المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم - نزهة المجالس ومنتخب النفائس - جـ ٢

[الصفوري]

فهرس الكتاب

- ‌باب في فضل الصدقة وفعل المعروف خصوصا مع القريب والجار الغريب

- ‌فصل في إكرام الجار

- ‌باب الزهد والقناعة والتوكل

- ‌فصل في القناعة

- ‌فصل في التوكل على الله

- ‌باب حفظ الأمانة وترك الخيانة

- ‌وذكر النساء وفضل الزواج وذم الطلاق والتحذير من اللواط

- ‌وفضل الزراعة

- ‌وبيان قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم من سبع ورزقتم من سبع

- ‌فصل في الزراعة

- ‌فصل في قوله صلى الله عليه وسلم خلقتم مع سبع

- ‌باب الخوف

- ‌باب التوبة

- ‌باب في فضل العدل واجتناب الظلم

- ‌فصل في العدل

- ‌فصل في الشفقة على خلق الله تعالى

- ‌فصل في إكرام المشايخ

- ‌فصل في الخضاب والتسريح

- ‌باب فضل العقل

- ‌باب فضل العلم وأهله والشام

- ‌فضل في سكنى الشام

- ‌أنا أول من تنشق عنه الأرض فكيف يسبقه موسى إلى تحت العرش فالجواب إن

- ‌باب مولد المصطفى وحبيب الله المجتبى

- ‌سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين

- ‌فصل في نسبه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في رضاعه صلى الله عليه وسلم

- ‌باب فضل الصلاة والتسليم على سيد الأولين

- ‌والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه

- ‌باب قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا

- ‌من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

- ‌فصل في المعراج

- ‌باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم

- ‌فضائل الصحابة

- ‌رضى الله تعالى عنهم أجمعين إجمالا وتفصيلا

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌مناقب أهل خلق الله على التحقيق

- ‌أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌مناقب سراج أهل الجنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌مناقب أبي بكر وعمر جميعا رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌باب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌باب مناقب هؤلاء الأربعة رضي الله عنهم إجمالا

- ‌باب مناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌باب مناقب فاطمة الزهراء رضي الله عنها

- ‌فصل تزويج حواء بآدم عليهما الصلاة والسلام

- ‌باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌باب مناقب العباس رضي الله عنه

- ‌باب مناقب حمزة رضي الله عنه

- ‌باب فضائل هذه الأمة المرحومة زادها الله شرفا وإكراما

- ‌وذكر بعض من فيها من العلماء والأولياء بأسمائهم وتواريخهم

- ‌وذكر إبراهيم وموسى وعيسى والخضر والياس

- ‌عليهم الصلاة والسلام

- ‌في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌فصل في ذكر موسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر عيسى عليه السلام

- ‌فصل في ذكر الخضر والياس عليهما السلام

- ‌فصل في ذكر ما تيسر من المشهورين بالكنية

- ‌بأسمائهم وتواريخهم من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم

- ‌باب ذكر أشياء من فعلها حرمه الله على النار وأعتقه منها

- ‌باب في ذكر الجنة

الفصل: ‌باب مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم

معاذ فإذا هو رجل من الأنصار فقال يا معاذ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فارق الدنيا فوقع معاذ مغشيا عليه فلما أفاق ورفع له كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعليه ختم بخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبله وبكى فلما دخل المدينة جاء إلى عائشة رضي الله عنها وفاطمة رضي الله عنها وقال السلام عليكم يا أهل البيت قالت فاطمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة أقرئي معاذا مني السلام وأخبريه أنه يأتي يوم القيامة أمام العلماء ثم زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت فاطمة رضي الله عنها شعرا:

ماذا على من شم تربة أحمد

أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو أنها

صبت على الأيام صرن لياليا

فائدة: رأيت في لقط المنافع لإبن الجوزي في الباب الثالث عشر في ذكر الطيب أن الغالية من مسك وعنبر وكافور يخلط الجميع بدهن البان واللبنوفر وشمها يسكن الصداع البارد وهي نافعة للدماغ البارد وشم المسك والعنبر تقدم أول الكتاب وشم الصندل ينفع من الصداع الحار ويقوي الكبد والمعدة الحارين إذا طلى عليهما من الخارج وتقدم أن دهن الحواجب قبل الرأس بأي دهن كان ومرور المشط عليها قبل الرأس واللحية أمان من الصداع ويبدأ من اليمين قال في لقط المنافع في الباب الثاني عشر من ذكر الباب من لبس خفه باليمين ونزعه باليسرى آمن وجع الطحال والله أعلم.

‌باب مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم

الأولى خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: كانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة وكانت أكثر قريش مالا وأعظمهم شرفا وكانت تتاجر الرجالة في مالها وتضاربهم بشيء معلوم قال في المنهاج القراض والمضاربة أن يدفع إليه دراهم أو دنانير ليتجر والربح مشترك فلما بلغ خديجة رضي الله عنها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه وأمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه أن يخرج في مالها إلى الشام وتعطيه أفضل ما تعطي غيره مع غلام لها يقال ميسرة فقبل منها وخرج في مالها إلى الشام حتى قدم مدينة بصرى من أرض حوران وكان قد خرج مع عمه أبي طالب إلى بصرى أيضا وله إثنتا عشرة سنة في رحلة الصيف وكانت قريش يتاجرون في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام فكان ذلك لا يشق عليهم ولا يشق على أنفسهم عبادة رب البيت فلذلك أتى بلام التعجيب فقال تعالى لإيلاف قريش أي اعجبوا لإيلاف قريش لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف وتركهم العبادة ثم إن الله تعالى يسر لهم الأرزاق في البر على الإبل وغيرها في المراكب وأمرهم بالعبادة فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصرى مع غلام خديجة رآه بحيرة الراهب وقيل غيره وإنما رآه بحيرة في الكرة الأولى فقال الراهب من هذا قال غلام من قريش قال ما ينزل تحت هذه الشجرة إلا نبي فلما رجع صلى الله عليه وسلم إلى مكة فباعت خديجة رضي الله عنها ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من التجارة بربح وحدثها

ص: 131

ميسرة بقول الراهب وقال ميسرة كان إذا اشتدت الحرارة نزل عليه ملكان يظلان عليه من الشمس وهو على بعيره فأرسلت إليه وعرضت نفسها عليه ثم أرسلت إليه شيئا ليرسله إلى أبيها حتى يرغب فيزوجه بها فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعمامه فخرج حمزة وأبو طالب ورؤساء الحرم إلى خويلد بن أسد فخطب أبو طالب وقال الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وجعل بيتنا محجوبا وحرما آمنا وجعلنا سواس حرمه والحكام على الناس ثم أن ابن أخي محمد لا يوزن برجل إلا رجح به فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل وقد خطب خديجة ولها من الصداق ما عاجله وآجله كذا وهو والله بعد هذا له نبأ فزوجه أبوها خويلد وهي بنت أربعين سنة وهو ابن خمس وعشرين وأصدقها عشرين بكرة ونحر في وليمتها جزورين ورأيت في كتاب شرف المصطفى أن أبا طالب قال يا محمد أنت يتيم فقير ومنه خديجة تستأجر الأجراء فهل لك أن أذهب بك لعلها تستأجرك فتنال منها خيرا قال نعم فأقبل به إليها فقالت نعم اجعل لكل أجير ناقة واجعل لمحمد ناقتين فخرج مع غلامها ميسرة وقالت لا تعص لمحمد أمرا فلما نزلوا بقرب بحيرة قال من أنت قال أنا غلام خديجة فدنا من محمد صلى الله عليه وسلم وقبل رأسه وقال آمنت بك ثم يا محمد رأيت منك العلامات كلها إلا واحدة فاكف لي عن كتفك فكشف له فنظر إلى خاتم النبوة وتقدم ببابه في المولد فقبله وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله مرتين ثم قال يا غلام احتفظ عليه من اليهود فإنهم أعداؤه ورأيت في الدر الثمين أن الراهب إسمه نسطورا ولم يذكر أنه أسلم وذكر أن بحيرة الراهب كان رآه في السفرة الأولى مع عمه أبي طالب فربح ميسرة ربحا لم يربح مثله ثم قال يا محمد عجل إلى خديجة وبشرها بالربح الكثير وكانت خديجة رضي الله عنها يحملها خدمها إلى سطح دارها فرأت محمدا صلى الله عليه وسلم وعن يمينه ملك شاهر سيفه وعن شماله كذلك والعامة على رأسه فلما نزل على بابها وثبت إليه فإذا هي بمحمد صلى الله عليه وسلم فأخبرها بالربح فقالت له ارجع إلى ميسرة وقل له عجل وإنما أرادت تأكيد محمد فلما تحققته إمتلأ قلبها فرحا فلما قدم ميسرة سألته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني بحيرة الراهب أن محمدا نبي هذه الأمة فقالت يا محمد إذهب إلى عمك أبي طالب وقل له عجل علينا فظن أبو طالب أنها ترد محمدا عليه فشق ذلك عليه فلما دخل عليها قالت إذهب إلى عمي وقل له يزوجني بمحمد صلى الله عليه وسلم فقام أبو طالب إليه فوجده سكران فزوجها إياه وتقدم أن السكران إذا شرب الخمر مختارا عالما بالتحريم أن طلاقه وتزويحه وبيعه وسائر تصرفاته القولية والفعلية عليه نافذة صحيحة ورأيت في عقائق الحقائق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج خديجة كثر كلام الحساد فيها فقالوا أن محمدا صلى الله عليه

وسلم فقير وتزوج بأغنى النساء فكيف رضيت خديجة بفقره فلما بلغها ذلك أخذتها الغيرة على محمد صلى الله عليه وسلم أن يعير بالفقر فدعت رؤساء الحرم وأشهدتهم أن جميع ما تملكه لمحمد صلى الله عليه وسلم فإن رضي بفقري فذلك من كرم أصله فتعجب الناس منها وانقلب القول فقالوا أن محمدا أمسى من

ص: 132

أغنى أهل مكة وخديجة أمست من أفقر أهل مكة فأعجبها ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم بم أكافئ خديجة فجاءه جبريل عليه السلام وقال إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك مكافأتها علينا فانتظر النبي صلى الله عليه وسلم المكافأة فلما كان ليلة المعراج ودخل الجنة وجد فيها قصرا مد البصر فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فقال جبريل لمن هذا قال لخديجة فقال هنيئا لها فقد أحسن الله مكافأتها

مسألة: تمليك المجهول باطل قال المحب الطبري قال الزهري وقتادة أول من آمن من النساء خديجة رضي الله عنها بعث النبي يوم الإثنين من شهر رمضان فآمنت به خديجة في ذلك اليوم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد في غار حراء في شهر رمضان فإذا رجع إلى أهله إلى مكة فطاف بالكعبة سبعا قبل أن يدخل على خديجة فلما كانت السنة التي أرسله الله فيها وهو في غار حراء نزل عليه جبريل من عند رب العالمين ورأيت في الدر الثمين في خصائص الصادق الأمين نزل عليه إسرافيل ثلاث سنين بكلمة الوحي ثم وكل به جبريل بالوحي إليه والوحي على أقسام سبعة قسم في النوم وقسم في اليقظة كما في ليلة الإسراء وقسم ينزل به إسرافيل وقسم ينزل به جبريل وقسم يأتيه مثل صلصلة الجرس وقسم ينفث في روعة الكلام نفثا وقسم يكلمه الله من وراء حجاب ورأيت في قوله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا وهو داود عليه السلام أو من وراء حجاب وهو موسى أو يرسل رسولا وهو جيريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم فلما جاء جبريل قالت الأحجار السلام عليك يا رسول الله وفي رواية فخرجت حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السماء يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فرفعت رأسي فإذا جبريل في صورة رجل في أفق السماء فلا أنظر إلى ناحية منها إلا رأيته فما زلت واقفا لا أتقدم ولا أتأخر حتى بعثت خديجة رسولا في طلبي ثم انصرف عني وانصرفت عنه إلى أهلي فقالت خديجة يا أبا القاسم أين كنت فوالله لقد بعثت رسولي في طلبك فحدثتها بالذي رأيت فقالت أبشر وأثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة وفي رواية أنها قالت ألا تستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاء قال نعم فجاءه جبريل فقال يا خديجة هذا جبريل قالت فاجلس على فخذي الأيسر ففعل فقالت هل تراه قال نعم فحولته إلى الأيمن ثم قالت هل تراه قال نعم فأجلسته في حجرها وقالت هل تراه قال نعم فكشفت عن وجهها فقالت هل تراه قال لا فقلت أبشر فوالله إنه ملك ما هو شيطان ثم لبست ثيابها ودخلت على ورقة بن نوفل وهو ابن عمها فأخبرته بذلك فقال قدوس قدوس والذي نفسي بيده لئن صدقت يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ثن قام ورقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل رأسه قال محمد بن اسحق كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه والتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بخديجة إذا رجع إليها فتثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس ومن كرامتها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا خديجة هذا جبريل يقرؤك السلام فقالت الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام وفي رواية قال جبريل يا محمد

ص: 133

ما نزلت من عند سدرة المنتهى إلا ويقول الله تعالى يا جبريل سلم على خديجة وفي رواية قال جبريل يا محمد هذه خديجة قد أتتك بالزاد فيه طعام أو شراب فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من الله ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب والحكمة في كونه من قصب وهو اللؤلؤ المجوف لأنها حازت قصب السبق إلى الإسلام والصخب رفع الصياح والنصب التعب وقالت فاطمة رضي الله عنها أي بعد موت أمها والله يا نبي الله لا ينفعني طعام ولا شراب حتى تسأل جبريل عن أمي فسأله قال هي بين سارة ومريم في الجنة وقال معاذ رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها وهي في سكرات الموت أتكرهين ما قد نزل بك والله لقد جعل الله لك في السكرة خيرا فإذا قدمت على

ضراتك فاقرئهن مني السلام مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثوم أخت موسى عليه السلام على الوفاء يا رسول الله ذكره القرطبي في تفسيره سورة التحريم في العرائس أخت موسى إسمها مريم وأمها إسمها يوحاند بنت يصهر بن لاوى بن يعقوب وتقدم إسم أبي موسى في الوفاء قالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من الثناء عليها والاستغفار لها فذكرها ذات يوم فقلت قد عوضك الله خيرا من كبيرة السن فرأيته غضب غضبا شديدا فندمت وقلت اللهم إن ذهبت غيظ رسولك لم أعد إلى ذكرها بسوء أبداً ثم قال كيف والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وآوتني إذ رفضني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وفي رواية فذكرها يوما فقالت هل كانت إلا عجوز قد أخلفك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال لا والله ما أخلف الله لي خيرا منها فقلت في نفسي لا أذكرها بسوء أبدا فلذلك رجح جماعة منهم اليمنى في مختصر الروضة تفضيلها على عائشة ولم يرجح النووي في الروضة شيئا قال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون ماتت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي بنت خمس وستين سنة ودفنت بالحجون نزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرها ولم تكن يومئذ الجنازة فرضا وقيل ماتت بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام فطمعت قريش بعد ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم وبالغوا في اذاه قال الطبراني كل أولاده صلى الله عليه وسلم منها إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية كما سيأتي في مناقب فاطمة رضي الله عنها وتزوجت خديجة قبل النبي صلى الله عليه وسلم برجلين أولهما عتيق بن عابد بن عبد الله ثم تزوجها بعده أبو هالة قال القرطبي كان اسمه أبو زرارة فولدت منه ولدا فعاش وأدرك الإسلام وكان يقول أن أكرم الناس أبا وأما وأخا وأختا أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمي خديجة وأخي القاسم وأختي فاطمة فلما مات بالبصرة ازدحم الناس على جنازته وقالوا ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل قتل مع علي رضي الله عنه في وقعة الجمل والله تعالى أعلم. قرئهن مني السلام مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثوم أخت موسى عليه السلام على الوفاء يا رسول الله ذكره القرطبي في تفسيره سورة التحريم في العرائس أخت موسى إسمها مريم وأمها إسمها يوحاند بنت يصهر بن لاوى بن يعقوب وتقدم إسم أبي موسى في الوفاء قالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من الثناء عليها والاستغفار لها فذكرها ذات يوم فقلت قد عوضك الله خيرا من كبيرة السن فرأيته غضب غضبا شديدا فندمت وقلت اللهم إن ذهبت غيظ رسولك لم أعد إلى ذكرها بسوء أبداً ثم قال كيف والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وآوتني إذ رفضني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وفي رواية فذكرها يوما فقالت هل كانت إلا عجوز قد أخلفك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال لا والله ما أخلف الله لي خيرا منها فقلت في نفسي لا أذكرها بسوء أبدا فلذلك رجح جماعة منهم اليمنى في مختصر الروضة تفضيلها على عائشة ولم يرجح النووي في الروضة شيئا قال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون ماتت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي بنت خمس وستين سنة ودفنت بالحجون نزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرها ولم تكن يومئذ الجنازة فرضا وقيل ماتت بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام فطمعت قريش بعد ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم وبالغوا في اذاه قال الطبراني كل أولاده صلى الله عليه وسلم منها إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية كما سيأتي في مناقب فاطمة رضي الله عنها وتزوجت خديجة قبل النبي صلى الله عليه وسلم برجلين أولهما عتيق بن عابد بن عبد الله ثم تزوجها بعده أبو هالة قال القرطبي كان اسمه أبو زرارة فولدت منه ولدا فعاش وأدرك الإسلام وكان يقول أن أكرم الناس أبا وأما وأخا وأختا أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمي خديجة وأخي القاسم وأختي فاطمة فلما مات بالبصرة ازدحم الناس على جنازته وقالوا ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل قتل مع علي رضي الله عنه في وقعة الجمل والله تعالى أعلم.

الثانية عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: تكنى بأم عبد الله لأنها قالت يا رسول الله كنيت نساءك فكنني قال تكني بابن أختك أم عبد الله واهي أول إمرأة عقد عليها بعد خديجة وأصدقها

ص: 134

أربعمائة درهم وأول من خيرها من نسائه لما قال الله تعالى يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها الآية قال القرطبي عن العلماء إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تشاور أبويها لأنه كان يحبها فخاف أن يحملها فرط الشباب على أن يختار فراقه وكان النبي يعلم من أبويها أنهما لا يأمرانها بفراقه فلما اختارت عائشة رضي الله عنها رسوله قالت لا تخبر نساءك بما قلت فقال لا تسألني امرأة منهن إلا خيرتها إن الله بعثني معلما ميسرا فلما قلت له ما قالت عائشة أنزل الله تعالى مكافأة لهن لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج كما كان في الجاهلية يقول الرجل يا فلان أنزل لي عن زوجتك وأنزل لك عن زوجتي قال الحسن بهذه الآية حرم عليه أن يتزوج عليهن وقال عكرمة بالجواز حكاه القرطبي في سورة الأحزاب قال في الروضة وله الزيادة على الأصح والتحريم منسوخ بقوله تعالى إنا أحللنا أزواجك الآية ليكون له المنة عليهن بترك التزوج قال عطاء بن أبي رباح كانت عائشة رضي الله أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس وعن ابن عمر رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل فقال إن الله قد زوجك بابنة أبي بكر ومعه صورة عائشة قالت عائشة لا أبالي منذ علمت أنك زوجي في الجنة قال في الزهر الفاتح لما ماتت خديجة اغتم النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه جبريل بورقة منقوش عليها صورة عائشة وقال يا محمد إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول إني زوجتك البكر التي تشبه هذه الصورة في السماء فتزوجها أنت في الأرض فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الدلالة يعني الخطابة وقال هل تعرفين في مكة بكرا تشبه هذه الصورة قالت نعم بنت أبي بكر تشبهها فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وقال إن لك بكرا تشبه هذه تسمى عائشة زوجني الله بها وأمرك أن تزوجني بها في الأرض قال إنها صغيرة قال لو لم تكن صالحة لما زوجني الله بها فعقد النكاح ورجع أبو بكر إلى منزله وأرسل مع عائشة طبقا من تمر وقال قولي له هذا الذي سأله عنه رسول الله فلا أدري أيصلح أم لا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بذلك فقال يا عائشة قبلنا ثم قبلنا قال المحب الطبري عقد عليها في شوال بالمدينة وهي بنت ست ودخل بها وهي بنت تسع وأقام عندها تسعا وتقدم في باب حفظ الأمانة إذا قصد نكاحها فالسنة أن ينظر إليها قبل الخطبة وإن لم تأذن له وله تكرر نظره فإن لم يتيسر بعث إمرأة تصفها له قال في الروضة لو خطب البكر رجل فامتنع أبوها فزوجته نفسها ثم زوجها الأب غيره فالأول هو الصحيح إن وطئها وإلا فالثاني إن لم يحكم بالأول حنفى والله أعلم قالت عائشة قلت يا رسول الله أدع الله يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر فرفع يديه حتى رأيت منه بياض إبطيه ثم قال اللهم إغفر لعائشة بنت أبي بكر مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا ولا تكسب بعدها خطيئة ولا إثما قال أفرحت يا عائشة قلت أي والذي بعثك بالحق فقال والذي بعثني بالحق ما خصصتك بها من بين أمتي في الليل والنهار فيمن مضى منهم ومن يبقى إلى يوم القيامة فأنا أدعو لهم والملائكة يؤمنون على دعائي قال صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام قال

ص: 135

النعمان بن بشير جاء أبو بكر رضي الله عنه يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له فوجد عائشة رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا بنت أم رومان ترفعين صوتك على رسول الله وتناولها بالكف فحال النبي بينه وبينها فلما خرج أبو بكر ثانيا جعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضاها ويقول ألا ترين قد أحلت بينك وبين الرجل ثم جاء أبو بكر ثانيا فوجد النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكها فقال يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما وقالت عائشة رضي الله عنها كان بنني وبين النبي صلى الله عليه وسلم كلام فقال أترضين بأبيك قالت نعم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليه فقال إن هذه كان من أمرها كذا وكذا قالت اتق الله ولا تقل إلا حقا فضربها أبو بكر ففار الدم من أنفها ثم قام إلى

جريدة فجعل يضربها ففرت هاربة فلصقت بظهر النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنا لم ندعك لهذا أقسمت عليك لما خرجت عنا فلما خرج أبو بكر تنحت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها أدن مني فأبت فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال النسفي وقالت عائشة للنبي ما في بيتك شيء يؤكل فغضب صلى الله عليه وسلم وخرج من البيت فأرادت مصالحته فسبقها فوضعت خدها على التراب وتضرعت إلى الله تعالى بالبكاء فلما وضع النبي رجله على باب المسجد وأراد الدخول جاءه جبريل وقال إن الله تعالى يقول لك إرجع وصالح عائشة فرجع وصالحها فقالت يا رسول الله اعف عني فنزل جبريل بطبق من الحلوى وقال إن الله تعالى يقول لك كان الصلح منا وطعام الصلح علينا قال في كتاب العقائق عن النبي صلى الله عليه وسلم زوجني عائشة ربي في السماء وأشهد عقدها الملائكة وأغلقت أبواب النيران وفتحت أبواب الجنة أربعين صباحا مسها مس الحرير وريحها ريح المسك في كتاب البركة عن النبي صل الله عليه وسلم غسل القدمين بعد الخروج من الحمام أمان من القولنج وكان بعضهم إذا أصابه قرب من الحمام يقول يا رب يا رحيم من علينا وقنا عذاب السموم والنوم بعد الحمام في الصيف كالدواء وإذا دخله فليقل اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار ولا يشرب الماء البارد بعده ويكره شرب الماء الحار إلا لضرورة فإن شربه بالعسل فإنه ينفع من القولنج وأخف المياه ماء السماء وأنفعه ما نزل ليلا إذا أراد الله بقوم خيرا أمطرهم ليلا وقال غيره الحجامة في الحمام شفاء من سبعين علة ويقرأ عند الفصادة الفاتحة وعند الحجامة آية الكرسي وسيأتي في مناقب على زيادة في ذكر الحمام لما تزوج سليمان بلقيس أحبها حبا شديدا وكان سريرها وهو عرشها مقدمه من ذهب فيه فصوص من الياقوت والزبرجد ومؤخره من فضة بألوان الجوهر وله أربع قوائم من ياقوت وذهب ودر وزبرجد وألواحه من ذهب فلما علم سليمان به قال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال الأكثرون أراد أن يأخذ حلا قبل إسلامها لأن أخذ مال المسلم حرام فلما تزوجها أقرها على ملكها فكرهت الجن تزويجها وكانوا قبل ذلك وصفوا رجليها برجل الحمار فبنى قصرا من قوارير أي من زجاج وأجرى تحته الماء وجعل فيه السمك ورضع سريره في صدره فلما جاءته بلقيس حسبته لجة وكشفت عن ساقيها فنظر سليمان فإذا هي

ص: 136

من أحسن النساء ساقا قال أنه صرح ممرد أي أملس من قوارير أي من زجاج فلما دعا آصف بن برخيا باسم الله الأعظم وهو يا حي يا قيوم قال مجاهد أنه قال يا إلهنا وإله كل شيء يا ذا الجلال والإكرام بعث الله ملائكة فحملته حتى وضعوه بين يدي سليمان وكانت بقليس قد جعلته في بيت له سبعة أبواب مغلقة والمفاتيح معها فقال نكروا لها عرشها فجعلوا أعلاه أسفله وأسفله أعلاه أراد بذلك التوصل إلى معرفة عقلها لأن الجن قد وصفوها بضعف العقل حتى لا يتزوجها فلما رأته قالت كأنه هو قال الحسن شبهوا عليها فشبهت عليهم فأجابتهم على حسب سؤالهم فعلم سليمان بذلك كمال عقلها

لطيفة: قالت عائشة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم يا عائشة أنت أحب إلي من تمربزبد فقلت يا بني الله وأنت أحب إلي من زبد بعسل ذكره ابن طرخان في الطب النبوي قال المحب الطبري عن الإمام أحمد بن حنبل أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم قد صنعت طعاما فدعاه إليه فقال وهذه يعني عائشة فقال الرجل لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ثم دعاه ثانيا فقال وهذه يعني عائشة فقال الرجل لا فقال صلى الله عليه وسلم لا ثم دعاه ثالثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهذه يعني عائشة فقال الرجل نعم فقام النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة إلى منزل الرجل قال مؤلفه رحمه الله والعجب من المحب الطبري كيف رواه الإمام أحمد وهو في صحيح مسلم قالت عائشة رضي الله عنها سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته فلما حملت اللحم أي كثر لحمها سابقتني فسبقني وقال هذه بتلك

فائدة: عن أنس دخل النبي على عائشة وهي توعك فقال ما لي أراك هكذا قالت منا لحمى وسبتها فقال لا تسبيها فإنها مأمورة وإن شئت علمتك كلمات إذا قلتيهن أذهبها الله عنك قالت بلى يا رسول الله قال قولي اللهم رحم جلدي الرقيق وعظمي الدقيق من شدة الحريق يا أم ملدم إن كنت آمنت بالله العظيم فلا

تصدعي الرأس ولا تغيري الفهم ولا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم وتحولي عني إلى من اتخذ مع الله إلها آخر قالت فقلتها فذهبت عني ورأيت في لفظ المنافع لإبن الجوزي عن عثمان بن أبي العاص قال أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع وكاد يهلكني فقال لي إمسح بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد ففعلت ذلك فأذهب الله عني ما كان بي فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم وقدمنا في باب فضل الرضا زيادات حسنة قالت عائشة أعطيت خصالا لم يعطهن إمرأة غيري صورت لرسول الله قبل أن أصور في بطن أمي وكنت أحب الناس إليه وأنزل الله تعالى براءتي من السماء ولما قال أهل الافك فيها ما قالوا قال عمر أنا قاطع بكذب المنافقين لأن الله تعالى عصمك عن وقع الذباب على جلدك لأنه يقع على النجاسة فكيف لا يعصمك عن صحبة من هو ملطخ بمثل هذه الفاحشة قال في تفسير الثعلبي في صورة الأحزاب أن زينب وعائشة تفاخرتا فقالت زينب أنا التي نزل تزويجي من السماء وقالت عائشة أنا الذي نزل عذري من السماء حين أركبني صفوان بن المعطل على الراحلة فقالت زينب وما قلت حين ركبتيها قالت قلت حسبي الله ونعم الوكيل قالت كلمة المؤمن وتقدم أول الكتاب أن قول العبد حسبي الله ونعم الوكيل أحسن من قوله حسبنا الله ثم قال الثعلبي في سورة النور قالت عائشة لما ركبت وأخذ صفوان الزمام مررنا على المنافقين فقال عبد الله بن أبي ابن سلول لعنه الله من هذه قالوا عائشة قال والله ما سلمت منه ولا سلم منها فشاع الكلام بين الناس فقالت إمرأة أبي أيوب الأنصاري إلا تسمع ما يقول الناس في عائشة فقال لو كنت مكانها أكنت فاعلة ذلك قالت لا والله فقال والله إن عائشة خير منك سبحانك هذا بهتان عظيم قال في الزهر الفاتح قال بعضهم سمعت رجلا يذكر عائشة بسوء فلم أنكر عليه فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لا تنكر على من سب زوجتي فقلت يا رسول الله ما قدرت فقال كذبت وأومأ إلى عيني بالسبابة والوسطى فاستيقظ وهو أعمى قال القاضي أبو بكر تعلقت الرافضة لعنهم الله على عائشة بقوله تعالى وقرن في بيوتكن بخروجها هي أيام الجمل تقاتل عليا في العراق وهو مخالف لأمر الله تعالى وقال علماؤنا استدلت عائشة لجواز الخروج بقوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فهذا أمر عام للذكر والأنثى فهي محقة في الخروج وهم مبطلون في الإنكار عليها فإن قيل كيف رفع الحجاب بين إبراهيم وبين سارة وهي أخت لوط وهو ابن عم إبراهيم عليهما السلام لما أخذها الجبار حين علم أنه لم يصل إليها وصارت الحيطان كالزجاج حتى اطمأن قلب إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يرفع الحجاب له لأجل عائشة حين تخلفت عن الرفقة حتى قال المنافقون ما قالوا فالجواب لو رفع الله الحجاب لقالوا أن محمدا لا يهتك ستر زوجته وبقى الشك فيهم فأزال الله تعالى ذلك بقوله سبحانك هذا بهتان عظيم أولئك مبرؤن مما يقولون وهذا أبلغ من رفع الحجاب حتى اطمأن قلبه صلى الله عليه وسلم إلى عصمتها وعائشة ما استولى عليها ظالم ولا مد إليها يده فلا معنى لرفع الحجاب والله تعالى أعلم فإن قيل كيف كانت براءة يوسف عليه السلام على لسان صبي وهو نبي كبير وعائشة براءتها من الله وليست نبية فالجواب أن يوسف لم يكن عنده في مصر نبي تأتى براءته من الله تعالى على لسانه ولا يليق به أن يبرئ نفسه بنفسه فكانت براءته على لسان صبي قبل أوان كلامه وأما عائشة فكانت براءتها على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. الرأس ولا تغيري الفهم ولا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم وتحولي عني إلى من اتخذ مع الله إلها آخر قالت فقلتها فذهبت عني ورأيت في لفظ المنافع لإبن الجوزي عن عثمان بن أبي العاص قال أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع وكاد يهلكني فقال لي إمسح بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد ففعلت ذلك فأذهب الله عني ما كان بي فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم وقدمنا في باب فضل الرضا زيادات حسنة قالت عائشة أعطيت خصالا لم يعطهن إمرأة غيري صورت لرسول الله قبل أن أصور في بطن أمي وكنت أحب الناس إليه وأنزل الله تعالى براءتي من السماء ولما قال أهل الافك فيها ما قالوا قال عمر أنا قاطع بكذب المنافقين لأن الله تعالى عصمك عن وقع الذباب على جلدك لأنه يقع على النجاسة فكيف لا يعصمك عن صحبة من هو ملطخ بمثل هذه الفاحشة قال في تفسير الثعلبي في صورة الأحزاب أن زينب وعائشة تفاخرتا فقالت زينب أنا التي نزل تزويجي من السماء وقالت عائشة أنا الذي نزل عذري من السماء حين أركبني صفوان بن المعطل على الراحلة فقالت زينب وما قلت حين ركبتيها قالت قلت حسبي الله ونعم الوكيل قالت كلمة المؤمن وتقدم أول الكتاب

ص: 137

أن قول العبد حسبي الله ونعم الوكيل أحسن من قوله حسبنا الله ثم قال الثعلبي في سورة النور قالت عائشة لما ركبت وأخذ صفوان الزمام مررنا على المنافقين فقال عبد الله بن أبي ابن سلول لعنه الله من هذه قالوا عائشة قال والله ما سلمت منه ولا سلم منها فشاع الكلام بين الناس فقالت إمرأة أبي أيوب الأنصاري إلا تسمع ما يقول الناس في عائشة فقال لو كنت مكانها أكنت فاعلة ذلك قالت لا والله فقال والله إن عائشة خير منك سبحانك هذا بهتان عظيم قال في الزهر الفاتح قال بعضهم سمعت رجلا يذكر عائشة بسوء فلم أنكر عليه فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لا تنكر على من سب زوجتي فقلت يا رسول الله ما قدرت فقال كذبت وأومأ إلى عيني بالسبابة والوسطى فاستيقظ وهو أعمى قال القاضي أبو بكر تعلقت الرافضة لعنهم الله على عائشة بقوله تعالى وقرن في بيوتكن بخروجها هي أيام الجمل تقاتل عليا في العراق وهو مخالف لأمر الله تعالى وقال علماؤنا استدلت عائشة لجواز الخروج بقوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فهذا أمر عام للذكر والأنثى فهي محقة في الخروج وهم مبطلون في الإنكار عليها فإن قيل كيف رفع الحجاب بين إبراهيم وبين سارة وهي أخت لوط وهو ابن عم إبراهيم عليهما السلام لما أخذها الجبار حين علم أنه لم يصل إليها وصارت الحيطان كالزجاج حتى اطمأن قلب إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يرفع الحجاب له لأجل عائشة حين تخلفت عن الرفقة حتى قال المنافقون ما قالوا فالجواب لو رفع الله الحجاب لقالوا أن محمدا لا يهتك ستر زوجته وبقى الشك فيهم فأزال الله تعالى ذلك بقوله سبحانك هذا بهتان عظيم أولئك مبرؤن مما يقولون وهذا أبلغ من رفع الحجاب حتى اطمأن قلبه صلى الله عليه وسلم إلى عصمتها وعائشة ما استولى عليها ظالم ولا مد إليها يده فلا معنى لرفع الحجاب والله تعالى أعلم فإن قيل كيف كانت براءة يوسف عليه السلام على لسان صبي وهو نبي كبير وعائشة براءتها من الله وليست نبية فالجواب أن يوسف لم يكن عنده في مصر نبي تأتى براءته من الله تعالى على لسانه ولا يليق به أن يبرئ نفسه بنفسه فكانت براءته على لسان صبي قبل أوان كلامه وأما عائشة فكانت براءتها على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.

وجواب آخر أن باب الوحي كان منسدا في أيام يوسف لأنه لم يكن مرسلا في ذلك الوقت كما كان منسكا في أيام مريم فبرأها الله على لسان إبنها وهو صبي وأما في أيام عائشة فكان باب الوحي مفتحا لمحمد وتقدم في باب الصدقة إن عائشة تصدقت برغيف لا تملك غيره وكانت صائمة وقال في عيون المجالس أن عائشة كانت إذا تصدقت بدرهم طيبته فسألها النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالت يا نبي الله أحببت أن يكون درهمي مطيبا لأنه يقع في يد الله قبل يد السائل فقال لقد وفقك الله يا عائشة.. الطائف: الأولى: ذكر الرازي في تفسيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رب اجعل حساب أمتي إلي ثم جيء إليه بميت عليه دين دريهمات فامتنع من الصلاة عليه ولما قال أهل الأفك وهو الكذب في عائشة ما قالوا أخرجها من بيته أي أذن لها في الخروج إلى بيت أبويها فكان الله تعالى يقول يا محمد لك رحمة واحدة وما أرسلناك إلا رحمة

ص: 138

للعالمين والرحمة الواحدة لا تسع جميع الخلق فدعني وعبادي فرحمتي لا نهاية لها

الثانية قال القشيري في تفسيره في سورة النور فإن قيل قال النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وهو أولى بالفراسة في حق عائشة رضي الله عنهما فالجواب لمن الله تعالى سد على أوليائه عيون الفراسة كمالا اللبلاء قال في نور الملح ستر الله عنه العلم بحالها وهو أكرم الخلق ليبطل قول المنجم والكاهن.. الثالثة: رأيت في بعض المجامع أن محمدا صلى الله عليه وسلم قال يا جبريل هل تعلم براءة عائشة قال نعم قال فكيف لم تخبرني فقال أردت ذلك فقال الله تعالى يا جبريل لا تفعل فان الشدة مني والفرج مني

فائدة: ولدت عائشة بعد النبوة بأربع سنين وماتت في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين وهي بنت ست وستين سنة ودفنت بالبقيع وصلى عليها إماما أبو هريرة رضي الله عنه قال النووي روت ألف حديث ومائتي حديث وعشرة أحاديث رضى الله عنها.

الثالثة أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما: تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة وأصدقها أربعمائة درهم قال المحب الطبري خطبها عثمان فرده عمر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عمر ألا أدلك على ختن هو خير لك من عثمان وأدل عثمان على ختن خير له منك قال نعم يا نبي الله قال تزوجني إبنتك وأزوج عثمان ابنتي ثم قال ويمكن أن عمر عرضها على عثمان قبل ذلك فلم يجبه لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها ثم فهم منه تركها فخطبها عثمان بعد ذلك فرده عمر فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وجاء عمر ذاكرا له الحال الأول لشدة تألمه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا المقال جبرا والختن والصهر بمعنى واحد في البخاري أن عمر عرض حفصة على عثمان فرده ثم على أبي بكر فسكت ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فاعتذر أبو بكر عن سكوته لعمر بأن النبي ذكرها ولم أكن أفشي سر النبي صلى الله عليه وسلم قال عمار بن ياسر أراد النبي أن يطلق حفصة فقال جبريل لا تطلقها فإنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة وقال عقبة بن عامر طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة فحثا عمر على رأسه التراب وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعد اليوم فنزل جبريل من الغد على النبي صلى الله عليه وسلم وقال الله تعالى يأمرك أن تراجع حفصة بنت عمر رحمة له قال الإمام النووي ولدت حفصة وقريش تبني في البيت الشريف قبل مبعث النبي بخمس سنين وروت عن رسول الله ستين حديث قال المحب الطبري ماتت حفصة سنة إحدى وأربعين وفي مجمع الأحباب وصفوة الصفوة سنة خمس وأربعين والله أعلم.

الرابعة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: واسمها هند بنت أبي أمية واسمه سهل بن المغيرة قالت أم سلمة رضي الله عنها لما أراد أبو سلمة أن يهاجر إلى المدينة بعد رجوعنا من الحبشة حملني على بعيره ومعي ولدي سلمة فلما رأته رجال بني المغيرة أي رجال أبيها قاموا عليها وقالوا أما صاحبتنا هذه فلا ندعها تخرج معك فنزعوا خطام بعيري من يدي فقال قوم أبي سلمة والله لا نترك إبننا ففرقوا بيني وبين زوجي وولدي فكنت أخرج كل يوم إلى الأبطح أبكي إلى الليل فمر بي رجل

ص: 139

من بني عامر فرأى ما بي فقال فرقتم بين هذه المسكينة وزوجها وولدها فقالوا إلحقي بزوجك فرد قوم أبي سلمة علي ولدي فوضعته في حجري ثم خرجت وما معي أحد إلا الله تعالى فلقيني عثمان بن طلحة عند التنعيم ويعرف الآن بمسجد عائشة فقال إلى أين يا بنت أبي أمية فقلت إلى زوجي بالمدينة فأخذ بخطام بعيري نحوه قالت والله ما رأيت رجلا أكرم منه كان إذا دخل إلى منزلي أناخ بي ثم يستأخر وإذا نزلت عن البعير أخذه واستأخر وإذا أردت الركوب أناخه واستأخر فلما وصلنا إلى المدينة قال أدخليها على بركة الله تعالى ثم رجع إلى مكة قال سلمة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يصاب أحد بمصيبة فيسترجع عند ذلك ويقول اللهم عندك أحتسب مصيبتي هذه اللهم أخلفني فيها خيرا منها إلا أعطاه الله تعالى فلما مات أبو سلمة من جرح أصابه يوم أحد نقض عليه بعد شهر سنة أربع في جمادى الآخرة قلت ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أنقضت عدتي في شوال خطبني أبو بكر وعمر ثم خطبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت مرحبا برسول الله ثم شكوت إليه الغيرة فدعا لي فذهبت عني فكنت في نسائه كالأجنبية وفي رواية خطبني بنفسه قلت نبي الله إني شديدة الغيرة ولي عيال وقد كبر سني فقال وأنا كبر سني وعيالك عيال الله وأما الغيرة فسوف يذهبها الله عنك قالت وأخذ النبي الحسن والحسين وفاطمة وقال رحمة الله وبركاته على أهل البيت إنه حميد مجيد فبكيت فقال ما يبكيك فقلت خصصتهم وتركتني فقال إنك وبنيك من أهل البيت أي لأنها بنت عمته عاتكة وتقدم أن أبو سلمة ابن عمته أيضا وأمه برة بنت عبد المطلب وتقدم في باب الصدقة أن أبا سلمة إسمه عبد الله وهو وأخوه الرجلان المذكوران في الكهف والصافات وبيانه في باب الصدقة مذكور ماتت أم سلمة سنة ستين في خلافة يؤيد بن معاوية قال في الدر الثمين في خصائص الصادق الأمين أن أم مسلمة بنت عاتكة بنت عامر بن ربيعة وهذا مخالف للأول والله تعالى أعلم.

الخامسة أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها: إسمها رملة أخت معاوية وأبوهما أبو سفيان وإسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهي عمة عثمان بن عفان رضي الله عنهما قاله في الدر الثمين قال مؤلفه رحمه الله تعالى وغير مستقيم فإن عفان بن أبي العاص بن أمية فكيف تكون عمته وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند عبيد الله بن جحش فلما أسلم هاجر إلى الحبشة قالت أم حبيبة فرأيت في المنام كأن زوجي في أقبح صورة فلما أصبح قال يا أم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أر دينا خيرا من دين النصرانية وكنت قد دنت لها ثم دخلت في دين محمد ثم رجعت إلى النصرانية فقلت والله ما هي خير وأخبرته بالرؤيا فأكب على الخمر ومات كافرا ثم رأيت في المنام قائلا يقول يا أم المؤمنين فأولتها برسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انقضت العدة جاءني رسول النجاشي وهي جارية يقال لها أربهة فقالت إن الملك يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلي أن أزوجك به فقلت لها بشرك الله بكل خير ثم قالت ويقول لك الملك وكلي من بزوجك فأعطيتها خلخالي وسواري ووكلت خالد بن سعيد فلما قدم الليل أرسل النجاشي إلى من عنده من المسلمين فحضروا فخطب وقال الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن

ص: 140

المهيمن العزيز الجبار أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه صلى الله عليه وسلم وزوجته أم حبيبة في كتاب شرف المصطفى أن وكيله صلى الله عليه وسلم عمر بن أمية في الدر الثمين إنما هو رسول إلى النجاشي والوكيل الأول وقيل عثمان بن عفان وكان أبوها كافرا وتقدم ذكره في باب الدعاء قالت أم حبيبة فلما وصل الصداق إلي أرسلت إلى الجارية التي بشرتني خمسين مثقالا فردت الجميع وقالت قد اتبعت دين محمد فأقرئيه مني السلام وقولي له إني على دينه ثم أمر النجاشي رضي الله عنه نساءه أن يبعثن إلي بكل عطر ثم تجهزنا للخروج إلى المدينة فقالت الجارية لا تنسي حاجتي من السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدمت المدينة أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الجارية فتبسم وقال عليها السلام ورحمة الله وبركاته قال الزهري قدم أبو سفيان المدينة قبل إسلامه فلما دخل على بنته أم حبيية وأراد الجلوس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم منعته من ذلك وطوته دونه فسألها عن ذلك فقالت له لأنك نجس ماتت رضي الله عنها سنة أربع وأربعين وقيل أربعين في خلافة أخيها معاوية رضي الله عنها والله أعلم.

السادسة أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس ابن عبد شمس رضي الله عنها: تزوجها ابن عمها السكران بن عمر بن عبد شمس ثم مات مسلما فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد موت خديجة وأصدقها أربعمائة درهم ودخل عليها لكنه عقد على عائشة قبلها فلما كبر سنها أراد أن يطلقها فقالت يا رسول الله لا تطلقني وأنت في حل من شأني فإني أريد أن أحشر في أزواجك وقد وهبت يومي لعائشة قالت عائشة اجتمع أزواج النبي ذات يوم عنده فقلن يا نبي الله أيتنا اسرع لحوقا بك قال أطولكن يدا فأخذن قصبة فذرعناها فكانت سودة أطولهن يدا قالت فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم فكانت سودة أسرع لحوقا به وكانت امرأة صالحة وكانت تحب الصدقة قال المحب الطبري قال المحققون هذا الحديث غلط من بعض الرواة بلا شك والعجب من البخاري كيف لم ينبه عليه وإنما هي زينب فإنها كانت أطول يدا بالعطاء والصدقة توفيت سردة في خلافة عمر وقيل سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية رضي الله عنهم والمشهور الأول.

السابعة أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها: وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم أمها أميمة بنت عبد المطلب وتقدم أنه لم يسلم من عماته غير صفية قالت زينب خطبني عمة من قريش فأرسلت أختي حمنة تستشير النبي صلى الله عليه وسلم فقال أين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها قالت ومن هو قال زيد بن حارثة فغضبت حمنة وقالت تزوج بنت عمتك بعبدك لأن خديجة اشترته له ثم تبناه أي اتخذه إبنا فأخبرت زينب بذلك فغضبت كثيرا فأنزل الله تعالى وما كان لؤمن ولا مؤمنة إذا اقتضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم فقالت زينب أستغفر الله وأطيع الله ورسوله افعل يا رسول الله ما رأيت فزوجها بزيد فلما دخل الجنة ليلة المعراج رأى صور نسائه ورأى صورة زينب معهن فلما رجع رآها مع زيد وهي على تلك

ص: 141

الصورة فاختلج كل سره كيف تكون من نسائي وهي عند غيري ثم قال يا مثبت القلوب ثبت قلبي قال ذلك من طريق الغيرة فلما جاء زيد أخبرته بذلك فقال والله إن رسول الله أحب إلي منك وأحب إليك مني ما نتجمع بعد أبدا قومي حتى أطلقك عنده فلما جاء إليه قال النبي صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك فأنزل الله تعالى وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبدية وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه الآية فقرأها النبي صلى الله عليه وسلم والعرق يتقاطر منه فأسلم في ذلك اليوم خلق كثير من المنافقين وقالوا لو كان هذا القرآن من عند محمد لأخفى هذه الآية هكذا رأيته في عقائق الحقائق فإن قيل المعراج قبل الهجرة وتزوجها من زيد بعدها فكيف يصح القول بأن النبي لما رجع من المعراج رآها مع زيد فيقال لما رجع من المعراج وهاجر رآها مع زيد على الصورة التي رآها في الجنة قال القرطبي كانت نائمة فسمعت التسبيح فأخبرت زوجها زيدا بذلك فقال يا رسول الله إئذن لي في طلاقها فقال أمسك عليك زوجك واتق الله تعالى وإذ تقول للذي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق أمسك عليك زوجك الآية ومعنى قوله وتخشى الناس هو أن يقولوا تزوج إمرأة إبنه فأنزل الله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم قال النووي رضي الله عنه في الروضة كان النبي أبا الرجال والنساء وقيل لا يجوز أن يقال هو أبو المؤمنين للآية المذكورة ثم حكى عن نص الشافعي أنه يجوز أن يقال هو أبو المؤمنين أي في الحرمة ثم أنزل الله تعالى أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله أي أعمل عند الله فدعي زيد بن حارثة من يومئذ بعد أن كان يدعى زيد بن محمد قال القرطبي قدم عم زيد مكة فلما رآه سأله عن إسمه فقال زيد فسأل عن إسم أبيه فقال حارثة فسأله عن إسم أمه فقال سعدي فأرسل عمه إلى أبيه وأهله فلما دخلوا مكة قالوا يا محمد هذا ولدنا فقال إن اختاركم فخذوه فخيروه فاختار محمدا صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم لما انقضت عدتها قال لزيد إذهب فاذكرني لها فجاء إليها وجعل ظهره إليها وقال يا زينب قد خطبك رسول الله فقالت حتى استأذن ربي فأحرمت بالصلاة فأنزل الله تعالى فلما قضى زيد منها وطرأ زوجناكها فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكشوفة الرأس فقالت يا رسول الله بلا خطية وبلا شهود فقال الله المزوج وجبريل الشاهد قال في الروضة والأصح أن ينعقد نكاحه صلى الله عليه وسلم بلا ولي ولا شهود وقال في البخاري كانت زينب تفتخر على نساء النبي وتقول زوجكن أهاليكن وأنا زوجني ربي من فوق سبع سموات قال في الدر الثمين في خصائص الصادق الأمين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما تزوجت شيئا من نساء ولا زوجت شيئا من بناتي إلا بوحي جاءني به جبريل عن ربي عز وجل ثم جعل لزينب من الصداق أربعمائة درهم قالت عائشة ما رأيت إمرأة أكثر خيرا وصدقة من زينب

ص: 142

كانت تعمل بيدها ووصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالأواه قال يا رسول الله وما الأواه قال الخاشع المتضرع وهي أول من ماتت بعد النبي من أزواجه في خلافة عمر رضوان الله عليهم أجمعين.

الثامنة أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها: كان اسمها برة فسماها النبي ميمونة وكانت قبله تحت أبي رهم بن عبد العزي فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خيبر لما توجه إلى مكة معتمرا سنة سبع قال المحب الطبري لما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم جعلت أمرها إلى العباس زوج أختها لبابة الكبرى أم الفضل وأصدقها أربعمائة كالتي قبلها زينب أم المساكين فزوجه أباها وهو محرم فلما رجع دخل عليها قبل وصوله إلى المدينة وفي صحيح مسلم أنه تزوجها وهو حلال قال المحب الطبري فيحتمل قوله وهو محرم أي داخل الحرم قال مؤلفه وهذا عجب من الطبري فإن نكاحه عليه السلام ينعقد في الإحرام قال في الروضة وهي آخر إمرأة تزوجها قال السهيلي لما جاءها الخاطب وهي على بعير ألقت نفسها عنه وقالت البعير وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لها أخوات من أمها وأبيها لبابة الكبرى أم الفضل ولبابة الصغرى أم خالد بن الوليد وعصماء لها أخوات من أمها زينب بنت خزيمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء تزوجها جعفر بن أبي طالب ثم بعده أبو بكر رضي الله عنه ثم بعده علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسلمى تزوجها حمزة قال المحب الطبري كان يقال أكرم عجوز في الأرض أم هند بنت عوف أصهارها النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر والعباس وحمزة وجعفر وعلي بن أبي طالب ماتت ميمونة بصرف إسم موضع بين مكة والمدينة وهو الموضع الذي دخل به عليها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ست وستين وصلى عليها ابن العباس ودخل قبرها هو وعبد الله بن شداد وكل منهما ابن أختها رضي الله عنهم أجمعين.

التاسعة أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: كانت من بني المصطفى فلما غزاهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ سبيهم ووقعت في سهم ثابت بن قيس كاتبها على نفسها بتسع أوراق من الذهب وتقدم بيان الكتابة في فضل الجوع كانت إمرأة جميلة لا يراها أحد إلا أخذت بقلبه قالت عائشة رضي الله عنها لما دخلت جويرية على النبي تستعينه في كتابتها كرهت دخولها خوفا أن يتزوجها فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا أؤدي عنك كتابتك وأتزوج بك قالت نعم يا رسول الله فتسامع الناس بذلك فأعتقوا ما في أيديهم من أجل النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم صاروا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأينا أعظم بركة على قومها من جويرية وقيل لما غزى النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق وأخذ جويرية قال لرجل احتفظ عليها فلما قدم النبي المدينة جاء أبو الحارث ومعه إبل يفدى بها إبنته فرغب في بعيرين من الإبل فغيبهما في شعب من شعاب وادي العقيق فلما قدم قال يا محمد أخذتم إبنتي وهذا فداؤها فقال أين البعيران اللذان غيبتهما في وادي العقيق في شعب كذا فقال

ص: 143

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك محمد رسول الله فوالله ما اطلع على ذلك إلا الله تعالى وأسلم معه إبنان ونادى من قومه وأرسل إلى البعيرين فجاء بهما فدفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودفعت إليه إبنته فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم من أبيها فزوجه إياها وأصدقها أربعمائة درهم وهي بنت عشرين سنة وذلك سنة خمس ماتت رضي الله عنها سنة خمسين والله أعلم.

العاشرة أم المؤمنين صفية بنت حيى بن أخطب رضي الله عنها: وعن خالها رفاعة القرطبي لا رفاعة بن سموال بفتح السين المهملة وبعدها ميم ساكنة أخي أمها واسم أمها برة بنت سموال قتل زوج صفية يوم خيبر فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع قال أنس رضي الله عنه لما فتح خيبر وجمع السبى جاءه دحية الكلبي رضي الله عنه فقال يا رسول الله أعطني جارية من البسى قال إذهب فخذ جارية فأخذ صفية فقال رجل يا رسول الله أعطيت دحية صفية وهي سيدة قريظة والنضير لا تصلح إلا لك فقال ادعوه بها فقال خذ جارية غيرها فأعتقها النبي وتزوجها ولم تبلغ سبع عشرة سنة فلما كان بالطريق جهزتها أم سليم خالة النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وإسمها سهلة وهي أم أنس بن مالك قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه جيء يوم خيبر بصفية النبي صلى الله عليه وسلم فقال لبلال خذ بيد صفية فأخذ بيدها ومر بها بين المقتولين وقد قتل أبوها وأخوها وزوجها فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وخيرها بين أن يعتقها فترجع إلى من بقي من قومها وبين أن تسلم فيتخذها لنفسه فقالت أختار الله ورسوله فلما كان عند الروحة خرجت تمشي فثنى لها النبي صلى الله عليه وسلم ركبته الشريفة لتطأ على فخذه فتركب فعظمت النبي صلى الله عليه وسلم أن تضع قدمها على فخفه فوضعت ركبتها على فخفه وركبت وركب النبي صلى الله عليه وسلم وألقى عليها الكساء فقال المسلمون حجبها النبي صلى الله عليه وسلم فهي من أمهات المؤمنين فلما كان على ستة أميال أراد النبي أن يعرس بها فامتنعت فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان بالصهباء إسم موضع أراد أن يعرس بها فرضيت فسألها عن امتناعها أولا فقالت خوفا عليك من اليهود قال أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم لصفية لما أخذها هل لك أي رغبة في قالت يا نبي الله كنت أتمنى ذلك في الشرك فكيف إذا مكنني الله منك في الإسلام قال ابن عمر رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم خضرة بعين صفية فقال ما هذا قالت كان رأسي في حجر ابن أبي الحقيق وأنا نائمة فرأيت قمرا وقع في حجري فأخبرته بذلك فلطم وجهي وقال تتمنين ملك يثرب قالت صفية بلغني عن عائشة وحفصة كلام فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقلت يا رسول الله أنهم قالوا صفية بنت يهودي قال هل قلت كيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد رسول الله وأبي هارون وعمي موسى وكان بينها وبين هارون عشرون جدا على هارون وعلى أخيه موسى وعلى سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحج هارون فلما مرض بالمدينة المكرمة بعد رجوعه من مكة أوصى أن يدفن بجبل أحد فدفنوه هناك ماتت صفية في رمضان سنة خمسين.

قال المحب الطبري فهؤلاء المشهورات

ص: 144

من أزواجه صلى الله عليه وسلم المتفق عليهن بلا خلاف ستة من قريش خديجة وعائشة وحفصة وأم سلمة وسودة وأربع عربيات زينب بنت جحش وزينب بنت خزيمة وميمونة بنت الحارث وجويرية وواحدة من بني إسرائيل وهي صفية وسماها القرطبي الهارونية وله زوجات أخر قال القرطبي جملتهن اثنتا عشرة امرأة.. الأولى: الواهبة نفسها إسمها أم شريك الدوسية وقال القرطبي الأزدية قال الأكثرون لم يدخل بها وما تزوجت بعده.. الثانية: خولة بنت الهزيل ماتت في الطريق قبل أن تصل إليه.. الثالثة: عشرة طلقها لما تعوذت منه.. الرابعة: اسمها بنت النعمان طلقها لما تعوذت منه وقيل لامتناعها عن التمكين.. الخامسة: مليكة طلقها لما تعوذت منه.. السادسة: فاطمة بنت الضحاك خيرها لما نزلت آية التخيير فاختارت الدنيا فطلقها.. السابعة: عالية طلقها بعد الدخول وقال القرطبي لم يدخل بواحدة من هؤلاء.. الثامنة: قبيلة مات صلى الله عليه وسلم قبل وصولها إليه من حضرموت وقال القرطبي زوجه بها الأشعث بن قيس فبلغه موت النبي صلى الله عليه وسلم فردها إلى حضرموت فرجعت عن الإسلام تزوجها عكرمة ابن أبي جهل فشق ذلك على أبي بكر فقال عمر رضي الله عنهما والله ما هي من أزواجه فقد برأها الله منه برجوعها عن الإسلام.. التاسعة: السلمية مات صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها.. العاشرة شراف أخت دحية الكلبي ماتت قبل أن تصل إليه.. الحادية عشرة: ليلى بنت حكيم الأنصارية كانت غيورة فاستقالته فأقالها فأكلها ذئب.. الثانية عشرة: إمرأة من غفار رأى بها بياضا ففارقها وخطب نساء صلى الله عليه وسلم لم يدخل بهن ولا عقد عليهن فمنهن فاختة بنت أبي طالب وكان صلى الله عليه وسلم له سرارى مارية أم إبراهيم أهداها له صاحب مصر وريحانة بنت زيد بن عمر وقعت في سبى بني قريظة فخيرها بين الإسلام وبين دينها فاختارت الإسلام فأعتقها وتزوجها فأخذتها الغيرة فطلقها ثم راجعها وقيل كانت موطوءة بملك اليمين قال في الدر الثمين الأول أرجح عند الواقدي وريحانة أخرى وهبتها زينب بنت جحش قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات وله صلى الله عليه وسلم سريتان مارية وكانت بيضاء جميلة وريحانة لم يذكر غير ذلك ثم قال وزوجاته خمس عشرة فدخل بثلاثة عشر وجمع بين أحد عشر ومات عن تسع

مسألة: قال في الروضة كل إمرأة فارقها صلى الله عليه وسلم في حياتها تحرم على غيره ولو قبل الدخول في إذا فارقها بالموت أو غيره بعد الوطء وجهان جزم صاحب الأنوار اليمني بالتحريم كما اقتضاه الحاوى وصرح به صاحب التعليقة والمازري والله أعلم فإن قيل قال الله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وقال تعالى لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحها نؤتها أجرها مرتين فكيف نقص ثوابهن وزاد في عقابهن بقوله تعالى يضاعف لها العذاب ضعفين فالجواب زيادة العقوبة على قدر الفضيلة كما أن حد الحر أكثر من حد الرقيق وقوله تعالى نؤتها أجرها مرتين لا نقص فيه لأن حسنة غيرهن بعشرة وحسنتهن بحسنتين كل حسنة بعشرة والله تعالى أعلم.

ص: 145