المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الزهد والقناعة والتوكل - نزهة المجالس ومنتخب النفائس - جـ ٢

[الصفوري]

فهرس الكتاب

- ‌باب في فضل الصدقة وفعل المعروف خصوصا مع القريب والجار الغريب

- ‌فصل في إكرام الجار

- ‌باب الزهد والقناعة والتوكل

- ‌فصل في القناعة

- ‌فصل في التوكل على الله

- ‌باب حفظ الأمانة وترك الخيانة

- ‌وذكر النساء وفضل الزواج وذم الطلاق والتحذير من اللواط

- ‌وفضل الزراعة

- ‌وبيان قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم من سبع ورزقتم من سبع

- ‌فصل في الزراعة

- ‌فصل في قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم مع سبع

- ‌باب الخوف

- ‌باب التوبة

- ‌باب في فضل العدل واجتناب الظلم

- ‌فصل في العدل

- ‌فصل في الشفقة على خلق الله تعالى

- ‌فصل في إكرام المشايخ

- ‌فصل في الخضاب والتسريح

- ‌باب فضل العقل

- ‌باب فضل العلم وأهله والشام

- ‌فضل في سكنى الشام

- ‌أنا أول من تنشق عنه الأرض فكيف يسبقه موسى إلى تحت العرش فالجواب إن

- ‌باب مولد المصطفى وحبيب الله المجتبى

- ‌سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين

- ‌فصل في نسبه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في رضاعه صلى الله عليه وسلم

- ‌باب فضل الصلاة والتسليم على سيد الأولين

- ‌والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه

- ‌باب قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا

- ‌من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

- ‌فصل في المعراج

- ‌باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم

- ‌فضائل الصحابة

- ‌رضى الله تعالى عنهم أجمعين إجمالا وتفصيلا

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌مناقب أهل خلق الله على التحقيق

- ‌أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌مناقب سراج أهل الجنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌باب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌باب مناقب هؤلاء الأربعة رضي الله عنهم إجمالا

- ‌باب مناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌باب مناقب فاطمة الزهراء رضي الله عنها

- ‌فصل تزويج حواء بآدم عليهما الصلاة والسلام

- ‌باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب العباس رضي الله عنه

- ‌باب مناقب حمزة رضي الله عنه

- ‌باب فضائل هذه الأمة المرحومة زادها الله شرفا وإكراما

- ‌وذكر بعض من فيها من العلماء والأولياء بأسمائهم وتواريخهم

- ‌وذكر إبراهيم وموسى وعيسى والخضر والياس

- ‌عليهم الصلاة والسلام

- ‌في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌فصل في ذكر موسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر عيسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر الخضر والياس عليهما السلام

- ‌فصل في ذكر ما تيسر من المشهورين بالكنية

- ‌بأسمائهم وتواريخهم من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم

- ‌باب ذكر أشياء من فعلها حرمه الله على النار وأعتقه منها

- ‌باب في ذكر الجنة

الفصل: ‌باب الزهد والقناعة والتوكل

من العجين يورث الفقر وكذا المشي بين الماعز والغنم فإن كان ولابد فليقرا لإيلاف قريش وسمع النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه يقول اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك فقال لا تقل كذا قل اللهم لا تحوجني إلى أشرار خلقك قال من هم قال الذين إذا أعطوا منعوا وإذا منعوا عابوا

موعظة: قال النبي صلى الله عليه وسلم من احتكر طعاما أربعين يوما قد برئ من الله وبرئ الله منه رواه الحاكم

لطيفتان: الأولى: سعيد بن العاص مات النبي صلى الله عليه وسلم وعمره ثلاث وستون

سنة ثم مات هو رضي الله عنه سنة تسع وخمسين وأوصى في مرضه بوفاء دينه وقدره ثمانون ألف دينار قيل له فيما صرفتها قال في رجل جاء يتراءى في وجهه من الحياء فبدأته بحاجته قبل سؤاله عنها والله أعلم. ثم مات هو رضي الله عنه سنة تسع وخمسين وأوصى في مرضه بوفاء دينه وقدره ثمانون ألف دينار قيل له فيما صرفتها قال في رجل جاء يتراءى في وجهه من الحياء فبدأته بحاجته قبل سؤاله عنها والله أعلم.

‌باب الزهد والقناعة والتوكل

قال الله تعالى فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل وقال عز وجل اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد قال نجم الدين النسفي كل صفة لثمان سنين إلى أربعين سنة لعب ثمان سنين ولهو ثمان سنين وزينة ثمان سنين وتفاخر ثمان سنين فإذا بلغ أربعين سنة فإن كان موفقا أقبل على الآخرة وتزود لها وإلا خسر خسرانا مبينا وقوله كمثل غيث أعجب الكفار نباته أي الزراع لأن زارع البذر يستره في الأرض ثم يهيج أي يصير يابسا ثم يكون حطاما أي متكسرا وفي الآخرة عذاب شديد أي لمن رغب في الدنيا ومغفرة من الله ورضوان لمن تزود منها للآخرة قال القرطبي قال رجل يا نبي الله أخبرني بجلساء الله تعالى يوم القيامة قال هم الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا قال فهم أول الناس دخولا الجنة فتخرج الملائكة فيقولون لهم ارجعوا إلى الحساب فيقولون على ما نحاسب لا أفيضت علينا الأموال في الدنيا فنقبض منها ونبسط وما كنا أمراء فنعلل ونجور ولكن جاءنا أمر الله فعرفناه حتى أتانا اليقين قال النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا الله فإنه يقول يوم القيامة أين صفوتي من خلقي فتقول الملائكة من هم يا ربنا فيقول الفقراء الصابرون الصادقون الراضون بقدري أدخلهم الجنة فيدخلون الجنة يأكلون ويشربون والأغنياء في الحساب يترددون

فائدة: أصاب إبراهيم عليه السلام حاجة فذهب إلى صديق له يستقرض منه شيئا فلم يقرضه فرجع مهموما فأوحى الله إليه لو سألتني لأعطيتك فقال يا رب عرفت مقتك للدنيا فخشيت أن أسألك فتمنعني إياها فأوحى الله إليه ليست الحاجة من الدنيا وقال النبي صلى الله عليه وسلم من طلب الدنيا حلالا واستعفافاً عن المسألة وتعففا من جاره لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر ومن طلب الدنيا تكاثرا وتفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان وقال الفضيل رضي الله عنه من أقام نفسه في ذل في الحلال حضره الله مع الصديقين ورفعه إلى الشهداء يوم القيامة

حكاية: كان رجل يخدم موسى عليه العلام ويقول حدثني موسى كليم الله ثم افتقده موسى أياما فسأل عنه فجاء رجل يقول مسخ خنزيرا فدعا

ص: 10

موسى ربه أن يرده إلى حاله فأوحى الله إليه يا موسى لو دعوتني بما دعاني به آدم فمن دونه ما أجبتك ولكن أخبرك بما صنع إنه كان يأكل الدنيا بالدين

حكاية: رأيت في تفسير العلائي في سورة يس أن عيسى عليه السلام مر على قرية فوجد أهلها أمواتا على الطرقات من غير دفن فسأل الله عنهم فأوحى الله إليه إذا كان الليل فادعهم فإنهم يجيبونك فلما كان الليل ناداهم فقال واحد منهم لبيك يا روح الله تعالى قال ما قصتكم قال بتنا في عافية وأصبحنا في الهاوية قال ولم قال لحبنا الدنيا كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا بها وإذا أدبرت بكينا عليها قال فما بال أصحابك لا يجيبوني قال إنهم ملجمون بلجم من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد قال فكيف أنت أجبتني من بينهم قال إني لست منهم بل مررت بهم حال نزول العذاب فأصابني ما أصابهم وأنا معلق بشفرة على شفير جهنم فلا أدري انجو منها أم لا

حكاية: قال النسفي في زهر الرياض لما تولى سليمان الملك جاءه جميع الحيوانات يهنئونه إلا نملة. فإنها جاءت تعزية فعاتبتها النمل في ذلك فقالت لم أهنئه وقد علمت أن الله إذا أحب عبدا زوى عنه الدنيا وحبب إليه الآخرة وقد اشتغل سليمان بأمر لا يدري ما عاقبته فهو بالتعزية أولى من التهنئة وجاءه في بعض الأيام شراب من الجنة وقيل له إذا شربته لم تمت فشاور جنده إلا القنفذ فإنه كان غائبا فأشاروا عليه أن يشربه فأرسل الفرس خلف القنفذ فلم يجده فأرسل الكلب إليه فأجابه فسأله سليمان عن الشراب فقال لا تشربه فإن الموت في العز خير من البقاء في سجن الدنيا قال صدقت وأراق الشراب في البحر فطاب ماؤه قال له كيف لا أطعت الفرس دون الكلب قال لأنها تعدو بعدها كما تعدو بصاحبها والكلب لا يطيع إلا صاحبه

حكاية: قال مكحول التابعي رضي الله عنه مر سليمان عليه السلام على بساط ملكه على الريح بحراث فقال وددت أني أكلم سليمان ثلاث كلمات فأخبره الله بذلك فنزل عليه فقال أخبرني عن الكلمات فقال يا نبي الله أنت لا تجد لذة أمس وأنا لا أجد تعبه فأنا وأنت سواء وأنت تموت وأنا أموت فنحن سواء وأنت تحاسب على قدر ما أعطاك وأنا أحاسب على

قدر ما أعطاني فبكى سليمان وقال يا رب لولا أنك كريم لا ترجع في هبتك لسألتك الرجوع فيها

حكاية: قال بعض العباد من بني إسرائيل يا موسى أسأل ربك أن يرزقني فسأل ربه فأوحى الله إليه يا موسى أقليلا سألت أم كثيرا فقال يا رب بل كثيرا فلما اصبح موسى وجد السبع قد أكل الرجل فقال يا رب سألتك له كثيرا فأكله السبع فقال يا موسى سألت له كثيرا وكل ما كان في الدنيا فهو قليل

حكاية: قال ابن عباس رضي الله عنهما خرج موسى عليه السلام إلى شاطئ البحر فوجد مؤمنا وكافرا يصيدان السمك، المؤمن يذكر ربه فلا يصيد شيئا والكافر يذكر صنمه فتقع السمك في شبكه فتعجب موسى من ذلك فأوحى الله إليه انظر يا موسى فنظر إلى الجنة فإذا فيها حوض من ذهب مكتوب عليه اسم المؤمن فيه من الحيتان ما لا يحصي عدده إلا الله ومثل له جهنم فيها قصر من نار مكتوب علية اسم الكافر وفيه من الحيات والعقارب ما لا يعلمه إلا الله فأوحى الله إليه يا موسى قل لعبدي المؤمن أيهما أحب إليك أن أسوق إليك حيتانا بدلا عن نعيم الجنة فبكى الرجل وقال يا رب

ص: 11

إن منعت عني الرزق وصبرت طمعا في رضاك فكيف بالحيتان

حكاية: قال بعض العارفين رأيت كأن القيامة قد قامت والناس يذهبون إلى الجنة زمرا زمرا فنظرت إلى طائفة من أحسن الناس وجها فذهبت لأكون معهم فحالت الملائكة بيني وبينهم فقلت لهم ولم قالوا هؤلاء السابقون لا يكون معهم إلا من كان له قميص واحدا وأنت لك ومن كل شيء اثنان فاستيقظ مرعوبا فصار لا يملك إلا واحداً من كل صنف

فائدة: قال سهل بن سعد قال النبي ما لبس أحد ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه

موعظتان: الأولى: نقل أبو الليث السمرقندي رضي الله عنه أن ملكين التقيا في السماء الرابعة فقال أحدهما للآخر إلى أين تريد قال أمرت بشيء عجيب قال ما هو قال في البلد الفلاني رجل يهودي قد دنت وفاته وقد اشتهى سمكة ولم توجد في بحرهم فأمرني ربي أن أسوق إليه الحيتان ليصطاد له سمكة وذلك لأنه لم يعمل حسنة إلا كافأه الله بها في الدنيا وقد بقيت له حسنة واحدة فأراد أن يبلغه شهوته ليخرج من الدنيا وما له عند الله حسنة وقال الملك الآخر وأنا بعثني ربي بأمر عجيب في البلد الفلاني رجل صالح ما عمل سيئة إلا كافأه الله عليها وقد دنت وفاته وقد اشتهى زيتا وقد بقي عليه ذنب واحد فأمرني ربي أن أريق الزيت ليحزن على ذلك فيكفر الله عنه ذنبه فيلقاه ولا ذنب عليه قال محمد بن كعب في قوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره هو للكافرين ثواب خيره في الدنيا ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وهو المؤمن يرى جزاء سيئته في الدنيا دون الآخرة وقال الجنيد دخلت على السري السقطي فرأيته يبكي فسألته فقال جاءتني بنتي البارحة وقالت هذه الليلة حارة أفأغلق الكوز حتى يبرد فقلت نعم فرأيت في منامي حوراء لم أر أحسن منها فقلت لمن أنت فقالت لمن لا يشرب المبرد فأخذت الكوز وضربت به على الأرض

موعظة: قال عيسى عليه السلام مثل الدنيا كمثل رجل يسير في مفازة فإذا أسد هائج فنظر وراءه فإذا الأسد يريده ونظر أمامه فإذا المفازة ليست ملجأ فلما أدركه الأسد رأى بئرا فطرح نفسه فيه فتعلق بشجرة فوقف الأسد فوق الجب فنظر إلى أسفل الجب فرأى ثعبانا فيقول في نفسه الأسد فوقي الثعبان تحتي حتى أنظر إلى الشجرة هل لها أصل أتمسك به فإذا أصلها معلق بغصنين وإذا بفأرة سوداء وفأرة بيضاء يقطعان في العرقين فلا يزال متفكرا فيما هو فيه إذا نظر إلى غصن من أغصان الشجرة عليه ثمرة فيتناول منها فلا يشعر شيء حتى تقطع الفأرتان عرق الشجرة فيهلك فهذا مثل لطالب الدنيا أما الأسد فملك الموت وأما الشجرة فأجله وأما الفأرتان فالليل والنهار يقطعان أجله وأما الجب فهو القبر وأما الثعبان فالنار وأما الثمرة فحطام الدنيا وكان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ويتوسد الحجر ويأكل الشعير ويقول سراجي القمر وطعامي نبات الأرض ودابتي رجلاي فهل اغتنى مثلي وأمه مريم رضي الله عنها وكانت كذلك زاهدة عابدة وأخوها من أبيها هارون وكذلك أيضا سموه باسم هارون أخي موسى وكان بينهما ألف سنة

حكاية: قال في الإحياء أن عيسى عليه السلام اشتد عليه الرعد والبرق والمطر يوما فجعل يطلب شيئا يلجأ إليه فرأى خيمة فأتاه فوجد

فيها إمرأة فتركها

ص: 12

فإذا بغار في جبل فأتاه فإذا فيه أسد عظيم فوضع رأسه على رأسه وقال يا إلهي جعلت لكل شيء مأوى ولم تجعل لي مأوى فأوحى الله إليه مأواك في مستقر رحمي ولأزوجنك مائة حوراء يوم القيامة ولآمرن مناديا ينادي أين الزهاد في الدنيا زوروا عرس الزاهد عيسى بن مريم

حكاية: قال بعض الصالحين رأيت في المنام رجلا يطلب غزالة وخلفه أسد فقتله قبل لمن يلحق الغزالة وهكذا إلى تمام المائة وكلما قتل الأسد واحداً وقفت الغزالة عند رأسه فتعجب من ذلك فقال الأسد لا تعجب أنا ملك الموت والغزالة هي الدنيا وهؤلاء طلابها أقتلهم واحدا بعد واحد فإن قيل كيف أمطر الله على أيوب جرادا من ذهب قيل جعله الله عوضا من الدود فالجراد نعمة للطائع وعقوبة للعاصي لأنه مخلوق من الذنوب وذلك أن المريض تلقى ذنوبه في البحر فيخلق الله منها التمساح فإذا مات صار دوداً ثم جرادا بإذن الله تعالى

موعظة: ذكر العلائي في سورة النحل أن إبليس يعرض الدنيا على من يريدها كل يوم فيقول من يشتري شيئا يضره ولا ينفعه ويهمه ولا يسره فيقول عشاقها وأصحابها نحن فيقول إنها معيوبة فيقولون لا بأس فيقول ثمنها ليس بالدرهم ولا بالدينار ولكن بنصيبكم من الجنة فإن اشتريتها بأربعة أشياء بلعنة الله وغضبه وسخطه وعذابة وبعت الجنة بها فيقولون نعم فيبيعهم إياها على ذلك ثم يقول بئست التجارة ورأيت في سفينة الأبرار أن الله تعالى خلق الدارين ونصب لهما دلالين فدلال الجنة محمد صلى الله عليه وسلم وبائعها المولى وثمنها التوحيد وبذل المال والنفس ودلال الدنيا إبليس ومشتريها الراغبون وثمنها ترك الدنيا وقال بعض الحكماء الدنيا ميراث المغرورين ومسكن البطالين وسوق الراغبين وميدان الفاسقين ومراح الكافرين وسجن المؤمنين ومزبلة المتين زاد مؤلفه ومزرعة للعالمين

لطيفة: لما مر سليمان بوادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون وإنما قالت ذلك خوفا على قلوبهم أن تميل إلى الدنيا فلما سلم عليها سليمان قالت وعليك السلام أيها الفاني المشتغل بملكك فأنت تظن يا سليمان أن ذلك أمرا ونهيا فأنا نملة ضعيفة لي أربعون ألف مقدم تحت يد كل مقدم أربعون صنفا من النمل كل صنف من المشرق والمغرب فقال كيف تلبسون السواد قالت لأن الدنيا دار مصيبة ولباس أهل المصائب السواد قال فما هذا الحز الذي في وسطك قالت هذه منطقة الخدمة للعبودية قال فما بالكم تبعدون عن الخلق قالت لأنهم في غفلة فالبعد عنهم أولى قال فما بالكم عراة قالت هكذا ولدنا إلى الدنيا وهكذا نخرج منها قال فكم تأكلين قالت حبة أو حبتين قال ولم قالت لأنا على سفر والمسافر كلما خف حمله خف ظهره قال اطلبي مني حاجة قالت أنت عاجز والطلب منك غير جائز قال لابد من الطلب قالت زد في رزقي وفي عمري قال اطلبي شيئا يكون في يدي قالت إن الله يقضي حوائج المحتاجين قال ما اسمك قالت منذرة أنذر أصحابي من الدنيا الساحرة وأرغبهم في الآخرة وفي رواية اسمها طاحية وفي رواية أخرى حرمن ثم قالت يا سليمان ما أفخر ما أوتيت في ملكك قال الخاتم لأنه من الجنة قالت تعلم معناه يعني الذي أعطيناك من

ص: 13

الدنيا في يدك بقدر فص الخاتم ثم قالت على غير هذا قال نعم بساط من الجنة على ظهر الريح قالت هذا تنبيه على أن جميع ما معك كمثل الريح اليوم وغدا يزول عنك قال فإن غدوها شهر ورواحها شهر قالت فيه إشارة إلى أن عمرك يطير وأنت مستعجل السير قال علمني منطق الطير قالت اشتغل بمناجاة الله عن مناجاة الغير قال أخبريني بالأنس والجن قالت فيه إشارة إلى أن الخلق اشتغلت بخدمتك فاشتغل أنت بخدمتي قال إني أستأنس بفص الخاتم لأن عليه اسم الله قالت استأنس بالمسمى يغنيك عن الإسم

فائدة: أراد الحسن أن ينقش على خاتمه فلم يدري ما يكتب عليه فرأى عيسى بن مريم عليه السلام في منامه فسأله عن ذلك فقال اكتب عليه لا إله إلا الله الملك الحق المبين فإنها تذهب عنك بالغم والحزن وهي خاتمة الإنجيل وكان نقش خاتم الإمام مالك حسبي الله ونعم الوكيل وخاتم موسى عليه السلام لكل أجل كتاب وقال معاذ رضي الله عنه ركعتان من متختم أفضل من سبعين ركعة من غير متختم ثم قالت النملة أتدري لم سمي أبوك داود قال لا قالت لأنه داوى قلبه قالت أتدري لم سميت سليمان قال لا قالت

لأنك سليم القلب وآن لك لن تلحق بأبيك داود فعند ذلك طلب الإقالة من ربه في الملك فخرج الجواب هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب لطيفة: يا مؤمن لك البشرى هذا سليمان طلب الإقالة من ربه أن تنزع عنه الملك خمسين سنة فما نزعه فكيف ينزع منك الإيمان أنت تطلب حفظه مدة عمرك وكان بين موت سليمان ومولد النبي صلى الله عليه وسلم ألف وسبعمائة عام. أنك سليم القلب وآن لك لن تلحق بأبيك داود فعند ذلك طلب الإقالة من ربه في الملك فخرج الجواب هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب لطيفة: يا مؤمن لك البشرى هذا سليمان طلب الإقالة من ربه أن تنزع عنه الملك خمسين سنة فما نزعه فكيف ينزع منك الإيمان أنت تطلب حفظه مدة عمرك وكان بين موت سليمان ومولد النبي صلى الله عليه وسلم ألف وسبعمائة عام.

مواعظ.. الأولى: قال وهب بن منبه بينما الخضر عليه السلام على شاطئ البحر إذا جاء رجل فقال سألتك بحق الله أن تعطيني شيئا لله فقال لا ملك إلا نفسي وقد وهبتك إياها فأخذه وباعه لرجل له بستان فاستعمله فعمل فيه عملا عظيما فقال صاحب البستان بحق الله قال أنا الخضر فقال أنت حر لوجه الله فسجد فنودي يا خضر طلبت الدنيا واتخذتها مسكنا حتى ابتلاك بالرق وذلك أنه كان قد بنى صومعة وغرس شجرة. الثانية: جاء في الخبر أن الدنيا تمثلت لعلي بن أبي طالب في صورة امرأة قد تزينت له بكل زينة وهي تظن أنه لا يعرفها فقال أنت الدنيا فقالت نعم كيف عرفتني قال كشف لي الغطاء قالت كلمني قال أنت مطلقتي وكلام المطلقة حرام اخرجي من داري قالت الدار داري قال صدقت فخرج وتركها فخرجت خلفه لقد قميصه كزليخة مع يوسف عليه السلام فلم تجد له إلا درعا قالت سلمت مني يا علي قال اخدعي غيري وأنشد شعرا: شعر:

عتبت على الدنيا فقلت إلى متى

أكابد دارا همها ليس ينجلي

فقالت نعم يا ابن الكرام لأنني

غضبت عليكم منذ طلقني علي

وقال الشافعي من زهد في الدنيا اليوم قرت عيناه غدا بما يرى من السرور وقال علي:

وما هي إلا جيفة مستحيلة

عليها كلاب همهن اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها

وإن تجتنيها نازعتك كلابها

فائدة: قال ابن عباس رضي الله عنهما التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء وكان النبي صلى الله

ص: 14