الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ: تَرَدُّدٌ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ اسْتَأْنَفَ. .
(فَصْلٌ) نُدِبَ لِإِمَامٍ: خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ، أَوْ نَفْسٍ،
ــ
[منح الجليل]
نَسِيَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَا بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ خَاصَّةً وَمَفْهُومُ إنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُكَبِّرْ لَا يَتَمَادَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَيُصَرِّحُ بِهَذَا.
(وَفِي) تَمَادِي الْمَأْمُومِ الْمُقْتَصِرِ عَلَى (تَكْبِيرِ السُّجُودِ) الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وُجُوبًا عَلَى بَاطِلَةٍ إنْ اسْتَمَرَّ نَاسِيًا حَتَّى عَقَدَ رَكْعَةً أُخْرَى، وَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ قَطَعَ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَدَمُ تَمَادِيهِ وَقَطْعُهُ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَهَذَا نَقْلُ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَوَّازِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَإِنْ كَبَّرَ عِنْدَ السُّجُودِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَجْزَأَ. (وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ) الْمُصَلِّي عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ وَتَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ بَعْدَهُ (اسْتَأْنَفَ) صَلَاتَهُ بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ وَلَا يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمُكَبِّرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَطْعٍ بِسَلَامِ أَوْ كَلَام مَثَلًا
[فَصْلٌ فِي أَحْكَام اسْتِخْلَاف إمَام]
(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ اسْتِخْلَافِ إمَامٍ (نُدِبَ لِإِمَامٍ) انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ بِنِيَّةٍ وَتَكْبِيرَةٍ لَا مَنْ تَرَكَ إحْدَاهُمَا (خَشِيَ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ (تَلَفَ مَالٍ) بِتَمَادِيهِ إمَامًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَلَفِ هَلَاكِ مَعْصُومٍ أَوْ شِدَّةَ ضَرَرِهِ كَثُرَ الْمَالُ أَوْ قَلَّ، اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ، أَوْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَلَفِهِ مَا ذُكِرَ، وَكَثُرَ الْمَالُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَالْأَوْجَبُ التَّمَادِي وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْفَذُّ وَالْمَأْمُومُ. (أَوْ) خَشِيَ تَلَفَ أَوْ شِدَّةَ أَذَى (نَفْسٍ) مَعْصُومَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَوُقُوعِ صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى
أَوْ مُنِعَ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ، أَوْ الصَّلَاةَ بِرُعَافٍ، أَوْ سَبْقِ حَدَثٍ، أَوْ ذِكْرِهِ: اسْتِخْلَافٌ، وَإِنْ بِرُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَهُ.
ــ
[منح الجليل]
فِي بِئْرٍ أَوْ نَارٍ (أَوْ مُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْإِمَامُ (الْإِمَامَةَ) أَيْ مِنْهَا (لِ) طَرَيَان (عَجْزٍ) عَنْ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَقِيَامٍ أَوْ قَوْلِيٍّ كَفَاتِحَةٍ وَسَلَامٍ (أَوْ) مُنِعَ الْإِمَامُ (الصَّلَاةَ بِ) سَبَبِ (رُعَافٍ) قَطَعَ فَيَسْتَخْلِفُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَيَقْطَعُ وَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ. وَقَدْ شَهَّرَ ابْنُ رُشْدٍ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ الَّذِي سَقَطَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَبْطَلَتْ صَلَاتَهُ أَوْ تَذَكَّرَهَا فِي بَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولِهِ، فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَذَكُّرِهَا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ الِاسْتِخْلَافُ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ بِالْأَوْلَى.
(أَوْ) مُنِعَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ بِسَبَبِ (سَبْقِ حَدَثٍ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْهُ غَلَبَةً فِيهَا (أَوْ) بِسَبَبِ (ذِكْرِهِ) أَيْ تَذَكُّرِ الْحَدَثِ فِيهَا فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فِيهِمَا كَرُعَافِ الْقَطْعِ، فَيَسْتَخْلِفُ وَلَهَا نَظَائِرُ كَمَنْ شَكَّ، وَهُوَ إمَامٌ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا. وَمِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْدُبْ مِنْ الْإِمَامِ الِاسْتِخْلَافَ جُنُونُهُ أَوْ مَوْتُهُ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (اسْتِخْلَافٌ) وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ الْمَأْمُومِينَ بِلَا خَلِيفَةٍ، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِمَامَةِ أَوْ قَطْعِهِ الصَّلَاةَ إنْ حَصَلَ سَبَبُ الِاسْتِخْلَافِ بِقِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ سَبَبُهُ (بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) وَيَرْفَعُ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ الرُّكُوعِ بِلَا تَسْمِيعٍ وَمِنْ السُّجُودِ بِلَا تَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَقْتَدُوا بِهِ فِي الرَّفْعِ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُ بِهِمْ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الْخَلِيفَةُ فَيَدِبُّ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا لِيَرْفَعَ بِهِمْ لِلضَّرُورَةِ هُنَا.
(وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ (إنْ رَفَعُوا) مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ (بِرَفْعِهِ) أَيْ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ (قَبْلَهُ) أَيْ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِحَدَثِهِ حَالَ رَفْعِهِمْ مَعَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا رَفَعُوا بِرَفْعِهِ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ
وَلَهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَوْ أَشَارَ لَهُمْ بِالِانْتِظَارِ، وَاسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ،
ــ
[منح الجليل]
عَمْدًا مَعَ عِلْمِهِمْ حَدَثَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ بِلَا خِلَافٍ اُنْظُرْ الْبُنَانِيَّ. وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِهِمْ مَعَ الْخَلِيفَةِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَلَوْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ حُصُولِ الْعُذْرِ لَهُ. فَإِنْ لَمْ يَعُودُوا فَإِنْ كَانُوا أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ عُذْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ فَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاتِهِ إعَادَتُهُ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ الَّذِي حَصَلَ الْعُذْرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَرَفَعَ مِنْهُ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ لِبُطْلَانِهِ عَلَى الْإِمَامِ بِحُصُولِ الْعُذْرِ فِيهِ، وَهُوَ نَائِبُهُ فِي إكْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ نَاقِصَةً رُكْنًا.
(وَ) نُدِبَ (لَهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ الِاسْتِخْلَافُ (إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ) الْإِمَامُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ، وَلَهُمْ إتْمَامُهَا أَفْذَاذًا إنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الِاسْتِخْلَافُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَمَحَلُّ اسْتِخْلَافِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا قَبْلَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَيَسْتَخْلِفُونَ إنْ لَمْ يُشِرْ لَهُمْ الْأَوَّلُ بِانْتِظَارِهِ بَلْ (وَلَوْ أَشَارَ) الْإِمَامُ الْأَوَّلُ (لَهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ (بِالِانْتِظَارِ) مِنْهُمْ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ وَيُكْمِلَ بِهِمْ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَشَارَ بِهِ فَحَقٌّ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُقَدِّمُوا غَيْرَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ فَيُتِمَّ بِهِمْ، وَسَيَنُصُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ.
(وَ) نُدِبَ (اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ) مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ،
وَتَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ، وَتَأَخَّرَ مُؤْتَمًّا فِي الْعَجْزِ، وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ، وَتَقَدُّمُهُ إنْ قَرُبَ، وَإِنْ بِجُلُوسِهِ
، وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ صَحَّتْ: كَأَنْ اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا، وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ،
ــ
[منح الجليل]
وَلِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَحْوَالِهِ (وَ) نُدِبَ (تَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ) سَبَقَهُ أَوْ تَذَكَّرَهُ فَيُشِيرُ لِمَنْ يُقَدِّمُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ لِلسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْحَيَاءِ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَحَدَثٍ عَنْ اسْتِخْلَافِهِ لِعُذْرٍ لَا يُبْطِلُهَا كَرُعَافِ بِنَاءٍ، وَعَجْزٍ عَنْ رُكْنٍ فَتَرْكُ الْكَلَامِ فِيهِ وَاجِبٌ (وَتَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ الْأَوَّلُ (مُؤْتَمًّا) وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ. وَاغْتُفِرَتْ فِي الْأَثْنَاءِ هُنَا وَإِنْ كَانَ شَرْطُهَا الْأَوَّلِيَّةَ لِلضَّرُورَةِ وَصِلَةُ تَأَخَّرَ (فِي) طُرُوُّ (الْعَجْزِ) لَهُ عَنْ رُكْنٍ، وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ.
(وَ) نُدِبَ لَهُ (مَسْكُ أَنْفَهُ فِي) حَالِ (خُرُوجِهِ) لِيُوهِمَ أَنَّ بِهِ رُعَافًا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الرِّيَاءِ وَالْكَذِبِ، بَلْ مِنْ بَابِ التَّجَمُّلِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ تَكَلُّمِ النَّاسِ فِيهِ (وَ) نُدِبَ (تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ لِمَوْضِعِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ (إنْ قَرُبَ) الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ مِنْ مَوْضِعِ الْأَوَّلِ كَصَفَّيْنِ، فَإِنْ بَعُدَ مِنْ مَحَلِّ الْأَوَّلِ فَلَا يَتَقَدَّمُ وَيُتِمُّ بِهِمْ، وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ، وَيَتَقَدَّمُ بِحَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا حَالَ اسْتِخْلَافِهِ إنْ كَانَ بِقِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُتَلَبِّسًا (بِجُلُوسِهِ) أَوْ سُجُودِهِ لِلضَّرُورَةِ هُنَا.
(وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ) أَيْ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ، وَأَتَمَّ بِهِمْ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُمْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْكِبْرَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ بِالْفَتْحِ لَا تَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ حَتَّى يُقْبِلَ وَيَفْعَلَ بِهِمْ فِعْلًا، وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ تَحْصُلُ لَهُ بِمُجَرَّدِ اسْتِخْلَافِهِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ بَطَلَتْ وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (اسْتَخْلَفَ) الْأَوَّلُ (مَجْنُونًا) وَنَحْوَهُ مِمَّنْ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ.
(وَلَمْ يَقْتَدُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ الْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ (بِهِ) أَيْ الْمَجْنُونِ بِأَنْ أَتَمُّوا أَفْذَاذًا
أَوْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا، أَوْ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِإِمَامَيْنِ؛ إلَّا الْجُمُعَةَ، وَقَرَأَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ،
ــ
[منح الجليل]
فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ أَوْ اسْتَخْلَفُوا مَنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ فَأَتَمَّ بِهِمْ، فَإِنْ اقْتَدَوْا بِالْمَجْنُونِ وَعَمِلَ بِهِمْ عَمَلًا بَطَلَتْ فَلَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِمْ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا بِالْعَمَلِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ. وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ تَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ وَاعْتَمَدَ عج طَرِيقَةً ثَالِثَةً. حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِ اسْتِخْلَافِهِ، بَلْ حَتَّى يَقْتَدُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا فَإِنْ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ مَجْنُونًا وَاقْتَدُوا بِهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا، وَهَذِهِ ظَاهِرُ الْمَتْنِ.
(أَوْ أَتَمُّوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ الصَّلَاةَ حَالَ كَوْنِهِمْ (وُحْدَانًا) بِضَمِّ الْوَاوِ جَمْعُ وَاحِدٍ كَرُكْبَانٍ وَرَاكِبٍ وَفُرْسَانٍ وَفَارِسٍ أَيْ أَفْذَاذًا فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً ظَاهِرَةً، وَلَوْ تَرَكُوا الْفَاتِحَةَ مَعَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ خُرُوجِهِمْ عَنْ الْخَلِيفَةِ،؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهُ الْإِمَامَةُ إلَّا بِاتِّبَاعِهِمْ إيَّاهُ وَعَمَلِهِمْ مَعَهُ عَمَلًا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ إثْمِهِمْ، وَإِذَا لَمْ يُدْرِكُوا مَعَ الْأَوَّلِ رَكْعَةً، وَأَتَمُّوا وُحْدَانًا فَلَهُمْ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ شَخْصٌ صَلَّى إمَامًا وَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَجَمَاعَةٌ صَلَّوْا مَأْمُومِينَ وَيُعِيدُونَ فِي جَمَاعَةٍ.
(أَوْ) أَتَمَّ (بَعْضُهُمْ) وُحْدَانًا وَبَعْضٌ آخَرُ بِخَلِيفَةٍ (أَوْ) أَتَمُّوا طَائِفَتَيْنِ (بِإِمَامَيْنِ) كُلُّ طَائِفَةٍ بِإِمَامٍ، وَقَدْ أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ، كَجَمَاعَةٍ وَجَدُوا إمَامًا فِي مَسْجِدٍ بِجَمَاعَةٍ فَقَدَّمُوا غَيْرَهُ صَلَّى بِهِمْ خَلْفَهُ (إلَّا الْجُمُعَةَ) فَلَا تَصِحُّ وُحْدَانًا، وَتَصِحُّ لِلطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ إنْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ وَاحِدًا مِنْهُمَا صَحَّتْ لِلسَّابِقِينَ إنْ اسْتَوْفَوْا الشُّرُوطَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا. وَلَوْ صَلَّوْا مَعَ الْأَوَّلِ رَكْعَةً قَبْلَ الْعُذْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسُوا كَالْمَسْبُوقِ الَّذِي أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ،؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي رَكْعَةً تَقَدَّمَتْ بِشُرُوطِهَا بِخِلَافِهِمْ فَرَكْعَتُهُمْ بِنَاءً وَلَا يَصِحُّ رَكْعَةٌ مِنْ الْجُمُعَةِ بِنَاءً فَذًّا. (، وَقَرَأَ) الْخَلِيفَةُ (مِنْ انْتِهَاءِ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ عَلِمَ مَا انْتَهَى
وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ، إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلَ
وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ،
ــ
[منح الجليل]
الْأَوَّلُ إلَيْهِ بِجَهْرِ أَوْ إخْبَارِ الْأَوَّلِ أَوْ سَمَاعِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ (وَابْتَدَأَ) الْخَلِيفَةُ الْقِرَاءَةَ وُجُوبًا (بِسِرِّيَّةٍ) أَوْ جَهْرِيَّةٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْخَلِيفَةُ انْتِهَاءَ الْأَوَّلِ، فَلَوْ قَالَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا ابْتَدَأَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ، وَأَشْمَلَ.
(وَصِحَّتُهُ) أَيْ الِاسْتِخْلَافِ مَشْرُوطَةٌ (بِإِدْرَاكِ) الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ مَعَ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ قَبْلَ الْعُذْرِ (مَا) أَيْ جُزْءٌ مِنْ صَلَاةِ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ (قَبْلَ) عَقْدِ (الرُّكُوعِ) بِالرَّفْعِ مِنْهُ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا، بِأَنْ أَحْرَمَ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ عَقِبَ إحْرَامِهِ أَوْ حَالَ الْقِرَاءَةِ أَوْ حَالَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ أَوْ حَالَ الرُّكُوعِ أَوْ الرَّفْعِ مِنْهُ أَوْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، أَوْ أَحْرَمَ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ كَذَلِكَ أَوْ أَحْرَمَ حَالَ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ عَقِبَ إحْرَامِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ، أَوْ حَالَ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ أَوْ حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ فِي رَفْعِهِ مِنْهُ إلَخْ.
وَأَحْرَمَ حَالَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَكَعَ بِحَيْثُ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِ الْإِمَامِ. وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَهُ فَحَصَلَ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ. وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ صَحَّ اسْتِخْلَافُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ قَبْلَهُ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ. وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ إلَّا مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَمَنْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْهُ، وَقَبْلَ الْعُذْرِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ. وَقَوْلُنَا مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ لِيَشْمَلَ مَنْ فَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةٍ، وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا، وَقَامَ مَعَ الْإِمَامِ لِتَالِيَتِهَا فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ لِإِدْرَاكِهِ جُزْءًا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِهَا، وَهُوَ الْقِيَامُ، وَلْيَخْرُجْ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَفَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةِ الْعُذْرِ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ بَاقِيَهَا لِمُجَرَّدِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ لِانْقِطَاعِ الْإِمَامَةِ فَهَذَا مُخَصِّصٌ لِذَاكَ اُنْظُرْ عج.
وَإِلَّا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى
ــ
[منح الجليل]
(وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ بِأَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ بَعْدَهُ حَالَ قِيَامِهِ أَوْ هَوِيِّهِ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ فِيهَا أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ لِلْإِمَامِ، أَوْ أَدْرَكَ مَا قَبْلَ رُكُوعِهَا وَغَفَلَ أَوْ نَعَسَ، أَوْ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِهَا حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ. وَجَوَابُ إنْ الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي أُدْغِمَتْ نُونُهَا بَعْدَ إبْدَالِهَا لَا مَا لِقُرْبِ مَخْرَجِهِمَا فِي لَامِ لَا النَّافِيَةِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ، وَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ تَتْمِيمَهُ الرَّكْعَةَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فَيُلْغِيهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ، وَهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إتْمَامُهَا بِالْأَصَالَةِ وَيَعْتَدُّونَ بِهَا، فَلَزِمَ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِشِبْهِ مُتَنَفِّلٍ وَمُعْتَدٍّ بِغَيْرِ مُعْتَدٍّ وَمُلْغٍ. فَإِنْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ فَصَحِيحَةٌ إنْ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ الْمُسْتَخْلَفَ فِيهَا وَأَلْغَاهَا. فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا أَوْ اعْتَدَّ بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَسْقَطَهُ سَهْوًا.
وَقَوْلُهُ (فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ) إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَحَقُّهُ التَّقْدِيمُ عَلَى فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ، وَكَأَنَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ سَهْوًا وَمَسَاقُهُ عَلَى الصَّوَابِ هَكَذَا. وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا وَشَرَحَهُ عَلَى هَذَا الْمَسَاقِ.
(وَإِنْ جَاءَ) الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ أَيْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ (بَعْدَ) حُصُولِ (الْعُذْرِ) لِلْإِمَامِ (فَ) هُوَ (كَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ مَأْمُومٍ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ حَقِيقَةً لِانْحِلَالِ الْإِمَامَةِ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْعُذْرِ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ اتِّفَاقًا وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ (فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ) صَلَاةً مُنْفَرِدًا بِأَنْ ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَبْنِ عَلَى صَلَاةِ الْأَوَّلِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ.
(أَوْ بَنَى) عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ ظَنًّا مِنْهُ صِحَّةَ اسْتِخْلَافِهِ، وَكَانَ بِنَاؤُهُ (بِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مُطْلَقًا بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَتَمَّهَا أَوْ أَتَمَّ الْفَاتِحَةَ قَرَأَ هُوَ السُّورَةَ أَوْ أَتَمَّ السُّورَةَ رَكَعَ هُوَ بِدُونِ قِرَاءَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِعُذْرِهِ بِالتَّأْوِيلِ، وَمُرَاعَاةُ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْجُلِّ أَوْ النِّصْفِ أَوْ رَكْعَةٍ.
أَوْ الثَّالِثَةِ: صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا: كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا،
ــ
[منح الجليل]
أَوْ) بَنَى بِ (الثَّالِثَةِ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَالْإِمَامِ الْأَوَّلِ لِظَنِّهِ صِحَّةَ اسْتِخْلَافِهِ، وَقَضَى الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عِشَاءً (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْفَرِدِ إلَّا فِي الْقِرَاءَةِ لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْجُلُوسِ، وَقِيَامِهِ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ، وَقَدْ عُذِرَ فِي مُخَالَفَتِهِ بِمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ بِالْأُولَى مُطْلَقًا أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ بِأَنْ بَنَى بِالثَّانِيَةِ مُطْلَقًا أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ الرَّابِعَةِ. (فَلَا) تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَتِهَا لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ، وَقِيَامِهِ فِي مَحَلِّ الْجُلُوسِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ " فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ جَوَابَ الشَّرْطِ. وَإِنْ كَانَ مُغْنِيًا عَنْ تَقْدِيرِ الْجَوَابِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رُكُوعَ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ يَسْتَحِيلُ بِنَاؤُهُ بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ لِفَوَاتِهَا، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ إلَّا فِيمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ، وَأَمَّا مَنْ جَاءَ قَبْلَهُ وَفَاتَهُ الرُّكُوعُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا بِشَرْطِ تَكْمِيلِهِ رَكْعَةَ الْإِمَامِ، وَإِلْغَائِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَعَوْدِ الْإِمَامِ) الْأَصْلِيِّ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّلَاةِ كَسَبْقِ الْحَدَثِ وَرُعَافِ الْقَطْعِ وَصِلَةُ عَوْدٍ (لِإِتْمَامِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ إمَامًا لَهُمْ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْعُذْرِ فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ سَوَاءٌ اسْتَخْلَفَ حَالَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا فَعَلُوا فِعْلًا قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُمْ أَمْ لَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَصِحُّ. ابْنُ رُشْدٍ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ بِالْبِنَاءِ فِي الْحَدَثِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ بُطْلَانُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَصَارَ مُبْتَدِئًا لَهَا مِنْ وَسَطِهَا وَعَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا قَبْلَهُ. وَأَمَّا الْعُذْرُ الْمَانِعُ مِنْ الْإِمَامَةِ فَقَطْ كَرُعَافِ الْبِنَاءِ فَعَوْدُهُ لِإِتْمَامِهَا بِهِمْ لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا وَلَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ أَفَادَهُ عج وعب. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَخْلَفَ لِحَدَثِهِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْرَجَ خَلِيفَتَهُ وَتَقَدَّمَ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَجَلَسُوا حَتَّى أَتَمَّ لِنَفْسِهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ صَحَّتْ لِتَأَخُّرِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِقُدُومِهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقَدُّمِهِ صلى الله عليه وسلم.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَصْرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِلَافَ عَلَى الْإِمَامِ الرَّاعِفِ الْبَانِي، وَهْمٌ، وَقُصُورٌ
وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ
وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ: كَأَنْ سُبِقَ هُوَ؛ لَا الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ مُسَافِرٌ،
ــ
[منح الجليل]
اهـ. شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ عَلَى الْبِنَاءِ اتَّفَقَ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْبِنَاءُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ، فَالصِّحَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِيهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ اسْتِخْلَافٌ وَلَا عَمَلُ رُكْنٍ كَمَا قَالَ عج وعب، وَلِذَا جَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَصْرَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِلَافَ عَلَى رُعَافِ الْبِنَاءِ وَهْمًا، وَقُصُورًا فَالْوَهْمُ الْغَلَطُ فِي حُكْمِ رُعَافِ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا. وَلَمَّا جَعَلَهُ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ اقْتَضَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ الْبُطْلَانُ وَالصَّوَابُ الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِهِ، وَالْقُصُورُ عَنْ النَّقْلِ الْمُصَرِّحِ بِالْحَدَثِ وَفَهِمَ الْبُنَانِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ تَعْمِيمُ الْخِلَافِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فَرَدَّ عَلَى عج وعب وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت.
(وَ) إنْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مَسْبُوقًا عَلَى مَسْبُوقٍ وَغَيْرِهِ وَأَتَمَّ الْخَلِيفَةُ صَلَاةَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَيُشِيرُ إلَيْهِمْ جَمِيعًا بِالْجُلُوسِ وَيَقُومُ الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ وَحْدَهُ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ، وَ (جَلَسَ لِ) انْتِظَارِ (سَلَامِهِ) أَيْ الْخَلِيفَةِ عَقِبَ قَضَائِهِ الْمَأْمُومَ (الْمَسْبُوقَ) فَإِذَا سَلَّمَ الْخَلِيفَةُ قَامَ الْمَسْبُوقُ غَيْرُهُ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ لِقَضَائِهِ فِي صُلْبِ مَنْ صَارَ إمَامَهُ.
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ انْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (سُبِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ (هُوَ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ وَحْدَهُ فَالْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ غَيْرُ الْمَسْبُوقِينَ يَنْتَظِرُونَ سَلَامَ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ وَيُسَلِّمُونَ عَقِبَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ، وَأَبْرَزَ نَائِبَ الْفَاعِلِ بِقَوْلِهِ هُوَ لِإِفَادَةِ قَصْرِ السَّبْقِ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِهِ عَلَى الْمَسْبُوقِ الْأَقْرَبِ فِي الذَّكَرِ وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَانْتِظَارُهُمْ أَخَفُّ مِنْ سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ. وَقِيلَ يُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ.
(لَا) يَجْلِسُ مَأْمُومٌ لِانْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ (الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ) إمَامٌ (مُسَافِرٌ) عَلَى مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ وَلَمَّا كَانَتْ إمَامَةُ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةً شَدِيدَةً عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ
لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ، أَوْ جَهْلِهِ؛ فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى أَشَارَ فَأَشَارُوا، وَإِلَّا سُبِّحَ بِهِ.
، وَإِنْ قَالَ لِلْمَسْبُوقِ: أَسْقَطْت رُكُوعًا
ــ
[منح الجليل]
اسْتِخْلَافَ الْمُقِيمِ عَلَى الْمُسَافِرِ بِقَوْلِهِ (لِتَعَذُّرِ) اسْتِخْلَافِ (مُسَافِرٍ) لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ (وَ) لِ (لِجَهْلِهِ) أَيْ جَهْلِ عَيْنِهِ أَوْ كَوْنِهِ خَلْفَهُ. وَإِذَا لَمْ يَنْتَظِرْ سَلَامَ الْمُقِيمِ (فَيُسَلِّمُ) الْمَأْمُومُ (الْمُسَافِرُ) عِنْدَ قِيَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ عَقِبَ إكْمَالِهِ صَلَاةَ الْأَوَّلِ. (وَيَقُومُ غَيْرُهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ، وَهُوَ الْمَأْمُومُ الْمُقِيمُ عَقِبَ كَمَالِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ (لِلْقَضَاءِ) أَيْ لِإِكْمَالِ صَلَاتِهِ بِنَاءً وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْقَضَاءِ تَسَمُّحٌ فَذًّا لِدُخُولِهِ عَلَى عَدَمِ السَّلَامِ مَعَ الْأَوَّلِ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالْخَلِيفَةِ فِيمَا يُكْمِلُ بِهِ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءٌ فِي صَلَاةٍ بِإِمَامَيْنِ ثَانِيهِمَا غَيْرُ خَلِيفَةٍ عَنْ أَوَّلِهِمَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَالْمِصْرِيِّينَ قَاطِبَةً أَنَّهُ يَجْلِسُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ لِانْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ، فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ عَقِبَ سَلَامِهِ وَيَقُومُ الْمُقِيمُ عَقِبَهُ لِلْإِتْمَامِ.
(وَإِنْ جَهِلَ) الْخَلِيفَةُ (مَا صَلَّى) الْأَوَّلُ، وَقَدْ ذَهَبَ (أَشَارَ) الْخَلِيفَةُ مُسْتَفْهِمًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ عَنْ عَدَدِ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ (فَأَشَارُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ لِلْخَلِيفَةِ بِعَدَدِ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ، فَإِنْ فَهِمَ بِالْإِشَارَةِ فَوَاضِحٌ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِهَا أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ فِي ظَلَامٍ (سُبِّحَ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ نَائِبُ الْفَاعِلِ مُسْتَتِرٌ فِيهِ تَقْدِيرُهُ هُوَ أَيْ اللَّهُ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ تَفْهِيمِ الْخَلِيفَةِ عَدَدَ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ، فَإِنْ فَهِمَ، وَإِلَّا كَلَّمُوهُ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ التَّسْبِيحِ عَلَى الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَتَبْطُلُ بِتَقْدِيمِ الْكَلَامِ عَلَى التَّسْبِيحِ أَوْ الْإِشَارَةِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا الْإِفْهَامُ. وَالْكَلَامُ هُنَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْإِفْهَامُ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ. ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ.
(وَإِنْ قَالَ) الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ (لِلْمَسْبُوقِ) الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ (أَسْقَطْت رُكُوعًا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ بِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ أَوْ مِمَّا لَا تَبْطُلُ بِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ وَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ
عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ، وَسَجَدَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ.
السَّفَر
ــ
[منح الجليل]
قَبْلَ السَّلَامِ كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَالْجُلُوسِ الْأَوَّلِ (عَمِلَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ قَوْلُهُ أَسْقَطْت رُكُوعًا وَفَاعِلُ عَمِلَ (مَنْ) أَيْ الْمَأْمُومُ الَّذِي (لَمْ يَعْلَمْ) أَوْ يَظُنُّ (خِلَافَهُ) أَيْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَسْقَطْت رُكُوعًا بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ صِحَّتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا وَمَفْهُومُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ خِلَافَهُ لَا يَعْمَلُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ خَلِيفَةً أَوْ لَا.
(وَسَجَدَ) الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا بِقَوْلِ الْإِمَامِ (قَبْلَهُ) أَيْ السَّلَامِ عَقِبَ فَرَاغِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ (إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ) أَيْ تَنْفَرِدْ (زِيَادَةٌ) بِأَنْ تَمَحَّضَ النَّقْصُ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ أَوْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ اجْتَمَعَ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ عَقِبَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا لِإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ بَطَلَتْ، وَصَارَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً، وَقَرَأَهَا بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا فَنَقَصَ السُّورَةَ، وَزَادَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَطَلَتْ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ عَقِبَ عَقْدِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ. وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ أَنَّهَا إنْ تَمَحَضَّتْ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا فَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ وَلَا نَقْصَ مَعَهُ، وَكَذَا إذَا اسْتَخْلَفَ فِي الرَّابِعَةِ وَعَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثَةِ.
وَقَوْلُهُ (بَعْدَ) كَمَالِ (صَلَاةِ إمَامِهِ) أَيْ الْأَصْلِيِّ، وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سَجَدَ قَبْلَهُ، وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سُجُودِ إمَامِهِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ فِيهِ، وَهَذَا نَائِبُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ. وَقَدْ يُقَالُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ يُطْلَبُ بِمَا يُطْلَبُ بِهِ الْإِمَامُ فَيُطْلَبُ بِسُجُودِ السَّهْوِ. وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَهَذَا يُقَيِّدُ مَا سَبَقَ فِي السَّهْوِ. كَذَا فِي عبق وَالْخَرَشِيِّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.