الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفاحشة في خياركم، والملك في صغاركم، فعند ذلك تقوم الساعة.
رواه البيهقي (1).
60 -
وعن عبد الله بن صالح العجلي عن أبيه قال: خطب علي بن أبي طالب يومًا فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
عباد الله لا تغرنكم الحياةُ الدنيا
فإنها دارٌ بالبلاء محفوفة، وبالفناء معروفة، وبالغدر (2) موصوفة، وكلُّ ما فيها إلى زوال، وهي ما بين أهلها دول وسجال، لن يسلم من شرِّها نزّالُها، بينا أهلُها في رخاءٍ وسرور، إذا هم منها في بلاء وغرور، العيشُ فيها مذموم، والرخاءُ فيها لا يدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، وتقصمهم (3) بحمامها.
عباد الله إنكم وما أنتم من هذه الدنيا عن (4) سبيل مَنْ قد مضى ممن كان أطول منكم (5) أعمارًا، وأشد منكم بطشًا، وأعمر ديارًا، وأبعد آثارًا، فأصبحتْ أصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلبها، وأجسادهم بالية، وديارهم خالية، وآثارُهم عافية (6)، واستبدلوا بالقصور المشيدة، والسرر (7)
(1) في شعب الإيمان 2/ 311 - 312 (1910) وعلق البيهقي عليه بقوله: (هذا موقوف، وإسناده إلى شريك مجهول، والأول منقطع) وهو في الكنز 16/ 197. وبعضه في نهج البلاغة 4/ 87 - 88.
(2)
تحرفت في الكنز إلى القدر!.
(3)
في المجالسة وتاريخ دمشق: تقضمهم. وكلاهما محتمل.
(4)
في تاريخ دمشق، ونهج البلاغة: على.
(5)
في س وح: ممن كان فيكم أطول! وأثبت ما في المجالسة وتاريخ دمشق والكنز.
(6)
في س وح هنا: أي مندرسة. مص. أي من المصنف.
(7)
في ح: والسروس!.
والنمارق الممهدة الصخور، والأحجار المسندة في القبور (1)، الملاطية (2) الملحدة التي قد بني للخراب (3) فناؤها، وشيد بالتراب بناؤها، فمحلها مقترب، وساكنها مغترب، بين أهل عمارة موحشين، وأهل محلة متشاغلين، لا يستأنسون بالعمران، ولا يتواصلون تواصل الجيران، على ما بينهم من قرب الجوار، ودنو الدار.
وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم [بكلكله](4) البلى، وأكلتهم الجنادل والثرى، فأصبحوا بعد الحياة أمواتًا، وبعد غضارة
(1) في س وح: القصور!.
(2)
هكذا في س والمجالسة والكنز، وفي ح: الملوطية، وفي تاريخ دمشق ونهج البلاغة 2/ 220: اللاطئة. وقال الشيخ محمد عبده في شرحه: (لطأ بالأرض -كمنع وفرح-: لصق).
(3)
هكذا في س، ومن الواضح أن الناسخ كتب أولًا: بين بالخراب. ثم مسح ما كتب.
وفي ح: بين بالخراب. وعلق الناسخ في الحاشية بقوله: لعله: بني.
وفي المجالسة: بين الخراب قباؤها! وفي نهج البلاغة: بني بالخراب.
وفي تاريخ دمشق: بين الخراب فناؤها. وغيرها المحقق إلى: بني على الخراب فناؤها، وقال:(المثبت والزيادة من نهج البلاغة)، وقد علمت ما في نهج البلاغة.
وفي الكنز: بين الخراب.
وقد علق الشيخ محمد عبده على عبارة النهج بقوله: (فناء الدار -بالكسر-: ساحتها وما اتسع أمامها. وبناء الفناء بالخراب تمثيل لما يتخيله الفكر في ديار الموتى من الفناء الدائم إلى نهاية العالم).
وقد يرجح عبارة النهج الجملة التي بعدها: وشيد بالتراب بناؤها. ويشهد لعبارة س: (بني للخراب) قولهم: لدوا للموت وابنوا للخراب. (ينظر عن تخريجه المقاصد الحسنة ص 336).
(4)
من النهج والمجالسة وتاريخ دمشق. وفي الكنز بكلكلة! والكلكل هو صدر البعير كأَّن البلى -بكسر الباء- أي الفناء جمل برك عليهم فطحنهم. كما في شرح النهج 2/ 220.
العيش رفاتًا، فجع (1) بهم الأحباب (2)، وسكنوا التراب، وظعنوا فليس [لهم](3) إياب، هيهات هيهات، {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (4).
فكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه من الوحدة والبلى في دار الموتى، وارتهنتم في ذلك المضجع، وضمكم ذلك المستودع، فكيف بكم لو قد تناهت الأمور، وبعثرت القبور، وحصل ما في الصدور، وأوقفتم للتحصيل، بين يدي الملك الجليل (5)، فطارت القلوب، لإشفاقها من سالف الذنوب، وهتكت عنكم الحجب والأستار، وظهرت منكم العيوب والأسرار، هنالك {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} (6)، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} (7)، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (8).
(1) في س وح: فجمع!
(2)
في س: الأصاب!
(3)
من المجالسة وتاريخ دمشق والكنز.
(4)
من سورة المؤمنون، الآية:100.
(5)
في المجالسة وتاريخ دمشق والكنز: ملك جليل.
(6)
من سورة غافر، الآية:17.
(7)
من سورة النجم، الآية:31.
(8)
من سورة الكهف، الآية:49.