المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أما بعد: فإن الدنيا قد أدبرت - موعظة الحبيب وتحفة الخطيب

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌أضواء أثر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المقدمة

- ‌ترجمة المؤلف باختصار

- ‌هذه الرسالة

- ‌1 - موضوعها:

- ‌2 - نسخها:

- ‌3 - عنوانها:

- ‌4 - تاريخ التأليف:

- ‌5 - مصادرها:

- ‌6 - منهج التحقيق:

- ‌الكتب المؤلفة في الخطب النبوية

- ‌ الحمد لله، أحمده وأستعينه

- ‌إن الحمد لله نحمده

- ‌إن الحمد لله، ما شاء جعل بين يديه

- ‌ يا معشر من آمن بلسانه

- ‌يا أيها الناس كأن الموت على غيرنا كتب

- ‌من كانت الآخرة همه

- ‌يا أيها الناس إنكم في دار هدنة

- ‌أيها الناس، قد بيَّن الله لكم

- ‌ أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة

- ‌ من أوتي ثلاثًا

- ‌ نضر الله عبدًا سمع مقالتي

- ‌ يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد

- ‌إن الله لا ينظر إلى أنسابكم

- ‌تعوذوا بالله من خشوع النفاق

- ‌أوصيكم بالله لفقركم وفاقتكم أن تتقوه

- ‌ بدء خلق الإنسان

- ‌أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم

- ‌أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله عز وجل

- ‌يا معشر الناس استحيوا من الله

- ‌والذي نفسي بيده لئن اتقيتم

- ‌الحمد لله رب العالمين

- ‌إن أكيس الكيس التقوى

- ‌وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا

- ‌ الحمد لله الذي هدى فكفى

- ‌أيها الناس احذروا الدنيا

- ‌من لا يرحم لا يرحم

- ‌تعلموا القرآن تعرفوا به

- ‌إن رسول الله قام فينا خطيبًا

- ‌أكثروا ذكر النار

- ‌هَوِّنْ عليك

- ‌أوصيكم بتقوى الله

- ‌أفلح منكم مَنْ حفظ عن الهوى

- ‌حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا

- ‌يا أيها الناس إنه من يتق الشر يوقه

- ‌يا أيها الناس ألا إنما كنا نعرفكم

- ‌أما بعد فأنا أوصيكم بتقوى الله

- ‌اقرءوا القرآن تعرفوا به

- ‌إن هذين يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما

- ‌يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج بالناس

- ‌إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة

- ‌أيها الناس اتقوا الله

- ‌إن أحق ما ابتدأ به المبتدئون

- ‌إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين

- ‌كنت إن لم أسأل النبي صلى الله عليه وسلم ابتدأني

- ‌أيها الناس إنه مَنْ يتفقر افتقر

- ‌عباد الله لا تغرنكم الحياةُ الدنيا

- ‌أما بعد: فإن الدنيا قد أدبرتْ

- ‌ملحق (خطب الرسول)

- ‌المصادر المراجع

الفصل: ‌أما بعد: فإن الدنيا قد أدبرت

جعلنا الله وإياكم عاملين بكتابه، متبعين لأوليائه، حتى يحلنا وإياكم دار المقامة من فضله، إنه حميد مجيد. رواه الدينوري، وابن عساكر (1).

61 -

وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

‌أما بعد: فإن الدنيا قد أدبرتْ

وآذنتْ بوداع، وإن الآخرة قد أقبلتْ وأشرفْت باطّلاع، وإن المضمار (2) اليوم، وغدًا السباق، ألا وإنكم في أيام أمل من ورائه (3) أجل، فمن قصَّر في أيام أمله، قبل حضور أجله، فقد خيب عمله، ألا فاعملوا لله (4) في الرغبة كما تعملون له في الرهبة.

ألا وإني لم أر (5) كالجنة نام (6) طالبها، ولم أر كالنار نام هاربها.

ألا وإنه مَنْ لم ينفعه الحق ضره الباطل، ومَنْ لم يستقم به الهدى حار (7) به الضلال.

(1) انظر: المجالسة 5/ 281 - 283، وتاريخ دمشق 42/ 500 - 501، وهو يروي من طريق الدينوري، والخطبة في الكنز 16/ 200 - 202، وجزء منها في نهج البلاغة 2/ 219 - 220. وقال محقق المجالسة عن إسناد الدينوري:(ضعيف جدًّا، ومنقطع).

(2)

في س وح: الضمار.

(3)

في س وح: وراء.

(4)

في س وح: فيه لله. ولم أر (فيه) في المجالسة وتاريخ دمشق والكنز، فحذفتها.

(5)

في ح: أدر!.

(6)

في س وح: نائم. في الموضعين.

(7)

هكذا في س وح وتاريخ دمشق. ولكن في المجالسة والكنز: جار. وفي نهج البلاغة 1/ 72: يجر به الضلال إلى الردى.

ص: 95

ألا وإنكم قد أُمرتم بالظعن، ودُللتم على الزاد (1).

ألا أيها الناس إنما الدنيا عرضٌ حاضر، يأكل منها البر والفاجر، وإن الآخرة وعدٌ صادق، يحكم فيها الملك القادر.

ألا إن {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (2).

أيها الناس أحسنوا في عمركم تحفظوا في عقبكم، فإن الله تبارك وتعالى وعد جنته مَنْ أطاعه، وأوعد ناره مَنْ عصاه، إنها نار لا يهدأ زفيرها، ولا يفك أسيرها، ولا يجبر كسيرها، حرها شديد، وقعرها بعيد، وماؤها صديد، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل. رواه الدينوري وابن عساكر (3).

62 -

وعن العلاء بن زياد الأعرابي قال سمعت أبي يقول:

صَعِدَ أم ري المؤمنين علي بن أبي طالب منبر الكوفة، بعد الفتنة وفراغه من النهروان، فحمد الله، وخنقنه العبرة فبكى حتى أخضلت لحيته بدموعه،

(1) في س وح: الرد!

(2)

من سورة البقرة، الآية:268.

(3)

انظر: المجالسة 4/ 116 - 121، وتاريخ دمشق 42/ 497، وكنز العمال 16/ 202 - 204 وقد حكم محقق المجالسة على سند الدنيوري بقوله:(ضعيف، لانقطاعه بين أوفى بن دلهم وعلي) ثم نقل عن ابن كثير قوله في البداية والنهاية 8/ 7: (هذه الخطبة بليغة نافعة جامعة للخير، ناهية عن الشر، وقد روي لها شواهد من وجوه أخر متصلة، ولله الحمد والمنة). وقد أوردها كثيرون. ذَكَرَهم المحقق فانظر ما كتبه -إن شئت-.

ص: 96

وجرت، ثم نفض لحيته فوقع رشاشها على ناموس الناس (1)، فكنا نقول: إن من أصابه من دموعه فقد حرَّمه الله على النار (2).

ثم قال: يا أيها الناس لا تكونوا ممن يرجو الآخرة بغير العمل (3)، ويؤخر التوبة لطول الأمل، يقولُ في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر ولا يأتي، وينهى ولا ينتهي، يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض الظالمين وهو منهم، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، إن استغنى فتن، وإن مرض حزن، وإن افتقر قنط ووهن، فهو بين الذنب والنعمة يرتع، يُعافى فلا يشكر، ويبتلى فلا يصبر، كأن المحذَّر من الموت سواه، وكأن مَنْ وعد وزجر ما عداه.

يا أغراض (4) المنايا، يا رهائن الموت، يا وعاء الأسقام، ويا نهبة الأيام، ويا نقل (5) الدهر، ويا فاكهة الزمان، ويا نور الحدثان (6)، ويا خرس (7) عند الحجج، ويا من غمرته الفتن، وحيل بينه وبين معرفة الخبر (8)، بحقٍّ أقول: ما

(1) هكذا في س وح. والذي في الكنز: ناس من أناس. وإذا صح ما في س وح فلعل المراد: على لباسهم، ففي جمهرة اللغة 2/ 861:(كل شيء سترت فيه شيئًا فهو ناموس له)!.

(2)

كذا.

(3)

في الكنز: عمل.

(4)

في س وح: يا عراض. وأثبت ما في الكنز، والأغراض جمع غرض وهو هدف يرمى فيه. القاموس ص 836.

(5)

في الكنز: ثقل!.

(6)

ينظر في معنى هذه الجملة وما قبلها.

(7)

في س وح: خرسى. وأثبت ما في الكنز.

(8)

في الكنز: العبر.

ص: 97

نجا من نجا إلا بمعرفة نفسه، وما هلك من هلك إلا من تحت يده، قال الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (1) جعلنا الله وإياكم ممن سمع الوعظ فقبل، ودعي إلى العمل فعمل. رواه ابن النجار (2).

63 -

وعن يحيى بن يعمر (3) أن عليًّا بن أبي طالب خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

أيها (4) الناس إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار، أنزل الله بهم العقوبات، ألا فمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم الذي نزل بهم، واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقًا، ولا يقرب أجلًا، إن الأمر ينزل من السماء (5) كقطر المطر إلى كل نفس بما قدر [الله](6) لها من زيادة أو نقصان، في أهل أو مال أو نفس، فإذا أصاب أحدكم النقصانُ في أهلٍ أو مالٍ أو نفسٍ ورأى لغيره غفيرة (7) فلا يكونن ذلك له فتنة [فإن المرء المسلم -ما لم يغش دناءةً يظهر

(1) من سورة التحريم، الآية:6.

(2)

من الكنز 16/ 205 - 206. وقسم من هذه الخطبة في نهج البلاغة 4/ 38 - 39.

(3)

في س وح: معمر. والتصحيح من تاريخ دمشق والكنز.

(4)

في الكنز: يا أيها.

(5)

في الكنز: إلى الأرض.

(6)

لفظ الجلالة من التاريخ والكنز.

(7)

في س وح: غيره، وفي تاريخ دمشق:(أو نفس في الآخرة عقوبة)!، وفي الكنز: وغيره.

وكل هذا تحريف. والصواب: غفيرة. جاء في لسان العرب 5/ 28: (في حديث علي رضي الله عنه: إذا رأى أحدكم لأخيه غفيرة في أهل أو مال فلا يكونن له فتنة. الغفيرة: الكثرة والزيادة، من قولهم للجمع الكثير: الجم الغفير).

ص: 98

تخشعًا لها إذا ذكرت، ويغرى بها لئام الناس- كالياسر الفالج الذي ينتظر أول فوزة من قداحه توجب له المغنم وتدفع عنه المغرم] (1) وكذلك (2) المرء المسلم البريء من الخيانة [إنما ينتظر إحدى الحسنيين إذا ما دعا الله، فما عند الله هو خير له، وإما أن يرزقه الله مالًا فإذا هو ذو أهل ومال، الحرث حرثان:](3) المال والبنون حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد يجمعها الله لأقوام. رواه ابن أبي الدنيا، وابن عساكر (4).

(1) سقط هذا من س وح، واستدركته من تاريخ دمشق وكنز العمال، وصححت ما فيه من خطأ.

والياسر: المقامر، والفالج: الفائز و (يريد أن المسلم إذا لم يأت فعلًا دنيئًا يخجل لظهوره وذكره، ويبعث لئام الناس على التكلم به، فقد فاز بشرف الدنيا وسعادة الآخرة، فهو شبيه بالمقامر الفائز في لعبه، لا ينتظر إلا فوزًا. أي أن المسلم إذا برئ من الدناآت لا ينتظر إلا إحدى الحسنيين، إما نعيم الآخرة أو نعيم الدارين، فجدير به أن لا يأسف على فوت حظ من الدنيا، فإنه إن فاته ذلك لم يفته نصيبه من الآخرة، وهو يعلم أن الأرزاق بتقدير رزاقها، فهو أرفع من أن يحسد أحدًا على رزق ساقه الله عليه) من شرح الشيخ محمد عبده على نهج البلاغة 1/ 60 - 61.

(2)

في س وح: فذلك. وفي الكنز: فكذلك. وأثبت ما في تاريخ دمشق ونهج البلاغة.

(3)

ساقط من س وح، استدركته من تاريخ دمشق والكنز. وانظر نهج البلاغة 1/ 61.

(4)

انظر تاريخ دمشق 42/ 501 - 503 وهو يرويها بإسنادين، أحدهما من طريق ابن أبي الدنيا، وكنز العمال 16/ 206 - 207، وقد جاء فيهما في نهاية الخطبة: قال سفيان بن عيينة -وقد ذكر في إسناد ابن أبي الدنيا-: (ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام إلا علي؟).

ص: 99

64 -

وقد ثبت أن عمر بن عبد العزيز لما تولى الخلافة وخطب الخطبة ختمها بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (1).

قال مؤلفه: فهذا ما حضرني من خطب النبي عليه السلام، وأصحابه الكرام، وأتباعه العظام، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. آمين.

ثم قال مؤلفه بعد ذلك ما نصه: حرره مؤلفه -رُحِمَ وسلفه- يوم الخميس عشري شوال -ختم بالخير والإقبال- من شهور عام حادي عشر بعد الألف من الهجرة النبوية من مكة الأمينة إلى المدينة المسكينة (2). انتهى (3).

(1) من سورة النحل، الآية:90.

وقد أورد هذا الخبر كثيرون، من أقدمهم -فيما وقفت عليه- الزمخشري في الكشاف 2/ 629 وانظر للاستزادة تقديمي لـ (قلائد العقيان في قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان) ص 53 - 54.

(2)

في الأصل: السكينة! ومن أسماء مدينة النبي صلى الله عليه وسلم المسكينة كما في القاموس ص 1556، ولسان العرب 13/ 218 وفيه:"قال ابن سيده: لا أدري لم سميت بذلك إلا أن يكون لفقدها النبي صلى الله عليه وسلم".

(3)

وجاء في ح: قد وقع الفراغ من رقم هذه النسخة الشريفة على يد الضعيف المذنب إلى ربه القوي السيد أحمد بن السيد عبد الرحمن المرعشي، غفر الله له ولوالده [كذا] وأحسن إليهما وإليه في إسلامبول في وقت العشاء في مدرسة السلطان محمد خان في ليلة الجمعة في شهر شوال سنة ثمانين ومئة وألف.

ص: 100