الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - علاج السحر والمس
- السحر: هو كل ما خفي ولطف سببه.
وهو عبارة عن رقى وعقد، وعزائم وأدوية، تؤثر في القلوب والأبدان.
- كيفية حصول السحر:
يستعمل الدجالون والمشعوذون تلك الرقى والعزائم، ويستعينون بالشياطين للإضرار بالناس، ولا يمكن للساحر أن يتعاطى السحر، وأن يؤثر في الناس ويضربهم إلا إذا تعامل مع الشياطين، وأشرك بالله عز وجل.
فإذا أشرك بالله وكفر به، وأرضى الشياطين بمعصية الله، فإن الشياطين تتعاون معه للإضرار ببني آدم، مقابل كفره بالله عز وجل.
- حكم السحر:
السحر شر محض، وظلم وبغي وعدوان، واعتداء على حقوق العبد إما في بدنه، أو ماله، أو عقله، أو علاقته مع غيره.
وتعلمه وتعليمه وفعله كفر، ولا يجوز الاستعانة بالسحرة لقضاء الحوائج، ومعرفة الغائبين، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل.
والساحر كافر، ولكنه لا يضر أحداً إلا بإذن الله.
1 -
قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ
بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)} [البقرة:102].
2 -
وقال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27)} [الجن:26 - 27].
- أقسام السحر:
السحر ينقسم إلى قسمين:
الأول: سحر حقيقي يؤثر في القلوب والأبدان، وهو ناتج عن أفعال يفعلها السحرة بالناس.
فهو يمرض، أو يقتل، أو يفرق بين المتحابين، أو يجمع بين المتباغضين، وهو ما يسمى بالصرف والعطف.
فهذا سحر حقيقي مشاهد، لكنه لا يكون ولا يضر أحداً إلا بإذن الله.
الثاني: سحر تخييلي، وهو ما يسمى عند الناس بالقُمْرة، وهو نتيجة الشعوذة.
حيث يعمل الساحر أشياء وإشارات يخيل للناس أنها حقيقة، تحصل بسبب تعاون الساحر مع الشياطين، وليست حقيقة، كأن يبتلع الساحر الجمر ولا يؤثر فيه، أو يطعن نفسه بالسكين ولا تؤثر فيه، أو يمشي في النار ولا يجد حرها.
وكأن يعطيك ورقاً ويخيل إليك أنها نقود، فإذا ذهب عادت إلى طبيعتها ورقاً.
ومنه السِّيْرك، وأهل السِّيْرك سحرة دجالون كمن يمشي على حبل، أو يرمي
خرقة يخيل للناس أنها حمامة ونحو ذلك.
فهذا كله سحر تخييلي باطل كما حكى الله عن سحرة فرعون حيث: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)} [طه:65 - 66].
- عقوبة الساحر:
السحر كفر، والساحر كافر؛ لأنه لا يمكن إلا عن طريق الشياطين، وعن طريق الشرك بالله جل جلاله.
فإذا ثبت على أحد أنه ساحر، إما بإقرار، أو بشهادة عدلين عليه، وجب قتله، لقطع دابره، وإراحة المسلمين من شره.
عَنْ بَجَالَةَ قالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بسَنَةٍ: اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوسِ وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ، فَقَتَلْنَا فِي يَوْمٍ ثلَاثةَ سَوَاحِرَ. أخرجه أحمد وأبو داود (1).
- حكم حل السحر:
السحر من الكبائر، ومن أعظم المحرمات، فلا يجوز التداوي به، ولا حل السحر به، وهو ما يسمى بالنشرة.
وإنما يُحَلّ السحر بالأدوية المباحة، والآيات القرآنية، والأدعية النبوية، وطلب الشفاء من الله الذي لا شافي إلا هو كما قال سبحانه:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107)} [يونس:107].
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (1657) ، وأخرجه أبو داود برقم (3043) ، وهذا لفظه.
- حكم تحضير الأرواح:
تحضير الأرواح نوع من أنواع السحر، وتحضير الأرواح تلبيس باطل، فليست الأشياء التي تتكلم هي الأرواح، وإنما هي الشياطين تدعي أنها هي الأرواح، وأرواح الموتى لا يمكن تحضيرها؛ لأنها في قبضة الله، لكن قد يأتي الشيطان بصورة الميت.
- حكم استخدام الإنس للجن:
الجن أحياء عقلاء .. مأمورون منهيون .. لهم طاعات ومعاص .. ولهم ثواب وعقاب .. لكننا لا نراهم في صورتهم.
واستخدام الإنس للجن له أربع حالات:
أحدها: أن يستخدم الجني في طاعة الله ورسوله.
فمن كان من الإنس يأمر الإنس ويأمر الجن بما أمر الله ورسوله به من الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا من أفضل أولياء الله، وقد حضر الجن لسماع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} [الأحقاف:29].
الثانية: أن يستخدم الجن في أمور مباحة شرعاً، فهذا يُمنع منه؛ لعدم وروده في الشرع.
الثالثة: أن يستخدم الجن فيما يظن أنه من الكرامات، فهذا مغرور قد مكروا به.
الرابعة: أن يستخدم الجن فيما نهى الله ورسوله عنه، إما في الشرك، وإما في قتل معصوم الدم، أو في عدوان كنهب أموال الناس، وإيذاء المسلمين بمرض أو
فاحشة ونحو ذلك، فهذا كله محرم؛ لما فيه من الظلم والإثم والعدوان.
- المس: هو صرع الجن للإنس.
- أسباب المس:
المس يقع بشكل مباشر من الجن، وأسبابه ثلاثة:
أحدها: أن يقع المس عن شهوة وهوى وعشق كما يقع للإنس.
الثاني: أن يقع عن بغض ومجازاة لمن ظلمهم أو آذاهم من الإنس، إما بقتل بعضهم، أو صب ماء حار عليهم، أو البول على بعضهم ونحو ذلك.
الثالث: أن يقع عن عبث وشر من الجن كما يفعله سفهاء الناس بالناس.
- الصرع: غشية وإغماء يعتري بعض الناس أحياناً.
- أسباب الصرع:
أسباب الصرع كثيرة، فهو يحصل إما بسبب صداع في الرأس .. أو وهن في البدن .. أو إرهاق وتعب ونحو ذلك.
وقد يكون سببه تلبس الجني بالإنسي، وغلبة الجني على روح الإنسي، فيصرع الإنسي، ويغلب على عقله، ويتكلم بما لا يقصده، وينطق الجني على لسانه.
- علاج السحر والمس:
السحر والمس له حالتان:
الأولى: أن يعرف الإنسان موضع السحر، فيُستخرج ويُتلف بحرق ونحوه، فيبطل السحر بإذن الله، وهذا أبلغ ما يعالج به المسحور.
ويمكن معرفة مكان السحر بما يلي:
إما بالرؤيا في المنام .. أو يوفقه الله لرؤيته أثناء البحث عن السحر .. أو يعرفه إذا قرأ على المسحور فينطق الجني، ويخبر بمكان السحر ونحو ذلك.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلا يَأْتِيهِنَّ، (قال سُفْيَانُ: وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ، إِذَا كَانَ كَذَا) فَقال:«يَا عَائِشَةُ، أَعَلِمْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقال الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قال: مَطْبُوبٌ، قال: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قال: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ -رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ كَانَ مُنَافِقاً- قال: وَفِيمَ؟ قال: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، قال: وَأَيْنَ؟ قال: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ» . قَالَتْ: فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ. متفق عليه (1).
الثانية: أن لا يعرف موضع السحر فيعالج حينئذ بأمرين:
1 -
الرقية الشرعية: وهي ما اجتمع فيها ثلاثة شروط:
1 -
أن تكون بكلام الله تعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أو بهما معاً، فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية.
2 -
أن تكون باللسان العربي، أو بما يُعرف معناه من غيره.
3 -
أن يعتقد أن الشافي هو الله وحده، والرقية لا تؤثر بذاتها، بل بقدرة الله تعالى.
2 -
تناول الدواء المباح شرعاً مما جعله الله سبباً للشفاء والعافية كالعسل، والعجوة، والحبة السوداء، والحجامة ونحوها.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5765) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2189).
1 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ» . أخرجه البخاري (1).
2 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَصَبّحَ بِسَبْعِ تَمرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ سُمّ وَلَا سِحْرٌ» . متفق عليه (2).
وفي لفظ: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمرَاتٍ مِمّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ، لَمْ يَضُرّهُ سُمّ حَتّىَ يُمْسِيَ» . أخرجه مسلم (3).
3 -
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنّ فِي الحَبّةِ السّوْدَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلّ دَاءٍ، إِلاّ السّامَ» . متفق عليه (4).
4 -
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ» . أخرجه أبو داود (5).
- صفة الرقية الشرعية:
الأفضل للمسلم أن يكون على طهارة دائماً، فيتوضأ الراقي، ثم يبدأ بالقراءة على صدر المريض أو رأسه أو في أي عضو من أعضائه، يرتل الآيات، وينفث على المريض بما تيسر من القرآن ومن ذلك:
سورة الفاتحة .. وآية الكرسي .. وخواتيم سورة البقرة .. وسورة الكافرون ..
(1) أخرجه البخاري برقم (5681).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5769) ، ومسلم برقم (2047) ، واللفظ له.
(3)
أخرجه مسلم برقم (2047).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5688) ، ومسلم برقم (2215) ، واللفظ له.
(5)
حسن/ أخرجه أبو داود برقم (3861) ، انظر صحيح الجامع رقم (5968).
وسورة الإخلاص .. والمعوذتان .. وآيات السحر والجان ومنها:
- {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون:115 - 116].
- ثم يدعو بالأدعية النبوية الصحيحة كما سيأتي في رقية العين إن شاء الله تعالى.