المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ذكر موسى عليه السلام - نزهة المجالس ومنتخب النفائس - جـ ٢

[الصفوري]

فهرس الكتاب

- ‌باب في فضل الصدقة وفعل المعروف خصوصا مع القريب والجار الغريب

- ‌فصل في إكرام الجار

- ‌باب الزهد والقناعة والتوكل

- ‌فصل في القناعة

- ‌فصل في التوكل على الله

- ‌باب حفظ الأمانة وترك الخيانة

- ‌وذكر النساء وفضل الزواج وذم الطلاق والتحذير من اللواط

- ‌وفضل الزراعة

- ‌وبيان قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم من سبع ورزقتم من سبع

- ‌فصل في الزراعة

- ‌فصل في قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم مع سبع

- ‌باب الخوف

- ‌باب التوبة

- ‌باب في فضل العدل واجتناب الظلم

- ‌فصل في العدل

- ‌فصل في الشفقة على خلق الله تعالى

- ‌فصل في إكرام المشايخ

- ‌فصل في الخضاب والتسريح

- ‌باب فضل العقل

- ‌باب فضل العلم وأهله والشام

- ‌فضل في سكنى الشام

- ‌أنا أول من تنشق عنه الأرض فكيف يسبقه موسى إلى تحت العرش فالجواب إن

- ‌باب مولد المصطفى وحبيب الله المجتبى

- ‌سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين

- ‌فصل في نسبه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في رضاعه صلى الله عليه وسلم

- ‌باب فضل الصلاة والتسليم على سيد الأولين

- ‌والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه

- ‌باب قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا

- ‌من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

- ‌فصل في المعراج

- ‌باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم

- ‌فضائل الصحابة

- ‌رضى الله تعالى عنهم أجمعين إجمالا وتفصيلا

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌مناقب أهل خلق الله على التحقيق

- ‌أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌مناقب سراج أهل الجنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌باب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌باب مناقب هؤلاء الأربعة رضي الله عنهم إجمالا

- ‌باب مناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌باب مناقب فاطمة الزهراء رضي الله عنها

- ‌فصل تزويج حواء بآدم عليهما الصلاة والسلام

- ‌باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب العباس رضي الله عنه

- ‌باب مناقب حمزة رضي الله عنه

- ‌باب فضائل هذه الأمة المرحومة زادها الله شرفا وإكراما

- ‌وذكر بعض من فيها من العلماء والأولياء بأسمائهم وتواريخهم

- ‌وذكر إبراهيم وموسى وعيسى والخضر والياس

- ‌عليهم الصلاة والسلام

- ‌في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌فصل في ذكر موسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر عيسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر الخضر والياس عليهما السلام

- ‌فصل في ذكر ما تيسر من المشهورين بالكنية

- ‌بأسمائهم وتواريخهم من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم

- ‌باب ذكر أشياء من فعلها حرمه الله على النار وأعتقه منها

- ‌باب في ذكر الجنة

الفصل: ‌فصل في ذكر موسى عليه السلام

‌فصل في ذكر موسى عليه السلام

كان بينه وبين إبراهيم عليه السلام ألف عام وهو موسى بن عمران بن بصهر ابن فاهت بن لاوى بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين قال موسى يا رب أجد في التوراة أمة هي خير أمة خرجت للناس إجعلها أمتي قال تلك أمة محمد قال يا رب إني أجد في التوراة أمة يحجون فلا يرجعون إلا وقد غفرت لهم فاجعلها أمتي قال تلك أمة محمد قال يا رب إني أجد في التوراة أمة أناجيلهم في صدورهم فاجعلها أمتي قال تلك أمة محمد قال يا رب إني أجد في التوراة أمة يصومون شهرا واحدا فتغفر لهم ذنوبهم أحد عشر شهرا فاجعلها أمتي قال تلك أمة محمد قال يا رب إني أجد في التوراة أمة تبدل سيآتهم حسنات فاجعلها أمتي قال تلك أمة محمد قال يا رب إني أجد في التوراة أمة هم آخر الأمم في الإسلام السابقون إلى الجنة فاجعلها أمتي قال تلك أمة محمد قال يا رب فاجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي قال كعب الأحبار وجدت في التوراة أمة محمد صلى الله عليه وسلم يمشون على الأرض والأرض تستغفر لهم ووجدت مع كل واحد قضيبا من نور وهو الإسلام ووجدت أحدهم يخر ساجدا فلا يرفع رأسه حتى يغفر الله ما له ووجدت الجنة تشتاق إليهم كل يوم خمس مرات ووجدتهم يصومون شهرا وهو رمضان فيعطون بكل يوم تباعد خمسمائة عام من جهنم ووجدتهم طوبى لهم وحسن مآب قال في روضة العلماء قال موسى يا رب إغفر لي ولبني إسرائيل قال قد غفرت لمحمد وأمته وثوابهم عندي كثواب الأنبياء غضبي عليهم بعيد أقبل منهم اليسير وأعطيهم الكثير ولا أحجب عنهم التوبة ماداموا يقولون لا إله إلا الله فخر موسى ساجدا وقال يا رب اجعلني من أمة محمد فقال أنت وجميع الأنبياء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقال الطوسي في كتاب نور النور أمة محمد صلى الله عليه وسلم تدعى في التوراة صفوة الرحمن وقال النسفي قال وهب حملت أم موسى به ليلة عاشوراء وهي ليلة الجمعة وذلك أنه قيل لعمران رأيت نجم كذا يلقى شعاعه على وجهك فانطلق إلى أهلك وأودع الوديعة التي في ظهرك فكان عمران يراقب النجم وكان لا يفارق فرعون ليلا ولا نهارا فلما رأى النجم ألقى الله النوم على فرعون فذهب عمران إلى زوجته يوحانذ بنت يصهر بن لاوى بن يعقوب وكان فرعون قد جعل حول قصره سباعا فقالت السباع يا عمران انطلق في حفظ الله تعالى قال وهب لما حملت أم موسى نطقت كل دابة وقالت لفرعون يا ملعون حملت أم موسى به فأين المهرب فلما ولدته في تابوت وطرحته في اليم فلم تبق دابة في البحر إلا ونثرت على التابوت الجواهر كان في البحر سبعون ألف جاموسة لكل جاموسة سبعون ألف قرن من ذهب بالذال المعجمة فحملته على قرونها وقالوا هذا موسى كليم الله وعلق حول النيل ألف قنديل من قناديل الفردوس ومكث في البحر ثلاثة أيام وقيل أربعين يوما وكان آخر من حمله حوت يونس عليه السلام فرجعت أمه إلى بيتها حين ألقته فجاءها الشيطان في صورة إنسان وقال إن موسى أخذه فرعون وأطعمه للسباع فأخبرها جبريل الحق فخرجت بنات فرعون يوما إلى النيل وبهن بلاء فسمعن صوتا من حمله

ص: 190

أعطاه الله العافية فحملته كلهن فعافاهن الله تعالى فلما نظرت إليه آسية عرفت أنه عدو فرعون فأنطقه الله تعالى وقال يا آسية خذيني فإني قرة عين لك وبلاء على فرعون أي وهو الوليد بن مصعب فإن الفراعنة ثلاث فرعون موسى الوليد بن مصعب وسنان فرعون إبراهيم والريان بن الوليد فرعون يوسف قال العلائي في سورة يوسف لما أخذته آسية وبلغ من العمر سنتين حمله فرعون وقبله بين عينيه فقبض لحيته بشماله وضربه بيمينه فدعا بالسياف ليقتله فتعرضت له آسية فامتحنته بكلب وحمل فقبض على ذنب الكلب فسكن غضبه فلما بلغ أربع سنين صنع فرعون مائلة ونادى مناد أن فرعون يريد أن يأكل مع ولده فاجتمع الناس وكان فرعون لا يأكل من الطعام إلا لقمة واحدة فتقدم له طعام فأكل منه لقمة وأمر برفعه فقبضه موسى فأكل لقمة أخرى وأمر برفعه فقبضه موسى فأكل لقمة وأمر برفعه فأخذ موسى وصبه على رأسه فدعا بالسيف ليقتله فتعرضت إليه آسية فامتحنه بتمرة وجمرة فأخذ الجمرة فأحرقت لسانه فإن قيل كيف أحرقت لسانه دون يديه فالجواب من وجوه الأول أن الكهنة أخبرت بزوال ملكه على يد مولود لا يضره ماء ولا نار فلما وجده في البحر

سالما قال فرعون هذه العلامة الأولى فأراد أن ينظر إلى العلامة الثانية فامتحنه بجمرة وتمرة فحرقت لسانه سترا من الله تعالى لحال موسى عن فرعون الثاني أحرقت لسانه لأنه قال لفرعون يا أبت وسلمت يده لأنها صكت وجه فرعون الثالث أحرقت لسانه دون يديه لأنه كان عليه السلام لقى في حدة وعنده عجلة وسرعة فأراد الله منع لسانه من النطق حتى لا يبوح بسر الرسالة قبل وقتها قال مؤلفه رحمه الله تعالى وهذا الجواب أحسن من الثاني لأن اللسان أول ما تحرك بقوله يا نبي في كتاب العقائق قالت آسية لفرعون كيف تقتله وقد صار في منزلك وبين يديك كذلك العبد إذا قام إلى الصلاة بين يدي ربه يتجاوز عن عقابه ويكرم بإحسانه قال العلائي في سورة القصص إن كاهنا قال يا فرعون يولد مولود في بني إسرائيل يكون هلاكك على يديه فأمر بذبح الأطفال وهذا من سخافة عقله وحمقة فإنه صدق الكاهن ولم ينفعه القتل قال وهب قتل سبعين ألف طفل وقال غيره مائة وأربعين ووكل القوابل بالحوامل فكانت القابلة التي وكلها بأم موسى صديقة لها فلما وضعته دخل حبه في قلبها قالت لأمه إحفظيه فإني أظنه عدونا فلما خرجت القابلة رآها بعض أتباع فرعون فأراد الدخول على أم موسى فألقته في التنور وهو يلتهب نارا فلما دخلوا قالوا ما صنعت القابلة قالت هي صديقة لي فلما أخرجوه لم تعلم مكانه حتى بكاءه من التنور ثم أخرجته من النار وهي دهشة وقد طاش عقلها ثم أوحى الله إلى أمه في المنام وقال لها جبريل ذلك فيكون وحي إعلام لا وحي رسالة كما تكلمت الملائكة مع مريم وغيرها ولا يلزم من كلامهم الرسالة أن أرضعيه فأرضعته ثلاث وقيل أربعة قال مجاهد كان الوحي قبل الولادة وقال السدي بعدها قال القرطبي الأول أظهر والثاني يساعده قوله تعالى فإذا خفت عليه فألقيه في اليم وهو نيل مصر ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك والخوف من شيء لم يقع والحزن من شيء وقع فذهبت إلى نجار فقالت إصنع لي تابوتا قال ولم قالت أخبئ فيه ولدي

ص: 191

كرهت الكذب فلما وضعته في التابوت انطلق النجار ليخبر الذباحين فأمسك الله لسانه فأشار بيده فلم يفهموا فلما رجع انطلق لسانه فرجع إليهم فانعقد لسانه وأخذ الله ببصره فقال في نفسه إن رد الله علي بصري وأطلق لساني أكن مع هذا الغلام ولا أدل عليه أحد فرد الله عليه بصره وأطلق لسانه فخر ساجدا وقال يا رب دلني على هذا العبد الصالح فدله الله عليه فآمن به قال الماوردي وهو مؤمن من آل عمران وقال القرطبي هو أيضا الذي قال لموسى يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك أي يتشاورون على قتلك وإسمه حزقيل وهو ابن عم فرعون وقيل إسمه شمعان قال الدارقطني ولا يعرف شمعان بالشين المعجمة إلا مؤمن آل فرعون

فائدة: إشارة النطق لغو إلا فيما لو أشار مسلم إلى كافر انحاز من صف الكفار إلى صف المسلمين وأشار الكافر بالقول إشارة مفهومة قال كل منهما أردت الأمان كان أمانا تغليبا لحقن الدماء وأشار الشيخ في رواية الحديث كنطقه ولو قال طالق وأشار بإصبعه وقع من الطلاق وبعدد ما أشار به من إصبعين أو الثلاث إن نوى ذلك إشارة الأخرس كنطقه إلا إذا شهد بالإشارة فلا تقبل أو حلف بالإشارة فلا تنعقد أو حلف لا يكلم زيدا ثم حصل الخرس فكلمه بالإشارة لا يحنث أو خاطب بالإشارة في الصلاة لا تبطل على الأصح والإشارة مقدمة على العبارة في مسائل منها لو قال صلي خلف زيد هذا فبان غيره صحت صلاته وكذا لو قال أصلى خلف هذا الإمام وأعتقد زيدا فبان ولو صل خلف رجل وعنده أنه زيد فبان غيره رجح النووي الصحة أيضاً ولو صلى على جنائز ظن أنهم عشرة فلما سلم ظهر أنهم أحد عشر أعاد على الجميع قال الزركشي ويحتمل أنه يصلي على من لم يصل عليه أولا ولو قال لحائض أنت طالق في هذا الوقت للسنة وقع الطلاق تغليبا للإشارة والله أعلم قال ابن عباس رضي الله عنهما كان لفرعون بنت برصاء فجمع الأطباء فقالوا لا تبرأ إلا من البحر في يوم كذا فلما كان ذلك اليوم جلس فرعون على النيل ومعه آسية وبنتا تلاعب الجواري وتنضح عليهن الماء وإذا بالتابوت تضربه الأمواج فوضعوه بين يدي فرعون فأرادوا فتحه فعجزوا فرأت آسية النور فيه فإذا هو موسى يمص من أحد إصبعيه فألقى الله محبته في قلب آسية فأخذت بنت فرعون من ريقه وتمسحت به فذهب برصها فقال بعض أتباعه لعل هذا هو المولود الذي يخاف منه فأمر

بقتله فقالت آسية هذا أكبر من سنة وأنت أمرت بذبح الأطفال هذه السنة فدعه يكون عندي قرة عين لي ولك فقال فرعون قرة عين لك وأما أنا فلا حاجة لي به وعن نبينا عليه الصلاة والسلام لو قال قرة عين لي كما هو لك لهداه الله كما هداها فلما علمت أمه أن فرعون أخذه طاش عقلها وأصبح نؤادها فارغا من غير ولدها قالت لأخته مريم وقيل كلثوم قصيه أي اتبعي خبره فلما رأته وصل إلى فرعون ولم يرضع بن مرأة غير أمه كما قال تعالى وحرمنا عليه المراضع أي منعناه من الإرتضاع فهو تحريم منع لا تحريم شرع من قبل مجيء أمه فجاءت بها والصبي على يد فرعون يبكي ويطلب الإرتفاع فلما رآها التقم ثديها قال فرعون إنه لم يرضع إلا منك فقالت لبن طيب فدفعه إليها وأعطاها كل يوم دينارا فلم يبق أحد من آل فرعون إلا أهدى لها الجواهر وإنما جاز لها أخذ الأجرة على برضاع ولدها لأنه مال حربي فكانت تأخذه على وجه الإباحية قال الزركشي فلما فطمته ردته إلى فرعون فلما بلغ أشده وهو أربعون سنة وأتاه الله العلم في دينه ودين آبائه علم أن فرعون وقومه على الباطل فتكلم بالحق فدعاهم إلى الله تعالى وطلب فرعون منه علامة النبوة فأوحى الله إليه يا موسى ألق عصاك فإذا هي حية تسعى لها صوت تجاوبه الجبال وكانت قبل ذلك كالفرس يركبها وإذا نام تدور حوله وتطرد الذباب عن غنمه وإذا اشتد الحر ارتفعت فيكون في ظلها في الظلام تنور عليه وإذا عطش خرج منها عين ماء فيشرب منها وإذا استقى من ماء بئر تصير شفتاها دلوا وإذا استوحش تؤنسه بالخطاب فأقبل موسى على فرعون وقال إن الله تعالى أرسلني إليك وهو يقول يا عبدي خلقتك ورزقتك وأحسنت إليك وأنعمت عليك ولك أربعمائة عام تبارزني بالعداوة فهل لك المصالحة بكلمة واحدة لا إله إلا الله أغفر لك ما قد سلف وأعطيك غرائب التحف وأزيدك أربعمائة أخرى وكان فرعون في قبة طولها ثمانون ذراعا وله كرسي في أعلاها فقال يا موسى أمهلنا إلى يوم الزينة قيل هو يوم السبت وقيل هو يوم عيدهم فأمهلهم فجمع سبعين ألف ساحر فاختار منهم سبعة آلاف فاجتمع الناس في ذلك اليوم وفرعون على سريره في القبة على رأسه تاج بصفائح الذهب وفيه جوهرة عظيمة إذا طلعت الشمس لا يستطيع أحد أن يملأ عينيه من النظر إلى وجهه فألقوا سبعين حبلا من الحبال والعمي المملوءة من الزئبق قال وهب كانت الحبال فرسخا في فرسخ فلما اشتد الحر تحرك ذلك كله فأقبل موسى عليه السلام وعليه جبة صوف وبيده العصى وقد حصل له خوف فقال الله تعالى لا تخف إنك أنت الأعلى وألق عصاك فألقاها فصارت هي حية أنيابها كالأسنة ففتحت فاها وكانت العصا كلما مرت على صخرة صارت رملة فابتلعت سحرهم ثم مالت نحو العساكر فحطم بعضهم بعضا ونفذت فيه سهام العصا ثم توجهت نحو قبة فرعون فوضعت فكها الأسفل على أسفل القبة والأعلى على أعلاها فنادى يا موسى الأمان فلما رأت السحرة ذلك علموا أنه من قدرة الله تعالى المالك فخروا ساجدين وقالوا آمنا برب العالمين

لطيفة: الباطل له صولة وماله دولة كان للسحرة دولة وما كان لسحرهم دولة جاءوا لأجل فرعون وهامان عليهم ثياب الخذلان فسبق لهم من ربهم توقيع الأمان فجازاهم بسجدة واحدة قصور الجنان وأنت يا مؤمن تسجد كثيرا لأجل الرحمان فلك الفوز والأمان. هـ فقالت آسية هذا أكبر من سنة وأنت أمرت بذبح الأطفال هذه السنة فدعه يكون عندي قرة عين لي ولك فقال فرعون قرة عين لك وأما أنا فلا حاجة لي به وعن نبينا عليه الصلاة والسلام لو قال قرة عين لي كما هو لك لهداه الله كما هداها فلما علمت أمه أن فرعون أخذه طاش عقلها وأصبح نؤادها فارغا من غير ولدها قالت لأخته مريم وقيل كلثوم قصيه أي اتبعي خبره فلما رأته وصل إلى فرعون ولم يرضع بن مرأة غير أمه كما قال تعالى وحرمنا عليه المراضع أي منعناه من الإرتضاع فهو تحريم منع لا تحريم شرع من قبل مجيء أمه فجاءت بها والصبي على يد فرعون يبكي ويطلب الإرتفاع فلما رآها التقم ثديها قال فرعون إنه لم يرضع إلا منك فقالت لبن طيب فدفعه إليها وأعطاها كل يوم دينارا فلم يبق أحد من آل فرعون إلا أهدى لها الجواهر وإنما

ص: 192

جاز لها أخذ الأجرة على برضاع ولدها لأنه مال حربي فكانت تأخذه على وجه الإباحية قال الزركشي فلما فطمته ردته إلى فرعون فلما بلغ أشده وهو أربعون سنة وأتاه الله العلم في دينه ودين آبائه علم أن فرعون وقومه على الباطل فتكلم بالحق فدعاهم إلى الله تعالى وطلب فرعون منه علامة النبوة فأوحى الله إليه يا موسى ألق عصاك فإذا هي حية تسعى لها صوت تجاوبه الجبال وكانت قبل ذلك كالفرس يركبها وإذا نام تدور حوله وتطرد الذباب عن غنمه وإذا اشتد الحر ارتفعت فيكون في ظلها في الظلام تنور عليه وإذا عطش خرج منها عين ماء فيشرب منها وإذا استقى من ماء بئر تصير شفتاها دلوا وإذا استوحش تؤنسه بالخطاب فأقبل موسى على فرعون وقال إن الله تعالى أرسلني إليك وهو يقول يا عبدي خلقتك ورزقتك وأحسنت إليك وأنعمت عليك ولك أربعمائة عام تبارزني بالعداوة فهل لك المصالحة بكلمة واحدة لا إله إلا الله أغفر لك ما قد سلف وأعطيك غرائب التحف وأزيدك أربعمائة أخرى وكان فرعون في قبة طولها ثمانون ذراعا وله كرسي في أعلاها فقال يا موسى أمهلنا إلى يوم الزينة قيل هو يوم السبت وقيل هو يوم عيدهم فأمهلهم فجمع سبعين ألف ساحر فاختار منهم سبعة آلاف فاجتمع الناس في ذلك اليوم وفرعون على سريره في القبة على رأسه تاج بصفائح الذهب وفيه جوهرة عظيمة إذا طلعت الشمس لا يستطيع أحد أن يملأ عينيه من النظر إلى وجهه فألقوا سبعين حبلا من الحبال والعمي المملوءة من الزئبق قال وهب كانت الحبال فرسخا في فرسخ فلما اشتد الحر تحرك ذلك كله فأقبل موسى عليه السلام وعليه جبة صوف وبيده العصى وقد حصل له خوف فقال الله تعالى لا تخف إنك أنت الأعلى وألق عصاك فألقاها فصارت هي حية أنيابها كالأسنة ففتحت فاها وكانت العصا كلما مرت على صخرة صارت رملة فابتلعت سحرهم ثم مالت نحو العساكر فحطم بعضهم بعضا ونفذت فيه سهام العصا ثم توجهت نحو قبة فرعون فوضعت فكها الأسفل على أسفل القبة والأعلى على أعلاها فنادى يا موسى الأمان فلما رأت السحرة ذلك علموا أنه من قدرة الله تعالى المالك فخروا ساجدين وقالوا آمنا برب العالمين

لطيفة: الباطل له صولة وماله دولة كان للسحرة دولة وما كان لسحرهم دولة جاءوا لأجل فرعون وهامان عليهم ثياب الخذلان فسبق لهم من ربهم توقيع الأمان فجازاهم بسجدة واحدة قصور الجنان وأنت يا مؤمن تسجد كثيرا لأجل الرحمان فلك الفوز والأمان.

فائدة: لما توجه موسى صلوات الله عليه إلى فرعون لعنة الله عليه دعا هؤلاء الدعوات لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السموات السبع والأرضين وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين اللهم إني أدرأ بك في نحره وأعوذ بك من شره فأكفنيه وأستعين بك فأكفنيه بما شئت فتحول خوفه أمنا

موعظة: رأيت في البحر المحيط لأبي حيان كلم الله موسى في ألف مقام وعلى أثر كل مقام يرى النور على وجهه ثلاثة أيام ولم يقرب النساء منذ كلم الله في غير البحر المحيط ناجاه بمائة ألف كلمة وأربعة ألف عشر كلمة في كل كلمة يقول يا موسى قتلت نفسا بغير نفس وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم وروى النسائي والبيهقي عن

ص: 193

النبي صلى الله عليه وسلم قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة من أي باب شاء وزوج من الحور العين ما شاء من أدى دينا خفيا وعفا عن قاتله وقرأ في كل صلاة مكتوبة قل هو الله أحد عشر مرات فقال أبو بكر الصديق أو احداهن يا رسول الله فقال أو احداهن رواه الطبراني وقوله دينا خفيا أي من غير بينة عليه حكاية لما دخل موسى عليه السلام مصر وقت القيلولة وقيل بين المغرب والعشاء وذلك قوله تعالى على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى بيده في صدره فقتله فدفنه في الرمل والوكز يكون في الصدر فلما كان في اليوم الثاني وإذا بالكافر من شيعة موسى قد استغاث به أيضا على كافر فلما أراد موسى أن يضربه قال الذي من شيعته وقد ظن أن موسى يريد ضربه لما قال موسى إنك لغوي مبين يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس فهرب الكافر إلى فرعون فقال إن الذي قتل فلانا بالأمس هو موسى ومن المحن التي رفع الله بها درجات موسى عليه السلام قارون ابن عمه وقيل ابن خالته وذلك أن الله تعالى لما أهلك فرعون أمره أن يكتب التوراة في ألواح الذهب فقال يا رب وأين الذهب فأرسل الله إليه جبريل فعلمه الكيمياء فعلم موسى أخته زوجة قارون ثلثا ويوشع ثلثا وطالوت ثلثا فتعلم قارون من زوجته ولم يزل يتضرع إلى موسى حتى علمه الجميع فركب في زينته في أربعين ألف فارس بالأقبية الحرير المنسوج بالجواهر فلاقى موسى عليه السلام في طريقه فقال إني ركبت لقتلك فقال وأنا دعوت الله لأجلك يا أرض خذيه فلما غابت قوائم فرسه قال إنما دعوت لأجل مالي وداري فقال يا أرض خذي الجميع وقيل أنه قال يا موسى خذ المال واعف عني فقال يا أرض خذيه فاستغاث بموسى سبعين مرة فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لو استغاث بي مرة واحدة لأغثته قال القرطبي فهو يخسف كل يوم قامة فإذا وصل السابعة قامت الساعة ونفخ في الصور قال في العقائق: إن الله تعالى قال للحوت لا تجعل يونس في حساب القوت إنما هو وديعة عندك كما كان موسى في التابوت وأقام يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام وقيل أربعين يوما فلما سمع يونس تسبيح أهل البحر سبح معهم فسمعه قارون فقال للزبانية من هذا قالوا يونس قال دعوني أكلمه فقالوا لم يؤذن لنا في ذلك فجاءهم الإذن فقال أيضا العبد الصالح ما فعل بموسى فأوصل الله صوته إلى يونس وقال من أنت قال أنا قارون الشقي فقال إن موسى قد مات فتأسف قارون عليه وعلى موت زوجته أخت موسى فقال الله للزبانية إرفعوا عنه العذاب إلى قيام الساعة حيث رحم أهله والله أعلم

لطيفة: رأيت في ربيع الأبرار عن ابن عباس رضي الله عنهما خلق الله تعالى طيرا في زمن موسى عليه السلام له وجه كوجه الإنسان وأربعة أجنحة من كل جانب وخلق الله له ذكرا مثلها وقال يا موسى خلقت طيرا عجيبا تستأنس به وجعلنا زيادة في كرامتك على بني إسرائيل وجعلت رزقها في الوحوش التي حول بيت المقدس فكثر نسلها فلما مات موسمى أنتقلت إلى أرض الحجاز وصارت تخطف الصبيان فدعا عليها خالد بن سنان

ص: 194