المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم - نزهة المجالس ومنتخب النفائس - جـ ٢

[الصفوري]

فهرس الكتاب

- ‌باب في فضل الصدقة وفعل المعروف خصوصا مع القريب والجار الغريب

- ‌فصل في إكرام الجار

- ‌باب الزهد والقناعة والتوكل

- ‌فصل في القناعة

- ‌فصل في التوكل على الله

- ‌باب حفظ الأمانة وترك الخيانة

- ‌وذكر النساء وفضل الزواج وذم الطلاق والتحذير من اللواط

- ‌وفضل الزراعة

- ‌وبيان قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم من سبع ورزقتم من سبع

- ‌فصل في الزراعة

- ‌فصل في قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم مع سبع

- ‌باب الخوف

- ‌باب التوبة

- ‌باب في فضل العدل واجتناب الظلم

- ‌فصل في العدل

- ‌فصل في الشفقة على خلق الله تعالى

- ‌فصل في إكرام المشايخ

- ‌فصل في الخضاب والتسريح

- ‌باب فضل العقل

- ‌باب فضل العلم وأهله والشام

- ‌فضل في سكنى الشام

- ‌أنا أول من تنشق عنه الأرض فكيف يسبقه موسى إلى تحت العرش فالجواب إن

- ‌باب مولد المصطفى وحبيب الله المجتبى

- ‌سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين

- ‌فصل في نسبه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في رضاعه صلى الله عليه وسلم

- ‌باب فضل الصلاة والتسليم على سيد الأولين

- ‌والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه

- ‌باب قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا

- ‌من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

- ‌فصل في المعراج

- ‌باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم

- ‌فضائل الصحابة

- ‌رضى الله تعالى عنهم أجمعين إجمالا وتفصيلا

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌مناقب أهل خلق الله على التحقيق

- ‌أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌مناقب سراج أهل الجنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌باب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌باب مناقب هؤلاء الأربعة رضي الله عنهم إجمالا

- ‌باب مناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌باب مناقب فاطمة الزهراء رضي الله عنها

- ‌فصل تزويج حواء بآدم عليهما الصلاة والسلام

- ‌باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب العباس رضي الله عنه

- ‌باب مناقب حمزة رضي الله عنه

- ‌باب فضائل هذه الأمة المرحومة زادها الله شرفا وإكراما

- ‌وذكر بعض من فيها من العلماء والأولياء بأسمائهم وتواريخهم

- ‌وذكر إبراهيم وموسى وعيسى والخضر والياس

- ‌عليهم الصلاة والسلام

- ‌في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌فصل في ذكر موسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر عيسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر الخضر والياس عليهما السلام

- ‌فصل في ذكر ما تيسر من المشهورين بالكنية

- ‌بأسمائهم وتواريخهم من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم

- ‌باب ذكر أشياء من فعلها حرمه الله على النار وأعتقه منها

- ‌باب في ذكر الجنة

الفصل: ‌باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

واحدة تقول تبت إليك السادس أن الله تعالى تجلى لموسى بالجلال وهو يدهش وتجلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بالجمال وهو ينعش قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد أن المحبة الناشئة عن معرفة الجمال أفضل من المحبة الناشئة عن الإنعام وعن الأفضال لأن محبة الجمال نشأت عن جمال الله تعالى ومحبة الإنعام والأفضال نشأت عما صدر من فضله ونعمه والتعظيم والإجلال أفضل من الكل وقال البلقيني في الفوائد على القواعد وهذا يقتضي أن مقام الجلال أفضل من مقام الجمال والذي اختاره شيخنا أن مقام الجمال أفضل لأنه مقام النبي ليلة المعراج ومقام الجلال مقام موسى لما تجلى ربه للجبل ومقام نبينا أفضل والله أعلم وقد أجاد القائل: شعر:

محمد العربي الهاشمي رسو

ل الله خير البرايا شافع الأمم

الزاهد العابد القوام في الظلم

حتى اشتكت قدماه الضر من ورم

هذا الذي أشرقت أنوار غرته

كأنما في الدجى من أوفر القسم

بالروح والحسم أسرى في الظلام به

وليس ينكر سير البدر في الظلم

على البراق إلى السبع الطياق رقى

قد رأى الله رؤيا غير متهم

من ذا الذي قد دنا من نحو خالقه

كقاب قوسين أو أدنى ولم يضم

سوى الحبيب الشفيع السيد السند

البر الرؤف الحليم العالم العلم

خير الملائكة الأشراف بين يدي

خير البرية يمشي وهو محتشم

الله أرسله للعالمين هدى

ورحمة وكذا في يوم حشرهم

في يوم لا والد يغنى ولا ولد

وكلهم خائف من زلة القدم

هناك غير رسول الله أحمد في

مقامه ذلك المحمود لم يقم

يقال يسمع فقل واطلب مناك تنل

واشفع تشفع وقل ما شئت واحتكم

لولاك ما كان لا عرش ولا فلك

يا من غدا رحمة للناس كلهم

هذا المقام الذي ما ناله أحد

سوى محمد المبعوث بالحكم

يا سيد الرسل يا كنز العفاف ويا

ذخرة العصا غدا يا عالي الهمم

كن منقذي ومغيثي أنت معتمدى

وغير بابك للحاجات لم يرم

صلى عليك إله العرش ما طلعت

شمس النهار ولاحت أنجم الظلم

فنسأل اللهم بجاه هذا النبي الكريم وبما كان بينك وبينه ليلة الحلوة والحلوة والتقريب والتعظيم أن تغفر لنا كل ذنب عظيم وتنظر إلينا بعين رحمتك يا رحيم وارزقنا شفاعته بفضلك وعلمك ورضاك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

‌باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

الحمد لله في العزة والإجلال والعظمة والبهاء والجمال والهيبة والسلطان والكمال الأزلي القديم

ص: 126

بلا زوال الأبدي الباقي بلا انتقال المقدس عن النظير والشبيه والمثال المنزه عن الفوق والتحت واليمن والشمال الغالب في حكمه بلا نزاع ولا جدال القدير الذي قدر الأرزاق والآجال العادل في حكمه بالموت بين الدون والعال والصغير والكبير والسادة والموالى ولو فدى منه أحد لفدى محمدا العالي سوى بين الغني والفقير والشريف والحقير على التفصيل والإجمال فالفوز لمن رضي بحكمه وسلم له الفعال والزلفى لمن شكره في سائر الأحوال لأن الموت رحلة من دار الهوان والأهوال إلى دار السلامة والكرامة والنوال دار عيشها هنيء وطعامها مريء طيبة الظلال دار صفوها بلا كدر ولا نوم فيها ولا ضجر غرفها عوال دار ترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والمرجان لا قيل فيها ولا قال دار لا تعب فيها ولا نصب ولا هم ولا غم ولا نصب وبنيانها من فضة وذهب وحورها يرفلن في حجال أنهارها جارية وثمارها ثانية وقصورها عالية ونعيمها لم يخطر على بال أهلها من مروج الصندل يضحكون وفي رياض العنبر يتبخترون أخوانا على أرائك الياقوت إقبال وأفضل ذا وذا كشف الحجاب عن وجه في الحلال أخي فلا من الموت تجزع ولا في البقاء تطمع فلنا أسوة بمن مضى ومثال فما ثم إلا التفويض والتضرع والإبتهال أحمده على بره المتوال وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجينا جميعا من الاضلال والأهوال ونستعين بها جميعا تحت التراب في الجواب عند السؤال وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ومحو الضلال بالغدو والآصال قال الله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية قال القشيري في تفسيره والسلمي في حقائقه سقمت البصائر عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلا رجل واحد وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه فإن الله تعالى أيده بقوة السكينة فقال من كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات فصار الكل مقهورين تحت سلطان ملته لما بسط الله عليه من نور جلالته كالشمس بطلوعها يندرج فيها شعاع أنوار الكواكب قال القشيري وإنما قال أفإن مات أو قتل لأنه مات وقتل أيضا بالسم الذي أكله يوم خيبر من الشاة المسمومة قال الرازي بين الله تعالى آيات كثيرة أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يقتل قال تعالى إنك ميت وقال تعالى والله يعصمك من الناس والمقصود من الآية أن اتباع الرسل المتقدمين ما تغيروا عن دينهم بعد موت أنبيائهم فكذلك كونوا أنتم مثلهم قال الله تعالى وكأين من نجبي قاتل معه ربيون كثير أي قتل معه جماعات كثيرة فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله أي خافوا وما ضعفوا أي ما ضعفت قلوبهم وما استكانوا أي ما أظهروا البدع والآية نزلت في غزوة أحد قال القرطبي عرف الناس موت محمد لما قرأ أبو بكر وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية ودلت على شجاعته رضي الله عنه ولما مات أظلم من المدينة كل شيء ولما دخل على المدينة أضاء منها كل شيء قال البغوي في تفسيره عن الحسن علم النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب أجله بقوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح قال قتادة عاش بعدها عامين قال في روض الأفكار ما ضحك فيهما وهذه السورة تسمى سورة التوديع قال ابن

ص: 127

عباس رضي الله عنهما ولما كان قبل موته بشهر نعى إلينا نفسه الكريمة ثم جمعنا في بيت عائشة رضي الله عنها فبكى وقال مرحبا بكم آواكم الله هداكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم وأستحلفه عليكم أني لكم منه نذير مبين فقد دنا الأجل والمنقلب إلى الله تعالى وإلى سدرة المنتهى وإلى جنة المأوى وكان مرضه صلى الله عليه وسلم إثنى عشر يوما أولها يوم الخميس وآخرها يوم الإثنين قال القرطبي في آل عمران مات يوم الإثنين بلا خلاف في الساعة التي دخل فيها المدينة حين اشتد الضحى من يوم الاثنين أيضا وهو يوم الولادة والرسالة أيضا لكن الرسالة كانت في رمضان والولادة والوفاة في ربيع الأول ثم خرج إلى أصحابه وقد عصب رأسه وصعد المنبر ثم قال من كنت جلدت له ظهرا أو شتمت له عرضا فهذا ظهري وعرضي فليقتص منهما ومن أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه أو يحاللني فلقيت الله وأنا طيب النفس وأما قيام عكاشة رضي الله عنه وطلبه القصاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقضيب المشقوق فصرح ابن الجوزي وغيره بأنه

كذب وإنما الذي طلب القصاص يوم بدر سواد بن غزية رضي الله عنه كما تقدم في باب فضل العدل وكان أول مرضه صداعا في رأسه في أيام صحته قال أعرابي يا نبي الله أخبرني عن الصداع فقال عروق تضرب الإنسان في رأسه فقال الرجل ما وجدت هذا فلما انصرف الرجل قال النبي من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا رواه الإمام أحمد ورأيت في كتاب البركة عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال شكا نبي من الأنبياء الصداع إلى ربه عز وجل فأمره أن يأكل الدباء باللبن وإذا أخذ من المسك وزن نصف عدسة من مثله من الزعفران وتسعط من صداع بارد نفعه وشم المسك يقطع الرياح من سائر الجسد وتقدم أول الكتاب زيادة في باب الدعاء قال ابن رجب لطائف كان عنده صلى الله عليه وسلم في مرضه سبعة دنانير فأمرهم بالتصديق بها فاشتغلوا بوجعه فدعا بها وتصدق بها ثم قال ما ظن محمد بربه لو لقى الله وعنده هذا قال ابن رجب فكيف حال من يلقى الله بدماء المسلمين وأموالهم بغير حق ورأيت في الدر الثمين في خصائص الصادق الأمين أن الله تعالى كلم موسى عليه السلام مائة ألف كلمة وأربعة عشر ألف كلمة يقول كل كلمة وقتلت نفسا بغير حق مع أنه كان كافرا بخبز عجين فرعون قال وهب أوحى الله إليه يا موسى النفس التي قتلتها لو أقرت لي طرفة عين إني خالق ورزاق لأذقتك طعم العذاب وسبب قتله أنه اشترى حطبا وأمر رجلا من شيعة موسى أن يحمله إلى مطبخ فرعون فامتنع من ذلك واستغاث بموسى فوكزه وكزة كان فيها أجله ثم قال ابن رجب أرسلت عائشة رضي الله عنها بالمصباح ليلة الإثنين إلى إمرأة من الأنصار فقالت قطري لنا فيه عكة السمن فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسى في شدة الموت وكان صلى الله عليه وسلم يضع يده الكريمة في الماء ويمسح وجههه ويقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات اللهم هون على محمد سكرات الموت فقالت فاطمة رضي الله عنها واكرباه لكربك يا رسول الله فقال لا كرب على أبيك بعد اليوم قالت عائشة رضي الله عنها فدعوت له بالشفاعة لما أغمي عليه فلما أفاق قال لا بل إسألي الله

ص: 128

الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل وإسرافيل ثم قال إنه ليهون علي الموت أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة قال في ورض الأفكار هبط جبريل وملك الموت وملك يقال له إسمائيل معه سبعون ألف ملك وذكره غيره أن عزرائيل وقف على الباب وقال السلام عليكم يا أهل بيت النبوة أأدخل ولابد من الدخول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مفرق الجماعات هذا ملك الموت ثم أذن له في الدخول فقال أين تركت أخي جبريل قال تركه في سماء الدنيا والملائكة يعزونه فيك وإذا بجبريل قد دخل وسلم وقال هذا الموعد يستأذن عليك ولم يستأذن على أحد قبلك ثم قال جبريل السلام عليك يا رسول الله هذا آخر موطئي من الدنيا وإنما كنت حاجتي من الدنيا نعم جبريل لا ينزل بالوحي إلى الدنيا بعده وأما بغيره فيزل إلى الدنيا كليلة القدر فقال يا جبريل بشرني قال أبواب الجنة قد تفتحت بقدرة روحك قال ليس عن هذا أسأل بشرني يا جبريل قال قد اصطفت الملائكة لملاقاة روحك قال ليس عن هذا أسأل بشرني من لقراء القرآن من بعدي من لصوم رمضان بعدي قال أبشر فإن الجنة حرمت على جميع الأمم حتى تدخلها أنت وأمتك فقال الآن قد طاب الموت ادن مني يا ملك الموت فعالج روحه الطيبة فولى جبريل بوجهه فقال يا جبريل ولم تول بوجهك عني فقال ومن يستطيع النظر إليك وأنت تعالج سكرات الموت قالت عائشة رضي الله عنها لما خرجت روحه الطيبة ما شممت ريحا أطيب منها ثم وقعت الظلمة في المدينة حتى لا يرى بعضهم بعضا واختلف حال الصحابة في هذه المصيبة فمنهم من أقعد ومنهم من أخرس لسانه إلى فراغ العزاء حتى تكلم ومنهم من أضنى كالمريض حتى مات وثبت أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما تقدم ثم بايعه الناس بالخلافة وذلك بتوفيق الله وأول من بايعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكر القرطبي في تفسير آل عمران أن الرافضة انقسمت إثنتي عشرة فرقة كل فرقة في السعير فمن أراد أن يرى قبائح هذه الفرق فلينظر في تفسير القرطبي في قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ثم بايع الناس أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأخذوا في تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبره الشريف الذي هو أفضل من العرش والكرسي فغسله على بالماء البارد في ثوبه ومعه

العباس ومعه ولده الفضل وأسامة بن زيد يصب الماء ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض تحت السقف وحول ستر ولم يخرج منه شيء كالأموات فقال علي رضي الله عنه ما أطيبك حيا وميتا يا رسول الله ثم دخل الناس وصلوا عليه فرادى بغير إمام بعدهم النساء ثم الصبيان وقيل أول من صل عليه ربه ثم الملائكة ثم الأنبياء ثم ألحده أبو طلحة في ليلة الأربعاء في الموضع الذي مات فيه وقيل ليلة الثلاثاء وعمره ثلاث وستون سنة قال سفيان الثوري رضي الله عنه من بلغ ثلاثا وستين سنة فليستعد للكفن فلما دفن صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه هذه الأبيات وحكاه القرطبي عن صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم: ومعه ولده الفضل وأسامة بن زيد يصب الماء ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض تحت السقف وحول ستر ولم يخرج منه شيء كالأموات فقال علي رضي الله عنه ما أطيبك حيا وميتا يا رسول الله ثم دخل الناس وصلوا عليه فرادى بغير إمام بعدهم النساء ثم الصبيان وقيل أول من صل عليه ربه ثم الملائكة ثم الأنبياء ثم ألحده أبو طلحة في ليلة الأربعاء في الموضع الذي مات فيه وقيل ليلة الثلاثاء وعمره ثلاث وستون سنة قال سفيان الثوري رضي الله عنه من بلغ ثلاثا وستين سنة فليستعد للكفن فلما دفن صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه هذه الأبيات وحكاه القرطبي عن صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم:

ألا يا رسول الله كنت رجاءه

كنت بنا برا ولم تك جافيا

وكنت بنا برأ رحيما وهاديا

ليبك عليك اليوم من كان باكيا

ص: 129

لعمرك ما أبكى لخل فقدته

ولكن لهرج بعده كان آتيا

أفاطم صلى الله رب محمد

على جسد أمسى بيثرب ثاويا

فما لرسول الله أمي وأخوتي

وعمي وآبائي ونفسي وخاليا

فلو أن رب الناس أبقى نبينا

سعدنا ولكن أمره كان ماضيا

عليك من الله السلام تحية

وأدخلت جنات من العدن راضيا

قال القرطبي في روض الأفكار وقال عمر بن الخطاب يرثي النبي بعد وفاته: شعر:

ما زلت منذ وضع الفراش لجنبه

وسوي عليه خائفا أتوقع

شفقا عليه أن يزول مكانه

عنا فنبقى بعده نتفجع

ليت السماء تفطرت أكنافها

وتناثرت منها النجوم فيسمع

لما رأيت الناس هد جميعهم

موت ينادي بالنعي فيسمع

والناس حول نبيهم يدعونه

يبكون أعينهم بماء تدمع

وسمعت صوتا قبل ذلك هدني

عباس ينعاه بصوت يقطع

يبكيه من أهل المدينة كلهم

والمسلمون بكل خطب يجزع

وقال القرطبي في آل عمران فإن قيل فلم أخر دفن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قد أمر بتعجيل تجهيز الميت فالجواب من وجوه الأول: أنهم اختلفوا في موته صلى الله عليه وسلم فمنهم من أنكره حتى قال عمر رضي الله عنه من قال أن محمد قد مات ضربت عنقه الثاني: أنهم اختلفوا في دفنه فمنهم من قال يدفن في البقيع ومنهم من قال يحبس حتى يحمل إلى أبيه إبراهيم ومنهم من قال يدفن في المسجد فقال الصديق رضي الله عنه سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ما دفن نبي إلا حيث يموت الثالث: أن الأنصار والمهاجرين اختلفوا في الخلافة فلما وفق الله الفريقين لتولية أبي بكر رضي الله عنه وبايعوه قاموا إلى تجهيزه صلى الله عليه وسلم كما تقدم ثم بايع الناس أبا بكر رضي الله عنه بيعة أخرى من الغد وكشف الله به الكربة من أهل الردة وأقام به الدين والحمد لله رب العالمين والبيعتان قبل دفنه صلى الله عليه وسلم فنسأل الله العظيم بجاهه على ربه أن يجمع بيننا وبينه في الدار الآخرة في عافية بلا محنة ورأيت في السبعيات للهمداني قال أنس رضي الله عنه مررت بباب عائشة رضي الله عنها فسمعتها تقول في بكائها يا من لم يلبس الحرير ويا من لم ينم على فراش وثير ويا من لم يشبع من خبز الشعير يا من اختار الحصير على السرير يا من لم ينم الليل خوف السعير ثم حكى عن معاذ رضي الله عنه أنه قال كنت ليلة نائما باليمن لما وجهني رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم أهله الإسلام فرأيت قائلا يا معاذ أتنام ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أطباق التراب فاستيقظت مرعوبا ثم نمت فرأيت كذلك في آخر الليل كذلك فأخذت المصحف نهارا فأول سطر قرأته إنك ميت وإنهم ميتون فبكى معاذ ورحل من اليمن إلى المدينة وهو يقول وامحمداه أين أنت فوق الأرض أم تحتها فلما قربت من المدينة سمعت هاتفا من بعض الأودية يقول كل نفس ذائقة الموت فدنا منه

ص: 130