الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَحَسَنٌ. وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلًّى قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا. لَا بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا.
(فَصْلٌ) سُنَّ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ
ــ
[منح الجليل]
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَهُوَ) كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا) مُتَوَالِيَاتٍ بِدُونِ زِيَادَةٍ فَهِيَ بِدْعَةٌ.
(وَإِنْ قَالَ) الْمُكَبِّرُ (بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ) مُدْخِلًا عَلَيْهِمَا وَاوَ الْعَطْفِ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَ) هَذَا (حَسَنٌ) وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَقِيلَ هَذَا أَحْسَنُ وَالْأَوَّلُ حَسَنٌ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَنَفُّلٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالنُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً (بِمُصَلًّى) لِلْعِيدِ (قَبْلَهَا) لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ، الَّذِينَ يَرَوْنَ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِ مَعْصُومٍ (وَبَعْدَهَا) أَيْ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِلصَّحْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ (لَا) يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ (بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا) أَيْ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا إنْ صُلِّيَتْ بِهِ لِطَلَبِ التَّحِيَّةِ قَبْلَهَا وَنُدُورِ حُضُورِ أَهْلِ الْبِدَعِ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
[فَصْلٌ فِي صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]
(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ. (سُنَّ) عَيْنًا لِلْمَأْمُورِ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ نَدْبًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ كِفَايَةً سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ رِقًّا، حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا. ابْنُ حَبِيبٍ. صَلَاةُ الْخُسُوفِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْعَبِيدِ نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ عَرَفَةَ. وَفِي تَعَلُّقِهَا بِكُلِّ مَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَخُصُوصِهَا بِمَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ قَوْلَا الْمَشْهُورِ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ وَاسْتَغْرَبَ أَمْرَ الصَّبِيِّ بِالْكُسُوفِ اسْتِنَانًا وَبِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْعِيدِ الْأَوْكَدِ مِنْ الْكُسُوفِ نَدْبًا
وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ: رَكْعَتَانِ سِرًّا، بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ، وَرَكْعَتَانِ
ــ
[منح الجليل]
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مُتَكَرِّرَةٌ فَخَفَّ طَلَبُهَا مِنْهُ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهِ، وَبِتَكَرُّرِ الْعِيدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُسُوفِ وَبِأَنَّ الْكُسُوفَ آيَةٌ مَخُوفَةٌ لِلْعِبَادِ، وَالصَّبِيُّ مَرْجُوُّ الْقَبُولِ فَتَأَكَّدَ طَلَبُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُخَاطَبْ بِخُسُوفِ الْقَمَرِ، وَإِنْ كَانَ آيَةً أَيْضًا لِغَلَبَةِ نَوْمِهِ مِنْ الْغُرُوبِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ مُصِيبَةَ الشَّمْسِ إنْ كَانَ مَأْمُورُ الصَّلَاةِ بَلَدِيًّا.
بَلْ (وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ) أَيْ بَدْوِيٍّ مَنْسُوبٍ لِلْعَمُودِ لِرِفْعَةِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ اللَّامِ. (وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ) لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ بِأَنْ تَرَاخَى سَيْرُهُ أَوْ جَدَّ لِغَيْرِ مُهِمٍّ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ جَدَّ لِمُهِمٍّ فَلَا تُسَنُّ لَهُ قَرَّرَهُ تت وعبق وَالسَّنْهُورِيُّ الْعَدَوِيُّ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَصِلَةُ سُنَّ (لِكُسُوفِ الشَّمْسِ) أَيْ ذَهَابِ ضِيَائِهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا مَا لَمْ يَقُلْ جِدًّا حَتَّى لَا يَعْرِفَهُ إلَّا أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ قَبْلُ. الْخُسُوفُ وَالْكُسُوفُ مُتَرَادِفَانِ عَلَى ذَهَابِ الضَّوْءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لِشَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ. وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الْقَمَرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ بَعْضِ الضَّوْءِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُ جَمِيعِهِ، وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ الضَّوْءِ كُلِّهِ وَالْخُسُوفُ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَمَفْهُومُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُشْرَعُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآيَاتِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يُصَلَّى لِلزَّلْزَلَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْآيَاتِ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَهُ.
وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ (رَكْعَتَانِ) يَقْرَأُ فِيهِمَا (سِرًّا) ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ نَهَارِيٌّ لَا خُطْبَةَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ جَهْرًا لِئَلَّا يَسْأَمَ الْمَأْمُومُونَ وَاسْتَحَبَّهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَبِهِ عَمِلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِجَامِعِ الزَّيْتُونَةِ (بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ) فِي الرَّكْعَتَيْنِ اسْتِنَانًا. فَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامٌ وَرُكُوعٌ زَائِدَانِ عَلَى قِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا الْأَصْلِيَّيْنِ، وَهُمَا الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ الْأَوَّلَانِ، فَإِنْ سَهَا عَنْهُمَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ.
(وَرَكْعَتَانِ) الْمُتَبَادَرُ عَطْفُهُ عَلَى رَكْعَتَانِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى سُنِّيَّةِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى نَدْبِهَا
رَكْعَتَانِ لِخُسُوفِ قَمَرٍ كَالنَّوَافِلِ جَهْرًا بِلَا جَمْعٍ
وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ
وَقِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ مُوَالِيَاتِهَا فِي الْقِيَامَاتِ
ــ
[منح الجليل]
وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ اللَّخْمِيُّ وَالْجَلَّابُ سُنَّةٌ ابْنُ بَشِيرٍ وَالتَّلْقِينُ فَضِيلَةٌ. اهـ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ رَكْعَتَانِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَالنَّوَافِلِ وَأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى نَدْبِهَا. (رَكْعَتَانِ) أَيْ فَرَكْعَتَانِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ بِعَاطِفٍ مَحْذُوفٍ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْجَلِيَ أَوْ يَغِيبَ أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ. وَأَصْلُ النَّدْبِ يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ، وَالزِّيَادَةُ أَكْمَلُ (لِخُسُوفِ) أَيْ ذَهَابِ ضَوْءِ (قَمَرٍ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ مَا لَمْ يَقُلْ جِدًّا (كَالنَّوَافِلِ) فِي الْكَيْفِيَّةِ بِلَا زِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا (جَهْرًا) ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ لَيْلِيٌّ (بِلَا جَمْعٍ) مِنْ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فَيُصَلُّونَهَا أَفْذَاذًا فِي بُيُوتِهِمْ.
وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ، وَفِي صَلَاتِهَا عَقِبَ الْفَجْرِ إذَا لَمْ يَغِبْ أَوْ طَلَعَ الْقَمَرُ مُنْخَسِفًا قَوْلَانِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْإِمَامِ التِّلْمِسَانِيِّ عَلَى الْجَوَازِ لِوُجُودِ سَبَبِهَا، وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَلَى عَدَمِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ لَهَا وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ. .
(وَنُدِبَ) صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ (بِالْمَسْجِدِ) لَا بِالْمُصَلَّى خَوْفًا مِنْ انْجِلَائِهَا قَبْلَ وُصُولِهِ فَتَفُوتُ السُّنَّةُ، وَهَذَا إنْ صُلِّيَتْ جَمَاعَةً كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ، وَأَمَّا الْفَذُّ فَيُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ.
(وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةُ) سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى. (ثُمَّ) نُدِبَ قِرَاءَةُ (مُوَالِيَاتِهَا) أَيْ السُّوَرِ الطِّوَالِ الَّتِي تَلِي الْبَقَرَةَ (فِي) بَقِيَّةِ (الْقِيَامَاتِ) فَيَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَقِبَ الْفَاتِحَةِ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، وَفِي الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ عَقِبَهَا سُورَةَ النِّسَاءِ، وَفِي الثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ عَقِبَهَا سُورَةَ الْمَائِدَةِ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ طُولُ الْقِرَاءَةِ بِقَدْرِهَا سَوَاءٌ قَرَأَ هَذِهِ السُّوَرَ أَوْ قَرَأَ غَيْرَهَا وَنَصُّهَا، وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ نَحْوَ الْبَقَرَةِ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ الْمَتْنِ إلَيْهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ نَحْوِ الْبَقَرَةِ إلَخْ. وَقِيلَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُرَدُّ إلَيْهِ كَلَامُهَا يَجْعَلُ إضَافَةَ نَحْوِ لِلْبَيَانِ وَاسْتُظْهِرَ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ. وَفِي إعَادَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي وَالرَّابِعِ قَوْلَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ.
وَوَعْظٌ بَعْدَهَا
وَرَكَعَ كَالْقِرَاءَةِ وَسَجَدَ كَالرُّكُوعِ
وَوَقْتُهَا: كَالْعِيدِ
ــ
[منح الجليل]
وَ) نُدِبَ (وَعْظٌ) مِنْ الْإِمَامِ لِلنَّاسِ (بَعْدَهَا) أَيْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ يَنْصَحُهُمْ فِيهِ وَيُذَكِّرُهُمْ بِالْعَوَاقِبِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُقَالُ السَّعِيدُ مَنْ اتَّعَظَ بِغَيْرِهِ وَالشَّقِيُّ مَنْ اتَّعَظَ بِهِ غَيْرُهُ. وَجَلَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْوَعْظِ. وَإِنَّ تَسْمِيَةَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَهُ خُطْبَةً؛ لِأَنَّهُ مَوْعِظَةٌ عَلَى سَبِيلِ مَا يَأْتِي فِي الْخُطَبِ. رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْتَقْبِلُ الْإِمَامُ النَّاسَ بَعْدَ سَلَامِهِ فَيُذَكِّرُهُمْ وَيُخَوِّفُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ وَيُكَبِّرُوا وَيَتَصَدَّقُوا. ابْنُ يُونُسَ وَلَا خُطْبَةَ مُرَتَّبَةً فِيهَا.
(وَرَكَعَ) أَيْ أَطَالَ فِي كُلِّ رُكُوعٍ (كَ) طُولِ (الْقِرَاءَةِ) الَّتِي قَبْلَهُ نَدْبًا، وَقِيلَ اسْتِنَانًا فَيَسْجُدُ إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا أَوْ يُسَبِّحُ فِيهِ فَقَطْ (وَسَجَدَ) أَيْ أَطَالَ السُّجُودَ نَدْبًا أَوْ اسْتِنَانًا (كَ) إطَالَةِ (الرُّكُوعِ) الثَّانِي وَلَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إجْمَاعًا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَرِّبُ الرُّكُوعَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الطُّولِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهُ قَدْرَهَا وَيُقَرِّبُ السُّجُودَ مِنْ الرُّكُوعِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهُ قَدْرَهُ، وَيُفِيدُ هَذَا التَّشْبِيهَ فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُسَاوِي الْمُشَبَّه بِهِ. عَبْدُ الْوَهَّابِ تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَنْدُوبٌ سَنَدٌ سَنَةٌ يَسْجُدُ لِتَرْكِهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَزَرُّوقٌ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْمَتْنِ بِتَغْيِيرِ الْأُسْلُوبِ وَمَحَلُّ نَدْبِ التَّطْوِيلِ مَا لَمْ يَضُرَّ الْمَأْمُومِينَ أَوْ يُخَفْ خُرُوجُ وَقْتِهَا قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ قِيَامِهَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَقِبَ مَرَضِهَا حَتَّى تَجَلَّاهَا الْغَشْيُ، أَيْ الْإِغْمَاءُ وَجَعَلَتْ تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهَا. لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ مُخَصِّصَةً لِلنَّهْيِ عَنْ التَّطْوِيلِ الضَّارِّ بِالْمَأْمُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَوَقْتُهَا) أَيْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ (كَ) وَقْتِ صَلَاةِ (الْعِيدِ) فِي أَنَّهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ فَلَوْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً أَوْ زَالَتْ كَذَلِكَ أَوْ كَسَفَتْ بَعْدَهُ فَلَا تُصَلَّى عَلَى رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِغُرُوبِهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ طُلُوعِهَا إلَى الْعَصْرِ.
وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ
وَلَا تُكَرَّرُ.
، وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا، فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ: قَوْلَانِ.
ــ
[منح الجليل]
(وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ) مَعَ الْإِمَامِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ (بِالرُّكُوعِ) الثَّانِي مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ الْفَرْضُ كَالْفَاتِحَةِ قَبْلَهُ، وَأَمَّا الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ فَسُنَّةٌ كَالْقِيَامِ قَبْلَهُ وَالْفَاتِحَةُ الَّتِي فِيهِ. وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا. وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِمَّا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ قِرَاءَةٍ يَعْقُبُهَا رُكُوعٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ إنْ كَانَ مُشْكِلًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ ذَكَرُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ كَمَظْرُوفِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا تَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا رَكْعَتَانِ، وَالْفَاتِحَةُ لَا تُكَرَّرُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ شَاذٌّ وَفِيهِ الْإِشْكَالُ السَّابِقُ. وَزِيَادَةُ خُلُوِّ الْقِيَامِ الْوَاجِبِ عَنْ الْفَاتِحَةِ إنْ كَانَ. قَالَ الْقِيَامُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي وَاجِبٌ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ.
(وَلَا تُكَرَّرُ) صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ إنْ أَتَمَّتْ قَبْلَ انْجِلَائِهَا وَالزَّوَالُ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَتَمُّوا صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالشَّمْسُ بِحَالِهَا فَلَا يُعِيدُوا الصَّلَاةَ وَلَكِنْ يَدْعُونَ، وَمَنْ شَاءَ تَنَفَّلَ قَالَ عج أَيْ يُمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ صَلَاةٍ لَا يَسُوغُ فِعْلُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا عِنْدَ سَبَبِهَا الْخَاصِّ، وَقَدْ أُخِذَ مُسَبِّبُهُ وَهِيَ الصَّلَاةُ الْأُولَى. اهـ وَتَبِعَهُ عب. وشب إلَّا أَنْ تَنْجَلِيَ وَتَنْكَسِفَ ثَانِيًا قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَكَرَّرَ السَّبَبُ الثَّانِي. وَكَذَا إنْ كَسَفَتْ ثَانِي يَوْمٍ سَنَدٌ لَوْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْقَمَرُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْكُسُوفَ كُلَّ مَرَّةٍ.
(وَإِنْ انْجَلَتْ) الشَّمْسُ كُلُّهَا (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَقِبَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا (فَفِي إتْمَامِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (كَالنَّوَافِلِ) بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ فَقَطْ بِلَا تَطْوِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ لِسَبَبٍ، وَقَدْ زَالَ، أَوْ عَلَى سُنَّتِهَا لَكِنْ بِلَا تَطْوِيلٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ انْجَلَتْ قَبْلَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ أُتِمَّتْ كَالنَّوَافِلِ اتِّفَاقًا. وَقِيلَ تُقْطَعُ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ جِدًّا. حَتَّى قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا خِلَافَ فِي إتْمَامِهَا فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ انْجَلَى بَعْضُهَا أُتِمَّتْ بِهَيْئَتِهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ زَالَتْ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ كَانَ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهَا قَبْلَهُ
وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ، ثُمَّ كُسُوفٌ
ثُمَّ عِيدٌ وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ
ــ
[منح الجليل]
أُتِمَّتْ بِصِفَتِهَا لِإِدْرَاكِ الْوَقْتِ بِرَكْعَةٍ، وَإِلَّا أُتِمَّتْ كَالنَّوَافِلِ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ.
(وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وُجُوبًا عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ (فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ) كَقِتَالِ عَدُوٍّ فَجَاءُوا لِإِنْقَاذِ أَعْمَى أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ مِنْ هَلَاكِهِ، وَجِنَازَةٍ خِيفَ تَغَيُّرُهَا فَلَا يُقَالُ وَقْتُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةِ فَرْضٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَزَاحُمُهُمَا.
(ثُمَّ) قُدِّمَ (كُسُوفٌ) عَلَى صَلَاةِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى نَدْبًا لِئَلَّا تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَفُوتُ سُنَّةُ الْكُسُوفِ وَوَقْتُ الْعِيدِ مُحَقَّقُ الْبَقَاءِ إلَى الزَّوَالِ فَيُؤَخَّرُ، وَإِنْ كَانَ أَوْكَدَ وَاسْتُشْكِلَ اجْتِمَاعُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ فِي يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الْكُسُوفَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ وَعِيدُ الْفِطْرِ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِيهِ مَنْزِلَةٌ تَامَّةٌ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دَرَجَةً وَعِيدُ الْأَضْحَى عَاشِرُهُ وَبَيْنَهُمَا عَشَرُ مَنَازِلَ نَحْوُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَسَبَبُ الْكُسُوفِ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّمْسِ، فَلَا يُمْكِنُ إلَّا حَالَ اجْتِمَاعِهِمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ. هَذَا كَلَامُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ. وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْكُسُوفَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ فَيَتَصَرَّفُ بِمَا يُرِيدُ. وَفِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ لِلْحَطِّ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ إنَّ الشَّمْسَ كُسِفَتْ يَوْمَ مَوْتِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَوَرَدَ أَنَّهَا كُسِفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مَوْتُهُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الشَّهْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَقِيلَ فِي رَابِعِهِ، وَقِيلَ فِي رَابِعِ عَشَرِهِ. وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ.
(ثُمَّ) قُدِّمَ (عِيدٌ) عَلَى اسْتِسْقَاءٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْكَدُ مِنْهُ (وَأُخِّرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً نَائِبُ فَاعِلِهِ (الِاسْتِسْقَاءُ) أَيْ صَلَاتُهُ عَنْ الْعِيدِ نَدْبًا (لِيَوْمٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ يَوْمُ تَجَمُّلٍ، وَإِظْهَارِ زِينَةٍ، وَالِاسْتِسْقَاءُ يَكُونُ فِي ثِيَابِ الْمِهْنَةِ إنْ لَمْ يُضْطَرَّ، وَإِلَّا فُعِلَ مَعَ الْعِيدِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. فَلَوْ اجْتَمَعَ الِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ قُدِّمَ الْكُسُوفُ لِئَلَّا يَفُوتَ بِالِانْجِلَاءِ وَيُصَلَّى الِاسْتِسْقَاءُ بَعْدَهُ.