الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَذْهَبًا، وَإِلَّا فَقَالَ: يُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ
وَوُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ كَعَكْسِهِ.
ــ
[منح الجليل]
نِسْبَةَ اسْتِحْسَانِ التَّرْكِ لِلْمَازِرِيِّ فَقَالَ: (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُخْبِرُ وَجْهَهَا وَلَمْ يُوَافِقْ مَذْهَبًا (فَقَالَ) أَيْ الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (يُسْتَحْسَنُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهِ أَيْ يُسْتَحَبُّ (تَرْكُهُ) أَيْ الْمَاءِ الْمَشْكُوكِ الَّذِي أَخْبَرَ الْوَاحِدُ بِنَجَاسَتِهِ بِلَا بَيَانٍ وَلَا اتِّفَاقٍ احْتِيَاطًا لِتَعَارُضِ الْأَصْلِ، وَالْإِخْبَارِ الْمُحْتَمِلِ لِلصِّدْقِ إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ اسْتِعْمَالُهُ.
وَوُرُودُ) أَيْ نُزُولُ وَطَرَيَانُ (الْمَاءِ) الطَّهُورِ الْمُطْلَقِ (عَلَى النَّجَاسَةِ) الْعَيْنِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ، قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهَا فَالْغُسَالَةُ وَالْمَحَلُّ طَاهِرَانِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ فَنَجِسَانِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ " رضي الله عنه " إنْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ وُرُودِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا مِصْرِيًّا تَقْرِيبًا وَشَبَّهَ وُرُودَ الْمَاءِ عَلَيْهَا الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بِوُرُودِهَا عَلَيْهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى عَكْسَهُ مُبَالَغَةً فِي رَدِّ الْخِلَافِ وَلَا يُقَالُ: قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ فَلَمْ يُخَالِفْ الْمُصَنِّفُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهَا فِي التَّشْبِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ هُنَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّشْبِيهِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ هُنَا عَلَى قَاعِدَةِ الْبَيَانِيِّينَ وَهُوَ تَشْبِيهٌ مَعْكُوسٌ لِلْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِ:
وَبَدَا الصَّبَاحُ كَأَنَّ غُرَّتَهُ
…
وَجْهُ الْخَلِيفَةِ حِينَ يُمْتَدَحُ
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُلِمَتْ مِمَّا سَبَقَ وَذُكِرَتْ هُنَا لِمُجَرَّدِ الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي الطَّاهِرُ]
وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ حُكْمَ الْمُتَغَيِّرِ كَمُغَيِّرِهِ بَيَّنَ الْمُغَيِّرَ فَقَالَ:
(فَصْلٌ) الطَّاهِرُ مَيْتُ مَا لَا دَمَ لَهُ
وَالْبَحْرِيِّ وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ
وَمَا ذُكِّيَ، وَجُزْؤُهُ إلَّا مُحَرَّمَ
ــ
[منح الجليل]
(فَصْل) :
أَصْلُهُ مَصْدَرُ فَصَلَ الشَّيْءَ أَيْ قَطَعَهُ وَأَبَانَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ بَابٍ، أَوْ كِتَابٍ غَالِبًا لِقَطْعِهَا وَإِبَانَتِهَا وَفَرْقِهَا مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا، ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا بَيَانُ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ، وَالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ.
(الطَّاهِرُ) أَيْ أَفْرَادُ وَجُزْئِيَّاتُ الشَّيْءِ الْمُتَّصِفِ بِالطَّهَارَةِ أَيْ الصِّفَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا بِمُلَابَسَتِهِ (مَيْتُ) بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ مَا مَاتَ بِالْفِعْلِ وَمُشَدَّدُهَا الْحَيُّ الَّذِي سَيَمُوتُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ يَتَنَاوَبَانِ (مَا) أَيْ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ (لَا دَمَ لَهُ) مِنْ ذَاتِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ دَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ غَيْرِهِ كَبُرْغُوثٍ وَبَقٍّ وَنَامُوسٍ وَذُبَابٍ وَعَقْرَبٍ وَخُنْفُسٍ وَصِرْصَارٍ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ مَا فِيهِ دَمٌ مُكْتَسَبٌ كَبُرْغُوثٍ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(وَ) مَيْتُ الْحَيَوَانِ (الْبَحْرِيِّ) أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْبَحْرِ أَيْ الْمَاءِ الْكَثِيرِ لِخَلْقِهِ وَحَيَاتِهِ فِيهِ وَلَوْ خِنْزِيرًا وَسَوَاءٌ مَاتَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ فِي الْبَحْرِ، أَوْ فِي الْبَرِّ إنْ لَمْ تَطُلْ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ بَلْ (وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) كَتِمْسَاحٍ وَضُفْدَعٍ وَسُلَحْفَاةٍ بَحْرِيَّةٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ مَاتَ بِبَحْرٍ، أَوْ بَرٍّ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ طَهَارَتَهَا إنْ مَاتَ بِبَحْرٍ وَنَجَاسَتَهَا إنْ مَاتَ بِبَرٍّ وَأَشَارَ لَهُمْ بِ " وَلَوْ ".
(وَ) الطَّاهِرُ (مَا) أَيْ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ لَهُ دَمٌ (ذُكِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُشَدَّدًا أَيْ فُعِلَ بِهِ السَّبَبُ لِإِبَاحَةِ أَكْلِهِ مِنْ ذَبْحٍ، أَوْ نَحْرٍ، أَوْ عَقْرٍ.
(وَجُزْؤُهُ) أَيْ الْمُذَكَّى مِنْ لَحْمٍ، وَعَظْمٍ، وَظُفْرٍ، وَسِنٍّ، وَجِلْدٍ، وَغَيْرِهَا وَذَكَرَهُ بَعْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَتِهِ طَهَارَةُ الْجُزْءِ الْمُنْفَصِلِ مِنْهُ أَلَا تَرَى الدَّمَ، وَالْمَنِيَّ، وَالْمَذْيَ، وَالْوَدْيَ وَالسَّوْدَاءَ فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ بَعْدَ انْفِصَالِهَا مِنْ الْمُذَكَّى فَالْمُرَادُ يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا (إلَّا مُحَرَّمَ) بِضَمِّ الْمِيمِ
الْأَكْلِ
وَصُوفٌ، وَوَبَرٌ، وَزَغَبُ رِيشٍ؛ وَشَعَرٌ وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ إنْ جُزَّتْ
وَالْجَمَادُ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ، وَمُنْفَصِلٌ عَنْهُ إلَّا الْمُسْكِرَ.
ــ
[منح الجليل]
وَفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً (الْأَكْلِ) كَخَيْلٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ إنْسِيٍّ وَخِنْزِيرٍ مَذْبُوحٍ، أَوْ مَنْحُورٍ، أَوْ مَعْقُورٍ فَنَجِسٌ فَلَا تُطَهِّرُهُ الذَّكَاةُ إجْمَاعًا إنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَمَكْرُوهُ الْأَكْلِ كَسَبُعٍ وَهِرٍّ دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَتُطَهِّرُهُ الذَّكَاةُ.
، (وَ) الطَّاهِرُ (صُوفٌ) مِنْ ضَأْنٍ (وَوَبَرٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ إبِلٍ وَأَرْنَبٍ وَنَحْوِهِمَا (وَزَغَبُ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَهْدَابُ (رِيشٍ) مُحِيطٍ بِقَصَبَتِهِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ (وَشَعَرٌ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تُسَكَّنُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ بَلْ (وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ) وَكَلْبٍ وَقِيلَ بِاسْتِثْنَائِهِمَا وَقِيلَ بِاسْتِثْنَاءِ الْخِنْزِيرِ فَقَطْ، وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بَ وَلَوْ.
(إنْ جُزَّتْ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ مُثَقَّلًا أَيْ الصُّوفُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ بِلَا ذَكَاةٍ، وَالْمُرَادُ بِجَزِّهَا مَا قَابَلَ نَتْفَهَا مِنْ قَصٍّ وَحَلْقٍ وَقَرْضٍ وَحَرْقٍ وَنُورَةٍ فَإِنْ نُتِفَتْ مِنْ حَيٍّ أَوْ غَيْرِ مُذَكًّى فَأَصْلُهَا الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ جُزْءٌ مِنْ الْجِلْدِ نَجِسٌ فَإِنْ أُزِيلَ فَالْبَاقِي طَاهِرٌ، وَإِنْ نُتِفَتْ مِنْ مُذَكًّى مُبَاحٍ، أَوْ مَكْرُوهٍ فَجَمِيعُهَا طَاهِرٌ.
(وَ) الطَّاهِرُ (الْجَمَادُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَهُوَ) أَيْ مُعَرَّفُ الْجَمَادِ (جِسْمٌ) جِنْسٌ دَخَلَ فِيهِ سَائِرُ الْأَجْسَامِ جَامِدَةً كَانَتْ أَوْ مَائِعَةً كَمَاءٍ وَزَيْتٍ وَعَسَلِ قَصَبٍ (غَيْرُ حَيٍّ) أَيْ لَمْ تَحِلَّ فِيهِ رُوحٌ؛ فَصْلٌ مُخْرِجٌ مَا حَلَّتْ فِيهِ وَاسْتَمَرَّتْ، أَوْ خَرَجَتْ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَبُونَا آدَم عليه السلام وَلَا مَا خُلِقَ مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ وَمَاتَ لِأَنَّ الرُّوحَ حَلَّتْ فِيهِمَا.
(وَ) غَيْرُ (مُنْفَصِلٍ عَنْهُ) أَيْ الْحَيِّ؛ فَصْلٌ آخَرُ مُخْرِجٌ الْبَيْضَ وَاللَّبَنَ وَفُرُوعَهُ كَالسَّمْنِ، وَالْجُبْنِ وَعَسَلِ النَّحْلِ لِانْفِصَالِهَا عَنْ حَيٍّ وَاسْتَثْنَى مِنْ الطَّاهِرِ الْجَمَادِ فَقَالَ (إلَّا الْمُسْكِرَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ مِنْ الْجَمَادِ وَهُوَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ وَحْدَهُ مَعَ نَشْوَةٍ أَيْ قُوَّةٍ وَشَجَاعَةٍ وَطَرَبٍ، أَيْ فَرَحٍ وَسُرُورٍ فَهُوَ نَجِسٌ وَمُحَرَّمٌ قَلِيلُهُ الَّذِي لَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ فَضْلًا عَنْ كَثِيرِهِ الَّذِي يُغَيِّبُهُ، وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ ثَمَانِينَ جَلْدَةً عَلَى ظَهْرِهِ بِلَا حَائِلٍ إنْ كَانَ رَجُلًا وَبِحَائِلٍ رَقِيقٍ إنْ كَانَ امْرَأَةً وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَصِيرِ عِنَبٍ وَهِيَ الْخَمْرُ، أَوْ مَاءِ زَبِيبٍ، أَوْ تِينٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ قَمْحٍ
وَالْحَيُّ وَدَمْعُهُ وَعَرَقُهُ وَلُعَابُهُ وَمُخَاطُهُ وَبَيْضُهُ وَلَوْ أَكَلَ نَجِسًا، إلَّا الْمَذِرَ وَالْخَارِجَ بَعْدَ الْمَوْتِ
وَلَبَنُ آدَمِيٍّ إلَّا الْمَيِّتَ،
ــ
[منح الجليل]
أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ أَرُزٍّ، أَوْ عَسَلٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا مَائِعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا الْمُفْسِدُ وَيُسَمَّى الْمُخَدِّرَ أَيْضًا وَهُوَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ وَحْدَهُ بِلَا نَشْوَةٍ وَلَا طَرَبٍ وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْأَفْيُونُ، وَالْبَرَشُ، وَجَوْزَةُ الطِّيبِ، وَالْمُرْقِدُ وَهُوَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ، وَالْحَوَاسَّ وَمِنْهُ الْبَنْجُ، وَالدَّاتُورَةُ فَطَاهِرَانِ دَاخِلَانِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَاسْتِعْمَالُ قَلِيلِهِمَا الَّذِي لَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ جَائِزٌ وَكَثِيرِهِمَا الَّذِي يُغَيِّبُهُ مُحَرَّمٌ وَمُوجِبٌ لِلْأَدَبِ بِمَا يَرْدَعُ الْمُسْتَعْمِلَ مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ.
(وَ) الطَّاهِرُ (الْحَيُّ) أَيُّ حَيٍّ بَحْرِيًّا كَانَ، أَوْ بَرِّيًّا وَلَوْ خُلِقَ مِنْ عَذِرَةٍ، أَوْ كَلْبًا، أَوْ خِنْزِيرًا (وَدَمْعُهُ) الَّذِي سَالَ مِنْ عَيْنِهِ (وَعَرَقُهُ) الَّذِي رَشَحَ مِنْ جِلْدِهِ لِحَرٍّ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ كَانَ جَلَّالَةً، أَوْ سَكْرَانَ حَالَ سُكْرِهِ (وَلُعَابُهُ) الَّذِي سَالَ مِنْ فَمِهِ فِي يَقَظَةٍ، أَوْ نَوْمٍ إلَّا الْمُنْتِنَ الْأَصْفَرَ فَنَجِسٌ وَيُعْفَى عَنْهُ إنْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً (وَمُخَاطُهُ) الَّذِي سَالَ مِنْ أَنْفِهِ (وَبَيْضُهُ) أَيْ الْحَيِّ وَلَوْ حَيَّةً تَرَبَّى لَهُ قِشْرٌ يَابِسٌ أَوْ لَا إنْ لَمْ يَأْكُلْ الْحَيُّ الَّذِي سَالَ مِنْهُ الدَّمْعُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ نَجِسًا بَلْ (وَلَوْ أَكَلَ) الْحَيُّ (نَجِسًا) فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلدَّمْعِ وَمَا بَعْدَهُ لَكِنْ لِرَدِّ الْخِلَافِ فِي الْعَرَقِ، وَالْبَيْضِ فَقِيلَ بِنَجَاسَتِهِمَا مِمَّا أَكَلَ نَجِسًا وَلِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ فِي الْبَاقِي وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَرَقُ شَارِبِ خَمْرٍ، أَوْ مُخَاطُهُ، أَوْ بُصَاقُهُ خِلَافًا لِزَرُّوقٍ.
(إلَّا) الْبَيْضَ (الْمَذِرَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُنْتِنَ أَوْ الَّذِي صَارَ دَمًا، أَوْ مُضْغَةً، أَوْ فَرْخًا مَيِّتًا لَا الْمَمْرُوقَ الَّذِي اخْتَلَطَ صُفَارُهُ بِبَيَاضِهِ بِلَا نُتُونَةٍ فَطَاهِرٌ عَلَى الظَّاهِرِ.
(وَإِلَّا الْخَارِجَ) مِنْ الْحَيَوَانِ (بَعْدَ) قِيَامِ (الْمَوْتِ) بِهِ مِنْ الدَّمْعِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ وَلَمْ يُذَكَّ.
(وَ) الطَّاهِرُ (لَبَنُ آدَمِيٍّ) ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ وَلَوْ سَكْرَانَ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ (إلَّا) الْآدَمِيَّ (الْمَيِّتَ) فَلَبَنُهُ نَجِسٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَلَبَنُ غَيْرِهِ تَابِعٌ.
وَبَوْلٌ، وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ إلَّا الْمُغْتَذِيَ بِنَجِسٍ، وَقَيْءٌ، إلَّا الْمُتَغَيِّرَ عَنْ الطَّعَامِ؛ وَصَفْرَاءُ،
ــ
[منح الجليل]
(وَلَبَنُ غَيْرِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَحْلُوبِ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ (تَابِعٌ) لِلَحْمِهِ فِي الطَّهَارَةِ بِالتَّذْكِيَةِ وَعَدَمِهَا بِعَدَمِهَا فَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ يَطْهُرُ بِهَا وَهُوَ الْمُبَاحُ، وَالْمَكْرُوهُ فَلَبَنُهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَهَا طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ نَجِسًا بَعْدَهَا وَهُوَ الْمُحَرَّمُ فَلَبَنُهُ نَجِسٌ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُبَاحُ، وَالْمَكْرُوهُ بِلَا ذَكَاةٍ فَلَبَنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ تَابِعٌ لِلَحْمِهِ فِي النَّجَاسَةِ.
(وَ) الطَّاهِرُ (بَوْلٌ وَعَذِرَةٌ) أَيْ رَجِيعٌ وَرَوْثٌ خَرَجَا (مِنْ مُبَاحٍ) أَكْلُهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ ذَكَاتِهِ (إلَّا) الْمُبَاحَ (الْمُغْتَذِيَ بِنَجِسٍ) مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا، أَوْ شَكًّا وَشَأْنُهُ ذَلِكَ كَدَجَاجٍ وَفَأْرٍ وَاحْتَرَزَ بِالْمُبَاحِ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ فَفَضْلَتُهُمَا نَجِسَةٌ.
(وَ) الطَّاهِرُ (قَيْءٌ) أَيْ طَعَامٌ خَرَجَ مِنْ فَمِ آدَمِيٍّ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى مَعِدَتِهِ (إلَّا) الْقَيْءَ (الْمُتَغَيِّرَ عَنْ) صِفَةِ (الطَّعَامِ) وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ الْعَذِرَةَ فِي وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهَا وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الْقَيْحِ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَمَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ فَنَجِسٌ اهـ. فَظَاهِرُهَا أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ نَجِسٌ كَيْفَ كَانَ الْمُتَغَيِّرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا سَنَدٌ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ حَتَّى يُشْبِهَ الْعَذِرَةَ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ التُّونُسِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ: إنْ شَابَهَ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ، أَوْ قَارَبَهَا. فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ شَابَهَهَا تَنَجَّسَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ بَقِيَ عَلَى حَالَةِ الطَّعَامِ فَطَاهِرٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَغَيَّرْ وَلَمْ يُشْبِهْهَا بِأَنْ اسْتَعَدَّ لِلْهَضْمِ عِنْدَ ابْنِ فَرْحُونٍ، أَوْ ظَهَرَتْ فِيهِ حُمُوضَةٌ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ فَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورُهُ النَّجَاسَةُ وَجَعَلَ الْحَطَّابُ الْقَلَسَ بِفَتْحِ اللَّامِ كَالْقَيْءِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ مِنْ الشَّارِحِينَ وَرَدَّهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِمُشَابَهَةِ الْعَذِرَةِ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: الْقَلَسُ مَاءٌ حَامِضٌ طَاهِرٌ اهـ. وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ.
(وَ) الطَّاهِرُ (صَفْرَاءُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ مَمْدُودًا وَهُوَ مَائِعٌ أَصْفَرُ مُنْعَقِدٌ يُشْبِهُ الصِّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ فَمَا يَخْرُجُ
وَبَلْغَمٌ؛ وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ، وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ، وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ، وَزَرْعٌ بِنَجِسٍ، وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ
ــ
[منح الجليل]
مِنْهَا فَهُوَ طَاهِرٌ وَعِلَّةُ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ الِاسْتِحَالَةُ إلَى فَسَادٍ لَا وُصُولُهُ لَهَا، وَإِلَّا كَانَ نَجِسًا وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَا قَائِلَ بِهِ (وَ) الطَّاهِرُ (بَلْغَمٌ) وَهُوَ الْمُنْعَقِدُ كَالْمُخَاطِ يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ يَسْقُطُ مِنْ الرَّأْسِ مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ.
(وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (مَرَارَةُ مُبَاحٍ) أَوْ مَكْرُوهٍ مُذَكًّى وَمُرَادُهُ بِهَا مَائِعٌ أَصْفَرُ مُرٌّ فِي كِيسٍ مُلْزَقٍ بِزَائِدِ الْكَبِدِ لَا نَفْسُ الْكِيسِ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ وَهُوَ غَيْرُ الصَّفْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَالْحَيَوَانُ حَيٌّ، وَالْمَرَارَةُ لَا تَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ بِفَصْلِ مَا هِيَ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكَبِدِ وَلِذَا أَضَافَهَا لِلْمُبَاحِ وَأَطْلَقَ الصَّفْرَاءَ
(وَ) الطَّاهِرُ (دَمٌ لَمْ يُسْفَحْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الْفَاءِ آخِرَهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ لَمْ يَجْرِ عِنْدَ مُوجِبِ الْجَرَيَانِ مِنْ ذَبْحٍ وَنَحْرٍ وَجَرْحٍ وَهُوَ الْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ وَالْمَوْجُودُ فِي الْقَلْبِ حِينَ شَقِّهِ وَالرَّاشِحُ مِنْ اللَّحْمِ حَالَ تَقْطِيعِهِ، وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي جَوْفِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَبْحِهِ، أَوْ نَحْرِهِ، وَالْمُتَجَمِّدُ عَلَى مَحَلِّ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ فَهُوَ مَسْفُوحٌ نَجِسٌ انْعَكَسَ إلَى الْجَوْفِ.
(وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (مِسْكٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْجَوْهَرِيُّ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَمَفْتُوحُهَا الْجِلْدُ، وَإِنَّهُ كَانَ أَصْلُهُ دَمًا لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ وَأَكْلُهُ مُبَاحٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ الطَّعَامِ الْمُمَسَّكِ إذَا أَمَاتَهُ الطَّبْخُ وَلَوْ صَبَغَ الْفَمَ وَلَوْ أُخِذَ مِنْ مَيْتَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْضِ الْخَارِجِ بَعْدَ الْمَوْتِ شِدَّةُ الِاسْتِحَالَةِ إلَى صَلَاحٍ (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (فَأْرَتُهُ) أَيْ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَجْتَمِعُ الْمِسْكُ فِيهَا فِي تَعَيُّنِ هَمْزِهِ وَعَدَمِهِ خِلَافٌ وَتُسَمَّى نَافِحَةً أَيْضًا.
(وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (زَرْعٌ) سُقِيَ (بِنَجِسٍ) ، أَوْ نَبْتٍ مِنْ بَذْرٍ نَجِسٍ وَظَاهِرُهُ نَجِسٌ فَيُغْسَلُ قَبْلَ أَكْلِهِ، أَوْ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ (وَ) مِنْهُ (خَمْرٌ تَحَجَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ كَحَجَرٍ فِي الْيُبْسِ إذَا ذَهَبَ مِنْهُ الْإِسْكَارُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فِيهِ بِحَيْثُ إذَا بُلَّ وَشُرِبَ يُسْكِرُ فَهُوَ نَجِسٌ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ عج وعب الْبُنَانِيُّ: لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ تَوَقُّفٌ فِيهِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْمَازِرِيِّ.
أَوْ خُلِّلَ
وَالنَّجَسُ مَا اُسْتُثْنِيَ، وَمَيْتُ: غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ قَمْلَةً أَوْ آدَمِيًّا وَالْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُ
ــ
[منح الجليل]
(أَوْ خُلِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْخَمْرُ فَالْمُتَخَلِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ وَكَذَا مَا حُجِّرَ وَلَعَلَّ فِي الْمَتْنِ احْتِبَاكًا، وَالْأَصْلُ تَحَجَّرَ، أَوْ حُجِّرَ، أَوْ تَخَلَّلَ أَوْ خُلِّلَ، وَالْخَمْرُ مُؤَنَّثَةٌ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا شَرَابًا مَثَلًا، أَوْ عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ، وَإِذَا طَهُرَتْ بِالتَّحَجُّرِ، أَوْ التَّخَلُّلِ طَهُرَ إنَاؤُهَا تَبَعًا لَهَا وَلَوْ فَخَّارًا غَاصَتْ فِيهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ فَخَّارٍ بِغَوَّاصٍ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْقُدُومِ عَلَى تَخْلِيلِهَا بِالْحُرْمَةِ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا، وَالْكَرَاهَةِ، وَالْإِبَاحَةِ وَيُمْنَعُ التَّدَاوِي بِهَا لَوْ مُسْتَهْلَكَةً فِي غَيْرِهَا وَسُلِبَتْ مَنَافِعُهَا بِتَحْرِيمِهَا وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا إلَّا الضَّرَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الطَّاهِرَاتِ بَيَّنَ النَّجَاسَاتِ بِقَوْلِهِ:
(وَالنَّجَسُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ (مَا) أَيْ الَّذِي (اُسْتُثْنِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَالْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ أُخْرِجَ مِنْ الطَّاهِرَاتِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا بِإِلَّا، أَوْ بِالشَّرْطِ وَذَكَرَهُ هُنَا مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ لِيَجْمَعَهُ مَعَ نَظَائِرِهِ فَلَا يَغْفُلَ عَنْهُ النَّاظِرُ فِيهَا (وَ) النَّجَسُ (مَيْتُ) حَيَوَانٍ (غَيْرِ مَا) أَيْ الْحَيَوَانِ الَّذِي (ذُكِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَهُوَ الْبَرِّيُّ الَّذِي لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، وَالْبَحْرِيُّ فَغَيْرُهُمَا الْبَرِّيُّ الَّذِي لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ قَمْلَةً وَلَا آدَمِيًّا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (قَمْلَةً) وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ مَيْتَتُهَا طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ دَمَهَا مَنْقُولٌ وَيُعْفَى عَنْ حَمْلِ، أَوْ قَتْلِ ثَلَاثٍ فِي الصَّلَاةِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ (أَوْ آدَمِيًّا) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ شَعْبَانَ.
(وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ خِلَافِ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ (طَهَارَتُهُ) أَيْ مَيِّتِ الْآدَمِيِّ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ بَنِي آدَمَ طَاهِرٌ بِخِلَافِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ دَمٌ سَائِلٌ اهـ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي تُعَضِّدُهُ الْآثَارُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا لِحُرْمَةِ الْآدَمِيَّةِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَاسْتَظْهَرَهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ طَهَارَةُ الْآدَمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ
وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ وَمَيْتٍ: مِنْ قَرْنٍ وَظِلْفٍ وَعَظْمٍ وَظُفْرٍ وَعَاجٍ وَقَصَبِ رِيشٍ وَجِلْدٍ وَلَوْ دُبِغَ وَرُخِّصَ فِيهِ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ
ــ
[منح الجليل]
وَابْنِ الْقَصَّارِ، اهـ. وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَأَخَذَهُ عِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ هَارُونَ: لَا يَدْخُلُ هَذَا الْخِلَافُ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيَجِبُ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَهَارَةِ أَجْسَادِهِمْ وَقَدْ قِيلَ بِطَهَارَةِ حَدَثِهِ صلى الله عليه وسلم فَكَيْفَ بِجَسَدِهِ الشَّرِيفِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ الْإِجْمَاعُ عَلَى طَهَارَةِ أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا سِيَّمَا جَسَدُ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وقَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، أَوْ مَعْنًى لَا حِسًّا.
(وَ) النَّجَسُ (مَا) أَيْ الْجُزْءُ الَّذِي (أُبِينَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَصْلُهُ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فَنُقِلَ كَسْرُهَا لِلْمُوَحَّدَةِ أَيْ فُصِلَ (مِنْ) حَيَوَانٍ نَجِسِ الْمَيْتَةِ (حَيٍّ، أَوْ مَيْتٍ) وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَلَّقَ بِيَسِيرِ جِلْدٍ بِحَيْثُ لَا يَنْجَبِرُ فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ أَوْ مَيْتٍ طَاهِرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْهُ مَا نُحِتَ بِحَجَرٍ مِنْ رِجْلِهِ وَبَيَّنَ مَا بِقَوْلِهِ (مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ وَظِلْفٍ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ لِبَقَرَةٍ وَشَاةٍ كَحَافِرِ الْفَرَسِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْحَافِرَ (وَظُفْرِ) الْبَعِيرِ وَنَعَامٍ، وَإِوَزٍّ وَدَجَاجٍ وَسَائِرِ الطَّيْرِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَصَلَّبَ عَلَى رَأْسِ الْأُصْبُعِ.
(وَعَاجٍ) أَيْ سِنِّ فِيلٍ (وَقَصَبِ رِيشٍ) وَلَوْ أَعْلَاهَا الَّذِي لَا يَتَأَلَّمُ الْحَيَوَانُ بِقَصِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا (وَجِلْدٍ) إنْ لَمْ يُدْبَغْ بَلْ (وَلَوْ دُبِغَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَلَا يَطْهُرُ وَحَدِيثُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» مَحْمُولٌ فِي الْمَشْهُورِ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَيْ النَّظَافَةِ (وَرُخِّصَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أُجِيزَ وَأُذِنَ مِنْ الشَّارِعِ (فِيهِ) أَيْ اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ تَرْخِيصًا (مُطْلَقًا) عَلَى التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مِنْ مُبَاحٍ أَوْ مَكْرُوهٍ.
(إلَّا) جِلْدًا مَدْبُوغًا (مِنْ خِنْزِيرٍ) فَلَمْ يُرَخَّصْ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَكَرَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ كَغَيْرِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ دَبْغِهِ وَكَذَا
بَعْدَ دَبْغِهِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ،.
وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ.
وَالتَّوَقُّفُ فِي الْكِيمَخْتِ
ــ
[منح الجليل]
جِلْدُ الْآدَمِيِّ إجْمَاعًا لِشَرَفِهِ وَوُجُوبِ دَفْنِهِ وَلَوْ كَافِرًا وَصِلَةُ " اسْتِعْمَالِ " الْمُقَدَّرِ (بَعْدَ دَبْغِهِ) أَيْ الْجِلْدِ بِمَا يُزِيلُ رَائِحَتَهُ وَرُطُوبَتَهُ وَيَحْفَظُهُ مِنْ التَّغَيُّرِ وَلَوْ نَجِسًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ وَلَا الْإِسْلَامُ فَيُرَخَّصُ فِيمَا دَبَغَهُ كَافِرٌ وَفِيمَا دُبِغَ بِسُقُوطِهِ فِي دَابِغٍ بِلَا قَصْدٍ، وَصِلَةُ " اسْتِعْمَالِ " الْمُقَدَّرِ أَيْضًا (فِي يَابِسٍ) كَحَبٍّ وَدَقِيقٍ وَفُرُشٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَلُبْسٍ فِي غَيْرِهِ وَغَيْرِ صَلَاةٍ (وَ) فِي (مَاءٍ) طَهُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ إلَّا مَا يُغَيِّرُ لَوْنَهُ، أَوْ طَعْمَهُ، أَوْ رِيحَهُ فَلَا يُرَخَّصُ فِي اسْتِعْمَالِهِ قَبْلَ دَبْغِهِ وَلَا بَعْدَهُ فِي مَائِعٍ غَيْرِ طَهُورٍ كَزَيْتٍ وَعَسَلٍ وَمَاءِ وَرْدٍ، وَالْفَرْوُ الَّذِي يُلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ إنْ كَانَ مِنْ مَصِيدِ كَافِرٍ، أَوْ مَذْبُوحٍ مَجُوسِيٍّ يُقَلَّدُ فِيهِ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ " رضي الله عنه " لِذَهَابِهِ إلَى طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدَّبْغِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ زَوَالَ الشَّعَرِ لِطَهَارَتِهِ عِنْدَهُ وَاشْتَرَطَهُ الشَّافِعِيُّ " رضي الله عنه ".
(وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (كَرَاهَةُ) لُبْسِ (الْعَاجِ) فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوَهَا مِنْ فِيلٍ غَيْرِ مُذَكًّى وَنِصْفِهَا وَأَكْرَهُ الْأَدْيَانِ فِي أَنْيَابِ الْفِيلِ، وَالْمَشْطِ بِهَا وَالتِّجَارَةِ فِيهَا ابْنُ نَاجِي زَادَ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ اهـ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهَا قَبْلَهُ وَكُرِهَ أَخْذُ الْعَظْمِ وَالسِّنِّ، وَالْقَرْنِ وَالظِّلْفِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَرَآهُ مَيْتَةً ابْنُ نَاجِي: الْكَرَاهَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ لِقَوْلِهِ وَرَآهُ مَيْتَةً وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَرَاهَتَيْنِ لِتَعْلِيلِهِ كُلًّا مِنْهُمَا بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَهَا فِيهِمَا عَلَى بَابِهَا وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ؛ لِأَنَّ عُرْوَةَ وَرَبِيعَةَ وَابْنَ شِهَابٍ أَجَازُوا أَنْ يُتَمَشَّطَ بِأَمْشَاطِهِ وَذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ إلَى أَنَّ عِظَامَ الْمَيْتَةِ طَاهِرَةٌ، وَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ نَصَّ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ وَالرَّمَاصِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ.
(وَ) فِيهَا (التَّوَقُّفُ) بِفَتْحِ التَّاءِ، وَالْوَاوِ وَضَمِّ الْقَافِ مُثَقَّلًا مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه "(فِي) الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ (الْكِيمَخْتِ) بِفَتْحِ الْكَافِ، وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ، وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ
وَمَنِيٌّ وَمَذْيٌ، وَوَدْيٌ، وَقَيْحٌ، وَصَدِيدٌ، وَرُطُوبَةُ فَرْجٍ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ، وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ، وَسَوْدَاءُ؛ وَرَمَادُ نَجِسٍ وَدُخَانُهُ
ــ
[منح الجليل]
أَيْ جِلْدِ الْحِمَارِ، أَوْ الْبَغْلِ، أَوْ الْفَرَسِ الْمَدْبُوغِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ مَذْهَبِهِ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ وَوُجُوبَ تَرْكِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَسْجِدِ كَسَائِرِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، وَعَمَلُ السَّلَفِ يَقْتَضِي طَهَارَتَهُ وَجَوَازَ مُلَابَسَتِهِ فِيهِمَا، وَنَصُّهَا: وَلَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ وَتَوَقَّفَ عَنْ الْجَوَابِ فِي الْكِيمَخْتِ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَيَّ، قَالَ الْعَدَوِيُّ: الْأَرْجَحُ أَنَّ التَّوَقُّفَ لَا يُعَدُّ قَوْلًا، وَالْمَشْهُورُ كَرَاهَتُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَقِيلَ فِي خُصُوصِ السُّيُوفِ.
(وَ) النَّجَسُ (مَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَوَدْيٌ) وَلَوْ مِنْ مُبَاحٍ وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا الدَّمَ الْمَعْفُوَّ عَنْ يَسِيرِهِ وَهِيَ بِوَزْنِ ظَبْيٍ أَوْ صَبِيٍّ (وَقَيْحٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ مِدَّةٌ غَلِيظَةٌ يُخَالِطُهَا دَمٌ (وَصَدِيدٌ) مَاءٌ رَقِيقٌ مُخْتَلِطٌ بِدَمٍ خَارِجٍ مِنْ جُرْحٍ وَقِيلَ يَشْمَلُ الْغَلِيظَ وَكَذَا يَسِيلُ مِنْ الْبَثَرَاتِ، وَالْحَصْبَةِ، وَالْجُدَرِيِّ وَكَشْطِ الْجِلْدِ، وَالْحَرَارَةِ.
(وَرُطُوبَةُ فَرْجٍ) مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ وَمِنْهُ طَاهِرَةُ مَا لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجَسٍ وَمَا لَمْ يَحِضْ قُرْبَ حَيْضٍ (وَدَمٌ مَسْفُوحٌ) أَيْ جَارٍ بِذَكَاةٍ، أَوْ فَصْدٍ، أَوْ جَرْحٍ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ وَذُبَابٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) وَبُرْغُوثٍ وَبَقٍّ وَنَامُوسٍ وَقُرَادٍ وَحَلَمٍ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ الْقَابِسِيّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا (وَسَوْدَاءُ) بِفَتْحِ السِّينِ مَمْدُودًا مَائِعٌ أَسْوَدُ، أَوْ كَدَرٌ أَحْمَرُ خَفِيفُ الْحُمْرَةِ.
(وَرَمَادُ) مَحْرُوقٍ (نَجِسٍ) كَرَوْثِ مُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ وَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَحَطَبِ مُتَنَجِّسٍ (وَدُخَانُهُ) أَيْ النَّجِسِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَنُسِبَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّخْمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَشُهِّرَ، وَكَلَامُ الْحَطَّابِ أَوَّلًا وَآخِرًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَبْلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ مَرْزُوقٍ وعج طَهَارَتَهُمَا وَقَوَّاهُ الْحَطَّابُ فِي وَسَطِ كَلَامِهِ.
وَبَوْلٌ، وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَمُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ
وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ مَائِعٍ بِنَجِسٍ قَلَّ. كَجَامِدٍ، إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ وَإِلَّا فَبِحَسَبِهِ.
ــ
[منح الجليل]
(وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَمُحَرَّمٍ) كَبَغْلٍ (وَمَكْرُوهٍ) كَسَبُعٍ وَهِرٍّ وَلَا فَرْقَ فِي الْآدَمِيِّ بَيْنَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، وَالْكَبِيرِ، وَلَا بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَلَا بَيْنَ قَلِيلِ الْبَوْلِ وَكَثِيرِهِ وَلَا بَيْنَ الْمُتَغَيِّرِ وَالنَّازِلِ بِصِفَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِمَرَضٍ إلَّا الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَفَضْلَتُهُمْ طَاهِرَةٌ وَلَوْ قَبْلَ بِعْثَتِهِمْ لِاصْطِفَائِهِمْ قَبْلَهَا وَاسْتِنْجَاؤُهُمْ كَانَ لِلتَّنْظِيفِ وَالتَّشْرِيعِ.
وَبَيَّنَ حُكْمَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ بِطَعَامٍ بِقَوْلِهِ (وَيَنْجُسُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَيْ يَتَنَجَّسُ.
(كَثِيرُ) وَأَوْلَى " قَلِيلُ "(طَعَامٍ) الْأَصْلُ طَعَامٌ كَثِيرٌ فَقَدَّمَ الصِّفَةَ وَأَضَافَهَا لِمَوْصُوفِهَا (مَائِعٍ) يَتَرَادُّ مِنْ بَاقِيهِ مَا يَخْلُفُ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ سُرْعَةً كَخَلٍّ وَزَيْتٍ وَقْتَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ جَمَدَ بَعْدَهُ خُلِطَ (بِنَجِسٍ) كَبَوْلٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَحْمٍ وَعَظْمِ مَيْتَةٍ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا فِي الِاخْتِلَاطِ، أَوْ التَّحَلُّلِ؛ إذْ لَا يُطْرَحُ الطَّعَامُ بِهِ لِشَرَفِهِ. فَأَوْلَى إنْ عُلِمَ، أَوْ ظُنَّ عَدَمُهُ كَعَاجٍ وَعَظْمٍ قَدِيمٍ لَا دَسَمَ فِيهِ وَلَا رُطُوبَةَ وَلَا سِيَّمَا إنْ صُنِعَ نَحْوَ سُبْحَةٍ وَمُشْطٍ وَنَعَتَ " نَجِسٍ " بِجُمْلَةِ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا وَأَوْلَى الْكَثِيرُ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَرَوْثِ فَأْرٍ يَصِلُ لِلنَّجَاسَةِ. وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِاغْتِفَارِهِ وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَائِعِ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِطَاهِرٍ يُفَارِقُهُ غَالِبًا فَإِنْ اخْتَلَطَ الْمُطْلَقُ بِنَجِسٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، ثُمَّ اخْتَلَطَ بِطَاهِرٍ مُفَارِقٍ غَالِبًا فَتَغَيَّرَ فَطَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ وَشَبَّهَ الطَّعَامَ الْجَامِدَ بِالطَّعَامِ الْمَائِعِ فِي التَّنَجُّسِ فَقَالَ (كَ) طَعَامٍ (جَامِدٍ) لَا يَتَرَادُّ مِنْهُ مَا يَخْلُفُ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ بِسُرْعَةٍ كَثَرِيدٍ وَجُبْنٍ وَحَبٍّ وَدَقِيقٍ وَعَجِينٍ فَيَنْجُسُ بِالنَّجِسِ الْقَلِيلِ (إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ) لِلنَّجِسِ فِي جَمِيعِهِ يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا بِكَوْنِ النَّجِسِ مَائِعًا وَالطَّعَامِ مُتَحَلِّلًا أَوْ بِطُولِ زَمَنِ مُكْثِهِ فِيهِ فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي هُرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ بِأَنَّهُ كُلَّهُ نَجِسٌ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ لِطُولِ زَمَنِ حُلُولِهَا فِيهِ حَتَّى ظُنَّ سَرَيَانُهَا فِي جَمِيعِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَرَيَانُهَا فِي جَمِيعِهِ (فَ) يَنْجُسُ مِنْهُ (بِحَسَبِهِ) أَيْ السَّرَيَانِ الْمُحَقَّقِ، أَوْ الْمَظْنُونِ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُبَاحُ أَكْلُهُ وَبَيْعُهُ بَعْدَ الْبَيَانِ لِأَنَّ النَّفْسَ تَكْرَهُهُ.
وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ، وَلَحْمٌ طُبِخَ، وَزَيْتُونٌ مُلِحَ وَبَيْضٌ صُلِقَ بِنَجِسٍ، وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ
وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجِسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ
ــ
[منح الجليل]
وَلَا يَطْهُرُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ أَيْ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ (زَيْتٌ) وَنَحْوُهُ مِنْ الْأَدْهَانِ (خُولِطَ) بِنَجَسٍ (وَ) لَا (لَحْمٌ) وَنَحْوُهُ (طُبِخَ) بِنَجِسٍ مِنْ مَاءٍ، أَوْ مِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ حَالَ طَبْخِهِ قَبْلَ اسْتِوَائِهِ لِشُرْبِهِ مِنْهَا وَغَوْصِهَا فِيهِ فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ نُضْجِهِ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ فَقَطْ فَيُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ.
(وَ) لَا زَيْتُونٌ وَنَحْوُهُ (مُلِحَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ بِنَجِسٍ مِنْ مِلْحٍ، أَوْ مَاءٍ فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ بَعْدَ طِيبِهِ فِي الْمِلْحِ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ فَقَطْ (وَلَا بَيْضٌ) لِحَمَامٍ، أَوْ دَجَاجٍ، أَوْ إوَزٍّ، أَوْ نَعَامٍ أَوْ غَيْرِهَا (صُلِقَ بِ) مَاءٍ (نَجِسٍ) ، أَوْ وُجِدَتْ فِيهِ بَيْضَةٌ مَذِرَةٌ إنْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ الْمَصْلُوقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَنَجَّسَ بِهَا وَشَرِبَ مِنْهُ غَيْرُهَا.
(وَلَا) يَطْهُرُ (فَخَّارٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ إنَاءُ الطِّينِ الْمُحْرَقِ غَيْرُ الْمَدْهُونِ، أَوْ الْمَدْهُونُ بِمَا لَا يَمْنَعُ الْغَوْصَ كَفَخَّارِ مِصْرَ الْمَدْهُونِ الْمُسَمَّى بِالْعَجَمِيِّ الْمُعَدِّ لِلِّينِ، وَالْفُولِ وَنَحْوِهِمَا تَنَجَّسَ (بِ) نَجِسٍ (غَوَّاصٍ) أَيْ مَائِعٍ يَغُوصُ وَيَنْفُذُ فِي الْفَخَّارِ كَدَمٍ وَبَوْلٍ وَمُسْكِرٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ فَهِيَ صِيغَةُ نَسَبٍ لَا مُبَالَغَةٍ فَإِنْ تَنَجَّسَ بِجَامِدٍ قَبِلَ التَّطْهِيرَ، وَأَمَّا النُّحَاسُ، وَالْحَدِيدُ وَالرَّصَاصُ وَالزُّجَاجُ وَالصِّينِيُّ، وَالْمُزَفَّتُ فَتَقْبَلُ التَّطْهِيرَ وَكَذَا الْفَخَّارُ الْمُوَدَّكُ الْعَتِيقُ الَّذِي لَا يَشْرَبُ وَكَذَا الْحَدِيدُ، أَوْ النُّحَاسُ الْمَحْمِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْرَبُ وَمَا يُشَاهَدُ فِيهِ مِنْ الْغَلَيَانِ وَنَقْصِ الْمَاءِ فَمِنْ تَدَافُعِ حَرَارَةِ النَّارِ، وَالْمَاءِ، وَدَلِيلُ عَدَمِ شُرْبِهِ عَدَمُ زِيَادَةِ وَزْنِهِ.
(وَيُنْتَفَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ضَمِيرِ الْمُكَلَّفِ، أَوْ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ (بِمُتَنَجِّسٍ) أَيْ مَا عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ مِنْ طَعَامٍ كَزَيْتٍ وَعَسَلٍ وَلَبَنٍ وَسَمْنٍ وَشَرَابٍ كَمَاءٍ وَمَاءِ وَرْدٍ وَلِبَاسٍ كَثَوْبٍ (لَا) يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ (بِنَجِسٍ) كَبَوْلٍ وَدَمٍ وَمُسْكِرٍ إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ الْمَدْبُوغِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ، أَوْ مَيْتَةٍ تُلْقَى لِكِلَابِ صَيْدٍ، أَوْ حِرَاسَةٍ، أَوْ شَحْمَ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ نَحْوِ عَجَلَةٍ وَطِلَاءِ سَفِينَةٍ وَشَمْعٍ، أَوْ عَظْمَ مَيْتَةٍ لِحَرْقِ طُوبٍ، أَوْ جِيرٍ، أَوْ جِبْسٍ، أَوْ مَا دَعَتْ ضَرُورَةٌ لَهُ
وَآدَمِيٍّ
وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ، بِخِلَافِ نَسْجِهِ، وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ
ــ
[منح الجليل]
كَإِسَاغَةِ غُصَّةٍ بِنَحْوِ خَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَمَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ وَعَذِرَةٍ بِمَاءٍ لِسَقْيِ زَرْعٍ وَرَوْثِ خَيْلٍ بِهِ لِتَسْلِيكِ قَنَاتِهِ وَصِلَةُ " يُنْتَفَعُ "(فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) فَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُتَنَجِّسِ فِيهِ فَلَا يُفْرَشُ بِفِرَاشٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَا يُوقَدُ فِيهِ بِزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَا يُبْنَى بِمُتَنَجِّسٍ، وَإِنْ بُنِيَ بِهِ لَيْسَ بِطَاهِرٍ وَلَا يُهْدَمُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كُتِبَ مُصْحَفٌ بِمِدَادٍ مُتَنَجِّسٍ مُحِيَ بِمَاءٍ طَهُورٍ أَوْ أُحْرِقَ فَإِنْ زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَبَقِيَ حُكْمُهَا بِثَوْبٍ، أَوْ مِنْدِيلٍ، أَوْ نَعْلٍ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ بَقِيَتْ عَيْنُهَا بِالنَّعْلِ وَسُتِرَ بِطَاهِرٍ يَمْنَعُ مِنْ سُقُوطِ شَيْءٍ مِنْهُ فِيهِ جَازَ إدْخَالُهُ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَّا مُنِعَ وَيُمْنَعُ الْبَصْقُ، وَالْمَخْطُ وَالتَّنَخُّمُ فِي النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسِ غَيْرِ الْمَسْتُورِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ لِتَنَجُّسِ الْمَذْكُورَاتِ بِمُجَرَّدِ حُلُولِهَا فِيهِ وَتَنْجِيسِ الْمَسْجِدِ بِسَيَلَانِهَا فِيهِ وَقَدْ اعْتَادَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.
(وَ) فِي غَيْرِ أَكْلِ وَشُرْبِ (آدَمِيٍّ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ وَشُرْبُ الْمُتَنَجِّسِ لِتَنْجِيسِهِ جَوْفَهُ وَعَجْزِهِ عَنْ تَطْهِيرِهِ وَيُكْرَهُ دَهْنُ ظَاهِرِ جَسَدِهِ بِنَجِسٍ غَيْرِ الْخَمْرِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُهُ بِهِ لِلصَّلَاةِ، وَإِلَّا مُنِعَ كَدَهْنِهِ بِالْخَمْرِ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا وَمِنْ صُوَرِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُتَنَجِّسِ فِي غَيْرِهِمَا الِاسْتِصْبَاحُ وَعَمَلُ الصَّابُونِ وَدَهْنُ الْحِبَالِ، وَالْعَجَلِ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ، وَإِطْعَامُهَا.
(وَلَا يُصَلَّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فَرْضًا كَانَتْ، أَوْ نَفْلًا (بِلِبَاسِ) أَيْ مَلْبُوسِ شَخْصٍ (كَافِرٍ) ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى كِتَابِيٍّ، أَوْ مَجُوسِيٍّ بَاشَرَ جِلْدَهُ أَوْ لَا كَانَ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ تَلْحَقَهُ النَّجَاسَةُ، أَوْ لَا كَقَلَنْسُوَتِهِ وَعِمَامَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ نَجَاسَتُهُ فَحُمِلَ عَلَيْهَا عِنْدَ الشَّكِّ فِي طَهَارَتِهِ فَإِنْ عُلِمَتْ أَوْ ظُنَّتْ طَهَارَتُهُ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ.
(بِخِلَافِ نَسْجِهِ) أَيْ مَنْسُوجِ الْكَافِرِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ لِعَدَمِ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ لِتَوَقِّيهِ فِيهِ مِنْهَا خَوْفًا مِنْ كَسَادِهِ عَلَيْهِ بِامْتِنَاعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شِرَائِهِ مِنْهُ وَكَذَا سَائِرُ مَصْنُوعَاتِهِ وَلَوْ فِي خَلْوَتِهِ لِنَفْسِهِ (وَ) لَا يُصَلَّى (بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ) أَيْ غَيْرُ مَنْ يُرِيدُ
وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ إلَّا كَرَأْسِهِ، وَلَا بِمُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ عَالِمٍ.
وَحَرُمَ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ مُحَلًّى، وَلَوْ مِنْطَقَةً، وَآلَةَ حَرْبٍ. إلَّا الْمُصْحَفَ،
ــ
[منح الجليل]
الصَّلَاةَ لِغَلَبَةِ نَجَاسَتِهِ بِبَوْلٍ، أَوْ مَذْيٍ، أَوْ حَيْضٍ إنْ شُكَّ فِي طَهَارَتِهِ فَإِنْ تُيُقِّنَتْ، أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ وَاَلَّذِي يَنَامُ فِيهِ أَدْرَى بِحَالِهِ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ.
(وَلَا) يُصَلَّى (بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) رَجُلًا كَانَ، أَوْ امْرَأَةً بَالِغًا، أَوْ صَبِيًّا لِغَلَبَةِ نَجَاسَتِهَا؛ إذْ شَأْنُ مَنْ لَا يُصَلِّي عَدَمُ تَوَقِّيهَا وَاسْتَثْنَى مِمَّا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَمِنْ ثِيَابِ غَيْرِ الْمُصَلِّي فَقَالَ (إلَّا) ثِيَابَ (كَرَأْسِهِ) وَمَا فَوْقَ سُرَّتِهِ مِنْ قَلَنْسُوَةٍ وَعِمَامَةٍ وَسَدِيرِيٍّ وَقَمِيصٍ لِلسُّرَّةِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهَا لِعَدَمِ غَلَبَةِ نَجَاسَتِهَا
(وَ) لَا يُصَلَّى (بِ) ثَوْبٍ (مُحَاذِي) أَيْ مُقَابِلِ (فَرْجٍ) أَيْ قُبُلِ، أَوْ دُبُرِ شَخْصٍ (غَيْرِ عَالِمٍ) بِأَحْكَامِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءِ بِلَا حَائِلٍ مَانِعٍ مِنْ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ كَسَرَاوِيلَ، وَإِزَارٍ وَقَمِيصٍ لِغَلَبَةِ نَجَاسَتِهِ فَإِنْ عُلِمَتْ، أَوْ ظُنَّتْ طَهَارَتُهُ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ، وَمَفْهُومُ غَيْرِ عَالِمٍ جَوَازُهَا بِمُحَاذِي فَرْجِ الْعَالِمِ بِلَا حَائِلٍ لِعَدَمِ غَلَبَتِهَا فِيهِ وَكَذَا مُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ الْعَالِمِ وَمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ بِحَائِلٍ مَانِعٍ مِنْ وُصُولِهَا إلَيْهِ لِذَلِكَ.
وَلَمَّا شَابَهَ الْمُحَلَّى النَّجِسَ فِي حُرْمَةِ الِاسْتِعْمَالِ ذَكَرَهُ هُنَا فَقَالَ:
(وَحَرُمَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ (اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ) بَالِغٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ " شَيْئًا "(مُحَلًّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُزَيَّنًا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ بِنَسْجٍ أَوْ طَرْزٍ، أَوْ خِيَاطَةٍ، وَأَمَّا الذَّكَرُ الصَّغِيرُ فَيُكْرَهُ لِوَلِيِّهِ إلْبَاسُهُ الذَّهَبَ، وَالْحَرِيرَ وَيَجُوزُ إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْحِلْيَةُ كَأَسْوِرَةٍ وَخَلْخَالٍ أَوْلَى بِالْحُرْمَةِ مِنْ الْمُحَلَّى وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْحِلْيَةِ، وَالْمُحَلَّى لِعَاقِبَةٍ، أَوْ زَوْجَةٍ مَثَلًا وَالتِّجَارَةُ فِيهِمَا وَبَالَغَ عَلَى حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْمُحَلَّى فَقَالَ:
(وَلَوْ) كَانَ الْمُحَلَّى بِالنَّقْدِ (مِنْطَقَةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ حِزَامًا وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لَا بَأْسَ بِهَا مُفَضَّضَةً.
(وَ) لَوْ (آلَةَ حَرْبٍ) كَبُنْدُقِيَّةٍ وَقَرْبِيلَةٍ وَغَدْرِيَّةٍ وَسِكِّينٍ (إلَّا الْمُصْحَفَ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِذَكَرٍ بَالِغٍ وَهُوَ مُحَلًّى
وَالسَّيْفَ، وَالْأَنْفَ.
وَرَبْطَ سِنٍّ مُطْلَقًا، وَخَاتَمَ الْفِضَّةِ لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ وَلَوْ قَلَّ
وَإِنَاءُ نَقْدٍ. وَاقْتِنَاؤُهُ وَإِنْ لِامْرَأَةٍ.
وَفِي الْمُغَشَّى
ــ
[منح الجليل]
بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ عَلَى جِلْدِهِ وَتُكْرَهُ كِتَابَتُهُ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَمَا عَدَاهُ مِنْ الْكُتُبِ دَاخِلٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.
(وَ) إلَّا (السَّيْفَ) فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مُحَلًّى بِأَحَدِهِمَا، أَوْ بِهِمَا فِي قَبْضَتِهِ أَوْ جَفِيرِهِ إنْ كَانَ لِلْجِهَادِ وَكَانَ لِرَجُلٍ (وَ) إلَّا (الْأَنْفَ) السَّاقِطَ فَيَجُوزُ تَعْوِيضُهُ بِأَنْفٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَبَعْضُهُمْ خَصَّ الذَّهَبَ لِخَاصِّيَّةِ مَنْعِ نَتْنِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ «أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ سَعْدٍ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ وَخِفَّةِ اللَّامِ اسْمُ مَاءٍ كَانَتْ الْوَاقِعَةُ عِنْدَهُ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَّخِذَهُ مِنْ ذَهَبٍ فَاِتَّخَذَهُ مِنْ ذَهَبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
(وَ) إلَّا (رَبْطَ سِنٍّ) تَخَلْخَلَ، أَوْ سَقَطَ بِخَيْطِ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، أَوْ بِوَزْنٍ مَخْصُوصٍ، رَاجِعٌ لِلْمُصْحَفِ وَمَا بَعْدَهُ (وَ) إلَّا (خَاتَمَ الْفِضَّةِ) فَيَجُوزُ لُبْسُهُ لِلذَّكَرِ الْبَالِغِ إنْ قَصَدَ بِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ وَاحِدًا وَوَزْنُهُ دِرْهَمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ، أَوْ أَقَلَّ، وَإِلَّا حَرُمَ، وَإِنْ اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ نُدِبَ كَلُبْسِهِ بِالْيُسْرَى وَجَعْلِ فَصِّهِ لِلْكَفِّ (لَا) يَجُوزُ لِلذَّكَرِ الْبَالِغِ (مَا) أَيْ خَاتَمٌ (بَعْضُهُ) وَأَوْلَى " كُلُّهُ "(ذَهَبٌ وَلَوْ قَلَّ) الذَّهَبُ عَنْ الْفِضَّةِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ مَا قَلَّ ذَهَبُهُ بِأَنْ كَانَ ثُلُثَهُ فَأَقَلَّ وَاعْتَمَدَ الْمُتَأَخِّرُونَ كَرَاهَتَهُ حِينَئِذٍ.
(وَ) حَرُمَ اسْتِعْمَالُ (إنَاءِ نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ لِأَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ، أَوْ غَسْلٍ، أَوْ تَبْخِيرٍ أَوْ رَشٍّ (وَ) حَرُمَ (اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ تَمَلُّكُ إنَاءِ نَقْدٍ وَلَوْ لِغَيْرِ اسْتِعْمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لَهُ إلَّا لِتَدَاوٍ وَفِدَاءِ أَسِيرٍ وَكَسْرٍ (وَإِنْ) كَانَ الِاقْتِنَاءُ (لِامْرَأَةٍ) أَيْ مِنْهَا؛ إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا.
(وَفِي) حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ النَّقْدِ (الْمُغَشَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ وَالشِّينِ