الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) سُنَّ الِاسْتِسْقَاءُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ بِنَهْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ بِسَفِينَةٍ رَكْعَتَانِ جَهْرًا
، وَكُرِّرَ إنْ تَأَخَّرَ
، وَخَرَجُوا ضُحًى
مُشَاةً: بِبِذْلَةِ، وَتَخَشُّعٍ مَشَايِخُ
ــ
[منح الجليل]
[فَصْلٌ فِي صَلَاة الِاسْتِسْقَاءُ]
ِ (سُنَّ) عَيْنًا لِذَكَرٍ بَالِغٍ وَلَوْ عَبْدًا مَعَ الْإِمَامِ وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ (الِاسْتِسْقَاءُ) أَيْ صَلَاتُهُ وَنُدِبَ لِمُتَجَالَّةٍ وَصَبِيٍّ وَمَنْ فَاتَتْهُ (لِزَرْعٍ) أَيْ نَبَاتِهِ أَوْ حَيَاتِهِ (أَوْ) لِأَجْلِ (شُرْبٍ) لِآدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَصِلَةُ الِاسْتِسْقَاءِ (بِنَهْرٍ) كَنِيلٍ تَوَقَّفَ أَوْ تَخَلَّفَ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ النَّهْرِ كَمَطَرٍ كَذَلِكَ أَوْ عَيْنٍ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ لِطَلَبِ السَّعَةِ وَالْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ سُنَّةً، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ بِبَلَدٍ أَوْ صَحْرَاءَ بَلْ (وَإِنْ بِسَفِينَةٍ) بِبَحْرٍ مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ (رَكْعَتَانِ) بَدَلُ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا (جَهْرًا) نَدْبًا؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ خُطْبَةٍ وَلَا تَرِدُ ظُهْرُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لِتَعْلِيمِ الْمَنَاسِكِ لَا لَهَا.
(وَكُرِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الِاسْتِسْقَاءُ اسْتِنَانًا لِلزَّرْعِ أَوْ الشُّرْبِ فِي يَوْمٍ آخَرَ. قَالَهُ عبق وَتَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازُ. الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّدْبُ الْأَمِيرُ. الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ عبق، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ أَمْرٍ عَلَى حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ (إنْ تَأَخَّرَ) الْمَطْلُوبُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ، أَوْ حَصَلَ دُونَ الْكِفَايَةِ
(وَخَرَجُوا) نَدْبًا إلَى الْمُصَلَّى (ضُحًى) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا لِلزَّوَالِ
حَالَ كَوْنِهِمْ (مُشَاةً) تَوَاضُعًا، وَإِظْهَارًا لِلْفَاقَةِ (بِ) ثِيَابٍ (بِذْلَةٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مِهْنَةٍ وَخِسَّةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلَابِسِهَا. (وَتَخَشُّعٍ) أَيْ إظْهَارِ خُشُوعٍ وَخُضُوعٍ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْإِجَابَةِ (مَشَايِخُ) أَيْ رِجَالٌ
وَمُتَجَالَّةٌ، وَصِبْيَةٌ.
لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ
وَبَهِيمَةٌ
وَحَائِضٌ.
وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ، وَانْفَرَدَ لَا بِيَوْمٍ.
ثُمَّ خَطَبَ: كَالْعِيدِ، وَبَدَّلَ التَّكْبِيرَ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ
ــ
[منح الجليل]
بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ وَاوِ خَرَجُوا وَالضَّمِيرُ مُقَدَّرٌ أَيْ مِنْهُمْ (وَ) مَرْأَةٌ (مُتَجَالَّةٌ) أَيْ عَجُوزٌ وَلَوْ بَقِيَ فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ وَكُرِهَ لِشَابَّةٍ غَيْرِ مَخْشِيَّةٍ وَلَا تُمْنَعُ إنْ خَرَجَتْ وَحَرُمَ عَلَى مَخْشِيَّةٍ (وَصِبْيَةٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ جَمْعُ صَبِيٍّ يَعْقِلُونَ الْقُرْبَةَ.
(لَا) يَخْرُجُ (مَنْ لَا يَعْقِلُ) أَيْ يَعْرِفُ الْقُرْبَةَ (مِنْهُمْ) أَيْ الصَّبِيَّةُ.
(وَ) لَا تَخْرُجُ (بَهِيمَةٌ) مِنْ الْأَنْعَامِ أَوْ غَيْرِهَا فَخُرُوجُهُمْ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ، وَقِيلَ يُنْدَبُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَوْلَا أَشْيَاخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَوْلَا وُجُودُهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَوْلَا حُضُورُهُمْ
(وَ) لَا (حَائِضٍ) وَنُفَسَاءُ فَيُكْرَهُ خُرُوجُهُمَا وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ.
(وَلَا يُمْنَعُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ الْخُرُوجِ لِلِاسْتِسْقَاءِ كَافِرٍ (ذِمِّيٍّ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ إلَى الذِّمَّةِ أَيْ الْعَهْدِ مِنْ الْإِمَامِ بِالْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي نَظِيرِ الْتِزَامِهِ الْجِزْيَةَ وَنُفُوذِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِيهِ. وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ مَجُوسِيًّا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ صَلِيبِهِ إنْ انْعَزَلَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَانٍ، وَإِلَّا مُنِعَ. (وَانْفَرَدَ) الذِّمِّيُّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ نَدْبًا بِمَكَانٍ (لَا بِيَوْمٍ) أَيْ زَمَنٍ ابْنُ حَبِيبٍ يَخْرُجُونَ وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ وَيَعْتَزِلُونَهُمْ فِي نَاحِيَةٍ وَلَا يَخْرُجُونَ قَبْلَ النَّاسِ وَلَا بَعْدَهُمْ، خَشْيَةَ أَنْ يَسْبِقَ الْقَدَرُ بِالسَّقْيِ فِي وَقْتِهِ فَيُفْتَتَنُ بِهِ ضُعَفَاءُ الْإِيمَانِ.
(ثُمَّ خَطَبَ) الْإِمَامُ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ نَدْبًا خُطْبَتَيْنِ (كَ) خُطْبَتَيْ (الْعِيدِ) فِي الْجُلُوسِ قَبْلَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَالتَّوَكُّؤِ عَلَى عَصًا وَلَا يَدْعُو لِأَحَدٍ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى الدُّعَاءِ بِرَفْعِ مَا بِهِمْ (وَبَدَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ (التَّكْبِيرَ) الَّذِي فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ (بِالِاسْتِغْفَارِ) بِلَا حَدٍّ فَيَفْتَحُهُمَا وَيُخَلِّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ (وَبَالَغَ) الْإِمَامُ وَالْحَاضِرُونَ (فِي الدُّعَاءِ) بِرَفْعِ مَا نَزَلَ
آخِرَ الثَّانِيَةِ مُسْتَقْبِلًا، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ: يَمِينَهُ يَسَارَهُ بِلَا تَنْكِيسٍ.
وَكَذَا الرِّجَالُ، فَقَطْ قُعُودًا.
وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بِالْأَرْضِ
وَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ
وَصَدَقَةٌ،
وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا الْإِمَامُ،
ــ
[منح الجليل]
بِهِمْ (آخِرَ) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) أَيْ عَقِبَ فَرَاغِهَا حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ (ثُمَّ حَوَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ (رِدَاءَهُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ) أَيْ يَجْعَلُ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ وَعَكْسُهُ. فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ خَلْفِهِ طَرَفَ الرِّدَاءِ الَّذِي عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ كَذَلِكَ مَا عَلَى الْأَيْمَنِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ (بِلَا تَنْكِيسٍ) لِلرِّدَاءِ، أَيْ جَعْلُ حَاشِيَتِهِ الْعُلْيَا سُفْلَى وَعَكْسُهُ تَفَاؤُلًا بِتَحْوِيلِ اللَّهِ تَعَالَى حَالَهُمْ مِنْ الْجَدْبِ إلَى الْخِصْبِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ التَّحْوِيلَ عَقِبَ الِاسْتِقْبَالِ، وَقَبْلَ الدُّعَاءِ.
(وَكَذَا) أَيْ الْإِمَامُ فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ (الرِّجَالُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ حَالَ كَوْنِهِمَا (قُعُودًا) وَلَا يُكَرِّرُ الْإِمَامُ وَلَا الرِّجَالُ التَّحْوِيلَ
(وَنُدِبَ خُطْبَةٌ) أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِخُطْبَتَيْنِ (بِالْأَرْضِ) مَصَبُّ النَّدْبِ تَوَاضُعًا، وَتُكْرَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ
(وَ) نُدِبَ (صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ) أَيْ الْخُرُوجِ لِلْمُصَلَّى فَيَخْرُجُونَ مُفْطِرِينَ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ كَالْحُجَّاجِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَرُدَّ بِأَنَّ الْحُجَّاجَ مُسَافِرُونَ فَيُضْعِفُهُمْ الصَّوْمُ، وَهَؤُلَاءِ مُقِيمُونَ فَلَا يُضْعِفُهُمْ، فَلِذَا اعْتَمَدَ الْبُنَانِيُّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يَخْرُجُونَ صَائِمِينَ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ.
(وَ) نُدِبَ (صَدَقَةٌ) قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ الْبَلَاءَ وَتَجْلِبُ الرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ
(وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا) أَيْ الصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ (الْإِمَامُ) النَّاسَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِهِمَا فَتَجِبُ طَاعَتُهُ، قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصُّ الْبَيَانِ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آخِرُهَا الْيَوْمُ الَّذِي يَبْرُزُونَ فِيهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ. الْمَوَّاقُ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الصَّوْمِ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَلَا يَنْفِي عَلَى الْعُمُومِ وَيُوَكَّلُونَ فِيهِ لِاخْتِيَارِهِمْ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ الْإِمَامُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَحْدَهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحُضُّ الْإِمَامُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَأْمُرُ بِالطَّاعَةِ وَالْحَذَرِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ. ابْنُ شَاسٍ يَأْمُرُهُمْ بِالتَّقَرُّبِ وَالصَّدَقَةِ وَحَكَى الْجُزُولِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا فَالْمُعْتَمَدُ فِي الصَّدَقَةِ الْأَمْرُ بِهَا وَفِي الصَّوْمِ عَدَمُ الْأَمْرِ بِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
بَلْ بِتَوْبَةٍ، وَرَدِّ تَبِعَةٍ
وَجَازَ تَنَفُّلٌ: قَبْلَهَا، وَبَعْدَهَا.
وَاخْتَارَ إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ بِمَحَلِّهِ لِمُحْتَاجٍ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ.
ــ
[منح الجليل]
بَلْ) يَأْمُرُهُمْ (بِتَوْبَةٍ) أَيْ إقْلَاعٍ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَتَنْدَمُ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهَا، وَإِنْ عَادَ فَلَا تُنْتَقَضُ، وَيَجِبُ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ (وَ) بِ (رَدِّ تَبِعَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَظْلَمَةٌ مَوْجُودَةٍ بِعَيْنِهَا إلَى أَهْلِهَا، وَهَذَا تَضَمَّنَتْهُ التَّوْبَةُ وَإِلَّا عَدَمُ الْإِقْلَاعِ الَّذِي هُوَ رُكْنُهَا. فَإِنْ فَاتَتْ عَيْنُهَا فَرَدُّ عِوَضِهَا وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهَا مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ وَتَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا. وَتَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي مَقْبُولَةٌ ظَنًّا عَلَى التَّحْقِيقِ. وَقِيلَ قَطْعًا. وَعَلَى كُلٍّ إذَا أَذْنَبَ بَعْدَهَا لَا تَعُودُ ذُنُوبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورُ عَدَمُ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. وَقِيلَ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَهُمَا دُونَ الْكَافِرِ.
(وَجَازَ تَنَفُّلٌ قَبْلَهَا) أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (وَبَعْدَهَا) وَلَوْ بِالْمُصَلَّى. وَفَرَّقَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِيدِ بِأَنَّهُ نُسُكٌ مَخْصُوصٌ بِيَوْمِهِ وَبِمَحَلِّهِ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَكَانَ اخْتِصَاصُ مَحَلِّهَا بِهَا فِي يَوْمِهَا مِنْ خُصُوصِ حُكْمِهَا. وَالِاسْتِسْقَاءُ إنَّمَا قَصَدَ الْإِقْلَاعَ عَنْ الْخَطَايَا وَالِاسْتِغْفَارَ وَالْإِقْبَالَ عَلَى التَّقْوَى وَالْإِكْثَارَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ. وَلِذَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْعِتْقُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالتَّذَلُّلُ وَالْخُشُوعُ وَالدُّعَاءُ فَكَانَ التَّنَفُّلُ بِهِ أَلْيَقَ وَأَحْسَنَ.
(وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (إقَامَةَ) أَيْ صَلَاةِ (غَيْرِ الْمُحْتَاجِ) لِلْمَاءِ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَهُوَ بِمَحَلِّهِ نَدْبًا (لِلْمُحْتَاجِ) لِلْمَاءِ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ وَلَوْ بَعُدَ مَكَانُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (وَفِيهِ) أَيْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ (نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ وَلَوْ فَعَلُوهُ لَنُقِلَ إلَيْنَا فَالْوَجْهُ كَرَاهَةُ صَلَاةِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ لِلْمُحْتَاجِ وَيَدْعُو لَهُ كَمَا تُفِيدُهُ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ.