الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما بعد فأنا أوصيكم بتقوى الله
الذي يبقى، وما سواه يفنى، الذي بطاعته يكرم أولياؤه، وبمعصيته يذل أعداؤه، فليس لهالك هلك معذرة في فعل ضلالة حسبها هدى، ولا في ترك حق حسبه ضلالة.
وإن أحق ما تعاهد الراعي من رعيته أن يتعاهدهم بما لله عليه من وظائف دينهم الذي هداهم الله له، وإنما علينا أن نأمركم بما أمر الله به من طاعته، وننهاكم عما نهاكم الله عنه من معصيته، وأن نقيم فيكم أمر الله عز وجل في قريب الناس وبعيدهم، ولا نبالي على من مال الحق (1).
وقد علمت أن أقوامًا يمتنون (2) في دينهم فيقولون: نحن نصلي مع المصلين، ونجاهد مع المجاهدين، وننتحل (3) الهجرة. وكل ذلك يفعله أقوام ولا يحملونه بحقه، وإن الإيمان ليس بالتحلي.
وإن للصلاة وقتًا اشترطه الله فلا تصلح إلا به، فوقت صلاة الفجر حين يزايل المرء ليله، ويحرم على الصائم طعامه وشرابه، فآتوها حظها من القرآن.
ووقت صلاة الظهر إذا كان القيظ فحين تزيغ (4) عن الفلك حتى يكون ظلك مثلك، وذلك حين يهجر الهجير (5)، فإذا كان الشتاء فحين تزيغ عن
(1) كتب ناسخ أتحت (الحق): (عن)! والجملة في الخراج: على من كان الحق، وفي محض الصواب: لا نبالي من قال الحق! وفي مناقب عمر: كما هنا. وهو أشبه بالصواب.
(2)
هكذا في س وح. وفي أوالكنز ومناقب عمر: يتمنون.
(3)
في أ: نخل!.
(4)
كتب ناسخ أفي الحاشية: الشمس.
(5)
في الكنز: المهجر.
الفلك حتى يكون (1) على حاجبك الأيمن، مع شروط الله في الوضوء والركوع والسجود.
ووقت صلاة العصر والشمس بيضاء نقية قبل أن تَصْفارَّ قدر ما يسير الراكب على الجمل المثقال (2) فرسخين قبل غروب الشمس.
وصلاة المغرب حين تغرب الشمس ويفطر الصائم.
وصلاة العشاء حين يعسعس الليل، وتذهب حمرة الأفق إلى ثلث الليل، فمن رقد قبل ذلك فلا أرقد الله عينيه. هذه مواقيت الصلاة {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (3).
ويقول الرجل: هاجرت، ولم يهاجر، وإن المهاجرين الذين هجروا السيئات.
ويقول أقوام: جاهدنا، وإن الجهاد في سبيل الله مجاهدة العدو واجتناب الحرام، وقد يقاتل أقوام يحسنون القتال لا يريدون بذلك الأجر ولا الذكر (4)، وإنما القتل حتف من الحتوف، وكل امرئ على ما قاتل عليه، وإن الرجل
(1) في الكنز: تكون.
(2)
في س وح: الحمل الثقال، وفي أ: الحمل المثقال، وفي الكنز: الجمل الثقال. ولعل الصواب ما أثبت.
(3)
من سورة النساء، الآية:103.
(4)
في محض الصواب: (وقد يقاتل أقوام لا يريدون إلا الأجر، وآخرون لا يريدون إلا الذكر).
ليقاتل بطبيعته من الشجاعة، فينجي (1) مَنْ يعرف ومَنْ لا يعرف، وإن الرجل ليجبن بطبيعته فيسلم أباه وأمه، وإن الكلب ليهر (2) من وراء أهله.
واعلموا أن الصوم (3) يجتنب فيه أذى المسلمين، كما يمتنع الرجل من [لذته من](4) الطعام والشراب والنساء، فذلك الصيام التام.
وإيتاء الزكاة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبة بها أنفسهم فلا يرون عليها برًّا، فافهموا ما توعظون به فإن الحرب من حرب دينه (5)، وإن السعيد من وعظ بغيره، وإن الشقي من شقي في بطن أمه، وإن شر الأمور مبتدعاتها، وإن الاقتصاد في سُنَّةٍ خير من الاجتهاد في بدعة، وإن للناس نفرة (6) عن سلطانهم فعائذ بالله أن يدركني.
وإياكم ضغائن مجبولة، وأهواء متبعة، ودنيا مؤثرة (7).
(1) في أ: من الشيء فيجى!
(2)
في أ: لتمر!.
(3)
جاء في الكنز هنا: أن الصوم حرام.
(4)
من الكنز.
(5)
حرب دينه: أي سلب دينه. لسان العرب 1/ 304.
(6)
في أ: نظرة!
(7)
روى أبو عبيد في الخطب والمواعظ ص 204 عن الحسن قال: (كتب عمر إلى أبي موسى) وجاء في آخره: (وإن للناس نفرة عن سلطانهم، وأعوذ بالله أن تدركني -أو قال: تدركنا- فإنها ضغائن محمولة، ودنيا مؤثرة، وأهواء متبعة، فأقيموا الحق ولو ساعة من نهار).
وعلق المحقق على هذا الخبر بقوله: (الخبر بالنص والإسناد في الأموال لأبي عبيد 5 وانظر كذلك: عيون الأخبار 1/ 11 والعقد الفريد 1/ 88 والبيان والتبيين 2/ 293 ونثر الدر 2/ 51).