الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ، لَا ابْنِ الْقَاسِمِ، فَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ.
(فَصْلٌ) نُدِبَ نَفْلٌ، وَتَأَكَّدَ بَعْدَ مَغْرِبٍ: كَظُهْرٍ وَقَبْلَهَا:
ــ
[منح الجليل]
وَ) إنْ تَرَكَهَا (سَهْوًا) عَنْهَا وَرَكَعَ وَتَذَكَّرَهَا رَاكِعًا (اعْتَدَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ (عِنْدَ) الْإِمَامِ (مَالِكٍ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَوَاهُ أَشْهَبُ (لَا) عِنْدَ الْإِمَامِ (ابْنِ الْقَاسِمِ) فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَعُ (فَيَسْجُدُ) بَعْدَ السَّلَامِ (إنْ) كَانَ (اطْمَأَنَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ الَّذِي تَذَكَّرَ فِيهِ تَرْكَهَا لِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ، وَأَوْلَى إذَا رَفَعَ مِنْهُ سَاهِيًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَفَعَ سَهْوًا إلَخْ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ قَصَدَ السُّجُودَ وَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهُ وَرَكَعَ، وَفِي هَذِهِ سَهَا عَنْ السَّجْدَةِ وَقَصَدَ الرُّكُوعَ وَلَمَّا رَكَعَ تَذَكَّرَهَا وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ. كَذَا قُرِّرَ وَالْحَقُّ التَّكْرَارُ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ الرُّكُوعَ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ فَقَدْ قَصَدَ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ فَيَتَّفِقُ الْإِمَامَانِ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ.
[فَصْلٌ فِي النَّفَل]
(فَصْلٌ فِي النَّفْلِ)(نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نَفْلٌ) فِي كُلِّ وَقْتٍ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ فِيهِ أَيْ مَا زَادَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالسُّنَنِ الْخَمْسِ وَالرَّغِيبَةِ لِذِكْرِهَا بَعْدَهُ وَمَعْنَاهُ لُغَةً مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ، أَيْ يَتْرُكُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ الْبِرِّ لَا يَتْرُكُهُ دَائِمًا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ وَالسُّنَّةُ لُغَةً الطَّرِيقَةُ، وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَوَاظَبَ عَلَيْهِ وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ. وَالرَّغِيبَةُ لُغَةً الْخَيْرُ الْمُرَغَّبُ فِيهِ، وَاصْطِلَاحًا مَا رَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهِ وَحْدَهُ وَلَمْ يُظْهِرْهُ فِي جَمَاعَةٍ. (وَتَأَكَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا نَدْبُ النَّفْلِ (بَعْدَ) صَلَاةِ (مَغْرِبٍ) وَبَعْدَ الذِّكْرِ الْوَارِدِ عَقِبَهَا وَشَبَّهَ فِي التَّأَكُّدِ فَقَالَ (كَ) النَّفْلِ (بَعْدَ) صَلَاةِ (ظُهْرٍ وَقَبْلَهَا) أَيْ الظُّهْرِ (كَ) النَّفْلِ
كَعَصْرٍ بِلَا حَدٍّ، وَالضُّحَى وَسِرٌّ بِهِ نَهَارًا، وَجَهْرٌ لَيْلًا، وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ، وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ
ــ
[منح الجليل]
قَبْلَ (عَصْرٍ) حَالَ كَوْنِ النَّفْلِ فِي الْأَوْقَاتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدًا يَتَوَقَّفُ الْمَنْدُوبُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْتَفِي بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ النَّقْصِ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَسِتٍّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي تَقْدِيمِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ مَعْنًى لَطِيفٌ فَفِي التَّقْدِيمِ تَأْنِيسُ النَّفْسِ بِالْعِبَادَةِ وَتَقْرِيبُهَا لِلْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ الَّذِي هُوَ رُوحُ الْعِبَادَةِ لِبُعْدِهَا عَنْهُمَا بِاشْتِغَالِهَا بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا.
فَإِذَا قَدَّمَ النَّفَلَ عَلَى الْفَرْضِ أَنِسَتْ النَّفْسُ بِالْعِبَادَةِ وَتَكَيَّفَتْ بِحَالَةِ تَقَرُّبِهَا مِنْ الْخُشُوعِ، وَفِي تَأْخِيرِ النَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ جَبْرُ الْخَلَلِ وَالنَّقْصِ الَّذِي يَقَعُ فِي الْفَرْضِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، لَكِنْ تُكْرَهُ نِيَّةُ الْجَبْرِ بِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ بَلْ يَأْتِي بِهِ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَمُفَوِّضًا الْأَمْرَ لَهُ تَعَالَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ قَصْدُهُ. وَشَرْطُ طَلَبِ النَّفْلِ الْقَبْلِيِّ اتِّسَاعُ وَقْتِ الْفَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا أَوْ جَمَاعَةً طَلَبَتْ غَيْرَهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ سَابِقًا وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ وَجَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِعْلُهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا عَقِبَ نَفْلِهَا الْقَبْلِيِّ الَّذِي يُفِيتُ تَقْدِيمَهَا شَرْعًا لِكَوْنِهِ مُقَدِّمَةً لَهَا، هَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا مَرَّ عَنْ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ. (وَ) تَأَكَّدَ (الضُّحَى) وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَأَوْسَطُهُ سِتٌّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْمَلَهُ اثْنَا عَشَرَ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَكْمَلَهُ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ بِحَسَبِ مَا وَرَدَ وَلَا يُكْرَهُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ لَا تَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ أَفَادَهُ الْمِسْنَاوِيُّ (وَ) نُدِبَ (سِرٌّ) أَيْ إسْرَارٌ (بِهِ) أَيْ النَّفْلِ (نَهَارًا) وَفِي كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِهِ قَوْلَانِ إلَّا الْوِرْدَ إذَا صَلَّاهُ عَقِبَ الْفَجْرِ فَيَجْهَرُ بِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَ) نُدِبَ (جَهْرٌ) بِهِ (لَيْلًا) إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى غَيْرِهِ وَإِسْرَارُهُ جَائِزٌ (وَتَأَكَّدَ) نَدْبُ الْجَهْرِ (بِوِتْرٍ) وَعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ.
(وَ) تَأَكَّدَ (تَحِيَّةُ) رَبِّ (مَسْجِدٍ) بِرَكْعَتَيْنِ لِدَاخِلِهِ مُتَوَضِّئًا وَقْتَ جَوَازِ نَفْلٍ يُرِيدُ جُلُوسًا بِهِ، وَكُرِهَ جُلُوسُهُ قَبْلَهَا وَلَا يُسْقِطُهَا، وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَفَتْهُ الْأُولَى إنْ قَرُبَ
وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ، وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ
وَبَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم
وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ بِمُصَلَّاهُ صلى الله عليه وسلم
ــ
[منح الجليل]
رُجُوعُهُ عُرْفًا وَإِلَّا كَرَّرَهَا، وَالْمَسْجِدُ يَشْمَلُ مَا تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ وَغَيْرَهُ. رَوَى الْأَثْرَمُ فِي مُغْنِيهِ مَرْفُوعًا مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا، قَالُوا وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسُوا» . زَرُّوقٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدَ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ تَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ، فَيَنْبَغِي الْإِتْيَانُ بِهَا وَقْتَ النَّهْيِ. الْحَطَّابُ وَهُوَ حَسَنٌ فَيَنْبَغِي وَقْتَ النَّهْيِ أَوْ لِغَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ، أَمَّا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، إنْ قِيلَ التَّحِيَّةُ وَقْتَ النَّهْيِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَكَيْفَ يَطْلُبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ. قِيلَ بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ صَلَاةٌ وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ ذِكْرٌ وَالْمُسْتَحَبُّ صَلَاتُهَا فِي أَوَّلِ الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ.
(وَجَازَ تَرْكُ) شَخْصٍ (مَارٍّ) بِمَسْجِدٍ تَحِيَّتَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي طَلَبَهَا مِنْهُ، وَلَكِنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ. وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا، وَهَذَا الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَهَا إرَادَةُ الْجُلُوسِ وَجَوَازُ الْمُرُورِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِيهَا وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِيَسَارَتِهِ، فَإِنْ كَثُرَ كُرِهَ إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ لَهُ (وَتَأَدَّتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ حَصَلَتْ التَّحِيَّةُ (بِ) صَلَاةِ (فَرْضٍ) بِالْمَسْجِدِ عَقِبَ دُخُولِهِ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إنْ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا، وَتَتَأَدَّى بِسُنَّةٍ وَرَغِيبَةٍ أَيْضًا وَخَصَّ الْفَرْضَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ تَأْدِيَتِهَا بِهِ لَا بِصَلَاةِ جِنَازَةٍ لِكَرَاهَتِهَا فِيهِ.
(وَ) نُدِبَ (بَدْءٌ بِهَا) أَيْ التَّحِيَّةِ (بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِنُورِ سَاكِنِهَا صلى الله عليه وسلم (قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم) لِتَعَلُّقِهَا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَعَلُّقِ السَّلَامِ عَلَيْهِ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَالشَّيْءُ يَتْبَعُ مُتَعَلِّقَهُ فِي الشَّرَفِ فَهِيَ أَشْرَفُ مِنْ السَّلَامِ. وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِلْأَمْرِ بِهِمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ فِيهِ دَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ جَمَاعَةٌ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ التَّحِيَّةَ عَلَى السَّلَامِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَخْشَى إضْرَارَهُمْ.
(وَ) نُدِبَ (إيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ) أَيْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (بِمُصَلَّاهُ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنْ عُرِفَ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ
وَالْفَرْضِ: بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ.
وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالطَّوَافُ
وَتَرَاوِيحٍ، وَانْفِرَادٌ بِهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ، وَالْخَتْمُ فِيهَا، وَسُورَةٌ تُجْزِئُ، ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ، ثُمَّ جُعِلَتْ
ــ
[منح الجليل]
- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. مُصَلَّاهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى الْعَمُودِ الْمُحَلَّقِ وَلَيْسَ بِجَانِبِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِجَانِبِهِ
(وَ) نُدِبَ إيقَاعُ صَلَاةِ (الْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ) الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ بِلَا فَاصِلٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا التَّرْوِيحُ.
(وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ) لِمَنْ طُلِبَ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ أَرَادَهُ وَلَوْ مَكِّيًّا فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِهِ وَلَمْ يُرِدْهُ فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ مَكِّيًّا فَالصَّلَاةُ إنْ كَانَ وَقْتَ جَوَازٍ وَأَرَادَ الْجُلُوسَ بِهِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَحِيَّةَ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ لَا رَكْعَتَاهُ، وَيُؤَيِّدُهُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: 26] وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُزُولِيِّ وَالْقَاشَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ تَحِيَّتَهُ الرَّكْعَتَانِ وَعَلَى هَذَا إذَا صَلَّاهَا خَارِجَهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا.
(وَ) تَأَكَّدَ (تَرَاوِيحٌ) أَيْ قِيَامُ رَمَضَانَ سُمِّيَ تَرَاوِيحُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُطِيلُونَ الْقِيَامَ فِيهِ فَيَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئَتَيْنِ يُصَلُّونَ تَسْلِيمَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُونَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَلِيَقْضِ مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَهَكَذَا، وَوَقْتُهُ كَوَقْتِ الْوِتْرِ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ، وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ (وَ) نُدِبَ (انْفِرَادٌ بِهَا) أَيْ التَّرَاوِيحِ بُعْدًا عَنْ الرِّيَاءِ (إنْ لَمْ تُعَطَّلْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُثَقَّلًا (الْمَسَاجِدُ) عَنْ فِعْلِهَا فِيهَا وَكَانَ يَنْشَطُ لَهَا وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ آفَاقِيًّا بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ.
(وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (الْخَتْمُ) لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ (فِيهَا) أَيْ تَرَاوِيحِ الشَّهْرِ كُلِّهِ لِيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ (وَسُورَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا فِي جَمِيعِ تَرَاوِيحِ الشَّهْرِ كُلِّهِ (تُجْزِئُ) فِي حُصُولِ نَدْبِ قِرَاءَةِ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي التَّرَاوِيحِ مَعَ كَوْنِهَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَهِيَ (ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ) رَكْعَةً بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَهَذَا الَّذِي جَرَى بِهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. (ثُمَّ جُعِلَتْ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ التَّرَاوِيحُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
سِتًّا وَثَلَاثِينَ، وَخَفَّفَ مَسْبُوقُهَا ثَانِيَتَهُ وَلَحِقَ
وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ: بِسَبِّحْ، وَالْكَافِرُونَ، وَوِتْرًا: بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ؛ إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ فِيهِمَا، وَفِعْلُهُ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ،
ــ
[منح الجليل]
بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، فَخَفَّفُوا فِي الْقِيَامِ وَزَادُوا فِي الْعَدَدِ لِسُهُولَتِهِ فَصَارَتْ (تِسْعًا وَثَلَاثِينَ) بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً غَيْرَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَاسْتَقَرَّ الْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَخَفَّفَ) نَدْبًا (مَسْبُوقُهَا) أَيْ لِلتَّرَاوِيحِ بِرَكْعَةٍ (ثَانِيَتَهُ) الَّتِي قَامَ لِقَضَائِهَا عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَلَحِقَ) الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَقِيلَ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُهُ فِي ثَانِيَتِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ عَلَيْهِ إدْرَاكُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ.
(وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (وَالْكَافِرُونَ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا (وَ) نُدِبَ قِرَاءَةُ (وِتْرٍ) وَهِيَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ (بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ) عَقِبَ الْفَاتِحَةِ لِكُلِّ مُصَلٍّ (إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ أَيْ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَأُهُ فِي تَهَجُّدِهِ لَيْلًا (فَمِنْهُ) أَيْ حِزْبِهِ يَقْرَأُ (فِيهِمَا) أَيْ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْوَذِيِّ عَلَى صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ الصَّحِيحُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْوِتْرِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، كَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَهَذَا إذَا انْفَرَدَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ صَلَاةٌ فَلْيَجْعَلْ وِتْرَهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَلْيَكُنْ مَا يَقْرَأُ فِيهِ مِنْ حِزْبِهِ، وَلَقَدْ انْتَهَتْ الْغَفْلَةُ بِقَوْمٍ أَنْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ، فَإِذَا أَوْتَرُوا صَلَّوْا بِهَذِهِ السُّوَرِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ وِتْرُهُ مِنْ حِزْبِهِ فَتَنَبَّهُوا لِهَذَا.
وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْتِزَامُ هَذِهِ السُّوَرِ أَيْضًا أَوْ قِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ وَلَهُ أَيْضًا إنْ كَانَ بَعْدَ تَهَجُّدٍ فَمَا تَيَسَّرَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ السُّوَرُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. (وَ) نُدِبَ (فِعْلُهُ) أَيْ الْوِتْرِ مَعَ الْحِزْبِ آخِرَ اللَّيْلِ (لِ) شَخْصٍ (مُنْتَبِهٍ) أَيْ عَادَتُهُ الِانْتِبَاهُ وَالِاسْتِيقَاظُ (آخِرَ اللَّيْلِ) تَنَازَعَهُ فِعْلُ وَمُنْتَبِهٍ، وَمَفْهُومُ مُنْتَبِهٍ أَنَّ مَنْ عَادَتُهُ النَّوْمُ آخِرَ اللَّيْلِ أَوْ اسْتَوَى انْتِبَاهُهُ وَنَوْمُهُ، فَيُنْدَبُ لَهُ فِعْلُهُ قَبْلَ نَوْمِهِ احْتِيَاطًا فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي
وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدِّمٌ، ثُمَّ صَلَّى
وَجَازَ، وَعَقِبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ بِسَلَامٍ، إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ
ــ
[منح الجليل]
الرِّسَالَةِ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَرُجِّحَ (وَلَمْ يُعِدْهُ) أَيْ الْوِتْرَ شَخْصٌ (مُقَدِّمٌ) لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ إذَا انْتَبَهَ آخِرُهُ أَيْ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ (ثُمَّ صَلَّى) أَيْ تَنْدُبُ لَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ عَقِبَ انْتِبَاهِهِ
(وَجَازَ) أَيْ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْوِتْرِ وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ عَقِبَهُ إذَا طَرَأَ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ أَوْ فِيهِ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمُوَضِّحُ، وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُونَ وَأَخَذُوهُ مِنْ قَوْلِهَا: وَمَنْ أَوْتَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلًا اهـ وَلَمْ يَصِلْهُ بِوِتْرِهِ بِأَنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِفَاصِلٍ عَادِيٍّ وَإِلَّا كُرِهَ. (وَ) نُدِبَ فِعْلُهُ (عَقِيبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ) عَنْهُ نَدْبًا (بِسَلَامٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّفْعُ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ. وَقِيلَ لِلصِّحَّةِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِهِ قَوْلَانِ الْمُوَضِّحُ يَقْتَضِي كَلَامُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُ الشَّفْعِ لِلْفَضِيلَةِ وَاَلَّذِي لِلْبَاجِيِّ تَشْهِيرُ الثَّانِي، فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَكُونُ الْوِتْرُ إلَّا عَقِبَ شَفْعٍ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ثُمَّ قَالَ الْمُوَضِّحُ وَفِيهَا لَا يَنْبَغِي أَنَّهُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ فَقَوْلُهَا لَا يَنْبَغِي يَقْتَضِي أَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَكَوْنُهُ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ اهـ، أَيْ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ لِقَوْلِهَا لَا يُوتِرُ الْمُسَافِرُ بِوَاحِدَةٍ.
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِ إلَخْ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِنِيَّةٍ أَوْ يَكْتَفِي بِأَيِّ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ. الرَّمَاصِيُّ اُنْظُرْ كَيْفَ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ كَوْنِ الشَّفْعِ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ مَعَ تَوَرُّكِهِ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ بِتَشْهِيرِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ. قُلْت لَعَلَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ لِلْفَضِيلَةِ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ اهـ. بُنَانِيٌّ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مُعْتَمَدَ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَقَدُّمَ الشَّفْعِ شَرْطُ كَمَالٍ وَأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ. (إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِ) إمَامٍ (وَاصِلٍ) الشَّفْعَ بِالْوِتْرِ فَيَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ فِي وَصْلِهِ وَاقْتِدَاؤُهُ بِهِ مَكْرُوهٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهَا. فَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي وَصْلِهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ الشَّفْعِ فَلَا يَبْطُلُ لِقَوْلِ أَشْهَبَ
وَكُرِهَ وَصْلُهُ وَوِتْرٌ بِوَاحِدَةٍ وَقِرَاءَةُ ثَانٍ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ أَوْ أَثْنَاءِ نَفْلٍ، لَا أَوَّلَهُ، وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ، أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَلَامٌ بَعْدَ صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ،
ــ
[منح الجليل]
بِهِ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الشَّفْعَ وَبِالْأَخِيرَةِ الْوِتْرَ وَأَحْدَثَهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِوَصْلِهِ إلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، فَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ قَضَى رَكْعَةَ الشَّفْعِ وَكَانَ وِتْرُهُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ شَفْعٍ، وَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ قَضَى الشَّفْعَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَانَ وِتْرُهُ قَبْلَ شَفْعٍ أَفَادَهُ عج وعبق وَالْخَرَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ قَدْ يُقَالُ يَدْخُلُ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ ثُمَّ يُوتِرُ وَالنَّفَلُ خَلْفَ النَّفْلِ جَائِزٌ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى التَّرْتِيبِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ أَوْلَى وَكَأَنَّهُمْ رَاعَوْا أَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ أَوْلَى لَكِنْ مُخَالَفَتُهُ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الثَّلَاثَ كُلَّهَا عِنْدَهُ وِتْرٌ وَقَدْ قَالُوا لَا تَضُرُّ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِي هَذَا.
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (وَصْلُهُ) أَيْ الشَّفْعِ بِالْوِتْرِ بِتَرْكِ السَّلَامِ مِنْ الشَّفْعِ لِغَيْرِ مُقْتَدٍ بِوَاصِلٍ وَإِنْ كُرِهَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ (وَ) كُرِهَ (وِتْرٌ بِ) رَكْعَةٍ (وَاحِدَةٍ) مِنْ غَيْرِ شَفْعٍ قَبْلَهَا عَلَى أَنَّهُ لِلْفَضِيلَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ لِمَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةُ) إمَامٍ (ثَانٍ) فِي التَّرَاوِيحِ (مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ إسْمَاعُهُمْ جَمِيعَهُ. (وَ) كُرِهَ (نَظَرٌ بِمُصْحَفٍ) أَيْ قِرَاءَةٌ فِيهِ (فِي) صَلَاةِ (فَرْضٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (أَوْ) فِي (أَثْنَاءِ نَفْلٍ) لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِهِ (لَا) يُكْرَهُ النَّظَرُ بِمُصْحَفٍ فِي (أَوَّلِهِ) أَيْ النَّفْلِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ (وَ) كُرِهَ (جَمْعٌ كَثِيرٌ لِ) صَلَاةِ (نَفْلٍ) إلَّا التَّرَاوِيحَ (أَوْ) جَمْعٌ قَلِيلٌ كَرَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةٍ (بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ) حَذَرَ الرِّيَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ قَلِيلًا بِمَكَانٍ غَيْرِ مُشْتَهِرٍ (فَلَا) يُكْرَهُ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِكَرَاهَةِ الِاجْتِمَاعِ فِيهَا كَلَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ وَأَوَّلِ جُمُعَةِ رَجَبٍ وَلَيْلَةِ عَاشُورَاءَ. (وَ) كُرِهَ (كَلَامٌ) دُنْيَوِيٌّ (بَعْدَ) صَلَاةِ (صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ إذْ الْمَطْلُوبُ فِي
لَا بَعْدَ فَجْرٍ، وَضِجْعَةٌ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ فَجْرٍ
وَالْوِتْرُ سُنَّةُ آكَدُ، ثُمَّ عِيدٌ، ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ، وَشَفَقٌ لِلْفَجْرِ، وَضَرُورِيَّةٌ لِلصُّبْحِ
وَنُدِبَ قَطْعُهَا لِفَذٍّ،
ــ
[منح الجليل]
هَذَا الْوَقْتِ الِاسْتِغْفَارُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ، وَكَذَا حَالَ الطُّلُوعِ وَبَعْدَهُ إلَى ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ، ثُمَّ الصَّلَاةُ لِحَدِيثِ مَنْ «صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ وَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ ثَوَابُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ» ، كَرَّرَهُ عليه الصلاة والسلام ثَلَاثًا تَأْكِيدًا لِلتَّرْغِيبِ فِي الِامْتِثَالِ فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ حِرْمَانُ نَفْسِهِ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ:
وَإِنَّ سَبِيلِي وَاضِحٌ لِمَنْ اهْتَدَى
…
وَلَكِنَّهَا الْأَهْوَاءُ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ
(لَا) يُكْرَهُ الْكَلَامُ (بَعْدَ) صَلَاةِ (فَجْرٍ وَقَبْلَ) صَلَاةِ (101 صُبْحٍ وَ) كُرِهَ (ضِجْعَةٌ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الِاضْطِجَاعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلًا وَاضِعًا كَفَّهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ (بَيْنَ) صَلَاةِ (صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) إذَا فَعَلَهَا اسْتِنَانًا لَا اسْتِرَاحَةً مِنْ طُولِ قِيَامِ اللَّيْلِ
(وَالْوِتْرُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا (سُنَّةٌ) وَهُوَ (آكَدُ) السُّنَنِ الْخَمْسِ (ثُمَّ) يَلِيهِ (عِيدُ) الْأَضْحَى أَوْ فِطْرٍ وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ. (ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ) وَاَلَّذِي فِي الْبَيَانِ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ الْوِتْرَ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْضًا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ أَنَّ آكَدَ السُّنَنِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَالْجِنَازَةُ، لِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُهُمَا ثُمَّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ لِاسْتِوَاءِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا وَالْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِمَا ثُمَّ الْعُمْرَةُ لِضَعْفِ قَوْلِ ابْنِ الْجَهْمِ بِوُجُوبِهَا ثُمَّ الْوِتْرُ إلَخْ (وَوَقْتُهُ) أَوْ الْوِتْرُ الْمُخْتَارُ (بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَ) بَعْدَ مَغِيبِ (شَفَقٍ) أَحْمَرَ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَا بَعْدَهَا قَبْلَ مَغِيبِ شَفَقِ لَيْلَةِ جَمْعِ الْمَطَرِ وَيَنْتَهِي (لِ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) الصَّادِقِ (وَضَرُورِيَّةٌ) أَيْ الْوِتْرُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ (لِ) تَمَامِ صَلَاةِ (الصُّبْحِ) وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لَهُ بِلَا عُذْرٍ.
(وَنُدِبَ قَطْعُهَا) أَيْ الصُّبْحِ (لَهُ) أَيْ الْوِتْرِ إذَا تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَصِلَةُ نُدِبَ (لِفَذٍّ)
لَا مُؤْتَمٍّ
وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ
وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ: تَرَكَهُ، لَا لِثَلَاثٍ وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ، وَلَوْ قَدَّمَ، وَلِسَبْعٍ
ــ
[منح الجليل]
عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَيُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ (لَا) يُنْدَبُ قَطْعُ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ لِشَخْصٍ (مُؤْتَمٍّ) تَذَكَّرَ الْوِتْرَ فِي الصُّبْحِ خَلْفَ إمَامِهِ وَيَجُوزُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ قَطْعِهَا وَإِتْمَامِهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَهَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ أَوَّلًا يُنْدَبُ تَمَادِيهِ مَعَ إمَامِهِ.
(وَفِي الْإِمَامِ) الَّذِي تَذَكَّرَ الْوِتْرَ وَهُوَ فِي الصُّبْحِ (رِوَايَتَانِ) عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رِوَايَةٌ بِنَدْبِ قَطْعِهِ وَرِوَايَةٌ بِجَوَازِهِ. وَإِذَا قَطَعَ فَفِي قَطْعِ مَأْمُومِيهِ وَالِاسْتِخْلَافِ عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تَرْجِيحُ الْأُولَى لِأَنَّهُ عَزَّاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَدْبُ تَمَادِيهِ فَإِنَّهَا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ نَدْبُ قَطْعِهِ وَنَدْبُ تَمَادِيهِ وَتَخْيِيرُهُ.
(وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ) الضَّرُورِيُّ (إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ) يُصَلِّي فِيهِمَا الصُّبْحَ (تَرَكَهُ) أَيْ الْوِتْرَ مُحَافَظَةً عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ كُلِّهَا فِي وَقْتِهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَلِّي الْوِتْرَ وَيُدْرِكُ وَقْتَ الصُّبْحِ بِرَكْعَةٍ، وَيَقْضِي الْفَجْرَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (لِثَلَاثٍ) أَوْ أَرْبَعٍ فَلَا يَتْرُكُهُ بَلْ يُصَلِّيهِ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ كَانَ الْبَاقِي يَتَّسِعُ أَرْبَعًا يُصَلِّي الشَّفْعَ فَالْوِتْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ وَيَقْضِي الْفَجْرَ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ. (وَ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (لِخَمْسٍ) أَوْ سِتٍّ مِنْ الرَّكَعَاتِ (صَلَّى الشَّفْعَ) أَيْ فَالْوِتْرَ فَالصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ. وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا بَقِيَ سِتٌّ يُصَلِّي الشَّفْعَ فَالْوِتْرَ فَالْفَجْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ وَبَالَغَ عَلَى صَلَاةِ الشَّفْعِ إنْ اتَّسَعَ لِخَمْسٍ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَلَّى الشَّفْعَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَيُعِيدُهُ لِيَصِلَهُ بِالْوِتْرِ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَدَّمَ الشَّفْعَ لَا يُعِيدُهُ وَيُصَلِّي الْوِتْرَ فَالْفَجْرَ فَالصُّبْحَ وَاعْتَمَدَ (وَ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِسَبْعٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ
زَادَ الْفَجْرَ
وَهِيَ رَغِيبَةٌ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا، وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ وَلَوْ بِتَحَرٍّ، وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ.
ــ
[منح الجليل]
زَادَ الْفَجْرَ) عَقِبَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَقَبْلَ الصُّبْحِ.
(وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْفَجْرِ (رَغِيبَةٌ) كَالْعِلْمِ بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ التَّرْغِيبِ فِيهَا، وَهِيَ رُتْبَةٌ دُونَ السُّنَّةِ وَفَوْقَ النَّافِلَةِ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَلَهُ قُوَّةٌ أَيْضًا (تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا) أَيْ تُمَيِّزُهَا عَنْ مُطْلَقِ النَّفْلِ بِخِلَافِهِ وَالْوَقْتُ يَصْرِفُهُ لِلْمَطْلُوبِ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ عَقِبَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ صَرَفَهُ لِلضُّحَى، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ صَرَفَهُ لِلتَّحِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَقِبَ عِشَاءِ رَمَضَانَ صَرَفَهُ لِلتَّرَاوِيحِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ فَرْضٍ أَوْ بَعْدَهُ صُرِفَ لِرَاتِبَتِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَصِيَامٍ فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالرَّغِيبَةِ وَلَيْسَ لَنَا رَغِيبَةٌ إلَّا الْفَجْرُ. (وَلَا تُجْزِئُ) صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي الرَّغِيبَةِ (إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا) أَيْ سَبَقِهِ (لِ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) إنْ كَانَ لَمْ يَتَحَرَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ صَلَّاهَا (بِتَحَرٍّ) أَيْ اجْتِهَادٍ حَتَّى اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَهُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَجْزَأَتْ مَعَ التَّحَرِّي فِيهِمَا لَا مَعَ عَدَمِهِ فَالصُّوَرُ سِتٌّ لَا تُجْزِئُ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الِاقْتِصَارُ) فِيهَا (عَلَى الْفَاتِحَةِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِيهَا بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] » وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَصَحِيحِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَدْ جُرِّبَ لِوَجَعِ الْأَسْنَانِ فَصَحَّ وَلَا يَذْكُرُ مَنْ قَرَأَ فِيهَا بِأَلَمْ وَأَلَمْ لَمْ يُصِبْهُ أَلَمٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ بِدْعَةٌ
وَإِيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ، وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ، وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ، وَلَا يُقْضَى غَيْرُ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ،
وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ: تَرَكَهَا،
ــ
[منح الجليل]
أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَفِي وَسَائِلِ الْحَاجَاتِ وَأَسْبَابِ الْمُنَاجَاتِ لِلْغَزَالِيِّ مِنْ الْإِحْيَاءِ مِمَّا جُرِّبَ لِدَفْعِ الْمَكَارِهِ وَقُصُورِ يَدِ كُلِّ عَدُوٍّ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إلَيْهِ سَبِيلًا قِرَاءَةُ (أَلَمْ نَشْرَحْ)(وَأْلَمْ تَرَ كَيْفَ) فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ. (وَ) نُدِبَ (إيقَاعُهَا) أَيْ الرَّغِيبَةِ (بِمَسْجِدٍ وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ) الْمَنْدُوبَةِ عِنْدَ دُخُولِهِ لِمَنْ دَخَلَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ، يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إنْ نَوَاهَا بِهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّغِيبَةَ (وَإِنْ فَعَلَهَا) أَيْ صَلَّى الرَّغِيبَةَ (بِبَيْتِهِ) ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ وَوَجَدَ النَّاسَ مُنْتَظِرِينَ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ (لَمْ يَرْكَعْ) تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ وَقْتُ جَوَازٍ لِلنَّفْلِ وَلَا الرَّغِيبَةِ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ، وَهِيَ لَا تُعَادُ فَيَجْلِسُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَاسْتِثْنَائِهَا مِنْ كَرَاهَةِ النَّفْلِ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ.
وَنَقْلُ ابْنِ بَشِيرٍ إعَادَتَهَا بِنِيَّةِ الْفَجْرِ لَا أَعْرِفُهُ. (وَلَا يُقْضَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قِيلَ يَحْرُمُ الْعَدَوِيُّ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَلَيْسَ مَنْقُولًا فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَلَا سِيَّمَا وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَوَّزَ الْقَضَاءَ وَنَائِبُ فَاعِلِ لَا يُقْضَى (غَيْرُ فَرْضٍ إلَّا هِيَ) أَيْ الرَّغِيبَةِ (فَ) تُقْضَى مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ (لِلزَّوَالِ) وَمَنْ فَاتَتْهُ الرَّغِيبَةُ وَالصُّبْحُ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً يُقَدِّمُ قَضَاءَ الصُّبْحِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ أَيْضًا يُقَدِّمُ قَضَاءَ الرَّغِيبَةِ.
(وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ) لِلرَّاتِبِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الرَّغِيبَةَ (وَهُوَ) أَيْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الرَّغِيبَةَ (بِمَسْجِدٍ) أَوْ رَحْبَتِهِ (تَرَكَهَا) أَيْ الرَّغِيبَةَ وُجُوبًا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصُّبْحِ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِحَيْثُ إذَا صَلَّاهَا وَدَخَلَ مَعَهُ يُدْرِكُهُ فِيهَا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَهَا خَارِجَهَا ثُمَّ يَقْضِيَهَا وَقْتَ حِلِّ النَّفْلِ، وَلَا يُسْكِتُ الْإِمَامُ الْمُقِيمَ لِيُصَلِّيَهَا