوقِهِ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مَنْ قَالَ بِالتَّحَرِّي لَمْ يَشْتَرِطْ السَّمَاعَ وَمَنْ نَفَاهُ اشْتَرَطَهُ فَشَرْطُ السَّمَاعِ فِيهِ الْخِلَافُ، فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَتْنِ.
(وَ) نُدِبَ (إسْرَارُهُمْ) أَيْ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الْمَأْمُومِ (بِهِ) أَيْ التَّأْمِينِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالْمَنْدُوبُ فِيهِ الْإِسْرَارُ وَالْعَمَلُ
(وَ) نُدِبَ (قُنُوتٌ) أَيْ دُعَاءٌ (سِرًّا) الْأَوْلَى وَإِسْرَارُهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَابَ (بِصُبْحٍ فَقَطْ) فَلَا يُنْدَبُ فِي وَتْرٍ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِحَاجَةٍ كَغَلَاءٍ وَوَبَاءٍ، بَلْ يُكْرَهُ فِيهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ سُنَّةٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ. وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ مَنْ تَرَكَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.
وَقَبْلَ الرُّكُوعِ، وَلَفْظُهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ
وَتَكْبِيرُهُ فِي الشُّرُوعِ، إلَّا فِي قِيَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ، فَلِاسْتِقْلَالِهِ
وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ بِإِفْضَاءِ
ــ
[منح الجليل]
(وَ) نُدِبَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ) عَقِبَ الْقِرَاءَةِ بِلَا تَكْبِيرَةٍ قَبْلَهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ نَعَمْ، فَقُلْت كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ. قُلْت فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْك أَنَّك قُلْت بَعْدَهُ، قَالَ كَذَبَ «إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَال لَهُمْ الْقُرَّاءُ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ قَبْلَهُمْ فَظَهَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ» انْتَهَى.
(وَ) نُدِبَ (لَفْظُهُ) أَيْ الْقُنُوتِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي قِيلَ كَانَ سُورَتَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ وَنُسِخَتَا (وَهُوَ) أَيْ لَفْظُهُ الْمَنْدُوبُ (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك)(إلَخْ) أَيْ وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك، وَنَخْنَعُ وَنَخْلَعُ لَك، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَك، وَنَخَافُ عَذَابَك الْجَدَّ، إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ. وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَنُثْنَى عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك، وَنَخْنَعُ بِالنُّونِ مُضَارِعُ خَنِعَ بِكَسْرِهَا بِمَعْنَى ذُلَّ وَخَضَعَ، وَنَخْلَعُ أَيْ نُزِيلُ رِبْقَةَ الْكُفْرِ مِنْ أَعْنَاقِنَا، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرَك أَيْ لَا نُحِبُّ دِينَهُ وَلَا نَتَّخِذُ وَلِيًّا وَنَحْفِدُ أَيْ نَخْدُمُ، وَمُلْحِقٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَاحِقٌ وَبِفَتْحِهَا أَيْ اللَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِمْ.
(وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا (فِي) حِينِ (الشُّرُوعِ) فِي الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ هَوِيًّا أَوْ نُهُوضًا وَمَدُّهُ فِيهَا مِنْ أَوَّلِهَا لِآخِرِ هَا وَكَذَا التَّسْمِيعُ (إلَّا) تَكْبِيرُهُ (فِي) حَالِ (قِيَامِهِ مِنْ اثْنَيْنِ) عَقِبَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ (فَ) يُؤَخِّرُهُ نَدْبًا (لِاسْتِقْلَالِهِ) قَائِمًا وَيُؤَخِّرُ الْمَأْمُومُ قِيَامَهُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ إمَامَهُ وَيُكَبِّرُ لِلْعَمَلِ وَلِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ وَحُمِلَ قِيَامُ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى قِيَامِ الرَّبَاعِيَةِ فَلَوْ كَبَّرَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ فَفِي إعَادَتُهُ بَعْدَهُ قَوْلَانِ.
(وَ) نُدِبَ (الْجُلُوسُ كُلُّهُ) وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً أَوْ مُسْتَحَبًّا وَمَحَطُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ (بِإِفْضَاءِ)
الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ، وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِبْهَامُهَا لِلْأَرْضِ
وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ، وَوَضْعُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا بِسُجُودٍ
وَمُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ بَطْنَهُ فَخِذَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ، وَالرِّدَاءُ
ــ
[منح الجليل]
أَلْيَةِ وَوِرْكِ وَسَاقِ الرِّجْلِ (الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَ) نَصْبِ الرِّجْلِ (الْيُمْنَى عَلَيْهَا) أَيْ الْيُسْرَى (وَ) بَاطِنِ (إبْهَامِهَا) أَيْ الْيُمْنَى (لِلْأَرْضِ) فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ مَعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مُفَرِّجًا فَخِذَيْهِ.
(وَ) نُدِبَ (وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعٍ) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ فِي بَيَانِ صِفَةِ الرُّكُوعِ ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَذَفَ بِرُكُوعٍ وَجَرَّ لَفْظَ وَضْعِ عَطْفًا عَلَى إفْضَاءٍ فَهُوَ مُتَمِّمٌ لِصِفَةِ الْجُلُوسِ وَقَوْلُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَيْ عَلَى قُرْبِهِمَا (وَ) نُدِبَ (وَضْعُهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (حَذْوَ) أَيْ قُبَالَةَ (أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا) مُتَوَجِّهَتَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ (بِسُجُودٍ) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ كَالرِّسَالَةِ وَنَصُّهَا تَجْعَلُ يَدَيْك حَذْوَ أُذُنَيْك أَوْ دُونَ ذَلِكَ. وَاَلَّذِي فِي شب وَكَبِيرِ الْخَرَشِيِّ أَنَّهَا لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ.
(وَ) نُدِبَ (مُجَافَاةُ) أَيْ مُبَاعَدَةُ (رَجُلٍ فِيهِ) أَيْ السُّجُودِ (بَطْنَهُ) عَنْ (فَخِذَيْهِ وَ) مُجَافَاةُ (مِرْفَقَيْهِ) عَنْ (رُكْبَتَيْهِ) مُجَافِيًا لَهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ مُجَنِّحًا بِهِمَا تَجْنِيحًا وَسَطًا. وَنُدِبَ تَفْرِيقُ رُكْبَتَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَرَفْعُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ. وَهَذَا فِي فَرْضٍ كَنَفْلٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهِ، فَإِنْ طَوَّلَ فِيهِ فَلَهُ وَضْعُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ لِطُولِ السُّجُودِ فِيهِ. وَمَفْهُومُ رَجُلٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُنْدَبُ لَهَا كَوْنُهَا مُنْضَمَّةً فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا فَتُلْصِقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا وَمِرْفَقَيْهَا بِرُكْبَتَيْهَا.
(وَ) نُدِبَ (الرِّدَاءُ) لِكُلِّ مُصَلٍّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إلَّا الْمُسَافِرُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الرِّدَاءُ أَيْ ثَوْبٌ يُلْقِيه الْمُصَلِّي عَلَى كَتِفَيْهِ وَظَهْرِهِ فَوْقَ مَلْبُوسِهِ، وَلَا يُغَطِّي بِهِ رَأْسَهُ فَإِنْ غَطَّاهُ بِهِ وَرَدَّ طَرَفَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْآخَرَ صَارَ قِنَاعًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ، إلَّا مِنْ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ يَكُونُ شِعَارُ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ، وَطُولُهُ سِتَّةُ
وَسَدْلُ يَدَيْهِ، وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ، أَوْ إنْ طَوَّلَ؟ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ فِي الْفَرْضِ لِلِاعْتِمَادِ، أَوْ خِيفَةَ أَعْتِقَاد وُجُوبِهِ، أَوْ إظْهَارِ خُشُوعٍ؟
ــ
[منح الجليل]
أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ثَلَاثَةٌ وَتَأَكَّدَ لِإِمَامِ الْمَسْجِدِ فَمَأْمُومِهِ فَفَذِّهِ فَإِمَامِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَمَأْمُومِهِ فَفَذِّهِ.
(وَ) نُدِبَ لِكُلِّ مُصَلٍّ (سَدْلُ) أَيْ إرْسَالُ (يَدَيْهِ) لِجَنْبَيْهِ مِنْ حِينِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ وَكُرِهَ قَبْضُهُمَا بِفَرْضٍ بِأَيِّ هَيْئَةٍ كَانَ.
(وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ) لِكُوعِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَاضِعًا لَهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَفَوْقَ سُرَّتِهِ (فِي النَّفْلِ) طَوَّلَ أَوْ لَا (أَوْ) يَجُوزُ (إنْ طَوَّلَ) الْمُصَلِّي فِيهِ وَيُكْرَهُ إنْ قَصَّرَ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِي النَّفْلِ بِلَا عُذْرٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ (وَهَلْ كَرَاهَتُهُ) أَيْ الْقَبْضِ (فِي الْفَرْضِ) الَّتِي فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ وَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ فِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ لِطُولِ الْقِيَامِ اهـ.
بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُقَابِلُ السَّدْلِ لَا مَا سَبَقَ فَقَطْ (ل) قَصْدُ (الِاعْتِمَادِ) أَيْ الِاسْتِنَادِ بِهِ وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ فَعَلَهُ لِلِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا يُكْرَهُ. وَيَجُوزُ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ (أَوْ) كَرَاهَتُهُ فِيهِ (خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ) مِنْ الْعَوَامّ وَهَذَا تَأْوِيلُ الْبَاجِيَّ وَاسْتَبْعَدَ بِاقْتِضَائِهِ كَرَاهَةَ جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ خَيْفَهُ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا وَضَعَّفَ بِاقْتِضَائِهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي الْكَرَاهَةِ وَقَدْ فَرَّقَ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَجَازَهُ فِي النَّفْلِ وَكَرِهَهُ فِي الْفَرْضِ.
(أَوْ) كَرَاهَتَهُ فِيهِ خِيفَةٌ (إظْهَارُ الْخُشُوعِ) وَلَيْسَ خَاشِعًا فِي الْبَاطِنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ خُشُوعِ النِّفَاقِ، قِيلَ وَمَا هُوَ، قَالَ أَنْ يُرَى الْجَسَدُ خَاشِعًا
تَأْوِيلَاتٌ، وَتَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ، وَتَأْخِيرهمَا عِنْدَ الْقِيَامِ، وَعَقْدُهُ يُمْنَاهُ فِي تَشَهُّدَيْهِ الثَّلَاثَ، مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ، وَتَحْرِيكُهُمَا دَائِمًا
ــ
[منح الجليل]
وَالْقَلْبُ غَيْرُ خَاشِعٍ وَهَذَا تَأْوِيلُ عِيَاضٍ وَضَعَّفَ بِاقْتِضَائِهِ كَرَاهَتَهُ فِي النَّفْلِ أَيْضًا وَقَدْ أَجَازَهُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهِ فِي ذَلِكَ (تَأْوِيلَات) لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ خَمْسَةٌ، اثْنَانِ فِي الْأُولَى، وَثَلَاثَةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَبَقِيَ مِنْ تَأْوِيلَاتِ كَرَاهَةِ الْقَبْضِ مُخَالَفَتُهُ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى نَسْخِهِ وَإِنْ صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ.
(وَ) نُدِبَ (تَقْدِيمُ يَدَيْهِ) فِي وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ عَلَى وَضْعِ رُكْبَتَيْهِ عَلَيْهَا (فِي) هَوِيِّهِ لِ (سُجُودِهِ وَتَأْخِيرِهِمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ فِي رَفْعِهِمَا عَنْ الْأَرْضِ عَنْ رَفْعِ رُكْبَتَيْهِ عَنْهَا (عِنْدَ الْقِيَامِ) مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَبْرُكَنَّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلَكِنْ يَضَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ» . وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُقَدِّمُ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ انْحِطَاطِهِ لِسُجُودِهِ كَمَا يُقَدِّمُهُمَا الْبَعِيرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ، وَلَا يُؤَخِّرُهُمَا فِي الْقِيَامِ لِعُسْرِهِ غَالِبًا قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُطِيقُ هَذَا إلَّا الشَّابُّ الْقَلِيلُ اللَّحْمُ كَمَا يُؤَخِّرُهُمَا الْبَعِيرُ فِي قِيَامِهِ، وَالْمُرَادُ رُكْبَتَا الْبَعِيرِ اللَّتَانِ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُهُمَا فِي بُرُوكِهِ وَيُؤَخِّرُهُمَا فِي قِيَامِهِ.
(وَ) نُدِبَ (عَقْدُهُ) أَيْ ضَمُّ الْمُصَلِّي (يُمْنَاهُ) عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ إبْهَامِهِ (فِي) حَالِ (تَشَهُّدَيْهِ) أَيْ تَشَهُّدِ الْقِيَامِ وَتَشَهُّدِ السَّلَامِ وَأَبْدَلَ مِنْ يُمْنَاهُ أَصَابِعَهُ (الثَّلَاثَ) بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ مُقَدَّرُ الضَّمِيرِ الرَّابِطِ لَهُ بِهَا أَيْ مِنْهَا أَيْ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرِ وَالْخِنْصَرِ وَأَطْرَافِهَا عَلَى لَحْمَةِ الْإِبْهَامِ حَالَ كَوْنِهِ (مَادًّا) أُصْبُعَهُ (السَّبَّابَةَ) جَاعِلًا جَنْبَهَا الْأَعْلَى لِجِهَةِ السَّمَاءِ (وَ) مَادًّا أُصْبُعَهُ (الْإِبْهَامَ) بِجَنْبِهَا عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى السُّفْلَى هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ. وَقِيلَ يَجْعَلُ رُءُوسَ الثَّلَاتِ وَسَطَ كَفِّهِ، وَيَمُدُّ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ يَجْعَلُهَا كَذَلِكَ وَيَجْعَلُ طَرَفَ إبْهَامِهِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَالسُّفْلَى. وَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَإِنْ احْتَمَلَ الْأَخِيرَيْنِ أَيْضًا.
(وَ) نُدِبَ (تَحْرِيكُهَا) أَيْ السَّبَّابَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا تَحْرِيكًا (دَائِمًا) تت أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ
وَتَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ، وَدُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
[منح الجليل]
وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ عبق هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُحَرِّكُهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ عَقِبَهُ إلَى السَّلَامِ، وَاَلَّذِي شَاهَدْت عُلَمَاءَ عَصْرِنَا عَلَيْهِ تَحْرِيكُهَا لِلسَّلَامِ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الدُّعَاءِ وَانْتِظَارِ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَهَذَا مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهَا مُقْمِعَةٌ لِلشَّيْطَانِ لِتَذَكُّرِ الْمُصَلِّي بِهِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ السَّهْوِ فِي صَلَاتِهِ وَالشُّغْلِ عَنْهَا، وَخُصَّتْ السَّبَّابَةُ بِهِ لِاتِّصَالِ عُرْوَتِهَا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَإِذَا تَحَرَّكَتْ انْزَعَجَ فَتَنَبَّهَ لِذَلِكَ وَقِيلَ يَقْصِدُ بِتَحْرِيكِهَا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ اللَّهَ إلَهٌ وَاحِدٌ. ابْنُ نَاجِي لَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى لَا يُحَرِّكُ الْيُسْرَى لِأَنَّ شَأْنَهَا الْبَسْطُ عَلَى الْفَخِذِ مَقْرُونَةَ الْأَصَابِعِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، التَّادَلِي فِيهِ مَجَالُ الْبَحْثِ إذْ قَدْ يُقَالُ إنَّمَا شَأْنُهَا الْبَسْطُ مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لَا مَعَ فَقْدِهَا.
(وَ) نُدِبَ (تَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ) عِنْدَ نُطْقِهِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ بِحَيْثُ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ صَفْحَةَ وَجْهِهِ وَيَنْطِقُ بِمَا قَبْلَهُمَا قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَهَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتَيَامَنُ بِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَقِيلَ كَالْإِمَامِ.
(وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ) أَيْ تَشَهُّدِ السَّلَامِ بِمَا يَتَيَسَّرُ (وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ) الَّذِي عَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " رَضٍ " لِلنَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَجَرَى مَجْرَى الْخَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ، وَلِذَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضٍ " وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ. وَرَسُولُهُ.
(وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) عَقِبَ التَّشَهُّدِ بِأَيِّ صِيغَةٍ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا مَا فِي حَدِيثِ قُولُوا
سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ؟ خِلَافٌ
وَلَا بَسْمَلَةٌ فِيهِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ، وَكُرِهَا بِفَرْضٍ:
ــ
[منح الجليل]
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ (سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَة خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ " رَضٍ " وَإِنَّ أَصْلَهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ سُنَّةً وَبِهَذَا شَرَحَ الْبِسَاطِيُّ وَالْحَطَّابِ وَسَالِمٍ وَبُنِيَ عَلَيْهِ مَا اشْتَهَرَ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ عَنْهُ.
وَشَرَحَ بَهْرَامَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ، فَقَالَ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَ وَأَمَّا اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ " رَضٍ " فَمَنْدُوبٌ قَطْعًا فَالْمُصَنِّفُ جَزَمَ سَابِقًا بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ الرَّمَاصِيُّ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَتَعَقَّبَهُ الْبُنَانِيُّ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى تَشْهِيرِ الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَهُ فَضِيلَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَصْلُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ وَخُصُوصُ اللَّفْظِ مَنْدُوبٌ قَطْعًا، أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ لَيْسَ مُتَّفِقًا عَلَيْهِ.
(وَلَا بَسْمَلَةٌ) مَشْرُوعَةٌ (فِيهِ) أَيْ التَّشَهُّدِ فَهِيَ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ تَشَهُّدُ نَفْلٍ (وَجَازَتْ) أَيْ الْبَسْمَلَةُ أَيْ لَا تُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ خِلَافُ الْأَوْلَى قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ. وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْخَرَشِيِّ أَيْ أُبِيحَتْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَتَعَوُّذٍ) فِي الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَصِلَةُ جَازَتْ (بِنَفْلٍ وَكُرِهَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ (بِفَرْضٍ) لِكُلِّ مُصَلٍّ سِرًّا وَجَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ " رَضٍ " وَمُحَصِّلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ لِلْعَمَلِ.
«قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَمْ أَسْمَعْهُمْ يُبَسْمِلُونَ» فَلَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا الَّتِي فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ. وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهَا وَقِيلَ بِنَدْبِهَا. وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ.
وَكَانَ الْمَازِرِيُّ يُبَسْمِلُ سِرًّا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَذْهَبُ مَالِكٍ " رضي الله عنه " عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ
كَدُعَاءٍ قَبْلَ قِرَاءَةٍ، وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ، وَأَثْنَاءَهَا وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ،
ــ
[منح الجليل]
مَنْ بَسْمَلَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ " رضي الله عنه " عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ مَنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى، وَصَلَاةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ قَالَ أَحَدُهُمَا بِبُطْلَانِهَا.
وَكَذَا الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِ وَإِسْمَاعِ نَفْسِهِ قِرَاءَتَهُ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْبَسْمَلَةِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِتَرْكِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنْ قَصَدَهُ فَلَا تُكْرَهُ سَوَاءٌ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ أَوْ لَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا فَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَا نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ " رضي الله عنه " إنَّمَا الشَّرْطُ عِنْدَهُ عَدَمُ نِيَّةِ النَّفْلِ وَعَدَمُ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مُمْكِنٌ لَا يُنَافِي اعْتِقَادُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ بِفَرْضِيَّتِهَا إذْ فَرَّقَ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالِاعْتِقَادِ أَفَادَهُ عبق.
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَدُعَاءٍ) عَقِبَ إحْرَامٍ وَ (قَبْلَ قِرَاءَةٍ) فَيُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْعَمَلِ وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ بِهِ. وَعَنْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " نُدِبَ قَوْلُهُ قَبْلَهَا: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك " وَجَّهْت وَجْهِي ". اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَنَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَاغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ. ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ، قَالَ فِي الْبَيَانِ وَذَلِكَ حَسَنٌ زَرُّوقٌ وَفِيهِ بَحْثٌ انْتَهَى، أَيْ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَبْلَهَا لِأَجْلِهَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى كَقَوْلِهِ بَعْدُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ أَفَادَهُ عبق.
(وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ) لِاشْتِغَالِهِ عَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ وَقِيسَ الْمَأْمُومُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ طَرْدُ اللُّبَابِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالطِّرَازِ جَوَازُهُ واسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ (وَأَثْنَائِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ يُخَلِّلَهَا بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ فَهُوَ أَوْلَى. وَقَيَّدَهُ فِي الطِّرَازِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُكْرَهُ فِي النَّفْلِ.
(وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ) لِمَنْ يَقْرَأهَا مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ. وَجَازَ لِمَأْمُومٍ سِرًّا حَالَ قِرَاءَتِهَا الْإِمَام جَهْرًا إنْ سَمِعَ سَبَبَهُ وَقَلَّ كَالْخُطْبَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَتَعَوَّذُ الْمَأْمُومُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَ النَّارِ، وَإِنْ فَعَلَ فَسِرًّا فِي نَفْسِهِ انْتَهَى. وَفِي الشَّامِلِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ سَمِعَ مَأْمُومٌ ذِكْرَهُ عليه الصلاة والسلام فَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ ذِكْرَ الْجَنَّةِ فَسَأَلَهَا أَوْ النَّارِ فَاسْتَعَاذَ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ وَيُخْفِيهِ، وَلَا
وَرُكُوعٍ، وَقَبْلَ تَشَهُّدٍ، وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ، وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ، لَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ، وَدَعَا بِمَا أَحَبَّ، وَإِنْ لِدُنْيَا، وَسَمَّى مِنْ أَحَبَّ.
ــ
[منح الجليل]
يُكْثِرُ كَسَامِعِ خُطْبَةٍ الْحَطّ وَفِيهَا لَا يُكْرَهُ قَوْلُ الْإِمَامِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] بَلَى إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَقَوْلُ الْمَأْمُومِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ كَذَلِكَ انْتَهَى عبق. هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذِكْرِهِ وَسُؤَالُ الْجَنَّةِ وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ النَّارِ عِنْدَ ذِكْرِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ بَلَى أَنَّهُ أَحْكُمُ أَوْ قَادِرٌ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] ، أَوْ الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يَبْطُلُ انْتَهَى.
(وَ) أَثْنَاءُ (رُكُوعٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ فِيهِ التَّسْبِيحُ، وَنُدِبَ بَعْدَ رَفْعٍ مِنْهُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ، فَقَالَ عج الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ لِأَنَّ الْحَامِدَ لِرَبِّهِ طَالِبٌ لِلْمَزِيدِ مِنْهُ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ دُعَاءٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُنُوتٍ بِصُبْحٍ فَقَطْ.
(وَ) كُرِهَ (قَبْلَ تَشَهُّدِ) أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ (وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ) وَلَوْ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ (وَبَعْدَ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ) أَيْ غَيْرِ تَشَهُّدِ السَّلَامِ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتُكْرَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، خِلَافًا لِمَا فِي عب. عَنْ الرَّصَّاعِ مِنْ تَأَكُّدِهَا فِيهِ قَالَهُ النَّفْرَاوِيُّ وَالْعَدَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (لَا) يُكْرَهُ الدُّعَاءُ (بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) بَلْ يُنْدَبُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بَيْنَهُمَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاسْتُرْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَاعْفُ عَنِّي وَعَافَنِي. وَيُنْدَبُ فِي السُّجُودِ وَعَقِبَ تَشَهُّدِ السَّلَامِ.
(وَدَعَا) الْمُصَلِّي جَوَازًا فِي سُجُودِهِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَعَقِبَ تَشَهُّدِ السَّلَامِ (بِمَا أَحَبَّ) مِنْ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَادَةً وَيَحْرُمُ بِمُمْتَنِعٍ شَرْعًا نَحْوَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى قَتْلِ فُلَانٍ عُدْوَانًا أَوْ الزِّنَا بِحَلِيلَتِهِ أَوْ عَقْلًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، أَوْ عَادَةً كَالسَّلْطَنَةِ لِمَنْ لَيْسَ أَهْلُهَا وَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِدُنْيَا بَلْ:(وَإِنْ) كَانَ (لِ) طَلَبِ (دُنْيَا) كَسَعَةِ رِزْقٍ وَزَوْجَةٍ حَسَنَةٍ (وَسَمَّى) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ ذَكَرَ الدَّاعِي فِي صَلَاتِهِ اسْمَ (مَنْ أَحَبَّ) أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ.
وَلَوْ قَالَ: يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا، لَمْ تَبْطُلْ
وَكُرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ لَا حَصِيرٍ، وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ
وَرَفْعُ مُومِئٍ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ
ــ
[منح الجليل]
(وَلَوْ قَالَ) الْمُصَلِّي فِي دُعَائِهِ (يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا) مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ فُلَانٌ غَائِبًا مُطْلَقًا أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ.
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ) أَوْ بِسَاطٍ لَمْ يُفْرَشْ فِي الْمَسْجِدِ دَائِمًا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَانَ مِنْ وَاقِفِ الْمَسْجِدِ، أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَفَهُ لِيَفْرِشَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلُزُومِ وَقْفِهِ وَاتِّبَاعِهِ إنْ جَازَ أَوْ كُرِهَ لِطَلْعِ الْمُزَاحَمَةِ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِنَدْبِ صَلَاةِ الْفَرْضِ بِهِ أَفَادَهُ عب، وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بِالضَّرُورَةِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَخُشُونَةِ أَرْضٍ وَجَرْحٍ بِجَبْهَةٍ (لَا) يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى (حَصِيرٍ) خَشِنٍ كَالْحَلْفَاءِ وَيُكْرَهُ عَلَى الْحَصِيرِ النَّاعِمِ كَحُصْرِ السَّمَرِ (وَتَرْكُهُ) أَيْ السُّجُودِ عَلَى الْحَصِيرِ الْخَشِنِ (أَحْسَنُ) فَالسُّجُودُ عَلَيْهِ خِلَافُ الْأَوْلَى.
(وَ) كُرِهَ (رَفْعُ) شَخْصٍ (مُومٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ مُصَلٍّ بِالْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا مَفْعُولُ رَفَعَ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ عَنْ، الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى جَبْهَتِهِ (يَسْجُدُ عَلَيْهِ) بِجِهَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا كَكُرْسِيٍّ أَوَّلًا كَشَيْءٍ رَفَعَهُ بِيَدِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ وَلَا يُعِيدُ، وَهَذَا إذَا انْحَطَّ لَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي الْإِيمَاءِ، فَإِنْ رَفَعَهُ لِجَبْهَتِهِ بِدُونِ انْحِطَاطٍ بِهَا فَلَا يَجْزِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ وَمَحَلُّ الْإِجْزَاءِ إذَا نَوَى حِينَ إيمَائِهِ الْأَرْضَ فَإِنْ كَانَ نَوَى الْإِيمَاءَ إلَى مَا رَفَعَ لَهُ دُونَ الْأَرْضِ فَلَا يُجْزِيهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَمَفْهُومُ مُومٍ مَنَعَ رَفَعَ الصَّحِيحَ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْأَرْضِ وَهُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ. وَتَعْرِيفُ السُّجُودِ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُهُ يَسِيرًا كَسَبْحَةِ وَمِفْتَاحٍ وَمِحْفَظَةٍ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُهُ كَثِيرًا كَكُرْسِيٍّ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ، وَتَعْرِيفُ السُّجُودِ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ سَطْحِ مَحَلِّ الْمُصَلِّي خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مَكْرُوهٌ.
وَسُجُودٌ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفِ كُمٍّ
وَنَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ ظِلٍّ لَهُ بِمَسْجِدٍ، وَقِرَاءَةٌ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ
وَدُعَاءٌ خَاصٌّ
ــ
[منح الجليل]
وَ) كُرِهَ (سُجُودٌ عَلَى كَوْرِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، أَيْ مَجْمُوعِ لَفَّاتِ (عِمَامَتِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي الْمَشْدُودِ عَلَى جَبْهَتِهِ إنْ كَانَ لَفَّتَيْنِ مِنْ شَالٍ رَقِيقٍ كَشَاشٍ أَوْ بَفْتَةٍ وَلَا يُعِيدُهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ لَفَّتَيْنِ وَاسْتَقَرَّتْ الْجَبْهَةُ عَلَيْهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِمَامَةُ مُشَدَّدَةً عَلَى الرَّأْسِ وَسَجَدَ عَلَى كَوْرِهَا وَلَمْ تَمَسَّ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ يُعِيدُهَا أَبَدًا وُجُوبًا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَلَى الْجَبْهَةِ وَمَنَعَتْ اسْتِقْرَارَهَا لِكَثَافَتِهَا وَفَشْوَلَتِهَا كَشَالِ الصُّوفِ الْمَنْفُوشِ.
(أَوْ) عَلَى (طَرَفِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ حَاشِيَةِ (كُمٍّ) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَلْبُوسِهِ، إلَّا لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خُشُونَةِ أَرْضٍ (فَرْعٌ) جَمَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا " رضي الله عنهما " يُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَخَفَّفَهُ فِي النَّافِلَةِ وَأَنْ يُرَوِّحَ فِي الْمَسْجِدِ بِالْمَرَاوِحِ.
(وَ) كُرِهَ (نَقْلُ حَصْبَاءَ) أَوْ تُرَابٍ (مِنْ ظِلٍّ) فِي الصَّيْفِ أَوْ شَمْسٍ فِي الشِّتَاءِ (لَهُ) أَيْ السُّجُودِ عَلَيْهَا وَصِلَةُ نَقْلُ (بِمَسْجِدٍ) أَيْ فِيهِ لِتَحْفِيرِهِ وَأَوْلَى نَقْلُهُ لِغَيْرِ السُّجُودِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِتَحْفِيرِهِ فَلَا يُكْرَهُ لِلسُّجُودِ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَمَفْهُومُ بِمَسْجِدٍ جَوَازُهُ بِغَيْرِهِ لِلسُّجُودِ وَلِغَيْرِهِ. وَلَوْ أَدَّى لِتَحْفِيرِهِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالْحَصْبَاءِ فِي يَدِهِ نَاسِيًا أَوْ فِي نَعْلِهِ، فَإِنْ رَدَّهَا لَهُ فَحَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ.
(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ) مِنْ قُرْآنٍ عَزِيزٍ (بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) لِحَدِيثٍ «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَادْعُوَا فِيهِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ وَانْخِفَاضٍ فِي الظَّاهِرِ. وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقَارِئِ التَّلَبُّسُ بِحَالَةِ الرِّفْعَةِ وَالْعَظَمَةِ ظَاهِرًا تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ وَمِنْ تَعْظِيمِهِ تَدَبُّرِهِ وَاسْتِحْضَارِ مَعَانِيهِ وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ وَخُشُوعِ الْقَلْبِ وَاسْتِحْضَارِهِ عَظَمَةَ الرَّبِّ حَالَ قِرَاءَتِهِ.
(وَ) كُرِهَ (دُعَاءٌ خَاصٌّ) أَيْ الْتِزَامُهُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لِإِيهَامِهِ قَصْرَ كَرْمِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ
أَوْ بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ
وَالْتِفَاتٌ بِلَا حَاجَةٍ، وَتَشْبِيكُ أَصَابِعَ، وَفَرْقَعَتُهَا، وَإِقْعَاءٌ،
ــ
[منح الجليل]
وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَ غَيْرَهُ قَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فَلَا يُجَابُ فَيُسِيءُ ظَنُّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْخَاصُّ عَامًّا الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ، نَحْوُ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ وَاكْفِنِي هَمَّهُمَا. وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " التَّحْدِيدَ فِي صِيَغِ الدُّعَاءِ وَعَدَدِ التَّسْبِيحَاتِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي تَعْيِينِ لَفْظِهَا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
(أَوْ) دُعَاءٌ (بِ) لُغَةٍ (عَجَمِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ بِصَلَاةٍ (لِقَادِرٍ) عَلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْكَلَامُ بِهَا مَكْرُوهٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَطْ لِقَادِرٍ لِنَهْيِ عُمَرَ " رضي الله عنه " عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ إنَّهَا خَبٌّ وَخَدِيعَةٌ وَقِيلَ إنَّمَا هُوَ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُهَا لِأَنَّهُ مِنْ تَنَاجَى اثْنَيْنِ دُونَ وَاحِدٍ وَتُكْرَهُ مُخَالَطَتُهُمْ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِذَلِكَ وَمَفْهُومٌ لِقَادِرِ عَدَمُ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ بِهَا لِعَاجِزٍ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَفِي الطِّرَازِ مَنْ دَعَّى أَوْ سَبَّحَ أَوْ كَبَّرَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ غَيْرَ قَادِرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا اهـ.
(وَ) كُرِهَ (الْتِفَاتٌ) يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَوْ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ بِشَرْطِ بَقَاءِ رِجْلَيْهِ لِلْقِبْلَةِ (بِلَا حَاجَةٍ) وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَالتَّصَفُّحِ يَمِينًا وَشِمَالًا بِالْخَدِّ فَفِي الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ بِهِ، لَكِنْ قَالَ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّصَفُّحَ بِالْحَدِّ إنَّمَا يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الِالْتِفَاتِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْعُنُقِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الصَّدْرِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْبَدَنِ كُلِّهِ.
(وَ) كُرِهَ (تَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي فَقَطْ وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ تَفَاؤُلٌ بِاشْتِبَاكِ الْأَمْرِ وَصُعُوبَتِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ (وَ) كُرِهَ (فَرُقْعَتُهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تُكْرَهُ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرِهَهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ.
(وَ) كُرِهَ (إقْعَاءٌ) بِجُلُوسٍ لِتَشَهُّدٍ أَوْ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ أَوَّلًا حَرَامٌ وَقِرَاءَةٌ وَرُكُوعٌ لِمَنْ صَلَّى
وَتَخَصُّرٌ، وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ
وَرَفْعُهُ رِجْلًا، وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى، وَإِقْرَانُهُمَا
ــ
[منح الجليل]
جَالِسًا وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَدْرِ قَدَمَيْهِ وَأَلْيَتَاهُ عَلَى عَقِبَيْهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَبْيَنُ مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَنَّهُ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ. أَبُو الْحَسَنِ صِفَةُ أَبِي عُبَيْدَةَ مَمْنُوعَةً لَا مَكْرُوهَةً وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَفْسِير الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جُلُوسُهُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْض وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ أَيْضًا وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَيْهَا وَرِجْلَاهُ قَائِمَتَانِ عَلَى بُطُونِ أَصَابِعِهِمَا. فَالْإِقْعَاءُ الْمَكْرُوهُ أَرْبَعٌ، وَالْمَمْنُوعُ وَاحِدٌ اهـ عبق.
(وَ) كُرِهَ (تَخَصُّرٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً بِصَلَاةٍ بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي خَصْرِهِ فِي قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ (وَ) كُرِهَ (تَغْمِيضُ بَصَرِهِ) أَيْ عَيْنِ الْمُصَلِّي خَوْفَ اعْتِقَادِ فَرْضِيَّتَهُ إلَّا لِخَوْفِ نَظَرٍ لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا وَيَجْعَلُ بَصَرَهُ أَمَامَهُ وَكُرِهَ وَضْعُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِانْحِنَائِهِ بِرَأْسِهِ. وَعَدَّهُ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ وَكُرِهَ قِيَامُهُ مُنَكَّسَ الرَّأْسِ. قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْمُنَكِّسِ رَأْسَهُ ارْفَعْ رَأْسَك فَإِنَّمَا الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ، وَالْبَصَرُ الرُّؤْيَةُ بِالْعَيْنِ فَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهَا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَى آلَتِهِ عَكْسُ {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء: 84] اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ رَفْعُهُ لِلسَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثٍ «لَيَنْتَهِيَنَّ قَوْمٌ عَنْ رَفْعِ أَعْيُنِهِمْ إلَى السَّمَاءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» . ابْنُ عَرَفَةَ إذَا رَفَعَ لِغَيْرِ الِاعْتِبَارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَهُ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ.
(وَ) كُرِهَ (رَفْعُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (رِجْلًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ عَنْ الْأَرْضِ إلَّا لِعُذْرٍ كَطُولِ قِيَامٍ (وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى) لِأَنَّهُ عَبَثٌ (وَإِقْرَانُهُمَا) أَيْ ضَمُّ الرِّجْلَيْنِ مَعًا كَالْمُقَيَّدِ سَوَاءٌ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا دَائِمًا أَوْ رَوَّحَ بِهِمَا بِأَنْ صَارَ يَعْتَمِدُ عَلَى هَذِهِ تَارَةً وَعَلَى هَذِهِ الْأُخْرَى تَارَةً أُخْرَى أَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا دَائِمًا. وَقِيلَ جَعَلَ حَظَّهُمَا مِنْ الِاعْتِمَادِ سَوَاءً دَائِمًا سَوَاءٌ فَرَّقَهُمَا أَوْ ضَمَّهُمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَطْبُوبٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ. وَعِلَّةُ كَرَاهَتِهِ اشْتِغَالُهُ بِهِ عَنْ خُشُوعِ الصَّلَاةِ تت. وَأَشْعَرَ اقْتِصَارُهُ عَلَى كَرَاهَةِ إقْرَانِهِمَا بِجَوَازِ تَفْرِيقِهِمَا وَمُرَادُهُ تَفْرِيقًا
وَتَفَكُّرٌ بِدُنْيَوِيٍّ، وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمٍّ أَوْ فَمٍ، وَتَزْوِيقُ قِبْلَةٍ، وَتَعَمُّدُ مُصْحَفٍ فِيهِ لِيُصَلِّيَ لَهُ
وَعَبَثٌ بِلِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا:
ــ
[منح الجليل]
مُعْتَادًا لِقَوْلِ صَاحِبِ الطِّرَازِ تَفْرِيقُهُمَا عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ قِلَّةَ وَقَارٍ كَإِقْرَانِهِمَا وَإِلْصَاقِهِمَا زِيَادَةَ تَنَطُّعٍ.
(وَ) كُرِهَ (تَفَكُّرٌ) فِيهَا (بِدُنْيَوِيٍّ) لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْهَا، فَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى أَعَادَهَا أَبَدًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْحَطّ. وَلَا يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ لِأَنَّ تَفَكُّرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ، فَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا شُغْلًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَعَلَى مَا صَلَّى فَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ وَمَفْهُومُ دُنْيَوِيٍّ أَنَّ تَفَكُّرَهُ بِأُخْرَوِيٍّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ، بِدَلِيلِ تَجْهِيزِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَيْشًا وَهُوَ يُصَلِّي وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ إشْغَالِهِ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يُكْرَهُ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُكْرَهُ الْأُخْرَوِيُّ مُطْلَقًا وَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى بَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهَا أَمْ لَا وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ.
(وَ) كُرِهَ (حَمْلُ شَيْءٍ) فِي الصَّلَاةِ (بِكُمٍّ أَوْ فَمٍ) لَا يَمْنَعُهُ عَنْ رُكْنٍ وَإِخْرَاجِ حُرُوفِ قِرَاءَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خُبْزًا مَخْبُوزًا بِرَوْثٍ نَجَسٍ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ، وَلَا بِتَرْكِ الْمَضْمَضَةِ مِنْهُ أَفْتَى بِهِ جَدُّ عج عَنْ اللَّقَانِيِّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَمَالَ لَهُ السَّنْهُورِيُّ مَا لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ فِيهِ.
(وَ) كُرِهَ (تَزْوِيقُ قِبْلَةٍ) بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا الْكِتَابَةُ فِيهَا وَتَزْوِيقُ مَسْجِدٍ بِذَهَبٍ أَوْ شَبَهِهِ لَا اتَّقَانِ بِنَائِهِ وَتَجْصِيصِهِ فَيُنْدَبَانِ. ابْنُ الْقَاسِمِ التَّصَدُّقُ بِثَمَنِ مَا يُجْمَرُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُخْلَقُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَجْمِيرِهِ وَتَخَلُّقِهِ أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ فَيَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ.
(وَ) كُرِهَ (تَعَمُّدُ) وَضْعِ (مُصْحَفٍ فِيهِ) أَيْ الْمِحْرَابِ (لِيُصَلِّيَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً (لَهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ وَمَفْهُومُ تَعَمُّدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(وَ) كُرِهَ (عَبَثٌ) مِنْ الْمُصَلِّي (بِلِحْيَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا) كَخَاتَمٍ بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يُحَوِّلَهُ لِعَدَدِ رَكَعَاتٍ لِخَوْفِ سَهْوِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِهَا وَمِثْلُهُ الَّذِي يُحْصِي الْآيِ بِيَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ فَجَائِزٌ