الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ى مكان لهلك المكان الذي لا ماء فيه ولو استقرت الحية بمكان لخرب ولو كان لها جناح لأذت العالم فعلموا بكلام الخفاش فقالت الشمس أنا أحرقه بحري وقال الريح لأطيرنه في الأفق وقال الماء إذا وردني أغرقته وقالت الحية لأقتلنه بسمي فاستغاث الحفاش إلى ربه فقال الله تعالى أما الشمس فقد أعطيتك الطيران بعد غروبها وأما الريح فيؤذيك لو كان لك ريش وأنا جعلت لك جناحين من لحم كلما هب عليك الريح زادك قوة وأما الماء
فلا تحتاج إليه فإني أجعل لك ثديين أحدهما للغناء والآخر لشرب الماء وأما الحية فإني أجعل بولك سما يقتلها فتهرب من أرض أنت فيها
…
فائدة: رأيت في نزهة الأفكار إذا علق الخفاش على شجرة في قرية لم يقربها الجراد ورأيت في النصيحة للإمام الغزالي من كتب إنا أنزلناه في ليلة القدر وسقاها زرعه لم يصبه نار ولا آفة ومن كتبها وسقاها عموما أبرأه الله تعالى ومن قرأها على رأس زوجته أو ولده نال نال خيرا وذكر أيضا أن الجراد وقع على زرع رابعة العدوية فقالت إلهي قد تكفلت بزرعي فإن شئت فأطعم زرعي لأعدائك وإن شئت فأطعمه لأوليائك فطار الجراد بإذن الله تعالى ورأيت في زاد المسافر وهو كتاب نافع في الطب أن الإكتحال بدم الخفاش الحار يذهب البياض من العينين وتقدم في باب الكرم في هذا زيادة ورأيت في عجائب المخلوقات للقزويني أن الوطواط إذا طبخ دماغه بدهن الورد ودهن به عرق النساء سكن وجعه بإذن الله تعالى. تحتاج إليه فإني أجعل لك ثديين أحدهما للغناء والآخر لشرب الماء وأما الحية فإني أجعل بولك سما يقتلها فتهرب من أرض أنت فيها
…
فائدة: رأيت في نزهة الأفكار إذا علق الخفاش على شجرة في قرية لم يقربها الجراد ورأيت في النصيحة للإمام الغزالي من كتب إنا أنزلناه في ليلة القدر وسقاها زرعه لم يصبه نار ولا آفة ومن كتبها وسقاها عموما أبرأه الله تعالى ومن قرأها على رأس زوجته أو ولده نال نال خيرا وذكر أيضا أن الجراد وقع على زرع رابعة العدوية فقالت إلهي قد تكفلت بزرعي فإن شئت فأطعم زرعي لأعدائك وإن شئت فأطعمه لأوليائك فطار الجراد بإذن الله تعالى ورأيت في زاد المسافر وهو كتاب نافع في الطب أن الإكتحال بدم الخفاش الحار يذهب البياض من العينين وتقدم في باب الكرم في هذا زيادة ورأيت في عجائب المخلوقات للقزويني أن الوطواط إذا طبخ دماغه بدهن الورد ودهن به عرق النساء سكن وجعه بإذن الله تعالى.
فصل في المعراج
قال النووي رضي الله عنه في الروضة كان المعراج بمكة ليلة السابع والعشرين من رجب بعد النبوة بعشرة سنين وثلاثة أشهر وجزم في فتاويه بأنه في ربيع الآخر في شرح مسلم أنه في ربيع أول والصواب الأول وقال نجم الدين النسفي كانت ليلة الإثنين وقيل ليلة السبت
…
فائدة: تقدم في فضل رجل أن من قال هذا الدعاء ليلة السابع والعشرين من رجب قبل الله دعاءه ورفع قدره وأحيى قلبه يوم تموت القلوب وهو اللهم إني أسألك بمشاهدة أسرار المحبين وبالخلوة التي خصصت بها سيد المرسلين حين أسريت به ليلة السابع والعشرين وأن ترحم قلبي الحزين وتجيب دعوتي يا أكرم الأكرمين ويصلي قبل ذلك ركعتين يقرأ فيهما فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عشر مرات وذكر الحناطى من قرأ قل هو الله حد كل يوم من رجب مرة واحدة فكأنما أوقر عشرة آلاف من النجائب قراطيس واجتمع سكان السموات والأرض بأيديهم أقلام من ذهب يكتبون ثواب قل هو الله أحد في تلك القراطيس قال العلائي وغيره كان للنبي صلى الله عليه وسلم خمس مراكب.
شعر في مدح سيد الكونين:
محمد أشرف الأعراب والعجم
…
محمد خير من يمشي على قدم
محمد تاج رسل الله قاطبة
…
محمد صادق الأفعال والكلم
محمد باسط المعروف جامعه
…
محمد صاحب الإحسان والكرم
محمد ثابت الميثاق حافظه
…
محمد طيب الأخلاق والشيم
محمد جبلت بالنور طينته
…
محمد لم يزل نورا من القدم
محمد خير خلق الله من مضر
…
محمد خير رسل الله كلهم
محمد ذكره روح لنفسنا
…
محمد شكره فضل على الأمم
محمد زينة الدنيا وبهجتها
…
محمد كاشف الغمات والظلم
محمد سيد طابت مناقبه
…
محمد صاغه الرحمن من كرم
محمد شرف الباري مراتبه
…
محمد خصه الرحمن بالنعم
محمد صفوة الباري وخيرته
…
محمد طاهر من سائر التهم
محمد طابت الدنيا بمبعثه
…
محمد جاء بالآيات والحكم
محمد يوم بعث الناس شافعنا
…
محمد نوره الهادي من الظلم
محمد قائم لله ذو همم
…
محمد خاتم للرسل كلهم
المركب الأول البراق من مكة إلى بيت المقدس وذلك والله تعالى خلق جبريل عليه السلام ليس بالطويل العالي ولا بالقصير المتداني عليه ثياب بيض مكفوفة باللؤلؤ والياقوت الأحمر لونه كالثلج براق الثنايا عليه وشاحان من الدر له ألف وستمائة جناح من الياقوت الأحمر بين كل جناحين خمسمائة عام طويل العنق أحمر القدمين أصفر الساقين ويشبه كالزعفران من رأسه إلى قدميه سبعون ألف ريشة من زعفران على كل ريشة قمر وكواكب وبين عينيه شمس خلقه الله بعد أن خلق ميكائيل بخمسمائة عام ويغتسل كل يوم في كل من الجنة فينتفض فتقطر منه سبعون ألف قطرة فيخلق الله من كل قطرة ملكاً فيطوفون بالبيت المعمور ثم لا يعودون إلى يوم القيامة وقال ابن عباس يغتسل كل يوم وقت السحر في نهر من نور عين العرش فيزداد نورا على نوره وجمالا على جماله وعظمة ثم ينتفض فيخرج الله من كل ريشة سبعين ألف قطرة من كل قطرة سبعين ألف ملك يدخل منهم إلى البيت المعمور سبعون ألف كل يوم وإلى الكعبة سبعون ألفا ثم لا يعودون إلى يوم القيامة حكاه القرطبي في سورة النحل في قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون وقال وهب أنه واقف ين يدي الله تعالى ترعد فرائسه أي رجلاه وركبتاه فيخلق الله من كل رعدة مائة ألف ملك لا يتكلمون إلا بإذن الله فإذا أذن لهم قالوا لا إله إلا الله ويستغفرون لقائلها فلما أراد الله إكرام محمد صلى الله عليه وسلم بكرامة لم يبلغها الأولون والآخرون أوحى الله تعالى إلى جبريل قف على قدم العبودية واعترف بعز الربوبية وامرح في ميدان شكري واعلم عظم قدري فقد مننت عليك فاستمع بما يوحى إليك فقال يا رب أنت اللطيف وأنا العبد الضعيف فقال خذ علم الهداية وبراق العناية وخلعة القبول وطيلسان الرسالة ومنطقة الجلالة وانزل مع سبعون ألف ملك إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقم ببابه ولذ بجنابه فأنت الليلة صاحب ركابه ويا ميكائيل خذ علم السؤال وانزل مع سبعين ألف ملك إلى باب حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ويا إسرافيل ويا عزرائيل افعلا كما فعل جبريل وميكائيل زد من نور الشمس على نور القمر أي ضوء القمر ومن القمر على نور الكواكب فقال يا رب أقرب قيام
الساعة قال لا ولكن لنا الليلة مع يتيم أبي طالب سر نريد أن نظهره إليه ونطلعه عليه قال يا رب ما هذا السر فقال يا جبريل أسرار الملوك لا يقف عليها مملوك فنزل جبريل وتقدم وشد وسطه بمنطقة الخدمة وسلم وقال قم يا سيد وتأهب وظهر البراق فاركب فإن المملكة قد تزينت لأجلك والموجودات قد شهدت بفضلك فلما ركب واستوى وطار في الهواء وسارت الملائكة بين يديه أكثر من الصلاة عليه ونادوا يا سيد التفت إلينا وأقبل بوجهك علينا فقال من بلغ هذا المقام الأعلى لم يلتفت إلى غير المولى فلما صحت عزائم إرادته ولم يلتفت إلى شيء من مخلوقاته أذعن لسان شكره وأثنى فكان قاب قوسين أو أدنى ثم نودي يا محمد أنت الليلة ضيفنا فماذا تريد قال كلما جدت به على الأنبياء قبلي فخلع مستعملة لا أريدها قيل له فبماذا تقتنع وما الذي فيه تطمع قال أنت أعلم بالمقصود فإذا الكرم والجود قال إن كنت تريد خلعة لم تسم إليها همة طامع ولا طرق ذكرها أذن سامع فادخل في خزائن كرمنا وتحكم في ملابس فضلنا ونعمنا فكانت خلعة ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى ونقش طرازها ما كذب الفؤاد ما رأى ثم قال يا محمد أتعرفني سبحانك ما عرفناك حق معرفتك قال يا محمد أتدري أين أنت قال أنت أعلم قال ما وراءك لمخلوق مقام ننقلك من عالم إلى عالم ومعراج إلى معراج حتى لم يبق في ملكوت الأرض عجيبة إلا وأطلعك عليها ولولاك ما خلقت الأفلاك ولا أدرت الأفلاك في العقائق قال ابن عباس رضي الله عنهما كنت تلك الليلة نائما فاستيقظت فرأيت الدنيا بيضاء مثل النهار فأردت أن أصرخ بالناس قامت القيامة فهتف بي هاتف أمسك يا ابن عباس قد رقى بالمحبوب إلى الحبيب وافجر قد هجر والوصل قد حصل والأنوار قد حفت والعوازل قد كفت وجيوش النصر قد صفت فجاء جبريل بأمر الجليل وبالبراق فأدبر البراق وتقاعس متأخرا فقرعه جبريل بصوت التأديب وصاح عليه جهارا فلما ركب تشبث جبريل بركابه وأخذ ميكائيل بزمام براقه فلم يزل يخترق الملكوت إلى أن وصل إلى سرادقات الجبروت فاخترق حجب النور وجاوز الستور وصار العرش عن يمينه والكرسي عن شماله واللوح
والقلم خلف ظهره ووصل إلى مقام لم يصل إليه أحد سواه وأقرب إلى محل لم يقربه عبد إلا إياه فقيل له تقدم يا خاتم النبيين فقال تقدمت يا رب العالمين فقال وعزتي وجلالي لأنشرن ذكرك لأشرحن صدرك ولأرفعنك قدرك ولأشفعنك في العصاة المذنبين ولأصلين على من صلى عليك من المؤمنين قال البغوي ألم نشرح لك صدرك أي ألم نفتح ونوسع ونلين قلبك للإيمان والنبوة والحكمة والعلم صلى الله عليه وسلم ووضعنا عنك وزرك أي وزر أمتك لاشتغال قلبه بذنوب أمته جزاه الله أفضل ما جازى نبيا عن أمته صلى الله عليه وسلم. شعر: م خلف ظهره ووصل إلى مقام لم يصل إليه أحد سواه وأقرب إلى محل لم يقربه عبد إلا إياه فقيل له تقدم يا خاتم النبيين فقال تقدمت يا رب العالمين فقال وعزتي وجلالي لأنشرن ذكرك لأشرحن صدرك ولأرفعنك قدرك ولأشفعنك في العصاة المذنبين ولأصلين على من صلى عليك من المؤمنين قال البغوي ألم نشرح لك صدرك أي ألم نفتح ونوسع ونلين قلبك للإيمان والنبوة والحكمة والعلم صلى الله عليه وسلم ووضعنا عنك وزرك أي وزر أمتك لاشتغال قلبه بذنوب أمته جزاه الله أفضل ما جازى نبيا عن أمته صلى الله عليه وسلم. شعر:
هذا هو المختار والبدر الذي
…
كل البدور خضعن تحت هلاله
ما أن له في العالمين مماثل
…
كلا ولا في الكون من أشكاله
أسرى به ليلة سعدية
…
وطئ السموات العلى بنعاله
فالملك والملكوت طوع يمينه
…
والكون والأكوان تحت شماله
حتى دنا من قاب قوسين العلا
…
وسعى له المعشوق في إقباله
ورأى وشاهد ذا الجلال بعينه
…
ما زاغ منه الطرف عند مآله
كلا ولا كذب الفؤاد وكيف لا
…
وهو الحبيب دعى لأجل وصاله
هذا الذي قد خط في العرش
…
اسمه بصفاته ونعوته وجلاله
هذا الذي رام الكيم مقامه
…
فاندك منه الطور عند مقاله
هذا الذي جاء المسيح مبشرا
…
بقدومه متمسكا بحباله
هذا الذي سفر اللثام فأطرقت
…
مقل القلوب مهابة لجماله
هذا الذي في العشر يعقد فوقه
…
ذاك اللواء والرسل تحت ظلاله
يا حضرة القدس الذي هاموا بها
…
والعارفون تمسكوا بحباله
صلى عليك الله ما ظهر الدجا
…
وضحى وهل مهلل بهلاله
وقال النسفي في كتابه زهر الرياض لما مر الله جبريل عليه السلام أن يأخذ البراق ذهب إلى الجنة فوجد فيها أربعين ألف براق على جباههم لا إله إلا الله محمد رسول الله ورأى فيهم براقا باكيا قد اعتزل وحده وترك الأكل والشرب فسأله عن ذلك فقال سمعت بإسم محمد منذ أربعين ألف سنة فمنعني الشوق إليه الأكل والشرب فأخذه جبريل وهو فوق الحمار ودون البغل ووجهه كوجه الآدمي ضخم العينين بسواد رقيق الأذنين لونه كالطاووس وجبينه كالزهرة وبدنه من الياقوت الأحمر وأظلافه كأظلاف البقر من زمرد أخضر مرصع بالياقوت والمرجان ورأسه من المسك الأزفر وهو الذي لا خلط فيه وعنقه من العنبر الأشهب وناصيته من اللؤلؤ الأبيض مزموم بسلسلة من ذهب مكللة باللؤلؤ والجواهر عليه راحلة الديباج خطوه مد البصر فأسرجه جبريل بسرج من ياقوت أحمر وألجمه بلجام من زبرجد قال في روض الأفكار لما نزل جبريل قرع حلقة الباب وقال قم يا نائم فقد هيئت لك الغنائم يا يتيم أبي طالب فقد هيئت لك المطالب قم يا محمد الليلة ليلتك والدولة دولتك أنت شمس المعارف أنت بدر اللطائف أنت في القيامة ملجأ لكل خائف ما مهدت الدار إلا لأجلك ولا روق كأس الحب إلا لوصلك قم فإن الموائد لك ممدودة والأيام للقائك معدودة فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا جبريل جئتني بآية رحمة أم بآية عذاب فقال إن الله تعالى يقرئك السلام ويدعوك لحضرته لسر بينك وبينه فقال: يا جبريل فالكريم يدعوني إليه فما الذي يصنع قال ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال هذه لي فما لعيالي قال ولسوف يعطيك ربك فترضى قال مهلا حتى أتوضأ قال قد جئتك بماء من السلسبيل في كوز من الجوهر وطست من ياقوت أحمر وحلة من سندس أخضر وعمامة من نور مكتوب عليها أربعة أسطر: الأول: محمد رسول الله الثاني: محمد نبي الله الثالث: محمد حبيب الله الرابع: محمد خليل الله قد نزل به رضوان ومعه أربعون ألف ملك وكانوا قبل ذلك يصلون على صاحب العمامة قبل السموات والأرض فلما كانت تلك الليلة أخذ رضوان العمامة من الجنة قالت الملائكة
ربنا أنت أمرتنا بالصلاة على صاحب هذه العمامة فشرفنا الليلة بالنظر إليه وأذن لنا في السير بين يديه فلما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم أمر الله جبريل أن يدفع ماء وضوئه إلى ميكائيل فدفعه إليه ثم أمر ميكائيل أن يدفعه إلى عزرائيل ثم إلى إسرافيل ثم إلى رضوان ثم إلى جنة الفردرس فأمر الله الحور العين أن يمسحن به وجوههن ففعلن فازددن نورا وحسنا ثم قدم جبريل البراق فنفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لمس الصفا بيده وقال إن من يعبد هذا الشقى والصفا كان صنما على صورة رجل والمروة كان صنما على صورة امرأة قال له جبريل يا براق أما تستحي من محمد فوالذي نفسي بيده ما ركب على ظهرك أفضل منه فقال البراق هذا النبي العربي قال نعم قال هذا صحب الحوض المورود قال نعم قال هذا قائد الغر المحجلين قال نعم قال هذا الشفيع في القيامة قال نعم فند ذلك خضع له قال اركب يا سيد المرسلين ولكن لي إليك حاجة أن لا تنساني من شفاعتك يوم القيامة فلما أراد الركوب بكى فسأله جبريل عن ذلك فقال تذكرت أمتي هل يركبون يوم القيامة قال نعم يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا يعني ركبانا فعند ذلك اندفع الكرب عن محمد صلى الله عليه وسلم قال حيوان ضعيف يحمل أثقال محبته وأسرار أمانته التي عجز عن حملها السموات والأرض والجبال يا جبريل المركوب يقطع به المسافات والدليل يستدل به على الجهات والجهات إنما هي محل الحادثات وأنا حبيبي تقدس عن الجهات ولا يوصل إليه بالحركات فمن علم المعاني وعرف ما أعانى أن قربي منه قاب قوسين كقربي منه وأنا في بيت أم هانئ وقال جبريل إنما جيء بي إليك لأكون خادما لدولتك وجئتك بالمركوب على عادة الملوك وآداب أهل السلوك لإظهار كرامتك فلما ركب أخذ جبريل بزمام براقه وميكائيل بركابه وإسرافيل يسوى أطراف ثيابه وعلا به البراق على جبل مكة ثم قال يا محمد إنزل فصل ففعل ذلك فقال أتدري أين صليت قال لا قال بطيبة وإليها تهاجر إن شاء الله ثم سار وفي رواية فسرنا ثم قال انزل فصل فصليت فقال أتدري أين صليت قلت لا قال صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى ثم سرنا فقال انزل وصل فصليت فقال أتدري أين صليت قلت لا قال صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى فبينما أنا أسير
إذ سمعت نداء عن يمين على رسلك يا محمد حتى أسألك فلم أعرج إليه ثم سمعت نداء عن يساري على رسلك يا محمد حتى أسألك فلم أعرج عليه ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة فقالت على رسلك يا محمد حتى أسألك فلم اعرج عليها فسألت جبريل عن ذلك فقال الداعي الأول داعي اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك والثاني داعي النصارى ولو أجبته لتنصرت أمتك والمرأة هي الدنيا ولو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة
…
موعظة: كان بعض العارفين يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا فقيل وإن ثيابك ومركوبك يساوي خمسمائة دينار فقال اجعل الدنيا على ظهرك لا في بطنك فلو ملكتها وأنت غير محب لها بقلبك فأنت زاهد ولو لم تملك منها شيء وأنت محب لها بقلبك فأنت راغب فيها مذموم ومن علامة كون الدنيا في القلب البخل بها لأن إخراج المحبوب من القلب عسر ومن علامة كونها في اليد فقط بذلها والجود بها فإن قيل محمد صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق فكيف قال حبب إلي من الدنيا ثلاث الطيب والنساء وقرة
عيني في الصلاة فالجواب أن هذه الثلاثة وإن كانت في الدنيا صورة فليست منها حقيقة لأن المذموم من الدنيا هو الزائد على قدر الكفاية وأما ما لابد منه من مسكن وخادم وزوجة وقوت فليس من الدنيا المذمومة وجواب آخر أنه صلى الله عليه وسلم كان مشرعا فحبب الله إليه هذه الثلاثة لتكون شريعته متبعة يوم القيامة لأن حب الطيب يزيد في العقل وبقدر العقل يقوم الدين والنساء سبب العفة وكثرة النسل وبكثر العباد تكثر العبادة وما ذكر الله سبحانه وتعالى نبيا إلا تزوج حتى يحيى عليه السلام تزوج أيضا ولم يأتها لأنه أخبر عنه أنه حصور وأما عيسى عليه السلام فإنه يتزوج بعد نزوله وقال الخواص الزهد ثلاثة أحرف الزاي ترك الزينة والهاء ترك الهوى والدال ترك الدنيا قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت شابا بأحسن ثياب طيب الرائحة فقبلني بين عيني ثم غاب عني فسألت جبريل فقال هذا الدين أبشر فإن أمتك يعيشون مؤمنين ويموتون مؤت ويدخلون الجنة آمنين ثم أوتيت بثلاثة أقداح من لبن وقدح من ماء وقدح من خمر فاخترت اللبن فقال جبريل أصبت الفطرة ولو شربت الماء غرقت أمتك أو الخمر سفهت أمتك فشربت بعض اللبن فقال جبريل لو شربت اللبن كله لم يدخل أحدا من أمتك النار قلت أشربه كله فقال هيهات جرى القلم حكم ثم أوتيت بثياب بيض نضر وصفر وسود فاخترت الأبيض فقال جبريل الثياب البيض ثياب أهل الإسلام والخضر ثياب أهل الجنة وجبت لأمتك الجنة والثياب الصفر ثياب أهل الكتاب نجت أمتك من اليهودية والنصرانية والسود ثياب أهل النار نجت أمتك من النار في المصابيح عن النبي صلى الله عليه وسلم البسوا الثياب البيض فإنها أطيب وأظهر وقال العلائي في تفسير سورة الإسراء قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أتيت بيت المقدس ليلة أسري بي وقت على باب المسجد فتلقاني ثلاثة بيد كل واحد إناء فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء وقيل لي اشرب فسمعت قائلا يقول إن شرب محمد الماء غرق وغرقت أمته وإن شرب الخمر غوى وغويت أمته وإن شرب اللبن هدى وهديت أمته فأخذت اللبن فشربته وقال في العقائق أن النبي صلى الله عليه وسلم جيء له بشيخ وكهل وشاب فقيل له اختر لك واحدا فاختار الشاب فقال جبريل اخترت العافية والشيخ وهو الدولة والكهل هو البخت وهما يتغيران وقال سعيد بن المسيب رضي الله عنه من قرأ قوله تعالى اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الآية لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم أمان كل خائف حسبنا الله ونعم الوكيل ذكره الغزالي في النصيحة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم مررنا على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء المجاهدون في سبيل الله الله تضاعف لهم الحسنات إلى سبعمائة ضعف ثم مررنا على قوم ترضخ رءوسهم بالحجارة كلما رضخت عادت كما كانت فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين تثاقلت رءوسهم عن الصلاة ثم مررنا على قوم على أدبارهم رقاع وعلى أقبالهم رقاع يسرحون إلى الزقوم كما تسرح البهائم إلى الضريع فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين لا يؤدون الزكاة قال مجاهد وقتادة
الضريع في قوله تعالى ليس لهم طعام إلا من ضريع هو نبات لاصق بالأرض له شوك فإذا كان رطبا ترعاه الإبل وإذا يبس لا
يأكله شيء اسمه في أيام الربيع الشبرق في أيام الصيف الضريع ثم مررنا على قوم بين أيديهم لحم طيب ولحم خبيث يأكلون الخبيث ويتركون الطيب فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الزناة وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه الزنا مع المحصنة أعظم عند الله من سبعين ذنبا من الكبائر ومن زنى بمحصنة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى يوم الدين ثم مررنا عل قوم تقرض شفاههم ألسنتهم بمقاريض الحديد كلما قرضت عادت كما كانت فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الخطباء الذين يقولون ما لا يفعلون ثم مررنا بحجر صغير يخرج منه ثور كبير فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا رجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فيريدك يرده فلا يستطيع ثم رأيت نساء معلقات من أشفار عيونهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن درهن ويرضعهن أولاد غيرهن قال العلائي قال رجل يا رسول الله من أبر قال بر والديك قال ما لي والدان قد بر ولدك كما لوالديك عليك حق كذلك لولدك عليك حق وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ريح الوالد من ريح الجنة وتقدم في باب الوالدين وعن النبي صلى الله عليه وسلم رضا الله في رضا الوالدن وسخط الله في سخط الوالدين وفي المورد العذب عن النبي صلى الله عليه وسلم بين البار لوالديه وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة وبين العاق لوالديه وبين إبليس في النار درجة واحدة وعن النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد أي فضل من نفل الصلاة وغيرها وقال رجل يا رسول الله جئت أستشيرك في الجهاد قال وهل لك من أم قال نعم قال فالزمها فإن الجنة تحت رجليها وفي حديث آخر هل لك والدان قال نعم قال فالزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما وجاء رجل يشكو أباه بأخذ ماله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه كان ضعيفا وأنا قوي وفقيرا وأنا غني وكنت لا أمنعه شيئا من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير وهو غني ويبخل علي بماله فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما من حجر ولا مدر يسمع بهذا إلا بكى ثم قال للولد أنت ومالك لأبيك. أكله شيء اسمه في أيام الربيع الشبرق في أيام الصيف الضريع ثم مررنا على قوم بين أيديهم لحم طيب ولحم خبيث يأكلون الخبيث ويتركون الطيب فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الزناة وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه الزنا مع المحصنة أعظم عند الله من سبعين ذنبا من الكبائر ومن زنى بمحصنة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى يوم الدين ثم مررنا عل قوم تقرض شفاههم ألسنتهم بمقاريض الحديد كلما قرضت عادت كما كانت فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الخطباء الذين يقولون ما لا يفعلون ثم مررنا بحجر صغير يخرج منه ثور كبير فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا رجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فيريدك يرده فلا يستطيع ثم رأيت نساء معلقات من أشفار عيونهم قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن درهن ويرضعهن أولاد غيرهن قال العلائي قال رجل يا رسول الله من أبر قال بر والديك قال ما لي والدان قد بر ولدك كما لوالديك عليك حق كذلك لولدك عليك حق وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ريح الوالد من ريح الجنة وتقدم في باب الوالدين وعن النبي صلى الله عليه وسلم رضا الله في رضا الوالدن وسخط الله في سخط الوالدين وفي المورد العذب عن النبي صلى الله عليه وسلم بين البار لوالديه وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة وبين العاق لوالديه وبين إبليس في النار درجة واحدة وعن النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد أي فضل من نفل الصلاة وغيرها وقال رجل يا رسول الله جئت أستشيرك في الجهاد قال وهل لك من أم قال نعم قال فالزمها فإن الجنة تحت رجليها وفي حديث آخر هل لك والدان قال نعم قال فالزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما وجاء رجل يشكو أباه بأخذ ماله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه كان ضعيفا وأنا قوي وفقيرا وأنا غني وكنت لا أمنعه شيئا من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير وهو غني ويبخل علي بماله فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما من حجر ولا مدر يسمع بهذا إلا بكى ثم قال للولد أنت ومالك لأبيك.
فصل يحرم على الوالد أن يأكل مال ولده بغير طريق شرعي فإذا أكله بغير طريق شرعي لا يحبس الولد الوالد وعند الحنابلة لا تسمع الدعوى عليه لحق الأبوة والله اعلم قال في تهذيب الأسماء واللغات شيوخ العلم آباء في الدين وصلة بينه وبين رب العالمين وهو مأمور بالدعاء لهم والثناء عليهم ورأيت في تحفة الحبيب فيما زاد على الترغيب والترهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال الحمد لله رب العالمين رب السموات ورب الأرضين ورب العالمين وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم الحمد لله الملك رب السموات والأرض ورب العالمين وله العظمة في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم مرة واحدة ثم قال اللهم اجعل ثوابها لوالدي لم يبق لوالديه عليه حق إلا أداه وقال علي رضي الله عنه دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي
فسألته عن ذلك فقال رأيت ليلة أسري بي نساء من أمتي في عذاب شديد ورأيت امرأة معلقة بثدييها والقطران يصب في حلقها وهي التي ترضع أولاد الناس بغير رضا زوجها ورأيت امرأة معلقة بثدييها والنار توقد تحتها تأكل لحم جسدها وهي التي تتزين لغير زوجها وفي حديث آخر إذا اكتحلت المرأة في غير وجه زوجها سود الله وجهها وجعل قبرها حفرة من حفر النار قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم مررنا على واد فوجدنا ريحا طيبة مع صوت حسن فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا صوت الجنة تقول يا رب بما وعدتني فقد كثرت غرفي وحريري وذهبي وفضتي ولؤلؤي ومرجاني وأكوابي وفواكهي وعسلي ولبني ومائي وخمري فأتني بما وعدتني فقال لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ومن لا يشرك بالله شيئا إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد فقالت رضيت ثم مررنا على واد فسمعنا صوتا منكرا فقلت يا جبريل ما هذا قال هذا صوت جهنم تقول يا رب ائتني بما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري واشتد حري فقال لك كل مشرك ومشركة ومن لا يؤمن بيوم الحساب فقالت رضيت ثم مررنا على رجل قد حزم حزمة عظيمة من الحطب لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها ويريد حملها فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا مثل رجل من أمتك عليه أمانات للناس لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها ثم مررنا على خشبة في الطريق لا يمر عليها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته فقلت ما هذا يا جبريل قال قوم من أمتك يقطعون الطريق فلما وصلنا بيت المقدس ربط جبريل البراق ودخلت المسجد الأقصى فوجدت نصفه قد امتلأ من الملائكة ورأيت النبيين صفوفا صفوفا فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء إخوانك الأنبياء زعمت قريش أن لله شريكا واليهود والنصارى أن لله ولدا سل هؤلاء المرسلين هل كان له شريك أو ولد فذلك قوله تعالى: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون فأقروا كلهم بالوحدانية لله تعالى ثم أقام جبريل عليه السلام الصلاة وقال تقدم يا أكرم الخلق على الله وسئل الإمام النووي رضي الله عنه في الفتاوى عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ليلة المعراج هل هي الصلاة المعهودة أم الدعاء فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة أثنى كل واحد من الأنبياء على ربه فقال آدم الحمد لله الذي خلقني بيده وأسجد لي ملائكته وجعل الأنبياء من ذريتي وقال نوح الحمد لله الذي أجاب دعوتي ونجاني من الغرق بالسفينة وفضلني بالنبوة وقال إبراهيم الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظما واصطفاني بالرسالة وأنقذني من النار وجعلها بردا وسلاما قال موسى الحمد لله الذي كلمني تكلما واصطفاني على الناس برسالته وأنزل على التوراة وألقى على محبة منه وقال داود الحمد لله الذي نزل علي الزبور وألان لي الحديد وقال سليمان الحمد لله الذي سخر لي الرياح والجن والإنس وعلمني منطق الطير وأعطاني ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي.
يا نفس نلت المنى فاستبشري رسلي
…
هذا الحبيب وهذا سيد الرسل
هذا الذي ملأت قلبي محبته
…
هذا الذي سهرت من أجله مقلى
هذا الذي كنت أهواه وفزت به
…
يا فرحتى انفصلى يا فرحتى اتصلى
هذا الذي الخلق من أشواقه هجروا
…
للأهل والصحب والأبناء والطلل
هذا الذي للهدى والدين أرشدنا
…
لملة شرعها يسمو على الملل
هذا الذي انشق إكراما له قمر
…
لما أشار له في محفل حفل
هذا الذي رد عينا بعدما قلعت
…
وريقه قد شفى الإمام علي
هذا الذي بن مشى في الرمل لا أثر
…
يرى له ويرى في الصخر والجبل
هذا الذي حن جذع عند فرقته
…
له أنين شبيه الوالد الثكل
هذا الذي جاء بئرا وهي مالحة
…
ومج فيها فعاد الماء كالعسل
هذا الذي فار ماء من أصابعه
…
مثل الزلازل حكى الأنهار في السبل
هذا الذي إن دعا جاءت له شجر
…
تجر أصلالها سعيا على عجل
هذا الذي سبح الحصى براحته
…
والضب كلمه جهرا مع الحمل
هذا الذي شد من جوع حجرا
…
أكرم بمولى غدا بالزهد مشتمل
هذا الذي راودته الشم من ذهب
…
فردها وإلى الدنيا فلم يمل
هذا الذي في مقام العرض شافعنا
…
إذا استغثنا به من شدة الوجل
هنا الذي روضة ما بين منبره
…
وقبره من رياض الخلد لم تزل
ياسيد الخلق يا من حاز مرتبة
…
عليا وقد جل عن شبه وعن مثل
يا درة الأنبياء يا روضة العلا
…
يا ملجأ الغربا يا سيد الرسل
العبد عبد الرحمن جليل أتى
…
إليك وهو من الأوزار في خجل
يرجو بمدحته غفران زلته
…
مع الرضا وحلول الخلد والحلل
صلى عليك إله العرش خالقنا
…
في الليل والصبح والأبكار والأصل
واخصص أبا بكر ثم الحق به عمرا
…
كذلك عثمان ذا النورين ثم علي
والآل والصحب والأتباع أجمعهم
…
أولي النهى والفخار السادة النجل
والسابقين إلى الإسلام قاطبة
…
والتابعين بإحسان وكل ولى
المركب الثاني في المعراج من بيت المقدس إلى السماء قال الأستاذ شرف الدين عيسى السهروردى رحمه الله تعالى لما علت الأنبياء بهم المراتب وتفاوتت منازلهم في المناصب تقدم ذكر آدم باصطفائه وادريس بعليائه ونوح بقبول دعائه وإبراهيم بخلته ووفائه وموسى بخطابه وندائه وعيسى بإنعاشه للميت وأحيائه خرج أمير الدولة المحمدية ناطقا بكريم أوصافه وحسن رعايته واسعافه وجليل أسمائه وقدره وقد عقدت صناجق عزه بتاج نصر فلم يكن لأحد منهم فضيلة إلا وأعطى محمد مثلها ولم تذكر مدحة إلا كان محمد أحق بها وأهلها عم قال يا جبريل أئت إلينا بصاحب المحل الأسى المنعوت بالحسنى حتى يفضل على أهل الكونين بمقام قاب قوسين أو أدنى وتلطف في يقظته من المنام فهو نائم في المسجد الحرام ادعه لمناجاتي بألطف كلام فإن سألك أين المقام فقل له إلى مقام لا تصله الأوهام ولا تجاوز إليه الأفهام فجاء
جبريل وجلس عند رأس المصطفى حتى أفاق فدعاه للصعود إلى أعلى مراتب السعود فسار المخصوص بالتوفيق وجبريل له خير رفيق حتى وصل إلى المسجد الأقصى وقد عاين في طريقه من العجائب ما لا يحصى جمع الله النبيين الكرام فصلى بهم إماما عليه أفضل الصلاة والسلام ثم صعد على المعراج العلا كلما مر على ملأ من الملائكة رحب به ذلك الملأ ووصف في السماء الأولى بأجمل صفاته وخلعت عليه خلعة تصلح لكريم ذاته مرقوم على أكمامها ما يشهد برفع درجاته هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته وخلع عليه في السماء الثانية خلعة تشرف بها على المرسلين مرقوم عليها وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وخلعت عليه في السماء الثالثة خلعة نال بها فخرا كثيرا مرقوم عليها يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وخلعت عليه في السماء الرابعة خلعة دار بها في الملكوت مبتهجا مرقوم عليها الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا وخلعت عليه في السماء الخامسة خلعة دار بها على النبيين تعظما مرقوم عليها إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسلما وخلعت عليه في السماء السادسة خلعة التكريم مرقوم عليها لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم وخلعت عليه في السماء السابعة خلعة جر بها على أهل السماء ذيلا مرقوم عليها سبحان الذي أسرى بعبده ليلا دلى له رفوف النور الأزهر فتقدم وجبريل عنه تأخر ثم زج في الأنوار ورفعت له الأستار حتى سمع كلام الجبار فقربه وناجاه وآنسه وناداه السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وقال ابن الجوزي رحمه الله في كتاب المجريات في الأسئلة والجوابات لما اجتهد من حاز السيادة في أبلغ العبادة واستعظم من الملأ الأعلى عقله وعرف من في الوجود فضله زاد الكريم تكريما وتفضيلا وأنزل عليه يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا فقال وعزتك لا زلت في خدمتك حتى تلفت فيها مهجتي وتغفر لأمتي فقيل لست قمت لنا في الظلام على أقلام مجاهدتك ففيه ندعوك إلى دار كرامتك سترا على حالك وغيرة على جلال جمالك لتكون خلوة بخلوة وجلوة بجلوة نوي بين حجب الجبروت وفي فضاء الملكوت يا جنة عدن تزيني ويا دار النعيم تكوني ويا حلل الإنعام تلوني ويا حور تبختري ويا سموات افتخري فقالت إلهنا ما الخبر فقال الليلة سيقدم لزيارتنا سيد البشر فلما شق جيب الغيب نشر أعلام نصر من الله وفتح قريب على أبواب الدولة المحمدية والرسالة الأحمدية فلما انحاز زخرت النهار وغشى الظلام نور الأبصار جاء جبريل وتقدم ودنا منه وسلم حياء وبجله واحترمه وقال أيها السيد قم على أقدام المسرة فقد دعيت إلى الحضرة فركب في حشمة رسالته ودارت به مواكب كرامته فلما وصل إلى مقام الإجلال كقاب قوسين لدنو الجمال قال ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قيل لمن هذا الاستغفار قال لأمتي قال تطلب كل الأمة أو بعضها قال كلهم في وصف كرمك قيل انظر يمينك فنظر فرأى واديا مملوءا دخانا فقال يا إلهي ما هذا الدخان قال سوء أفعالهم وقبيح أعمالهم قال صلى الله عليه وسلم تريد أن توحش قلبي منهم وتنفر فؤادي
عنهم ووعدك الحق في تحقيق كرامتي فقيل قد وهبتك ثلم فقال وعزتك لا أرضى لهم قال فالنصف قال لا أرضى بدون الكل يا إلهي لما أنزلت علي يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا
والنصف إذا أنقص منه قليل صار الثلث فعبدك ما رضى في خدمتك بالثلث النصف بل قم الليل كله فلا أرضى إلا بالأمة كلها فقيل له قد مننا عليك وغفرنا لهم بخدمتك ولأرفعن قدر من صلى عليك ببركتك قال في عاتق العقائق لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس صلى بالأنبياء ركعتين على ملة إبراهيم عليه السلام قرأ في الأولى قل يا أيها الكافرون في الثانية الإخلاص وتقدم عن قتادة في الموكب الأول أنها الصلاة المعهودة ثم أخذ جبريل بيده إلى ناحية الصحراء ونادى يا إسماعيل دل المعراج فجاء به من الفردوس أحد شقيه من ياقوتة حمراء والأخرى من زبرجدة خضراء وهو منضود باللؤلؤ من أحسن شيء خلقه الله تعالى وما من مؤمن إلا ويراه عند موته ألا ترون له يشخص ببصره إلى السماء أصله على الصخرة ورأسه ملتصق بسماء الدنيا مائة درجة من الذهب والفضة والزبرجد والياقوت والمسك والعنبر فلما صعدت على الدرجة الأولى رأيت ملائكة ألوانهم حمر وثيابهم حمر ثم صعدت الثانية فرأيت ملائكة ألوانهم صفر وثيابهم صفر ثم صعدت الثالثة فرأيت ملائكة ألوانهم خضر وثيابهم خضر ثم صعدت الرابعة ورسول يأتى بعد رسول ويقول يا جبريل عجل بمحمد فرأيت ملائكة تبرق أجسادهم ووجوههم كما تبرق المرآة ثم صعدت الخامسة فإذا عليها ملائكة أكثر من الجن والإنس وكلامهم لا إله إلا الله ثم صعدت السادسة فإذا عليها ملك عظيم على كرسي من ذهب معه ملائكة شاخصون بأبصارهم هيبة لله تعالى كلامهم ما شاء كان ثم صعدت السابعة فرأيت عليها ملائكة كاد نور بصري يذهب من نورهم فاستقبلوني بالتعظيم ورأيت على الثامنة ملائكة ساجدين لله تعالى ورأيت على التاسعة ملائكة قصر فهمى عن صفتهم ورأيت على العاشرة ملائكة يسبحون الله تعالى بأنواع اللغات ورأيت على الحادية عشرة ملائكة لا يحصون لكثرتهم ورأيت على الثانية عشرة ملائكة وجوههم كالأقمار ورأيت على الثالثة عشرة ملائكة لهم زجل بالتسبيح والتقديس ويكاد يذهب بالأسماع ورأيت على الرابعة عشرة إسماعيل ومعه سبعون ألف ملك زاد العلائي مع كل ملك منهم مائة ألف ملك وظاهر كلامه أنه الذي حاء بالمعراج ورأيت على الخامسة عشرة رقائيل ومعه ألف ألف ملك حتى بلغت الرابعة والعشرين فإذا عليها ملك اسمه قلائيل يده اليمنى تحت السماء والأخرى فوقها بين كل أصبعين سبعة آلاف ملك إذا سبحوا الله تناثر اللؤلؤ من أفواههم طول اللؤلؤة الواحدة ثمانين ميلا لها ملائكة موكلون بها يلتقطونها إلى شاطئ النهر الشرقي ورأيت ملائكة تسبيحهم سبحان ربي الأعلى ورأيت سريرا من ذهب قوائمه من الياقوت له أجنحة من الزبرجد على سعة الدنيا على خمس قوائم مع كل قائمة خمسون ألف ملك كل قائمة تقول شرفتني بقدومك يا محمد فجمع الله الكل تحت قدمي ثم طار في الهواء ورأيت ملكا دموعه لؤلؤ وهو ينادي يا غفار الذنوب اغفر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم لم أزل أصعد درجة بعد درجة
وجبريل تحت البراق ورسول يفتي من بعد رسول يقول يا جبريل عجل بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى كنت في أعلى درجة فسمعت الملائكة يهللون ويسبحون ويقدسون الله تعالى فقرع جبريل بابا من أبواب السماء وهو الباب الخاص بمحمد صلى الله عليه وسلم وهكذا في كل سماء فلذلك استأذن فأقبل اسماعيل على فرس من نور عليه رداء من نور بيده حربة من نور عمل العباد بالنهار بيده اليمنى وعملهم بالليل بيده اليسرى ومعه ألف موكب من الملائكة فقال من هذا قال جبريل قال من معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قال قد بعث إليه وفي رواية أرسل إليه قال العلائي ليس مراده الإستفهام عن أصل البعثة وإرساله فإن ذلك لا يخفى في هذه المدة وإنما المراد أرسله إليه إلى السماء تفتح له فصعد إلى سماء الدنيا وهي من موج مكفوف حبسه الله تعالى في الهواء ثم قال كوني زمردة خضراء فكانت وتسبيح أهلها سبحان ذا الملك والملكوت من قالها كان له مثل ثوابهم قال النيسابوري فهم سجود إلى يوم القيامة قال العلائي رحمه الله تعالى وجد في سماء الدنيا ملكا على كرسي فسلم عليه صلى الله عليه وسلم فأجابه ولم يقم له فأوحى الله إليه أيها الملك يسلم عليك حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم فترد عليه وأنت جالس وعزتي وجلالي لتقومن إليه على قدم واحدة لتسلمن عليه ثم لا تجلس إلى يوم القيامة قال العلائي
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا برجل كهيئته يوم خلقه الله تعالى وهو تعرض عليه أرواح ذريته فإذا كانت روح مؤمن طيبة جعلوا كتابه في عليين قال ابن عباس رضي الله عنهما أي في الجنة وقيل عليين أي في السماء السابعة وإذا كانت روح كافر قال روح خبيثة اجعلوا كتابه في سجين قال مجاهد سجين صخرة تحت الأرض السابعة وفي الحديث أن أرواح الكفار في بئر برهوت بأرض اليمن وأرواح المؤمنين ببئر ذروان بطيبة ومياه بابل بأرض العراق وبئر زمزم بمكة قال أبو الفتوح العجلي الوسيط الأولى أن لا يتطهر بماء زمزم وقال الماوردي لا يجوز استعماله في نجاسة قال في الروضة هو كغيره أي فيجوز استعماله مطلقا قال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل من هذا قال هذا أبوك آدم فسلمت عليه فرد علي السلام وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح وإذا عن يمينه باب إذا نظر إليه ضحك وعن يساره باب إذا نظر إليه بكى فقلت يا جبريل ما هذان البابان قال الذي عن يمينه باب الجنة إذا نظر إليه ضحك سرورا بمن يدخله من ذريته والذي عن يساره باب جهنم إذا نظر إليه بكى شفقه على من يدخله من ذريته قال العلائي رضي الله عنه فإن قيل أرواح المؤمنين في السماء وأرواح الكفار تحت الأرض فكيف تكون في السماء قلنا يحتمل أن تكون أرواح الكفار تعرض على آدم عليه السلام في السماء فوافق عرضها على آدم عليه السلام مرور النبي صلى الله عليه وسلم. هـ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا برجل كهيئته يوم خلقه الله تعالى وهو تعرض عليه أرواح ذريته فإذا كانت روح مؤمن طيبة جعلوا كتابه في عليين قال ابن عباس رضي الله عنهما أي في الجنة وقيل عليين أي في السماء السابعة وإذا كانت روح كافر قال روح خبيثة اجعلوا كتابه في سجين قال مجاهد سجين صخرة تحت الأرض السابعة وفي الحديث أن أرواح الكفار في بئر برهوت بأرض اليمن وأرواح المؤمنين ببئر ذروان بطيبة ومياه بابل بأرض العراق وبئر زمزم بمكة قال أبو الفتوح العجلي الوسيط الأولى أن لا يتطهر بماء زمزم وقال الماوردي لا يجوز استعماله في نجاسة قال في الروضة هو كغيره أي فيجوز استعماله مطلقا قال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل من هذا قال هذا أبوك آدم فسلمت عليه فرد علي السلام وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح وإذا عن يمينه باب إذا نظر إليه ضحك وعن يساره باب إذا نظر إليه بكى فقلت يا جبريل ما هذان البابان قال الذي عن يمينه باب الجنة إذا نظر إليه ضحك سرورا بمن يدخله من ذريته والذي عن يساره باب جهنم إذا نظر إليه بكى شفقه على من يدخله من ذريته قال العلائي رضي الله عنه فإن قيل أرواح المؤمنين في السماء وأرواح الكفار تحت الأرض فكيف تكون في السماء قلنا يحتمل أن تكون أرواح الكفار تعرض على آدم عليه السلام في السماء فوافق عرضها على آدم عليه السلام مرور النبي صلى الله عليه وسلم.
المركب الثالث أجنحة الملائكة من سماء الدنيا إلى السماء السابعة.
غرامي بمن لم يخلق الله مثله
…
وليس حبيب منه أتقى ولا أنقى
هو السؤال طه الهاشمي محمد
…
وأحمد من محمود أسمائه اشتقا
له صفة ما حدها قط واصف
…
ويكفيك أن البدر من أجله اشتقا
ويكفيك أن الله كمل حسنه
…
كذلك منه كمل الخلق والخلقا
ويكفيك أن الله كمل نوره
…
وسماه طه قبل أن يخلق الخلقا
ويكفيك أن الشمس ردت لأجله
…
ومن نوره الفياض قد نور الأفقا
ويكفيك أن الجذع حن بأمره
…
من النخلة العليا ورد لها العدقا
ويكفيك أن السحب هاجت وأم
…
طرت بدعوته لما أشار إذا استسقى
ويكفيك أن الصخر لان لنعله
…
وليس على ترب ترى أثره يبقى
ويكفيك أن العين سألت فردها
…
فكان الشفا للداء من فمه الريقا
ويكفيك أن الله رقاه للعلا
…
فأكرم به مولى له الله قد رقى
ويكفيك لولاه لما كانت السما
…
ولا الأرض بل لولاه ما كائنا رنقا
ويكفيك من صلى عليه مرة
…
عليه يصلي عشرة ثم لا يشقى
قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم حثثنا المسير خمسمائة عام في الهواء وإذا ليس في الهواء موضع شبر إلا وفيه جبهة ملك يسبح الله تعالى حتى انتهينا إلى السماء الثانية وهي من حديد فقرع جبريل بابا من أبوابها فأقبل مرجاثيل وقيل رقائيل في ألف موكب من الملائكة ولهم ضجة أشد من ضجة أهل السماء الدنيا فقال من هذا قال جبريل قال من معك قال نبي الرحمة ففتح الباب فرأيت ملائكة وجوههم كوجوه البقر على خيل مسومة متقدمين بالسيوف وبأيديهم الحراب فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء هم ملائكة خلقهم الله لنصرتك على خيل بلق بعمائم صفر قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم هؤلاء قال ابنا الخالة يحيى وعيسى عليهما السلام فدنوت منهما وسلمت عليهما وعيسى عليه السلام أحمر اللون قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتت الملائكة أفواجا أفواجا يسلمون علي فصليت ركعتين ثم سار بي جبريل في الهواء خمسمائة عام حتى دنا من السماء الثالثة فسمعنا أصواتا أشد من الصواعق بالتسبيح والتهليل فقرع جبريل الباب وهو من نحاس وقيل من فضة ففتح لنا ورأيت ملكا معه سبعون ألف ملك قد خرقت أقدامه الأرض السابعة وتسبيحهم سبحان الحي الذي لا يموت من قالها كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها شابا كالقمر فقلت من هذا قال يوسف فدنوت منه وسلمت عليه فرد علي أحسن تحية قال عكرمة فضل يوسف في الحسن على الناس كفضل القمر ليلة البدر على النجوم قال ابن اسحاق ذهب يوسف وأمه بثلث الحسن قيل إنه ورث ذلك من جدته سارة ثم صليت بالأنبياء عليهم السلام ركعتين ثم سرنا في الهواء خمسمائة عام حتى انتهينا إلى السماء الرابعة وهي من ذهب وتسبيح أهلها سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح من قالها كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها ملك البحار العذبة في نقرة إبهامه اليمنى والبحار المالحة في نقرة إبهامه اليسرى ورأيت فيها ملكا على صورة الطائر فقلت يا جبريل من هذا قال هذا ملك قائم على شفير هذا النهر فإذا قال العبد لا إله إلا الله نشر جناحه فإذا قال الحمد لله دخل النهر فإذا قال سبحان الله انغمس في النهر فإذا قال الله أكبر خرج
من النهر فإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله انتفض يسقط من كل ريشة سبعون ألف قطرة فيخلق الله من كل قطرة ملكا يستغفر لقائلها إلى يوم القيامة قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم رأيت رجلا مسندا ظهره إلى دواوين الخلق التي فيها أمورهم فقلت من هذا يا جبريل قال هذا إدريس فدنوت منه وسلمت عليه فقال مرحبا بالأخ الصالح ثم قلت يا أخي بن الله قد رفعك مكانا عليا ودخلت الجنة قبلي ورأيت نعيمها فقال يا حبيب الله ما دخلت الجنة ولا رأيت نعيمها وإنما دخلت بستانا خارج الجنة ورأيت على بابها مكتوبا هذا الباب لا يدخله أحد قبل محمد وأمته ورأيت فيها مريم بنت عمران لها سبعون قصرا من لؤلؤ ولأم موسى سبعون قصرا من الياقوت ولآسية بنت مزاحم سبعون قصرا من مرجانة حمراء ولفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم سبعون قصرا من زمرد أخضر ثم سرنا حتى علونا السماء الخامسة وهي ياقوت وتسبيح أهلها سبحان من جمع بين الثلج والنار من قالها كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها رجلا كهلا فقلت من هذا يا جبريل قال هارون فسلم علي ورحب بي ودعا لي بخير ثم علونا إلى السماء السادسة وهي من جوهر وتسبيح أهلها سبحان القدوس رب كل شيء وخالق كل شيء من قالها كان له مثل ثوابهم إذ فيها اخلق كثير رافعون أصواتهم بالبكاء من خشية الله فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الكروبيون قال النسفي خلق الله ميكائيل بعد إسرافيل بخمسمائة عام من رأسه إلى قدميه وجوه وأجنحة من زعفران في كل ريشة ألف عين تبكي على المذنبين من أمة محمد فيقطر من كل عين سبعون قطرة فيخلق الله من كل قطرة ملكا فهم الكروبيون فأقبلت عليهم بالسلام فجعلوا يردون علي إيماء برؤسهم لا يتكلمون ولا ينظرون إلي من الخشوع فقال جبريل هذا محمد في الرحمة الذي أرسله الله من العرب وهو خاتم النبيين أفلا تنظرون إليه فأقبلوا علي بالتحية وإذا برجل آدم يعني أسمر اللون كثير الشعر لو كان عليه قميصان لخرج الشعر منهما فقال يزعم بنو إسرائيل إني أكرم الخلق على الله وهذا أكرم على الله مني فقلت يا جبريل من هذا قال موسى ابن عمران فسلمت عليه فقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح فما جاوزته حتى بكى فقيل ما
يبكيك فقال غلام يبعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي قال الخطابي لم يبك موسى حسدا للنبي على ما أعطاه الله تعالى من الكرامة بل على نقص حظ أمته ونقصان عددهم عن عدد أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسماه غلاما لما أعطاه الله من عظيم الكرامة من غير عمر طويل أفناه في طاعة الله عز وجل. كيك فقال غلام يبعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي قال الخطابي لم يبك موسى حسدا للنبي على ما أعطاه الله تعالى من الكرامة بل على نقص حظ أمته ونقصان عددهم عن عدد أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسماه غلاما لما أعطاه الله من عظيم الكرامة من غير عمر طويل أفناه في طاعة الله عز وجل.
هذا المقام الذي لاذت به الأمم
…
وأذعنت لعلاه العرب والعجم
هذا مقام رسول الله أكرم من
…
جاءته من ربه الأحكام والحكم
هذا محمد الهادي الذي محيت
…
عنا بنور هداه الظلم والظلم
هذا الذي قد سما فوق السماء إلى
…
مقام عز فتاهت دونه الأمم
هذا الذي كشف الله الحجاب له
…
فقدمت منه أذن فد وعت لهم
هذا الذي ربنا الرحمن خاطبه
…
لو رام ذا غيره زلت به القدم
هذا نبي الهدى المختار من مضر
…
هذا به أنبياء الله قد ختموا
هذا الذي نبع الماء الطهور له
…
من كفه فسقاه الخلق حين ظموا
هذا الذي انفلق البدر المنير له
…
والكل يشهده إلا الذين عموا
هذا الذي أشرفت أنوار غرنه
…
بنورها قد أضاء الحل والحرم
هذا المراد من الدنيا وساكنها
…
لولاه لم تخلق الأشباح والنسم
قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم علونا إلى السماء السابعة وهي من نور وتسبيح أهلها سبحان خالق النور من قالها كان له مثل ثوابهم ورأيت فيها خلقا لم يؤذن لي أن أحدثكم عنهم ولولا أن الله قوى بصري لم أستطع النظر إليهم فسلمت عليهم فقالوا حياك الله من أخ وخليفة ونعم المجيء جئت ورأيت فيها شيخا يشبه صاحبكم يعني نفسه الشريفة صلى الله عليه وسلم وهو على سرير من زبرجد أخضر قد أسند ظهره إلى البيت المعمور قلت من هذا قال هذا أبوك إبراهيم فسلمت عليه قال مرحبا بالإبن الصالح والنبي الصالح أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وإنها قيعان غرسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال البرماوي هو الواسع المستوى من الأرض وقيل الأرض الملساء قال أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال العبد سبحان الله قال الله تعالى أكتبوا لعبدي رحمتي كثيرة وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله الخ خمس مرات أعطاه الله خمس مسائل اللهم إغفر لي وارحمني وارزقني وارشدني وعافني قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى قل لأمتك تقول لا حول ولا قوة إلا بالله عشرا عند الصباح وعشرا عند المساء وعشرا عند النوم أدفع عنهم عند النوم بلوى الدنيا وعند المساء مكايدة الشيطان وعند الصباح غضبي وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة ومن أكثر منها نظر الله إليه ومن نظر الله إليه فقد أصاب خير الدنيا والآخرة وتقدم في الأذكار وباب الدعاء على هذا زيادة والله أعلم.
المركب الرابع جناح جبريل عليه السلام من السماء السابعة إلى سدرة المنتهى قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم رأيت ذهبا صامتا على كواكب اللؤلؤ تحت كل لؤلؤة خمسون ملكا كل ملك ينادي مرحبا مرحبا بك يا محمد وأهلا لا إله إلا الله محمد رسول الله فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء عباد من السماء السابعة ورأيت ملائكة على رأس كل ملك تاج تسعون ذراعا بذراع جبريل في كل تاج أربعمائة لؤلؤة الواحدة تسع الدنيا والياقوتة يدخل فيها أهل الدنيا ورأيت ملكا عن يمينه ألف ألف ملك وعن يساره ألف ألف ملك على رءوسهم تيجان من نور وهم يقرءون آية الكرسي قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء خلقوا من قطرة من نور العرش فقلت يا جبريل ما أكثر عجائب ربي فقال ما رأيت من عجائب ربك إلا ساعة من الليل
…
فائدة: قال ابن عباس رضي الله عنهما سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عن ثواب آية الكرسي فقال لما خلق الله الأرض تحركت فأرسل إليها سبعين ألف ملك ليمسكوها فلم
يستطيعوا فأرسل سبعين ألفا أيضا فلم يستطيعوا فأرسل سبعين ألفا أيضا فلم يستطيعوا فخلق الله جبل قاف وأحاطه بالدنيا وخلق الله حوله أربعمائة وأربعين جبلا فلم تستقر فكتب عليها آية الكرسي فاستقرت فمن قرأ آية الكرسي فله من الثواب وزن جبل قاف ووزن تلك الحبال وله مثل تسبيح أولئك الملائكة ولما خلق الله الشمس والقمر أمر سبعين ألف ملك أن يجروهما فعجزوا ثم أرسل سبعين ألفا أيضا فعجزوا ثم أرسل سبعين ألفا أيضا فعجزوا فكتب عليهما آية الكرسي فتحركا ودارا بقدرة الله تعالى فمن قرأ آية الكرسي من أمتك فله من الثواب بعدد أولئك الملائكة وبعدد كل شيء طلعت عليه الشمس والقمر قال في العرائس جعل الله آية الكرسي أمانا لأهل الإيمان من شر الشيطان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم سرنا وجبريل على أثرى حتى وصلنا إلى سدرة المنتهى فإذا هي شجرة عظيمة ثابتة على تل مسك لها ألف غصن يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام كل غصن له ألف ألف ورقة كل ورقة لو استظل بها الإنس والجن لأظلتهم على كل ورقة ملك على لون القمر على رأسه تاج من نور بيده قضيب من نور مكتوب على جبهته نحن سكان سدرة المنتهى سبحان من ليس له انتهاء يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن أي غير متغير وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى قال البغوي قال مقاتل وتحمل الحلى والثمار من جميع الألوان قال في العرائس أنها في السماء السابعة مما يلي الجنة أصلها في الجنة فروعها تحت الكرسي وأغصانها تحت العرش مقام جبريل في وسطها يغشاها ملائكة كأنهم فرش من ذهب ورأيت في تفسير القشيري في قوله تعالى إذ يغشى السدرة ما يغشى أي أعطى الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم خواتيم سورة البقرة وغفر لأمته وقال نجم الدين النسفي غشيتها ملائكة من ذهب على صور الجراد مع كل ملك طبق عليه من اللطائف ما لا يحصى فنثروه بيد يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقال النيسابوري قال المحققون غشيها نور الله تجلى لها كما تجلى للجبل لكنها كانت أقوى من الجبل ومحمد صلى الله عليه وسلم أقوى من موسى عليه السلام لأنه لم يصعق والسدرة لم تضطرب قال العلائي في أصلها محراب جبريل عليه السلام فأذن جبريل فلما قال الله أكبر الله أكبر قال الله تعالى صدقت يا عبدي أنا أكبر من كل شيء فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله قال تعالى صدقت يا عبدي لا إله إلا أنا فلما قال أشهد أن محمدا رسول الله قال صدقت يا عبدي محمد عبدي ورسولي مرحبا به فلما قال حي على الصلاة قال أفلح من جاء بها فلما قال حي على الفلاح قال أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون فلما فرغ الأذان أقيمت الصلاة واصطفت الملائكة صفوفا كل صف كما بين المشرق والمغرب فصلى بهم ركعتين ثم أقبلت الملائكة زمرا زمرا يسلمون علي ثم خرج ملك من الحجاب الذي يلي الرحمن أي يلي عرشه بدليل رواية السمرقندي فانطلق جبريل إلى الحجاب الأكبر عند سدرة المنتهى فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذا قال والذي بعثك بالحق ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه فأذن الملك لكن لم يخرج له جواب عن قوله حي على الصلاة حي الفلاح ورأيت في بعض المعاريج عنه صلى الله عليه وسلم قال رأيت طيورا خضرا على الشجرة
وفيهما المحزون والمسرور عندهم
شيخ وعجوز فقلت يا جبريل من هذا الشيخ وهذه العجوز قال إبراهيم وسارة والطيور أرواح أطفال المؤمنين والمحزون من فارق أهله عن قريب والمسرور من فارق أهله من بعيد وسميت سدرة المنتهى لأن علم الخلائق مما تحتها لا يتجاوزها وعلم من فوقهم لا يتجاوزها أي من تحتها لا يعلم من فوقها ومن فوقها لا يعلم من تحتها وقال علي رضي الله عنه سميت سدرة المنتهى لأنه ينهى إليها من كان على سنة محمد صلى الله عليه وسلم وقيل سميت بذلك لأنه من انتهى إليها فقد انتهى في الكرامة قال الحسن غشيها نور من رب العالمين
…
موعظة عن النبي صلى الله عليه وسلم من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار قال بعضهم يعني من قطعها في فلاة يستظل بها المسافر وغيره من غير ضرورة
…
فائدة: نزل جماعة من أصحابه رضي الله عنهم واديا فأعجبهم ما فيه من شجر السدر فقالوا يا ليت لنا مثلها فأنزل الله تعالى في سدر مخضود أي جعل الله مكان كل شوكة ثمرة فيها إثنان وسبعون لونا من الطعام وقيل المخضود الكثير الحملان والطلح المنضود شجر الموز والمنضود المتراكم بعضه فوق بعض وسيأتي في مناقب الجنة منافع الموز قال البغوي في قوله تعالى إذ يغش (ى السدرة ما يغشى قال غشيها فراش من ذهب وقال غيره غشيها أنوار الحلال وأرخيت عليها مستور من اللؤلؤ وياقوت وزبرجد وخصت بهذه الخصال الفضائل لفردها بثلاثة أشياء ظل ممدود وطعم لذيذ ورائحة طيبة فشابهت الإيمان الذي يجمع ثلاثة أشياء القول والنية والعمل فظلها من الإيمان منزلة العمل لأنه يتجاوز العامل كتجاوز الظل وطعمها بمنزلة النية لخفائه ورائحتها بمنزلة القول لظهوره فلما وصل إليها النبي صلى الله عليه وسلم عرفت الملائكة ذلك بهبوط الأنوار عليها كقطر الغمام فأسرعوا للسلام كالجراد المنتشر عندها جنة المأوى قال ابن عباس رضي الله عنهما يأوى إليها جبريل عليه السلام قال مقاتل والكلبي يأوى إليها أرواح الشهداء ينتهي إليها ما يعرج به من الأرض فيقبض منها واليها ينتهى ما يهبط من فوقها فيقض منها قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ديكا له زغب أخضر وريش أبيض أشد بياضا من اللبن ورجلاه من ذهب أحمر في الأرض السابعة وذنبه من لؤلؤ ورأسه من درة تحت العرش وعيناه من ياقوتة وعرفه من عقيق أحمر له جناحان أخضران إذا نشرهما جاوز بهما المشرق والمغرب فإذا مضى ثلث الليل نشر جناحيه وخفق بهما وقال سبحان الملك القدوس سبحان الله الكريم فتجاوبه ديوك الأرض ثم إذا كان نصف الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله تعالى ويقول سبحان ربي العظيم سبحان ربي العزيز القهار سبحان رب العرش الرفيع فإذا فعل ذلك سبحت ديوك الأرض قال النبي صلى الله عليه وسلم فلم أزل مشتاقا إلى رؤية ذلك الديك مرة ثانية وقال العلائي أنه رآه في سماء الدنيا في الخبر ديك العرش له أجنحة بعدد خلق الله تعالى يقول اللهم غفر للمذنبين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم يجيء بلال يوم القيامة على راحلة رحلها من ذهب وزمامها من در وياقوت يتبعه المؤذنون ليدخلهم الجنة حتى أنه ليدخل الجنة من أذن أربعين صباحا يريد به وجه الله تعال
ى وفي العرائس أن الله تعالى أنزل ديكا إلى آدم فكان إذا سمع الديك تسبيح الملائكة يسبح فيسبح آدم وتقدم في باب الكرم زيادة على هذا وسيأتي في مناقب على أن لحم الديك العتيق ينفع للقولنج قال في المدخل لبعضهم قولنج فشكا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم في النوم فأمره أن يأخذ ثلاثة دراهم من عسل النحل ودرهماً ونصف من الزيت المرقى وإحدى وعشرين درهما من الشونيز وهي حبة البركة وسيأتي بيان الزيت المرقى ويخلط الجميع ويفطر عليه وعند النوم وحصل لبعضهم دوخة في رأسه فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فشكا إليه فقال خذ من القرفة والزنجبيل والقرنفل والسنبل والجوز الطيب من كل واحد وزن درهم ونصف ومن الشونيز وزن درهمين يدق الجميع ويطبخ ويعقد بعسل النحل فإذا قرب استواؤه عصر عليه قليلا من الليمون ففعل الرجل ذلك فعافاه الله تعالى وحصل لبعضهم مرض الحصبة فشكا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم في النوم فأمره أن يأخذ شيئا من خل العنب وشيئا من عسل النحل وشيئا من الزيت المرقى ثم يخلط الجميع ويدهن به ففعل فبرأ بإذن الله تعالى ثم قال في المدخل والزيت المرقى أن يكون زيتا
طيبا في إناء نظيف ثم يحركه بشيء ويقول لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة لو أنزلنا هذا القرآن على جبل إلى آخر السورة وسورة الإخلاص والمعوذتين وذكر أن الزيت المرقى ينفع من جميع الأمراض دهنا فإن كان الوجع شديدا جلس في الشمس قليلا ثم يدهن به الوجع ويضع عليه المصطكى وشيئا من حبة البركة مدقوقا وحصل لبعضهم وجع في عينه فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فأمره أن يأخذ حجر الأثمد ويحميه في النار فإذا حمى أخرجه وأطفأ في الزيت المرقى ثم يسحقه ويكتحل ثلاثة أيام ففعل فبرأ بإذن الله تعالى وتقدم في باب الأمانة منافع طيبة لا بأس بمراجعتها قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم رأيت ملكا نصفه من ثلج ونصفه من نار وهو ينادي اللهم يا من ألف بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين قلت يا جبريل من هذا قال هذا ملك يقال له حبيب وكله الله بأكناف السموات وأطراف الأرضين وهو من أنصح الملائكة لأهل الأرض من المؤمنين يدعو لهم بما تسمع إلى يوم القيامة ورأيت ملكا على كرسي والدنيا بين ركبتيه وبيده لوح ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا قال العلائي في مكان آخر أنه رآه في السماء الرابعة فوقف جبريل على رأسه وقال يا ملك الموت ألا تسلم على محمد نبي الرحمة حبيب رب العالمين فالتفت إلي وقال السلام عليك يا محمد أبشر فما رأيت الخير كله إلا فيك في أمتك فقر عينا وطب نفسا فقلت له أخبرني كيف تقبض روح المؤمن فقال إنا كان آخر ساعة من الدنيا وأولها من الآخرة بعثت إليه أعواني ومعهم رياحين من الجنة وغصن من أغصانها فيجعلونه بين عينيه ويعالجون روحه بالرفق حتى إذا بلغت نفسه الحلقوم هبطت إليه فأسلم عليه ثم أقبض روحه وأعرج بها إلى السماء فلا تمر بملأ من الملائكة إلا رحب بها وحباها حتى ينتهي بها إلى الله تعالى فيقول الله مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ألا فاكتبوا لعبدي كتابا في عليين وينطلق بروحه إلى الجنة فينظر إلى ما أعد الله له فيها ثم ترد روحه إلى جسمه فيرى مغسله ومحنطه وأحبهم إليه الذي يقول أسرعوا به وأبغضهم إليه الذي يقول انتظروا به فإذا دخل قبره قالت الأرض مرحبا بك وأهلا قد كنت أحبك وأنت على ظهري فكيف اليوم وقد صرت في بطني فترى ما أصنع فيتسع قبره مد البصر ثم إذا انصرف عنه أهله أتاه منكر ونكير فيسألانه عن ربه وعن دينه وعن نبيه فيقول الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي والقرآن إمامي فينتهرانه انتهار شديدا أو يرددان عليه السؤال فيقول أتريدان أن تفتناني في ديني ما أعرف إلا هذا فيقولان له صدقت عليه حييت وعليه مت وعليه تبعث ثم يفتحان له بابا إلى النار فإذا نظر إليه بكى فيقولان له لا تحزن فإنها ليست بدارك أنظر ماذا صرف الله عنك بعملك الصالح ثم يغلق عنه ذلك الباب ويفتح له باب إلى الجنة أما الكافر فإذا كان آخر ساعته من الدنيا وأولها من الآخرة بعثت إليه أعواني ومعهم شعر من النار وكلاليب من نار وغصن من أغصان شجرة الزقوم وهي الشجرة الملعونة في القرآن فيعالجون روحه بالغيظ والشدة حتى إذا بلغت روحه الحلقوم وعرجوا عنه فأهبط إليه وأبشره بسخط الله ثم أعرج بروحه إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونه ولا يراه ملك إلا لعنه فيأتي النداء من قبل الله تعالى لا مرحبا بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث ثم يكتب له كتابا في سجين وتقدم في الموكب الثاني أن صخرة سينا تحت الأرض السابعة ثم ينطلق به إلى النار فيرى ما أعد الله له فيها من العذاب ثم ترد روحه إلى جسمه فيرى من يغسله ويحنطه فأحبهم
إليه من يقول أنظروا به وأبغضهم إليه من يقول أسرعوا به فإذا مضوا به نحو قبره نادى ثلاثة أصوات فيسمعها جميع الخلائق سوى الإنس والجن يا أصحاباه ويا جيراناه ويا حملة نعشاه لا تغرنكم الدنيا كما غرتني ولا يلعب بكم الزمان كما لعب بي فإنه يساق إلى عذاب الله فإذا وضع في قبره قالت له الأرض لا مرحبا بك ولا أهلا وعزة ربي لقد كنت أبغضك وأنت على ظهري فكيف وقد صرت في بطني فسترى ما أصنع بك فضيق عليه قبره فإذا انصرف عنه أهله أتاه منكر ونكير فيسألانه من ربك ومن نبيك وما دينك فيقول ما أدري فيقولان لا دريت ولا تليت ثم يفتحان له بابا إلى الجنة فإذا نظر إليه فرح فيقولان له لا تفرح ليست بدارك انظر إلى ما حرمك الله بكفرك وله رواية
ثانية خلاف هذا في محل آخر وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من يوم إلا وملك الموت يقف على باب أحدكم خمس مرات وقال أيضا أكثروا ذكر الموت فما من عبد أكثر من ذكر الموت إلا أصلح الله قلبه وهون عليه الموت وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال عند الموت لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله لم تطعمه النار أبدا. ة خلاف هذا في محل آخر وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من يوم إلا وملك الموت يقف على باب أحدكم خمس مرات وقال أيضا أكثروا ذكر الموت فما من عبد أكثر من ذكر الموت إلا أصلح الله قلبه وهون عليه الموت وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال عند الموت لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله لم تطعمه النار أبدا.
المركب الخامس الرفرف إلى قاب قوسين قال سعيد بن جبير أي قدر ذراعين قال مجاهد قدر ما بين القوسين والوتر سيأتي زيادة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم سرت ساعة فإذا بيني وبين جبريل أمد بعيد فقلت يا جبريل أين تركتني وتخلفت عني فقال يا محمد أنت في مقام لا يتجاوزه أحد من خلق الله ولو تجاوزته لاحترقت بالنور ثم قال يا محمد جز أنت فإن ربك سيهديك ففارقته وسرت إلى ما شاء الله فإذا أنا بإسرافيل له أربعة أجنحة جناح قد أتزر به وجناح
قد أرتدي به وجناح أستتر به من النور وجناح قد التقم به الصور فقلت هذا مقامك قال نعم لو جاوزته لاحترقت من النور ولكن جز فهذا الروح أمامك قال ابن عباس رضي الله عنهما سأل إسرافيل ربه أن يعطيه قوة السموات والأرض والجبال والرياح وقوة الثقلين فأعطاه من رأسه إلى أقدامه شعورا ووجوها وألسنة مغطاة بأجنحة لا يعلم عددها إلا الله تعالى يسبح كل لسان بألف لغة ويخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكا على صورة إسرافيل وهم المقربون ولو صب ماء البحار وماء الأنهار على رأس إسرافيل ما سقط منها قطرة وهو ينظر كل يوم في جهنم ثلاث مرات فيذوب حتى يصير كوتر القوس ولو جمع الله دموعه من بكائه على أهل الأرض لصار كطوفان نوح قال النبي صلى الله عليه وسلم فسرت ما شاء الله فرفع لي سبعون ألف حجاب من نور وسبعون ألف حجاب من ضياء فلما قطعتها فإذا أنا بالروح الذي ذكره الله في القرآن بقوله سبحانه وتعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا له ألف رأس في كل رأس مائة ألف وجه في كل وجه مائة ألف فم في كل فم مائة ألف لسان كل لسان يسبح الله تعالى بثمانين ألف لغة لا يشبه بعضها بعضا يخلق الله من ذلك التسبيح ملائكة يكتبون ثواب تسبيحهم لأمتي إلى يوم القيامة فقلت يا أيها الروح هذا مقامك قال نعم ولو جاوزته لاحترقت بالنور وفي رواية قال أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام هل ترى ربك فقال بيني وبينه سبعون حجابا من نور قيل خلق الله تعالى بين جبريل وميكائيل سبعين حجابا غلظ كل حجاب خمسمائة عام ولولا ذلك لاحترق جبريل من نور ميكائيل وخلق الله بين ميكائيل وإسرافيل سبعين حجابا ولولا ذلك لاحترق ميكائيل من نور إسرافيل. وعن النبي صلى الله عليه وسلم احتجب الله عن أهل السماء كما احتجب عن أهل الأرض واحتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار وأنه تعالى ما حل في شيء ولا غاب عن شيء وإن الملأ الأعلى يطلبون الله كما تطلبونه أنتم قال علي رضي الله عنه سلوني قبل أن تفقدوني وعن علم لا يعلمه جبريل ولا ميكائيل قال إن الله علم نبيه محمد ليلة المعراج علوما شتى فمنها علم أمره الله بكتمانه وعلم أمره بتبليغه وعلم خيره الله فيه فكان مما أسر إلى أنه قال كنت نورا في وجه إبراهيم ودرة في ظهره فلما عارضه جبريل وهو في كفة المنجنيق وقال يا إبراهيم ألك حاجة قال أما إليك فلا فعاد إليه وقال ألك حاجة إلى ربك قال يا جبريل من شأن الخليل أن لا يفارق خليله قال صلى الله عليه وسلم فأنطقني الله أنت قلت إن بعثني الله واصطفاني بالرسالة لأكافئن جبريل فلما كان ليلة المعراج أتاني جبريل وكان هو السفير بي إلى أن انتهى معي إلى مقام ثم وقف فقلت يا جبريل في مثل هذا المقام يفارق الخليل خليله فقال نعم إن جاوزته احترقت بالنور فقلت له هل لك إلى الله من حاجة قال نعم إسأل ربك أن يجعلني أبسط جناحي لأمتك على الصراط يوم القيامة حتى يجوزوا عليه فقلت بارك الله فيك يا جبريل وإذا بالنداء يا جبريل زج محمدا في النور زجة فزجني فخرقت سبعين ألف حجاب غلظ كل حجاب خمسمائة عام حتى انتهيت إلى فراش من ذهب فتقدم لي الملك الموكل بالفراش الذهب إلى حجاب اللؤلؤ فحركه فقال الملك من وراء الحجاب من هذا قال فلان صاحب فراش الذهب وهذا محمد صلى الله عليه وسلم معي رسول
رب العزة فقال الملك الله أبر فأخرج يده من تحت الحجاب فاحتملني ووضعني بين يديه فلم أزل كذلك من حجاب إلى حجاب حتى جاوزت سبعين ألف حجاب غلظ كل حجاب خمسمائة عام ثم انتهيت إلى بحر من نور أبيض فإذا أنا بملك على ساحل البحر لو أن الطير طار مائة عام من منكبه ما بلغ منكبه الآخر ثم زجني حتى انتهيت إلى بحر من نور أحمر فإذا أنا بملك على ساحل البحر لو أذن الله له أن يبتلع السموات والأرض لفعل ثم
سار بي إلى الرفرف حتى انتهيت إلى بحر من نور أصفر فإذا أنا بملك على ساحل البحر لو أذن الله أن يبتلع السموات والأرض لفعل ثم سار بي الرفرف إلى بحر من ماء أبيض فجزعت عند ذلك وناديت يا غياث المستغيثين سكن روعي قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم سرنا حتى انتهينا إلى بحر من نور يتلالأ كلما نظرت إليه حار طرفي حتى ظننت أن كل شيء خلقه قد إلتهب إلتهابا وإذا أنا بجبال من برد ورأيت سبعين ألف صف من الملائكة لا ينظر بعضهم إلى بعض من اشتغالهم بالتسبيح والتهليل ما رأيت مثل خلقهم ولا مثل شدة أصواتهم ولا مثل ضياء نورهم وهم حافون بالعرش فخالطني عند ذلك الخوف فقال جبريل يا محمد ما هذا الخوف كله إنما أنت في كرامة ربك ثم سار بي الرفرف فإذا أنا بملك عظيم يكيل الماء بالكيل ويفرقه على السحاب ثم سار بي الرفرف حتى قطعت سبعين ألف صف من الملائكة وهم قيام لا يجلسون إلى يوم القيامة حتى انتهيت إلى إسرافيل قد سد بجناحيه الخافقين ورجلاه في تخوم الأرض السابعة قد التقم الصور وقال الغزالي دائرته أي الصور كعرض السماء والأرض وبعض الأوقات يتصاغر إسرافيل من عظمة الله حتى يصير كالعصفور والله أعلم قال صلى الله عليه وسلم ولم يزل الرفرف يخترق بي الحجب حتى بلغت ألف حجاب حتى وصلت إلى حجاب الوحدانية ورأيتني كالقنديل المعلق في الهواء ثم دلى لي رفرف أخضر يغلب ضوؤه ضوء الشمس فالتمع بصري ووضعت على الرفرف ثم احتملني حتى وصلت إلى العرش فأبصرت أمرا عظيما لا تناله الألسن فسألت إلهي أن يمن علي بالثبات فمن الله علي وقواني ونزلت قطرة من العرش على لساني أبرد الثلج وأحلى من العسل فما ذاق الذائقون شيئا قط أحلى منها فأنبأني الله بها علم الأولين والآخرين وقيل لما بلغ قاب قوسين اجلس على كرسي ورفعه ذلك الكرسي إلى عليين فقطر عليه ثلاث قطرات قطرة على كتفه فأورثته الهيبة وقطرة على قلبه فأورثته المحبة وقطرة على لسانه فأورثته الفصاحة وفي رواية لما رأى العرش اسصغر كل شيء رآه قال النسفي خلق الله العرش على ثمانية وستين قائمة من دور الدنيا ما بين القائمة والقائمة كخفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام وخلق الله له ألف ألف وستمائة ألف رأس في كل رأس ألف ألف وستمائة ألف وجه زاد العلائي في تفسير سورة براءة في كل وجه قدر طباق الدنيا ألف ألف وستمائة ألف مرة في كل وجه ألف ألف وستمائة ألف فم في كل فم ألف ألف وستمائة ألف لسان كل لسان يسبح الله تعالى بألف ألف وستمائة ألف لغة ويكسو العرش كل يوم ألف ألف لون وقال علي رضي الله عنه سبعون ألف لون وإعلم أن سبعين ألفا مذكورة في مواضع منها عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ شهد الله أنه لا إله إلا هو الآية خلق الله
سبعين ألف من الملائكة يستغفرون له إلى يوم القيامة ومنها ما تقدم من عاد مريضا غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ومن عاد مريضا عشية خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح قال ابن عباس تسبيح ألسنة العرش سبحان القائم الدائم سبحان الدائم القائم سبحان الملك الأعظم سبحان من لا يعلم ما هو إلا هو قال في العقائق علق فيه مائة ألف قنديل كل قنديل يسع السموات والأرض فلما خلق الله العرش من جوهرة خضراء على هذه الصفة وداخله العجب طوقه الله تعالى بحية رأسها من لؤلؤة بيضاء وعيناها من ياقوتة صفراء وأسنانها من زمردة خضراء وبدنها من ذهب أحمر طولها سبعمائة ألف عام ولها سبعون ألف جناح في كل جناح سبعون ألف ريشة في كل ريشة سبعون ألف وجه في كل وجه سبعون ألف فم في كل فم سبعون ألف لسان يخرج من أفواهها من التسبيح بعدد قطرات الأمطار وبعدد ورق الأشجار وبعدد أيام الدنيا فلما رآها العرش قال يا رب لم خلقت هذه قال حتى تنسى عظمتك وتنظر إلى عظمتي قال ابن عباس رضي الله عنهما حملت العرش أربعة طول كل ملك سبعون ألف عام وطول قدمه ثمانية عشر ألف عام الأول على صورة بني آدم يقول اللهم ارحم بني آدم لا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وادخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم والثاني على صورة النسر يقول اللهم ارحم الطيور ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وأدخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الثالث على صورة الأسد يقول اللهم ارحم السباع ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وأدخلني
في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم والرابع على صورة الثور يقول اللهم ارحم البهائم ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وأدخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم. فاعة محمد صلى الله عليه وسلم والرابع على صورة الثور يقول اللهم ارحم البهائم ولا تعذبهم وادفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف وأدخلني في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما أن الأرض الثانية فيها الريح العقيم قد زمت بسبعين ألف زمام كل زمام بيده سبعون ألف ملك بها أهلك الله تعالى قوم عاد فنسفت جبالهم ومساكنهم وبها تخرب الأرض قال الله تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا وقال في حادى القلوب الطاهرة أول جبل وضع على الأرض جبل أبي قبيس بمكة المشرفة وكان أول من بنى به رجلا يقال له أبو قبيس فسمي بذلك وكان اسمه في الجاهلية الأمين لأن الحجر الأسود كان مستودعا فيه من زمن الطوفان وجواب آخر أراد الله أن يطلع محمد صلى الله عليه وسلم على عجائب ملكوته العلي التي منها أربعة أنهار حول العرش منها خمر من نور يتلألأ ونهر أشد بياضا من اللبن في أسفله اللؤلؤ والياقوت والزمرد ومنه أخذ أنهار الجنة ونهر من ثلج تلتمع منه الأبصار ونهر من ماء والملائكة في تلك الأنهار يسبحون الله تعالى ومنها سبعون ألف ملك يدورون حول العرش يقبل هؤلاء ويدبر هؤلاء ومن ورائهم سبعون ألف صف فإذا سمعوا تهليل هؤلاء وتكبير هؤلاء رفعوا أصواتهم وقالوا سبحانك اللهم وبحمدك أنت الأكبر ومنها أن الله تعالى جعل بين هؤلاء وبين العرش سبعين حجابا من نور وسبعين حجابا من ظلمة وسبعين حجابا من ياقوت وسبعين حجابا من زبرجد وسبعين حجابا من ثلج وسبعين حجابا من ماء
وسبعين حجابا من برد وفي المقام المحمود أقوال أحدها: الشفاعة العامة الثاني: أن لواء الحمد بين يده الثالث: إخراج طائفة من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم قال جابر بن عبد الله هذا هو المقام المحمود وذكرنا في صلاح الأرواح أن له صلى الله عليه وسلم تسع شفاعات الأولى الشفاعة العامة في الفصل بين أهل الموقف الثانية شفاعته في عافية بلا محنة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت عجائب عظيمة وظننت الرابعة في قوم يدخلون الجنة بغير حساب الخامسة زيادة درجات قوم في الجنة السادسة في التخفيف عن عمه أبي طالب السابعة فيمن زار قبره صلى الله عليه وسلم الثامنة فيمن صلى الله عليه التاسعة في أطفال المسلمين اللهم أدخلنا في شفاعته في عافية بلا محنة قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت عجائب عظيمة وظننت أن كل من في السموات والأرض قد مات لأني لم أسمع هناك يعني عند العرش شيئا من أصوات الملائكة وانقطع عنى حس كل شيء فلحقني عند ذلك استيحاش فناداني جبريل من خلفي يا محمد أن الله تعالى يثني عليك فاسمع واطع ولا يهولنك كلامه سبحانه وتعالى فبدأت بالثناء على الله تعالى وقلت التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله فقال السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فقلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقال جبريل أشهد أن إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله قال في شرح المهذب التحيات لله أي العظمة لله وقيل الملك لله وقيل البقاء الدائم لله وقيل السلامة من الآفات لله وإنما قال التحيات بأجمع لأن لكل واحد من الملوك تحية فقيل لنا قولوا التحيات لله أي الألفاظ التي تدل على الملك لله وحده وقوله المباركات الصلوات الطيبات قيل الصلوات هي الصلوات الخمس والطيبات هي الأعمال الصالحة وقيل الطيبات الكلام الحسن وقوله السلام عليك أيها النبي قيل معناه إسم الله عليك وقيل سلم الله عليك ومن سلم الله عليه سلم من الآفات السلام علينا قال الثوري رحمه الله تعالى لم أر لأحدكم كلاما من الضمير فالمراد الحاضرون من الإمام والمأمومين ثم قال رحمه الله تعالى في المنهاج وأقله أي أقل التشهد التحيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صل على محمد فهذا هو الواجب والزيادة على ذلك سنة وقال صلى الله عليه وسلم من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة قال في عيون المجالس إذا قال العبد التحيات لله حياه الله وأهل السموات والأرض وإذا قال الصلوات تقبل الله صلاته وإذا قال الطيبات كان بريئا من الشرك والشك وإذا قال السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته كتب الله له عشر حسنات وإذا قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين كتب الله بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وإذا أتى بالشهادتين كتب الله له براءة من النار قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم زجني في النور
زجة خرقت سبعين ألف حجاب ليس فيها حجاب يشبه الآخر ونادى مناد بلغة أبي بكر قف فإن ربك يصلى عليك فتعجبت من لغة أبي بكر وقلت هل سبقني صاحبي أبو بكر وتعجبت من صلاة ربي
فإذا النداء من العلي الأعلى أدن يا خير البرية أدن يا محمد أدن يا أحمد فعلمت أن ربي ناداني فأدناني فكنت كما قال تعالى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى كقرب ما بين الحاجبين وقيل كقدر ذراعين وسئل الجنيد رضي الله عنه عن هذا الدنو فقال دنو القلوب من المحبوب ذهب البين وتلاشى الأين وقيل دنا محمد من ربه بالسؤال فتدلى ربه إليه بالعطاء والنوال قال في عيون المجالس قال بعضهم طلبت معنى قوله تعالى ثم دنا فتدلى ثلاثين سنة من العلماء العارفين حتى رأيت تأويلا صحيحا وهو أنه صلى الله عليه وسلم نظر عن يمينه فرأى ربه ونظر عن يساره فرأى ربه ونظر أمامه فرأى ربه ونظر فوقه فرأى ربه ونظر خلفه فرأى ربه فكره الإنصراف من هذا المقام الشريف فعلم الله ذلك منه فقال يا محمد أنت رسول إلى عبادي ولو دمت على المقام ما بلغت رسالتي فانزل الأرض وبلغ رسالتي لعبادي وحيث ما قمت إلى الصلاة أعطيتك هذه الرتبة فلذلك قال وقرة عيني في الصلاة قال فكان قاب قوسين بروحه أو أدنى بسره يعني ترك نفسه في السماء وروحه عند سدرة المنتهى وقلبه بقاب قوصين فبقي سره وربه فقالت النفس أين القلب وقال القلب أين الروح وقالت الروح أين السر وقال السر أين الحبيب فقال الله تعالى يا نفس لك النعمة والمغفرة يا روح لك الرحمة والكرامة ويا قلب لك المحبة والمودة ويا سر أنا لك وقال القرطبي في تفسيره قيل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الله على عباده قال سبوح قدوس قيل أن سبوح قدوس من كلام الله وهي صلاته على عباده وقيل من كلام النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يتوهم السائل في صلاة الله على عباده وجها لا يليق بالله تعالى وأما أمر صاحبك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا كلامه قلنا له وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى فاشتغل بذكر العصا على الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان أنسك بصاحبك أبي بكر فإنك خلقت وإياه من طينة واحدة فهو أنيسك في الدنيا والآخرة يا محمد ما أعظم شأني وأعز سلطاني يا محمد انظر في أي مكان رفعتك وفي أي مكان كلمتك يا محمد أين حاجة جبريل قلت اللهم أنت أعلم بما سألك يريد أن يمد جناحه على الصراط يوم القيامة لتمر أمتي فقل قد أجبته فيما سأل ولكن في طائفة من أمتك فقلت اللهم لمن أحبك في رواية لمن أكثر الصلاة والسلام عليك قال العلائي رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت ربي بقلبي والصحيح أنه رآه بعين رأسه قال القرطبي في سورة الأنعام اجتمع ابن عباس وأبي بن كعب فقال ابن عباس أما نحن بنو هاشم فنقول أن محمدا رأى ربه مرتين ثم قال أتعجبون أن الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم فكبر أبي بن كعب تكبيرة حتى جاوبته الجبال وقال الإمام أحمد بن محمد بن حنبل أنا أقول بما قاله ابن عباس رآه بعينه رآه بعينه حتى انقطع نفس الإمام أحمد ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وكلمني ربي بما شاء وافترض علي خمسين صلاة كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت إلى ربي قال النووي إلى الموضع الذي ناجاه فيه أولا فقلت
يا رب خفف عن أمتي فحط عنا خمسا وفي رواية عشرا وفي رواية وضع شطرها فقال العلائي ولا منافاة بين الروايات فإن المراد بالشطر الجزء وهو الخمس وليس المراد بالشطر التنصيف وأما رواية العشر فهي رواية شريك وتقدم أنه زاد ونقص ثم رجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا فقال أمتك لا تطيق ذلك فلرجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال فما زلت أرجع بين موسى وبين ربي حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشرة فتلك خمسون صلاة في رواية أمضيت فريضتي على عبادي ما يبدل القول لدي وفي رواية سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم فإن قيل هي في الأول خمس فما الحكمة في كونها خمسين تلك الليلة فالجواب ليظهر كرم المصطفى بقبول شفاعته في التخفيف عن أمته فإن قيل ما الحكمة في أن موسى هو الذي أشار على محمد صلى الله عليه وسلم أن يراجع
ربه دون إبراهيم وهو أعلى مقاما قيل لأن إبراهيم مقامه مقام التفويض والتسليم ألا تراه لما قال له جبريل ألك حاجة قال أما إليك فلا قال سل ربك قال حسبي من سؤالي علمه بحالي فإن قيل مقام إبراهيم في السماء السابعة وموسى في السادسة فالجواب مقام إبراهيم في السماء السابعة لكنه نزل لملاقاة النبي إلى السادسة وموسى في السادسة لكنه مشى في خدمته إلى السابعة قال العلائي وغيره قال الله تعالى بعد أن خفف الصلوات آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فقلت بل آمنت بك والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق قال حمزة لا يفرق بين أحد من رسله بالياء المثناة من تحتها بالبناء للمفعول قراءة شاذة بين أحد من رسله كما فرقت اليهود والنصارى بين موسى وعيسى وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك أي نطلب غفرانك ربنا وإليك المصير أي رجوعنا إليك فقال غفرت لك ولأمتك ثم قال سل تعط فقلت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا فقال الله تعالى لك ذلك ثم سل تعط فقلت ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا أي لا تجعل توبة أمتي بالقتل كغيرهم وهم قوم موسى الذين عبدوا العجل فلما أمرهم موسى بقتل أنفسهم اعتزلوا فجاءهم هارون بإثني عشر ألفا ما عبد العجل بأيديهم السيوف ثم قال اصبروا لعن الله رجلا قام في موضعه فضربوا فيهم بالسيف إلى السماء وكان قد أرسل الله عليهم سحابة حتى لا يعرف الوالد ولده فقال موسى وهارون يا ربنا هلكت بنو إسرائيل البقية فكشف الله السحابة وسقطت السيوف من أيديهم فانكشف الحال عن سبعين ألف قيل فقال غفرت للقاتل وتبت على القتيل فعلى هذا يكون قوله تعالى لقوم موسى فاقتلوا أنفسكم أي استسلموا للقتل وقال الله تعالى لمحمد اجعل توبة أمتك الندامة سل تعط فقلت واعف عنا واغفر لنا وارحمنا الآية قال لك ذلك أن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين هذا متعلق بالصبر على الكافرين وإنما دعا بثلاث دعوات لأن الله تعالى عذب أمما واحدة بالخسف وهو قارون وقومه وواحدة بالمسخ وهم قوم داود وواحدة أمطر عليهم الحجارة وهم قوم لوط فالعفو عن الخسف قال الله تعالى لا أخسف بأبدان أمتك بل أخسف ذنوبكم حتى لا تراها الملائكة والرحمة عن الحجارة قال الله تعالى مطري عليهم الرحمة بفضلي دون الحجارة والمغفرة عن المسخ قال الله تعالى أمسخ ذنوبهم فأجعل السيئة لأبدانهم قالت عائشة رضي الله عنها يا نبي الله كم جرى بينك وبين الله كلمة قال إثنا عشر ألف كلمة في شأن أمتي فأجابني إلى ما سألت قال ابن عباس في قوله تعالى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال يا محمد عبدتنا في الخلوة فاشفع لأمتك في الجلوة وقيل أوحى الله إليه أنهم يطيعوني ويعصوني فطاعتهم برضائي ومعصيتهم بقضائي فما كان برضائي أقبله وما كان بقضائي أغفره قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ولمن شهد بالبلاغ والرسالة وارحمني وارحم من شهد لي بالبلاغ ولك بالتوحيد. دون إبراهيم وهو أعلى مقاما قيل لأن إبراهيم مقامه مقام التفويض والتسليم ألا تراه لما قال له جبريل ألك حاجة قال أما إليك فلا قال سل ربك قال حسبي من سؤالي علمه بحالي فإن قيل مقام إبراهيم في السماء السابعة وموسى في السادسة فالجواب مقام إبراهيم في السماء السابعة لكنه نزل لملاقاة النبي إلى السادسة وموسى في السادسة لكنه مشى في خدمته إلى السابعة قال العلائي وغيره قال الله تعالى بعد أن خفف الصلوات آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فقلت بل آمنت بك والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق قال حمزة لا يفرق بين أحد من رسله بالياء المثناة من تحتها بالبناء للمفعول قراءة شاذة بين أحد من رسله كما فرقت اليهود والنصارى بين موسى وعيسى وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك أي نطلب غفرانك ربنا وإليك المصير أي رجوعنا إليك فقال غفرت لك ولأمتك ثم قال سل تعط فقلت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا فقال الله تعالى لك ذلك ثم سل تعط فقلت ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا أي لا تجعل توبة أمتي بالقتل كغيرهم وهم قوم موسى الذين عبدوا العجل فلما أمرهم موسى بقتل أنفسهم اعتزلوا فجاءهم هارون بإثني عشر ألفا ما عبد العجل بأيديهم السيوف ثم قال اصبروا لعن الله رجلا قام في موضعه فضربوا فيهم بالسيف إلى السماء وكان قد أرسل الله عليهم سحابة حتى لا يعرف الوالد ولده فقال موسى وهارون يا ربنا هلكت بنو إسرائيل البقية فكشف الله السحابة وسقطت السيوف من أيديهم فانكشف الحال عن سبعين ألف قيل فقال غفرت للقاتل وتبت على القتيل فعلى هذا يكون قوله تعالى لقوم موسى فاقتلوا أنفسكم أي استسلموا للقتل وقال الله تعالى لمحمد اجعل توبة أمتك الندامة سل تعط فقلت واعف عنا واغفر لنا وارحمنا الآية قال لك ذلك أن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين هذا متعلق بالصبر على الكافرين وإنما دعا بثلاث دعوات لأن الله تعالى عذب أمما واحدة بالخسف وهو قارون وقومه وواحدة بالمسخ وهم قوم داود وواحدة أمطر عليهم الحجارة وهم قوم لوط فالعفو عن الخسف قال الله تعالى لا أخسف بأبدان أمتك بل أخسف ذنوبكم حتى لا تراها الملائكة والرحمة عن الحجارة قال الله تعالى مطري عليهم الرحمة بفضلي دون الحجارة والمغفرة عن
المسخ قال الله تعالى أمسخ ذنوبهم فأجعل السيئة لأبدانهم قالت عائشة رضي الله عنها يا نبي الله كم جرى بينك وبين الله كلمة قال إثنا عشر ألف كلمة في شأن أمتي فأجابني إلى ما سألت قال ابن عباس في قوله تعالى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال يا محمد عبدتنا في الخلوة فاشفع لأمتك في الجلوة وقيل أوحى الله إليه أنهم يطيعوني ويعصوني فطاعتهم برضائي ومعصيتهم بقضائي فما كان برضائي أقبله وما كان بقضائي أغفره قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ولمن شهد بالبلاغ والرسالة وارحمني وارحم من شهد لي بالبلاغ ولك بالتوحيد.
ورأيت في كتاب النصيحة للغزالي رضي الله عنه قال موسى عليه السلام يا رب أرني وليا من أوليائك قال بينك وبينه أمد بعيد قال يا رب لا أبالي إذا كنت لي وكل بعيد عليك قريب فخطى موسى ثلاث خطوات فقال الله تعالى يا موسى هذه مائة عام قال يا رب وأين ذلك الولي قال في وسط البحر الأسود أي بحر الظلمات فسار إليه فإذا هو برجل نائم في الماء والموج يخرج من بين رجليه وهو يقول يا حنان يا منان أقل عثرتي وارحم غربتي فقال موسى السلام عليك يا ولي الله فلم يرد عليه فأوحى الله إليه يا موسى قلبه عندي فسلم عليه مرة أخرى فقال السلام عليك يا ولي الله فقال وعليك السلام يا كليم الله قال من أخبرك بأني كليم الله قال الذي أخبرك أني ولي الله قال كم لك ههنا قال لي ههنا أناديه ثمانين عاما يا حنان يا منان فما رأيت منه جوابا قال أتريد أن أكون سفيرا بينك وبينه قال نعم قال موسى يا رب ماذا أرد على عبدك من الجواب قال يا موسى قل له ويل لك ولجميع الخلق إن لم أتغمدهم برحمتي وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا من قول لا إله إلا الله والاستغفار فإنهما أمان في الدنيا من الذل وفي الآخرة ستر من النار وعن النبي صلى الله عليه وسلم شعار أمتي على الصراط لا إله إلا الله في الخبر يقول الله تعالى لإسرافيل عليه السلام إذا سمعت أحدا يقول لا إله إلا الله فأخر النفخة إكراما لقائلها أربعين سنة وقال ابن عباس سألت النبي صلى الله عليه وسلم متى ينفخ في الصور فقال سألت جبريل متى ينفخ في الصور فقال إن الله تعالى خلق ملكا يوم خلق السموات والأرض وأمره أن يقول لا إله إلا الله فهو يقولها مادا بها صوته لا يقطعها ولا تنفس فيها ولا يتمها فإذا أمر إسرافيل أن ينفخ في الصور قال العبد لا إله إلا الله خرجت الحجب حتى تقف بين يدي الله وتطلب لقائلها المغفرة فيقول الله أني لم أجرك على لسانه إلا من بعد أن سبقت إرادتي له بالمغفرة وقال العلائي رحمه الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم قال لي ربي ارجع إلى قومك فبلغهم عني إذ حال بيني وبينه حجاب من نار يلتهب التهابا لا يعلم كثافته إلا الله تعالى ودلاني الرفرف الأخضر الذي كنت عليه وجعل يخفضني ويرفعني فأهوى بي إلى جبريل وارتفع الرفرف الأخضر الذي كنت عليه حتى غاب عني قال جبريل يا محمد أبشر فأنت خيرة الله من خلقه وصفوته من البشر ولقد قربك الرحمن من عرشه مكانا لم يصل إليه أحد من أهل السموات والأرضين فهناك الله بكرامته فحمدت
الله على ما أكرمني الله به ثم قال انطلق يا محمد إلى الجنة حتى أريك ما لك فيه فتعرف ما لك وإلى ما يكون معادك بعد الموت فتزداد بذلك في الدنيا زهدا إلى زهدك ورغبة في الآخرة إلى رغبتك فسرت معه فسار بي أسرع من السهم حتى وصلنا إلى الجنة بإذن الله تعالى فأقبل رضوان خازن الجنان وخلفه قبائل مع كل واحد ألف ألف ملك رافعي أجنحتهم ورءوسهم يشيرون إلي بالأصابع ويقولون لقد أكرم الله هذا النبي الأمي مرحبا بك يا جبريل وبمن معك في رواية أقبل رضوان ومعه ملائكة الحجب وجوههم كالقمر ليلة البدر ويفوح ريح المسك من ثيابهم مكللون بتيجان من نور فقلت ما أحسن هؤلاء فقال والذي بعثك بالحق إن أمتك إذا اتقوا وسلموا من الدنيا كانوا في الجنة أحسن منهم فلما دخلتها هدأت نفسي وذهب روعي فما تركت فيها مكانا إلا رأيته فرأيت قصورا من الدر والياقوت والأشجار من ذهب وقضبانها من اللؤلؤ وعرقها من فضة راسخة في المسك ورأيت شجرة ساقها في كثافة لا يعلمها إلا الله تعالى وأغصانها أكثر من نبات الأرض والورقة الواحدة تغطي الدنيا وعليها من أصناف الخير ضروب شتى فقلت يا جبريل ما هذه الشجرة قال لك ولأزواجك وأولادك وكثير من أمتك وتحت هذه الشجرة ملك كبير وعش عظيم ثم رأيت نهرا يخرج من أصلها أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل على رضراض من در وياقوت ومسك أبيض فقال جبريل هذا الكوثر الذي أعطاك ربك وهو التسنيم يخرج من تحت العرش إلى دورهم وقصورهم ثم سار بي إلى شجرة أخرى فإذا أوراقها حلل طرائف من ثياب الجنة وأبيض وأحمر وأخضر وأصفر وثمارها أمثال القلال في ألوان شتى فقلت يا جبريل ما هذه الشجرة فقال هذه ذكرها الله تعالى في القرآن بقوله تعالى الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب وهي لك ولكثير من أمتك ولك فيها حسن مقيل
ونعيم ثم طاف بي في الجنة فإذا بقصر من ياقوتة حمراء في جوفه سبعون ألف قصر في كل قصر سبعون ألف دارا في كل دار سبعون ألف بيت في كل بيت سبعون ألف خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها في جوفها سرير من ذهب لذلك شعاع كشعاع الشمس وهي مكللة بالدر والجوهر وعليها فرش من سندس فوق تلك الفرش حلى كثير لا أطيق وصفه في كل قصر دار ونبت فيها شجر كثير مكلل سوقهن بالذهب وأغصانها بالجوهر وثمرها مثل القلال في كل خيمة منها الأزواج من الحور العين لو دلت واحدة منهن كفها من السماء لأذهب ضوء كفها ضوء الشمس فكيف بوجهها ولكل واحدة منهن سبعون ألف غلام وهم خدمها سوى خدم زوجها كل ذلك مفرغ منه ينتظر صاحبته ثم خرجت من الجنة فمررنا في السموات منحدرين من سماء إلى سماء فرأيت آدم ونوحا وإبراهيم وعيسى فسلمت عليهم فتلقوني بالتحية وقالوا ما صنعت يا نبي الرحمة فأخبرتهم ففرحوا بذلك وحمدوا الله تعالى وسألوه لي المزيد ثم خرجت مع جبريل لا يفوتني ولا أفوته حتى دلاني في مكاني من الأرض الذي حملني منه وأرانى من ذلك عجائب الأرض وما خلق الله فيها وكل ذلك في ليلة واحدة فأنا سيد ولد آدم ولا فخر. فقال الزركشي معناه ولا فخر أتم من هذا الفخر فأخبرت بذلك قومي فكذبون
ي غير أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال في مجمع الأحباب الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم بعين رأسه ورآه أبو بكر رضي الله عنه بعين قلبه فكان أول من صدق قال شرف الدين عيسى السهرورى رحمه الله لما ركب النبي صلى الله عليه وسلم الرفرف من النور الأزهر تقدم هو وجبريل تأخر فزج في الأنوار فرفعت له الأستار وسمع كلام الجبار يا عروس المملكة يا تاج منصة الوجود يا شمس الهداية والسعود أنت أكرم الناس علينا ما تريد فمنك السؤال ومنا العطاء وما على عطائنا مزيد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما الذي أسأل وقد أسجدت لآدم الملائكة واصطفيته وزوجته حواء في الجنة أسكنته فجاءه الخطاب يا محمد لولا ما أشرق عليه نورك الذي تقادم ما قلنا للملائكة اسجدوا لآدم قال إلهي ما الذي أطلب وقد جعلت إدريس نبيا ورفعته مكانا عليا فجاءه الخطاب بالجواب إنما رفع إدريس إلى السماء لينظر إليك ويسير في هذه الليلة بين يديك قال إلهي ما الذي أطلب وقد استجبت دعوة نوح على أهل الطغيان ونجيته في السفينة من الطوفان فقال لولا أنه أقسم علينا بجاهك ما نجا هو ومن معه من المهالك سل تعط قال إلهي ما الذي أطلب وقد اصطفيت إبراهيم خليلا وجعلت النار عليه بردا وسلاما وفديت إبنه بذبح عظيم فجاء النداء يا أعز المخلوقات ويا أشرف الموجودات لولا ما أشرق عليهم من نور وجهك الكريم ما نجا إبراهيم من نار النمروذ ولا فدى إبنه بذبح عظيم ادع نجب قال يا سيدي وما الذي أدعو وقد جعلت موسى كليما وكرمته تكريما فجاء النداء يا أكرم من تمنى يا صاحب قاب قوسين أو أدني موسى هدى في السير بالنار وخوطب على جبل ذي أحجار وأنت خوطبت على بساط الأنوار في حضرة الملك الغفار قل نسمع قال إلهي ما الذي أقول وقد ألنت الحديد لداود وسيرت معه الحبال وأعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فجاءه النداء يا أعلى موجود سيسير معك جبال النصر والرعب في الوجود وألين لك قلوبا كالجمود وأخصك يوم القيامة بالمقام المحمود سل تعط فقال إلهي ما الذي أسألك وقد أيدت عيسى بروح القدس وأظهرت له المعجزات يبرئ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذنك فجاءه النداء أنت أي طبيب بك تداوى أمراض الذنوب وتحيا بك أموات القلوب وقال يا رب فاقبل شفاعتي في عصاة أمتي فجاءه الخطاب يا أعز الأحباب وعزتي وجلالي إن عصوني سترتهم وإن استغفروني غفرت لهم وإن استنصروني نصرتهم وإن دعوني أجبتهم ولأسامحنهم بما مضى ولأجودن عليهم بالرضا قال العلائي قال النبي صلى الله عليه وسلم سألت ربي ليلة المعراج مسألة وعدت أني لم أسأله عنها قلت يا رب أعطيت آدم الجنة قال أعطيته الجنة ثم عزلته عنها وأعطيتك وأمتك الجنة ولا أعزلكم عنها قلت أعطيت لنوح السفينة قال جعلت لك ولأمتك الأرض مسجدا وطهورا قلت سيرت النار بردا وسلاما على إبراهيم قال كذلك اجعلها على أمتك قلت أعطيت إسماعيل زمزم قال أعطيتك الكوثر قلت جعلت له الفداء قال جعلت فداء أمتك من النار اليهود والنصارى قلت كلمت موسى على جبل
الطور قال كلمتك على بساط النور قلت أعطت المائدة لعيسى قال لك مائدة الكرامة يوم القيامة قلت أعطيت داود الزبور قال أعطيتك سورة الأنعام قلت نجيت يونس من ظلمات ثلاث قال كذلك أنجي أمتك من ظلمة القبر وظلمة القيامة وظلمة الصراط. كلمتك على بساط النور قلت أعطت المائدة لعيسى قال لك مائدة الكرامة يوم القيامة قلت أعطيت داود الزبور قال أعطيتك سورة الأنعام قلت نجيت يونس من ظلمات ثلاث قال كذلك
أنجي أمتك من ظلمة القبر وظلمة القيامة وظلمة الصراط.
فائدة: متّى اسم أبي يونس عليه السلام في جامع الأصول متى اسم أمه أرسله الله إلى أهل موصل قيل كانت نبوته بعد خروجه من بطن الحوت حكاه البرماوي في شرح البخاري قال في العرائس لم ينسب إلى أمه غير عيسى ويونس عليهما الصلاة والسلام في الصحيح لا ينبغي لعبد أن يقول أنه خير من يونس ابن متى وفي حديث آخر لا تفضلوني على يونس ابن متى قيل قاله قبل أن يعلم أنه أفضل منه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة بيدي لواء الحمد في رواية لواء الكرم وما من نبي يومئذ آدم فمن دونه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيدخلها معي فقراء المهاجرين وأنا أكرم الأولين والآخرين وقال أنس رضي الله عنه ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه وحسن الصوت وكان نبيكم صلى الله عليه وسلم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا وقيل تواضعا فقد كان صلى الله عليه وسلم يفلي ثوبه ويحلب شاته ويرقع ثوبه ويخدم أهله ويخسف نعله ويخدم نفسه ويقم البيت ويعقل البعير ويعلفه ويأكل مع الخادم ويعجن معها ويحمل بضاعته من السوق وتقدم في باب الأمانة أنه صلى الله عليه وسلم قال صاحب الشيء أحق بشيئه وقيل إنما قاله زجرا عن توهم حط رتبة يونس لما في القرآن ولا تكن كصاحب الحوت فلهنا هو السبب في ذكره دون غيره من الأنبياء قال مؤلفه رحمه الله في الشفاء لا تخيروني على موسى فدعوى الاقتصار على ذكر يونس مردود وقيل للشيخ عبد القادر الكيلاني أن فلانا يزعم أنه وصل إلى ما وصل إليه يونس ابن متى فضرب وسادته بالأرض وقال أصبت فذهبوا إليه فإذا هو قد مات قال النبي صلى الله عليه وسلم قلت يا رب جعلت للخضر عين الحياة وسيأتي في مناقب الخضر عليه السلام في باب فضل الأمة المرحومة قال قد جعلت لك سلسبيلا قلت أعطيت موسى التوراة قال قد أعطيتك آية الكرسي من كنز عرشي قال محمد ابن الحنفية وإسم أمه خولة وأبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما نزلت آية الكرسي خر كل صنم على وجهه وسقطت التيجان عن رءوسها وهربت الشياطين فاجتمعوا إلى إبليس وأخبروه بذلك وقالوا حدث أمر فأمرهم أن يبحثوا عن ذلك فأتوا المدينة فبلغهم أن آية الكرسي نزلت وتقدم في فضائلها زيادة قال النبي صلى الله عليه وسلم قلت يا رب أعطيت عيسى الإنجيل قال جعلت لك سورة الإخلاص
…
فائدة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله من النور مسكا فكتب به سورة يونس وخلق خمسين ألف جناح فلم تمر في سماء إلا خضعت لها سكانها وسجدوا لها فمن تعلم سورة يونس وعرف حقها كان في الدرجة العليا وقوله صلى الله عليه وسلم خلق الله أي خلق الله لثوابها وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه يس تدعى في التوراة المعدة قيل ما المعدة قال تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله ومن كتبها وشربها دخل جوفه ألف دواء ذكره في تحفة الحبيب وفي تفسير القرطبي من قرأها نهارا كفى همه ومن قرأها ليلا غفر
ذنبه ومن قرأها نهارا لم يزل في فرح حتى يمسي ومن قرأها ليلا لم يزل في فرح حتى يصبح وعن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع القرآن عن أهل الجنة فلا يقرءون شيئا إلا طه ويس نعم في الحديث يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة إقرأ واصعد درجة فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه في كتاب البركة من قرأ يس أربع مرات متتاليات من غير أن يتكلم بشيء ثم يقول سبحان المنفس على كل مديون سبحان المفرج على كل محزون سبحان من أمره بين الكاف والنون سبحان من إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون يا مفرج الهموم يا حي يا قيوم صل وسلم على سيدنا محمد وآله واقض حاجتي ويسميها فإنها تقضى بإذن الله تعالى وهو مجرب ثم قال صلى الله عليه وسلم وخلق الله بعد ذلك درة بيضاء وخلق منها عنبر أشهب ثم كتب له آية الكرسي فمن تعلمها وعرف حقها دخل من أي أبواب الجنة وله بكل حرف مدينة في الجنة وكتب له بكل حرف حجة وعمرة وخلق بعد ذلك لؤلؤة خضراء منها كافور أبيض ثم كتب به قل هو الله أحد وقال هذا اسمي فلم تمر في سماء إلا خضعت سكانها فمن تعلمها وعرف حقها كان يوم القيامة في عداد الأنبياء والشهداء وله بكل حرف أربعون مدينة في الجنة وله بكل حرف ألف نور وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من قرأ قل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة فكأنما قرأ القرآن أربع مرات وكان من أفضل أهل الأرض وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره وأمن من ضغطة القبر وتحمله الملائكة بأكفها يوم القيامة حتى تجيزه على الصراط إلى الجنة وفي كتاب البركة عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ قل هو الله أحد حين يأوى إلى فراشه ثلاث مرات وكل الله به سبعين ألف ملك يحفظونه إلى الصباح رواه الطبراني قال النيسابوري قدم قوم من نجران بالجيم على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا أيا محمد صف لنا ربك هل هو من زبرجد أو ياقوت فقال إن ربي ليس من شيء لأنه خلق الأشياء فنزلت هذه الآية قل هو الله أحد فقالوا واحد وأنت واحد فقال ليس كمثله شيء قالوا زدنا قال الله الصمد قالوا وما الصمد قال الذي تصمد إليه الخلق في طلب حوائجهم قالوا زدنا قال لم يلد كما ولدت مريم عيسى عليه السلام وفي كتاب البركة عن النبي صلى الله عليه وسلم من ولد له مولود فسماه محمدا حبا لي وتبركا بإسمي كان هو ومولوده في الجنة وما قعد قوم على طعام حلال فيه رجل إسمه إسمي إلا تضاعفت فيه البركة وعن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ جميع ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم استكثروا من المعوذتين ينفعكم الله بهما في الآخرة المعوذتين ينوران القبر ويطردان الشيطان ويزيدان في الحسنات ويثقلان الميزان ويدلان صاحبهما إلى الجنة قال في العقائق كان المسافة من مكة إلى المقام الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالصلوات الخمس ويوحي الله تعالى إليه فيه ما أوحى ثلثمائة ألف سنة وقيل خمسين ألف سنة وقيل بل في ليلة واحدة كهذه الليالي وقيل أقل منها والله تعالى على ما يشاء قدير فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم وجد فراشه
لم يبرد من أثر النوم وقيل أن غصن شجرة أصابه بعمامته في ذهابه فلما رجع وجده بعد يتحرك ورأى ركبا من قريش في طريقه فلما أخبر قومه بالمعراج سألوه عن الركب فقال مررت على عير بني فلان وقد ضل لهم بعير وهي يطلبونه فدللتهم عليه في رحلهم قدح فيه ماء فأخذته وشربته ثم وضعته مكانه فسألوهم هل وجدوا الماء ثم قالوا أخبرنا عن عيرنا متى تجيء قال تطلع عليكم عند غروب الشمس فخرجوا ينتظرونها فلما كادت الشمس تغرب حبسها الله تعالى فغربت الشمس مع العير فقال رجل هذه العير وقال آخر هذه الشمس ثم سألوه عن بيت المقدس فجلاه الله تعالى له حتى صار ينظر إليه فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به فارتد كثير من الناس فذلك قوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ثم ذهب جماعة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقالوا إن صاحبك يزعم أنه جاء في هذه الليلة من مكة إلى بيت المقدس فقال إنكم تكذبون عليه فقالوا إنه في المسجد يحدث الناس فقال والله لئن قال ذلك لقد صدق فوالله إنه ليخبرني بالخبر يأتي إليه من السماء إلى الأرض في ساعة واحدة من ليل أو نهار فأصدقه فهذا أبعد مما تعجبون به فجاءه أبو بكر رضي الله عنه قال فقال يا رسول الله قال هؤلاء إنك جئت من بيت المقدس هذه الليلة قال نعم قال فصفه لي فإني رأيته فوصفه فقال أبو بكر صدقت أشهد أنك رسول الله وسيأتي أن الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم بعين رأسه رآه أبو بكر بعين قلبه فإن قيل موسى عليه السلام تبرقع عند عوده من المناجاة ومحمد صلى الله عليه وسلم ما فعل ذلك لما رجع من المعراج فما الحكمة في ذلك فالجواب من وجوه الأول أن موسى رجع عليه أثر الرد بقوله لن تراني قال بعضهم لما قال موسى رب أرني أنظر إليك وجد مكتوبا على صخرة ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن والإشارة في ذلك أن الرؤية حق ليتيم أبي طالب وخجل الرد يعمي ومحمد صلى الله عليه وسلم رجع وعليه أثر القبول وهو يقوي البصر الثاني كما منعه الله تعالى من النظر إليه كذلك منع قومه من النظر إليه الثالث أن موسى غشي وجهه نور لم يغشه قبل ذلك ومحمد صلى الله عليه وسلم منور في كل الأحوال قال أبو هريرة رضي الله عنه كانت الشمس في إحدى وجنتيه والقمر في الأخرى الرابع نور موسى عليه السلام كان على وجهه فكل من رآه عمى ونور محمد صلى الله عليه وسلم في
قلبه فكل من رآه بنور قلبه اهتدى الخامس أراد الله تعالى أن يعنف أمة موسى لما قالوا أرنا الله فكأنه قال تعالى هذا موسى رأى بعض آياتنا فلم تستطيعوا أنتم النظر إليه فكيف تريدون أنتم النظر إلى الخالق وقيل لا رجع موسى من المناجاة رجع والبرقع على وجهه فقالت له زوجته اكشف عن وجهك فكشف لها عن وجهه فعميت فدعا لها فرد الله بصرها وكذا سبع مرات وما قالت تبت عن قولي لك اكشف عن وجهك فلما كان بعد السابعة وهبها قوة بصرها فثبت على رؤية نور موسى عليه السلام فلما طلب الرؤية من الله تعالى وخر صعقا قال تبت قيل له ارجع وتعلم صدق الطلب من زوجتك حيث اختارت العمى سبع مرات وهي ترجع وأنت في مرة واحدة تقول تبت إليك السادس أن الله تعالى تجلى لموسى بالجلال وهو يدهش وتجلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بالجمال وهو ينعش قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد أن المحبة الناشئة عن معرفة الجمال أفضل من المحبة الناشئة عن الإنعام وعن الأفضال لأن محبة الجمال نشأت عن جمال الله تعالى ومحبة الإنعام والأفضال نشأت عما صدر من فضله ونعمه والتعظيم والإجلال أفضل من الكل وقال البلقيني في الفوائد على القواعد وهذا يقتضي أن مقام الجلال أفضل من مقام الجمال والذي اختاره شيخنا أن مقام الجمال أفضل لأنه مقام النبي ليلة المعراج ومقام الجلال مقام موسى لما تجلى ربه للجبل ومقام نبينا أفضل والله أعلم وقد أجاد القائل: شعر: فكل من رآه بنور قلبه اهتدى الخامس أراد الله تعالى أن يعنف أمة موسى لما قالوا أرنا الله فكأنه قال تعالى هذا موسى رأى بعض آياتنا فلم تستطيعوا أنتم النظر إليه فكيف تريدون أنتم النظر إلى الخالق وقيل لا رجع موسى من المناجاة رجع والبرقع على وجهه فقالت له زوجته اكشف عن وجهك فكشف لها عن وجهه فعميت فدعا لها فرد الله بصرها وكذا سبع مرات وما قالت تبت عن قولي لك اكشف عن وجهك فلما كان بعد السابعة وهبها قوة بصرها فثبت على رؤية نور موسى عليه السلام فلما طلب الرؤية من الله تعالى وخر صعقا قال تبت قيل له ارجع وتعلم صدق الطلب من زوجتك حيث اختارت العمى سبع مرات وهي ترجع وأنت في مرة