الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 -
وأول خطبة خطبها بالمدينة لأصحابه في الجمعة قال فيها:
الحمد لله، أحمده وأستعينه
وأستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفر به، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى، ودين الحق والنور، والموعظة والحكمة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى وفرَّط وضلَّ ضلالًا بعيدًا.
أوصيكم بتقوى الله فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة، ويأمره بتقوى الله. واحذروا ما حذركم الله من نفسه، فإن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه عون وصدق على ما تبتغون من الآخرة، ومن يصل الذي بينه وبين الله من أمره في السر والعلانية لا ينوي به إلا وجه الله يكن له ذكرًا في عاجل أمره، وذخرًا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم. وما كان مما (1) سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمدًا بعيدًا، ويحذركم الله نفسه، والله رؤف بالعباد، هو الذي صدق قوله، وأنجز وعده، لا خلف لذلك فإنه يقول {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (2)، فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السر والعلانية، فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاته
(1) ليست في أ، وفي ع: فما!.
(2)
من سورة ق، الآية:29.
ويعظم له أجرًا، ومن يتق الله فقد فاز فوزًا عظيمًا، وإن تقوى الله تَوَقِّي (1) مقته، وتَوَقِّي عقوبته وسخطه، وإن تقوى الله تبيض الوجه، وترضي الرب، وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علمكم كتابه، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا، ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأكثروا ذكر الله، واعملوا لما بعد الموت، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس، وذلك بأن الله يقضي على الناس، ولا يقضون عليه، ويملك من الناس، ولا يملكون منه، الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كذا ذكر القرطبي هذه الخطبة في (تفسيره)(2)، وكذا جماعة غيره.
14 -
وعن [أبي سلمة بن](3) عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه أَن من خطبه عليه السلام:
(1) هكذا ضبط هذه الكلمة والتي بعدها ناسخا نسختي السليمانية، وعليه تكون الجملة بيانًا للمراد من التقوى، وضبط ناشر تفسير القرطبي كلمتي (مقته) و (عقوبته) بالنصب فيكون الفعل: تُوقي، ويكون المراد بيان جزاء التقوى. وكلاهما محتمل.
(2)
في تفسير سورة الجمعة 18/ 98 - 99 ناقلًا لها عن أهل السير والتواريخ.
قلت: ولعله يقصد الطبري منهم فقد قال في تاريخه 2/ 394: (حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنه بلغه عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عوف) وذكر هذه الخطبة، وقال ابن كثير في البداية والنهاية 3/ 244:(هكذا أوردها ابن جرير، وفي السند إرسال).
(3)
ليست في النسخ، والصواب إثباتها كما في كنز العمال 16/ 125، والزهد لهناد 1/ 279، ودلائل النبوة للبيهقي 2/ 524 - 525، وانظر (الدر المنثور 3/ 408).