الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلْيَمُتْ عَلَى أَيِّ حَالٍ شَاءَ، يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ شَرِيكٍ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ ابْنِ سَابِطٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، فَذَكَرَهُ، هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ، مُرْسَلًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَنْ عُمَرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عرزم، وَيُقَالُ: عَرْزَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قال: قال عمر، انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ التَّنْقِيحِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقُطَامِيِّ ثَنَا أَبُو الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ وَجَعٍ حَابِسٍ، أَوْ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ، أَوْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، فَلْيَمُتْ، أَيَّ الْمِلَّتَيْنِ شَاءَ: إمَّا يَهُودِيًّا، وَإِمَّا نَصْرَانِيًّا"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقُطَامِيِّ قَالَ الْفَلَّاسُ: كَانَ كَذَّابًا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: رَوَى عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنُسْخَةٍ مَوْضُوعَةٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْوَاحِدِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْوَسِيطِ أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ أَحْمَدَ الصُّوفِيُّ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي مُوسَى ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ الْفَرَحِ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمِ ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ لَمْ يَحُجَّ، وَلَمْ يُحَجَّ عَنْهُ، لَمْ يُقْبَلْ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَلٌ"، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ، بِسَنَدِ الدَّارِمِيِّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ إنْ صَحَّ، فَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا كَانَ لَا يَرَى تَرْكَهُ مَأْثَمًا، وَلَا فِعْلَهُ بِرًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ، إلَّا فِي الْمَسْجِدِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 كِلَاهُمَا فِي الصَّلَاةِ
1 عند الدارقطني في الصلاة في باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر ص 161، وعند الحاكم في المستدرك في الصلاة ص 246 ج 1.
عَنْ يحيى بن إسحاق بْنِ دَاوُد الْيَمَامِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ، إلَّا فِي الْمَسْجِدِ"، انْتَهَى. سَكَتَ الْحَاكِمُ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْيَمَامِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الْجَمَلِ، ضَعِيفٌ، وَعَامَّةُ مَا يَرْوِيه بِهَذَا الْإِسْنَادِ، لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُكَيْنٍ الشَّقَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر الْغَنَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَمُحَمَّدُ بْنُ سُكَيْنٍ الشَّقَرِيُّ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ بَنِي شَقِرَةَ، ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ سَوَاءً، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَعُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْمُحَارِبِيُّ الْقُرَشِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَغَيْرِهِمَا، لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكِتَابِ، إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ، فَكَيْفَ الرِّوَايَةُ عَنْهُ؟!، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ حِبَّانَ بِسَنَدِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ لَا يُسَاوِي حَدِيثُهُ شَيْئًا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ، انْتَهَى. قُلْت: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ هُشَيْمِ، وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ، قِيلَ: وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: مَنْ أَسْمَعَهُ الْمُنَادِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا، وَيُنْظَرُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ: إنَّ الْجِوَارَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا بَعِيدٌ، وَمَا يُرْوَى فِيهِ ضَعِيفٌ، قُلْت: رُوِيَ مُسْنَدًا، وَمُرْسَلًا.
فَالْمُسْنَدُ فِيهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ.
فَحَدِيثُ كَعْبٍ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ السَّفَرِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
1 عند الدارقطني في الصلاة ص 161.
رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَزَلْت مَحَلَّةَ بَنِي فُلَانٍ، وَإِنَّ أَشَدَّهُمْ لِي أَذًى أَقْرَبُهُمْ لِي جِوَارًا، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيًّا أَنْ يَأْتُوا بَابَ الْمَسْجِدِ، فَيَقُومُوا عَلَيْهِ، فَيَصِيحُوا:"أَلَا إنَّ أَرْبَعِينَ دَارًا جِوَارٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ خَافَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ"، قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: أَرْبَعِينَ دَارًا؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ هَكَذَا، وَأَرْبَعِينَ هَكَذَا، انْتَهَى. وَيُوسُفُ بْنُ السَّفَرِ أَبُو الْفَيْضِ فِيهِ مَقَالٌ.
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَقُّ الْجِوَارِ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا، وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، وَقُدَّامَ وَخَلْفَ"، انْتَهَى. وَعَنْ أَبِي يَعْلَى رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَأَعَلَّهُ بِعَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ، وَقَالَ: إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي صُفْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أوصاني جبرئيل عليه السلام بِالْجَارِ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا، عَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا ، وَعَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا ، وَعَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا ، وَعَشَرَةٌ مِنْ هَاهُنَا"، انْتَهَى. وَقَالَ: في إسناده ضعيف.
وَأَمَّا الْمُرْسَلُ: فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "السَّاكِنُ مِنْ أَرْبَعِينَ دَارًا جَارٌ"، قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: وَكَيْفَ أَرَبَعُونَ دَارًا؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، وَخَلْفَهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ"، انْتَهَى. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ1 هَذَا هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَهُوَ صَدُوقٌ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ أَعْتَقَ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، إكْرَامًا لَهَا، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قُلْت: هَكَذَا فِي الْكِتَابِ: صَفِيَّةُ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَصَوَابُهُ جَوَيْرِيَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي الْعَتَاقِ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحااق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ ابْنِ عَمٍّ لَهُ، [لَفْظُ الْوَاقِدِيِّ بِالْوَاوِ وَابْنِ عَمٍّ لَهُ، قَالَتْ: فَتَخَلَّصَنِي ثَابِتٌ مِنْ ابْنِ عَمِّهِ بِنَخَلَاتٍ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ كَاتَبَنِي ثابت على مالا طَاقَةَ لِي بِهِ، فَأَعِنِّي الْحَدِيثُ رَجَعَ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ] فَكَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً مُلَاحَةً، تَأْخُذُ الْعَيْنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابَتِهَا، فَلَمَّا قَامَتْ عَلَى الْبَابِ رَأَيْتُهَا، فَكَرِهْتُ مَكَانَهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سيرى
1 إبراهيم بن مروان بن محمد بن حسان الطاطري الدمشقي، روى عن أبيه، وعنه أبو داود، وابنه أبو بكر ابن أبي داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال: كان صدوقاً، انتهى التهذيب ص 164 ج 1.
2 عند أبي داود في العتق في باب في بيع المكاتب إذا فسحت المكاتبة ص 192 ج 2.
سَبِيلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَقَدْ كَانَ من أمري مالا يَخْفَى عَلَيْك، وَإِنِّي وَقَعْت فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَإِنِّي كَاتَبْت عَلَى نَفْسِي، فَجِئْت أَسْأَلُك فِي كِتَابَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَهَلْ لَك إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ"؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ:"أؤدي عنك كتابك، وَأَتَزَوَّجُكِ"؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رسول الله، قال:"قَدْ فَعَلْت"، قَالَتْ: فَتَسَامَعَ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ، فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ يَعْنِي مِنْ السَّبْيِ فَأَعْتَقُوهُمْ، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: فَمَا رَأَيْنَا امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا، أُعْتِقَ فِي سَبِيلِهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ رَاهْوَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْحَادِيَ عَشَرَ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْفَضَائِلِ1 رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ، وَلَفْظُ الْوَاقِدِيِّ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ عَنْهُ، ثُمَّ قَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فأعطى الفارسين سَهْمَيْنِ، وَالرَّاجِلَ سَهْمًا، فَوَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ فِي قِسْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمٍّ لَهَا، يُقَالُ لَهُ: صَفْوَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَذِيمَةَ، فَقُتِلَ عَنْهَا، فَكَاتَبَهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى نَفْسِهَا، عَلَى تِسْعِ أَوْرَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً، لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إلَّا أَخَذَتْ نَفْسَهُ، قَالَتْ: فَبَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدِي إذْ دَخَلَتْ جَوَيْرِيَةَ تَسْأَلُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَكَرِهْتُ دُخُولَهَا، وَعَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ، سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْأَمْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَوَقَعْتُ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، فَكَاتَبَنِي عَلَى مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ، وَمَا أَكْرَهَنِي عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنِّي رَجَوْتُك صَلَّى اللَّهُ عليك، أعني في فكاكي، فقال:"أو خير مِنْ ذَلِكَ"؟ قَالَتْ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "أُؤَدِّي عَنْكِ كتابك، وَأَتَزَوَّجُكِ". قَالَتْ: نَعَمْ يَا رسول الله، قال:"قَدْ فَعَلْتُ"، فَأَدَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا، وَتَزَوَّجَهَا، وَخَرَجَ، فَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْتَرَقُّونَ؟! فَأَعْتَقُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ سَبْيِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَبَلَغُوا مِائَةُ أهل بيت، قال: فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ عَلَى قَوْمِهَا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا، انْتَهَى.
هَكَذَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، وَالْحَاكِمُ نَقَصَ مِنْهُ التَّارِيخَ، وَزَادَ فِيهِ قَوْلَهُ: وَذَلِكَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَزَادَ فِيهِ2 مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى: وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ رَأْسَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَسَيِّدَهُمْ،
1 في المستدرك في فضائل جويرية بنت الحارث ص 26 ج 4.
2 قال الحافظ في الدراية ص 381: وأخرجه الحاكم من طريقه، وزاد: كان اسمها برة، فسماها جويرية.
وَكَانَتْ ابْنَتُهُ جَوَيْرِيَةَ اسْمُهَا بَرَّةُ، فَسَمَّاهَا عليه السلام جُوَيْرِيَةَ، لِأَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: خَرَجَ مِنْ بَيْتِ بَرَّةَ، وَيُقَالُ1 إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ كُلِّ أَسِيرٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَيُقَالُ: جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ أَرْبَعِينَ مِنْ قَوْمِهَا، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي سِيرَتِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ بِسَنَدِ أَبِي دَاوُد وَمَتْنِهِ، سَوَاءً، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ: رَأَيْت عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ إسْحَاقَ، وَقَالَ: عَلِيٌّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَتَّهِمُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْحَاقَ، وَقَالَ لِي إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَتَلَقَّفُ الْمَغَازِيَ مِنْ ابْنِ إسْحَاقَ، فِيمَا يُحَدِّثُهُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَاَلَّذِي يُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ فِي ابْنِ إسْحَاقَ لَا يَكَادُ يَتَبَيَّنُ، وَكَانَ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ: أَخْرَجَ إلَيَّ مَالِكٌ كُتُبَ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ فِي الْمَغَازِي، وَغَيْرِهَا. فَانْتَخَبْتُ مِنْهَا كَثِيرًا، وَقَالَ لِي إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ كَانَ عِنْدَ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ محمد بن إسحاق نحواً مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ فِي الْأَحْكَامِ، سِوَى الْمَغَازِي، وَكَانَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدِيثًا فِي زَمَانِهِ، وَلَوْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ تَنَاوُلُهُ مِنْ ابْنِ إسْحَاقَ، فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمَ الْإِنْسَانُ فَيَرْمِي صاحبه بشئ وَاحِدٍ، وَلَا يَتَّهِمُهُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بن المنذر عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحِ: نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا فِي الْمُوَطَّإِ، وَهُمَا ممن يَحْتَجُّ بِهِمَا، وَلَمْ يَنْجُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ النَّاسِ، وَذَلِكَ نَحْوُ مَا يُذْكَرُ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي كَلَامِهِ فِي الشَّعْبِيِّ، وَكَلَامِ الشَّعْبِيِّ فِي عِكْرِمَةَ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ الْعِلْمِ إلَى ذَلِكَ، وَلَا سَقَطَتْ عَدَالَةُ أَحَدٍ إلَّا بِبُرْهَانٍ ثَابِتٍ، وَحُجَّةٍ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، قَالَ: سَمِعْت شُعْبَةَ يَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ أَمِيرُ الْمُحَدِّثِينَ لِحِفْظِهِ، وَرَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ إدْرِيسَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَاحْتَمَلَهُ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: نَظَرْتُ كِتَابَ ابْنِ إسْحَاقَ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَيْهِ إلَّا فِي حَدِيثَيْنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا صَحِيحَيْنِ، وَمَا ذُكِرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ يَدْخُلُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ عَلَى امْرَأَتِي؟ إنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ، فَجَائِزٌ أَنْ تَكْتُبَ إلَيْهِ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ الْكِتَابَ جَائِزًا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا، وَقَالَ لَهُ:"لَا تَقْرَأْ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا"، فَلَمَّا بَلَغَ فَتَحَ الْكِتَابَ، وَقَرَأَهُ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ، وَالْأَئِمَّةُ، يَقْضُونَ بِكِتَابِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ، وَجَائِزٌ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْهَا، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَهِشَامٌ لَمْ يَشْهَدْ، انْتَهَى كَلَامُهُ بحروفه.
1 قال الحافظ في الدراية 381: قال الواقدي: ويقال: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق، اهـ.