المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيان حكم فعل الصلاة في جماعة] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ١

[محمد بن أحمد عليش]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة مُخْتَصَر خَلِيل]

- ‌(بَابٌ) يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّاهِرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إزَالَةُ النَّجَاسَةِ]

- ‌فَرَائِضُ الْوُضُوءِ:

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَاب قَضَاء الْحَاجَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجِبَات الْغُسْل وَوَاجِبَاته وَسُنَنه وَمَنْدُوبَاته وَمَا يُنَاسِبهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي مسح الْخَفّ بدلا عَنْ غَسَلَ الرَّجُلَيْنِ فِي الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مسح الْجُرْح أَوْ الجبيرة أَوْ الْعِصَابَة نِيَابَة عَنْ غَسَلَ أَوْ مسح أصلي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَيْض وَالنِّفَاس وَالِاسْتِحَاضَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَان أَوْقَات الصَّلَوَات الْخَمْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان شَرْطَيْنِ مِنْ شُرُوط صِحَّة الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي سِتْر الْعَوْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرَائِضُ الصَّلَاةِ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِيَام وبدله وَمَرَاتِبهَا فِي الْفَرْض]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَضَاء الْفَائِتَة وَتَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِت]

- ‌[فَصْلٌ فِي سُجُود السَّهْو وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَجْدَة التِّلَاوَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفَل]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان حُكْم فعل الصَّلَاة فِي جَمَاعَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام اسْتِخْلَاف إمَام]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام صَلَاة السَّفَرِ]

- ‌[فَصْل فِي بَيَان شُرُوط الْجُمُعَةَ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا وَمُسْقِطَاتهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الْعِيد]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاة الِاسْتِسْقَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْمَيِّتِ]

الفصل: ‌[فصل في بيان حكم فعل الصلاة في جماعة]

وَخَارِجَهُ: رَكَعَهَا؛ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ

وَهَلْ الْأَفْضَلُ كَثْرَةُ السُّجُودِ أَوْ طُولُ الْقِيَامِ؟ قَوْلَانِ.

(فَصْلٌ) الْجَمَاعَةُ بِفَرْضٍ، غَيْرِ جُمُعَةٍ: سُنَّةٌ

ــ

[منح الجليل]

بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَيُسْكِتُهُ لَهُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَطْعِ الصُّبْحِ لَهُ هَذَا الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ يُونُسَ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَسَنَدٌ أَنَّهُ يُسْكِتُهُ وَلَمْ يَحْكِيَا غَيْرَهُ. وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ عَلَى مَنْ يُصَلِّ الْفَجْرَ حَالَ كَوْنِهِ (خَارِجَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَخَارِجَ رَحْبَتِهِ (رَكَعَهَا) أَيْ صَلَّى الْفَجْرَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ (إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مِنْ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ بِصَلَاتِهِ الْفَجْرَ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دَخَلَ مَعَهُ نَدْبًا وَقَضَاهَا وَقْتَ حِلِّ النَّفْلِ

(وَهَلْ الْأَفْضَلُ) فِي النَّفْلِ (كَثْرَةُ السُّجُودِ) لِخَبَرِ «عَلَيْك بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّك لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَك اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْك خَطِيئَةً» (أَوْ) الْأَفْضَلُ فِيهِ (طُولُ الْقِيَامِ) بِالْقُرْآنِ لِخَبَرِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ أَيْ الْقِيَامِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ حَتَّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى إحْدَى عَشْرَ رَكْعَةً فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ غَالِبًا» فِيهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا مَحَلُّهَا إذَا اسْتَوَيَا زَمَنًا وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ هُوَ الْأَطْوَلُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَان حُكْم فعل الصَّلَاة فِي جَمَاعَة]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ (الْجَمَاعَةُ) أَيْ الصَّلَاةُ مَعَهَا بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ (بِفَرْضٍ) أَدَاءً أَوْ قَضَاءً نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَالْحَطّ عَنْ رِوَايَةِ عِيسَى وَنَعْتُ فَرْضٍ بِ (غَيْرِ جُمُعَةٍ) وَخَبَرُ الْجَمَاعَةِ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ وَمَفْهُومُ فَرْضٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ: فَمِنْهُ مَا الْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِي سُنِّيَّتِهِ كَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَمِنْهُ مَا هِيَ فِيهِ مَنْدُوبَةٌ كَالتَّرَاوِيحِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَشَفْعٍ وَوِتْرٍ وَفَجْرٍ، وَمِنْهُ مَا هِيَ فِيهِ مَكْرُوهَةٌ إنْ كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ أَوْ اُشْتُهِرَ الْمَكَانُ. وَمَفْهُومُ غَيْرِ جُمُعَةٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ

ص: 350

وَلَا تَتَفَاضَلُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ

ــ

[منح الجليل]

سُنَّةً فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَاجِبٌ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَشَمِلَ الْفَرْضُ الْجِنَازَةَ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فِيهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَجَعَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَاجِبًا شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَالْجُمُعَةِ. فَإِنْ صُلِّيَتْ بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ. وَقِيلَ تُنْدَبُ فِيهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْبَلَدِ، وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ، وَلِكُلِّ مُصَلٍّ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ وَيُقَاتَلُ تَارِكُوهَا لِتَفْرِيطِهِمْ فِي السُّنَّةِ وَالشَّعِيرَةِ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَشِيرٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْبَلَدِ يُقَاتَلُ أَهْلُهُ إنْ تَرَكُوهُ وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَمَنْدُوبَةٌ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ الْأَبِيِّ هَذَا أَقْرَبُ لِلْحَقِّ. (وَلَا تَتَفَاضَلُ) أَيْ لَا يَتَفَاوَتُ فَضْلُهَا تَفَاوُتًا تُطْلَبُ الْإِعَادَةُ لِأَجْلِهِ أَوْ فِي كَمِّيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالدَّرَجَاتِ وَإِلَّا فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَأَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا مَعَ غَيْرِهِمْ، لَكِنْ لَمْ يَزِدْ طَلَبُ الْإِعَادَةِ لِإِدْرَاكِ الْأَفْضَلِ بَعْدَ فِعْلِهَا مَعَ مَنْ هُوَ دُونَهُ. (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ الْوَارِدُ بِهِ الْحَدِيثُ وَهُوَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا» وَفِي رِوَايَةٍ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجُزْءَ أَعْظَمُ مِنْ الدَّرَجَةِ فَمَجْمُوعُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ جُزْءًا مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَيْهِ أَوَّلًا الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ فَأَخْبَرَهُ بِهَا ثُمَّ تَفَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِزِيَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ فَأَخْبَرَ بِهِمَا مَعَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقَدُّمِ رِوَايَةِ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ عَلَى رِوَايَةِ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَصِلَةُ يَحْصُلُ (بِرَكْعَةٍ) كَامِلَةٍ يُدْرِكُهَا مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ يَنْحَنِيَ بِحَيْثُ تَقْرَبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ بِتَقْدِيرِ مَوْضِعِهِمَا عَلَى فَخِذَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَاعْتِدَالِهِ مُطْمَئِنًّا، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَهُ فَمُدْرِكُ مَا دُونَهَا لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالدُّخُلِ مَعَ الْإِمَامِ وَمَأْجُورًا بِلَا نِزَاعٍ إذَا لَمْ يَكُنْ. مُعِيدًا لِتَحْصِيلِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ. وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ مَعَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فَلَا يُؤْجَرُ.

ص: 351

وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ: كَمُصَلٍّ بِصَبِيٍّ - إلَّا امْرَأَةً - أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا

ــ

[منح الجليل]

وَقَدْ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ فَضْلَهَا يَحْصُلُ وَيُدْرَكُ بِجُزْءٍ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَأَنَّ حُكْمَهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَكْعَةٍ دُونَ أَقَلَّ مِنْهَا، وَحُكْمُهَا أَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَلَا يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ وَتَرَتُّبُ سُجُودِ سَهْوِ إمَامِهِ عَلَيْهِ وَتَسْلِيمِهِ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَصِحَّةُ اسْتِخْلَافِهِ.

وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ سَجْدَتَيْهَا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنْ زُوحِمَ أَوْ نَعَسَ عَنْهُمَا حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ فَعَلَهُمَا بَعْدَ سَلَامِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَمَنْ سَجَدَهُمَا مَعَهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ، كَذَا فِي الْبُنَانِيِّ. وَعَكَسَ الْعَدَوِيُّ النِّسْبَةَ إلَى الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعْدَ عَقْدِهِ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ لِظَنِّهَا غَيْرَهَا فَتَبَيَّنَتْ الْأَخِيرَةَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ عَقِبَهَا وَلَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا فَذًّا، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَكْمِيلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا وَلَا شَفْعُهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَغْرِبًا وَلَا عِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا. وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ، الْقَطْعِ وَالشَّفْعِ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي مُعَادَةٍ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ صَلَّاهَا فَذًّا بَعْدَ عَقْدِهِ الْأَخِيرَةَ بِظَنِّهَا غَيْرَهَا فَظَهَرَتْ الْأَخِيرَةَ بِالسَّلَامِ عَقِبَهَا، وَرُبَّمَا الْتَبَسَتْ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَأَجْرَى التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى أَيْضًا خَطَأً نَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ عَنْ الْمِعْيَارِ

(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي صَلَّى وَ (لَمْ يُحَصِّلْهُ) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ رَجُلٌ (كَمُصَلٍّ) إمَامًا بِمَأْمُومٍ (صَبِيٍّ) وَأَوْلَى مَنْ صَلَّى فَذًّا وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ (لَا) لِمَنْ حَصَّلَهُ كَرَجُلٍ صَلَّى إمَامًا لِ (اِ) مَرْأَةٍ لِأَنَّ صَلَاتَهَا فَرْضٌ وَصَلَاةَ الصَّبِيِّ نَفْلٌ، وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (أَنْ يُعِيدَ) صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا لِصَبِيٍّ وَلَوْ بِوَقْتٍ ضَرُورِيٍّ حَالَ كَوْنِهِ (مُفَوِّضًا) أَمْرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي جَعْلِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَرْضَهُ الْفَاكِهَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَنْوِي الْفَرْضَ وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَبُولِ أَيِّ الْفَرْضَيْنِ شَاءَ. وَقِيلَ يَنْوِي النَّفَلَ وَقِيلَ يَنْوِي إكْمَالَ الْفَرْضِ الَّذِي صَلَّاهُ فَذًّا وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

فِي نِيَّةِ الْعَوْدِ لِلْمَفْرُوضِ أَقْوَالٌ

فَرْضٌ وَنَفْلٌ وَتَفْوِيضٌ وَإِكْمَالٌ

ص: 352

مَأْمُومًا، وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ، غَيْرَ مَغْرِبٍ: كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ فَإِنْ أَعَادَ

ــ

[منح الجليل]

وَكُلُّهَا مُشْكِلَةٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَالَ كَوْنِهِ (مَأْمُومًا) فَإِنْ أَعَادَ إمَامًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُعِيدِ تُشْبِهُ النَّفَلَ، وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ شِبْهِ نَفْلٍ

وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ صَلَّى فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عليه الصلاة والسلام وَمَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. فَلَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهِمَا جَمَاعَةً وَمِنْ مَفْهُومِ مَأْمُومًا مَنْ صَلَّى بِغَيْرِهَا كَذَلِكَ وَدَخَلَ أَحَدُهُمَا فَيُعِيدُ فِيهِ، فَذًّا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِمَا وَمِنْ مَفْهُومِ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ حَصَّلَهُ فِي غَيْرِهَا وَدَخَلَهَا فَيُعِيدُ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ لَا فَذًّا. وَقِيلَ يُعِيدُ فِيهَا فَذًّا أَيْضًا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِ. وَبَالَغَ عَلَى إعَادَتِهِ مَأْمُومًا فَقَالَ (وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا إذَا كَانَ إمَامًا رَاتِبًا فَيُعِيدُ مَعَهُ لِأَنَّهُ كَجَمَاعَةٍ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَمَفْعُولُ يُعِيدُ قَوْلُهُ فَرْضًا (غَيْرَ مَغْرِبٍ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحْرُمُ إعَادَتُهَا لِصَيْرُورَتِهَا مَعَ الْأُولَى شَفْعًا فَتَنْتَفِي حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا ثَلَاثًا مِنْ إيتَارِ عَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ النَّهَارِيَّةِ وَلِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ النَّفَلَ بِثَلَاثٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ.

وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَعِشَاءٍ) صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ وَأَوْتَرَ عَقِبَهَا فَلَا تُعَادُ (بَعْدَ وِتْرٍ) أَيْ تُمْنَعُ إعَادَتُهَا لِأَنَّهُ إنْ أَعَادَ الْوِتْرَ لَزِمَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» . وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ لَزِمَ مُخَالَفَةُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» . وَفِي إفَادَةِ هَذِهِ الْعِلَلِ الْمَنْعَ نَظَرٌ مَعَ إجَازَتِهِمْ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَالْإِعَادَةُ أَقْوَى مِنْهُ بِدَلِيلِ إعَادَةِ الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَالظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ. أَبُو إِسْحَاقَ أَجَازُوا إعَادَةَ الْعَصْرِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا وَإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ نَفْلًا، وَكَذَلِكَ الصُّبْحَ لِرَجَاءِ أَنْ تَكُونَ الْمُعَادَةُ فَرِيضَةً، وَكُرِهَتْ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِ الثَّانِيَةِ فَرِيضَةً لِلُزُومِ النَّفْلِ بِثَلَاثٍ، وَكَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ خَفِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَمَفْهُومُ بَعْدَ وِتْرٍ نَدْبُ إعَادَتِهَا قَبْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا. (فَإِنْ أَعَادَ) أَيْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ نَاسِيًا صَلَاتَهَا فَذًّا ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهَا فَذًّا

ص: 353

وَلَمْ يَعْقِدْ قَطَعَ، وَإِلَّا شَفَعَ

. وَإِنْ أَتَمَّ وَلَوْ سَلَّمَ أَتَى بِرَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ

وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا أَفْذَاذًا

ــ

[منح الجليل]

وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَعْقِدْ) رَكْعَةً مِنْهَا (قَطَعَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا وَخَرَجَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَهَيْئَةِ الرَّاعِفِ لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا (شَفَعَ) نَدْبًا مَعَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِهَيْئَةِ الرَّاعِفِ لِذَلِكَ. وَلَوْ فَصَلَ بِجُلُوسٍ بَيْنَ رَكْعَتَيْهِ بِأَنْ سُبِقَ بِالْأُولَى هَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ. فَإِنْ أَعَادَهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَشْفَعَهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً اهـ. وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى قَطْعُهَا أَوْلَى وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ شَفْعُهَا.

وَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي عَقَدَهَا قَبْلَ تَذَكُّرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمُرَاعَاةً لِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ. وَإِنْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ نَاسِيًا فَيَقْطَعُهَا وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً. وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً يَشْفَعُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَنْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ الْعِشَاءِ بَعْدَ وِتْرٍ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَيَقْطَعُ وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً.

(وَإِنْ أَتَمَّ) الْمَغْرِبَ الَّتِي أَعَادَهَا بَعْدَ صَلَاتِهَا فَذًّا سَهْوًا مَعَ الْإِمَامِ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ. بَلْ (وَلَوْ سَلَّمَ) مِنْهَا قَبْلَ تَذَكُّرِهِ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ (أَتَى) وُجُوبًا (بِ) رَكْعَةٍ (رَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ) تَذَكُّرُهُ مِنْ سَلَامِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَسَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ. وَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ وَلَا يَسْجُدُ وَمَفْهُومُ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

(وَ) إنْ أَعَادَ الْمُعِيدُ أَفْضَلَ الْجَمَاعَةِ إمَامًا (أَعَادَ) شَخْصٌ (مُؤْتَمٌّ بِ رَجُلٍ)(مُعِيدٍ) صَلَاتَهُ، وَصِلَةُ أَعَادَ قَوْلُهُ (أَبَدًا) لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ خَلْفَ الْمُعِيدِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِمُتَنَفِّلٍ وَالْمُؤْتَمُّ مُفْتَرِضٌ. وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ شِبْهِ نَفْلٍ حَالَ كَوْنِ الْمُؤْتَمِّ (أَفْذَاذًا) فِي إعَادَةِ صَلَاتِهِ الَّتِي صَلَّاهَا خَلْفَهُ وَالْأَوْلَى لِيُطَابِقَ الْحَالُ صَاحِبَهُ فِي إفْرَادِهِ لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَعْنَى، إذْ الْمَقْصُودُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِمُتَعَدِّدٍ أَيْضًا هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ.

ابْنُ يُونُسَ وَجْهُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا فَرْضُ الْمُعِيدِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَأْمُومِيهِ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُونَهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَوَجَبَتْ إعَادَتُهُمْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ فَرْضِهِ

ص: 354

وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا: أَجْزَأَتْ

، وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ

ــ

[منح الجليل]

الْأُولَى وَالْمُعَادَةِ نَافِلَتُهُ فَاحْتِيطَ لِلْوَجْهَيْنِ. ابْنُ نَاجِي لَمْ يَحْكِ ابْنُ بَشِيرٍ غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَدَّرَ الشَّاذِلِيُّ إعَادَتَهُمْ جَمَاعَةً عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ وَاقْتِصَارُ ابْنِ بَشِيرٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُعَادِلُ نِسْبَةَ مُقَابِلِهِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعِيدُ الْإِمَامُ الْمُعِيدُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ هَذِهِ فَرْضَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ.

(وَإِنْ تَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَهَرَ لِلْمُعِيدِ (عَدَمُ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ الَّتِي ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا رَأْسًا (أَوْ) تَبَيَّنَ لَهُ (فَسَادُهَا) أَيْ الْأُولَى الَّتِي صَلَّاهَا فَذًّا لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ (أَجْزَأَتْهُ) الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ وَلَا يُعِيدُ مُؤْتَمٌّ بِهِ فِيهَا إنْ نَوَى الْفَرْضَ أَوْ التَّفْوِيضَ، فَإِنْ نَوَى النَّفَلَ أَوْ الْإِكْمَالَ فَلَا تُجْزِئُهُ.

(وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ) مِنْ إمَامٍ أَيْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ (لِدَاخِلٍ) عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا لَمْ يَخْشَ إضْرَارَهُ وَلَا اعْتِدَادَهُ بِمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ إنْ لَمْ يُطِلْ لَهُ الرُّكُوعَ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ مَنْ وَرَاءَهُ أَعْظَمُ عَلَيْهِ حَقًّا مِمَّنْ يَأْتِي الْقَرَافِيُّ لِصَرْفِ نُفُوسِ الْمُصَلِّينَ إلَى انْتِظَارِ الدَّاخِلِينَ فَيَذْهَبُ إقْبَالُهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ وَأَدَبُهُمْ مَعَ رَبِّهِمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَ الدَّاخِلَ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ فَلَا يُطِيلُ وَعَدَمِهَا فَيُطِيلُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ وَالْعَمَلِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَظِرُ مَنْ رَآهُ أَوْ حَسَّهُ مُقْبِلًا، وَفَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْكَرَاهَةِ فَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الدَّاخِلَ وَالرُّكُوعَ خِلَافُ مَا فِي السَّمَاعِ وَاسْتَظْهَرَ الْبِسَاطِيُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ بِهِ قَالَ وَلَا يُعْلَمُ لِتَخْصِيصِ الدَّاخِلِ مَعْنًى اهـ. وَوَجْهُ تَعْمِيمِ مَا فِي السَّمَاعِ مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْقَرَافِيِّ قَالَهُ تت.

وَقَالَ سَحْنُونٌ نَنْتَظِرُهُ وَلَوْ طَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَنْ مَعَهُ، وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَطَالَ، وَقَالَ إنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي» «وَخَفَّفَ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ» . أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ

ص: 355

وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ: كَجَمَاعَةٍ

وَلَا تُبْتَدَأُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ

وَإِنْ أُقِيمَتْ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ

ــ

[منح الجليل]

فِيمَنْ رَأَى مُقْبِلًا يُرِيدُ الدُّخُولَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ أَوْ يُبْطِئُ فِيهَا وَلَوْلَا انْتِظَارُهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ عج. وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ أَيْ يُكْرَهُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ الْأَفْعَالِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمُصَلِّي وَحْدَهُ إذَا حَسَّ بِدُخُولِ شَخْصٍ مَعَهُ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ لَهُ الرُّكُوعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَقْرِيرِ تت وَتَعْلِيلَيْ اللَّخْمِيِّ وَالْقَرَافِيِّ. اهـ. وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَأَقَرَّهُمْ الرَّمَاصِيُّ وَالْعَدَوِيُّ.

(وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ) أَيْ الَّذِي رَتَّبَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْوَاقِفُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ لِلْإِمَامَةِ بِمَحَلٍّ مُعَدٍّ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَسْجِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ بَعْضِهَا (كَجَمَاعَةٍ) فِيمَا هُوَ رَاتِبٌ فِيهِ فَضْلًا وَحُكْمًا، فَيَنْوِي الْإِمَامَةَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَلَا يُعِيدُ فِي أُخْرَى وَلَا يُصَلِّي بَعْدَهُ جَمَاعَةً فِي مَحَلِّهِ الَّذِي هُوَ مُرَتَّبٌ فِيهِ، وَيُعِيدُ مَعَهُ مُرِيدُ الْفَضْلَ اتِّفَاقًا وَيَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ إنْ أُذِّنَ وَأُقِيمَ وَانْتَظَرَ النَّاسَ فِي وَقْتِهِمْ الْمُعْتَادِ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ إذْ لَا مُجِيبَ لَهُ. وَقِيلَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَوَّلِ.

(وَلَا تُبْتَدَأُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى نَائِبُ فَاعِلِهِ (صَلَاةٌ) أَيْ يَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا مِنْ فَذٍّ أَوْ جَمَاعَةٍ بِالْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُرَتَّبٌ لِلصَّلَاةِ بِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ وَجَمَاعَتِهِ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم، إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَحُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَتَصِحُّ صَرَّحَ بِهَا الْمُوَضِّحُ وَالْقَبَّابُ وَالْبَرْزَلِيُّ وَالْأَبِيُّ نَقَلَهُ الْحَطّ وَلَعَلَّهُ عَلَى أَنَّ الْفِسْقَ الْمُتَعَلِّقَ بِالصَّلَاةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهَا بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ، وَصِلَةُ تُبْتَدَأُ (بَعْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْإِقَامَةِ) لِلرَّاتِبِ.

(وَإِنْ أُقِيمَتْ) الصَّلَاةُ لِلرَّاتِبِ (وَهُوَ) أَيْ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ (فِي صَلَاةٍ) نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ هِيَ الْمُقَامَةُ أَوْ غَيْرُهَا بِمَحَلِّ الرَّاتِبِ أَوْ رَحْبَتِهِ (قَطَعَ) الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَدَخَلَ مَعَ الرَّاتِبِ وُجُوبًا إنْ لَمْ يُصَلِّهَا أَوْ صَلَّاهَا فَذًّا. وَإِنْ كَانَ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ خَرَجَ

ص: 356

إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ، أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ: عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا، وَالْقَطْعُ بِسَلَامٍ أَوْ مُنَافٍ وَإِلَّا أَعَادَ

وَإِنْ أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ

ــ

[منح الجليل]

وُجُوبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَسَيَأْتِي هَذَا، وَسَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً مِمَّا هُوَ فِيهَا أَمْ لَا (إنْ خَشِيَ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ (فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مِنْ صَلَاةِ الرَّاتِبِ بِإِتْمَامِ مَا هُوَ فِيهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِي الْأُولَى عَقِبَ إتْمَامِ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ (أَتَمَّ النَّافِلَةَ) الَّتِي هُوَ فِيهَا عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا (أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا) أَيْ الْمُقَامَةِ لِلرَّاتِبِ، بِأَنْ كَانَ فِي ظُهْرٍ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرُ مَثَلًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً غَيْرَهَا بِأَنْ كَانَتْ عَيْنَ الْمُقَامَةِ لِلرَّاتِبِ كَإِقَامَةِ ظُهْرٍ وَهُوَ بِهَا (انْصَرَفَ) أَيْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّالِثَةِ) الَّتِي لَمْ يَعْقِدْهَا (عَنْ شَفْعٍ) بِأَنْ يَرْجِعَ لِلْجُلُوسِ وَيُعِيدَ التَّشَهُّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَدْخُلَ مَعَ الرَّاتِبِ، فَإِنْ عَقَدَهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَّلَهَا فَرِيضَةً بِرَكْعَةٍ وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً كَإِتْمَامِهِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ، فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَرِيضَةً وَيَخْرُجُ مِنْ مَحَلِّ الرَّاتِبِ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ لِلْفَضْلِ وَيُتِمُّ الصُّبْحَ وَيَدْخُلُ مَعَهُ. وَشَبَّهَ فِي الِانْصِرَافِ عَنْ شَفْعٍ فَقَالَ (كِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي أُقِيمَتْ وَهُوَ بِهَا فَيَشْفَعُهَا بِرَكْعَةٍ أُخْرَى (إنْ) كَانَ (عَقَدَهَا) بِأَنْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَغْرِبًا وَإِلَّا فَيَقْطَعُ وَلَوْ عَقَدَهَا لِئَلَّا يَصِيرَ تَنَفُّلًا وَقْتَ النَّهْيِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا، وَإِنْ صَلَّى ثِنْتَيْنِ أَتَمَّهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَ، وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا سَلَّمَ وَخَرَجَ وَلَمْ يُعِدْهَا (وَالْقَطْعُ) حَيْثُ قِيلَ بِهِ (بِسَلَامٍ أَوْ) شَيْءٍ (مُنَافٍ) لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ غَيْرِ السَّلَامِ كَكَلَامٍ وَرَفْضٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَلَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ غَيْرَهُ وَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالرَّاتِبِ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَاَلَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ لَكِنْ إنَّمَا يُعِيدُ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَرِيضَةً.

(وَإِنْ أُقِيمَتْ) صَلَاةُ رَاتِبٍ (بِمَسْجِدٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ

ص: 357

عَلَى مُحَصِّلِ الْفَضْلِ. وَهُوَ بِهِ: خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَلَا غَيْرَهَا، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا، وَبِبَيْتِهِ يُتِمُّهَا

وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا،

ــ

[منح الجليل]

عَلَى) شَخْصٍ (مُحَصِّلِ الْفَضْلَ) فِي الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ بِصَلَاتِهَا فِي جَمَاعَةٍ (وَهُوَ) أَيْ مُحَصِّلُ الْفَضْلِ (بِهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ (خَرَجَ) مِنْهُ وُجُوبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي الْإِمَامِ وَجَمَاعَتِهِ (وَلَمْ يُصَلِّهَا) أَيْ الْمُقَامَةَ مَعَهُ لِامْتِنَاعِ إعَادَتِهَا جَمَاعَةً (وَلَا) يُصَلِّي فَرْضًا (غَيْرَهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْفَضْلُ بِأَنْ كَانَ صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ (لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمُقَامَةُ مَعَ الْإِمَامِ خَوْفَ الطَّعْنِ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ أَوْ مُكْثِهِ بِلَا صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ خَرَجَ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِهَا مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَ (كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا) وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ إنْ كَانَ مُحَصِّلًا لِشُرُوطِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَإِلَّا خَرَجَ. (وَإِنْ) أُقِيمَتْ بِالْمَسْجِدِ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِهَا (بِبَيْتِهِ) أَيْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ فَ (يُتِمُّهَا) بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وُجُوبًا سَوَاءٌ عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا خَشَى فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ أَمْ لَا

(وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (بِ) سَبَبِ (اقْتِدَاءٍ) فِيهَا (بِمَنْ) أَيْ إمَامٍ أَوْ الْإِمَامِ الَّذِي (بَانَ) أَيْ تَبَيَّنَ وَظَهَرَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا (كَافِرًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ فَتُعَادُ أَبَدًا سَوَاءٌ كَانَتْ سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً وَسَوَاءٌ كَانَ آمِنًا وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فِيمَا بَعْدُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ طَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا بِالنَّاسِ أَمْ لَا وَقِيلَ لَا يُعِيدُ مَأْمُومٌ مَا جَهَرَ فِيهِ وَيُعِيدُ مَا أَسَرَّ فِيهِ.

وَقِيلَ إنْ كَانَ آمِنًا وَطَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا فَالصَّلَاةُ خَلْفَهُ صَحِيحَةٌ فَلَا تُعَادُ لِلْمَشَقَّةِ وَبَحَثَ فِي الْأَخِيرَيْنِ، بِأَنَّهُ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنْ تَحَقَّقَتْ الشَّهَادَتَانِ مِنْهُ بِأَذَانٍ أَوْ إقَامَةٍ أَوْ جَهْرِهِ بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ مِنْهُ آمِنًا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، فَإِنْ رَجَعَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ. سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " عَنْ الْأَعْجَمِيِّ يُقَالُ لَهُ صَلِّ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَمُوتُ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَقَالَ نَعَمْ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى فَقَدْ أَسْلَمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَمَنْ أَبَى فَهُوَ كَافِرٌ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ» وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ

ص: 358

أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا، أَوْ مَجْنُونًا أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ، أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ

وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ عِلْمٍ،

ــ

[منح الجليل]

الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ مَرَّةً، كَالْحَدِيثِ وَجَوَابِ الْإِمَامِ (أَوْ) بَانَ (امْرَأَةً) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ فِي نَفْلٍ وَلَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ يُؤْتَمُ بِهِ. (أَوْ) بَانَ (خُنْثَى) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ شَخْصًا لَهُ آلَةُ رَجُلٍ وَآلَةُ امْرَأَةٍ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُمَا وَلَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا (مُشْكِلًا) أَيْ لَمْ تَتَّضِحْ ذُكُورَتُهُ وَلَا أُنُوثَتُهُ وَلَوْ لِمِثْلِهِ فِي نَفْلٍ وَلَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ يُؤْتَمُّ بِهِ (أَوْ) بَانَ (مَجْنُونًا) مُطْبَقًا أَوْ يُفِيقُ وَأَمَّ حَالَ جُنُونِهِ، فَإِنْ أَمَّ حَالَ إفَاقَتِهِ فَصَحِيحَةٌ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. (أَوْ) بَانَ (فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ) كَزَانٍ وَشَارِبٍ مُغَيَّبٍ، لِحَدِيثِ «أَئِمَّتُكُمْ شُفَعَاؤُكُمْ» وَالْفَاسِقُ لَا يَصْلُحُ لَهَا، وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ مَعَ كَرَاهَتِهَا إذْ لَمْ يَتَعَلَّقْ فِسْقُهُ بِالصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا كَقَصْدِهِ الْكِبْرَ بِالْإِمَامَةِ وَإِخْلَالِهِ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ سُنَّةٍ عَمْدًا (أَوْ) بَانَ (مَأْمُومًا) بِأَنْ ظَهَرَ مَسْبُوقًا فَأَقَامَ لِلْقَضَاءِ أَوْ ظَنَّهُ إمَامًا وَهُوَ مَأْمُومٌ (أَوْ) بَانَ (مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ) فِيهَا أَوْ دُخُولَهَا بِهِ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِي أَثْنَائِهَا وَعَمِلَ عَمَلًا مِنْهَا لَا إنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ تَمَامِهَا أَوْ سَبَقَهُ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَخَرَجَ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ جُمُعَةً بِشَرْطِ اسْتِخْلَافٍ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَوْ السَّلَامَ. (أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ) بِحَدَثِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَهُ وَلَوْ نَاسِيًا. فَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَأَعْلَمَهُ فَوْرًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعِلْمُهُ بِهِ بَعْدَهَا مُغْتَفَرٌ

(وَ) بَطَلَتْ (بِ) اقْتِدَاءٍ بِ (عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ) قَوْلِيٍّ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْفَاتِحَةِ وَالسَّلَامِ أَوْ فِعْلِيٍّ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالْمَأْمُومُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ غَيْرُهُ.

(أَوْ) عَاجِزٍ عَنْ (عِلْمٍ) بِمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ كَيْفِيَّةِ غُسْلٍ وَوُضُوءٍ وَصَلَاةٍ فَإِنْ عَلِمَ كَيْفِيَّتَهَا بِتَلَقِّيهَا مِنْ عَالِمٍ بِهَا صَحَّتْ خَلْفَهُ وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا سُنَنٌ أَوْ أَنَّ الْفَرْضَ سُنَّةٌ وَالسُّنَّةَ فَرْضٌ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ

ص: 359

إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ

، أَوْ بِأُمِّيٍّ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ أَوْ قَارِئٌ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ،

ــ

[منح الجليل]

إلَّا بِفِعْلِ مَا رَأَوْا، وَأَهْلُ الْعِلْمِ نَائِبُونَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فَهُمْ مِثْلُهُ فِي الِاقْتِدَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أَوْ رَأَيْتُمْ نُوَّابِي يُصَلُّونَ. (إلَّا) أَنْ يُسَاوِيَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِي الْعَجْزِ عَنْ رُكْنٍ (كَالْقَاعِدِ) أَيْ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ يَقْتَدِي فِي الْفَرْضِ (بِمِثْلِهِ) أَيْ قَاعِدٍ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ (فَ) اقْتِدَاؤُهُ بِهِ (جَائِزٌ) ابْتِدَاءً فَهُوَ صَحِيحٌ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ رُكْنٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ عِلْمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ لِشُمُولِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعَاجِزَ الْمُمَاثِلَ لِمَأْمُومِهِ، وَالْمُخَالِفَ لَهُ فِيهِ، وَالْإِمَامَ لِقَادِرٍ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ مُقَوَّسُ الظَّهْرِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُسْتَقِيمِ الظَّهْرِ بِهِ، أَفْتَى بِهَذَا الْعَبْدُوسِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ، وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُورِيُّ بِصِحَّتِهِ. وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ إمَامَتَهُ عَلَى إمَامَةِ صَاحِبِ السَّلَسِ لِلصَّحِيحِ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا الصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمِثْلِهِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ.

(أَوْ) بِاقْتِدَاءِ أُمِّيٍّ (بِأُمِّيٍّ) أَيْ عَاجِزٍ عَنْ الْفَاتِحَةِ فَصَلَاتُهُمَا بَاطِلَةٌ (إنْ وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ رَجُلٌ (قَارِئٌ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ صِحَّةُ صَلَاتِهِمَا إنْ لَمْ يُوجَدْ قَارِئٌ، فَإِنْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ بِمِثْلِهِ عِنْدَ عَدَمِ قَارِئٍ فَطَرَأَ قَارِئٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَتَمَّا وَإِلَّا فَيَقْطَعَانِ وَيَقْتَدِيَانِ بِالْقَارِئِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ إذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْمَامُ بِالْقَارِئِ فَلَمْ يَفْعَلْ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجِبُ الْإِتْمَامُ كَالْمَرِيضِ الْجَالِسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْقَائِمِ اهـ، فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا وُجِدَ قَارِئٌ وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا.

(أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ بِ (قَارِئٍ)(بِ) قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ مُخَالِفَةٍ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ (كَقِرَاءَةِ) عَبْدِ اللَّهِ (ابْنِ مَسْعُودٍ) رضي الله عنه إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَكَقِرَاءَةِ لَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرِئَ مِمَّا قَالُوا فَلَا تَبْطُلُ بِاقْتِدَاءٍ بِقَارِئٍ قِرَاءَةً شَاذَّةً مُوَافِقَةً لِرَسْمِهِ. وَإِنْ حُرِّمَتْ كَقِرَاءَةِ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خَلَقْتُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ

ص: 360

أَوْ عَبْدٍ فِي جُمُعَةٍ، أَوْ صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ، وَبِغَيْرِهِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ

وَهَلْ بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ،

ــ

[منح الجليل]

وَاللَّامِ وَضَمِّ التَّاءِ، وَكَذَا رُفِعَتْ وَنُصِبَتْ وَسُطِحَتْ فَالْقِرَاءَةُ بِالشَّاذِّ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْأَرْبَعَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْقِرَاءَاتِ الْعَشَرَةِ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالرَّمْلِيُّ السَّبْعَةُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الشَّاطِبِيَّةِ (أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ بِ (عَبْدٍ فِي) صَلَاةِ (جُمُعَةٍ) وَإِنْ بِشَائِبَةٍ كَمُكَاتَبٍ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَامَتْ مَقَامَ الظُّهْرِ إذَا صَلَّاهَا (أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ بِ (صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ) لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ (وَبِغَيْرِهِ) أَيْ الْفَرْضِ صِلَةُ (تَصِحُّ) إمَامَتُهُ لِلْبَالِغِ بَعْدَ وُقُوعِهَا (وَإِنْ لَمْ تَجُزْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَاوُهُ لِلْحَالِ أَيْ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تَجُوزُ ابْتِدَاءً فِي النَّفْلِ، وَإِمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ جَائِزَةٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَنْوِي الصَّبِيُّ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَبُطْلَانِهَا رِوَايَتَانِ اسْتَظْهَرْت مِنْهُمَا الصِّحَّةَ.

(وَهَلْ) تَبْطُلُ بِاقْتِدَاءٍ (بِلَاحِنٍ) فِي قِرَاءَتِهِ (مُطْلَقًا) عَلَى تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ بِفَاتِحَةٍ وَبِتَغْيِيرِهِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَيْسَ قُرْآنًا لِأَنَّ أَرْكَانَ الْقُرْآنِ الثَّلَاثَةَ مُوَافَقَةُ الْعَرَبِيَّةَ وَرَسْمُ الْمُصْحَفِ وَصِحَّةُ الْإِسْنَادِ (أَوْ) لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ كَانَ لَحْنُهُ (فِي) خُصُوصِ (الْفَاتِحَةِ) أَوْ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ كُرِهَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَيَجُوزُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَهِيَ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَكُلُّهَا مُطْلَقَةٌ إلَّا قَوْلَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً مَعَ الصِّحَّةِ، فَقَيَّدَهُ بِوُجُودِ غَيْرِ لَاحِنٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي جَاهِلٍ يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِ لَاحِنٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا مُتَعَمِّدُ اللَّحْنِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَالسَّاهِي صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَالْعَاجِزُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا أَيْضًا وَأَرْجَحُهَا صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ لِاتِّفَاقِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا.

وَأَمَّا حُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِاللَّاحِنِ فَبِالْمُعْتَمَدِ حَرَامٌ وَبِالْأَلْكَنِ

ص: 361

وَبِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ: خِلَافٌ

وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي: كَحَرُورِيٍّ

وَكُرِهَ: أَقْطَعُ، وَأَشَلُّ

ــ

[منح الجليل]

جَائِزٌ وَبِالْجَاهِلِ مَكْرُوهٌ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّحْنِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (وَ) هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مُقْتَدٍ (بِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ) مُعْجَمَيْنِ أَوْ صَادٍ وَسِينٍ مُهْمَلَيْنِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَزَايٍ مُطْلَقًا أَوْ تَبْطُلُ إنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ. ابْنُ عَاشِرٍ كَانَ الْمُصَنِّفُ صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى عَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي اللَّاحِنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْأَنْسَبُ كَغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ أَوْ وَمِنْهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي اللَّاحِنِ قَالُوا وَمِنْهُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(وَأَعَادَ) نَدْبًا (بِوَقْتٍ) اخْتِيَارِيٍّ (فِي) اقْتِدَاءٍ بِإِمَامٍ بِدْعِيٍّ مُخْتَلَفٍ فِي كُفْرِهِ (كَحَرُورِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِحَرُورَاءَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْكُوفَةِ خَرَجَ بِهَا قَوْمٌ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي تَحْكِيمِهِ أَبَا مُوسَى وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَعَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خُرُوجِهِ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَفَّرُوهُمَا بِالذَّنْبِ فَقَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قِتَالًا شَدِيدًا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَدَرِيَّ وَكُلَّ ذِي عَقِيدَةٍ بَاطِلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِي كُفْرِهِ بِهَا، وَالْمُتَّفَقُ عَلَى كُفْرِهِ كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الرَّسُولُ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَخْطَأَ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ انْدَرَجَ فِي قَوْلِهِ آنِفًا وَبِمَنْ بَانَ كَافِرًا، وَالْمُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ كَمُفَضِّلِ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُعِيدُ الْمُقْتَدِي بِهِ. وَهَذَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْقُدُومُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِنَحْوِ الْحَرُورِيِّ مُحَرَّمٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ.

(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَقْطَعُ وَأَشَلُّ) يَدًا أَوْ رِجْلًا أَيْ إمَامَتُهُمَا وَلَوْ لِمِثْلِهِمَا حَيْثُ لَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ حَالَ السُّجُودِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ بِجِنَايَةٍ

ص: 362

وَأَعْرَابِيٌّ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَقْرَأَ

وَذُو سَلَسٍ وَقُرُوحٍ، لِصَحِيحٍ

ــ

[منح الجليل]

أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَإِنْ حَسُنَ حَالُهُ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ كَرَاهَةِ إمَامَتِهِمَا مُطْلَقًا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ. وَنَصَّهُ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ لِمِثْلِهِمَا وَلِغَيْرِ مِثْلِهِمَا وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَسَوَاءٌ كَانَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا.

(وَ) كُرِهَ (أَعْرَابِيٌّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مَنْسُوبٌ لِلْأَعْرَابِ كَذَلِكَ أَيْ سُكَّانِ الْبَادِيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتُهُمْ عَرَبِيَّةً أَوْ عَجَمِيَّةً (لِغَيْرِهِ) أَيْ إمَامَتُهُ لِحَضَرِيٍّ سَوَاءٌ كَانَتْ بِحَاضِرَةٍ أَوْ بِبَادِيَةٍ. وَلَوْ كَانَا بِمَنْزِلِ الْأَعْرَابِيِّ لِجَفَائِهِ وَغِلْظَتِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِلشَّفَاعَةِ اللَّازِمَةِ لِلْإِمَامِ إنْ سَاوَى الْأَعْرَابِيُّ الْحَضَرِيَّ فِي الْقُرْآنِ أَوْ زَادَ الْحَضَرِيُّ فِيهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْأَعْرَابِيُّ (أَقْرَأَ) أَيْ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنْ الْحَضَرِيِّ أَوْ أَحْكَمَ قِرَاءَةً مِنْهُ.

(وَ) كُرِهَ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (سَلَسٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ يَخْرُجُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ فَلَا يُسْتَطَاعُ حَبْسُهُ (وَ) ذُو (قُرُوحٍ) بِضَمِّ الْقَافِ جَمْعُ قَرْحٍ بِفَتْحِهَا أَيْ جُرُوحٍ يَسِيلُ مِنْهَا دَمٌ وَنَحْوُهُ أَيْ إمَامَتُهُمَا (لِصَحِيحٍ) أَيْ سَلِيمٍ مِنْ السَّلَسِ وَالْقُرُوحِ، وَكَذَا سَائِرُ أَصْحَابِ الْمَعْفُوَّاتِ، فَمَنْ تَلَبَّسَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَإِمَامَتُهُ لِلسَّلِيمِ مِنْهَا مَكْرُوهَةٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ إذَا عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ ارْتِبَاطٌ وَكَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَكِنْ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ. وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِهِ بِثَوْبِهِ فَاقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى مَنْعِهَا قَائِلًا إنَّمَا عُفِيَ عَنْ النَّجَاسَةِ لِلْمَعْذُورِ خَاصَّةً فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ. وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي شَرْحِ ابْنَ الْحَاجِبِ فِيهَا قَوْلَيْنِ، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةَ بِالصَّحِيحِ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ تَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِإِمَامَةِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالصَّحِيحِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ بَشِيرٍ

ص: 363

وَإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ

وَتَرَتُّبُ: خَصِيٍّ، وَمَأْبُونٍ، وَأَغْلَفَ، وَوَلَدِ زِنَى وَمَجْهُولِ حَالٍ، وَعَبْدٍ بِفَرْضٍ

ــ

[منح الجليل]

وَابْنُ شَاسٍ فِي التَّقْيِيد، وَأَطْلَقَا الْكَرَاهَةَ.

وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَقَدْ أَقَرَّا تَقْيِيدَ ابْنِ الْحَاجِبِ

(وَ) كُرِهَ (إمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ كَرِهَهُ أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ غَيْرَ ذِي الْفَضْلِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَرِهَهُ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ أَوْ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمْ وَإِنْ قَلَّ فَإِمَامَتُهُ مُحَرَّمَةٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَأَنْ تُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ كَرَاهَتُهُ لِارْتِكَابِهِ أُمُورًا مُزْرِيَةً مُوجِبَةً لِلزُّهْدِ فِيهِ وَالْكَرَاهَةِ لَهُ، وَلِتَسَاهُلِهِ فِي السُّنَنِ كَالْوِتْرِ وَالْعِيدِ وَالنَّوَافِلِ كَالرَّوَاتِبِ وَلَا عِبْرَةَ بِكَرَاهَتِهِ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ.

(وَ) كُرِهَ (تَرَتُّبُ خَصِيٍّ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ (وَمَأْبُونٍ) أَيْ مُتَكَسِّرٍ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ أَوْ مُشْتَهٍ فِعْل الْفَاحِشَةَ بِهِ لِدَاءٍ بِدُبُرِهِ وَلَمْ تُفْعَلْ بِهِ، أَوْ مَنْ فُعِلَتْ بِهِ وَتَابَ وَإِلَّا فَهُوَ أَرْذَلُ الْفَاسِقِينَ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَتُكْرَهُ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَ) تَرَتُّبُ (أَغْلَفَ) أَيْ غَيْرِ مَخْتُونٍ وَالْمُعْتَمَدُ كَرَاهَةُ إمَامَتِهِ مُطْلَقًا.

(وَ) تَرَتُّبُ (وَلَدِ زِنَا وَمَجْهُولِ حَالٍ) أَيْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ وَلَا فِسْقُهُ أَوْ أَبُوهُ كَلَقِيطٍ لَا غَرِيبٍ لِاتِّمَانِ النَّاسِ عَلَى أَنْسَابِهِمْ إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ مَجْهُولَ الدِّينِ إمَامٌ أَوْ نَاظِرٌ عَادِلٌ أَوْ جَمَاعَةٌ مُسْلِمُونَ عَالِمُونَ بِأَحْكَامِ الْإِمَامَةِ، فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ ذُكِرَ أَنَّهُمْ لَا يُرَتِّبُونَ إلَّا عَدْلًا. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَأْتَمَّ إلَّا بِمَنْ يَعْرِفُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ لِذِي هَوًى لَا يَقُومُ فِيهَا بِمُوجَبِ التَّرْجِيحِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا يَأْتَمُّ بِرَاتِبٍ فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْهُ. وَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ مَنْ أَدْرَكْت عَالِمًا دَيِّنًا. (وَ) تَرَتُّبُ (عَبْدٍ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ، وَصِلَةُ تَرَتُّبُ (بِفَرْضٍ) مِنْ الْخَمْسِ أَوْ سُنَّةٍ مِنْ

ص: 364

وَصَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ، أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ بِلَا ضَرُورَةٍ.

وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا: كَأَبِي قُبَيْسٍ.

ــ

[منح الجليل]

الْخَمْسِ وَلَوْ أَصْلَحَ الْقَوْمِ وَأَعْلَمَهُمْ. وَمَفْهُومُ بِفَرْضٍ جَوَازُ تَرَتُّبِهِ فِي نَفْلٍ كَتَرَاوِيحَ وَهُوَ كَذَلِكَ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ تَرَتُّبُهُ فِي الْفَرْضِ كَالنَّفْلِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ أَصْلَحَهُمْ فَلَا يُكْرَهُ

(وَ) كُرِهَ (صَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ) جَمْعُ أُسْطُوَانَةٍ أَيْ الْعَوَامِيدِ بِأَنْ تَكُونَ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِوَضْعِ النِّعَالِ فَلَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ السَّاقِطَةِ مِنْهَا. وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ (أَوْ أَمَامَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ قُدَّامَ (الْإِمَامِ) أَوْ فِي مُحَاذَاتِهِ (بِلَا ضَرُورَةٍ) رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ أَيْضًا، وَمَفْهُومُ بِلَا ضَرُورَةٍ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَ) كُرِهَ (اقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا) لِعَدَمِ تَمَامِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَعْلَاهَا بِمَنْ بِأَسْفَلِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَمَامِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْهَا. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) اقْتِدَاءِ مَنْ عَلَى جَبَلِ (أَبِي قُبَيْسٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ اسْمُ جَبَلٍ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ جِهَةَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَيُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ ضَبْطِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ لِلْبُعْدِ الَّذِي بَيْنَهُمَا. فَإِنْ قِيلَ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ مُشْكِلَةٌ لِارْتِفَاعِهَا عَنْ الْبَيْتِ وَمَنْ بِمَكَّة وَنَحْوِهَا وَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاتِهِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ.

قُلْت صِحَّتُهَا بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِاسْتِقْبَالِ هَوَائِهَا وَهُوَ مُتَّصِلٌ مِنْهَا إلَى السَّمَاءِ. وَأَيْضًا اسْتِقْبَالُهَا مَعَ الِارْتِفَاعِ عَنْهَا مُمْكِنٌ كَإِمْكَانِهِ مِمَّنْ عَلَى الْأَرْضِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَقُعَيْقِعَانَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. ابْنُ يُونُسَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ مُرَاعَاةَ فِعْلِهِ فِي الصَّلَاةِ. ابْنُ بَشِيرٍ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي صَلَاةِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِصِحَّتِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ مُرَاعَاةُ فِعْلِ الْإِمَامِ صَحَّتْ، وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بَطَلَتْ وَهَذَا يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ. عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ غَيْرُ

ص: 365

وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَبِالْعَكْسِ

. وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ. وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ

. وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ

ــ

[منح الجليل]

وَاحِدٍ إنَّمَا كَرِهَ الصَّلَاةَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ، فَإِنْ فَعَلَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَكَذَلِكَ رَأَيْت فِي مَسَائِلَ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَامَّةٌ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ قَالُوا ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ سَهْوٌ لَمْ يَعْرِفْ مَنْ هُنَاكَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ أَوْ قُعَيْقِعَانَ وَحْدَهُ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَإِنْ كَانَ يَعْلُو الْكَعْبَةَ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ اهـ. وَقُعَيْقِعَانُ بِالتَّصْغِيرِ جَبَلٌ بِمَكَّةَ عَالٍ مِنْ جِهَتِهَا الْغَرْبِيَّةِ مُقَابِلٌ لِأَبِي قُبَيْسٍ وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْكَعْبَةِ بَيْنَهُمَا.

(وَ) كَ (صَلَاةِ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ) عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَأَمَامَهُ وَخَلْفَهُ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ صَلَاةُ امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا أَوْ أَمَامَهَا وَخَلْفَهَا، وَأَمَّا صَلَاتُهَا خَلْفَهُمْ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ

(وَ) كُرِهَ (إمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ) عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَوْ كَانَا مَسْتُورَيْنِ بِثَوْبٍ وَمَفْهُومُ إمَامَةٍ أَنَّ الْمَأْمُومِيَّةَ وَالْفَذِّيَّةَ بِهِ بَلَاهُ لَا تُكْرَهُ وَمَفْهُومُ بِمَسْجِدٍ أَنَّ الْإِمَامَةَ بِغَيْرِهِ بَلَاهُ لَا تُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى. (وَ) كُرِهَ (تَنَفُّلُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (بِمِحْرَابِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَكَذَا جُلُوسُهُ بِهِ عَلَى هَيْئَةِ صَلَاتِهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مَنْ دَخَلَ أَنَّهُ يُصَلِّي فَرْضًا فَيَقْتَدِيَ بِهِ وَلِخَبَرِ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ أَيْ الْتَفَتَ إلَيْهِمْ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَكَذَا اسْتِدْبَارُ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ»

(وَ) كُرِهَ (إعَادَةُ) أَيْ صَلَاةِ (جَمَاعَةٍ بَعْدَ) صَلَاةِ الْإِمَامِ (الرَّاتِبِ) لِلْمَحَلِّ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَرَاهَةِ تَبَعًا لِلرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ. وَعَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْمَنْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلَا تُجْمَعُ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ إلَّا مَسْجِدًا لَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ. وَنَسَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَوَازَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ابْنُ نَاجِي مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا صَلَّى الرَّاتِبُ فِي وَقْتِهِ الْمَعْلُومِ، فَلَوْ قَدَّمَ عَنْ وَقْتِهِ وَجَاءَتْ الْجَمَاعَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ فَلَهُمْ الْجَمْعُ فِيهِ.

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

وَمَفْهُومُ بَعْدَ الرَّاتِبِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ قَبْلَهُ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ رُتِّبَ أَئِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ فِي جِهَاتِ الْمَسْجِدِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ بِمَحَلَّيْنِ كَمَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَنْ صَحَّتْ عَقِيدَتُهُ وَلَا مَنْ فَسَدَتْ لِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّخْلِيطِ وَلِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنْ زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى زَمَنِ حُدُوثِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ، وَإِنْ كَانُوا يَتَعَاقَبُونَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ بِالْمَسْجِدَيْنِ الْأَشْرَفَيْنِ فَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْكَرَاهَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْجَوَازِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَوَاضِعَهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ وَبِتَقْرِيرِ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْمَنْعِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الَّذِي اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مَسْجِدٌ لَهُ رَاتِبٌ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ جَاءَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى فَأَرَادُوا إقَامَةَ تِلْكَ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ.

وَأَمَّا حُضُورُ جَمَاعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَامُ الصَّلَاةُ فَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ يُصَلِّي وَأُولَئِكَ جُلُوسٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ تَارِكُونَ إقَامَةَ الصَّلَاةِ مَعَ الرَّاتِبِ مُتَشَاغِلُونَ بِالنَّفْلِ أَوْ الْحَدِيثِ أَوْ الْمُطَالَعَةِ، حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَبْقَى جَمَاعَةٌ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ. كَذَلِكَ فَالْأَئِمَّةُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ. وَاحْتِجَاجُهُ بِأَنَّ الْبِقَاعَ كَمَسَاجِدَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وقَوْله تَعَالَى {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1] وقَوْله تَعَالَى {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} [التوبة: 108] وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا إلَخْ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ» . وَتَقْرِيرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَإِذْنِهِ لِمَالِكِيٍّ فِي التَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ

ص: 367

وَإِنْ أَذِنَ، وَلَهُ الْجَمْعُ إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ، إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ كَثِيرًا

وَخَرَجُوا، إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا.

ــ

[منح الجليل]

بَيْعِهِ أَوْ تَرْكِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ. وَلَمْ يَأْذَنْ الشَّارِعُ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْقِتَالِ الَّذِي يَعْظُمُ فِيهِ الْخَوْفُ، وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْهَوْلُ، وَتَتَلَاطَمُ فِيهِ الصُّفُوفُ، وَتَتَخَالَفُ فِيهِ السُّيُوفُ، بَلْ أَمَرَ بِقَسْمِ الْقَوْمِ وَصَلَاتِهِمْ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ مُتَعَاقِبِينَ، وَأَلَّفَ هَؤُلَاءِ الْمَانِعُونَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ تَآلِيفَ عَظِيمَةً، وَذَكَرُوا فِيهَا أَدِلَّةً كَثِيرَةً وَرَدُّوا عَلَى الْمُجِيزِينَ، وَشَنَّعُوا عَلَيْهِمْ غَايَةَ التَّشْنِيعِ، حَتَّى رَجَعُوا عَنْ إجَازَتِهِمْ لَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ وَإِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الرَّاتِبِ مَكْرُوهَةٌ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الرَّاتِبُ فِي الْجَمْعِ بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ) الرَّاتِبُ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بَعْدَ صَلَاتِهِ فِي جَمْعِهِمْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي أَذِيَّتِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَذِيَّتُهُ.

(وَلَهُ) أَيْ الرَّاتِبِ (الْجَمْعُ) فِي مَحَلِّهِ (إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ) أَيْ الرَّاتِبِ فِي مَحَلِّهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الرَّاتِبِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ) الرَّاتِبُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ تَأْخِيرًا (كَثِيرًا) فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدٍ فِي الصَّلَاةِ مَكَانَهُ نِيَابَةً عَنْهُ أَوْ أَخَّرَ عَنْ عَادَتِهِ تَأْخِيرًا كَثِيرًا يَضُرُّ بِالْجَمَاعَةِ، فَجَمَعُوا قَبْلَهُ كُرِهَ لَهُ الْجَمْعُ حِينَئِذٍ. اللَّخْمِيُّ مَنْ شَأْنُهُ يُصَلِّي إذَا غَابَ إمَامُهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ هَذِهِ مُسَابَقَةٌ وَتَعَدٍّ مِنْهُ.

(وَ) إنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ مَسْجِدًا لَهُ رَاتِبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ (خَرَجُوا) نَدْبًا لِيَجْمَعُوا خَارِجَهُ أَوْ مَعَ رَاتِبٍ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يُصَلُّونَ فِيهِ أَفْذَاذًا لِفَوَاتِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ (إلَّا بِ) أَحَدِ (الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إذَا دَخَلُوهُ فَوَجَدُوا رَاتِبَهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَا يَخْرُجُونَ (فَيُصَلُّونَ بِ) أَحَدِ (هَا أَفْذَاذًا) لِفَضْلِ صَلَاةِ فَذِّهَا عَلَى صَلَاةِ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلُوا) أَحَدَ (هَا) فَوَجَدُوا رَاتِبَهُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ. وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَعَمِلُوا بِتَمَامِ صَلَاةِ

ص: 368

وَقَتْلُ: كَبُرْغُوثٍ بِمَسْجِدٍ، وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا خَارِجَهُ، وَاسْتُشْكِلَ

وَجَازَ اقْتِدَاءٌ: بِأَعْمَى

وَمُخَالِفٍ فِي الْفُرُوعِ

ــ

[منح الجليل]

الرَّاتِبِ فَيَجْمَعُونَ خَارِجَهُ وَلَا يَدْخُلُونَهُ لِيُصَلُّوا بِهِ أَفْذَاذًا إنْ أَمْكَنَهُمْ الْجَمْعُ خَارِجَهُ وَإِلَّا دَخَلُوهُ وَصَلَّوْا بِهِ أَفْذَاذًا.

(وَ) كُرِهَ (قَتْلُ كَبُرْغُوثٍ) وَقَمْلَةٍ وَبَقَّةٍ وَذُبَابَةٍ (بِمَسْجِدٍ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ رَحْمَةٍ وَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهَا (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (يَجُوزُ طَرْحُهَا) أَيْ الْقَمْلَةِ الدَّاخِلَةِ بِالْكَافِ حَيَّةً (خَارِجَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (وَاسْتُشْكِلَ) بِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لَهَا وَبِأَنَّهَا تَصِيرُ عَقْرَبًا قَلَّ مَنْ تَلْدَغُهُ إلَّا مَاتَ، وَمَفْهُومُ خَارِجَهُ كَرَاهَةُ طَرْحِهَا فِيهِ حَيَّةً قَالَ فِيهَا وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ وَلْيَصُرَّهَا أَيْ فِي طَرْفِ ثَوْبِهِ، ثُمَّ يَقْتُلْهَا خَارِجَهُ، وَطَرْحُ مَيْتَتِهَا فِيهِ حَرَامٌ لِنَجَاسَتِهَا وَقِيلَ يَحْرُمُ طَرْحُهَا حَيَّةً بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَيَجُوزُ طَرْحُ الْبُرْغُوثِ وَشِبْهِهِ حَيًّا فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ طَرْحُهُ مَيِّتًا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ تَعْفِيشٌ لَهُ.

(وَجَازَ) بِمَرْجُوحِيَّةٍ (اقْتِدَاءٌ بِ) رَجُلٍ (أَعْمَى) إذْ الِاقْتِدَاءُ بِالْبَصِيرِ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الْفَضْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَمِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَرَى الْإِشَارَةَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ الْأَعْمَى أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَخْشَعُ وَأَبْعَدُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِمَا يُبْصِرُهُ. وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ.

(وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مُخَالِفٍ) لِلْمُقْتَدِي بِهِ (فِي) الْأَحْكَامِ (الْفُرُوعِ) الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالشَّرْطِيَّةِ وَالسَّبَبِيَّةِ وَالْمَانِعِيَّةِ. وَاحْتُرِزَ بِالْفُرُوعِ مِنْ الْأُصُولِ وَهِيَ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمُعْتَقَدَاتِ الْقُلُوبِ مِنْ وُجُوبٍ وَاسْتِحَالَةٍ وَجَوَازٍ، فَالِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِيهَا إمَّا مُحَرَّمٌ إنْ اُتُّفِقَ عَلَى كُفْرِهِ، وَإِمَّا مَكْرُوهٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِي كُفْرِهِ. وَإِمَّا خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ اُتُّفِقَ عَلَى مُجَرَّدِ فِسْقِهِ.

وَيَحُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ. وَلَوْ أَتَى بِمَانِعٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ وَلَيْسَ مَانِعًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ كَتَرْكِ الدَّلْكِ وَالْمُوَالَاةِ وَالنِّيَّةِ، وَتَكْمِيلِ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَكَمَسِّ الذَّكَرِ، وَالتَّقْبِيلِ عَلَى الْفَمِ، وَاللَّمْسِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ. أَوْ وِجْدَانِهَا وَالتَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ،

ص: 369

أَلِكُنَّ (وَأَلْكَنَ)

وَمَحْدُودٍ

وَعِنِّينٍ

(وَمُجَذَّمٍ، إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ، فَلْيُنَحَّ) .

ــ

[منح الجليل]

فَالْمُعْتَبَرُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ لَا الْمَأْمُومِ. وَأَمَّا شُرُوطُ الِاقْتِدَاءِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ لَا الْإِمَامِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَقِّلٍ أَوْ مُعِيدٍ أَوْ مُؤَدٍّ بِقَاضٍ، أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ مُفْتَرِضٍ بِغَيْرِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ. وَأَمَّا أَرْكَانُ الصَّلَاةِ فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ كَشُرُوطِ الصَّلَاةِ فَتَصِحُّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ يَتْرُكُ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالَ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْخَرَشِيِّ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْبِيرِ الْعَوْفِيِّ بِالشُّرُوطِ وَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. قَالَ لَوْ عَلِمْت أَنَّ رَجُلًا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ، هَذِهِ طَرِيقَةُ الْعَوْفِيِّ، وَطَرِيقَةُ سَنَدٍ الْمُعْتَبَرُ مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَطَرِيقَةُ الْقَرَافِيِّ وَابْنِ نَاجِي الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ.

(وَ) جَازَ اقْتِدَاءُ سَالِمٍ بِإِمَامٍ (أَلْكَنَ) أَيْ عَاجِزٍ عَنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخْرَجِهِ لِعُجْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ أَصْلًا أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُتَغَيِّرًا كَأَنْ يَجْعَلَ اللَّامَ ثَاءً مُثَلَّثَةً أَوْ تَاءً مُثَنَّاةً أَوْ الرَّاءَ لَامًا.

(وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مَحْدُودٍ) أَيْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ شَرْعِيٌّ لِشُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ إنْ تَابَ وَحَسُنَ حَالُهُ، عَلَى أَنَّ الْحَدَّ زَاجِرٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ جَابِرٌ فَلَا تُشْتَرَطُ التَّوْبَةُ، وَمَفْهُومُ مَحْدُودٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْحَدِّ وَلَمْ يُحَدَّ فِيهِ تَفْصِيلٌ. فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ بِالْعَفْوِ عَنْ حَقِّ مَخْلُوقٍ أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ إتْيَانِ الْإِمَامِ تَائِبًا وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا.

(وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (عِنِّينٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ أَوْ صَغِيرِ الذَّكَرِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى بِهِ وِقَاعٌ

(وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مُجَذَّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةٍ، أَيْ مَرِيضٍ بِدَاءِ الْجُذَامِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ وَمِثْلُهُ الْمُبَرَّصُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ) جُذَامُهُ بِأَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ بِرَائِحَتِهِ مَثَلًا (فَلْيُنَحَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ يُؤْمَرُ بِالْبُعْدِ عَنْ النَّاسِ بِالْكُلِّيَّةِ

ص: 370

وَصَبِيٍّ بِمِثْلِهِ

وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَا عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ بِمَنْ حَذْوَهُ

وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ، وَلَا يَجْذِبُ أَحَدًا، وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا

وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ

وَقَتْلُ عَقْرَبٍ أَوْ فَأْرٍ بِمَسْجِدٍ

ــ

[منح الجليل]

وُجُوبًا فَإِنْ امْتَنَعَ جُبِرَ

(وَ) جَازَ اقْتِدَاءُ (صَبِيٍّ بِمِثْلِهِ) فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا لَا بَالِغٍ بِهِ وَلَوْ فِي نَفْلٍ

(وَ) جَازَ (عَدَمُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ (إلْصَاقِ مَنْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مَأْمُومٍ مُصَلٍّ (عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ) مَنْ عَلَى (يَسَارِهِ بِمَنْ) أَيْ مَأْمُومٍ صَلَّى (حَذْوَهُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَلْفَ ظَهْرِ الْإِمَامِ، وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَقَطْ، فَيَجُوزُ عَدَمُ إلْصَاقِهِمَا مَعًا بِمَنْ خَلْفَهُ. وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ بِمَنْ عَلَى يَسَارِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ تَقْطِيعٌ لِلصَّفِّ وَوَصْلُهُ مُسْتَحَبٌّ.

(وَ) جَازَ (صَلَاةُ) مَأْمُومٍ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ الَّذِي خَلْفَهُ صَفٌّ (مُنْفَرِدٍ) عَنْ الْمَأْمُومِينَ (خَلْفَ صَفٍّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدُّخُولُ فِيهِ. وَإِلَّا كُرِهَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفَضِيلَةُ الصَّفِّ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدُّخُولُ فِيهِ (وَلَا يَجْذِبُ) بِتَقْدِيمِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الْبَاءِ وَعَكْسُهُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مَقْلُوبَ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلُ التَّصْرِيفِ، وَالْقَلْبُ لَا يَكُونُ فِيهِ، أَفَادَهُ فِي الْقَامُوسِ الْمَأْمُوم الْمُنْفَرِدُ خَلْفَ صَفٍّ (أَحَدًا) مِنْ الصَّفِّ وَإِنْ جَذَبَ أَحَدًا فَلَا يُطِيعُهُ الْمَجْذُوبُ (وَهُوَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَذْبِ وَالْإِطَاعَةِ (خَطَأٌ مِنْهُمَا) أَيْ مَكْرُوهٌ مِنْ الْجَاذِبِ وَالْمُطِيعِ.

(وَ) جَازَ (إسْرَاعٌ) فِي الْمَشْيِ (لَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِإِدْرَاكِ فَضْلِهَا إسْرَاعًا يَسِيرًا (بِلَا خَبَبٍ) أَيْ جَرْيٍ مُذْهِبٍ لِلْخُشُوعِ فَيُكْرَهُ. وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ إدْرَاكِهَا وَلَوْ جُمُعَةً لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا. وَلِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَذِنَ فِي السَّعْيِ مَعَ السَّكِينَةِ فَانْدَرَجَتْ الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ وَيَضِيقُ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يَخْشَى فَوَاتَهُ إنْ لَمْ يَخُبَّ فَيَجِبُ

(وَ) جَازَ (قَتْلُ عَقْرَبٍ) أَرَادَتْهُ أَمْ لَا (أَوْ فَأْرٍ) وَصِلَةُ قَتْلُ (بِمَسْجِدٍ)

ص: 371

وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ لَا يَعْبَثُ وَيُكَفُّ إذَا نُهِيَ

وَبَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِّبَ، أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ، ثُمَّ قَدَمِهِ، ثُمَّ يَمِينِهِ، ثُمَّ أَمَامَهُ.

ــ

[منح الجليل]

لِإِذَايَتِهِمَا مَعَ التَّحَفُّظِ مِنْ تَقْذِيرِهِ وَتَعْفِيشِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ بِصَلَاةٍ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَلَوْ انْحَطَّ مَرَّةً.

(وَ) جَازَ (إحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ شَأْنُهُ (لَا يَعْبَثُ وَيَكُفُّ) عَنْ الْعَبَثِ (إذَا نُهِيَ) عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَهَا يُجَنَّبُ الصَّبِيُّ الْمَسْجِدَ إنْ كَانَ يَعْبَثُ أَوْ لَا يُكَفُّ إذَا نُهِيَ اهـ. الْبُنَانِيُّ فَإِذَا كَانَ يُجَنَّبُ مَعَ أَحَدِهِمَا لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ حُضُورُهُ إلَّا مَعَ فَقْدِهِمَا مَعًا وَنِسْبَةُ هَذَا لِلْمُدَوَّنَةِ تُفِيدُ تَرْجِيحَهُ وَعَلَيْهِ قَالُوا وَعَلَى بَابِهَا، وَمَفْهُومُ لَا يَعْبَثُ إلَخْ أَنَّهُ إنْ كَانَ شَأْنُهُ الْعَبَثَ أَوْ عَدَمَ الْكَفِّ فَلَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِحَدِيثِ «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ» وَلِلسَّمَاعِ وَنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمَيْنِ.

(وَ) جَازَ (بَصْقٌ بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (إنْ حُصِّبَ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُشَدَّدًا أَيْ فُرِشَ بِالْحَصْبَاءِ أَيْ دَقِيقِ الْحَصَى فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ إنْ لَمْ يُفْرَشْ بِحَصِيرٍ (أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ) أَيْ الْمُحَصَّبِ إنْ فُرِشَ بِحَصِيرٍ وَمِثْلُهُ الْمُتَرَّبُ، وَمَفْهُومُ إنْ حُصِّبَ أَنَّهُ إنْ بُلِّطَ فَلَا يَجُوزُ الْبَصْقُ إنْ لَمْ يُفْرَشْ وَلَا تَحْتَ حَصِيرِهِ إنْ فُرِشَ، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ تَحْتَ حَصِيرِهِ امْتِنَاعُ الْبَصْقِ فَوْقَ حَصِيرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يُؤَدِّي لِلتَّقْذِيرِ وَلَمْ يَتَأَذَّ أَحَدٌ بِهِ، وَإِلَّا حُرِّمَ. ابْنُ عِلَاقٍ يُنَزَّهُ الْمَسْجِدُ عَنْ إمَاطَةِ الْأَذَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجَسًا كَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالْوُضُوءِ بِهِ (ثُمَّ) تَحْتَ (قَدَمِهِ) أَيْ الشَّخْصِ الْيُسْرَى عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ جِهَةِ يَسَارِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ ثُمَّ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى إنْ كَانَ بِجِهَةِ يَسَارِهِ أَحَدٌ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْبَصْقُ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى بَصَقَ (يَمِينَهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ بِهِ أَحَدٌ بَصَقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْتَ الْقَدَمِ الْيُمْنَى بَصَقَ (أَمَامَهُ) وَفَاتَهُ الْبَصْقُ بِثَوْبِهِ وَهَذَا التَّرْتِيبُ فِي الْمُصَلِّي فَلَا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَبِهِ قَرَّرَ الْمِسْنَاوِيُّ. وَاخْتَارَ

ص: 372

وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ، وَاسْتِسْقَاءٍ، وَشَابَّةٍ لِمَسْجِدٍ

ــ

[منح الجليل]

الرَّمَاصِيُّ أَنَّهُ فِي الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ مِثْلَ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ لِإِطْلَاقِ عِيَاضٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ. وَلِقَوْلِ الْأَبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنْ كَانَ النَّهْيُ لِتَعْظِيمِ الْقِبْلَةِ فَيَعُمُّ غَيْرَ الْمُصَلِّي وَغَيْرَ الْمَسْجِدِ، لَكِنْ يَتَأَكَّدُ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا التَّرْتِيبُ وَالتَّفْصِيلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِّبَ فَقَطْ لَكِنْ الَّذِي أَفَادَهُ عِيَاضٌ أَنَّ جِهَةَ الْيَسَارِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ. عج لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبَصْقٌ بِمُحَصَّبٍ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ كَفِي طَرْفِ ثَوْبِهِ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ، ثُمَّ يَمِينِهِ، ثُمَّ أَمَامَهُ فِي مُحَصَّبٍ فَقَطْ لَأَتَى بِالْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفَاةً سَالِمَةً مِنْ التَّعْقِيدِ.

وَقَوْلِي بِمُحَصَّبٍ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ يَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَهُ وَقَوْلِي أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ. وَقَوْلِي كَفِي طَرْفِ ثَوْبِهِ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ أَيْ وَإِنْ بِغَيْرِ الْمُحَصَّبِ. وَقَوْلِي ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ إلَخْ فِيهِ إفَادَةٌ أَنَّ جِهَةَ الْيَسَارِ وَتَحْتَ الْقَدَمِ مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْصُقُ بِطَرْفِ ثَوْبِهِ مُطْلَقًا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبْصُقَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ مُبَلَّطًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُحَصَّبًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرْنَا. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُصَلِّي فَيَبْصُقُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ لَكِنْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّرْتِيبُ الْمُتَقَدِّمُ. وَقَوْلِي مُحَصَّب فَقَطْ يَرْجِعُ لِقَوْلِي ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ وَمَا بَعْدَهُ. وَاخْتِصَاصُ جَوَازِ الْبَصْقِ تَحْتَ الْحَصِيرِ بِالْمُحَصَّبِ تَبِعْت فِيهِ غَيْرَ وَاحِدٍ. وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ يُفِيدُ جَرَيَانَهُ فِي الْمُبَلَّطِ، وَالنُّخَامَةُ كَالْبَصْقِ وَجَوَازُهُمَا مُقَيَّدٌ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ لَا أَكْثَرَ وَبِأَنْ لَا يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا مُنِعَ اهـ.

(وَ) جَازَ (خُرُوجُ) مَرْأَةٍ (مُتَجَالَّةٍ) لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا غَالِبًا (لِ) صَلَاةِ (عِيدٍ وَ) صَلَاةِ (اسْتِسْقَاءٍ) وَلِلْفَرْضِ بِالْأَحْرَى وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَالْمُتَجَالَّةُ الَّتِي لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا أَصْلًا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ وَلِمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَلِجِنَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ. (وَ) جَازَ خُرُوجُ مَرْأَةٍ (شَابَّةٍ) غَيْرِ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالْجَمَالِ وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجْ لِشَيْءٍ أَصْلًا (لِمَسْجِدٍ) لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ، وَأَنْ لَا تُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةَ، وَأَنْ تَخْرُجَ فِي رَدِيءِ ثِيَابِهَا، وَأَنْ لَا تُزَاحِمَ الرِّجَالَ، وَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً مِنْ تَوَقُّعِ الْمَفْسَدَةِ وَإِلَّا حُرِّمَ.

ص: 373

وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ

وَاقْتِدَاءُ ذَوِي سُفُنٍ بِإِمَامٍ

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ رُشْدٍ تَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي أَنَّ النِّسَاءَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: عَجُوزٌ انْقَطَعَتْ حَالَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا فَهَذِهِ كَالرَّجُلِ، فَتَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرْضِ وَلِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ، وَتَخْرُجُ لِلصَّحْرَاءِ لِلْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا. وَمُتَجَالَّةٌ لَمْ تَنْقَطِعْ حَالَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا بِالْجُمْلَةِ، فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرَائِضِ وَمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا، أَيْ يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ. وَشَابَّةٌ غَيْرُ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ جَمَاعَةً وَفِي جَنَائِزِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلَا تَخْرُجُ لِعِيدٍ وَلَا اسْتِسْقَاءٍ وَلَا لِمَجَالِسِ ذِكْرٍ أَوْ عِلْمٍ. وَشَابَّةٌ فَارِهَةٌ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ فَهَذِهِ الِاخْتِيَارُ لَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا اهـ.

وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ. كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِهَا وَتَخْرُجُ الْمُتَجَالَّةُ إنْ أَحَبَّتْ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ انْقَطَعَتْ مِنْهَا حَالَةُ الرِّجَالِ أَمْ لَا. (وَلَا يُقْضَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ الشَّابَّةِ (بِهِ) أَيْ الْخُرُوجِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ مَنَعَهَا مِنْهُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ الْقَضَاءُ عَلَى زَوْجِ الْمُتَجَالَّةِ بِخُرُوجِهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ مَنَعَهَا مِنْهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَرْأَةِ شَابَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَجَالَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ السَّمَاعِ، وَلَكِنْ الْأَوْلَى لِزَوْجِ الْمُتَجَالَّةِ عَدَمُ مَنْعِهَا وَأَمَّا مَخْشِيَّةُ الْفِتْنَةِ فَيُقْضَى عَلَيْهَا بِمَنْعِ خُرُوجِهَا.

(وَ) جَازَ (اقْتِدَاءُ ذَوِي) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ أَصْحَابِ وَرُكَّابِ (سُفُنٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَاءِ جَمْعُ سَفِينَةٍ مُتَقَارِبَةٍ فِي الْمَرْسَى أَوْ سَائِرَةٍ (بِإِمَامٍ) وَاحِدٍ فِي بَعْضِهَا يَسْمَعُونَ أَقْوَالَهُ أَوْ أَقْوَالَ مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِيهِ، أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ أَوْ أَفْعَالَ مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِيهِ. وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْإِمَامِ فِي السَّفِينَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ طُرُوُّ مَا يُفَرِّقُهُمْ مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَإِنْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ اسْتَخْلَفُوا مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَتَمُّوا أَفْذَاذًا فَإِنْ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا أَوْ لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ رَجَعُوا لِإِمَامِهِمْ وُجُوبًا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِذَا رَجَعُوا لَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا جَرَى عَلَى قَوْلِهِ. وَإِنْ زُوحِمَ

ص: 374

وَفَصْلُ مَأْمُومٍ بِنَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ طَرِيقٍ

وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ؛ وَلَوْ بِسَطْحٍ. لَا عَكْسُهُ، وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ، إلَّا بِكَشِبْرٍ. وَهَلْ يَجُوزُ إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ؟

ــ

[منح الجليل]

مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ إلَخْ، وَإِنْ عَمِلُوا عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ أَوْ اسْتَخْلَفُوا فَلَا يَرْجِعُونَ لَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ.

(وَ) جَازَ (فَصْلُ مَأْمُومٍ) عَنْ إمَامِهِ (بِنَهْرٍ صَغِيرٍ) أَيْ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْ سَمَاعِ أَقْوَالِ الْإِمَامِ أَوْ مَأْمُومِيهِ أَوْ رُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ أَوْ أَفْعَالِ مَأْمُومِيهِ، وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ امْتِنَاعُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِنَهْرٍ كَبِيرٍ مَانِعٍ مِمَّا ذُكِرَ (أَوْ طَرِيقٍ) صَغِيرٍ كَذَلِكَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً وَإِنْ فَرَّقَتْ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إمَامِهِمْ

(وَ) جَازَ (عُلُوُّ مَأْمُومٍ) عَلَى إمَامِهِ بِغَيْرِ سَطْحٍ بَلْ (وَلَوْ بِسَطْحٍ) فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ عُلُوًّا يَضْبِطُ مَعَهُ أَحْوَالَ إمَامِهِ بِسُهُولَةٍ. فَإِنْ كَانَ فِيهِ عُسْرٌ كُرِهَ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ حَرُمَ (لَا) يَجُوزُ (عَكْسُهُ) أَيْ عُلُوِّ الْمَأْمُومِ وَهُوَ عُلُوُّ الْإِمَامِ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ يُمْنَعُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْكِبْرَ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (بِ) سَبَبِ (قَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ) أَيْ الْعُلُوِّ (الْكِبْرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا الْكِبْرَ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ عَلَى بَعْضٍ أَوْ بِالصَّلَاةِ عَلَى نَحْوِ سَجَّادَةٍ فَلَا تَبْطُلُ. وَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا عَكْسَهُ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ (بِكَشِبْرٍ) أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ بِقَصْدِ تَعْلِيمٍ أَوْ ضَرُورَةٍ كَضِيقِ مَكَان أَوْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ صَلَّى رَجُلٌ بِجَمَاعَةٍ أَوْ فَذًّا فِي مَكَان عَالٍ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي مَكَان أَسْفَلَ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَى ذَلِكَ.

(وَهَلْ يَجُوزُ) عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَشِبْرٍ (إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ) فِي الْمَكَانِ الْعَالِي (طَائِفَةٌ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ (كَغَيْرِهِمْ) أَيْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ فِي الْمَكَانِ السَّافِلِ فِي الشَّرَفِ

ص: 375

تَرَدُّدٌ

، وَمُسْمِعٌ وَاقْتِدَاءٌ بِهِ، أَوْ بِرُؤْيَةٍ، وَإِنْ بِدَارٍ

وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ،

ــ

[منح الجليل]

وَالْمِقْدَارِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مَنْ مَعَهُ أَدْنَى رُتْبَةً مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ فِي السَّافِلِ، أَوْ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ الْعَالِي مُعَدًّا لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ عُمُومًا. فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَكَسِلَ بَعْضُهُمْ فَصَلَّى أَسْفَلَ فَلَا مَنْعَ وَلَا كَرَاهَةَ اتِّفَاقًا، وَالْأَحْسَنُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ تَرَدُّدٌ أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ عُلُوِّ الْإِمَامِ سَوَاءٌ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ هَلْ ذَلِكَ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ أَوْ صَلَّى وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ طَائِفَةٍ أَشْرَفَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ وَحْدَهُ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ أَوْ مَعَهُ فِيهِ أَشْرَافُ النَّاسِ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ عُمُومِ النَّاسِ أَوْ مِثْلَ غَيْرِهِمْ فَلَا مَنْعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ.

(وَ) جَازَ (مُسْمِعٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُخَفَّفَةً إنْ سَكَنَتْ السِّينُ وَمُثَقَّلَةً إنْ فُتِحَتْ أَيْ اتِّخَاذِهِ وَنَصْبَهُ لَيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ، بِرَفْعِ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ فَيَعْلَمُونَ فِعْلَ الْإِمَامِ (وَ) جَازَ (اقْتِدَاءٌ) بِالْإِمَامِ (بِ) سَبَبِ سَمَاعِ صَوْتِ (هـ) أَيْ الْمُسْمِعِ وَالْأَفْضَلُ رَفْعُ الْإِمَامِ صَوْتَهُ حَتَّى يُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمُسْمِعِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْمِعُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ. وَقِيلَ إنَّهُ وَكِيلُ الْإِمَامِ وَنَائِبُهُ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ شُرُوطَ الْإِمَامِ، وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلَ زَادَهَا الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي نَظْمِ إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِوَالِدِهِ فَقَالَ:

هَلْ الْمُسَمِّعُ وَكِيلٌ أَوْ عَلَمَ

عَلَى صَلَاةِ مَنْ تَقَدَّمَ فَأَمَّ

عَلَيْهِ تَسْمِيعُ صَبِيٍّ أَوْ مَرَّهْ

أَوْ مُحْدِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْكَفَرَهْ

وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّقَانِيُّ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ (أَوْ) اقْتِدَاءٌ بِالْإِمَامِ (بِ) سَبَبِ (رُؤْيَةٍ) لِلْإِمَامِ أَوْ لِمَأْمُومِهِ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ الْمُعْتَمِدُ بِمَحَلِّ الْإِمَامِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمَأْمُومُ (بِدَارِ) وَالْإِمَامُ بِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ أُخْرَى.

(وَشَرْطُ) صِحَّةِ (الِاقْتِدَاءِ) مِنْ الْمَأْمُومِ بِإِمَامِهِ (نِيَّتُهُ) أَيْ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ أَوَّلَ

ص: 376

بِخِلَافِ الْإِمَامِ: وَلَوْ بِجِنَازَةٍ، إلَّا جُمُعَةً وَجَمْعًا،

ــ

[منح الجليل]

صَلَاتِهِ، فَلَوْ أَحْرَمَ فَذًّا ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فحط الشَّرْطِيَّةُ قَوْلُنَا أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَالْمُنَاسِبُ التَّصْرِيحُ بِهِ وَتَفْرِيعُ لَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ، فَلَا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَتَحَقَّقُ خَارِجًا بِدُونِ نِيَّتِهِ، وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الشَّرْطِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الِاقْتِدَاءُ هُوَ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ فَجَعْلُهَا شَرْطًا فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ لَا عَلَى النِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَذًّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا حَصَلَ الِاقْتِدَاءُ فَاسِدًا لِعَدَمِ شَرْطِ صِحَّتِهِ وَهُوَ الْأَوَّلِيَّةُ. (بِخِلَافِ) نِيَّةِ (الْإِمَامِ) الْإِمَامَةَ فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا وَلَا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إنْ كَانَ إمَامًا بِغَيْرِ جِنَازَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ إمَامًا (بِجِنَازَةٍ) لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ شَرْطُ صِحَّتِهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا.

فَإِنْ صُلِّيَتْ أَفْذَاذًا أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ (إلَّا جُمُعَةً) فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا وَكُلُّ مَا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا فِيهِ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لِانْفِرَادِهِمْ. الْعَدَوِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي وَهِيَ لَازِمَةٌ لِتَقَدُّمِ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمْعِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ وَالِاسْتِخْلَافِ، فَلَا فَائِدَةَ لِاشْتِرَاطِهَا فِيهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّتِهَا عَدَمُ نِيَّةِ الِانْفِرَادِ. (وَ) إلَّا (جَمْعًا) بَيْنَ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَنَحْوَهُ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ إحْرَامِهِمَا عَلَى الظَّاهِرِ. وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ هَلْ مَحَلُّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ أَوْ هُمَا، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَيْضًا وَتَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى مُسْتَحَبَّةٌ لِلثَّانِيَةِ وَهِيَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ. بِخِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَوَاجِبٌ شَرْطٌ فِيهِمَا. فَإِنْ تُرِكَتْ فِيهِمَا بَطَلَتَا. وَإِنْ تُرِكَتْ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ فَقَطْ. الْعَدَوِيُّ هَكَذَا الْفِقْهُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا لِوُقُوعِ الْأُولَى فِي وَقْتِهَا مُسْتَوْفِيَةً أَرْكَانَهَا وَشُرُوطَهَا.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ تُرِكَتْ فِيهِمَا بَطَلَتَا فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ الْأُولَى وَإِنَّمَا تَبْطُلُ الثَّانِيَةُ.

ص: 377

وَخَوْفًا وَمُسْتَخْلَفًا: كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَاخْتَارَ فِي الْأَخِيرِ: خِلَافَ الْأَكْثَرِ، وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ،

ــ

[منح الجليل]

وَ) إلَّا (خَوْفًا) أَيْ صَلَاتُهُ بِقِسْمِ الْقَوْمِ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا إذْ الْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِيهَا. فَإِنْ نَوَى الِانْفِرَادَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفَادَهُ عبق. الْعَدَوِيُّ الصَّوَابُ بُطْلَانُهَا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّهَا فَارَقَتْ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ. وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَصَحِيحَةٌ اهـ. وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ عبق بِتَلَاعُبِ الْإِمَامِ وَإِخْلَالِهِ بِكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ بِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ، فَالصَّوَابُ كَلَامُ عبق عَبْدِ الْوَهَّابِ إذَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ بِطَائِفَتَيْنِ، فَلَا بُدَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ لِأَنَّ صَلَاتَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا جَمَاعَةً اهـ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَهُ الْحَطّ فَكَلَامُ عبق هُوَ الصَّوَابُ. (وَ) إلَّا (مُسْتَخْلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ فَشَرْطُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ نِيَّتُهُ الْإِمَامَةَ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَأْمُومِيَّةِ وَمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ الْإِمَامِيَّةِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ مَعَ كَوْنِهِ مَأْمُومًا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ فِي الْحَالَيْنِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا.

وَشَبَّهَ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَقَالَ (كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ) فِي الصَّلَاةِ فَشَرْطُ حُصُولِهِ لِلْإِمَامِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا أَوَّلًا. فَإِنْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ مُنْفَرِدًا فَائْتَمَّ بِهِ بَالِغٌ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ حَصَلَ الْفَضْلُ لَهُمَا. وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ حَتَّى أَتَمَّ أَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ حَصَلَ الْفَضْلُ لِلْمَأْمُومِ لَا لَهُ فَلَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ لِتَحْصِيلِ الْفَضْلِ وَبِهِ يُلْغَزُ إمَامٌ صَلَّى بِقَوْمٍ حَصَلَ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ، وَلَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى اهـ بْن. (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (فِي) هَذَا الْحُكْمِ (الْأَخِيرِ) وَهُوَ حُصُولُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ (خِلَافَ) قَوْلِ (الْأَكْثَرِ) أَيْ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا حَصَلَ الْفَضْلُ لَهُ أَيْضًا الْعَدَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَ) شَرْطُ الِاقْتِدَاءِ (مُسَاوَاةٌ) بَيْنَ إمَامٍ وَمَأْمُومِهِ (فِي) ذَاتِ (الصَّلَاةِ) فَلَا تَصِحُّ ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُسَاوَاةُ بَطَلَتْ إنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي

ص: 378

وَإِنْ بِأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ، أَوْ بِظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ، إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ

وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ

وَفِي مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ:

ــ

[منح الجليل]

الذَّاتِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ (بِأَدَاءٍ) لِإِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ (وَقَضَاءٍ) لِلْأُخْرَى كَظُهْرٍ قَضَاءً خَلْفَ ظُهْرٍ أَدَاءً أَوْ عَكْسِهِ وَصَلَاةُ مَالِكِيٍّ الظُّهْرَ مُقْتَدِيًا بِشَافِعِيٍّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُمَا بِاعْتِبَارِ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ أَدَاءٌ، وَبِاعْتِبَارِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ قَضَاءٌ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ. (أَوْ بِ) زَمَانٍ كَ (ظُهْرَيْنِ) مَثَلًا (مِنْ يَوْمَيْنِ) كَظُهْرِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ خَلْفَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ ذَاتِ الصَّلَاةِ وَصِفَتِهَا وَزَمَنِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ) فَيَجُوزُ كَضُحًى خَلْفَ صُبْحٍ بَعْدَ شَمْسٍ وَيُغْتَفَرُ اخْتِلَافُهُمَا بِالْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ بِالْأَوْلَى مِنْ اغْتِفَارِ اخْتِلَافِهِمَا بِالذَّاتِ وَرَكْعَتَيْ نَفْلٍ خَلْفَ سَفَرِيَّةٍ أَوْ أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ أَرْبَعٍ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ حَضَرِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ.

(وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ) بِصَلَاةٍ (لِجَمَاعَةٍ) بِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي أَثْنَائِهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا، وَهُوَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ فَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ فَالْأَوْلَى تَفْرِيعُهُ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَبَّهَ فِي الِامْتِنَاعِ الِانْتِقَالَ فَقَالَ (كَالْعَكْسِ) أَيْ انْتِقَالُ مَنْ فِي جَمَاعَةٍ لِلِانْفِرَادِ فَإِنْ انْتَقَلَ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ أَوْ مَنْ فِيهَا لِلِانْفِرَادِ بَطَلَتْ. وَأَمَّا انْتِقَالُ مُنْفَرِدٍ لِإِمَامَةٍ فَجَائِزٌ كَأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَحَدٌ فَيَنْوِيَ الْإِمَامَةَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعَكْسِ صَلَاةُ الْقِسْمَةِ وَالِاسْتِخْلَافُ وَالسَّهْوُ وَالرُّعَافُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَائِهَا، وَفِي هَذِهِ الِانْتِقَالُ عَنْهَا بَعْدَ ذَهَابِهَا بُنَانِيٌّ وَمَحَلُّ امْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمَامُ بِالْمَأْمُومِ فِي التَّطْوِيلِ وَإِلَّا فَلَهُ الِانْتِقَالُ.

(وَفِي) لُزُومِ اتِّبَاعِ مَأْمُومٍ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَانِعًا عَنْ الْقِيَامِ (اقْتَدَى بِ) إمَامٍ (مِثْلِهِ) فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ (فَصَحَّ) الْمَأْمُومُ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ، لَكِنْ مِنْ قِيَامٍ لِدُخُولِهِ مَعَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَعَدَمِ لُزُومِ اتِّبَاعِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ

ص: 379

قَوْلَانِ

وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ. فَالْمُسَاوَاةُ، وَإِنْ بِشَكٍّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ، مُبْطِلَةٌ. إلَّا الْمُسَاوَقَةُ:

ــ

[منح الجليل]

وَإِتْمَامُهَا فَذًّا كَاقْتِدَاءِ قَادِرٍ بِمِثْلِهِ فَطَرَأَ عَجْزُ الْإِمَامِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَفِي مَفْهُومِ مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ تَفْصِيلٌ. فَإِنْ اقْتَدَى مَرِيضٌ بِصَحِيحٍ ثُمَّ صَحَّ الْمُقْتَدِي أَوْ اقْتَدَى مَرِيضٌ بِمِثْلِهِ فَصَحَّ الْإِمَامُ أَوْ اقْتَدَى صَحِيحٌ بِمِثْلِهِ فَمَرِضَ الْمَأْمُومُ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ، وَإِنْ اقْتَدَى صَحِيحٌ بِمِثْلِهِ فَمَرِضَ الْإِمَامُ فَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمَأْمُومِيَّةِ وَإِتْمَامُهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا لِإِمَامِهِ.

(وَ) شَرْطُ الِاقْتِدَاءِ (مُتَابَعَةٌ) أَيْ اتِّبَاعُ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ وَتَأَخُّرُهُ عَنْهُ (فِي) تَكْبِيرَةِ (إحْرَامٍ وَسَلَامٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَيُسَلِّمَ بَعْدَ سَلَامِهِ، فَإِنْ سَبَقَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَلَوْ بِحَرْفٍ أَوْ سَاوَاهُ فِي الِابْتِدَاءِ بَطَلَتْ، وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَهَذِهِ سِتٌّ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَلَوْ بِحَرْفٍ صَحَّتْ إنْ خَتَمَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ.

وَإِنْ خَتَمَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ فَالصُّوَرُ تِسْعٌ الصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ فِي سَبْعٍ مِنْهَا وَصَحِيحَةٌ فِي اثْنَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا إلَّا مَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا قَبْلَ إمَامِهِ فَيُسَلِّمُ بَعْدَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ وَطَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ (فَالْمُسَاوَاةُ) مِنْ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ السَّلَامِ وَأَوْلَى السَّبَقُ إنْ كَانَتْ مِنْ مُتَحَقِّقِ الْمَأْمُومِيَّةِ بَلْ: (وَإِنْ بِشَكٍّ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (فِي الْمَأْمُومِيَّةِ) وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ الْفَذِّيَّةِ (مُبْطِلَةٌ) لِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ فِي كَوْنِهِ مَأْمُومًا مَعَ شَكِّهِ فِي أَحَدِهِمَا وَسَاوَاهُ أَوْ سَبَقَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ. وَكَذَا إذَا شَكَّا مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَتَسَاوَيَا وَإِلَّا فَعَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا، وَمَفْهُومُ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِسَبَقِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ الْآخَرَ فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ فِي الْوَاقِعِ. وَكَذَا شَكُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ وَنِيَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إمَامَتُهُ لِلْآخَرِ صَحَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. (لَا) تَبْطُلُ (الْمُسَاوَقَةُ) أَيْ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَبِّرَ أَوْ يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ

ص: 380

كَغَيْرِهِمَا لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا كُرِهَ

وَأُمِرَ الرَّافِعُ بِعَوْدِهِ: إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ، لَا إنْ خَفَضَ.

ــ

[منح الجليل]

سُكُونِهِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِبْطَالِ فَقَالَ (كَ) سَبْقِ أَوْ مُسَاوَاةِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِي (غَيْرِهِمَا) أَيْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودِهِ، أَوْ رَفْعٍ مِنْهُمَا فَلَا يُبْطِلُهَا (لَكِنْ سَبْقُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (مَمْنُوعٌ) وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إنْ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَهُ بِأَنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ وَانْتَظَرَهُ حَتَّى رَكَعَ أَوْ سَجَدَ وَرَفَعَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ.

فَإِنْ سَبَقَهُ بِالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ بِأَنْ سَجَدَ أَوْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ أَوْ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي غَيْرِهِمَا بِأَنْ سَاوَاهُ فِيهِ (كُرِهَ) فَالْمَنْدُوبُ أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَهُ وَيُدْرِكَهُ فِيهِ. عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي الْمُخْتَارِ فِي اتِّبَاعِهِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ هَلْ هُوَ بِإِثْرِ شُرُوعِهِ أَوْ بِإِثْرِ تَمَامِ فِعْلِهِ كَاسْتِوَائِهِ قَائِمًا. وَأَمَّا فِعْلُهُ الرُّكْنَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ كَرُكُوعِهِ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى فَحَرَامٌ وَتَبْطُلُ فِي الْأُولَى إنْ اعْتَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ، وَكَسُجُودٍ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْهُ وَاسْتِمْرَارِهِ سَاجِدًا فِي الْأَخِيرَةِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ.

(وَأُمِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمَأْمُومُ (الرَّافِعُ) مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ قَبْلَ رَفْعِ إمَامِهِ مِنْهُ، وَصِلَةُ أُمِرَ (بِعَوْدَةٍ) أَيْ رُجُوعِ الْمَأْمُومِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الَّذِي رَفَعَ مِنْهُ قَبْلَ إمَامِهِ وَرَفْعِهِ مِنْهُ بَعْدَ رَفْعِ إمَامِهِ مِنْهُ (إنْ عَلِمَ) الْمَأْمُومُ أَوْ ظَنَّ (إدْرَاكَهُ) أَيْ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ (قَبْلَ رَفْعِهِ) أَيْ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ.

فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِهِ فِيهِ قَبْلَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِعَوْدِهِ لَهُ فَيَثْبُتُ بِحَالِهِ حَتَّى يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ. (لَا) يُؤْمَرُ الْمَأْمُومُ بِالْعَوْدِ إلَى الرَّفْعِ (إنْ خَفَضَ) لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ قَبْلَ خَفْضِ إمَامِهِ لَهُ فَيَثْبُتُ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى يَلْحَقَهُ إمَامُهُ لِأَنَّ الْخَفْضَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ كَالرَّافِعِ قَبْلَهُ. وَهَلْ الْعَوْدُ سُنَّةٌ وَهُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَوْ وَاجِبٌ وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يُرَجِّحْ

ص: 381

وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ ثُمَّ رَبِّ مَنْزِلٍ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ: وَإِنْ عَبْدًا كَامْرَأَةٍ، وَاسْتَخْلَفَتْ.

ــ

[منح الجليل]

أَحَدَهُمَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ بِأَنْ اطْمَأَنَّ مَعَهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ أَوْ فِي الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ ثُمَّ خَفَضَ قَبْلَهُ وَإِلَّا عَادَ وُجُوبًا اتِّفَاقًا فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ. وَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا فَكَالْمَزْحُومِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ رَفَعَ أَوْ خَفَضَ قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ سَهْوًا. فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ بِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ. بِخِلَافِ مَنْ أَخَذَ فَرْضَهُ سَوَاءٌ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ أَوْ لَمْ يَعْتَدَّ، لِأَنَّهُ إنْ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِتَرْكِ رُكْنٍ. وَإِنْ أَعَادَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِزِيَادَةِ رُكْنٍ.

(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ (تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ) أَيْ ذِي سَلْطَنَةٍ وَإِمَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ لِلصَّلَاةِ إمَامًا عَلَى الْحَاضِرِينَ مَعَهُ الصَّالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ. وَلَوْ كَانُوا أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ أَوْ رَاتِبَ مَسْجِدٍ، وَالنَّدْبُ لَا يُنَافِي الْقَضَاءَ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ سُلْطَانٌ نُدِبَ تَقْدِيمُ (رَبِّ) أَيْ مَالِكِ (مَنْزِلٍ) أَوْ رَاتِبِ مَسْجِدٍ مَثَلًا. وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِدَارِهِ وَأَدْرَى بِأَحْوَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) يُنْدَبُ تَقْدِيمُ (الْمُسْتَأْجِرِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعْمِرِ الدَّارَ (عَلَى الْمَالِكِ) لِذَاتِ الدَّارِ لِأَنَّ مَالِكَ مَنْفَعَتِهَا أَدْرَى بِأَحْوَالِهَا مِنْ مَالِكِ ذَاتِهَا. إنْ كَانَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا حُرًّا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا (عَبْدًا) أَيْ رَقِيقًا مَا لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ حَاضِرًا وَإِلَّا قُدِّمَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ. وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ فَقَالَ (كَامْرَأَةٍ) مَالِكَةٍ ذَاتَ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَتَهَا فَالْحَقُّ لَهَا فِي الْإِمَامَةِ وَلَكِنْ لَا تُبَاشِرُهَا (وَاسْتَخْلَفَتْ) نَدْبًا صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ، وَالْأَوْلَى اسْتِخْلَافُهَا الْأَفْضَلَ وَمِثْلُهَا ذَكَرَ مُسْلِمٌ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَالِكٍ لِذَاتِ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَتِهَا.

وَقِيلَ وُجُوبًا وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ إذْ مَنْ قَالَ وُجُوبًا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهَا وَمَنْ قَالَ نَدْبًا

ص: 382

ثُمَّ زَائِدِ فِقْهٍ، ثُمَّ حَدِيثٍ، ثُمَّ قِرَاءَةٍ، ثُمَّ عِبَادَةٍ، ثُمَّ بِسِنِّ إسْلَامٍ، ثُمَّ بِنَسَبٍ، ثُمَّ بِخُلُقٍ، ثُمَّ بِلِبَاسٍ إنْ عَدِمَ نَقْصَ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ،

ــ

[منح الجليل]

أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ الْقَوْمَ هَدَرًا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّ مَنْزِلٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ (زَائِدِ فِقْهٍ) أَيْ عِلْمٍ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِيهِ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ فِقْهٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ (حَدِيثٍ) بِكَثْرَةِ رِوَايَةٍ أَوْ حِفْظٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ زَائِدِ الْفِقْهِ، وَقُدِّمَ زَائِدُ الْفِقْهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَحْكَامِ وَأَحْوَالِ الصَّلَاةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ حَدِيثٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ (قِرَاءَةٍ) بِكَثْرَةِ حِفْظٍ أَوْ تَمَكُّنٍ مِنْ إخْرَاجِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا أَوْ كَثْرَةِ تِلَاوَةٍ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ قِرَاءَةٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ (عِبَادَةٍ) مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا (ثُمَّ) عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْعِبَادَةِ فَالتَّقْدِيمُ (بِسِنِّ إسْلَامٍ) أَيْ تَقَدُّمِهِ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ فِي ابْنِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَبْنَاءِ الْكَافِرِينَ فَابْنُ عِشْرِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ أَبْنَاءِ الْكَافِرِينَ أَسْلَمَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ. (ثُمَّ) يُقَدَّمُ (بِ) شَرَفٍ أَوْ عِلْمِ (نَسَبٍ) فَيُقَدَّمُ الْقُرَشِيُّ عَلَى غَيْرِهِ وَمَعْلُومُ النَّسَبِ عَلَى مَجْهُولِهِ (ثُمَّ بِخَلْقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ حُسْنِ صُورَةٍ وَجَمَالِ ظَاهِرٍ (ثُمَّ بِخُلُقٍ) بِضَمِّهِمَا أَيْ حُسْنِ طَبِيعَةٍ وَجَمَالِ بَاطِنٍ بِحِلْمٍ وَكَرَمٍ وَرَأْفَةٍ وَرَحْمَةٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ الضَّبْطَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ الَّذِي تَلَقَّاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شُيُوخِهِ الضَّبْطُ الْأَوَّلُ. (ثُمَّ) بِحُسْنِ (لِبَاسٍ) شَرْعِيٍّ وَهُوَ النَّظِيفُ الصَّفِيقُ غَيْرُ الْبَالِي الَّذِي لَا يَنْزِلُ عَنْ الْكَعْبِ الْخَالِي عَنْ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَعَنْ شِدَّةِ الضِّيقِ وَالِاتِّسَاعِ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ مَنْ ذُكِرَ التَّقَدُّمَ لِلْإِمَامَةِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ (إنْ عَدِمَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِ الدَّالِ (نَقْصَ مَنْعٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَسُكُونِ ثَانِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ ثَانِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ، أَيْ عَيْبٍ مُوجِبٍ لِمَنْعِ إمَامَتِهِ كَعَجْزِهِ عَنْ رُكْنٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ (أَوْ) عَدِمَ نَقْصَ (كُرْهٍ)

ص: 383

وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ: كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَاثْنَيْنِ خَلْفَهُ، وَصَبِيٌّ عَقَلَ الْقُرْبَةَ: كَالْبَالِغِ. وَنِسَاءٌ خَلْفَ الْجَمِيعِ،

ــ

[منح الجليل]

بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ وَصْفٍ مُوجِبٍ لِكَرَاهَةِ إمَامَتِهِ، كَقَلَفٍ وَأَعْرَابِيَّةٍ وَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّاقِصُ سُلْطَانًا أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ.

وَيُنْدَبُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ لِكَامِلٍ وَعَدَمُ تَرْكِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ نَقْصُهُ غَيْرَ كُفْرٍ وَجُنُونٍ، فَإِنْ كَانَ أَحَدَهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ، وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ غَيْرَهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ فَلَا يُسْتَخْلَفُ. (وَ) نُدِبَ (اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ) نَقْصَ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ إنْ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَا حَقَّ لَهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَالْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَفِي تَقْرِيرِهِ وَجْهَانِ آخَرَانِ أَحَدُهُمَا لِلشَّارِحِ وَالْبِسَاطِيِّ وَالْمَوَّاقِ وَهُوَ أَنَّ مَنْ لَهُ مُبَاشَرَةُ الْإِمَامَةِ مِنْ إمَامٍ وَرَبِّ مَنْزِلٍ يُنْدَبُ لَهُ إذَا حَضَرَ مَعَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ، اسْتِنَابَتُهُ لِقَوْلِ حَبِيبٍ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ حَضَرَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَوْ أَعْدَلُ مِنْهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ ذَلِكَ. الثَّانِي لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولِ عَدِمَ وَهُوَ فِي السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ شَرْطٌ فِي رَبِّ الْمَنْزِلِ وَمَنْ بَعْدَهُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَزَائِدَ الْفِقْهِ إلَخْ إنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا عَدِمَ اسْتِنَابَةَ النَّاقِصِ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَرَبُّ الْمَنْزِلِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُخْتَصًّا بِالسُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَوُقُوفِ ذَكَرٍ) بَالِغٍ مُقْتَدٍ بِإِمَامٍ وَحْدَهُ (عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَنُدِبَ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ قَلِيلًا. فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ آخَرُ نُدِبَ لِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ التَّأَخُّرُ حَتَّى يَكُونَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ (وَ) وُقُوفُ ذَكَرَيْنِ بَالِغَيْنِ (اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (خَلْفَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (وَصَبِيٌّ) مُبْتَدَأٌ (عَقَلَ) أَيْ عَرَفَ (الْقُرْبَةَ) أَيْ ثَوَابَهَا وَالْجُمْلَةُ نَعْتُ صَبِيٍّ مُسَوِّغُ الِابْتِدَاءِ بِهِ (كَالْبَالِغِ) فِي الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ وَقَفَا خَلْفَهُ وَمَفْهُومُ عَقَلَ إلَخْ. أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا يَقِفُ حَيْثُ يَشَاءُ (وَنِسَاءٌ) أَيْ جِنْسُهُنَّ الصَّادِقُ بِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ يُنْدَبُ وُقُوفُهُنَّ (خَلْفَ الْجَمِيعِ) مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَمَعَ إمَامٍ وَحْدَهُ خَلْفَهُ وَمَعَ إمَامٍ مَعَهُ رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ خَلْفَهُمَا، وَمَعَ إمَامٍ مَعَهُ رِجَالٌ خَلْفَهُ خَلْفَهُمْ.

ص: 384

وَرَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا، وَالْأَوْرَعُ، وَالْعَدْلُ وَالْحُرُّ وَالْأَبُ، وَالْعَمُّ عَلَى غَيْرِهِمْ

وَإِنْ تَشَاحَّ مُتَسَاوُونَ لَا لِكِبْرٍ اقْتَرَعُوا

ــ

[منح الجليل]

وَرَبُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَالِكُ (الدَّابَّةِ) الَّتِي أَكْرَاهَا لِشَخْصٍ يَرْكَبُ مَعَهُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (أَوْلَى بِ) رُكُوبِهِ عَلَى (مُقَدَّمِهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهَا وَفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً عَلَى فَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا مُخَفَّفَةً عَلَى سُكُونِهَا لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا.

وَذَكَرَ هَذِهِ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوْلَى بِمُقَدَّمِ الدَّابَّةِ صَاحِبُهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا صَلَّوْا فِي مَنْزِلِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَبِمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا وَصَاحِبَ الدَّارِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْقِبْلَةِ فِيهَا وَبِالْمَوَاضِعِ الطَّاهِرَةِ مِنْهَا، وَكِلَاهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَهِيَ دَلَالَةٌ حَسَنَةٌ. (وَ) قُدِّمَ (الْأَوْرَعُ) أَيْ الزَّائِدُ فِي الْوَرَعِ وَهُوَ التَّارِكُ لِبَعْضِ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ عَلَى الْوَرِعِ، وَهُوَ التَّارِكُ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (وَ) قُدِّمَ (الْعَدْلُ) عَلَى مَجْهُولِ الْحَالِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلُ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَدْلِ أَوْ الْمُرَادُ عَدْلُ الشَّهَادَةِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا كَمُغَفَّلٍ وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا (وَالْحُرُّ) عَلَى الْعَبْدِ (وَالْأَبُ) عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ زَادَ فِقْهًا (وَالْعَمُّ) عَلَى ابْنِ أَخِيهِ وَلَوْ زَائِدَ فِقْهٍ أَوْ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ عَمِّهِ. عج مَرْتَبَةُ هَذَيْنِ عَقِبَ مَرْتَبَةِ رَبِّ الْمَنْزِلِ فَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُمَا هُنَاكَ اهـ. وَهَذَا يُفِيدُ تَقْدِيمَ السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ عَلَى أَبِيهِمَا وَعَمِّهِمَا (عَلَى غَيْرِهِمْ) رَاجِعٌ لِلْأَوْرَعِ وَمَنْ بَعْدَهُ.

(وَإِنْ تَشَاحَّ) أَيْ تَنَازَعَ فِي التَّقَدُّمِ لِلْإِمَامَةِ جَمَاعَةٌ (مُتَسَاوُونَ) فِيمَا تَقَدَّمَ لِحِيَازَةِ ثَوَابِهَا أَوْ الْمُرَتَّبِ لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ الْوَقْفِ لِفَقْرِهِمْ وَاسْتَوَوْا فِيهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَفْقَرُ (لَا لِكِبْرٍ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ (اقْتَرَعُوا) فَإِنْ تَشَاحُّوا فِيهَا لِكِبْرٍ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا لِفِسْقِهِمْ

ص: 385

وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ بِلَا تَأْخِيرٍ لَا لِجُلُوسٍ، وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ، إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ

ــ

[منح الجليل]

وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ

(وَكَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الْمَسْبُوقُ) الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا اسْتِنَانًا عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةً لِخَفْضِهِ (لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) وَصِلَةُ كَبَّرَ (بِلَا تَأْخِيرٍ) لِلِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ حَتَّى يَرْفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ، أَيْ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ إنْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِيهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ. وَإِنْ شَكَّ فِيهِ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ إنْ وَجَدَهُ سَاجِدًا مُطْلَقًا. وَقِيلَ يَحْرُمُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُعِيدًا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهَا الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ وُجُوبًا لِلنَّهْيِ عَنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ نَدْبًا (لَا) يُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ جَالِسًا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِتَشَهُّدٍ تَكْبِيرَةٍ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لِجُلُوسٍ) فَيَجْلِسُ سَاكِنًا (وَقَامَ) الْمَسْبُوقُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ، وَصِلَةُ قَامَ (بِتَكْبِيرٍ إنْ) كَانَ (جَلَسَ) الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ (فِي ثَانِيَتِهِ) أَيْ الْمَسْبُوقِ بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً لَا حَالَ قِيَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ. وَمَفْهُومُ فِي ثَانِيَتِهِ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ فِي أُولَاهُ بِأَنْ أَدْرَكَ الْأَخِيرَةَ مُطْلَقًا أَوْ فِي ثَالِثَتِهِ كَمَسْبُوقٍ بِأُولَى رُبَاعِيَّةٍ فَيَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ بِتَكْبِيرٍ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ. وَلَمَّا دَخَلَ فِي مَفْهُومِ فِي ثَانِيَتِهِ مُدْرِكُ التَّشَهُّدَ وَكَانَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ اسْتَثْنَاهُ فَقَالَ (إلَّا مُدْرِكَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ مُحَصِّلَ (التَّشَهُّدِ) الْأَخِيرِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ الْقِيَامِ عَقِبَ الرُّكُوعِ الْأَخِيرِ أَوْ السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً.

وَهَذَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ التَّكْبِيرِ إلَى اعْتِدَالِهِ قَائِمًا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَرَوَى سَنَدٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ مَنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مُدْرِكَ نَحْوِ التَّشَهُّدِ كَذَلِكَ. وَنَقَلَ زَرُّوقٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ

ص: 386

وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ

وَرَكَعَ مَنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دُونَ

ــ

[منح الجليل]

أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا. قَالَ وَكَانَ شَيْخُنَا الْقُورِيُّ يُفْتِي بِهِ الْعَامَّةَ لِئَلَّا يَعْكِسُوا.

(وَقَضَى) الْمَسْبُوقُ (الْقَوْلَ) أَيْ الْقِرَاءَةَ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ أَوْ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لَهَا فَيَقْضِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ بِسُورَةٍ وَجَهْرٍ إنْ كَانَتْ لَيْلِيَّةً (وَبَنَى الْفِعْلَ) أَيْ مَا عَدَا الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَمَا فَاتَهُ آخِرَهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ وَيَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَهُ عج وِفَاقًا لِلْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْبَيَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُوَضِّحُ وَالْقَلْشَانِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمْ أَنَّ مُدْرِكَ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ لَا يَقْنُتُ فِي قَضَاءِ الْأُولَى. وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الَّذِي يَقْضِي الْقِرَاءَةَ وَالْقُنُوتَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بُنَانِيٌّ، فَمُدْرِكُ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ. وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّهُ بَانٍ الْفِعْلَ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ قَامَ مِنْ ثَانِيَةٍ وَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ. وَمُدْرِكُ الثَّانِيَةَ مِنْهَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَيَقْرَأُ فَاتِحَةً وَسُورَةً جَهْرًا لِذَلِكَ. وَمُدْرِكُ أَخِيرَةَ الْعِشَاءِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَةً كَذَلِكَ، وَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا لِأَنَّهَا الرَّابِعَةُ. وَمُدْرِكُ أَخِيرَتَيْهَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَيَقْضِي الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَتَيْنِ جَهْرًا.

وَمُدْرِكُ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ لَا يَقْنُتُ فِي قَضَاءِ الْأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَضَاءً كَانَتْ أَوْ بِنَاءً، وَالْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَظَنَّ أَنَّهُ إنْ تَمَادَى بِسَكِينَةٍ بِلَا إحْرَامٍ حَتَّى يَصِلَ إلَى الصَّفِّ يُدْرِكُ الرُّكُوعَ فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَخَافَ تَخَلُّفَ ظَنِّهِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ أَحْرَمَ.

(وَرَكَعَ) نَدْبًا احْتِيَاطًا لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ (مَنْ) أَيْ الْمَسْبُوقُ الَّذِي (خَشِيَ) أَيْ خَافَ (فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مَعَ الْإِمَامِ بِرَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الصَّفِّ وَإِحْرَامِهِ وَرُكُوعِهِ فِيهِ إنْ لَمْ يُحْرِمْ وَيَرْكَعْ خَارِجَهُ، وَصِلَةُ رَكَعَ (دُونَ) أَيْ قُرْبَ

ص: 387

الصَّفِّ، إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ، يَدِبُّ كَالصَّفَّيْنِ لِآخِرِ فُرْجَةٍ: قَائِمًا، أَوْ رَاكِعًا. لَا سَاجِدًا، أَوْ جَالِسًا.

وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَلْغَاهَا

ــ

[منح الجليل]

الصَّفِّ إنْ ظَنَّ) أَيْ الْمَسْبُوقُ (إدْرَاكَهُ) أَيْ الصَّفِّ بِمَشْيِهِ لَهُ فِي رُكُوعِهِ (قَبْلَ الرَّفْعِ) مِنْ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا فَلَا يُحْرِمُ وَلَا يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ، فَيَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ بِلَا كَرَاهَةٍ لِئَلَّا تَفُوتَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ وَتَقْدِيمًا لَهَا عَلَى الصَّفِّ عَكْسَ قَوْلِ الْإِمَامِ وَرَجَّحَ التُّونُسِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوْلَى عِنْدِي بِالصَّوَابِ وَإِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ فَ (يَدِبُّ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ (كَالصَّفَّيْنِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَيْ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ أَقْصَى مَا يَدِبُّهُ صَفَّانِ لَا أَكْثَرُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَحْسِبُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا الَّذِي يَدْخُلُهُ، وَصِلَةُ يَدِبُّ (لِآخِرِ فُرْجَةٍ) إنْ تَعَدَّدَتْ فُرَجُ الصُّفُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَهِيَ الْأَوْلَى بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَامَ الْمَسْبُوقِ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ شِمَالَهُ يَدِبُّ لَهَا حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إنْ خَابَ ظَنُّهُ وَرَفَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ رُكُوعِهِ فِي الْأُولَى فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَائِمًا حَالَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الدَّبِيبَ مَظِنَّةُ الطُّولِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ فَإِنْ دَبَّ فِيهِ فَلَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِهَا. (أَوْ) يَدِبُّ حَالَ كَوْنِهِ (رَاكِعًا) فِي أُولَاهُ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، فَلَوْ قَالَ رَاكِعًا أَوْ قَائِمًا فِي ثَانِيَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا لِئَلَّا تَتَجَافَى يَدَاهُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَ (لَا) يَدِبُّ (سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا) اتِّفَاقًا لِلْعُسْرِ وَالْقُبْحِ.

(وَإِنْ) أَحْرَمَ مَسْبُوقٌ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ وَ (شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ) لِلرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ (أَلْغَاهَا) أَيْ الْمَسْبُوقُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَيَقْضِيهَا عَقِبَ

ص: 388

وَإِنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ، وَنَوَى بِهَا الْعَقْدَ، أَوْ نَوَاهُمَا، أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا، أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ: تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ

ــ

[منح الجليل]

سَلَامِهِ، وَمَفْهُومُ شَكَّ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَهُمَا أَوْلَى بِإِلْغَائِهَا. وَإِنْ تَحَقَّقَ الْإِدْرَاكَ أَوْ ظَنَّهُ وَجَبَ الِاعْتِدَادُ بِهَا لِأَنَّ الظَّنَّ كَالْيَقِينِ فِي الْعَمَلِيَّاتِ. وَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ فَإِنْ تَحَقَّقَ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا قَبْلَ رُكُوعِهِ فَلَا يَرْكَعْ. وَإِنْ رَكَعَ فَلَا يَرْفَعْ وَإِنْ رَفَعَ فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَلْغَاهَا لِتَعَمُّدِ الزِّيَادَةِ. وَقِيلَ إنْ اعْتَدَّ بِهِ بَطَلَتْ لِقَضَائِهِ فِي صُلْبِ إمَامِهِ، وَإِنْ أَلْغَاهَا لَمْ تَبْطُلْ وَيَحْمِلُ الْإِمَامُ الزِّيَادَةَ. وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا قَبْلَ رُكُوعِهِ وَرَكَعَ وَجَزَمَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ، فَهَلْ يَرْفَعُ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ لَا يَرْفَعُ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ فَإِنْ رَفَعَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ.

(وَإِنْ كَبَّرَ) الْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لِخَفْضِهِ لِ (رُكُوعٍ) أَيْ فِيهِ أَوْ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَنَوَى) الْمَسْبُوقُ (بِهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ (الْعَقْدَ) لِلصَّلَاةِ أَيْ الْإِحْرَامِ بِهَا فَقَطْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ سُنَّةَ الرُّكُوعِ (أَوْ نَوَاهُمَا) أَيْ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ مَعًا بِهِ (أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا) أَيْ لَمْ يَنْوِ بِهِ أَحَدَهُمَا (أَجْزَأَ) التَّكْبِيرُ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ الْفَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَحَمْلًا لِتَكْبِيرِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ فِي الثَّالِثَةِ بِقَرِينَةِ حَالِهِ وَتَغْلِيبًا لِلْأَكْمَلِ وَالْأَقْوَى. (وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْإِحْرَامَ بِتَكْبِيرِهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ السُّنَّةَ حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا لَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ رُكْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَ (تَمَادَى) وُجُوبًا (الْمَأْمُومُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الْعَاجِزَيْنِ عَنْ الْفَاتِحَةِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَلَحِقَ الْإِمَامَ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى صِحَّتَهَا لِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ عَنْ مَأْمُومِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.

وَقِيلَ يَقْطَعُ الْجُمُعَةَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرَّكْعَةِ أُولَى أَوْ غَيْرَهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَتْ أُولَى تَمَادَى وَإِلَّا قَطَعَ وَاسْتَأْنَفَ وَمَفْهُومُ نَاسِيًا قَطْعُ مُتَعَمَّدٍ تَرْكَهُ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْفَذَّ يَقْطَعَانِ وَيَسْتَأْنِفَانِ الصَّلَاةَ بِإِحْرَامٍ مَتَى تَذَكَّرَا أَنَّهُمَا

ص: 389