المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "إنَّ مِنْ السُّحْتِ مَهْرَ - نصب الراية - جـ ٤

[الجمال الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌مدخل

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌باب الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌باب الاستحقاق

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

- ‌كِتَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

-

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي شَاهِدِ الزُّورِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

-

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌بَابُ الْيَمِينِ

- ‌بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الإقرار

- ‌باب إقرار المريض

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

-

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

-

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

-

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزِهِ

- ‌كِتَابُ الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

-

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَاب الْغَصْب

-

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

-

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا لَا يَحِلُّ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كتاب الكراهية

- ‌النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ، وَالنَّظَرِ، وَالْمَسِّ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌إرسال الكلب المعلم

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَوَارِحِ

- ‌فصل في الرمي

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كتاب الجنايات

- ‌تحريم قتل المسلم

- ‌باب ما يوجب القصاص

- ‌باب الشهادة في القتل

- ‌كِتَابُ الديات

- ‌ما يجب فيه الدية كاملة

- ‌فَصْلٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ جنَايَةِ الْمَمْلُوكِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌فصل: في الوعيد على ترك الزكاة أو الحج

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ

- ‌كِتَابُ الخنثى

- ‌كيفية إرث الخنثى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌ملاحق

- ‌مقدمة ط دار الحديث

- ‌نصب الرَّايَة" وَكلمَة عَن فقه أهل الْعرَاق

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد

- ‌الِاسْتِحْسَان

- ‌شُرُوط قبُول الْأَخْبَار

- ‌منزلَة الْكُوفَة من عُلُوم الِاجْتِهَاد

- ‌‌‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌بعض الْحفاظ، وكبار الْمُحدثين من أَصْحَابه، وَأهل مذْهبه

- ‌كلمة فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل

الفصل: ‌ ‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "إنَّ مِنْ السُّحْتِ مَهْرَ

‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "إنَّ مِنْ السُّحْتِ مَهْرَ الْبَغِيِّ، وَثَمَنَ الْكَلْبِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ: عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عن قيس بن سعيد عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ مَهْرَ الْبَغِيِّ، وَثَمَنَ الْكَلْبِ، وَكَسْبَ الْحَجَّامِ مِنْ السُّحْتِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ1 بِسَنَدَيْنِ فِيهِمَا ضَعْفٌ: أَحَدُهُمَا: عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَمِّهِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ سُحْتٌ: أَجْرُ الْحَجَّامِ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ"، انْتَهَى. الثَّانِي: عَنْ الْمُثَنَّى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالْوَلِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْمُثَنَّى ضَعِيفَانِ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: فَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْت السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " السُّحْتُ ثَلَاثٌ: مَهْرُ الْبَغِيِّ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي آخِرِ كِتَابِ الْعِلَلِ2 وَقَالَ أَبِي: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ هَذَا هُوَ الْقَارِئُ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ أَخُوهُ فِيمَا أَظُنُّ، وَالنَّاسُ يَرْوُونَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّوْفَلِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عن السائب عن يَزِيدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ثَمَنُ الْكَلْبِ سُحْتٌ، وَمَنْ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ سُحْتٍ فَلَهُ النَّارُ" مُخْتَصَرٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا، وَقَالَ: إنَّهُ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ لَا يَضْبِطُ مَا يَرْوِيهِ، وَعَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ النَّسَائِيّ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.

1 عند الدارقطني في البيوع ص 319.

2 في باب الإجارات ص 444 ج 2.

ص: 52

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَلْبِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ يَزِيدَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ إلَّا كَلْبَ الصَّيْدِ، انْتَهَى. وَقَالَ: لَا يَصِحُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَبُو الْمُهَزِّمِ تَكَلَّمَ فِيهِ شُعْبَةُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ مَرْفُوعًا نَحْوُ هَذَا3 وَلَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ أَيْضًا، انْتَهَى. وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ4 عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ غِيَاثٍ ثَنَا حَمَّادٌ ثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَسُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو5 عَنْ حَمَّادٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: ورواه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ بِالشَّكِّ فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَرَوَاهُ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ عَنْ حَمَّادٍ، وَقَالَ فِيهِ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ خَالِيَةٌ عَنْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا الِاسْتِثْنَاءُ فِي أحاديث النَّهْيُ عَنْ الِاقْتِنَاءِ، فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِهِ مِنْ الرُّوَاةِ الَّذِينَ هُمْ دُونَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْهَيْثَمِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ

1 عند البخاري في البيوع باب ثمن الكلب ص 298 ج 1، وعند مسلم فيه باب تحريم ثمن الكلب، وحلوان الكاهن ص 19 ج 2، وكذا حديث رافع بن خديج، وحديث جابر، عند مسلم في هذا الباب، وحديث أبي مسعود الأنصاري، عند الترمذي أيضاً باب ما جاء في ثمن الكلب ص 165 ج 1.

2 عند الترمذي في البيوع باب ما جاء في كراهية ثمن الكلب والسنور ص 166 ج 1.

3 قال الترمذي: ص 166 ج 1، بعد ذكره حديث جابر: هذا حديث في إسناده اضطراب، وقد روى هذا الحديث عن الأعمش عن بعض أصحابه عن جابر، واضطربوا على الأعمش في رواية هذا الحديث، انتهى. وعند النسائي في البيوع باب ما استثنى بعد باب بيع الكلب ص 230 ج 2، وعند الدارقطني في البيوع ص 319 ج 2.

4 هذا الحديث، وما بعده، عند البيهقي في السنن باب النهي عن ثمن الكلب ص 5 ج 6.

5 أقول: سويد بن عمرو هو الصواب، كما في البيهقي: ص 5 ج 6، والدارقطني، وليس هو ابن عبد العزيز، كما في النسخة السعيدية، ونسخة الدار.

ص: 53

ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَرَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ جَيِّدٌ، فَأَنَّ الْهَيْثَمَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ مِنْ أَثْبَاتِ التَّابِعِينَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الْهَيْثَمِ بِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ بِأَبِي عَلِيٍّ الْكِنْدِيِّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِاللَّجْلَاجِ، قَالَ: وَلَهُ أَشْيَاءُ يَنْفَرِدُ بِهَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: اللَّجْلَاجُ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، وَقَدْ حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ كُلُّهَا مَنَاكِيرُ لَا تُعْرَفُ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام فِي الْخَمْرِ: "إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، وَأَكْلَ ثَمَنِهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنْ الْعِنَبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّ رَجُلًا أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ شُرْبَهَا"؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَسَارَّ إنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بِمَ سَارَرْته"؟ قَالَ: أَمَرْته بِبَيْعِهَا، فَقَالَ:"إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا"، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2 عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ يَقُولُ، وَهُوَ بِمَكَّةَ:"إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهِ السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ:"لَا، هُوَ حَرَامٌ"، ثُمَّ قَالَ:"قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهُ، فَبَاعُوهُ، وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3 عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ"، قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا إلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ، وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَا يَشْرَبْ، وَلَا يَبِعْ"، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، فَسَفَكُوهَا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الْخَمْرِ زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْ الشَّامِ، وَمَعَهُ زِقَاقُ خَمْرٍ، يُرِيدُ بِهَا التِّجَارَةَ، فَأَتَى

1 عند مسلم في البيوع باب تحريم بيع الخمر ص 22 ج 2.

2 عند مسلم في البيوع باب تحريم بيع الخمر ص 23 ج 2، وعند البخاري في البيوع باب بيع الميتة ص 297، وص 298 ج 1، وفي تفسير سورة الأنعام ص 667 ج 2.

3 عند مسلم في البيوع باب تحريم الخمر ص 22 ج 2.

ص: 54

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَتَيْتُك بِشَرَابٍ جَيِّدٍ، فَقَالَ عليه السلام:" يَا كَيْسَانُ إنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَك"، قَالَ: أَفَأَبِيعُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إنَّهَا حُرِّمَتْ، وَحُرِّمَ ثَمَنُهَا"، فَانْطَلَقَ كَيْسَانُ إلَى الزِّقَاقِ فَأَخَذَ بِأَرْجُلِهَا فَهَرَاقَهَا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَهْدِي كُلَّ عَامٍ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ جَاءَ بِهَا، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ، قَالَ:"أَشَعَرْتَ أَنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَك"؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أَبِيعُهَا، وَأَنْتَفِعُ بِثَمَنِهَا؟ قَالَ:"إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا".

حَدِيثٌ آخَرُ: حَدِيثُ: لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً، رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمُبَايَعَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ:"فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ"، قُلْت: لَمْ أَعْرِفْ الْحَدِيثَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى إلَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ، وَهُوَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ، وَلَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا، قُلْت: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنِّفِهِ فِي الْبُيُوعِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الْجُعْفِيِّ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَّالَهُ يَأْخُذُونَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْخَمْرِ، فَنَاشَدَهُمْ ثَلَاثًا، فَقَالَ لَهُ بِلَالٌ: إنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، فَإِنَّ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ كَذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، وَقَالَ فِيهِ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنَّ الْيَهُودَ، إلَى آخِرِهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْخَمْرَ، وَالْخَنَازِيرَ فِي جِزْيَةِ رُءُوسِهِمْ، وَخَرَاجِ أَرْضِهِمْ بِقِيمَتِهَا، ثُمَّ يَتَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ بَيْعَهَا، فَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ بِلَالٌ، وَنَهَى عَنْهُ عُمَرُ، ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ أَثْمَانِهَا إذَا كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُتَوَلِّينَ لِبَيْعِهَا، لِأَنَّهَا مَالُهُمْ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى.

ص: 55