الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ) فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ
بِمُطَهِّرٍ. وَلَوْ بِزَمْزَمَ،
وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ
كَدَفْنِهِ، وَكَفْنِهِ، وَسُنِّيَّتِهِمَا: خِلَافٌ
وَتَلَازَمَا،
ــ
[منح الجليل]
[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْمَيِّتِ]
ِ (فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ) الْمُسْلِمِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمَسْبِيِّ الْمَجُوسِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَتْ لَهُ حَيَاةٌ مُحَقَّقَةٌ وَلَيْسَ شَهِيدَ مَعْرَكَةٍ الْمَوْجُودُ كُلُّهُ أَوْ جُلُّهُ. وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ
وَصِلَةُ غُسْلُ (بِ) مَاءٍ (مُطَهِّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْهَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ رَافِعٍ لِلْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ، وَهُوَ الْمُطْلَقُ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَجُوزُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ (وَلَوْ بِ) مَاءِ (زَمْزَمَ) لِأَنَّهُ طَهُورٌ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثِ وَتُرْجَى بَرَكَتُهُ لِلْمَيِّتِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَجُوزُ غُسْلُ مَيِّتٍ وَلَا نَجَاسَةَ بِهِ لِتَشْرِيفِهِ وَتَكْرِيمِهِ. وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَيُوَافِقُ الْمَشْهُورَ.
(وَ) فِي وُجُوبِ (الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) كِفَايَةٌ فِيهِمَا. وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ نَاجِي وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَشَهَّرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ
وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ كِفَايَةً فَقَطْ فَقَالَ (كَدَفْنِهِ) أَيْ مُوَارَاةِ الْمَيِّتِ فِي التُّرَابِ (وَكَفْنِهِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ إدْرَاجِ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ فَيَجِبَانِ كِفَايَةً اتِّفَاقًا (وَسُنِّيَّتِهِمَا) أَيْ غُسْلِ الْمَيِّتِ حَكَاهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْجَلَّابِ وَشَهَّرَهَا ابْنُ بَزِيزَةَ. وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَاسْتَنْبَطَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَنَدٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ أَرْجَحُهُ الْأَوَّلُ.
(وَتَلَازَمَا) أَيْ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ أَوْ بَدَلُهُ، وَهُوَ التَّيَمُّمُ فِي الطَّلَبِ فَكُلُّ مَنْ وَجَبَ غُسْلُهُ أَوْ تَيَمُّمُهُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَجِبْ غُسْلُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ. مِثَالُ الْأَوَّلِ الْمَيِّتُ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَة، وَمِثَالُ الثَّانِي مَنْ تَخَلَّفَ
وَغُسِلَ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّدًا بِلَا نِيَّةٍ
، وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ
ــ
[منح الجليل]
عَنْهُ وَصْفٌ مِنْهَا عج لَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ خُشِيَ تَقَطُّعُ جَسَدِهِ بِغُسْلِهِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُغَسَّلُ لِقِيَامِ تَيَمُّمِهِ مَقَامَ غُسْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ وَتَلَازَمَا وَعَلَى هَذَا مُعْظَمُ أَشْيَاخِي وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ. وَقِيلَ يُصَلَّى عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَلَازُمُهُمَا فِي الطَّلَبِ. بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ طُلِبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ، وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ لِمَا ذُكِرَ فَغُسْلُهُ مَطْلُوبٌ ابْتِدَاءً، لَكِنْ سَقَطَ لِتَعَذُّرِهِ فَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَنْ فُقِدَ مِنْهُ شَرْطٌ فَلَا يُطْلَبُ غُسْلُهُ ابْتِدَاءً، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. وَبِهَذَا قَرَّرَ مُصْطَفَى.
(وَغُسِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ (كَ) غُسْلِ (الْجَنَابَةِ) فِي الْإِجْزَاءِ وَالْكَمَالِ إلَّا مَا اخْتَصَّ بِالْمَيِّتِ مِنْ تَكْرِيرِ الْغُسْلِ وَالسِّدْرِ وَغَيْرِهِمَا حَالَ كَوْنِ غُسْلِهِ (تَعَبُّدًا) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُتَعَبَّدًا بِهِ أَيْ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ حِكْمَةٍ أَصْلًا. هَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. أَوْ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ عَلَى عِلَّتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ. وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامَهُ هَلْ يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْ الْحُكْمِ أَوْ لَا؟ وَكَوْنُهُ تَعَبُّدًا. قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مُعَلِّلٌ بِالنَّظَافَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ غُسْلُ الْمُسْلِمِ أَبَاهُ الْكَافِرَ، مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ؟ . فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ وَيَجُوزُ عَلَى الثَّانِي حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ وَلِذَا صَحَّ مِنْ الذِّمِّيَّةِ.
(وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الزَّوْجَانِ) أَيْ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا عَلَى قَرِيبِهِ. وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِخِلَافِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَيُّ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ اشْتَرَكْنَ فِي تَغْسِيلِ زَوْجِهِنَّ وَيُقَدَّمُ الزَّوْجُ فِي إنْزَالِ زَوْجَتِهِ قَبْرَهَا، وَإِلْحَادِهَا عَلَى عَصَبَتِهَا لَا يَدْفِنُهَا فِي تُرْبَتِهِ حَيْثُ طَلَبَ عَصَبَتُهَا دَفْنَهَا فِي تُرْبَتِهِمْ ابْنُ عَرَفَةَ سُئِلَتْ عَمَّنْ مَاتَتْ، وَأَرَادَ زَوْجُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِ وَعَصَبَتُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِمْ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ عَصَبَتِهَا، أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَدْوِيَّةِ الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَانْتَقَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ مَعَهُمْ لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهَا. وَنَسَبَهُ الْعَبْدُوسِيُّ وَابْنُ غَازِيٍّ لِلْقُصُورِ فَإِنَّهَا مَنْصُوصَةٌ. كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ فِي دَفْنِ زَوْجِهَا عَلَى عَصَبَتِهِ.
إنْ صَحَّ النِّكَاحُ، إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ بِالْقَضَاءِ
، وَإِنْ رَقِيقًا: أَذِنَ سَيِّدُهُ، أَوْ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ
ــ
[منح الجليل]
إنْ صَحَّ النِّكَاحُ) ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِفَوَاتِ فَاسِدِهِ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ تَقْدِيمِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ إنْ فَسَدَ وَلَمْ يَفُتْ. وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا إنْ وُجِدَ مَنْ يَجُوزُ تَغْسِيلُهُ الْمَيِّتَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَانْتَهَى الْأَمْرُ لِلتَّيَمُّمِ فَغَسَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ تَحْتِ ثَوْبٍ أَحْسَنَ لِإِجَازَتِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَفُوتَ فَاسِدُهُ) أَيْ النِّكَاحِ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ فَيُقَدَّمُ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِفَوَاتِهِ وَصِلَةُ قُدِّمَ (بِالْقَضَاءِ) بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ إنْ أَرَادَ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمُبَاشَرَةَ غُسْلَ الْمَيِّتِ لَا التَّوْكِيلَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حُرًّا.
بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْحَيُّ مِنْهُمَا (رَقِيقًا أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِي تَغْسِيلِ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ وَلَا يَكْفِي إذْنُهُ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَظَاهِرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ مُطْلَقًا أَوْ الزَّوْجَةُ الْمَيِّتَةُ أَمَةً. وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قُضِيَ لِزَوْجَتِهِ بِتَغْسِيلِهِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا فِي تَغْسِيلِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ قُضِيَ لِزَوْجِهَا بِتَغْسِيلِهَا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ رِقًّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِ (وَإِنْ) إلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَلَا يُقْضَى لِزَوْجَتِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً. وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا يُقْضَى لِزَوْجِهَا بِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً قُضِيَ لَهُ بِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَفْهُومُ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ. وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بَلْ (أَوْ) ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (قَبْلَ بِنَاءٍ) مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ (أَوْ) ، وَإِنْ كَانَ (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (عَيْبٌ) يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْآخَرِ فِي إمْضَاءِ النِّكَاحِ وَرَدِّهِ لِفَوَاتِهِ بِالْمَوْتِ وَلُزُومِ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ الزَّوْجَةُ مِنْ الْعِدَّةِ.
أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ، إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ
لَا رَجْعِيَّةً
، وَكِتَابِيَّةً إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ.
وَإِبَاحَةُ الْوَطْءِ لِلْمَوْتِ بِرِقٍّ: تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
ــ
[منح الجليل]
أَوْ) ، وَإِنْ (وَضَعَتْ) الزَّوْجَةُ جَنِينَهَا اللَّاحِقَ بِزَوْجِهَا الْمَيِّتِ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ فَيُقْضَى لَهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ لَهَا بِمَوْتِهِ. فَلَا يُسْقِطُهُ خُرُوجُهَا مِنْ الْعِدَّةِ كَالْمِيرَاثِ
(وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْمَنْدُوبُ (نَفْيُهُ) أَيْ غُسْلُ الزَّوْجِ الْحَيِّ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ (إنْ تَزَوَّجَ) الزَّوْجُ (أُخْتَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عَقِبَ مَوْتِهَا، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. (أَوْ) مَاتَ الزَّوْجُ فَوَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ وَ (تَزَوَّجَتْ) الزَّوْجَةُ زَوْجًا (غَيْرَهُ) فَالْأَحَبُّ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ.؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ الِاسْتِحْبَابَ فِي الْأُولَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَالَ فِي هَذِهِ مَا نَصُّهُ، وَكَذَا عِنْدِي إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ. خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ.
(لَا) تُغَسِّلُ مُطَلَّقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ) مُطَلِّقَهَا إنْ مَاتَ، وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ. وَلَا يُغَسِّلُهَا مُطَلِّقُهَا إنْ مَاتَتْ فِيهَا لِحُرْمَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. بِخِلَافِ الْمَوْلَى أَوْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَيُغَسِّلُ الْحَيُّ الْمَيِّتَ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ.
(وَ) لَا تُغَسِّلُ زَوْجَةً (كِتَابِيَّةً) زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ (إلَّا بِحَضْرَةِ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ) عَارِفٍ بِكَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ فَيَقْضِي لَهَا بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ
(وَإِبَاحَةُ) أَيْ جَوَازُ (الْوَطْءِ) ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إبَاحَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ (لِلْمَوْتِ) وَصِلَةُ إبَاحَةُ (بِ) سَبَبِ (رِقٍّ) وَلَوْ مَعَ شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ عَبْدًا وَخَبَرُ إبَاحَةٍ الْوَطْءُ (تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَلَهَا عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا يُقْضَى لَهَا عَلَى عَصَبَةِ سَيِّدِهَا اتِّفَاقًا، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِمْ لَهَا فِيهِ. أَمَّا السَّيِّدُ فَيُقْضَى لَهُ عَلَى عَصَبَةِ أَمَتِهِ. وَمَفْهُومُ إبَاحَةِ الْوَطْءِ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي يُمْنَعُ وَطْؤُهَا كَمُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُشْتَرَكَةٍ، وَأَمَةِ قِرَاضٍ، وَأَمَةِ مُفْلِسٍ، مَوْقُوفَةٍ لِلْبَيْعِ، وَمُتَزَوِّجَةٍ وَمُؤْلًى أَوْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا وَلَا يُغَسِّلُهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْمُؤْلَى أَوْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَالزَّوْجَةُ كَذَلِكَ أَنَّ
ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ، ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ
ثُمَّ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ
، وَهَلْ تَسْتُرُهُ، أَوْ عَوْرَتَهُ؟ تَأْوِيلَانِ
ثُمَّ يُمِّمَ لِمِرْفَقَيْهِ: كَعَدَمِ الْمَاءِ
وَتَقْطِيعِ الْجَسَدِ، وَتَزْلِيعِهِ
وَصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ: مَاءٌ
ــ
[منح الجليل]
الْغُسْلَ فِي الزَّوْجَةِ مَنُوطٌ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَفِي الْأَمَةِ بِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ.
(ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ زَوْجَيْنِ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ أَوْ غَابَ قُدِّمَ (أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ) أَيْ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ فِي تَغْسِيلِهِ، فَاَلَّذِي يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ فَأَبٌ فَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ فَجَدُّ أَبٍ فَعَمُّهُ كَذَلِكَ فَابْنُهُ فَجَدُّ جَدٍّ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَالْفَرْعُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ، وَيُقَدَّمُ شَقِيقٌ عَلَى ذِي أَبٍ فِي الْأُخُوَّةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنِيهِمْ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِبٌ أَوْ غَابَ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ غُسْلِهِ رَجُلٌ (أَجْنَبِيٌّ) .
(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ غَسَّلَتْهُ (امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ صِهْرٍ كَزَوْجَةِ ابْنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ سَنَدٌ لَا تُغَسِّلُهُ مَحْرَمُ الصِّهْرِ
(وَهَلْ تَسْتُرُهُ) أَيْ الْمَحْرَمُ الْمَيِّتَ جَمِيعَهُ وُجُوبًا (أَوْ) تَسْتُرُ (عَوْرَتَهُ) فَقَطْ، بِالنِّسْبَةِ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا وَالرَّاجِحُ الثَّانِي. وَعَلَيْهِمَا إنْ لَمْ تَجِدْ سَاتِرًا تَغُضُّ بَصَرَهَا وَتُغَسِّلُهُ.
(ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ مَحْرَمٌ بَلْ أَجْنَبِيَّةٌ فَقَطْ (يُمِّمَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ يَمَّمَتْ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ الرَّجُلَ (لِمِرْفَقَيْهِ) وَشَبَّهَ فِي تَيْمِيمِهِ لِمِرْفَقَيْهِ فَقَالَ (كَعَدَمِ الْمَاءِ) الْكَافِي لِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَيُيَمَّمُ لِمِرْفَقَيْهِ، فَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ غُسِّلَ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا إنْ جَاءَ رَجُلٌ عَقِبَ تَيْمِيمِ الْأَجْنَبِيَّةِ.
(وَ) كَخَوْفِ (تَقْطِيعِ الْجَسَدِ) أَيْ انْفِصَالِ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ (وَتَزْلِيعِهِ) أَيْ انْسِلَاخِ جِلْدِهِ بِذَلِكَ فَيَحْرُمُ تَغْسِيلُهُ، وَيَجِبُ تَيْمِيمُهُ لِمِرْفَقَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ.
(وَصُبَّ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ (عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ) الصَّبُّ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُخَفْ تَقَطُّعُهُ وَلَا تَزَلُّعُهُ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُبَّ (مَاءٌ) بِالْمَدِّ وَيَسْقُطُ الدَّلْكُ، وَشَبَّهَ فِي صَبِّ
كَمَجْدُورٍ: إنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ،
وَالْمَرْأَةِ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ
ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ، وَلُفَّ شَعْرُهَا، وَلَا يُضْفَرُ،
ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ،
ثُمَّ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا
وَسُتِرَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتَيْهِ، وَإِنْ زَوْجًا،
ــ
[منح الجليل]
الْمَاءِ بِلَا دَلْكٍ فَقَالَ (كَمَجْدُورٍ) أَيْ مَيِّتٍ بِالْجُدَرِيِّ بَعْدَ تَقَيُّحِهِ وَتَفَجُّرِهِ، فَيُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ بِلَا دَلْكٍ (إنْ لَمْ يُخَفْ) تَقَطُّعُهُ وَلَا (تَزَلُّعُهُ) وَمَفْهُومُ أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ صَبُّ الْمَاءِ وَخِيفَ تَقَطُّعُهُ أَوْ تَزَلُّعُهُ يُيَمَّمُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
(وَالْمَرْأَةِ) الْمَيِّتَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لَهَا أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ أَوْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهُ لَهَا أَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ التَّوْكِيلَ تُغَسِّلُهَا (أَقْرَبُ امْرَأَةٍ) لَهَا فَتُقَدَّمُ بِنْتُهَا فَبِنْتُ ابْنِهَا وَإِنْ سَفَلَ فَأُمُّهَا فَأُخْتُهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَبِنْتُ أَخِيهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَجَدَّتُهَا فَعَمَّتُهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَبِنْتُ عَمِّهَا لِغَيْرِ أُمٍّ، وَهَكَذَا وَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ.
(ثُمَّ) إنْ لَمْ تُوجَدْ مَرْأَةٌ قَرِيبَةٌ أَوْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهَا غَسَّلَتْهَا مَرْأَةٌ (أَجْنَبِيَّةٌ وَلُفَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُشَدَّدًا (شَعْرُهَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ عَلَى رَأْسِهَا كَالْعِمَامَةِ (وَلَا يُضْفَرُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْعَلُ بِالشَّعْرِ كَيْفَ شَاءَ مَنْ لَفَّهُ، وَأَمَّا الضَّفْرُ فَلَا أَعْرِفُهُ.
ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ، وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَسَنٌ فِي الْفِعْلِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُضْفَرَ. قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَدْ ضَفَرْنَا شَعْرَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ ضَفَائِرَ نَاصِيَتَهَا، وَقَرْنَيْهَا.
(ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةً غَسَّلَهَا رَجُلٌ (مَحْرَمٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لَهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ غَلِيظَةٌ وَجَاعِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلًا مُعَلَّقًا مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ يَحُولُ بَصَرَهُ عَنْ رُؤْيَتِهَا مُدْخِلًا يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ، أَوْ (فَوْقَ ثَوْبٍ) سَاتِرٍ لِبَدَنِهَا مَسْدُولٍ عَلَيْهَا.
(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا رِجَالٌ أَجَانِبُ (يُمِّمَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ يَمَّمَ الْمَرْأَةَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ (لِكُوعَيْهَا) فَقَطْ وَجَازَ مَسُّ وَجْهِهَا، وَكَفَّيْهَا لِلضَّرُورَةِ مَعَ بُعْدِ اللَّذَّةِ بِالْمَوْتِ.
(وَسَتَرَ) الْغَاسِلُ الْمَيِّتَ (مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ) إنْ كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (زَوْجًا)
وَرُكْنُهَا النِّيَّةُ
، وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ.
، وَإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ،
وَالدُّعَاءُ
ــ
[منح الجليل]
وُجُوبًا فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَنَدْبًا فِيمَا بَعْدَهَا. فَهِيَ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ نَاجِي. وَقَالَ الشَّاذِلِيُّ وُجُوبًا فِي الزَّوْجِ أَيْضًا. وَتَبِعَهُ عب وَعَلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ ظَاهِرَةٌ.
(وَرُكْنُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (النِّيَّةُ) بِأَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِحْضَارُ فَرْضِيَّتِهَا وَلَا كَوْنُهُ ذَكَرًا مَثَلًا وَلَا وَضْعُهَا عَنْ الْأَعْنَاقِ فَتُعَادُ عَلَى مَنْ لَمْ تَنْوِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ اثْنَيْنِ وَاحِدًا فَإِنْ عَيَّنَهُ أَعَادَهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا مَعًا. وَإِنْ اعْتَقَدَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُهَا لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَاحِدَ.
(وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ جِيءَ بِجِنَازَةٍ بَعْدَ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْأُولَى تَكْبِيرَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا يُشْرِكُهَا مَعَهَا فَيُتِمُّ الصَّلَاةَ عَلَى الْأُولَى وَيَبْتَدِئُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْأُولَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ، وَإِنْ شَرَكَهُمَا. فَإِنْ سَلَّمَ عَقِبَ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ بَطَلَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ لِنَقْصِ تَكْبِيرِهَا عَنْ أَرْبَعٍ، وَإِنْ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا بَطَلَتْ عَلَى الْأُولَى لِزِيَادَةِ تَكْبِيرِهَا عَلَى أَرْبَعٍ.
(وَإِنْ زَادَ) الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ عَمْدًا (لَمْ يُنْتَظَرْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَيُسَلِّمُونَ عَقِبَ التَّكْبِيرِ وَصَحَّتْ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ كَالرَّكْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنْ انْتَظَرُوهُ صَحَّتْ فِيمَا يَظْهَرُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَلْ انْتِظَارُهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ الظَّاهِرُ الثَّانِي. وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْتَظِرُونَهُ لِيُسَلِّمُوا عَقِبَهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ أَشْهَبُ لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَامِسَةً فَلْيَسْكُتُوا حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُونَ. اهـ. وَظَاهِرُهُ كَبَّرَ الْخَامِسَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا.
(وَالدُّعَاءُ) عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَفَذٍّ أَقَلُّهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَنَحْوُهُ، وَأَحْسَنُهُ دُعَاءُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ. اهـ.
وَدَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ
، وَإِنْ وَالَاهُ، أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ: أَعَادَ وَإِنْ دُفِنَ، فَعَلَى الْقَبْرِ،
ــ
[منح الجليل]
وَيَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ اللَّهُمَّ إنَّهَا أَمَتُك وَبِنْتُ عَبْدِك وَبِنْتُ أَمَتِك إلَخْ. وَفِي الطِّفْلِ الذَّكَرِ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك أَنْتَ خَلَقْته وَرَزَقْته، وَأَنْتَ أَمَتَّهُ، وَأَنْتَ تُحْيِيهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا، وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا وَلَا تَفْتِنَّا، وَإِيَّاهُمَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ. وَيَزِيدُ عَقِبَهُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا، وَأَفْرَاطِنَا وَمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. وَيُثَنِّي فِي الدُّعَاءِ إنْ كَانَا اثْنَيْنِ، وَيَجْمَعُ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً، وَيُغَلِّبُ الْمُذَكَّرَ عَلَى الْمُؤَنَّثِ.
(وَدَعَا) وُجُوبًا (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ سَنَدٌ. قَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا لَمْ يَثْبُتْ الدُّعَاءُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ. وَقَالَ الْجُزُولِيُّ أَثْبَتَ سَحْنُونٌ الدُّعَاءَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ. وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَرَّرَ الْعَدَوِيُّ آخِرًا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَفَاضِلُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِاعْتِمَادِهِ.
(وَإِنْ وَالَاهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ بِلَا دُعَاءٍ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (أَوْ سَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ (بَعْدَ ثَلَاثٍ) مِنْ التَّكْبِيرَاتِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَطَالَ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ فِيهِمَا لِفَقْدِ رُكْنِهَا وَهُوَ الدُّعَاءُ فِي الْأُولَى وَالتَّكْبِيرَةُ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ بَنَى بِنِيَّةٍ، وَأَتَمَّ التَّكْبِيرَ، وَلَا يَبْنِي بِتَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فَإِنْ كَبَّرَ حَسِبَهُ مِنْ الْأَرْبَعِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِي بِنَاءً بِتَكْبِيرٍ ذَكَرَهُ تت فِي الثَّانِيَةِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْأُولَى.
وَالظَّاهِرُ بِنَاؤُهُ فِيهَا عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ صَارَتْ أُولَى بِبُطْلَانِ مَا قَبْلَهَا أَفَادَهُ عب. (وَإِنْ دُفِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَيِّتُ (فَ) يُصَلَّى (عَلَى الْقَبْرِ) وَلَا يُخْرَجُ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ. وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا تُعَادُ فِيهَا عَلَى الْقَبْرِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ. وَمَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي الشَّارِحِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْحَطّ وَغَفَلَ الْمَوَّاقُ عَمَّا فِي الشَّارِحِ فَاعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ مِنْ عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ عب الرَّمَاصِيُّ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ قَوْلُ خَلِيلٍ، وَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى الْقَبْرِ، مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ تَامَّةِ التَّكْبِيرِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ تُعَادُ مَا لَمْ يُدْفَنْ فَإِنْ دُفِنَ تُرِكَ وَلَا يُكْشَفُ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ، وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ دُفِنَ إلَخْ أَنَّهُ كَمَنْ دُفِنَ مِنْ دُونِ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ أَصْلًا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ أَنَّهُ يُخْرَجُ مَا لَمْ يَفُتْ فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ دُفِنَ دُونَ صَلَاةٍ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ فَفِي الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَشْهَبَ وَرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ. وَشَرْطُ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي كَوْنِ الْفَوَاتِ إهَالَةَ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَوْ الْفَرَاغَ مِنْ دَفْنِهِ ثَالِثُهَا خَوْفُ تَغَيُّرِهِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى بْنِ وَهْبٍ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَعِيسَى. ثُمَّ قَالَ الرَّمَاصِيُّ وَلَمَّا نَقَلَ عج تَعَقَّبَ الْمَوَّاقُ، قَالَ وَلَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَوْلُ الرِّسَالَةِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْحَطّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ فَاعْجَبْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّ كَلَامَ الْجُمْهُورِ فِي إثْبَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْجُمْلَةِ، أَيْ إذَا فَاتَ الْإِخْرَاجُ خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهَا مُطْلَقًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْفُرُوعِ هَلْ يُخْرَجُ لَهَا أَمْ لَا؟ وَبِمَ يَفُوتُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ الْجُمْهُورُ عَلَى إثْبَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ مُطْلَقًا إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا اخْتَلَفَتْ الْفُرُوعُ، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِهِ وَالرِّسَالَةُ لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَشْهُورِ. وَقَدْ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ عُمَرَ اُنْظُرْ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ هَلْ هُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِفَوَاتِهِ بِنَصْبِ اللَّبِنِ، أَوْ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِفَرَاغِ دَفْنِهِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا شَهَّرَهُ الْحَطّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الْمَشْهُورُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ اهـ. وَأَرَادَ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ مَنْ قَالَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَصْلًا.
وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ.
وَسَمَّعَ الْإِمَامُ مَنْ يَلِيهِ
وَصَبَرَ الْمَسْبُوقُ لِلتَّكْبِيرِ،
ــ
[منح الجليل]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْمَوَّاقِ صَحِيحٌ. وَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مُطْلَقًا. كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ. اهـ. فَهُوَ مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ اعْتِمَادُ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ وَاسْتِظْهَارُهُ وَتَرْكُ الْمَنْصُوصِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كَمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَقَيَّدَ كَلَامَهُ بِفَوَاتِ إخْرَاجِهِ بِخَشْيَةِ تَغَيُّرِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ. (وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ) أَيْ يَسُرُّهَا نَدْبًا.
(وَسَمَّعَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الْإِمَامُ) نَدْبًا (مَنْ يَلِيهِ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ يُسْمِعُ جَمِيعَ الْمَأْمُومِينَ. وَقَالَ عج أَيْ أَهْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالرِّسَالَةِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، خِلَافًا لِقَوْلِ الْوَاضِحَةِ يُنْدَبُ رَدُّهُ ثَانِيَةً عَلَيْهِ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ تَفْسِيرٌ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ ضَعِيفٌ وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ بِالْعَمَلِ وَطَلَبِ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ.
(وَصَبَرَ) وُجُوبًا الشَّخْصُ (الْمَسْبُوقُ) بِالتَّكْبِيرِ مِنْ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ وَوَجَدَهُمْ فِي الدُّعَاءِ وَصِلَةُ صَبَرَ (لِلتَّكْبِيرِ) مِنْ الْإِمَامِ فَيُكَبِّرُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنْ كَبَّرَ حَالَ دُعَائِهِمْ فَإِنْ أَلْغَاهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ اعْتَدَّ بِهَا بَطَلَتْ لِقَضَائِهَا فِي صُلْبِ الْإِمَامِ. وَمَفْهُومُ الْمَسْبُوقِ أَنَّ مَنْ وَجَدَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ يُكَبِّرُ مَعَهُمْ بِلَا تَأْخِيرٍ وَمَفْهُومُ لِلتَّكْبِيرِ أَنَّ مَنْ وَجَدَهُمْ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الرَّابِعَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ. وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ سَنَدٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، فَالدَّاخِلُ فِيهِ كَقَاضِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَصْبِرُ لِلتَّكْبِيرِ فَيُكَبِّرُ حَالَ دُعَائِهِمْ وَيَعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ لَا تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَالشُّرُوعِ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا بَلْ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي تَلِيهَا.
وَدَعَا إنْ تُرِكَتْ، وَإِلَّا وَالَى
وَكُفِّنَ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ،
ــ
[منح الجليل]
(وَدَعَا) الْمَسْبُوقُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَتَكْبِيرِهِ (إنْ تُرِكَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْجِنَازَةُ لِلْمَسْبُوقِ حَتَّى يُتِمَّ صَلَاتَهُ عَلَيْهَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ تُتْرَكُ الْجِنَازَةُ لِلْمَسْبُوقِ بِأَنْ شَرَعُوا فِي رَفْعِهَا بِفَوْرِ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَالَى) أَيْ تَابَعَ الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَ بِلَا دُعَاءٍ بَيْنَهُ لِئَلَّا تَصِيرَ صَلَاتُهُ عَلَى غَائِبٍ، وَاسْتُشْكِلَ بِرُكْنَيْهِ الدُّعَاءَ فَكَيْفَ يُتْرَكُ تَخَلُّصًا. مِنْ مَكْرُوهٍ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ رُكْنِيَّتَهُ لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ كَالْقِيَامِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. الرَّمَاصِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ، وَهُوَ مُوَالَاتُهُ مُطْلَقًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَضَاءِ التَّكْبِيرِ مُتَتَابِعًا أَوْ بِدُعَاءِ ثَالِثِهَا يُخَيَّرُ وَرَابِعُهَا إنْ تُرِكَ الْمَيِّتُ لِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ مَعَهَا وَابْنِ عُمَرَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ مَعَ تَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ. وَابْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْجَلَّابِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ تَأَخَّرَ رَفْعُهَا أَمْهَلَ فِي دُعَائِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ دَعَا خَفَّفَ وَلَمَّا وَجَّهَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُكَبِّرُ تَبَعًا بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَإِنْ رُفِعَتْ الْجِنَازَةُ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ، وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ كَانَ فِي مَعْنَى تَكْرِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ الْمَازِرِيِّ، وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ كَانَ فِي مَعْنَى تَكْرِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ فِي الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ سُبِقَ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ إذَا تُرِكَتْ لَهُ الْجِنَازَةُ لَا يُكَبِّرُ تَبَعًا بَلْ يَدْعُو. اهـ. فَاعْتَمَدَ كَلَامَ الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ زَعْمًا مِنْهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ الْقَدَمُ الرَّاسِخُ فِي التَّحْقِيقِ مَعَ عُلُوِّ طَبَقَتِهِ. وَمَا دَرَى أَنَّ الْمَازِرِيَّ وَجَّهَ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعِنْدَهُ يَأْتِي بِهِ تَبَعًا مُطْلَقًا كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الزَّعْمِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ. وَقَدْ جَرَى ابْنُ شَاسٍ عَلَى مَا لِلْجَلَّابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ الْبُنَانِيُّ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْصِيلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنْ يَكُونَ وِفَاقًا لَهُ. اهـ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَهُ عَلَى الْوِفَاقِ فَلَيْسَ كَلَامُهُ مُخَالِفًا لَهَا، وَبِهَذَا يَسْقُطُ مَا فِي الرَّمَاصِيِّ مِنْ التَّهْوِيلِ وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِمُخَالَفَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَبَقِيَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الْقِيَامُ لَهَا. .
(وَكُفِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمَيِّتُ (بِمَلْبُوسِهِ لِ) صَلَاةِ (جُمُعَةٍ) نَدْبًا لِرَجَاءِ بَرَكَتِهِ إنْ
وَقُدِّمَ: كَمَؤُونَةِ الدَّفْنِ،
عَلَى دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ سُرِقَ، ثُمَّ إنْ وُجِدَ وَعُوِّضَ: وُرِّثَ
إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ: كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتِ،
ــ
[منح الجليل]
اتَّفَقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْضَى بِهِ إنْ تَنَازَعُوا وَيُحْتَمَلُ بِمِثْلِهِ وَيُقْضَى بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إنْ لَمْ يُوصِ بِأَقَلَّ مِنْهُ تت.، وَكُفِّنَ الْمَيِّتُ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ وَعِيدٍ أَيْ فِي مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ قَدْرِ حَالِهِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَخُشُونَتُهُ وَرِقَّتُهُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ هَارُونَ عَلَى مَلْبَسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لَا فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ إذْ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ عَنْهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمُعْتَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِيمَا كَانَ يَلْبَسُهُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ تَبَرُّكًا. الرَّمَاصِيُّ قَوْلُهُ أَيْ فِي مِثْلِهِ هَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَيُكَفَّنُ فِي مِثْلِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ فِي حَيَاتِهِ وَيُقْضَى بِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِيهِ. اهـ.
وَإِذَا عَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يُقْضَى بِهِ، قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ إلَخْ نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ إيصَاؤُهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابِ جُمُعَتِهِ وَصَلَاتِهِ، وَإِحْرَامِ حَجِّهِ.
(وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْكَفَنُ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ وَشَبَّهَ فِي التَّقْدِيمِ فَقَالَ (كَمَؤُنَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ أُجْرَةِ (الدَّفْنِ) وَمُقَدِّمَاتُهُ مِنْ غُسْلٍ وَحَنُوطٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرِ قَبْرٍ وَحِرَاسَةٍ إنْ اُحْتِيجَ لَهَا
وَصِلَةُ قُدِّمَ (عَلَى) مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْ (دَيْنِ) شَخْصٍ (غَيْرِ) الشَّخْصِ (الْمُرْتَهِنِ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ الْمُتَوَثَّقِ فِي دِينِهِ بِرَهْنٍ بِخِلَافِ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْكَفَنِ وَمُؤَنُ الدَّفْنِ كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْإِيلَادِ وَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَبَالَغَ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَنِ عَلَى الدَّيْنِ غَيْرِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَقَالَ (وَلَوْ سُرِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُكَفَّنُ فِي آخَرَ قَبْلَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ (ثُمَّ إنْ وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ الْمَسْرُوقُ (وَ) قَدْ (عُوِّضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِآخَرَ (وُرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ سَرِقَتِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ.
(إنْ فُقِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عُدِمَ (الدَّيْنُ) عَلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا جُعِلَ فِيهِ.
وَشَبَّهَ فِي الْإِرْثِ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ فَقَالَ (كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ
وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا زَوْجِيَّةٍ، وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ.
وَنُدِبَ: تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى
ــ
[منح الجليل]
وَتَكْمِيلِ عَمَلِهِ بِنَصْبِ الْمَفْعُولِ فَيُورَثُ الْكَفَنُ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ، وَإِلَّا فَيُجْعَلُ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ آنِفًا مِنْ الْكَفَنِ وَالْمُؤَنِ وَاجِبٌ (عَلَى) الشَّخْصِ (الْمُنْفِقِ) عَلَى الْمَيِّتِ (بِ) سَبَبِ (قَرَابَةٍ) كَأُبُوَّةٍ وَبُنُوَّةٍ (أَوْ) بِسَبَبِ مِلْكِ (رِقٍّ لَا) عَلَى الْمُنْفِقِ بِسَبَبِ (زَوْجِيَّةٍ) وَلَوْ فَقِيرَةً؛ لِأَنَّهَا فِي نَظِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَقَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً (وَ) الْمَيِّتُ (الْفَقِيرُ) الَّذِي لَا مُنْفِقَ لَهُ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ وُجِدَ وَتَيَسَّرَ أَخْذُهَا مِنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَخْذُهَا مِنْهُ (فَ) مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (عَلَى) جَمَاعَةِ (الْمُسْلِمِينَ) الَّذِينَ فِي بَلَدِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ عَلَامَةُ مَوْتِهِ (تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى) بِتَغْلِيبِ رَجَائِهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ عَلَى خَوْفِهِ عِقَابَهُ لِحَدِيثِ «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» . وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ. وَفِي رِوَايَةٍ «إنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» . وَحَدِيثُ «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِتَفَكُّرِهِ فِي سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَفِيِّ لُطْفِهِ، وَأَنَّهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ غَفُورٌ شَكُورٌ رَءُوفٌ وَدُودٌ يُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ. وَحَدِيثُ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» .
وَيُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْأَصِحَّاءِ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا يُقَوِّي رَجَاءَهُ مِنْ سَعَةِ عَفْوِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ كَحَدِيثِ «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ رَحْمَةٍ ادَّخَرَ مِنْهَا لِلْآخِرَةِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَجَعَلَ فِي الدُّنْيَا وَاحِدَةً يَرْحَمُ الْعِبَادَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى تَرْحَمَ الْفَرَسُ وَلَدَهَا أَنْ تَطَأَهُ بِحَافِرِهَا، وَإِذَا فَنِيَتْ الدُّنْيَا ضَمَّ اللَّهُ تبارك وتعالى الرَّحْمَةَ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا لِلتِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي أَعَدَّهَا لِلْآخِرَةِ فَتَكْمُلُ الرَّحَمَاتُ فِيهَا مِائَةُ رَحْمَةٍ» أَوْ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ الَّذِي لَمْ تَقُمْ بِهِ عَلَامَةُ الْمَوْتِ فَيُغَلِّبُ الْخَوْفَ عَلَى الرَّجَاءِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى التَّقْوَى، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ. وَقِيلَ يُغَلِّبُ الرَّجَاءَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فَجْأَةً، وَقِيلَ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا كَجَنَاحَيْ طَائِرٍ إنْ مَالَ بِأَحَدِهِمَا سَقَطَ.
وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ، ثُمَّ ظَهْرٍ
وَتَجَنُّبِ حَائِضٌ وَجُنُبٍ لَهُ،
وَتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ،
ــ
[منح الجليل]
وَ) نُدِبَ لِمَنْ حَضَرَهُ (تَقْبِيلُهُ) أَيْ تَوْجِيهُ الْمُحْتَضَرِ لِلْقِبْلَةِ عَلَى يَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى يَسَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ لَهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسِهِ لَهَا (عِنْدَ إحْدَادِهِ) أَيْ انْفِتَاحِ بَصَرِ الْمَيِّتِ وَشُخُوصِهِ لِلسَّمَاءِ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعُهُ وَصِلَةُ تَقْبِيلُ (عَلَى) جَنْبٍ (أَيْمَنَ ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى جَنْبٍ أَيْسَرَ ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى (ظَهْرٍ) وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْأَيْسَرَ اسْتِبْشَاعًا لَهُ.
(وَ) نُدِبَ (تَجَنُّبُ حَائِضٌ) وَنُفَسَاءَ (وَ) شَخْصٍ (جُنُبٍ) بِجِمَاعٍ أَوْ إخْرَاجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ احْتِلَامٍ (لَهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ، وَكَذَا سَائِرُ مَا تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ كَكَلْبٍ وَتِمْثَالٍ وَآلَةِ لَهْوٍ فَلَا يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ، وَيُنْدَبُ تَبْخِيرُهُ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ كَالْعُودِ وَرَشُّهُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ لِلْمَلَائِكَةِ الْحَاضِرِينَ لِلْقَبْضِ، وَطَرْدِ الشَّيَاطِينِ الْفَائِتِينَ وَحُضُورُ أَحَبِّ أَهْلِهِ إلَيْهِ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْحَاضِرِينَ لِرَجَاءِ إجَابَتِهِ بِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ الْحَاضِرِينَ، وَإِبْعَادُ مَنْ لَا صَبْرَ لَهُ، وَطَهَارَتُهُ وَطَهَارَةُ كُلِّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ وَتَرْكُ الْبُكَاءِ بِمُجَرَّدِ إسَالَةِ الدُّمُوعِ.
(وَ) نُدِبَ (تَلْقِينُهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ (الشَّهَادَةَ) بِأَنْ يُقَالَ بِقُرْبِهِ بِصَوْتٍ هَادٍ يَسْمَعُهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنْ قَالَهَا الْمُحْتَضَرُ فَلَا تُعَادُ إلَّا إذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ دُنْيَوِيٍّ فَتُعَادُ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهَا فَتُقَالُ بَعْدَ سَكْتَةٍ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ أَحَبَّ النَّاسِ إلَيْهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَارِثَهُ إلَّا ابْنَهُ، وَأَنْ لَا يُقَالَ لَهُ قُلْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَادِفُ قَوْلَهُ لَا لِرَدِّ الْفَتَّانَاتِ فَيُسِيءُ الْمُلَقِّنُ ظَنَّهُ بِهِ. وَقَدْ اتَّفَقَ هَذَا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَهُ وَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ مَغْمُورٌ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ أَحْمَدُ لَا بَعْدُ فَحَزِنَ وَلَدُهُ حُزْنًا شَدِيدًا لِظَنِّهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ غَمْرَتِهِ، وَأَخْبَرَ وَلَدَهُ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ حَضَرَهُ إذْ ذَاكَ، وَقَالَ لَهُ نَجَوْت مِنِّي يَا أَحْمَدُ لِيُدْخِلَ عَلَيْهِ عُجْبَهُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ لَا بَعْدُ أَيْ لَا أَنْجُو مِنْك إلَّا بَعْدَ مَوْتِي وَمَا دُمْت حَيًّا فَإِنِّي عَلَى حَذَرٍ مِنْك.
وَتَغْمِيضُهُ، وَشَدُّ لَحْيَيْهِ إذَا قَضَى، وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ، وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ، وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ، وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ، وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إلَّا الْغَرِقِ. وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ،
ــ
[منح الجليل]
(وَ) نُدِبَ (تَغْمِيضُهُ) إذَا قَضَى أَيْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعَهُ تَحْسِينًا لِهَيْئَتِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ عَيْنَيْهِ مَفْتُوحَتَيْنِ يُشَوِّهُهُ (وَ) نُدِبَ (شَدُّ لَحْيَيْهِ) الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ مِنْ تَحْتِ ذَقَنِهِ وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا تَدْخُلَ الْهَوَامُّ فِي جَوْفِهِ (إذَا قَضَى) أَيْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ بِانْقِطَاعِ نَفَسِهِ مَثَلًا لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعَهُ (وَ) نُدِبَ (تَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ) عَقِبَ مَوْتِهِ بِأَنْ يَقْبِضَ، أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيُثْنِي ذِرَاعَهُ عَلَى عَضُدِهِ كَذَلِكَ وَسَاقَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ كَذَلِكَ وَفَخِذَيْهِ عَلَى بَطْنِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عُرُوقَهُ، وَأَعْصَابَهُ تَمْتَدُّ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ فَإِنْ تُرِكَ كَذَلِكَ يَبِسَتْ وَتَعَسَّرَ عَلَى غَاسِلِهِ تَقْلِيبُهُ وَخَلْعُ ثِيَابِهِ وَنَحْوِهِمَا (بِرِفْقٍ) أَيْ لُطْفٍ وَلِينٍ وَخِفَّةٍ فِي التَّغْمِيضِ وَالشَّدِّ وَالتَّلْيِينِ لِتَأَذِّي الْمَيِّتِ لِمَا يَتَأَذَّى لَهُ الْحَيُّ.
(وَ) نُدِبَ (رَفْعُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (عَنْ الْأَرْضِ) عَلَى نَحْوِ سَرِيرٍ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَتَنَالَهُ الْهَوَامُّ (وَ) نُدِبَ (سَتْرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَتَّى وَجْهِهِ (بِثَوْبٍ) بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ إلَّا الْقَمِيصَ، كَمَا فُعِلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم صَوْنًا لَهُ عَنْ الْأَعْيُنِ (وَ) نُدِبَ (وَضْعُ) شَيْءٍ (ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ قَبْلَ تَغْسِيلِهِ كَسَيْفٍ أَوْ حَجَرٍ خَوْفَ انْتِفَاخِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ وَدَفْنُهُ خَوْفَ تَغَيُّرِهِ (إلَّا) الْمَيِّتَ (الْغَرِقَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَنَحْوُهُ كَالصَّعِقِ وَاَلَّذِي مَاتَ فَجْأَةً أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ أَوْ بِمَرَضِ السَّكْتَةِ فَيَجِبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ. (وَ) نُدِبَ (لِلْغُسْلِ سِدْرٌ) أَيْ وَرَقُ النَّبْقِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَهِيَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ لِلتَّطْهِيرِ بِأَنْ يُدَقَّ نَاعِمًا وَيُجْعَلَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَيُخَضُّ حَتَّى تَبْدُوَ رَغْوَتُهُ وَيُصَبُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُعْرَكُ بِهِ جَسَدُهُ حَتَّى يَذْهَبَ بِهِ مَا فِيهِ مِنْ وَسَخٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالصَّابُونُ أَوْ الْأُشْنَانُ أَوْ الْغَاسُولُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَاءُ الْقَرَاحُ وَيُعْرَكُ حَتَّى يَذْهَبَ السِّدْرُ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ فَهَذِهِ صِفَةُ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُنَظَّفْ بِهَا فَإِنَّهَا تُكَرَّرُ إلَى أَنْ يُنَظَّفَ وَالْغَسْلَةُ الثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالطِّيبِ
وَتَجْرِيدُهُ، وَوَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفِعٍ، وَإِيثَارُهُ كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ؛ وَلَمْ يَعُدْ: كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ وَغُسِلَتْ، وَعَصْرُ بَطْنِهِ بِرِفْقٍ، وَصَبُّ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ بِخِرْقَةٍ، وَلَهُ الْإِفْضَاءُ إنْ اضْطَرَّ،
ــ
[منح الجليل]
لِلتَّطْيِيبِ، وَأَفْضَلُهُ الْكَافُورُ؛ لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَشُدُّ جَسَدَ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُذَابَ فِي الْمَاءِ وَيُغَسَّلَ بِهِ الْمَيِّتُ، وَلَا يُصَبُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ مَاءٌ قَرَاحٌ لِئَلَّا يُذْهِبَ الطَّيِّبَ ثُمَّ يُنَشَّفُ وَيُكَفَّنُ.
(وَ) نُدِبَ (تَجْرِيدُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ ثِيَابِهِ مَعَ سَتْرِهِ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ حَالَ تَغْسِيلِهِ لِيَسْهُلَ إنْقَاؤُهُ وَلَوْ أَنْحَلَهُ الْمَرَضُ (وَ) نُدِبَ (وَضْعُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ تَغْسِيلِهِ (عَلَى) شَيْءٍ (مُرْتَفِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ (وَ) نُدِبَ (إيتَارُهُ) أَيْ تَغْسِيلُهُ وِتْرًا أَنْقَاهُ الشَّفْعُ كَأَرْبَعٍ وَسِتٍّ لِلسَّبْعِ فَإِنْ انْتَقَى بِثَمَانٍ فَلَا تُنْدَبُ تَاسِعَةٌ. وَشَبَّهَ فِي نَدْبِ الْإِيتَارِ فَقَالَ (كَالْكَفَنِ) فَيُنْدَبُ إيتَارُهُ فَالثَّلَاثَةُ خَيْرٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَمِنْ الْأَرْبَعَةِ إلَّا الْوَاحِدَ فَالِاثْنَانِ خَيْرٌ مِنْهُ (لِسَبْعٍ) لِلْمَرْأَةِ وَلِخَمْسٍ لِلرَّجُلِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى سَبْعٍ لِلْمَرْأَةِ وَخَمْس الرَّجُلِ إسْرَافٌ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُعَدْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لِإِيعَادِ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَالْوُضُوءِ) لِلْمَيِّتِ فَلَا يُعَادَانِ (لِ) خُرُوجِ (نَجَاسَةٍ) مِنْ فَرْجِ الْمَيِّتِ أَوْ جِمَاعٍ فِيهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ بِمَوْتِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ غُسْلُهُ وَلَا وُضُوءُهُ بِحَدَثِهِ، وَالْغُسْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ تَعَبُّدًا قَدْ حَصَلَ (وَغُسِلَتْ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ السِّينِ أَيْ النَّجَاسَةُ مِنْ جَسَدِهِ، وَكَفَنِهِ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا مَرَّ فِي إزَالَتِهَا (وَ) نُدِبَ (عَصْرُ بَطْنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ تَغْسِيلِهِ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ تَكْفِينِهِ (بِرِفْقٍ) لِئَلَّا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْ أَمْعَائِهِ.
(وَ) نُدِبَ (صَبُّ الْمَاءِ) مُتَوَالِيًا (فِي) حَالِ (غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِخِرْقَةٍ) كَثِيفَةٍ يَلُفُّهَا الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ وُجُوبًا وَلَا يُبَاشِرُهُمَا بِيَدِهِ مَعَ إمْكَانِهَا (وَلَهُ) أَيْ الْغَاسِلِ (الْإِفْضَاءُ) بِيَدِهِ بِدُونِ حَائِلٍ لِفَرْجَيْ الْمَيِّتِ (إنْ اضْطَرَّ) الْغَاسِلُ (لَهُ) لِلْإِفْضَاءِ بِأَنْ كَانَ بِهِمَا نَجَاسَةٌ مُتَوَقِّفٌ زَوَالُهَا عَلَى الدَّلْكِ، وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَجْعَلُهُ عَلَى يَدِهِ فِيهَا إنْ احْتَاجَ أَنْ
وَتَوْضِئَتُهُ، وَتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ، وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ، وَإِمَالَةُ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ لِمَضْمَضَةٍ، وَعَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعِينٍ، وَكَافُورٌ فِي الْأَخِيرَةِ، وَنُشِّفَ.
وَاغْتِسَالُ غَاسِلِهِ
ــ
[منح الجليل]
يُبَاشِرَ بِيَدِهِ فَعَلَ. اللَّخْمِيُّ مَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إزَالَتَهَا لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا بِمُبَاشَرَةِ غَيْرِهِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَمَسَّ فَرْجَهُ لِإِزَالَتِهَا مِنْهُ وَتَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى حَالَتِهِ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَلَا يَكْشِفُ وَيُبَاشِرُ ذَلِكَ مِنْهُ إذْ لَا يَكُونُ الْمَيِّتُ فِي إزَالَتِهَا أَعْلَى مِنْ الْحَيِّ.
(وَ) نُدِبَ (تَوْضِئَتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مَرَّةً مَرَّةً كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ آنِفًا وَغُسِلَ كَالْجَنَابَةِ الْبَاجِيَّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْرِيرِ الْوُضُوءِ بِتَكْرِيرِ الْغُسْلِ يُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً لِئَلَّا تَقَعَ الزِّيَادَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا. وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْرِيرِهِ بِتَكْرِيرِهِ يُوَضِّئُهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى (وَ) نُدِبَ (تَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ، وَأَنْفَهُ بِخِرْقَةٍ) غَيْرِ الَّتِي لَفَّهَا عَلَى يَدِهِ حَالَ غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ مَبْلُولَةً فِي تَوْضِئَتِهِ (وَ) نُدِبَ (إمَالَةُ رَأْسِهِ) بِرِفْقٍ (الْمَضْمَضَةُ وَ) نُدِبَ (عَدَمُ حُضُورِ) شَخْصٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ مُسَاعِدٍ لِلْغَاسِلِ فَيُكْرَهُ حُضُورُهُ لِكَرَاهَةِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ خُصُوصًا إنْ كَانَ أَضْنَاهُ الْمَرَضُ.
(وَ) نُدِبَ (كَافُورٌ) طِيبٌ أَبْيَضُ؛ لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَشُدُّ الْجِسْمَ وَغَيْرُهُ مِنْ الطَّيِّبِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَنْدُوبُ، وَلَكِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ ثَانٍ (فِي) مَاءِ الْغَسْلَةِ (الْأَخِيرَةِ) لِتَطْيِيبِ رَائِحَتِهِ فَلَا يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ قَرَاحٌ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الطَّيِّبَ مِنْهُ، وَالْمَقْصُودُ بَقَاؤُهُ (وَنُشِّفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ مِنْ مَاءِ الْغُسْلِ الْبَاقِي بِبَدَنِهِ نَدْبًا؛ قَبْلَ تَكْفِينِهِ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ نَظِيفٍ لِئَلَّا يَبُلَّ الْكَفَنَ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْبَلَا بِحَرَارَةِ الْقَبْرِ.
(وَ) نُدِبَ (اغْتِسَالُ غَاسِلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَغْسِيلِهِ تَنْشِيطًا لِنَفْسِهِ، وَإِذْهَابًا لِفُتُورِهَا مِنْ مُعَانَاةِ جَسَدِ الْمَيِّتِ وَلِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى بَذْلِ جَهْدِهِ فِي تَغْسِيلِهِ وَتَنْظِيفِهِ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِ وَمَا يُصِيبُ بَدَنَهُ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقِيلَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ وَحُمِلَ عَلَى الْوُجُوبِ، وَقِيلَ مُعَلَّلٌ وَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْعِلَّةِ فَقِيلَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ إذَا غَسَّلَهُ
وَبَيَاضُ الْكَفَنِ، وَتَجْمِيرُهُ
وَعَدَمُ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْغُسْلِ.
وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ
وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ إنْ شَحَّ الْوَارِثُ
إلَّا أَنْ يُوصِيَ فَفِي ثُلُثِهِ
، وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ،
ــ
[منح الجليل]
نَاوِيًا الِاغْتِسَالَ لَا يُبَالِي بِمَا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَهُوَ سَبَبٌ لِمُبَالَغَتِهِ فِي تَغْسِيلِهِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يُغَسِّلَ مَا بَاشَرَهُ بِهِ أَوْ تَطَايَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ نُجِّسَ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِ ثِيَابِهِ لِلْمَشَقَّةِ.
(وَ) نُدِبَ (بَيَاضُ الْكَفَنِ وَتَجْمِيرُهُ) بِالْجِيمِ أَيْ تَطْيِيبُهُ بِالْبَخُورِ وَتَخْمِيرُهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَضْعُ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ لِيَعْلَقَ الْبَخُورُ بِهِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ قُطْنًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ مِنْ الْكَتَّانِ.
(وَ) نُدِبَ (عَدَمُ تَأَخُّرِهِ) أَيْ التَّكْفِينِ (عَنْ الْغُسْلِ) لِطَلَبِ الْإِسْرَاعِ فِي تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ
(وَ) نُدِبَ (الزِّيَادَةُ عَلَى) الْكَفَنِ (الْوَاحِدِ) فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا شَفْعًا، وَهُوَ وِتْرٌ.
(وَلَا يُقْضَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (بِالزَّائِدِ) عَلَى الْكَفَنِ الْوَاحِدِ (إنْ شَحَّ) أَيْ بَخِلَ (الْوَارِثُ) أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ إذْ لَا يُقْضَى بِمَنْدُوبٍ قَرَّرَهُ اللَّقَانِيُّ. وَقَرَّرَ عج أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ فِي الصِّفَةِ عَلَى مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي جُمَعِهِ، وَأَعْيَادِهِ، وَأَمَّا الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدِ فَيُقْضَى بِهِ وَلَوْ شَحَّ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ فِي ثَلَاثٍ حَقٌّ وَاجِبٌ لِمَخْلُوقٍ وَاقْتَصَرَ الْخَرَشِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَاعْتَمَدَهُ الصَّغِيرُ وعب عَلَى الثَّانِي وَاعْتَمَدَهُ الْبُنَانِيُّ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَتْنِ الْأَوَّلُ وَلَا يُقَالُ الثَّانِي يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ آنِفًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ إذْ الْمَنْدُوبُ لَا يُقْضَى بِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي، وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْقَضَاءِ بِالثَّلَاثِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَطُلِبَ تَكْفِينُهُ فِيهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ مَنْدُوبَةً، وَالْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ إلَخْ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، وَكَفَّنَهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ.
(إلَّا أَنْ يُوصِيَ) الْمُحْتَضَرُ بِتَكْفِينِهِ بِزَائِدٍ عَلَى وَاحِدٍ (فَ) يُقْضَى بِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ (فِي ثُلُثِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُوصِ بِزَائِدٍ عَلَى خَمْسَةِ الرَّجُلِ وَسَبْعَةِ الْمَرْأَةِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ
(وَهَلْ الْوَاجِبُ) فِي كَفَنِ الرَّجُلِ (ثَوْبٌ يَسْتُرُ) بَدَنَ (هـ) كُلَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ؟ خِلَافٌ
وَوِتْرُهُ، وَالِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ
وَتَقْمِيصُهُ وَتَعْمِيمُهُ، وَعَذَبَةٌ فِيهَا، وَأُزْرَةٌ وَلِفَافَتَانِ وَالسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ،
ــ
[منح الجليل]
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَسَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهَا وَلَوْ وَجْهَهَا، وَكَفَّيْهَا وَاجِبٌ اتِّفَاقًا (أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَ) سَتْرُ (الْبَاقِي سُنَّةٌ) فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ ابْنُ غَازِيٍّ سَلَّمَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَنُسِبَ الثَّانِي لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّشْهِيرِ. عج هُمَا قَوْلَانِ لَمْ يُشْهَرَا فَالْمُنَاسِبُ قَوْلَانِ فِي الْمَجْمُوعِ الرَّاجِحُ أَوَّلُهُمَا.
(وَ) نُدِبَ (وِتْرُهُ) أَيْ الْكَفَنِ إلَّا الْوَاحِدَ بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ، وَأَكْمَلُ كَفَنِ الرَّجُلِ خَمْسَةٌ وَالْمَرْأَةِ سَبْعَةٌ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا أَرَى أَنْ يُجَاوِزَ السِّتَّةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّرَفِ (وَ) نُدِبَ (الِاثْنَانِ) أَيْ التَّكْفِينُ فِيهِمَا (عَلَى) التَّكْفِينِ فِي الثَّوْبِ (الْوَاحِدِ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَسْتَرُ مِنْهُ وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ (وَالثَّلَاثَةُ) أَيْ التَّكْفِينُ فِيهَا مُقَدَّمٌ (عَلَى) التَّكْفِينِ (بِالْأَرْبَعَةِ) وَالْخَمْسَةِ عَلَى السِّتَّةِ لِلْوَتَرِيَّةِ.
(وَ) نُدِبَ (تَقْمِيصُهُ) أَيْ إلْبَاسُ الْمَيِّتِ قَمِيصًا مُعْتَادًا بِأَكْمَامٍ (وَتَعْمِيمُهُ) بِعِمَامَةٍ (وَ) نُدِبَ (عَذَبَةٌ فِيهَا) قَدْرُ ذِرَاعٍ تُطْرَحُ عَلَى وَجْهِهِ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَيِّتَ يُقَمَّصُ وَيُعَمَّمُ أَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّعْمِيمِ فَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يُعَمَّمُ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ فَقَالَ لَا أَدْرِي إلَّا أَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّقْمِيصِ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُقَمَّصَ وَلَا يُعَمَّمَ، وَحِكَايَةُ ابْنِ الْقَصَّارِ كَرَاهَةُ التَّقْمِيصِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
(وَ) نُدِبَ (أُزْرَةٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ تَسْتُرُهُ مِنْ فَوْقِ سُتْرَتِهِ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ تَحْتَ الْقَمِيصِ (وَلِفَافَتَانِ) فَوْقَهُ فَهَذِهِ خَمْسَةُ الرَّجُلِ وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحُفَّاظُ وَهِيَ خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى قُطْنٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ وَاللِّثَامُ خِرْقَةٌ عَلَى قُطْنٍ يُجْعَلُ عَلَى فَمِهِ، وَأَنْفِهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا (وَالسَّبْعُ) مِنْ الْأَثْوَابِ (لِلْمَرْأَةِ) أُزْرَةٌ مِنْ تَحْتِ إبْطَيْهَا
وَحَنُوطٌ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ، وَعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ، وَالْكَافُورُ فِيهِ وَفِي مَسَاجِدِهِ وَحَوَاسِّهِ وَمَرَاقِّهِ.
، وَإِنْ مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً، وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ:
وَمَشْيُ مُشَيِّعٍ، وَإِسْرَاعُهُ، وَتَقَدُّمُهُ وَتَأَخُّرُ رَاكِبٍ وَمَرْأَةٍ
ــ
[منح الجليل]
إلَى كَعْبَيْهَا، وَقَمِيصٌ وَخِمَارٌ تُخَمَّرُ بِهِ رَأْسُهَا وَرَقَبَتُهَا، وَأَرْبَعُ لَفَائِفَ وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحُفَّاظُ وَاللِّثَامُ.
(وَ) نُدِبَ (حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ النُّونِ، أَيْ طِيبٌ يُجْعَلُ (دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ) وَدَاخِلَ الْأُزْرَةِ وَالْقَمِيصِ (وَ) يُجْعَلُ الْحَنُوطُ (عَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (بِمَنَافِذِهِ) أَيْ فَمِهِ، وَأَنْفِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ، وَقُبُلِهِ وَدُبُرِهِ (وَ) نُدِبَ (الْكَافُورُ فِيهِ) أَيْ الْحَنُوطِ أَيْ الْمَنْدُوبُ كَوْنُهُ كَافُورًا (وَ) نُدِبَ جَعْلُ الْحَنُوطِ (فِي مَسَاجِدِهِ) أَيْ أَعْضَائِهِ الَّتِي سَجَدَ عَلَيْهَا جَبْهَتِهِ، وَكَفَّيْهِ وَرَقَبَتِهِ وَصَدْرِ قَدَمَيْهِ (وَحَوَاسِّهِ) أَيْ فَمِهِ، وَأَنْفِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ (وَمَرَاقِّهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ الْقَافِ، أَيْ مَا رَقَّ مِنْ بَدَنِهِ كَإِبْطَيْهِ وَرَفْغَيْهِ وَعُكَنِهِ وَخَلْفَ أُذُنَيْهِ وَتَحْتَ حَلْقِهِ وَرُكْبَتَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْحَذَرُ الْحَذَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ إدْخَالِ قُطْنٍ دُبُرَهُ، وَأَنْفَهُ وَفَمَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.
(وَإِنْ) كَانَ الْمَيِّتُ (مُحْرِمًا) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَمُعْتَدَّةً) مِنْ وَفَاةٍ مُبَالَغَةٌ فِي نَدْبِ تَحْنِيطِهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ بِمَوْتِهِ (وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْمُعْتَدَّةُ تَحْنِيطَ الْمَيِّتِ لِحُرْمَةِ مَسِّهِمَا الطِّيبَ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ زَوْجَ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ فَتُحَنِّطُهُ لِوَفَاءِ عِدَّتِهَا.
(وَ) نُدِبَ (مَشْيُ مُشَيِّعٍ) بِضَمِّ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ مُوصِلٌ لَهَا لِلْقَبْرِ فِي ذَهَابِهِ تَوَاضُعًا فِي الشَّفَاعَةِ لِلْمَيِّتِ، وَكُرِهَ رُكُوبُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي رُجُوعِهِ لِتَمَامِ الْعِبَادَةِ. (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ حَامِلًا لِلْمَيِّتِ أَوَّلًا كَإِسْرَاعِ الشَّابِّ فِي قَضَاءِ أَمْرٍ مُهِمٍّ، وَيُكْرَهُ خَبَبُهُ لِإِذْهَابِهِ الْخُشُوعَ. (وَ) نُدِبَ (تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ الْمَاشِي عَلَى الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ شَافِعٌ (وَ) نُدِبَ (تَأَخُّرُ) مُشَيِّعٍ (رَاكِبٍ) عَنْ الْجِنَازَةِ لِئَلَّا يَضُرَّ الْمُشَيِّعِينَ الْمَاشِينَ (وَ) نُدِبَ تَأَخُّرُ (مَرْأَةٍ) مُشَيِّعَةٍ عَنْ
وَسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ.
وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ
وَابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام.
وَإِسْرَارُ دُعَاءٍ
وَرَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى أَكُفٍّ
وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ وَمَنْكِبَيْ
ــ
[منح الجليل]
الرَّاكِبِ
(وَ) نُدِبَ (سَتْرُهَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ حَالَ حَمْلِهَا لِلصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ (بِقُبَّةٍ) عَلَى النَّعْشِ مُبَالَغَةً فِي سَتْرِهَا. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى النَّعْشِ أَيْ فَوْقَ الْقُبَّةِ وِشَاحٌ أَوْ رِدَاءٌ مَا لَمْ يُجْعَلْ مِثْلُ الْأَخْمِرَةِ الْمُلَوَّنَةِ فَلَا أُحِبُّهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَرَ الْكَفَنُ بِثَوْبٍ سَاذَجٍ وَنَحْوِهِ وَيُنْزَعُ عِنْدَ الدَّفْنِ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ وَضْعِ الثِّيَابِ الْمُلَوَّنَةِ وَالْحُلِيِّ وَالنُّقُودِ وَالْجَوَاهِرِ فَوْقَ النَّعْشِ فَهُوَ أَمْرٌ مُنْكَرٌ لِعَدَمِ عَمَلِ السَّلَفِ ذَلِكَ، وَلِمُنَافَاتِهِ لِحَالِ الْمَوْتِ وَلِقَصْدِ الرِّيَاءِ وَالْمُبَاهَاةِ وَالتَّفَاخُرِ.
(وَ) نُدِبَ (رَفْعُ الْيَدَيْنِ) حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ (بِأُولَى التَّكْبِيرِ) فَقَطْ وَرَفْعُهُمَا فِي غَيْرِ أُولَاهُ خِلَافُ الْأَوْلَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَرْفَعُهُمَا عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. وَقِيلَ لَا يَرْفَعُهُمَا لَا عِنْدَ الْأُولَى وَلَا عِنْدَ غَيْرِهَا
(وَ) نُدِبَ (ابْتِدَاءً) عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَقَبْلَ الدُّعَاءِ (بِحَمْدٍ) لِلَّهِ تَعَالَى (وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ) سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم) عَقِبَ الْحَمْدِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفِي الطِّرَازِ لَا يَكُونُ الْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ إلَّا عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَقَطْ وَيَدْعُو عَقِبَ غَيْرِهَا بِلَا حَمْدٍ وَصَلَاةٍ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلنَّوَادِرِ. وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى.
(وَ) نُدِبَ (إسْرَارُ دُعَاءٍ) وَلَوْ لَيْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وَلِقَوْلِهِ «صلى الله عليه وسلم وَقَدْ مَرَّ بِقَوْمٍ يَجْهَرُونَ بِالتَّهْلِيلِ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ
(وَ) نُدِبَ (رَفْعُ) أَيْ حَمْلُ مَيِّتٍ (صَغِيرٍ) لِدَفْنِهِ (عَلَى أَكُفٍّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْفَاءِ، أَصْلُهُ كْفُفُ بِسُكُونِ الْكَافِ وَضَمِّ الْفَاءِ الْأُولَى فَنُقِلَتْ الضَّمَّةُ لِلْكَافِ وَأُدْغِمَتْ الْفَاءُ فِي جَمْعِ كَفٍّ أَيْ كَفَّيْنِ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ وَالتَّفَاخُرِ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ بِعِظَمِ الْمَيِّتِ.
(وَ) نُدِبَ (وُقُوفُ إمَامٍ) لِلْمُصَلِّينَ عَلَى جِنَازَةٍ (بِالْوَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ لِلْمَيِّتِ الذَّكَرِ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُ بِنَحْوِ ذِرَاعٍ أَوْ شِبْرٍ (وَمَنْكِبَيْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الْكَافِ مُثَنَّى
الْمَرْأَةِ
رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ
وَرَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّمًا، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى كَرَاهَتِهِ، فَيُسَطَّحُ
وَحَثْوُ قَرِيبٍ فِيهِ ثَلَاثًا
وَتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ
ــ
[منح الجليل]
مَنْكِبٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ أَيْ كَتِفَيْ (الْمَرْأَةِ) الْمَيِّتَةِ حَالَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَتَذَكَّرَ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ وَوُقُوفُهُ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ مَرْأَةٍ لِعِصْمَتِهِ مِنْ تَذَكُّرِ مَا يُنَافِيهَا
(رَأْسُ الْمَيِّتِ مِنْ يَمِينِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي نَدْبًا تَشْرِيفًا لِلرَّأْسِ وَتَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ، إلَّا إذَا كَانَ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ فَيُنْدَبُ جَعْلُ رَأْسِهِ عَنْ يَسَارِ الْمُصَلِّي تَأَدُّبًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ حُجْرَتَهُ الشَّرِيفَةَ الَّتِي فِيهَا صلى الله عليه وسلم جِهَةُ يَسَارِ مَنْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَوْ جَعَلَ فِيهَا رَأْسَ الْمَيِّتِ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَ أَنَّ رِجْلَيْهِ جِهَةُ رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهَذِهِ إسَاءَةُ أَدَبٍ.
(وَ) نُدِبَ (رَفْعُ قَبْرٍ) بِتُرَابٍ (كَشِبْرٍ) حَالَ كَوْنِهِ (مُسَنَّمًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ وَالنُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزَةِ، وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ عَلَى نَدْبِ التَّسْنِيمِ (عَلَى كَرَاهَتِهِ) أَيْ التَّسْنِيمِ (فَيُسَطَّحُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ السِّينِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ يُسَوِّي وَسَطَهُ بِأَطْرَافِهِ مَعَ رَفْعِهِ بِالتُّرَابِ كَشِبْرٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَبْرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِأَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ، وَأَنَّهَا مُسَطَّحَةٌ وَرِوَايَةُ التَّسْنِيمِ أَثْبَتُ.
(وَحَثْوُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ صَبُّ شَخْصٍ (قَرِيبٍ) مِنْ الْقَبْرِ حَالَ دَفْنِ الْمَيِّتِ (فِيهِ) حَثْوًا (ثَلَاثًا) بِيَدَيْهِ مَعًا مِنْ تُرَابِهِ قَائِلًا مَعَ الْأَوَّلِ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَمَعَ الثَّانِي {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَمَعَ الثَّالِثِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] .
(وَ) نُدِبَ (تَهْيِئَةُ) أَيْ إعْدَادُ، وَإِهْدَاءُ (طَعَامٍ لِأَهْلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ لِكَوْنِهِمْ نَزَلَ بِهِمْ مَا شَغَلَهُمْ عَنْ صُنْعِ طَعَامٍ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْبُكَاءِ بِرَفْعِ صَوْتٍ أَوْ قَوْلٍ قَبِيحٍ فَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُمْ عَلَى الْحَرَامِ، وَأَمَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ، وَمِنْ الضَّلَالِ الْفَظِيعِ وَالْمُنْكَرِ الشَّنِيعِ وَالشَّمَاتَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْحَمَاقَةِ غَيْرِ الْهَيِّنَةِ تَعْلِيقُ الثَّرَيَاتِ، وَإِدَامَةُ الْقَهَوَاتِ فِي بُيُوتِ الْأَمْوَاتِ
وَتَعْزِيَةٌ.
وَعَدَمُ عُمْقِهِ، وَاللَّحْدُ
وَضَجْعٌ فِيهِ
ــ
[منح الجليل]
وَالِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِلْحِكَايَاتِ وَتَضْيِيعُ الْأَوْقَاتِ فِي الْمَنْهِيَّاتِ مَعَ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَاتِ.
وَلَا يَتَفَكَّرُونَ فِيمَنْ دَفَنُوهُ فِي التُّرَابِ تَحْتَ الْأَقْدَامِ وَوَضَعُوهُ فِي بَيْتِ الظَّلَامِ وَالْهَوَامِّ وَلَا فِي وَحْشَتِهِ وَضَمَّتِهِ، وَهَوْلِ السُّؤَالِ وَلَا فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ الْحَالُ الرَّوْحُ وَالرَّيْحَانُ وَالنَّعِيمُ أَوْ الضَّرْبُ بِمِقْمَعِ الْحَدِيدِ وَالِاشْتِغَالُ بِنَارِ الْجَحِيمِ، وَلَوْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ بِانْتِهَاءِ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُ لَقُلْنَا إنَّمَا يَفْعَلُونَهُ فَرَحًا بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الْهَوَى أَعْمَاهُمْ، وَأَصَمَّهُمْ، وَإِنْ سُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ أَجَابُوا بِاتِّبَاعِ الْعَادَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَمَحْمَدَةِ النَّاسِ وَالزِّيَادَةِ فَهَلْ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ، كَلًّا بَلْ هُوَ شَرٌّ وَخُسْرَانٌ وَضَيْرٌ.
(وَ) نُدِبَ (تَعْزِيَةٌ) لِأَهْلِهِ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَأَهْلِهِ إلَّا مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ، وَالصَّبِيَّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَبِبَيْتِ الْمَيِّتِ وَمُدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَهَا إلَّا لِمَنْ كَانَ غَائِبًا وَشَرَطَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا إسْلَامَ الْمَيِّتِ فَلَا يُعَزَّى مُسْلِمٌ بِقَرِيبِهِ أَوْ زَوْجِهِ الْكَافِرِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِأَبِيهِ الْكَافِرِ وَلَيْسَ لَهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ.
(وَ) نُدِبَ (عَدَمُ عُمْقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذِّكْرِ وَالطَّاعَاتِ فَيَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بَرَكَتُهَا وَشَرُّهَا أَسْفَلُهَا. (وَ) نُدِبَ (اللَّحْدُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الَّتِي لَا تَتَهَايَلُ بِأَنْ يُحْفَرَ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ بِقَدْرِ مَا يَحْرُسُ الْمَيِّتَ وَيَمْنَعُ رَائِحَتَهُ ثُمَّ يَحْفِرُ تَحْتَ الْجَانِبِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِقَدْرِ الْمَيِّتِ وَيُدْفَنُ فِيهِ الْمَيِّتُ عَلَى جَنْبِهِ الْيَمِينِ وَوَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ وَيُسَدُّ فَمُ اللَّحْدِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ بِلَبِنٍ، وَيَرُدُّ التُّرَابُ الَّذِي حُفِرَ فِي مَوْضِعِهِ وَالزَّائِدُ يُجْعَلُ فَوْقَ الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهَا الْمَيِّتُ، وَيُكَبَّبُ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ لِخَبَرِ «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً تَتَهَايَلُ إذَا حُفِرَ تَحْتَهَا تَعَيَّنَ الشَّقُّ بِأَنْ يُحْفَرَ بِقَدْرِ ذَلِكَ كَذَلِكَ حُفْرَةً وَاسِعَةً، ثُمَّ يُحْفَرُ فِي وَسَطِهَا بِقَدْرِ الْمَيِّتِ وَيُدْفَنُ فِيهَا كَذَلِكَ وَيُسَدُّ فَمُ الشِّقِّ بِلَبِنٍ وَيُرَدُّ التُّرَابُ فِي مَوْضِعِهِ وَيُكَبَّبُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ كَالسَّنَامِ.
(وَ) نُدِبَ (ضَجْعٌ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ إرْقَادٌ لِلْمَيِّتِ (فِيهِ) أَيْ
عَلَى أَيْمَنَ مُقَبَّلًا
وَتُدُورِكَ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ، كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ
وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ
وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ، إنْ لَمْ يَخَفْ التَّغَيُّرُ.
ــ
[منح الجليل]
الْقَبْرِ لَحْدًا كَانَ أَوْ شَقًّا (عَلَى) جَنْبٍ (أَيْمَنَ) حَالَ كَوْنِهِ (مُقَبَّلًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ مُثَقَّلًا أَيْ مَجْعُولًا وَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ، وَقَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ أَوْ نَحْوِ هَذَا وَجَعْلُ يَدِهِ الْيُمْنَى أَمَامَهُ وَالْيُسْرَى عَلَى جَسَدِهِ، وَإِنْ دُفِنَ بِلَا لَحْدٍ وَلَا شَقٍّ كَتُرَبِ مِصْرَ أُسْنِدَ بِالتُّرَابِ مِنْ خَلْفِهِ، وَأَمَامِهِ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ. وَهَذَا لَيْسَ دَفْنًا شَرْعِيًّا، وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرَ وَنَحْوِهَا تَسَاهُلًا.
(وَتُدُورِكَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أُدْرِكَ الْمَيِّتُ نَدْبًا (إنْ خُولِفَ) فِي دَفْنِهِ مَا تَقَدَّمَ بِأَنْ جُعِلَ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ أَوْ جُعِلَ وَجْهُهُ لِلْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ، أَوْ جُعِلَ عَلَى أَيْسَرِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ وَصِلَةُ تُدُورِكَ (بِالْحَضْرَةِ) لِلدَّفْنِ بِأَنْ يُسَوَّى التُّرَابُ عَلَيْهِ. وَمَثَّلَ لِلْمُخَالَفَةِ بِقَوْلِهِ (كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ) أَيْ جَعْلِهِمَا مَوْضِعَ رَأْسِهِ بِأَنْ دُفِنَ عَلَى يَسَارِهِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ بَاقِيَ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَعَطَفَ عَلَى مِثَالٍ مُشَبِّهًا فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ فَقَالَ (وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ) لِلْمَيِّتِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَيُتَدَارَكُ وُجُوبًا بِإِخْرَاجِهِ وَتَغْسِيلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ. ابْنُ رُشْدٍ تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الْغُسْلِ فَقَطْ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ. وَالْفَوَاتُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ.
(وَ) كَ (دَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ) فَيُتَدَارَكُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْمُؤْمِنِينَ (إنْ لَمْ يُخَفْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَيْهِ (التَّغَيُّرُ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ فَلَا يُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَلَازُمُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الطَّلَبِ لَا فِي الْفِعْلِ وَيُتْرَكُ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَعِيسَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَفُوتُ تَدَارُكُهُ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ بِالْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْحَطّ
وَسَدُّهُ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ، ثُمَّ قَرْمُودٍ، ثُمَّ آجُرٍّ، ثُمَّ قَصَبٍ وَسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ
وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةِ ابْنَ: كَسَبْعٍ.
وَرَجُلٌ: كَرَضِيعَةٍ
وَالْمَاءُ الْمُسَخَّنُ
وَعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى،
ــ
[منح الجليل]
فَخُصَّ الشَّرْطُ بِدَفْنِ الْمُسْلِمِ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ.
(وَ) نُدِبَ (سَدُّهُ) أَيْ اللَّحْدِ أَوْ الشَّقِّ قَبْلَ رَدِّ التُّرَابِ فِيهِ (بِلَبِنٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ طُوبٍ نِيءٍ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (لَوْحٍ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لَبِنٌ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (قَرْمُودٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ طِينٍ مَصْنُوعٍ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ إنْ لَمْ يُوجَدْ لَوْحٌ (ثُمَّ آجُرٍّ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ طُوبٍ مَحْرُوقٍ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَرْمُودٌ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (حَجَرٍ) إنْ لَمْ يُوجَدْ آجُرٌّ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (قَصَبٍ) فَارِسِيٍّ إنْ لَمْ يُوجَدْ حَجَرٌ (وَسَنُّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ صَبُّ (التُّرَابِ) عَلَى الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَوْلَى مِنْ) دَفْنِهِ بِ (التَّابُوتِ) أَيْ الْخَشَبِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النَّصَارَى، وَقَدْ أُمِرْنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ، وَكُرِهَ فَرْشُ نَحْوِ مِضْرَبَةٍ تَحْتَهُ وَمِخَدَّةٍ تَحْتَ رَأْسِهِ.
(وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ صَبِيًّا ذَكَرًا (ابْنَ كَسَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ وَدَخَلَتْ الثَّامِنَةُ بِالْكَافِ لَا ابْنَ تِسْعٍ، وَإِنْ جَازَ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ لِلْمُرَاهِقَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ جَوَازُ الْغُسْلِ لِمَا فِيهِ الْمَسُّ بِالْيَدِ.
(وَ) جَازَ غُسْلُ (رَجُلٍ) صَبِيَّةً (كَرَضِيعَةٍ) أَيْ وَبِنْتَ سَنَتَيْنِ وَشَهْرَيْنِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَيَجُوزُ لَهُ تَغْسِيلُ بِنْتِ سَنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ لَا بِنْتِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنْ جَازَ لَهُ نَظَرُ عَوْرَتِهَا إلَى خَمْسِ سِنِينَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنْ كَانَتْ الصَّبِيَّةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ تَغْسِيلُهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ رَضِيعَةً جَازَ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُغَسِّلُهَا وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ يُغَسِّلُهَا ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ الْأَوْلَى مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.
(وَ) جَازَ (الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ) أَيْ تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ بِهِ كَالْبَارِدِ.
(وَ) جَازَ (عَدَمُ الدَّلْكِ) فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى تَعْمِيمِهِ بِالْمَاءِ (لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى) كَثْرَةً تُوجِبُ الْمَشَقَّةَ الْخَارِجَةَ
وَتَكْفِينٌ: بِمَلْبُوسٍ، أَوْ مُزَعْفَرٍ، أَوْ مُوَرَّسٍ
وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ، وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ
وَالْمُعَيِّنُ
ــ
[منح الجليل]
عَنْ الْعَادَةِ بِسَبَبِ الدَّلْكِ، وَجَازَ عَدَمُ التَّغْسِيلِ لِذَلِكَ وَيُيَمَّمُ مَنْ أَمْكَنَ تَيْمِيمُهُ مِنْهُمْ وَعَلَى كُلٍّ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَاحِدَةً عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَصَوَّبَهُ الْبُنَانِيُّ، وَقَالَ عج لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ
(وَ) جَازَ (تَكْفِينُ) الْمَيِّتِ (بِمَلْبُوسٍ) حَالَ حَيَاتِهِ نَظِيفٌ طَاهِرٌ لَمْ يَشْهَدْ فِيهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ، وَإِلَّا كُرِهَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَنُدِبَ فِي الثَّالِثِ وَالْجَدِيدُ أَوْلَى (أَوْ) بِكَفَنٍ (مُزَعْفَرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَالْفَاءِ أَيْ مَصْبُوغٍ بِزَعْفَرَانٍ (أَوْ) بِكَفَنٍ (مُوَرَّسٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ مَصْبُوغٌ بِالْوَرْسِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الطِّيبِ.
(وَ) جَازَ (حَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ) النَّعْشُ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ صَادِقٌ بِأَقَلَّ مِنْهَا إلَى وَاحِدٍ، وَأَزْيَدَ مِنْهَا بِلَا نِهَايَةٍ، فَلَا مَزِيَّةَ لِعَدَدٍ عَلَى عَدَدٍ. وَقِيلَ يُنْدَبُ لِحَمْلِهِ أَرْبَعَةٌ، وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ. (وَ) جَازَ (بَدْءٌ) فِي حَمْلِ النَّعْشِ (بِأَيِّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْيَاءِ اسْمٌ مَوْصُولٌ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ مُضَافُ (نَاحِيَةٍ) أَيْ جَانِبٍ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُصْفُورٍ وَابْنِ الضَّائِعِ بِجَوَازِ إضَافَةِ أَيْ الْمَوْصُولَةِ لِلنَّكِرَةِ وَالْمَعْنَى بِالنَّاحِيَةِ الَّتِي يَشَاءُ الْحَامِلُ الْبَدْءَ بِهَا مِنْ مُقَدَّمِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ كَذَلِكَ.
(وَالْمُعَيِّنُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً لِلْبَدْءِ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَأَشْهَبَ الْقَائِلِ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ السَّرِيرِ الْأَيْمَنِ فَيَضَعُهُ الْحَامِلُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ الْأَيْسَرِ. وَابْنُ حَبِيبٍ الْقَائِلُ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ السَّرِيرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَسَارِهِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَمِينِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ الرَّمَاصِيُّ فِي أَجْوِبَتِهِ الْيَمِينُ وَالْيَسَارُ لِلسَّرِيرِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِاعْتِبَارِ اسْتِقْبَالِ الْحَامِلِ لَهُ إذَا أَتَى مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ يَمِينِ السَّرِيرِ هُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ. وَعَبَّرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ قَوْلِ أَشْهَبَ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ الْمَيِّتِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ إلَخْ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ السَّرِيرِ الْأَيْسَرِ، وَهُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ إلَخْ فَيَأْتِي عَلَى اعْتِبَارِ اسْتِقْبَالِ الْحَامِلِ لَهُ إذَا أَتَى مِنْ جِهَةِ رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ السَّرِيرِ حِينَئِذٍ هُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ
مُبْتَدِعٌ،
وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ، أَوْ إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي: كَأَبٍ، وَزَوْجٍ، وَابْنٍ، وَأَخٍ
وَسَبْقُهَا
وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا
وَنَقْلٌ، وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ،
ــ
[منح الجليل]
تَفْسِيرِ قَوْلِ أَشْهَبَ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ اتَّفَقَ مَعَ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الْخَتْمِ وَخَبَرِ الْمُعَيِّنُ (مُبْتَدِعٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ مُخْتَرِعٌ لِأَمْرٍ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ بِحَمْلِ الْجِنَازَةِ مِنْ أَيْ جَوَانِبِ السَّرِيرِ شِئْت بَدَأَتْ وَلَك أَنْ تَحْمِلَ بَعْضَ الْجَوَانِبِ وَتَدَعَ بَعْضًا وَإِنْ شِئْت لَمْ تَحْمِلْ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ بِدْعَةٌ انْتَهَى سَنَدٌ بَدَّعَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِتَخْصِيصِهِ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَهَذِهِ سِمَةُ الْبِدْعَةِ.
(وَ) جَازَ (خُرُوجُ) مَرْأَةٍ (مُتَجَالَّةٍ) لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا لِجِنَازَةِ كُلِّ أَحَدٍ (أَوْ) مَرْأَةٍ شَابَّةٍ (إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا) أَيْ الشَّابَّةِ (الْفِتْنَةُ) لِلرِّجَالِ بِتَعَلُّقِ نُفُوسِهِمْ بِهَا (فِي) جِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيْهَا (كَأَبٍ) لَهَا وَأُمٍّ (وَزَوْجٍ) لَهَا (وَابْنٍ) وَبِنْتٍ لَهَا (وَأَخٍ) وَأُخْتٍ مُطْلَقًا، وَكُرِهَ خُرُوجُهَا لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ وَحَرُمَ عَلَى مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَمِثْلُ الشَّابَّةِ غَيْرُ الْمَخْشِيَّةِ الْمُتَجَالَّةُ الَّتِي فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ
(وَ) جَازَ لِمُشَيِّعٍ (سَبْقُهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ لِمَوْضِعِ دَفْنِهَا لَا لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَخِلَافُ الْأَوْلَى.
(وَ) جَازَ لِلْمُشَيِّعِينَ لِلْجِنَازَةِ مُشَاةً أَوْ رُكْبَانًا (جُلُوسٌ) بِمَوْضِعِ دَفْنِهَا أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا (قَبْلَ وَضْعِهَا) عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَالِ الْحَامِلِينَ لَهَا بِالْأَرْضِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ دَفْنِهَا، وَجَازَ اسْتِمْرَارُهُمْ قَائِمِينَ حَتَّى تُوضَعَ
(وَ) جَازَ (نَقْلٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ تَحْوِيلٌ لِلْمَيِّتِ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ قَبْلَ دَفْنِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْفَجِرَ حِينَ نَقْلِهِ، وَأَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ، وَأَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ بَحْرٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ رَجَاءِ بَرَكَةِ الْمَحَلِّ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوْ دَفْنِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ أَوْ قُرْبِ زِيَارَةِ أَهْلِهِ لَهُ، وَإِلَّا حَرُمَ، وَيَجُوزُ مَعَ الشُّرُوطِ.
(وَإِنْ) كَانَ (مِنْ بَدْوٍ) إلَى حَضَرٍ وَالْمُنَاسِبُ قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يُقَالَ، وَإِنْ مِنْ حَضَرٍ
وَبُكًى عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ، وَقَوْلٍ قَبِيحٍ
وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ.
وَوَلِيَ الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ.
أَوْ بِصَلَاةٍ
يَلِي الْإِمَامَ: رَجُلٌ، فَطِفْلٌ، فَعَبْدٌ، فَخَصِيٌّ، فَخُنْثَى كَذَلِكَ.
ــ
[منح الجليل]
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَى.
(وَ) جَازَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (بُكًى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مَقْصُورًا أَيْ إسَالَةُ دَمْعٍ (عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ) فَإِنْ كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ حَرُمَ وَيُسَمَّى حِينَئِذٍ بُكَاءً بِالْمَدِّ (وَ) بِلَا (قَوْلٍ قَبِيحٍ) فَإِنْ كَانَ بِقَوْلٍ قَبِيحٍ كَمَخْطُوفٍ وَمَنْهُوبٍ وَغَيْرِ مُسْتَحِقِّ الْمَوْتِ حَرُمَ.
(وَ) جَازَ (جَمْعُ أَمْوَاتٍ) ، وَأَوْلَى جَمْعُ مَيِّتَيْنِ (بِقَبْرٍ) وَاحِدٍ (لِضَرُورَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَضِيقِ الْمَكَانِ وَتَعَذُّرِ الْحَافِرِ وَلَوْ فِي أَوْقَاتٍ. فَلَا يَجُوزُ نَبْشُ قَبْرٍ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، أَوْ بَعْضُهُمْ ذُكُورًا أَوْ بَعْضُهُمْ إنَاثًا كَانُوا أَقَارِبَ أَوْ أَبَاعِدَ. وَلَا يَجُوزُ لَمُّ عِظَامِ الْمَيِّتِ الْقَدِيمِ وَلَا تَكْسِيرُهَا، وَكُرِهَ جَمْعُهُمْ بِقَبْرٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ
(وَوَلِيَ) بِضَمِّ الْوَاوِ، وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ جُعِلَ وَالِيًا وَمُبَاشِرًا (الْقِبْلَةَ) مِنْ الْقَبْرِ الْمَيِّتُ (الْأَفْضَلُ) مِنْ بَاقِي الْأَمْوَاتِ الْمَجْمُوعِينَ مَعَهُ فِي الدَّفْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ نَدْبًا فَيُقَدَّمُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى، وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْحُرُّ عَلَى الرِّقِّ، وَالْعَدْلُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْعَالِمُ عَلَى الْجَاهِلِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
(أَوْ بِصَلَاةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِقَبْرٍ فَيَجُوزُ جَمْعُهُمْ بِلَا ضَرَرٍ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِصَلَاةٍ لِرَجَاءِ عَوْدِ بَرَكَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
(يَلِي الْإِمَامَ رَجُلٌ) أَيْ غَيْرُ خَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ، كَذَلِكَ حُرٌّ (فَطِفْلٌ) حُرٌّ (فَعَبْدٌ) غَيْرُ خَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ كَذَلِكَ أَيْ رَجُلٌ فَطِفْلٌ (فَخَصِيٌّ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَمَجْبُوبٌ أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعًا كَذَلِكَ أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ (فَخُنْثَى) مُشْكِلٌ (كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ
وَفِي الصِّنْفِ أَيْضًا: الصَّفُّ
وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ،
ــ
[منح الجليل]
فَصَغِيرٌ، فَأُنْثَى حُرَّةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ، فَأَمَةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ، فَالْأَصْنَافُ خَمْسَةٌ فِي كُلِّ صِنْفٍ أَرْبَعٌ.
(وَ) جَازَ (فِي الصِّنْفِ) الْوَاحِدِ كَالْفُحُولِ فَقَطْ وَالْمَخَاصِي كَذَلِكَ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوَالِي وَالْمَعْطُوفُ عَلَى فَاعِلِ جَازَ (الصَّفُّ) مُمْتَدًّا مِنْ الْيَمِينِ إلَى الشِّمَالِ بِأَنْ يُجْعَلَ الْحُرُّ أَمَامَ الْإِمَامِ وَالْحُرُّ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْعَبْدُ الْكَبِيرُ عَنْ يَسَارِهِ وَالْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ. وَقِيلَ يُجْعَلُ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَسَارِهِ أَيْضًا، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ عج، وَهَلْ يُجْعَلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَفْضُولُ الْأَفْضَلِ بِحَيْثُ تَكُونُ رِجْلَاهُ عِنْدَ رَأْسِ الْأَفْضَلِ وَبَاقِي الْأَصْنَافِ تُجْعَلُ كُلُّهَا عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ. أَوْ يُجْعَلُ مَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ جِهَةَ الْيَسَارِ وَمَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ، وَهَكَذَا.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْفِيشِيُّ وَتَبِعَهُ عب وشب، وَعَلَى هَذَا فَالتَّفَاوُتُ بِالْقُرْبِ تَارَةً وَالتَّيَامُنُ أُخْرَى، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الشَّارِحِ فَبِالْقُرْبِ دَائِمًا إلَّا الثَّانِي فَمَزِيَّتُهُ عَلَى الثَّالِثِ التَّيَامُنُ وَيَجُوزُ الصَّفُّ فِي الْأَصْنَافِ الْمُجْتَمِعَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِلصِّنْفِ.
(وَ) جَازَ بِمَعْنَى نُدِبَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً (زِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ مِنْ الْأُسْبُوعِ أَوْ وَقْتٍ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ بِمُدَّةِ مُكْثٍ عِنْدَهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَلَغَنِي أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِفِنَاءِ الْمَقَابِرِ فَلَا تَخْتَصُّ زِيَارَتُهَا بِيَوْمٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا خُصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِفَضْلِهِ وَالْفَرَاغِ فِيهِ أَوْ دُعَاءٌ، وَيَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِبَارِ بِحَالِ الْمَوْتَى حَالَ زِيَارَتِهِمْ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَعَدَمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْحَذَرُ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْقُبُورِ فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً» . اهـ وَفَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يَقُولُ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الدَّارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا بِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» . الْقُرْطُبِيُّ يَنْبَغِي لِمَنْ عَزَمَ عَلَى زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَنْ يَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهَا وَيُحْضِرَ قَلْبَهُ فِي
وَكُرِهَ: حَلْقُ شَعْرِهِ، وَقَلْمُ ظُفُرِهِ. وَهُوَ بِدْعَةٌ
وَضُمَّ مَعَهُ إنْ فُعِلَ،
ــ
[منح الجليل]
إتْيَانِهَا وَلَا يَكُونُ حَظُّهُ التَّطْوَافَ عَلَى الْأَجْدَاثِ فَإِنَّهَا حَالَةٌ تُشَارِكُهُ فِيهَا الْبَهِيمَةُ بَلْ يَقْصِدُ بِزِيَارَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِصْلَاحَ قَلْبِهِ وَنَفْعَ الْمَيِّتِ بِالدُّعَاءِ.
وَيُسَلِّمُ إذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ وَيُخَاطِبُهُمْ خِطَابَ الْحَاضِرِينَ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَإِذَا وَصَلَ إلَى قَبْرِ مَعْرِفَتِهِ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَأْتِيهِ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ وَيَعْتَبِرُ بِحَالِهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ، وَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ، وَهَبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِهِمْ» . وَعَنْ الْحَسَنِ مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ وَالْأَرْوَاحِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الدُّنْيَا، وَهِيَ بِك مُؤْمِنَةٌ أَدْخِلْ عَلَيْهَا رَوْحًا مِنْك وَسَلَامًا مِنِّي كُتِبَ لَهُ بِعَدَدِهِمْ حَسَنَاتٌ.
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (حَلْقُ) أَيْ إزَالَةُ (شَعْرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ الَّذِي يَجُوزُ حَلْقُهُ حَالَ حَيَاتِهِ كَشَعْرِ رَأْسِهِ، وَإِبْطِهِ، وَإِلَّا حَرُمَ كَشَعْرِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَرَأْسِ الْمَرْأَةِ (وَ) كُرِهَ (قَلْمُ ظُفُرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ، وَقَلْمِ الظُّفُرِ (بِدْعَةٌ) فِيهَا لِمَالِكٍ أَكْرَهُ أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِمِجْمَرَةٍ أَوْ تُقَلَّمُ أَظْفَارُهُ أَوْ تُحْلَقُ عَانَتُهُ وَأَرَى ذَلِكَ بِدْعَةً مِمَّنْ فَعَلَهُ. الْبَاجِيَّ لَا يُحْلَقُ لَهُ شَعْرٌ وَلَا يُخْتَنُ وَلَا يُقَلَّمُ ظُفْرُهُ وَيُنَقَّى الْوَسَخُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَغَيْرِهَا فِي الْمَدْخَلِ إذَا فُرِغَ مِنْ غُسْلِهِ يُنَظَّفُ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ بِعُودٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَا يُقَلَّمُهَا، ثُمَّ قَالَ وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ فَإِنْ خَرَجَ فِيهِ شَعْرٌ جَمَعَهُ، وَأَلْقَاهُ فِي كَنَفِهِ. سَحْنُونٌ وَلَا يَفْعَلُ هُوَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِذَلِكَ أَمَّا لِقَصْدِ الرَّاحَةِ فَجَائِزٌ.
(وَضُمَّ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ جَمِيعُ الشَّعْرِ الْمَحْلُوقِ وَالظُّفْرِ الْمَقْلُومِ (مَعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ (إنْ فُعِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْحَلْقُ أَوْ الْقَلَمُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. زَادَ، وَكَذَلِكَ مَا سَقَطَ مِنْ جَسَدِهِ مِنْ ذَلِكَ. أَشْهَبُ وَمَا سَقَطَ مِنْهُ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ جُعِلَ فِي أَكْفَانِهِ. تت لَمْ يُعَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الضَّمِّ. عج هُوَ الْوُجُوبُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ.
وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ، وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا
، وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ
ــ
[منح الجليل]
عب وشب هَذَا مُشْكِلٌ يَكُونُ الْفِعْلُ مَكْرُوهًا وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَا تَجِبُ مُوَارَاتُهَا وَلَوْ وَجَبَ لَحَرُمَتْ الْإِزَالَةُ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ لَا إشْكَالَ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا حَقِيقِيًّا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَلَا يُعْطَى حُكْمُهُ.
(وَلَا تُنْكَأُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ النُّونِ آخِرُهُ هَمْزٌ أَيْ لَا تُفَجَّرُ وَلَا تُعْصَرُ (قُرُوحُهُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالرَّاءِ أَيْ جُرُوحُهُ وَدَمَامِيلُهُ (وَيُؤْخَذُ) أَيْ يُزَالُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ نَدْبًا (عَفْوُهَا) أَيْ مَا سَالَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ لِلنَّظَافَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَيْئَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا أَصْلًا. وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ بِهِ قُرُوحٌ غُسِلَ بِالْمَاءِ السُّخْنِ وَأُخِذَ عَفْوُهَا وَلَا تُنْكَأُ. تت أَيْ تُعْصَرُ قُرُوحُهُ كَدَمَامِلَ وَبَثَرَاتٍ وَجِرَاحَاتٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ مَا فِيهِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيُتْرَكُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا. الْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ حَرَامٌ لِإِتْيَانِهِ بِالْفِعْلِ بَعْدَ عَدِّ شَيْءٍ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَفِي الْمَجْهُولِ أَيْ يُزَالُ مَا سَالَ مِنْهَا مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ مِمَّا تَسْهُلُ إزَالَتُهُ. اهـ.
وَيُحْتَمَلُ إزَالَةُ مَا بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ عَصْرِهَا لِئَلَّا يُلَوَّثَ الْكَفَنُ وَالْأَوَّلُ صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَا يُنْكَأُ ذَلِكَ فِي ضَوَامِرِهِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالظَّاهِرِ كَمَا فِي الْجُنُبِ، وَإِنَّمَا يُعْصَرُ بَطْنُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْكَفَنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِ الْقُرُوحِ فَإِنَّهُ إذَا أُخِذَ عَفْوُهُ لَمْ تَبْقَ مَادَّةٌ تَنْصَبُّ إلَيْهِ بِسُرْعَةٍ بِحَسَبِ ذَهَابِ جَرْيِ حَيَاتِهِ وَضِيقِ مَجَارِي الدَّمِ.
(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَيْسَتْ الْقَارَّةُ وَالْبَخُورُ مِنْ الْعَمَلِ ابْنُ رُشْدٍ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحُكِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَرَأَ يس أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَهُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى عَبْدِي الْمَوْتَ» قَالَ، وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ. ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وَجْهُ مَا فِي السَّمَاعِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَدَبُّرُ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ لِيُتَّعَظَ بِهَا، وَهُوَ مُشْغِلٌ عَنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ فَيُؤَدِّي لِإِسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ الْعَدَوِيُّ فَالْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ مَكْرُوهَةٌ قَصَدَ بِهَا اسْتِنَانًا أَمْ لَا لِمُنَافَاتِهَا الْمَقْصُودَ، وَكَذَا بَعْدَ
كَتَجْمِيرِ الدَّارِ، وَبَعْدَهُ، وَعَلَى قَبْرِهِ،
ــ
[منح الجليل]
مَوْتِهِ وَعَلَى قَبْرِهِ فَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ
(كَتَجْمِيرِ) أَيْ تَبْخِيرِ (الدَّارِ) لِإِزَالَةِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ فِي زَعْمِهِ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَمَلِ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ نُدِبَ وَعَطَفَ عَلَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ (وَ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (وَعَلَى قَبْرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَلِمُنَافَاتِهَا لِلْمَقْصُودِ مِنْ التَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ.
مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ وَنَقَلَهَا سَيِّدِي ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَائِلًا؛ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا قِيلَ لَهُمْ وَمَاذَا لَقُوا وَنَحْنُ مُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ. اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَ عِيَاضٌ اسْتِدْلَالَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ بِحَدِيثِ الْجَرِيدَتَيْنِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه. ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ ضَابِطُهُ: إنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَوَهَبَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِمَيِّتٍ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْقَرَافِيُّ: الْقُرُبَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ حَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ فِي ثَوَابِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقِسْمٌ اُتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ نَقْلِهِ وَهُوَ الْقُرُبَاتُ الْمَالِيَّةُ، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالْقِرَاءَةُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَنِيَّةٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] .
وَلِحَدِيثِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» . وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ. وَلِحَدِيثِ «صَلِّ لَهُمَا مَعَ صَلَاتِك وَصُمْ لَهُمَا مَعَ صَوْمِك» يَعْنِي أَبَوَيْهِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ
وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا
، وَقَوْلُ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا
وَانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ أَوْ بِلَا إذْنٍ، إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا،
وَحَمْلُهَا بِلَا وُضُوءٍ
وَإِدْخَالُهُ بِمَسْجِدٍ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ.
ــ
[منح الجليل]
أَمْرُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِهِ نَحْوُ الْمَغْفِرَةِ فَهَذَا الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ وَثَوَابِهِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالدَّاعِي وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي قَصْرَ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَارِئِ، وَمِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ نُعَارِضُهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ. وَيُرَجَّحُ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ بِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الِاسْتِمَاعِ وَلَا يَصِحُّ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ. وَالظَّاهِرُ حُصُولُ بَرَكَةِ الْقِرَاءَةِ لِحُصُولِهَا بِمُجَاوَرَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ فَقَدْ حَصَلَتْ بَرَكَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمَا كَمَا ثَبَتَ بِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُهْمَلُ أَمْرُ الْمَوْتَى مِنْ الْقِرَاءَةِ فَلَعَلَّ الْوَاقِعَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْوُصُولُ لَهُمْ وَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَكَذَا التَّهْلِيلُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ وَيَعْتَمِدَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ.
(وَ) كُرِهَ (صِيَاحٌ) أَيْ رَفْعُ صَوْتٍ بِاسْمِهَا وَالثَّنَاءِ عَلَيْهَا (خَلْفَهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ أَوْ أَمَامَهَا أَوْ شِمَالَهَا، لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَمَلِ وَالْمُبَاهَاةِ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ وَعِظَمِ الْمُصِيبَةِ
(وَ) كُرِهَ (قَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا) ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ وَلِذَا لَمَّا سَمِعَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ لِقَائِلِهِ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ
(وَ) كُرِهَ (انْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ) عَلَيْهَا وَلَوْ طَوَّلُوا أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهَا (أَوْ) انْصِرَافٌ عَنْهَا قَبْلَ دَفْنِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ أَهْلِهَا (إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا) وَمَفْهُومُ بِلَا إذْنٍ جَوَازُهُ بِإِذْنِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلُوا وَمَفْهُومُ أَنْ يُطَوِّلُوا جَوَازُهُ إنْ طَوَّلُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا.
(وَ) كُرِهَ (حَمْلُهَا) وَالْمَشْيُ مَعَهَا (بِلَا وُضُوءٍ) لِتَأْدِيَتِهِ إلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مَاءٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَانْتِظَارُهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.
(وَ) كُرِهَ (إدْخَالُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِمَسْجِدٍ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ طَهَارَتِهِ صِيَانَةً لَهُ عَمَّا يُحْتَمَلُ خُرُوجُهُ مِنْهُ وَأَمَّا عَلَى نَجَاسَتِهِ فَإِدْخَالُهُ مُحَرَّمٌ (وَ) كُرِهَ (الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ
وَتَكْرَارُهَا
وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ: كَسِقْطٍ
وَتَحْنِيطُهُ، وَتَسْمِيَتُهُ، وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ
،
ــ
[منح الجليل]
خَارِجَهُ؛ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِإِدْخَالِهِ فِيهِ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ، وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ وُضِعَتْ قُرْبَ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا مَنْ بِالْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا ضَاقَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ، وَقَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ نَاجِي لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إذَا ضَاقَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا فَرْقَ فِي كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ كَوْنِهَا فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ فَعَلَهُ لَمْ يَأْثَمْ وَلَمْ يُؤْجَرْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ أُجِرَ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْمَكْرُوهِ مَا تَرْكُهُ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ الْكَرَاهَةَ وَالْجَوَازَ وَالْمَنْعَ أَبُو عُمَرَ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى عَلَى سَهْلٍ فِي الْمَسْجِدِ» هُوَ مِنْ أَصَحِّ مَا رُوِيَ. وَأَجَازَهَا عَلَيْهِ فِيهِ ابْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهِيَ السُّنَّةُ الْمَعْمُولُ بِهَا فِي زَمَنِ الْخَلِيفَتَيْنِ صَلَّى عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيهِ. وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيهِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. اللَّخْمِيُّ، وَهَذَا أَحْسَنُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَّا أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِاحْتِرَاسِهِ وَحَسْمِهِ لِلذَّرَائِعِ مَنَعَ إدْخَالَهُمْ فِيهِ خَشْيَةَ اسْتِرْسَالِ النَّاسِ فِيهِ، وَقَدْ مَنَعَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - دُخُولَ النِّسَاءِ فِيهِ وَحَسْمُ الذَّرَائِعِ فِيمَا لَا يَكُونُ مِنْ اللَّوَازِمِ دَاخِلٌ فِي الدِّينِ.
(وَ) كُرِهَ (تَكْرَارُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ صُلِّيَتْ أَوَّلًا جَمَاعَةً، سَوَاءٌ أُعِيدَتْ جَمَاعَةً أَوْ أَفْذَاذًا أَوْ صُلِّيَتْ أَفْذَاذًا أَوْ أُعِيدَتْ كَذَلِكَ وَنُدِبَ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً.
(وَ) كُرِهَ (تَغْسِيلُ جُنُبٍ) الْمَيِّتَ فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ لِكَرَاهَتِهِ الْمَلَائِكَةُ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) تَغْسِيلِ (سِقْطٍ) نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً ضَعِيفَةً فَيُكْرَهُ وَلَوْ أُسْقِطَ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَيُنْدَبُ غَسْلُ دَمِهِ وَيَجِبُ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتُهُ وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا بِالْمَقْبَرَةِ.
(وَ) كَ (تَحْنِيطِهِ) أَيْ تَطْيِيبِ السِّقْطِ فَيُكْرَهُ (وَ) كَ (تَسْمِيَتِهِ) أَيْ السِّقْطِ بِاسْمٍ فَتُكْرَهُ (وَ) كَ (الصَّلَاةِ عَلَيْهِ)
وَدَفْنُهُ بِدَارٍ، وَلَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ
لَا حَائِضَ
وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ
ــ
[منح الجليل]
أَيْ السِّقْطِ فَتُكْرَهُ
(وَ) كَ (دَفْنِهِ) أَيْ السِّقْطِ (بِدَارٍ) هَذَا مَصَبُّ الْكَرَاهَةِ إذْ أَصْلُ دَفْنِهِ وَاجِبٌ. (وَلَيْسَ) دَفْنُهُ بِدَارٍ (عَيْبًا) مُوجِبًا لِخِيَارِ مُشْتَرِيهَا بَيْنَ رَدِّهَا وَالتَّمَاسُكِ بِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إذَا ظَهَرَ فِيهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ بَائِعُهَا، إذْ لَيْسَ لِقَبْرِهِ حُرْمَةُ قَبْرِ الْكَبِيرِ. قِيلَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِيهَا سِقْطًا قَالَ لَا أَرَى السِّقْطَ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى، قِيلَ أَفَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِهِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ. ابْنُ سَحْنُونٍ الْقِيَاسُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ. (بِخِلَافِ) دَفْنِ (الْكَبِيرِ) أَيْ مَنْ مَاتَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ بِدَارٍ فَيَجُوزُ، وَإِنْ بِيعَتْ بِدُونِ بَيَانِهِ لِلْمُشْتَرِي رَدَّهَا بِهِ لِحُرْمَةِ انْتِفَاعِهِ بِقَبْرِهِ؛ لِأَنَّهُ حَبْسٌ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا عَيْبٌ يَسِيرٌ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تُمْكِنْ إزَالَتُهُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْكَثِيرِ فِي إيجَابِ الرَّدِّ، وَدَفْنُ الْكَبِيرِ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ. ابْنُ سَحْنُونٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الدَّارَ فَيَجِدُ فِيهَا قَبْرًا قَدْ كَانَ الْبَائِعُ دَفَنَهُ، قَالَ أَرَى أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَأَنَّهُ حَبْسٌ. الْإِبْيَانِيُّ جَائِزٌ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ.
(لَا) يُكْرَهُ تَغْسِيلُ (حَائِضٍ) لِلْمَيِّتِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِ حَدَثِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَإِذًا لَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا صَارَتْ كَالْجُنُبِ.
(وَ) كُرِهَ (صَلَاةُ) شَخْصٍ (فَاضِلٍ) أَيْ صَاحِبِ فَضْلٍ بِعِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ خِلَافَةٍ (عَلَى) مَيِّتٍ (بِدْعِيٍّ) أَيْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ لَمْ يَكْفُرْ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ كَقَدَرِيٍّ وَحَرُورِيٍّ فِي الْمُنْتَقَى: أَهْلُ كُلِّ نَقْصٍ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِيمَانِ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِالْإِيمَانِ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَدْعًا لَهُمْ وَزَجْرًا لِغَيْرِهِمْ عَنْ مِثْلِ حَالِهِمْ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى جَابِرٌ عَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَاهِقٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» . عج مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْفَاضِلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهَا لَا يُسْقِطُهُ بِدَعُهُمْ وَلَا كَبَائِرُهُمْ مَا تَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ فِيهَا لَا يُسَلَّمُ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ وَلَا
أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ
وَالْإِمَامُ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ،
ــ
[منح الجليل]
يُنَاكَحُونَ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ جُمُعَةٌ وَلَا غَيْرُهَا وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ. سَحْنُونٌ زَجْرًا لَهُمْ وَيُسْتَتَابُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا قُوتِلُوا. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا أَشَدُّ مِنْ الْكِتَابِيِّينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ إذَا دَعَوْا إلَى بِدْعَتِهِمْ وَتُكْرَهُ السُّكْنَى مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ لِئَلَّا تَنْزِلَ عَلَيْهِمْ سَخْطَةٌ فَتُصِيبُهُ مَعَهُمْ، أَوْ يُظَنُّ مِنْهُمْ فَيُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ أَوْ مَخَافَةَ سَمَاعِ كَلَامِهِمْ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ شَكٌّ فِي اعْتِقَادِهِ.
(أَوْ) شَخْصٍ (مُظْهِرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الْهَاءِ مَعْصِيَةٍ (كَبِيرَةٍ) كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَيُورَثُ وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ حَدَثٌ أَحْدَثَهُ وَلَا جُرْمٌ اجْتَرَمَهُ اهـ. ابْنُ يُونُسَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى الْبُغَاةِ، وَأَهْلِ الْبِدَعِ. أَبُو إِسْحَاقَ، وَهَذَا عَلَى بَابِ الرَّدْعِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ النَّاسُ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَهِرِينَ بِالْمَعَاصِي.
(وَ) كُرِهَ صَلَاةُ (الْإِمَامِ) أَيْ الْخَلِيفَةِ أَوْ نَائِبِهِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ (عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ) إمَّا (بِحَدٍّ) كَمُحَارِبٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ (أَوْ قَوَدٍ) أَيْ قِصَاصٍ كَقَاتِلٍ كُفْءٍ إنْ تَوَلَّاهُ الْإِمَامُ بَلْ (وَلَوْ تَوَلَّاهُ) أَيْ الْقَتْلَ (النَّاسُ دُونَهُ) أَيْ الْإِمَامِ وَمَفْهُومُ الْقَتْلِ أَنَّ مَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ كَزَانٍ بِكْرٍ مَاتَ مِنْهُ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلْإِمَامِ وَلَا لِأَهْلِ الْفَضْلِ. فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كُلُّ مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فِي قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ غَيْرُ الْإِمَامِ. ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ مُحَارِبٌ قَتَلَهُ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَتْلُ فَأَمَّا مَنْ جَلَدَهُ الْإِمَامُ فِي زِنًا فَمَاتَ فَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْجَلْدُ لَا الْقَتْلُ.
وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْإِمَامِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْجُومِ لِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَاعِز وَالْغَامِدِيَّةِ وَعَلَّلَ الْمَشْهُورَ بِأَنَّهُ مُنْتَقِمٌ فَلَا يَشْفَعُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يُعَدُّ فِي انْتِقَامِهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا شَرَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَشَفَاعَتُهُ لَهُ فِي الْعَاقِبَةِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى، لِحَدِيثِ «اللَّهُمَّ مَنْ لَعَنْتُهُ أَوْ حَدَدْتُهُ
وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدُّدٌ
وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ،
أَوْ نَجِسٍ، وَكَأَخْضَرَ،
ــ
[منح الجليل]
فَاجْعَلْهُ طُهْرًا لَهُ» أَوْ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم عج تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْإِمَامَ بِالْكَرَاهَةِ يَحْتَمِلُ اعْتِبَارَهُ فَلَا تُكْرَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ لِقَوْلِهَا وَيُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ غَيْرُ الْإِمَامِ، وَهَذَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ مُنْتَقِمٌ فَلَا يَشْفَعُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْقَاضِي وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فَتُكْرَهُ صَلَاةُ أَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ وَخُصَّ الْإِمَامُ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا شَارِحُ الرِّسَالَةِ.
(وَإِنْ مَاتَ) مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ (قَبْلَهُ) أَيْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (فَ) فِي كَرَاهَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُهَا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. اللَّخْمِيُّ أَرَى فِيمَنْ حُكْمُهُ الْأَدَبُ أَوْ الْقَتْلُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدَّبَ بِذَلِكَ أَنْ يَجْتَنِبَ الْإِمَامُ، وَأَهْلُ الْفَضْلِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَدْعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْيَاءِ. وَنَصَّ أَبُو عِمْرَانَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْعَدَوِيُّ الْأَظْهَرُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ.
(وَ) كُرِهَ (تَكْفِينٌ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (بِحَرِيرٍ) فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَكْفَانِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْخَزَّ لِأَنَّ سَدَاهُ الْحَرِيرُ، وَكَرِهَ الْأَكْفَانَ فِي الْحَرِيرِ مَحْضًا. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ فِي كَفَنِ الرِّجَالِ بِالْعَلَمِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَأَجَازَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَحَمَلَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْمَنْعِ كَظَاهِرِ الْجَلَّابِ، وَأَبْقَاهَا جَمَاعَةٌ عَلَى ظَاهِرِهَا.
(وَ) كُرِهَ تَكْفِينٌ بِكَفَنٍ (نَجِسٍ) بَهْرَامُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ، وَأَظْهَرُ مِنْهُ فِيهِ قَوْلُ أَشْهَبَ الْكَفَنُ الْجَدِيدُ وَالْخَلِقُ سَوَاءٌ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا لِنَجَاسَةٍ أَوْ وَسَخٍ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الْوُجُوبُ بِوُجُوبِ السُّنَنِ أَيْ التَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ قَرْنِهَا بِالْوَسَخِ وَنَحْوِهِ، قَوْلُ الْكَافِي لَا يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ. عج يُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى النَّجِسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا.
(وَ) كُرِهَ تَكْفِينٌ بِ (كَأَخْضَرَ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ مِنْ كُلِّ مَصْبُوغٍ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ
وَمُعَصْفَرٍ أَمْكَنَ غَيْرُهُ.
وَزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ
وَاجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكًى، وَإِنْ سِرًّا،
وَتَكْبِيرُ نَعْشٍ،
وَفَرْشُهُ بِحَرِيرٍ
وَإِتْبَاعُهُ بِنَارٍ
ــ
[منح الجليل]
كَمَصْبُوغٍ بِنِيلَةٍ (وَمُعَصْفَرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ، وَهُوَ نَوَّارُ الْقُرْطُمِ (أَمْكَنَ غَيْرُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ وَالْمَصْبُوغِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ وَلَا يَجْتَمِعُ وُجُوبٌ، وَكَرَاهَةٌ ابْنُ عَرَفَةَ مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ مِنْ مَتْرُوكٍ فُعِلَ.
(وَ) كُرِهَ (زِيَادَةُ) كَفَنِ (رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ وَ) زِيَادَةُ كَفَنِ امْرَأَةٍ (عَلَى سَبْعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ مُخَالِفٌ لِلْعَمَلِ.
، (وَ) كُرِهَ (اجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكًى) بِالْقَصْرِ أَيْ إرْسَالٌ لِلدُّمُوعِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ سِرًّا) لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الْبُكَاءَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ مُحَرَّمٌ، وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَقَصْرُ مَا قَبْلَهَا عَلَى أَدْنَى الرَّفْعِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَالسِّرِّ وَالْمُحَرَّمُ الرَّفْعُ الْعَالِي كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ.
(وَ) كُرِهَ (تَكْبِيرُ نَعْشٍ) لِلْمَيِّتِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْمُبَاهَاةِ، وَإِظْهَارِ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ
(وَ) كُرِهَ (فَرْشُهُ) أَيْ النَّعْشِ (بِحَرِيرٍ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَمَفْهُومُ فَرْشٍ إنْ سَتَرَ بِهِ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مُلَوَّنًا بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَإِلَّا كُرِهَ. ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ إعْظَامُ النَّعْشِ وَأَنْ يُفْرَشَ تَحْتَ الْمَيِّتِ قَطِيفَةُ حَرِيرٍ أَوْ خَزٍّ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا يُفْرَشُ إلَّا ثَوْبٌ طَاهِرٌ. اهـ وَلَعَلَّ التَّفْرِقَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرِيرِ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمَا فِي تَكْفِينٍ بِالْحَرِيرِ سَوَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِلنِّسَاءِ فَجَرَى هُنَا عَلَى أَصْلِهِ. عج يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ هُنَا إذَا لَمْ يَنْقُلُوا غَيْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ فِي التَّكْفِينِ فِي الْحَرِيرِ إسْرَافٌ لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ فَرْشِهِ.
(وَ) كُرِهَ (إتْبَاعُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِنَارٍ) أَيْ حَمْلُهَا مَعَهُ حَالَ تَشْيِيعِهِ لِلدَّفْنِ لِلتَّشَاؤُمِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَخُورٌ لَهُ بَالٌ فَكَرَاهَةٌ أُخْرَى لِإِضَاعَةِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَبَاخِرَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَرُمَ كَإِلْبَاسِ الرِّجَالِ الْحَامِلِينَ لَهَا الْحَرِيرَ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْفَرَحِ الْمُنَافِي لِلْحُزْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالتَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَوْتِ وَمَا يَتْبَعُهُ، وَلَكِنَّ الْهَوَى أَعْمَاهُمْ، وَأَصَمَّهُمْ، وَنَصُّ الْأُمَّهَاتِ: وَكَرِهَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِنَارٍ تَفَاؤُلًا فِي هَذَا الْمَقَامِ.
وَنِدَاءٌ بِهِ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ، لَا بِكَحِلَقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ
، وَقِيَامٌ لَهَا،
وَتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ،
ــ
[منح الجليل]
أَبُو الْحَسَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ طِيبٌ فَيَزْدَادُ وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ السَّرَفُ إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ.
(وَ) كُرِهَ (نِدَاءٌ بِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُقَالَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ فُلَانٌ مَاتَ فَاسْعَوْا لِجِنَازَتِهِ (بِمَسْجِدٍ) لِكَرَاهَةِ رَفْعَ الصَّوْتِ فِيهِ وَلَوْ بِالْعِلْمِ زِيَادَةً عَنْ الْحَاجَةِ (أَوْ بَابِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِرَفْعِهِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ (لَا) يُكْرَهُ الْإِعْلَامُ (بِحِلَقٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ جَمْعُ حَلْقَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (بِصَوْتٍ خَفِيٍّ) بَلْ يُنْدَبُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَشْيِيعِهِ.
(وَ) كُرِهَ (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ مِنْ جَالِسٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ سَبَقَهَا لِلْقَبْرِ، وَكَذَا اسْتِمْرَارُ مُشَيِّعِهَا قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ، وَقَدْ نُسِخَ هَذَا كُلُّهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً، وَكَانَ يَشْتَبِهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَلَمَّا نُهِيَ. انْتَهَى. وَقَدْ رَوَى الْكَرَاهَةَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَ الْقَائِمَ لَهَا مَأْجُورًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَرَكَهُ. ابْنُ حَبِيبٍ إنْ مَرَّتْ بِهِ الْجِنَازَةُ فَلَا يَعْرِضُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَفَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ نُسِخَ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ وَفِي كَوْنِهِ مِنْ وُجُوبِهِ لِنَدْبِهِ أَوْ لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لِإِبَاحَتِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا الْقِيَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ مَنْسُوخًا. اهـ.
ابْنُ غَازِيٍّ وَعَلَى هَذَا فَلَا كَرَاهَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَرْوَحَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمَّا نُهِيَ عليه السلام أَوْ مِمَّا فِي النَّوَادِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الَّذِي أَخَذَ بِهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَى الْبَاجِيَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " أَوْلَى لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ فِيهِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَهُ سَنَدٌ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَفِيهِ «اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ» ، وَهَذَا أَمْرٌ فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَضِيَ اسْتِحْبَابَ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ.
(وَ) كُرِهَ (تَطْيِينُ قَبْرٍ) أَيْ تَلْبِيسُهُ بِالطِّينِ (أَوْ تَبْيِيضُهُ) بِالْجِيرِ أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ فِي تَطْيِينِهِ مِنْ خَارِجِهِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مِنْ دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ لِمَا وَرَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ قَالَ إذَا
وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ، وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ: كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ بِلَا نَقْشٍ
ــ
[منح الجليل]
طُيِّنَ الْقَبْرُ فَلَا يَسْمَعُ صَاحِبُهُ الْأَذَانَ وَلَا الدُّعَاءَ وَلَا يَعْلَمُ زَائِرَهُ» .
(وَ) كُرِهَ (بِنَاءٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَبْرِ فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ رضي الله عنه تَجْصِيصَ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءَ عَلَيْهَا «وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقُبُورِ أَوْ تُقَصَّصُ» . وَرُوِيَ تُجَصَّصُ الْمَازِرِيُّ مَعْنَاهُ تُبَيَّضُ بِالْجَيَّارِ أَوْ بِالتُّرَابِ الْأَبْيَضِ وَالْقَصَّةُ الْجِيرُ، وَهُوَ الْجَصُّ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا وَتَفَاخُرِهَا وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضٍ " تَجْصِيصَ الْقُبُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُبَاهَاةِ وَزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتِلْكَ مَنَازِلُ الْآخِرَةِ وَلَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلْمُبَاهَاةِ، وَإِنَّمَا يُزَيِّنُ الْمَيِّتُ عَمَلَهُ فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ " رض " أَنْ يُرَصَّصَ عَلَى الْقُبُورِ بِالْحِجَارَةِ وَالطِّينِ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا بِطُوبٍ أَوْ حِجَارَةٍ. وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَهَى عَنْ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَالْكِتَابَةِ وَالتَّجْصِيصِ. وَرَوَى جَابِرٌ " رض «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُرَبَّعَ الْقُبُورُ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا أَوْ يُكْتَبَ فِيهَا أَوْ تُقَصَّصَ» وَرُوِيَ تَجْصِيصٌ، وَأَمَرَ بِهَدْمِهَا وَتَسْوِيَتِهَا.
(أَوْ تَحْوِيزٌ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ إدَارَةُ بِنَاءٍ عَلَى الْقَبْرِ. ابْنُ رُشْدٍ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ حَوَالَيْهِ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ نَاحِيَةِ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَمْلَاكِ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْبِنَاءِ تَمْيِيزَ الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِهِ فَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ، وَأَخَذَهَا مِنْ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا كُرِهَ فِيهَا إلَّا الْبِنَاءُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْعَلَامَةُ.
(وَإِنْ بُوهِيَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الْهَاءِ (بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ تَطْيِينِ الْقَبْرِ أَوْ تَبْيِيضِهِ أَوْ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ التَّحْوِيزِ (حَرُمَ) الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَطْيِينَ الْقَبْرِ أَيْ جَعْلُ الطِّينِ عَلَيْهِ وَالْحِجَارَةِ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ تَبْيِيضُهُ إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ فَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْمُبَاهَاةُ حَرُمَ (وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ) بَيْنَ الْقُبُورِ وَفَاعِلُ جَازَ الْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ (كَحَجَرٍ) إذْ هُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ يُغْرَزُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَامَةً عَلَيْهِ (أَوْ خَشَبَةٍ) كَذَلِكَ (بِلَا نَقْشٍ) لِاسْمِهِ أَوْ تَارِيخِ مَوْتِهِ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ الْخَشَبَةِ، وَإِلَّا كُرِهَ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ. وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ نَقْشِ
وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ، وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ،
ــ
[منح الجليل]
الْقُرْآنِ، وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الِامْتِهَانِ، وَكَذَا نَقْشُهَا عَلَى الْحِيطَانِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ حَجَرًا أَوْ خَشَبَةً أَوْ عُودًا يَعْرِفُ بِهِ قَبْرَ وَلِيِّهِ مَا لَمْ يَكْتُبْ فِي ذَلِكَ وَلَا أَرَى قَوْلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَجْعَلُوا حَجَرًا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ فَوْقِهِ عَلَى مَعْنَى الْبِنَاءِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ فِي طَرَفِ الْقَبْرِ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ لِئَلَّا يُحْفَرَ مَوْضِعُهُ إذَا عَفَى أَثَرُهُ.
(وَلَا يُغَسَّلُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالسِّينِ مُشَدَّدَةً أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسَّلَ شَخْصٌ (شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ الْكَافِرِينَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ سَائِرِ الشُّهَدَاءِ كَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ وَالْمَطْعُونِ وَالنُّفَسَاءِ فَيَجِبُ تَغْسِيلُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ، فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالشَّهِيدُ فِي الْمُعْتَرَكِ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُحَنَّطُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ بِثِيَابِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ إذَا قُتِلَ بِبَلَدِ الْكُفْرِ.» بَلْ (وَلَوْ) قُتِلَ الْمُسْلِمُ (بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ غَزَا الْحَرْبِيُّونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَدَخَلُوا أَرْضَهُمْ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُغَسَّلُ وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. سُئِلَ أَصْبَغُ عَنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُغِيرُونَ عَلَى بَعْضِ ثُغُورِ الْإِسْلَامِ فَيَقْتُلُونَ الرِّجَالَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي غَيْرِ مُعْتَرَكٍ وَلَا مُجْتَمَعٍ وَلَا مُلَاقَاةٍ فَقَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَؤُلَاءِ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ فَسَأَلْت ابْنَ وَهْبٍ فَقَالَ لَهُ هُمْ شُهَدَاءُ قَالَ، وَهُوَ رَأْيِي. قِيلَ لِأَصْبَغَ وَسَوَاءٌ عِنْدَك قَتَلُوهُمْ غَافِلِينَ أَوْ مُقَاصَفَةً قَالَا نَعَمْ هُمْ شُهَدَاءُ، قِيلَ فَإِنْ قَتَلُوا امْرَأَةً أَوْ صَبِيَّةً أَهُمْ عِنْدَك مِثْلُ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ وَبِأَيِّ قِتْلَةٍ قُتِلُوا بِسِلَاحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَالَ هُمْ عِنْدِي سَوَاءٌ يُصْنَعُ لَهُمْ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَقُولُ وَلَوْ مَرْأَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ صَبِيًّا، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ، وَهُوَ وِفَاقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ) الْمُسْلِمُ الْحَرْبِيِّينَ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا أَوْ نَائِمًا الْحَطّ لَا فَرْقَ فِيمَنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ
وَإِنْ أَجْنَبَ، عَلَى الْأَحْسَنِ
لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا، وَإِنْ أُنْفِذَتْ
ــ
[منح الجليل]
الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ قَتْلِهِ مِنْ سَبَبِهِمْ أَوْ غَيْرِ سَبَبِهِمْ، وَسَوَاءٌ قَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ بِأَيْدِيهِمْ، أَوْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ عَنْ فَرَسِهِ فَانْدَقَّ عُنُقُهُ، أَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ أَوْ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ شَهِيدٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُعْتَرَكِ مُسْلِمًا ظَنُّوا أَنَّهُ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ مَا دَاسَتْ الْخَيْلُ مِنْ الرِّجَالِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ الْمُعْتَرَكِ إنْ كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ.
بَلْ (وَإِنْ أَجْنَبَ) أَيْ كَانَ شَهِيدُ الْمُعْتَرَكِ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ (عَلَى الْأَحْسَنِ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَصْبَغَ قُتِلَ حَنْظَلَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ جُنُبٌ فَلَمْ يَصْنَعْ فِيهِ شَيْئًا. قَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْجُنُبِ عِبَادَةٌ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ، وَقَدْ ارْتَفَعَتْ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ. ابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُغَسَّلُ بَهْرَامُ قِيلَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ. تت، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ نَاجِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ الْفَتْوَى وَشَاهِدُ الْمَشْهُورِ حَنْظَلَةُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ جُنُبًا وَلَمْ يُغَسَّلْ وَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَسُمِّيَ الْغَسِيلَ، وَتَغْسِيلُ الْمَلَائِكَةِ لَيْسَ هُوَ الْغُسْلُ الْمَعْهُودُ بِالْمَاءِ وَلَوْ وَجَبَ غُسْلُهُ عَلَى الْآدَمِيِّينَ لَأَمْرَهُمْ بِهِ قَالَهُ سَنَدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَائِضَ كَذَلِكَ قَالَ لِخَبَرِ «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ» الْحَدِيثَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَرَوْثٍ فَتُزَالُ بِخِلَافِ دَمِهِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّجَاسَةِ الْإِبْعَادُ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ فِي دَمِهِ خَاصَّةً وَلِأَنَّهُ شَهِيدٌ عَلَى خَصْمِهِ فَتُرِكَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَاعْتِبَارًا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِلْدُ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ إجْمَاعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(لَا) يُتْرَكُ غُسْلُ شَهِيدِ الْمُعْتَرَكِ (إنْ رُفِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُمِلَ الشَّهِيدُ مِنْ مَوْضِعِ الْقِتَالِ حَالَ كَوْنِهِ (حَيًّا) ثُمَّ مَاتَ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ بَلْ (وَإِنْ أُنْفِذَتْ)
مَقَاتِلُهُ
إلَّا الْمَغْمُورَ،
وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ إنْ سَتَرَتْهُ، وَإِلَّا زِيدَ
ــ
[منح الجليل]
بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْفَاءِ نَائِبُ فَاعِلِهِ (مَقَاتِلُهُ) وَلَمْ يُغْمَرْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَعَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ. وَطَرِيقَةُ سَحْنُونٍ أَنَّهُ مَتَى رُفِعَ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ أَوْ مَغْمُورًا فَلَا يُغَسَّلُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ ضَعِيفٌ وَاعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِتَغْسِيلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَعَ أَنَّهُ رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا ظَاهِرُهُ يُوَافِقُ الْمُصَنِّفَ وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَاتِلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ ذِمِّيًّا فَتَغْسِيلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ رُفِعَ حَيًّا فَقَالَ.
(إلَّا الْمَغْمُورَ) أَيْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَى أَنْ مَاتَ فَلَا يُغَسَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ.
(وَدُفِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الشَّهِيدُ (بِثِيَابِهِ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا وُجُوبًا (إنْ) كَانَتْ مُبَاحَةً عج يَشْتَرِطُ فِي ثِيَابِهِ كَوْنَهَا مُبَاحَةً، وَإِلَّا فَلَا يُطْلَبُ دَفْنُهُ بِهَا وَيُشْتَرَطُ (سُتْرَتُهُ) أَيْ الشَّهِيدِ كُلِّهِ فَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْتُرْهُ (زِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهُ فَإِنْ وُجِدَ عُرْيَانًا سُتِرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا عَلِمْت أَنَّهُ يُزَادُ فِي كَفَنِهِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ. أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا يُوَارِيهِ أَوْ سُلِبَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْبَغُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَشَاءَ وَلِيُّهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا فَذَلِكَ وَاسِعٌ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ عَرَّاهُ الْعَدُوُّ فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ تَكْفِينِهِ بَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ كَفَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشُّهَدَاءَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ اثْنَيْنِ فِي ثَوْبٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ثِيَابِهِ إذَا كَانَ فِيهَا مَا يُجْزِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهَا سَنَدٌ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ وَتَكْفِينُهُ بِغَيْرِهَا، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا إنْ سَتَرَتْهُ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا مَا عَلِمْت أَنْ يُزَادَ فِي كَفَنِ الشَّهِيدِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ بِذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ.
بِخُفٍّ، وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا وَخَاتَمٍ قَلَّ فَصُّهُ؛ لَا دِرْعٍ وَسِلَاحٍ؛
وَلَا دُونَ الْجُلِّ.
ــ
[منح الجليل]
وَنُدِبَ دَفْنُهُ (بِخُفٍّ) فِي رِجْلَيْهِ حَالَ قَتْلِهِ فَلَا يُنْزَعُ (وَ) بِ (قَلَنْسُوَةٍ) عَلَى رَأْسِهِ حَالَ قَتْلِهِ مِنْ طَرْبُوشٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْزَعُ (وَ) بِ (مِنْطَقَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَا يَحْتَزِمُ بِهِ فِي وَسَطِهِ حَالَ قَتْلِهِ فَلَا تُنْزَعُ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً (ثَمَنُهَا) أَيْ قِيمَةُ الْمِنْطَقَةِ (وَ) بِ (خَاتَمٍ) مِنْ فِضَّةٍ دِرْهَمَيْنِ فِي إصْبَعِهِ حَالَ قَتْلِهِ (قَلَّ فَصُّهُ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ وَكَسْرُهَا لَيْسَ بِلَحْنٍ أَيْ قِيمَتُهُ فَإِنْ كَانَ الْخَاتَمُ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ كَثُرَتْ قِيمَةُ فَصِّهِ أَوْ الْمِنْطَقَةِ نُزِعَ الْأُجْهُورِيُّ لَا بُدَّ فِي الْخَاتَمِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَإِلَّا نُزِعَ فِيهَا. لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَلَا فَرْوٌ وَلَا خُفٌّ وَلَا قَلَنْسُوَةٌ مُطَرِّفٌ وَلَا خَاتَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَفِيسَ الْفَصِّ وَلَا مِنْطَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا خَطَرٌ.
(لَا) يُدْفَنُ الشَّهِيدُ بِآلَةِ حَرْبٍ قُتِلَ، وَهِيَ مَعَهُ كَ (دِرْعٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ ثَوْبٍ مَنْسُوجٍ مِنْ حَدِيدٍ تَبْقَى بِهِ السِّلَاحُ (وَسِلَاحٍ) بِكَسْرِ السِّينِ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ يُنْزَعُ مِنْهُ الدِّرْعُ وَالسَّيْفُ وَجَمِيعُ السِّلَاحِ فِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتْرَكَ عَلَيْهِ خُفَّاهُ، وَقَلَنْسُوَتُهُ وَلَا يُنْزَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا السِّلَاحُ مَا كَانَ مِنْ دِرْعٍ أَوْ مِغْفَرٍ أَوْ بَيْضَةٍ أَوْ سَاعِدٍ أَوْ سَيْفٍ مُتَقَلِّدًا بِهِ أَوْ مِنْطَقَةٍ أَوْ مَهَامِيزَ وَمَا كَانَ مِنْ الْحَدِيدِ كُلُّهُ.
(وَلَا) يُغَسَّلُ (دُونَ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ (الْجُلِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ وَلَوْ مَعَ الرَّأْسِ، وَمَفْهُومُ دُونَ الْجُلِّ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْجُلِّ أَيْ الثُّلُثَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ نَاجِي اتِّفَاقًا، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُصَلَّى عَلَى يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَلَا عَلَى الرَّأْسِ مَعَ الرِّجْلَيْنِ، وَإِنَّمَا يُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ تَعَارَضَ مَفْهُومَاهُ فِي النِّصْفِ وَشَهَّرَ فِي الْمُعْتَمَدِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ الْمُصَنِّفُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهَا وَلَوْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ مُقَطَّعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوُجُودِهِ لَا صِفَتِهِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَكْثَرِ الْجَسَدِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْجُلِّ لِشُمُولِ عِبَارَتِهَا مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ وُجِدَ نِصْفُهُ طُولًا أَوْ عَرْضًا مَعَ رَأْسِهِ.
كَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ فِيهَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -
وَلَا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ، وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ،
ــ
[منح الجليل]
دُونَ عِبَارَتِهِ ذَكَرَهُ سَنَدٌ أَفَادَهُ تت. عج قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ أَيْ دُونَ جُلِّ الْجَسَدِ، وَهُوَ مَا عَدَا الرَّأْسَ فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسِهِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الذَّاتَ لِاقْتِضَائِهِ تَغْسِيلَ مَنْ وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ يَقْتَضِي تَغْسِيلَ مَا فَوْقَ النِّصْفِ وَدُونَ الثُّلُثَيْنِ.
وَلَكِنْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عُمَرَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلَّى عَلَى الثُّلُثَيْنِ. الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ النَّهْيُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَعِلَّتُهُ لُزُومُ الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ. عج عَبَّرَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَائِبٍ لَا تَجُوزُ. وَعَبَّرَ اللَّخْمِيُّ بِمَنْعِهَا فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُمَا عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي أَحْمَدَ وَرُدَّ كَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ خَوْفَ مُصَادَفَةِ مَكْرُوهٍ عبق يُقَالُ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ، وَهُوَ اسْتِنَانُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَعَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَائِبٍ مُحَرَّمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى أَنَّهَا هُنَا لَمْ تُشْرَعْ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ شَرْطُهَا وُجُودُ الْجُلِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُصَلَّى عَلَى الرَّأْسِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلَّى عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ بَعْدَ تَغْسِيلِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ يُصَلَّى عَلَى مَا وُجِدَ مِنْهُ وَيَنْوِي بِهَا الْمَيِّتَ ابْنُ يُونُسَ وَبِهِ أَقُولُ.
(وَلَا) يُغَسَّلُ شَخْصٌ (مَحْكُومٌ) مِنْ الشَّارِعِ (بِكُفْرِهِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ كَزِنْدِيقٍ وَسَاحِرٍ وَمُرْتَدٍّ وَمَجُوسِيٍّ، وَكِتَابِيٍّ إنْ كَانَ بَالِغًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (صَغِيرًا) مُمَيِّزًا (ارْتَدَّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ إلَى أَيِّ دِينٍ يُخَالِفُهُ لِاعْتِبَارِ رِدَّتِهِ كَإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْمُسْلِمِ يَرْتَدُّ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ.
وَاخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ مِنْ وَلَدِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حُكْمِ الْكَافِرِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَمْ لَا، وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ حَرْبِيٍّ قَدِمَ بِهِ أَوْ تَوَالَدَ فِي مِلْكِ
أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ؛
إلَّا أَنْ يُسْلِمَ: كَأَنْ
ــ
[منح الجليل]
مُسْلِمٍ مِنْ عَبِيدِهِ النَّصْرَانِيِّينَ كَانَ مِنْ نِيَّةِ صَاحِبِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ لَا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
وَلَا يُغَسَّلُ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ بَلْ (أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ) أَوْ مُشْتَرِيهِ (الْإِسْلَامَ) فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ اشْتَرَى صَغِيرًا آدَمِيًّا أَوْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ فَمَاتَ صَغِيرًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ سَيِّدُهُ الْإِسْلَامَ، إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ كَبِيرًا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَيَعْرِفُ مَا أَجَابَ إلَيْهِ. اهـ.
وَهَذَا فِي الْكِتَابِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الرَّاجِحِ وَالْكِتَابِيُّ الْكَبِيرُ أَيْ الَّذِي يَعْقِلُ دِينَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فَهُوَ فِي الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ صَغِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ كَانَ كَبِيرًا، وَهَلْ يَكُونُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ الْمُسْلِمَ، وَهُوَ لِابْنِ دِينَارٍ مَعَ رِوَايَةِ مَعْنٍ أَوْ حَتَّى يَنْوِيَ مَالِكُهُ إسْلَامَهُ. وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ مِلْكُهُ وَيُزَيِّيَهُ بِزِيِّ الْإِسْلَامِ وَيُشَرِّعَهُ بِشَرَائِعِهِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ. أَوْ حَتَّى يَعْقِلَ وَيُجِيبَ بَعْدَ إثْغَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ خَامِسُهَا حَتَّى يُجِيبَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ، وَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَعَزَا عِيَاضٌ الْأَوَّلَيْنِ لِرِوَايَتَيْنِ فِيهَا. وَعَلَيْهِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ جَبْرِهِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ.
(إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ نَاصِبٌ (يُسْلِمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ الْكِتَابِيُّ الْمُمَيِّزُ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ إذَا أَسْلَمَ ابْنُ الْكَافِرِ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً هُوَ إسْلَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُشْرِكَةً جَازَ وَطْؤُهَا فَعَلَى هَذَا إذَا مَاتَتْ يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ أَنَّ لِمَنْ ارْتَدَّ حُكْمَ الْكَافِرِ وَلِمَنْ أَسْلَمَ حُكْمَ الْمُسْلِمِ، وَقَدْ كَانَ إسْلَامُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَبْلَ بُلُوغِهِمَا.
وَشَبَّهَ فِي التَّغْسِيلِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ
أَسْلَمَ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ.
وَإِنْ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا، وَكُفِّنُوا،
وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ
وَلَا سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَالَ، أَوْ رَضَعَ؛
ــ
[منح الجليل]
(أَسْلَمَ) الْكَافِرُ مِنْ غَيْرِ سَبْيٍ (وَنَفَرَ) أَيْ هَرَبَ (مِنْ أَبَوَيْهِ) إلَيْنَا وَمَاتَ وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ أَسْلَمَ بَعْضُ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ فَفِي قَبُولِ إسْلَامِهِ قَوْلَانِ الْمَازِرِيُّ لَا خِلَافَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ مَقْطُوعٌ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ.
(وَإِنْ اخْتَلَطُوا) أَيْ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ بِمُسْلِمِينَ غَيْرِ شُهَدَاءَ (غُسِّلُوا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ الْمُخْتَلِطُونَ جَمِيعًا وُجُوبًا؛ لِأَنَّ تَغْسِيلَ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ وَقَدْ تَوَقَّفَ عَلَى تَغْسِيلِ الْكَافِرِينَ لِاخْتِلَاطِهِمْ بِهِمْ وَمَا تَوَقَّفَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَمُؤْنَةُ غُسْلِهِمْ، وَكَفَنِهِمْ وَدَفْنِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قِيلَ لَا حَقَّ لِلْكَافِرِ فِيهِ وَلَا فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ قِيلَ تَجْهِيزُ الْمُسْلِمِينَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَجْهِيزِ الْكَافِرِينَ فَوَجَبَ بِوُجُوبِهِ (وَكُفِّنُوا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ الْمُخْتَلِطُونَ وُجُوبًا جَمِيعًا لِذَلِكَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا لِذَلِكَ.
(وَمُيِّزَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا نَائِبُ فَاعِلِهِ (الْمُسْلِمُ) وَصِلَةُ مُيِّزَ (بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ) بِأَنْ يَنْوِيَ الْمُصَلِّي عَلَيْهِمْ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ وَدُفِنُوا جَمِيعًا وُجُوبًا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. لِذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَطَ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ بِشَهِيدِ مَعْرَكَةٍ فَلَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيُدْفَنُونَ بِثِيَابِهِمْ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ غَيْرُ شَهِيدٍ غُسِلَ الْجَمِيعُ، وَكُفِّنُوا بِثِيَابِهِمْ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ احْتِيَاطًا لَهُمَا.
(وَلَا) يُغَسَّلُ (سِقْطٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (لَمْ يَسْتَهِلَّ) أَيْ لَمْ تَسْتَقِرَّ حَيَاتُهُ بِأَنْ نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً ضَعِيفَةً إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَعْطِسْ وَلَمْ يَبُلْ وَلَمْ يَرْضِعْ بَلْ (وَلَوْ تَحَرَّكَ) حَرَكَةً ضَعِيفَةً لَا تَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِ الْحَيَاةِ. (أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ) رَضَاعًا يَسِيرًا لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رَدِّ الْخِلَافِ فِي الْأَرْبَعَةِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَرَكَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْعُطَاسِ وَالْبَوْلِ فَقَالَ
إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ، وَغُسِلَ دَمُهُ،
ــ
[منح الجليل]
مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْحَيَاةِ وَعَارَضَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِنْكَارِ دَلَالَةِ الرَّضَاعِ عَلَى الْحَيَاةِ لِأَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مُحَالٌ بِالْعَادَةِ أَنْ يَرْضِعَ الْمَيِّتُ وَلَيْسَ الرَّضَاعُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَكُونُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الطَّبِيعَةِ وَالِاخْتِيَارِيَّة كَقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْعُطَاسُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ وَالْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْقَصْدِ إلَيْهِ، وَالتَّشَكُّكُ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْحَيَاةِ يَطْرُقُ إلَى هَدْمِ قَوَاعِدِ عُلُومٍ ضَرُورِيَّةٍ فَالصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ إنَّهُ كَالِاسْتِهْلَالِ بِالصُّرَاخِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ الْمَيِّتِ لِضَعْفِ حَيَاتِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ حَيٌّ حَيَاةً غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ لَا أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ رَضَاعِهِ حَقِيقَةً.
ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ أَقَامَ يَوْمًا يَتَنَفَّسُ وَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَيَتَحَرَّكُ حَتَّى لَمْ يُسْمَعْ لَهُ صَوْتٌ، وَإِنْ خَفِيًّا وَاسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. قَالَ: وَأَشْكَلُ مِنْهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ إنْ أَقَامَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَتَنَفَّسُ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصْرُخْ ثُمَّ مَاتَ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيَسِيرُ الْحَرَكَةِ لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا. إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَحَرَكَتُهُ كَحَرَكَتِهِ فِي الْبَطْنِ لَا يُحْكَمُ لَهُ فِيهَا بِحَيَاةٍ. عَبْدُ الْوَهَّابِ قَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَبَوْلُهُ لَغْوٌ، وَقِيلَ إنْ تَحَرَّكَ حَرَكَةً بَيِّنَةً أَوْ رَضَعَ أَوْ عَطَسَ فَلَهُ حُكْمُ الْحَيِّ بِذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ فِي الرَّضَاعِ أَحْسَنُ. أَبُو إِسْحَاقَ الصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّ الْعُطَاسَ حَالٌ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَطْنِ أَيْ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ السِّقْطِ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ نَفْيِ تَغْسِيلِ السِّقْطِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ) لَهُ بِعَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِهَا كَصُرَاخٍ، وَكَثْرَةِ رَضَاعٍ. تت الرَّضَاعُ الْكَثِيرُ يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ اتِّفَاقًا فَيَجِبُ تَغْسِيلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ (وَغُسِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (دَمُهُ) أَيْ السِّقْطِ رَوَى عَلِيٌّ يُغْسَلُ الدَّمُ عَنْ السِّقْطِ لَا كَغُسْلِ الْمَيِّتِ. تت فَقَوْلُهُ لَا يُغْسَلُ أَيْ الْغُسْلَ الشَّرْعِيِّ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ. عج اُنْظُرْ حُكْمَ غُسْلِ دَمِهِ وَقَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّدْبِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ، وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّهُ يُطْلَبُ فِي الْمَيِّتِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَا لَا يُطْلَبُ فِي الْحَيِّ كَأَثَرِ الدُّمَّلِ السَّائِلِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَبْلُغُ دِرْهَمًا. اهـ.
وَاسْتَظْهَرَ عب وشب الثَّانِيَ أَيْضًا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَفِي قَوْلِ عج يُطْلَبُ فِي الْمَيِّتِ إلَخْ إنَّ هَذَا لَيْسَ مَيِّتًا، وَإِلَّا لَوَجَبَ تَغْسِيلُهُ، وَإِنَّ غُسْلَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ أَثَرِ الدُّمَّلِ
وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ، وَوُورِيَ
وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ، إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا
وَلَا غَائِبٍ
ــ
[منح الجليل]
مَنْدُوبٌ، لِلْحَيِّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ نَصَّ ابْنِ حَبِيبٍ صَرِيحٌ فِي النَّدْبِ، وَهُوَ لَا بَأْسَ أَنْ يُغْسَلَ عَنْهُ الدَّمُ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ.
(وَلُفَّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَشَدِّ الْفَاءِ أَيْ السِّقْطُ (بِخِرْقَةٍ وَوُورِيَ) بِضَمِّ الْوَاوِ الْأُولَى، وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ دُفِنَ السِّقْطُ وُجُوبًا فِيهِمَا قَالَهُ عج.
(وَلَا يُصَلَّى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً (عَلَى قَبْرٍ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ أَتَى، وَقَدْ فَرَغَ النَّاسُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا عَلَى الْقَبْرِ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ عبق أَيْ تُمْنَعُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ إذْ غَايَتُهَا تَكْرَارُ الصَّلَاةِ وَحُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَعْبِيرُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُدْفَنُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْمَيِّتُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ، وَإِلَّا أُخْرِجَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ حَتَّى يُظَنَّ فَنَاؤُهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا عَظْمُ الذَّنَبِ.
(وَلَا) يُصَلَّى عَلَى (غَائِبٍ) كَغَرِيقٍ، وَأَكِيلِ سَبُعٍ وَمَيِّتٍ فِي أَرْضِ الْكُفَّارِ. قَالَ أَحْمَدُ أَيْ تُكْرَهُ وَنَصُّهُ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَمَنَعَهَا مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. لَكِنْ اللَّخْمِيُّ يُطْلِقُ الْمَنْعَ كَثِيرًا عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَقِيلَ تَحْرُمُ. ابْنُ رُشْدٍ الْعِلَّةُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى بَعْضِ الْجَسَدِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى غَائِبٍ وَاسْتَخَفُّوهَا إذَا غَابَ الْيَسِيرُ مِنْهُ كَثُلُثِهِ فَدُونَهُ. عَجَّ ظَاهِرُهُ حُرْمَتُهَا وَالْمَعْنَى يُرْشِدُ إلَيْهِ، وَاقْتَصَرَ عب عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ شب الْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ خِلَافًا لِقَوْلِ عِيَاضٍ بِالْكَرَاهَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى غَرِيقٍ أَوْ قَتِيلٍ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُصَلَّى عَلَيْهِ. تت وَصَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ عَلَى
وَلَا تُكَرَّرُ
وَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ: وَصِيٌّ رُجِيَ خَيْرُهُ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ، لَا فَرْعُهُ، إلَّا مَعَ الْخِطْبَةِ ثُمَّ
ــ
[منح الجليل]
النَّجَاشِيِّ يَوْمَ مَوْتِهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِدَلِيلِ عَدَمِ صَلَاةِ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهَا أَعْظَمُ الرَّغْبَةِ وَأَيْضًا الْأَرْضُ رَفَعَتْهُ لَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ مُشَاهِدٌ لَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ فَهِيَ كَصَلَاةِ إمَامٍ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا، وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَوَابَيْنِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ وَالرَّفْعِ يَفْتَقِرُ لِدَلِيلٍ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ.
(وَلَا تُكَرَّرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْأُولَى أَيْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا إذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً مُطْلَقًا أَوْ أَفْذَاذًا أُعِيدَتْ، كَذَلِكَ فَإِنْ أُعِيدَتْ جَمَاعَةً فَلَا يُكْرَهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ تُكْرَهُ الْإِعَادَةُ فِي ثَلَاثٍ وَتُنْدَبُ فِي وَاحِدَةٍ. عب، وَهِيَ عَلَى طَرِيقِ الْبَسْطِ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ أَوَّلًا إمَّا وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ بِلَا إمَامٍ أَوْ بِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ. وَالْإِعَادَةُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى بِإِمَامٍ كُرِهَتْ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِلَا إمَامٍ كُرِهَتْ الْإِعَادَةُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِلَا إمَامٍ وَنُدِبَتْ جَمَاعَةٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ الْغَائِبِ مُبَاحٌ لَمْ يَنْهَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ وَفِعْلُ الْخَيْرِ لَا يَجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ
(وَالْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ الْأَحَقُّ (بِ) إمَامَةِ (الصَّلَاةِ) عَلَى الْمَيِّتِ (وَصِيٌّ) أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ إمَامًا (رُجِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ، وَكَسْرِ الْجِيمِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (خَيْرُهُ) أَيْ بَرَكَتُهُ، وَقَبُولُ شَفَاعَتِهِ وَمَفْهُومُ رُجِيَ خَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَاهُ لِكَرَاهَةِ عَاصِبِهِ، وَإِغَاظَتِهِ فَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ وَيُقَدَّمُ عَاصِبُهُ عَلَى وَصِيِّهِ إنْ كَانَ عَدْلًا خَيْرًا لَا يُقَصِّرُ فِي الدُّعَاءِ لَهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ بَعْدَهُ لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ لَهُ، وَالْإِمَامُ عَمُودُ الصَّلَاةِ وَالْمَأْمُومُونَ تَبَعٌ لَهُ.
(ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْأَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (الْخَلِيفَةُ) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (لَا فَرْعُهُ) أَيْ نَائِبُهُ (إلَّا) نَائِبَهُ فِي الْحُكْمِ (مَعَ الْخُطْبَةِ) لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ (ثُمَّ) إنْ
أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، وَأَفْضَلُ وَلِيٍّ، وَلَوْ وَلِيَّ امْرَأَةٍ
وَصَلَّى النِّسَاءُ دُفْعَةً، وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ،
وَالْقَبْرُ حَبْسٌ:
ــ
[منح الجليل]
لَمْ يَكُنْ الْخَلِيفَةُ وَلَا نَائِبُهُ فِيهِمَا فَالْأَوْلَى بِهَا (أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) لِلْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ فَأَبٌ فَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَقَطْ فَابْنُهُ كَذَلِكَ فَجَدٌّ فَعَمٌّ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ كَذَلِكَ فَأَبُ الْجَدِّ فَعَمُّ الْأَبِ فَابْنُهُ.
(وَ) إنْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِمَيِّتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ قُدِّمَ (أَفْضَلُ وَلِيٍّ) بِزِيَادَةِ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إنْ كَانَ الْأَفْضَلُ وَلِيَّ الرَّجُلِ الْمَجْمُوعِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْأَفْضَلُ (وَلِيَّ الْمَرْأَةِ) الْمَجْمُوعَةِ مَعَ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا فَيُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الْأَفْضَلُ عَلَى وَلِيِّ الرَّجُلِ الْمَفْضُولِ اعْتِبَارًا بِفَضْلِ الْوَلِيِّ لَا بِفَضْلِ الْمَيِّتِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَدَّمُ وَلِيُّ الذَّكَرِ عَلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْجِنَازَتَيْنِ تَحْضُرَانِ جَمِيعًا جِنَازَةُ رَجُلٍ وَجِنَازَةٌ امْرَأَةٍ لَيْسَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ وَلَا إلَى أَوْلِيَاءِ الرَّجُلِ وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى الْفَضْلِ وَالسِّنِّ فَيُقَدَّمُ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَوْلِيَاءُ الرَّجُلِ أَحَقُّ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ.
(وَصَلَّى النِّسَاءُ) عَلَى الْجِنَازَةِ عِنْدَ عَدَمِ الرِّجَالِ (دُفْعَةً) أَفْذَاذًا وَلَا يُنْظَرُ لِسَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِالتَّكْبِيرِ أَوْ السَّلَامِ فَإِذَا فَرَغْنَ كُرِهَ لِمَنْ أَتَتْ مِنْهُنَّ أَنْ تُصَلِّيَ (وَصُحِّحَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ (تَرَتُّبُهُنَّ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ لَا رِجَالَ مَعَهُنَّ صَلَّيْنَ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا وَلَا تَؤُمُّهُنَّ إحْدَاهُنَّ. ابْنُ لُبَابَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً. ابْنُ كِنَانَةَ يُحْرِمْنَ مَعًا مُجْتَمَعَاتٍ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ تَكْبِيرِهِنَّ وَلَا سَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِسَلَامٍ، وَإِذَا فَرَغْنَ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَاتَهَا مِنْهُنَّ صَلَاةٌ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَتْ مَكْرُوهَةً وَرَدَّهُ الْقَابِسِيُّ بِرِوَايَةِ الْغَسَّالِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ تَرَتُّبَهُنَّ فِي مَعْنَى تَكْرَارِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْمَيِّتِ وَالسُّنَّةُ تَعْجِيلُهُ.
(وَالْقَبْرُ) لِغَيْرِ سِقْطٍ (حَبْسٌ) عَلَى الدَّفْنِ فَقَطْ فَإِنْ نُقِلَ الْمَيِّتُ مِنْهُ أَوْ فَنَى فَلَا يَجُوزُ
لَا يُمْشَى عَلَيْهِ
وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ،
ــ
[منح الجليل]
التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ كَزَرْعٍ وَبِنَاءِ بَيْتٍ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْضِعُ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَبْسٌ قِيلَ لَهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِ السِّقْطِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى. ابْنُ سَحْنُونٍ الْقِيَامُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ (لَا يُمْشَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُكْرَهُ الْمَشْيُ (عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَظُنَّ بَقَاءُ شَيْءٍ مَحْسُوسٍ، مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ بِهِ، وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ بِنَعْلٍ، وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمَشْيِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَكَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَرُوِيَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَتَوَسَّدُهَا وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا.
(وَلَا يُنْبَشُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ (مَا دَامَ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ تَحَقُّقِ أَوْ ظَنِّ بَقَاءِ الْمَيِّتِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ الْمَحْسُوسَةِ (بِهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مَحْسُوسٌ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِلدَّفْنِ فِيهِ فَقَطْ، لَا لِزِرَاعَةٍ وَلَا بِنَاءِ دَارٍ، وَقَيَّدَ الْجُزْءَ بِالْمَحْسُوسِ احْتِرَازًا عَنْ عُجْبِ الذَّنَبِ فَدَوَامُهُ بِهِ لَا يَحْرُمُ نَبْشُهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَسُّ فِي الْمَدْخَلِ.
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِذَا فَنَى فَيُدْفَنُ فِيهِ غَيْرُهُ فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ لِجَمِيعِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ، وَلَا أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُكْشَفُ عَنْهُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ قَدْ غُصِبَ اهـ. الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْمَيِّتِ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ قَبْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَإِلْحَاقِ دَفْنٍ آخَرَ مَعَهُ بِأَبْوَابِ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِإِخْرَاجِهِ يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَبَسْطٍ طَوِيلٍ.
(إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَشِحَّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَشَدِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (رَبُّ) أَيْ مَالِكُ (كَفَنٍ غُصِبَهُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لِيَشْمَلَ
أَوْ قَبْرٍ بِمِلْكِهِ
أَوْ نَسِيَ مَعَهُ مَالٌ، وَإِنْ كَانَ بِمَا يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ بُقِّيَ وَعَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ
وَأَقَلُّهُ، مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ وَحَرَسَهُ وَبُقِرَ عَنْ مَالٍ كَثُرَ،
ــ
[منح الجليل]
غَصْبَ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ فَيُنْبَشُ إنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْكَفَنِ مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ (أَوْ) يَشِحُّ رَبُّ (قَبْرٍ) حُفِرَ (بِمِلْكِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَبَى مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَطَلَبَ نَبْشَهُ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ ابْنُ بَشِيرٍ مَوْضِعُ الْقَبْرِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ الدَّفْنِ فَلَا يَجُوزُ دَفْنُ غَيْرِ الْمَالِكِ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ فَإِنْ حَفَرَ قَبْرًا فَجَاءَ غَيْرُهُ فَدَفَنَ فِيهِ وَأَرَادَ الْمَالِكُ إخْرَاجَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَطُولَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ أَرْضِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فَفِي إخْرَاجِهِ الْمَالِكِ مُطْلَقًا أَنَّ إنْ كَانَ بِالْفَوْرِ نَقْلَا ابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ. الشَّيْخُ إنْ طَالَ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ أَرْضِهِ.
(أَوْ نَسِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ (مَالٌ) لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَلَّ أَوَّلُهُ وَشَحَّ الْوَارِثُ وَلَهُ بَالٌ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ، وَإِلَّا جُبِرَ غَيْرُ الْوَارِثِ عَلَى أَخْذِ عِوَضِهِ، وَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ. فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ نُسِيَ فِي الْقَبْرِ كِيسًا أَوْ ثَوْبًا نُبِشَ، وَإِنْ طَالَ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ. سَحْنُونٌ إنْ كَانَ مَا دُفِنَ مَعَ الْمَيِّتِ لِغَيْرِهِ وَشَحَّ صَاحِبُهُ أَخْرَجَ نَفِيسًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ فَلَا سَبِيلَ إلَى إخْرَاجِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْقَبْرُ الْمَحْفُورُ (بِمَا) أَيْ مَكَان (يُمْلَكُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (فِيهِ) صِلَةُ (الدَّفْنِ) كَأَرْضٍ مُحَبَّسَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ فَدُفِنَ فِيهِ مَيِّتٌ بِغَيْرِ إذْنِ حَافِرِهِ (بُقِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ. (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ وَرَثَةِ الْمَدْفُونِ فِيهِ (قِيمَتُهُ) أَيْ أُجْرَةُ الْحَفْرِ. الْمَوَّاقُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِلدَّفْنِ فَهُوَ حَبْسٌ فَإِنْ حَفَرَ فِيهِ وَجَاءَ غَيْرُهُ فَدَفَنَ فِيهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ وَيَبْقَى مَا الَّذِي يَجِبُ لِحَافِرِهِ، فَقِيلَ حَفْرُ قَبْرٍ ثَانٍ، وَقِيلَ قِيمَةُ الْحَفْرِ، وَقِيلَ أَقَلُّهُمَا، وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا لِظُلْمِهِ.
(وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ انْخِفَاضًا (مَا مَنَعَ) عَنْ النَّاسِ (رَائِحَتَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَحَرَسَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ مِنْ أَكْلِ سَبُعٍ (وَبُقِرَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ شُقَّ بَطْنُ الْمَيِّتِ. (عَنْ مَالٍ) ابْتَلَعَهُ فِي حَيَاتِهِ وَمَاتَ، وَهُوَ فِي بَطْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (كَثُرَ)
وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ
لَا عَنْ جَنِينٍ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ
ــ
[منح الجليل]
بِفَتْحٍ بِضَمٍّ أَيْ الْمَالُ بِأَنْ كَانَ نِصَابَ زَكَاةٍ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ يُشَقُّ فِيمَا لَهُ بَالٌ، وَقَالَ مَرَّةً لَا يُشَقُّ، وَإِنْ كَثُرَ. سَحْنُونٌ وَيُبْقَرُ عَلَى دَنَانِيرَ فِي بَطْنِ الْمَيِّتِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُؤْلِمُهُ مَا يُؤْلِمُ الْحَيَّ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ سَحْنُونٌ لَا يُبْقَرُ عَمَّا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كَوْنِهِ مَا دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ نِصَابِ الزَّكَاةِ خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُشَقُّ وَلَوْ كَانَتْ جَوْهَرَةً تُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ. فِي التَّوْضِيحِ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنَّ الْخِلَافَ إذَا ابْتَلَعَهُ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ كَحِفْظٍ أَوْ مُدَاوَاةٍ فَإِنْ كَانَ لِحِرْمَانِ وَارِثِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي وُجُوبِ بَقْرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَغَاصِبٍ شَبَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي قَدْرِهِ بَعْدَ كَثِيرٍ فَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الْإِحَالَةُ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَانِ.
بَلْ (وَلَوْ) ثَبَتَ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ مُقِيمِ شَاهِدٍ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُدْفَنْ أَنَّهُ بَلَعَ دَنَانِيرَ لَهُ بِأَنْ يَحْلِفَ لَيُبْقَرَ بَطْنُهُ قَائِلًا اُخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. عب فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَقْرِ كَذِبُهُ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ بَقْرِهِ وقَوْله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ التَّهْوِينِ عَلَى مَنْفُوذِ الْمُقَاتِلِ مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ قَتْلِهِ بِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى.
(لَا) تُبْقَرُ بَطْنُ مَيِّتَةٍ عَنْ (جَنِينٍ) حَيٍّ رُجِيَ لِإِخْرَاجِهِ؛ لِأَنَّ سَلَامَتَهُ مَشْكُوكَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهَا لَهُ وَالْمَالُ مُحَقَّقُ الْخُرُوجِ. فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تُبْقَرُ بَطْنُ الْمَيِّتَةِ إذَا كَانَ جَنِينُهَا يَضْطَرِبُ فِيهَا وَلَا تُدْفَنُ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ تَغَيَّرَتْ إنْ قُلْت هُوَ فِي بَطْنِهَا يَمُوتُ كَدَفْنِهِ سَوَاءٌ قُلْت مَوْتُهُ فِي بَطْنِهَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِنَا وَلَمَّا لَمْ يَرِدْ لَنَا إذْنٌ بِالشَّقِّ لَمْ يَسَعْنَا إلَّا عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهَا أَصْلًا حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا أَرَادَهُ، وَبَقَاءُ الْمَيِّتِ بِلَا دَفْنٍ أَخَفُّ مِنْ دَفْنِ الْحَيِّ فَارْتَكَبْنَا أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ.
(وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا، وَإِسْكَانِ التَّاءِ أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ الْبَقْرِ (عَلَى الْبَقْرِ) بِسُكُونِ الْقَافِ أَيْ شَقِّ بَطْنِهَا لِإِخْرَاجِ
إنْ رُجِيَ، وَإِنْ قُدِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ فُعِلَ،
وَالنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ، وَصُحِّحَ أَكْلُهُ أَيْضًا
ــ
[منح الجليل]
جَنِينِهَا، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ (إنْ رُجِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ خُرُوجُهُ حَيًّا، وَكَانَ فِي السَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ فَأَكْثَرَ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ كَمُلَتْ حَيَاتُهُ وَرُجِيَ خَلَاصُهُ بُقِرَ، قَالَ أَصْبَغُ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ.
وَقَدْ رَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ قَطْعَ الصَّلَاةِ لِخَوْفِ وُقُوعِ صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى فِي بِئْرٍ، وَقَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا فِيهِ إثْمٌ وَلَكِنْ أُبِيحَ لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ فَيُبَاحُ بَقْرُ الْمَيِّتَةِ لِإِحْيَاءِ وَلَدِهَا الَّذِي يَتَحَقَّقُ مَوْتُهُ لَوْ تُرِكَ وَاَلَّذِي يَقَعُ فِي بِئْرٍ قَدْ يَحْيَا لَوْ تُرِكَ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَالْبَقْرُ أَوْلَى مِنْ قَطْعِ الصَّلَاةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَيَّ لَوْ أَصَابَهُ أَمْرٌ فِي جَوْفِهِ يَتَحَقَّقُ أَنَّ حَيَاتَهُ بِاسْتِخْرَاجِهِ لِبَقْرٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَوْ أَسْقَطَتْهُ فِيهِ، وَهِيَ حَيَّةٌ لَا تَعِيشُ، فَلَا يُبْقَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي شَهْرٍ يَعِيشُ فِيهِ كَالسَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ أَوْ الْعَاشِرِ وَرُجِيَتْ حَيَاتُهُ مَتَى بُقِرَ عَلَيْهِ. فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُبْقَرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُبْقَرُ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَحْسَنُ، وَإِحْيَاءُ نَفْسٍ أَوْلَى مِنْ صِيَانَةِ مَيِّتٍ مِنْهُ. سَنَدٌ تُبْقَرُ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِجِهَةِ الْجَنِينِ. شَبّ هَذَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَمِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُمْنَى لِنَصِّ الْأَطِبَّاءِ أَنَّ الذَّكَرَ لِجِهَةِ الْيَمِينِ وَالْأُنْثَى لِجِهَةِ الْيَسَارِ قَالَهُ عِيَاضٌ.
(وَإِنْ قُدِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَى إخْرَاجِهِ) أَيْ الْجَنِينِ الْمَيِّتَةِ (مِنْ مَحَلِّ) خُرُوجِ (هـ) الْمُعْتَادِ أَيْ الْقُبُلِ بِحِيلَةٍ (فُعِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُخْرِجَ مِنْهُ بِهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطِ إنْ قُدِرَ أَنْ يُسْتَخْرَجَ الْوَلَدُ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ فِي الْحَيَاةِ فُعِلَ. اللَّخْمِيُّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إذْ لَا بُدَّ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ وَشَرْطُهَا الْحَيَاةُ إلَّا لِخَرْقِ الْعَادَةِ.
(وَالنَّصُّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْمَنْصُوصُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَافِرًا (لِمُضْطَرٍّ) لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ مُسْلِمًا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، إذْ لَا تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ آدَمِيٍّ لِآخَرَ. (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (أَكْلُهُ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ الْمُضْطَرُّ لَمْ يَجِدْ عَنْهُ، أَيْ
وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ
وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا قِبْلَتَنَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ
وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّنًا
ــ
[منح الجليل]
صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَ بِجَوَازِهِ ابْنُ الْقَصَّارِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ بَنِي آدَمَ لَيْسَ بِنَجِسٍ.
ثُمَّ قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَيْتَاتِ رِجْسًا وَالْمَيِّتُ مِنْ بَنِي آدَمَ لَا يُسَمَّى مَيْتَةً فَلَيْسَ بِرِجْسٍ وَلَا نَجَسٍ وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ لِنَجَاسَتِهِ إذْ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهُ إكْرَامًا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ مَيْتَةً لَمْ يَجُزْ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَهُ بِإِبَاحَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ابْنُ عَرَفَةَ تَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ الْمُضْطَرُّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا يَجِدُ إلَّا لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ خَافَ التَّلَفَ وَتَخْرِيجُهُ. ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْبَقْرِ يُرَدُّ بِقُوَّةِ حُرْمَةِ مَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ دُونَ مَرْجُوِّهَا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ دُونَهُ إجْمَاعًا. عب لَا يَأْكُلُ الشَّخْصُ بَعْضَ نَفْسِهِ.
(وَدُفِنَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَرْأَةٌ (مُشْرِكَةٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ كَافِرَةٍ بِإِشْرَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَمَلَتْ) فِي بَطْنِهَا جَنِينًا (مِنْ) رَجُلٍ (مُسْلِمٍ) بِشُبْهَةٍ مُطْلَقًا أَوْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَصِلَةُ دُفِنَتْ (بِمَقْبَرَتِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ حُرْمَةِ جَنِينِهَا حَتَّى يُولَدَ صَارِخًا. ابْنُ حَبِيبٍ؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْهَا حَتَّى يُزَايِلَهَا. وَقَالَ ابْنُ غَلَّابٍ تُدْفَنُ فِي طَرَفِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَغَلَّطَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ لِثَبْتِ النَّاقِلِ فَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ. وَنَقَلَ أَيْضًا دَفْنَهَا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الرِّوَايَةِ فِي نَصْرَانِيَّةٍ وَرَأَى الْمُصَنِّفُ أَنْ لَا فَرْقَ فَعَمَّمَ، وَتُتْرَكُ لِلْكُفَّارِ يَدْفِنُونَهَا كَيْفَ شَاءُوا.
فَقَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَقْبَلُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَيِّتِ الْكُفَّارِ (قِبْلَتَنَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَلَا قِبْلَتَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّا لَا نَرَى طَلَبَ اسْتِقْبَالِهَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ عَنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ.
(وَرُمِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَيِّتُ الْبَحْرِ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ السَّائِرَةِ فِيهِ وَصِلَةُ رُمِيَ (بِهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا (مُكَفَّنًا) بِضَمِّ أَوَّلِهَا وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهَا مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قَائِلًا مُلْقِيهِ " بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ
إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ،
وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ،
وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ،
وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إلَّا
ــ
[منح الجليل]
قَبُولٍ " وَلَا يُثَقَّلُ (إنْ لَمْ يُرْجَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ (الْبَرُّ) أَيْ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَبْلَ تَغَيُّرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ وَالْأَوْجَبُ تَأْخِيرُهُ لِدَفْنِهِ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَمِعُوا فِي الْبَرِّ مِنْ يَوْمِهِمْ وَشِبْهِهِ حَبَسُوهُ حَتَّى يَدْفِنُوهُ فِي الْبَرِّ، وَإِنْ أَيِسُوا مِنْ الْبَرِّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ غَسَّلُوهُ، وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ حِينَ يَمُوتُ وَيُلْقُونَهُ فِي الْبَحْرِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْحَرِفًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ تُثَقَّلُ رِجْلُهُ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ أَمْ لَا اهـ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ لَا يُثَقِّلُوا رِجْلَيْهِ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَحَقٌّ عَلَى وَاجِدِهِ بِالْبَرِّ دَفْنُهُ سَحْنُونٌ يُثَقَّلُ.
(وَلَا يُعَذَّبُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَيِّتُ (بِبُكَاءٍ) عَلَيْهِ حَرَامٌ (لَمْ يُوصِ بِهِ) فَإِنْ أَوْصَى بِهِ عُذِّبَ بِهِ كَتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِ مَعَ عِلْمِهِ امْتِثَالَهُمْ وَصِيَّتَهُ. فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» ، وَتَأَوَّلَهُ الْمَازِرِيُّ بِثَلَاثَةِ تَأْوِيلَاتٍ. أَوَّلُهَا: بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي يُعَذَّبُ عَلَى كُفْرِهِ، وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ. ثَانِيهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ فَيُعَذَّبُ إنْ نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ. ثَالِثُهَا: أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَعَذَّبُ بِسَمَاعِ بُكَاءِ أَهْلِهِ وَيَرِقُّ لَهُمْ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا بِهَذَا فِي حَدِيثٍ قَبْلَهُ، وَإِلَى هَذَا نَحَا الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ عج، وَكَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَبْكُونَ وَلَمْ يُوصِهِمْ بِتَرْكِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَهْيُهُمْ عَنْهُ إنْ عَلِمَ امْتِثَالَهُمْ أَمْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا.
(وَلَا يُتْرَكُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَيِّتٌ (مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَجْهِيزِهِ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَاسْتِقْبَالِهِ قِبْلَتَهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَأَمَّا مَسِيرُهُ مَعَهُ وَدُعَاؤُهُ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ فَيَتَوَلَّاهُ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَالْمُسْلِمُونَ.
(وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا) لَهُ مَثَلًا (كَافِرًا) أَيْ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ فَيَجُوزُ (وَلَا يُدْخِلُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ (قَبْرَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا)
أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ
وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحًا.
ــ
[منح الجليل]
أَنْ يَخَافَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ الْكَافِرِ (أَنْ يَضِيعَ) أَيْ يَجِيفَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَتَأْكُلَهُ الْكِلَابُ مَثَلًا (فَلْيُوَارِهِ) أَيْ يَدْفِنُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ أَوْ غَيْرَهُ الْكَافِرَ وُجُوبًا، وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا فَلَا يَقْصِدُ جِهَةً مَخْصُوصَةً.
(وَالصَّلَاةُ) عَلَى الْمَيِّتِ (أَحَبُّ) أَيْ أَفْضَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (مِنْ) صَلَاةِ (النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ) ، وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ، وَكَوْنُهَا أَحَبَّ مِنْهُ (إنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (كَجَارٍ) لِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ قَرِينَهُ وَصَدِيقَهُ. (أَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (صَالِحًا) تُرْجَى بَرَكَتُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْت مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيُّ شَيْءٍ أَعْجَبُ إلَيْك الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ شُهُودُ الْجَنَائِزِ، قَالَ بَلْ الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ أَعْجَبُ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ أَحَدٍ تُرْجَى بَرَكَةُ شُهُودِهِ لِزَيْدٍ بِهِ فِي فَضِيلَةٍ فَيَحْضُرُهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ. ابْنُ رُشْدٍ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، إلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّوَافِلِ وَالْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ شُهُودِ الْجِنَازَةِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، فَمَاتَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَقَامَ النَّاسُ لِجِنَازَتِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَشْهَدُ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ مِنْ بَيْتِ الصَّالِحِ، فَقَالَ لَأَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَشْهَدَ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ، وَخَرَجَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَاتَّبَعَهُ وَقَالَ شُهُودُ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ جُمْلَةً أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
وَتَفْصِيلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ عَيْنُ الْفِقْهِ إذْ إنَّمَا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ يُعْرَفُ بِالْخَيْرِ وَتُرْجَى بَرَكَةُ شُهُودِهِ، فَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ فَشُهُودُهُ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِمَا يَتَعَيَّنُ مِنْ حَقِّ الْجِوَارِ وَالْقَرَابَةِ، وَلِمَا فِي شُهُودِ الْجِنَازَةِ مِنْ الْفَضْلِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَفْضَلُ مَا يَعْمَلُ الْمَرْءُ فِي يَوْمِهِ شُهُودُ جِنَازَةٍ» . اهـ. وَفِي الْمَدْخَلِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الْجِنَازَةِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.