المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(17) وانظر عن جميع المسائل التي تناولناها في هذه المادة - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٠

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: (17) وانظر عن جميع المسائل التي تناولناها في هذه المادة

(17)

وانظر عن جميع المسائل التي تناولناها في هذه المادة Traite: HJ. Fleisch de PhiloloRie arabe، بيروت سنة 1961، الفصول 59 - 63، 65، 101، 102.

الأبيارى [فلايش H. Fleisch].

‌الجمعة

يوم الجمعة أي يوم الجماعة، وذلك أن المسلمين يجب عليهم أداء فريضة الجمعة، وهي صلاة الظهر في غير ذلك من الأيام. وتعرف الصلاة في هذا اليوم أيضًا بالجمعة، وقد حكم بها القرآن نفسه حكما صريحا في إحدى السور المدنية "يايها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"(سورة الجمعة الآية 9). وعلى هذا فتادية صلاة الجمعة فرض على جميع الذكور البالغين الأحرار المقيمين غير المسافرين. زد على ذلك أنه اليوم المقدس الأسبوعى عند المسلمين (1) ليس يوم راحة، وهو من ثم يختلف اختلافا جوهريا عن يوم السبت عند اليهود ويوم الأحد عند النصارى.

وصلاة الجمعة عبارة عن الصلاة المألوفة، وهي ركعتان وخطبة يلقيها الخطيب قبل الصلاة (2). على أن صلاة الجمعة لها ثوابها، وقد جرى المسلمون على إقامة صلاة أخرى من ركعتين قبل الخطبة أيضًا (3). ولا تصح في رأى الشافعي إلا إذا اجتمع لها ما لايقل عن أربعين مسلما يؤهلهم الشرع لعبادة الله. ويقول الشافعية ومعظم الفقهاء الآخرين إن إقامة صلاة الجمعة في أكثر من مسجد واحد في مكان واحد باطلة شرعا، اللهم إلا عند الضرورة كتعذر اجتماع السكان كلهم في مسجد واحد.

(1) لم يسم المسلمون يوم الجمعة "يوما مقدسا" بل هو يوم كسائر الأيام، أمروا فيه بصلاة الجمعة بصفة معينة في وقت الظهر. وأرادوا أن يسعوا إلى الصلاة ويدعوا شؤون الدنيا من بيع وغيره. حتى يهرعوا للصلاة ويفرغوا منها.

(2)

ليست خطبة واحدة، بل خطبتان كما سيأتي.

(3)

صلاة الجمعة ركعتان فقط. وقد حضت الشريعة على التطوع بالصلاة يعني أن يصلى الإنسان ما يستطيع وما شاء من النوافل. فمن جاء إلى المسجد قبل الصلاة صلى ركعتين نافلتين سنهما رسول الله تحية للمسجد. ويصليهعا وحده، وهي سنة عامة في كل وقت ليست خاصة بصلاة الجمعة. ثم هو مخير بعد ذلك) أن يسكت أو يصلى من النوافل ما يشاء إلى أن يصعد الخطيب المنبر.

أحمد محمد شاكر

ص: 3199

على أن الحنفية والمالكية لا يتمسكون بهذا العدد، ولكنهم يقولون إن صلاة الجمعة إنما تقام في بلدة على شيء من اتساع الرقعة، أو بين جماعة ليست قليلة العدد.

ويصح أن نذهب إلى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نفسه جرى على إقامة صلاة عامة وإلقاء خطبة على طريقة اليهود في فناء داره بالمدينة (1) في أيام الجمعة، ولعله قد جرى على إقامة الصلاة تتبعها الخطبة كما كانت عليه الحال لدى الجماعات المماثلة في الأزمنة السابقة له، إذ كانت الصلاة العامة تسبق أداء الأعمال الأخرى (2). وبعد وفاة النبي [صلى الله عليه وسلم] درج الأمويون وعمالهم عند صلاة الجمعة في معسكرات المسلمين الكبرى على الظهور أمام الملأ- وعليهم الشارات التي تدل على مراتبهم- لإمامة المصلين. وقد كان من مألوف قبائل ذلك العهد القائمة برأسها أن تجتمع في مسجد خاص بها أقيم في مضرب، ولكن الأمويين عملوا على لم شملهم في مسجد واحد. ولعل النهي عن صلاة الجمعة خارج المدينة وإقامتها في أكثر من مسجد يرجع إلى ذلك العهد (3).

وازداد تأثر خطب الجمعة في العهد الأموى المتأخر بالطقوس النصرانية. فأذان الجمعة الذي يلقى في المسجد

(1) لماذ يأخذ هذا عن اليهود؟ كل ما جاء في الشريعة الإسلامية ينظر إليه أمثال هذا الكاتب نظرة عجيبة، إن وافق شيئًا مما يعمل في الأديان الأخرى كان في نظرهم مأخوذا عنها، وكان محل نقد لذلك! ! وإن لم يوافق شيئًا مما يعمل في الأديان الأخرى كان شاذا، وكان محل نقد لذلك! فمتى ينظرون إلى الإسلام نظرهم إلي دين خاص مستقل بنفسه؟ ! ثم إن النبي لم يكن لداره فناه. بل كانت بيوته حول المسجد، وكان يصلى في المسجد الجمعة والصلوات كلها، فتعبير الكاتب غير دقيق. بل غير مطابق للواقع.

(2)

هذا شيء غير صحيح، ولا أصل له في الشريعة ولا في كتب السنة ولا في غيرها. بل المعروف المتواتر نقلا في الأحاديث والمتواتر عملا بين المسلمين من أول الإسلام إلي الآن أن صلاة الجمعة تبدأ بخطبتين يجلس بينهما الخطيب جلسة خفيفة، ثم يصلى ركعتين ثم ينصرف الناس. فلم نعرف قط أن النبي بدأ بصلاة الجمعة قبل الخطبة، ولم نسمع به قط قبل أن نقرأه في كلام هذا الكاتب، وهو يرمى بالظن من غير دليل ولا شبه دليل.

(3)

هذا غير صحيح أيضًا. بل كانت مساجد القبائل للصلوات اليومية، والمسجد الجامع، أي المسجد الأكبر في البلدة هو الذي يجمع الناس كلهم في صلاة الجمعة. حتى إذا اتسعت المدن وتفرقت القلوب تعددت الجمعات في المساجد، تبعا لذلك.

أحمد محمد شاكر

ص: 3200

قبل الصلاة بعد أن يجتمع فيه المصلون، والأسلوب الفريد الذي اتخذته الخطبة من حيث انقسامها قسمين قبل صلاة الجمعة، يبدو أنه قد تأثر (بالقداس) عند النصارى (1) وقد حل الخطيب المأجور على التدريج محل الخليفة أو من يمثلونه في إمامة الصلاة (2).

المصادر:

انظر إلى جانب أبواب الصلاة في كتب الفقه:

(1)

الدمشقي: رحمه الأمة في اختلاف الأئمة: بولاق سنة 1300، ص 29 وما بعدها.

(2)

Zur Geschichte des is-: Becker (1911، 1912 lamischen Kultus، (Der Islam ص 374 وما بعدها.

(3)

الكاتب نفسه: Die Kenzel im - Kultus des alten Islam (Noeldeke Festschrift) .

(1) هذا إدعاء كسابقه من غير دليل، فإن صلاة الجمعة على الصفة المعروفة التي وصفنا؛ ثابتة عند المسلمين بالأحاديث الصحيحة المتواترة المؤيدة بالعمل من عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى الآن، وهي الشيء المعلوم من الدين بالضرورة، فادعاء الكاتب أن خطب الجمعة تأثرت في العهد الأموى بالطقوس النصرانية وبالقداس عند النصارى، إدعاء غير صحيح، ولا أصل له، ولسنا نحب أن نصفه بأكثر من هذا.

(2)

هذا صحيح. وهو مما يأسف له المسلمون كل الأسف، وهو من أعظم أسباب ضعف المسلمين من عصور مديدة، فإن الأصل في خطبة الجمعة أن يخطبها الإمام الأعظم، وهو الخليفة، بنفسه في المصر الأكبر (العاصمة) ويخطبها نوابه الحكام في الأمصار والعواصم وكبار القرى، يجتمع الناس لها في البلد الواحد في مكان واحد، لا يتخلف منهم إلا مريض أو معذور أو متهم في دينه خارج عن قومه، في كل أسبوع مرة. فيخطبهم الإمام الأكبر، ويخطب نوابه في الأمصار والقرى، يعظون الناس ويجمعون قلوبهم على الإيمان والتقوى ومكارم الأخلاق، ويتحدثون إليهم فيما ينوبهم من الأحداث السياسية أو الاجتماعية أو الخلقية أو نحو ذلك. ومن ذلك روح الأمة واتجاهاتها، ويرشدونهم إلى طرق الهدى = = وسديد الرأى، مع المساواة التامة بين الصغير والكبير، والغنى والفقير، فتشعر الأمة بوحدتها وقوتها. حتى إذا ما ولى أمر المسلمين مستبدون أنابوا غيرهم في الخطبة والصلاة، ووضعوا نظام الطبقات الذي جاء الإسلام بهدمه، وولوا ولاة جهالا بدينهم. ولا صلاح للمسلمين إلا أن تعود هذه الفريضة، فيكون أمراؤهم وحكامهم علماء بدينهم، كما يقومون بإقامة ميزان العدل، ويشعر الضعيف قبل الثوى أن حاكمه مثله، لاسلطان عليه إلا في حدود الشرع والعدل. وتكون الأمة كلها واحدة متحدة. أمة أعزة ليس من بينها ذليل. وفي ذلك الفلاح والظفر، إن شاء الله.

أحمد محمد شاكر

ص: 3201