المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌مدخل

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌باب الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌باب الاستحقاق

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

- ‌كِتَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

-

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي شَاهِدِ الزُّورِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

-

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌بَابُ الْيَمِينِ

- ‌بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الإقرار

- ‌باب إقرار المريض

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

-

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

-

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

-

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزِهِ

- ‌كِتَابُ الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

-

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَاب الْغَصْب

-

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

-

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا لَا يَحِلُّ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كتاب الكراهية

- ‌النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ، وَالنَّظَرِ، وَالْمَسِّ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌إرسال الكلب المعلم

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَوَارِحِ

- ‌فصل في الرمي

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كتاب الجنايات

- ‌تحريم قتل المسلم

- ‌باب ما يوجب القصاص

- ‌باب الشهادة في القتل

- ‌كِتَابُ الديات

- ‌ما يجب فيه الدية كاملة

- ‌فَصْلٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ جنَايَةِ الْمَمْلُوكِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌فصل: في الوعيد على ترك الزكاة أو الحج

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ

- ‌كِتَابُ الخنثى

- ‌كيفية إرث الخنثى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌ملاحق

- ‌مقدمة ط دار الحديث

- ‌نصب الرَّايَة" وَكلمَة عَن فقه أهل الْعرَاق

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد

- ‌الِاسْتِحْسَان

- ‌شُرُوط قبُول الْأَخْبَار

- ‌منزلَة الْكُوفَة من عُلُوم الِاجْتِهَاد

- ‌‌‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌بعض الْحفاظ، وكبار الْمُحدثين من أَصْحَابه، وَأهل مذْهبه

- ‌كلمة فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل

الفصل: ‌باب ما يوجب القصاص

قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، لِقَضِيَّةِ عُمَرَ، قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَا: أَوَّلُ مَنْ فَرَضَ الْعَطَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَفَرَضَ فِيهِ الدِّيَةَ كَامِلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، ثُلُثَا الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ، وَالنِّصْفُ فِي سَنَتَيْنِ، وَالثُّلُثُ فِي سَنَةٍ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ فِي عَامِهِ، انْتَهَى. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَجَعَلَ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي سَنَتَيْنِ، وَمَا دُونَ النِّصْفِ فِي سَنَةٍ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ الدِّيَةَ فِي الْأَعْطِيَةِ فِي ثَلَاثِ سنين والنصف فِي سَنَتَيْنِ، وَالثُّلُثَ فِي سَنَةٍ، وَمَا دُونَ الثُّلُثِ فَهُوَ فِي عَامِهِ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: الدِّيَةُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا عَلَى أَهْلِ الدَّرَاهِمِ، وَعَلَى أَهْلِ الدَّنَانِيرِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَا شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ، وَقَضَى بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثٌ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ فِي عَطِيَّاتِهِمْ، وَقَضَى بِالثُّلُثَيْنِ فِي سَنَتَيْنِ وَثُلُثٍ فِي سَنَةٍ، وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ فِي عَامِهِ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ1: وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، انْتَهَى.

1 ذكر الترمذي في أوائل الديات ص 179 ج 1

ص: 334

‌باب ما يوجب القصاص

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2 فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَفِي مَوْضِعَيْنِ فِي الدِّيَاتِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: سَأَلْت عَلِيًّا هَلْ عندكم شيء مما لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ3 عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا، وَالْأَشْتَرُ إلَى عَلِيٍّ رضي الله تعالى عنه، فَقُلْت لَهُ: هَلْ عَهِدَ إلَيْك رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: لَا، إلَّا مَا فِي كِتَابِي هَذَا، فَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ، فَإِذَا فِيهِ: الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأَ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ،

2 قلت: عند البخاري في العلم في باب كتابة العلم ص 21 ج 1، وفي الجهاد في باب فكاك الأسير ص 428 ج 1، وفي الديات في باب العاقلة ص 1020 ج 2، وفي باب لا يقتل المسلم بالكافر ص 1020 ج 2.

3 عند أبي داود في الديات في باب إيقاد المسلم بالكافر ص 267 ج 2، وعند النسائي في القود في باب سقوط القود من المسلم للكافر ص 240 ج 2، وعند ابن ماجه في الديات ص 195.

ص: 334

وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: سَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَيْضًا، وَابْنُ مَاجَهْ1 عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ"، انْتَهَى. قال فيالتنقيح: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ حَدَّثَنَا الدَّارِمِيُّ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وُجِدَ فِي قَائِمَةِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأَ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ"، مُخْتَصَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي السِّيَرِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: فِي الْبَابِ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ2 عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إلَّا فِي إحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: زَانٍ مُحْصَنٌ، فَيُرْجَمُ، وَرَجُلٌ يَقْتُلُ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا، أَوْ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ الْإِسْلَامِ فَيُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَيُقْتَلُ، أَوْ يُصْلَبَ، أَوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْضِ"، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: هُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، انْتَهَى. وَفِي هَذَا اللَّفْظِ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَدْ يَأْخُذُ الْحَنَفِيَّةُ بِهَذَا فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بالذمي، والحر ب3العبد، وَلَمْ يَعْتَذِرْ عَنْهُ بِشَيْءٍ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ، قُلْت: رُوِيَ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا.

فَالْمُسْنَدُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ4 عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ، وَقَالَ:"أَنَا أَكْرَمُ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَالصَّوَابُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، مُرْسَلٌ، وَابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعِيفٌ، لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ إذَا وَصَلَ الْحَدِيثَ، فَكَيْفَ بِمَا يُرْسِلُهُ! ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ5 وَقَالَ: حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ هَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَصْلُهُ، وَذِكْرُ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ،

1 عند أبي داود في الديات ص 267 ج 2، وعند ابن ماجه فيه في باب لا يقتل مسلم بكافر ص 195.

2 عند أبي داود في الحدود في باب الحكم فيمن ارتد ص 242، وعند النسائي في القود في باب سقوط القود من المسلم للكافر ص 240 ج 2.

3 عند الدارقطني في الحدود 345.

4 عند الدارقطني في الحدود 345.

5 عند البيهقي في السنن في الجنايات ص 30 ج 8.

ص: 335

وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ النَّبِيِّ، مُرْسَلٌ، وَالْآخَرُ رِوَايَةً عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ رَبِيعَةَ، وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ الرَّهَاوِيِّ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْلِبُ الْأَسَانِيدَ، وَيَسْرِقُ الْأَحَادِيثَ حَتَّى كَثُرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَاتِهِ، وَسَقَطَ عَنْ حَدِّ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَرَاوِيهِ غَيْرُ ثِقَةٍ، انْتَهَى.

وَأَمَّا الْمُرْسَلُ: فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحَضْرَمِيِّ، فَمُرْسَلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ معاهد مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَقَالَ:"أَنَا أَوْلَى مَنْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بِهِ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنْبَأَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبٍ كَاتِبِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بِهِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَحَبِيبٌ هَذَا ضَعِيفٌ، وَلَا يَصِحُّ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ وَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ، وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ انْتَهَى.

وَأَمَّا مُرْسَلُ الْحَضْرَمِيِّ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ، قَتَلَهُ غِيلَةً، وَقَالَ:"أَنَا أَوْلَى، أَوْ أَحَقُّ مَنْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ"، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: فِي كِتَابِهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذَانِ مَجْهُولَانِ، وَلَمْ أَجِدْ لَهُمَا ذِكْرًا، انْتَهَى. وَنَقَلَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ1 عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ عليه السلام فِي زَمَنِ الْفَتْحِ: "لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" ، ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ عَنْ الْوَاقِدِيِّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ عَنْ خرنيق بِنْتِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: قَتَلَ خراش بن أمية بعد ما نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقَتْلِ، فَقَالَ:" لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ لَقَتَلْتُ خِرَاشًا بِالْهُذَلِيِّ"، يَعْنِي لَمَّا قَتَلَ خِرَاشٌ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ: وَهَذَا الْإِسْنَادُ، وَإِنْ كَانَ وَاهِيًا، وَلَكِنَّهُ أَمْثَلُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، قَالَ: هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْفَتْحِ، قَالَ: وَحَدِيثُنَا مُتَّصِلٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ مُنْقَطِعٌ، لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ: قَالَ:

1 ذكره في الناسخ والمنسوخ في كتاب الجنايات في باب قتل المسلم بالذمي ص 192، وص 193.

ص: 336

بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْبَيْلَمَانِيِّ رَوَى أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ قَتَلَ كَافِرًا، كَانَ لَهُ عَهْدٌ إلَى مُدَّةٍ، وَكَانَ الْمَقْتُولُ رَسُولًا، فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ، قَالَ: وَهَذَا خَطَأٌ، فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَهْرًا، وَعَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَدَاهَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ لَهُ:"قَتَلْتَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا مِنِّي عَهْدٌ لَأَدِيَنَّهُمَا"، انْتَهَى.

الْآثَارُ: رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَسَدِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي الْجَنُوبِ الْأَسَدِيِّ قَالَ: أُتِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ: فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَجَاءَ أَخُوهُ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ، فَقَالَ: لَعَلَّهُمْ فَزَّعُوكَ، أَوْ هَدَّدُوكَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ قَتْلَهُ، لَا يَرُدُّ عَلَيَّ أَخِي، وَعَوِّضُونِي، قَالَ: أَنْتَ أَعْرَفُ، مَنْ كَانَ لَهُ ذِمَّتُنَا، فَدَمُهُ كَدَمِنَا، وَدِيَتُهُ كَدِيَتِنَا انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَحُسَيْنُ بن ميمون هو الخندقي، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، قَلَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: رُبَّمَا يخطىء، قَالَ: وَنَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: وَدَمُهُ مُحَرَّمٌ كَتَحْرِيمِ دِمَائِنَا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَا يَرْوِي عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا يَقُولُ بِخِلَافِهِ، انْتَهَى.

أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ رَجُلًا مُسْلِمًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، فَأَقَادَ مِنْهُ عُمَرُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، فَكَتَبَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُرْفَعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا، فَدُفِعَ الرَّجُلُ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: حُنَيْنٌ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، فَقَتَلَهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ لَمْ يُقْتَلْ، فَلَا تَقْتُلُوهُ، فَرَأَوْا أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ يُرْضِيَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، انْتَهَى.

أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدِمَ إلَى أَمِيرِ الْحِيرَةِ، أَوْ قَالَ أَمِيرِ الْجَزِيرَةِ فِي رَجُلٍ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ: أَنْ ادْفَعْهُ إلَى وَلِيِّهِ، فَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، قَالَ: فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَأَنَا أَنْظُرُ، انْتَهَى.

ص: 337

أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ1 حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: مَرَرْتُ بِالْبَقِيعِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ عُمَرُ، فَوَجَدْتُ أَبَا لُؤْلُؤَةَ، وَالْهُرْمُزَانَ، وَجُفَيْنَةَ يَتَنَاجَوْنَ، فَلَمَّا رَأَوْنِي ثَارُوا، فَسَقَطَ مِنْهُمْ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ، وَنِصَابُهُ وَسَطُهُ، فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ رَآهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ الْخِنْجَرُ الَّذِي وَصَفَهُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَمَعَهُ السَّيْفُ، فَقَتَلَ الْهُرْمُزَانَ، وَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ السَّيْفِ، قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَعَدَا عَلَى جُفَيْنَةَ، وَكَانَ مِنْ نَصَارَى الْحِيرَةِ، فَقَتَلَهُ، وَانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ إلَى ابْنَةِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ صَغِيرَةٍ تَدَّعِي الْإِسْلَامَ فَقَتَلَهَا، وَأَرَادَ أَنْ لَا يَتْرُكَ مِنْ السَّبْيِ يَوْمَئِذٍ أَحَدًا إلَّا قَتَلَهُ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ، فَزَجَرُوهُ، وَعَظَّمُوا عَلَيْهِ مَا فَعَلَ، وَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَتَلَطَّفُ بِهِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ السَّيْفَ، فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ دَعَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، وَقَالَ لَهُمْ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي فَتَقَ فِي الدِّينِ مَا فَتَقَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ، وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ بِقَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَالَ جُلِّ النَّاسِ: أَبْعَدَ اللَّهُ جُفَيْنَةَ، وَالْهُرْمُزَانَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ تُتْبِعُوا عُبَيْدَ اللَّهِ أَبَاهُ، إنَّ هَذَا الرَّأْيَ سُوءٌ، وَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا قَدْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ لَك عَلَى النَّاسِ سُلْطَانٌ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَلَى كَلَامِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَوَدَى الرَّجُلَيْنِ، وَالْجَارِيَةَ، فَلَمَّا وَلِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَرَادَ قَتْلَهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ إلَى مُعَاوِيَةَ، فَقُتِلَ أَيَّامَ صِفِّينَ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَشَارُوا عَلَى عُثْمَانَ بِقَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَقَدْ قَتَلَ الْهُرْمُزَانَ، وَجُفَيْنَةَ، وَهُمَا ذِمِّيَّانِ، فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا أَشَارُوا عَلَيْهِ لِقَتْلِهِ ابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ صَغِيرَةً تَدَّعِي الْإِسْلَامَ لَا لِقَتْلِهِ الْهُرْمُزَانَ، وَجُفَيْنَةَ، قُلْنَا: قَوْلُهُمْ لَهُ: أَبْعَدَ اللَّهُ جُفَيْنَةَ، وَالْهُرْمُزَانَ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ قَتْلَهُ بِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ لِمَذْهَبِهِ بِخَبَرِ الْهُرْمُزَانِ، وَجُفَيْنَةَ، وَأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتَلَهُمَا، فَأَشَارَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَفِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِقَتْلِهِ بِهِمَا، وَكَانَا ذِمِّيَّيْنِ، وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَةً صَغِيرَةً لِأَبِي لُؤْلُؤَةَ، تَدَّعِي الْإِسْلَامَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَأَيْضًا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْهُرْمُزَانَ كَانَ يَوْمَئِذٍ كَافِرًا، بَلْ كَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْبَرَنَا، وَأَسْنَدَ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: حَاصَرْنَا تُسْتَرَ، فَنَزَلَ الْهُرْمُزَانُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قُدُومِهِ عَلَى عُمَرَ، وَأَمَانِهِ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ، فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ، وَفَرَضَ لَهُ عُمَرُ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ لِلْهُرْمُزَانِ دِهْقَانِ الْأَهْوَازِ أَلْفَيْنِ حِينَ أَسْلَمَ،

1 عند الطحاوي في شرح الآثار في باب المؤمن يقتل الكافر متعمداً ص 111 ج 2.

ص: 338

وَكَوْنُهُ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ حِينَ مَسَّهُ السَّيْفُ، كَانَ إمَّا تَعَجُّبًا، أَوْ نَفْيًا لِمَا اتَّهَمَهُ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: وَأَمَّا أَنَّ عَلِيًّا مِمَّنْ أَشَارَ بِقَتْلِهِ، فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لَا يَثْبُتُ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ". قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.

فَحَدِيثُ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ1 فِي الدِّيَاتِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مَسَانِيدِهِمْ قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي حَجَّاجٍ: صَدُوقٌ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، يُدَلِّسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي عن عمر بْنِ شُعَيْبٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ الْحَجَّاجُ يُدَلِّسُ، فَيُحَدِّثُنَا بِالْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مِمَّا يُحَدِّثُهُ الْعَرْزَمِيُّ، وَالْعَرْزَمِيُّ مَتْرُوكٌ، قَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَ قِصَّةً، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يُقَادُ الْأَبُ مِنْ ابْنِهِ" لَقَتَلْتُكَ، هَلُمَّ دِيَتَهُ، فَأَتَاهُ بِهَا، فَدَفَعَهَا إلَى وَرَثَتِهِ، وَتَرَكَ أَبَاهُ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَالْبَيْهَقِيُّ رَوَاهُ كَذَلِكَ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَكَذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عِيسَى الْقُرَشِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَتْ جَارِيَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَتْ: إنَّ سَيِّدِي اتَّهَمَنِي، فَأَقْعَدَنِي عَلَى النَّارِ، حَتَّى أَحْرَقَ فَرْجِي، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: هَلْ رَأَى ذَلِكَ مِنْك؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَاعْتَرَفْت لَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: لَا، فَقَالَ عُمَرُ: عَلَيَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُعَذِّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ؟! قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اتَّهَمْتهَا فِي نَفْسِهَا، قَالَ: هَلْ رَأَيْتَ ذَلِكَ عَلَيْهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاعْتَرَفَتْ لَك بِهِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكٍ، وَلَا وَلَدٌ مِنْ وَالِدِهِ" لَأَقَدْتهَا مِنْك، ثُمَّ بَرَزَهُ، فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: اذْهَبِي، فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْتِ مَوْلَاةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، أَخْرَجَهُ فِي الْعِتْقِ وَفِي الْحُدُودِ وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: فَقَالَ:

1 عند الترمذي في الديات في باب لا يقتل الوالد بولده ص 195 ج 2، وعند البيهقي في السنن ص 38 ج 8، وعند الدارقطني في الحدود ص 348، وفي المستدرك فيه: ص 368 ج 4، وفي العتق ص 216 ج 2.

ص: 339

عُمَرُ بْنُ عِيسَى القرشي، منكر الحديث، قُلْت: أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي ضُعَفَائِهِ، وَأَعَلَّاهُ بِعُمَرَ بْنِ عِيسَى، وَأَسْنَدَا عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا1 عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، إلَّا مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ وَقَالَ إنَّهُ ضَعِيفٌ، انْتَهَى. قُلْت: تَابَعَهُ قَتَادَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ.

فَحَدِيثُ قَتَادَةَ: أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِهِ.

وَحَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 عَنْهُ عَنْ عَمْرٍو بِهِ، وَسَكَتَ.

وَحَدِيثُ الْعَنْبَرِيِّ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا3 عَنْهُ عَنْ عَمْرٍو بِهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ سُرَاقَةَ: فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ4 عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقِيدُ الْأَبَ مِنْ ابْنِهِ وَلَا يُقِيدُ الِابْنَ مِنْ أَبِيهِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ فِيهِ اضْطِرَابٌ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نُقِيدُ الْأَبَ مِنْ ابْنِهِ، وَلَا نُقِيدُ الِابْنَ مِنْ أَبِيهِ"، انْتَهَى. قَالَ: وَالْمُثَنَّى، وَابْنُ عَيَّاشٍ ضَعِيفَانِ، وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: حَدِيثُ سُرَاقَةَ فِيهِ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، وَفِي لَفْظِهِ اخْتِلَافٌ، فَإِنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهُ بِعَكْسِ لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ، انْتَهَى. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ: سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ، فَقَالَ: حَدِيثُ إسْمَاعِيلَ بن عياش إن أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَأَهْلِ الْحِجَازِ شِبْهُ لَا شَيْءَ، انْتَهَى.

1 عند الترمذي في الديات في باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه، أيقاد منه أم لا ص 180 ج 1، وعند ابن ماجه في الديات في باب لا يقتل الوالد بولده ص 195.

2 في المستدرك في الحدود ص 369 ج 4، وعند الدارقطني: ص 348 عن سعيد بن قتادة عن عمرو بن دينار به.

3 عند الدارقطني في الحدود ص 348، وعند البيهقي في السنن ص 39 ج 8.

4 عند الترمذي في الديات ص 180 ج 1، وعند الدارقطني في الحدود ص 348.

ص: 340

وَأَمَّا حديث حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ1 عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ ثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يُقَادُ وَالِدٌ مِنْ وَلَدِهِ"، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَابْنُ لَهِيعَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ ابْنُ لَهِيعَةَ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ شَيْئًا، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ الْيَمَانِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَمْرٍو بِهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَيَعْقُوبُ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، إلَى أَنْ قَالَ فِيهِ: عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ، فَيُنْظَرُ مُسْنَدُ أَحْمَدَ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا"، انْتَهَى. وَيَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: " لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ.

فَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ3 عَنْ الْحُرِّ بْنِ مَالِكٍ عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا قود إلا بالسيف، اتتهى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ بِأَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ إلَّا الْحُرَّ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَحْسَبُهُ أَخْطَأَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَهُ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، انْتَهَى. قُلْت: بَلْ تَابَعَهُ الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا4 فَأَخْرَجَاهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ الْأَيْلِيِّ عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِالْوَلِيدِ، وَقَالَ: أَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ لا يحتج به، قُلْت: أَخْرَجَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَوَثَّقَهُ، وَالْمُرْسَلُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْبَزَّارُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا هُشَيْمِ ثَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْحَسَنِ، مَرْفُوعًا: لَا قَوَدَ إلَّا بِحَدِيدَةٍ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ

1 قلت: لم أجد هذا الحديث عند أحمد في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص بل وجدته في مسند عمر بن الخطاب ص 22 ج 1 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا عمرو بن شعيب عن جده عن عمر رضي الله عنه، وحدثنا عبد الله، حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة به.

2 عند الدارقطني في الديات والحدود ص 348.

3 عند ابن ماجه في الديات في باب لا قود إلا بالسيف ص 196.

4 عند الدارقطني في الحدود ص 333، وعند البيهقي في السنن ص 83 ج 8.

ص: 341

ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْعَثَ، وَعَمْرٌو عَنْ الْحَسَنِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ النُّعْمَانِ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا1 عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَازِبٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ" ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَلَفْظُهُ، قَالَ: الْقَوَدُ بِالسَّيْفِ، وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ، وَقَالَ: لَا نعلم رَوَاهُ عَنْ النُّعْمَانِ إلَّا أبو عَازِبٍ وَلَا عَنْ أَبِي عازب إلا جابر الْجُعْفِيَّ، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَأَبُو عَازِبٍ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو لا أعلم روى عنه إلا جابر الْجُعْفِيَّ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ فَقَدْ وَثَّقَهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَنَاهِيكَ بِهِمَا، فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا، ثُمَّ يَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى ضَعْفِهِ؟! هَذَا تَنَاقُضٌ بَيِّنٌ، قَالَ: وَأَبُو عَازِبٍ اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ أَرَاكٍ، كَمَا تَقَدَّمَ تَسْمِيَتُهُ، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي حَدِيثِ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَطُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَبِهَذَا الْإِسْنَادُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا بِلَفْظِ: كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ بِلَفْظِ: كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ، وَالْحَدِيدَةَ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: قَالَ: لَا عَمْدَ إلَّا بِالسَّيْفِ، وَسَيَأْتِي، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ2 حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ السَّمَيْدَعِ الْأَنْطَاكِيُّ ثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ النَّصِيبِيُّ ثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي معن عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ سَوَاءً، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِعَبْدِ الْكَرِيمِ، وَضَعَّفَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ3 فِي الْحُدُودِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرَقْمَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ سَوَاءٌ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ مَتْرُوكٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِسُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، وَأَسْنَدَ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَأَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ، قَالُوا: هُوَ مَتْرُوكٌ.

1 عند ابن ماجه في الديات في باب لا قود إلا بالسيف ص 196، وعند الدارقطني في الحدود ص 333، وعند البيهقي في السنن ص 62 ج 8.

2 قال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 261 ج 6: رواه الطبراني، وفيه أبو معاذ سليمان بن أرقم، وهو متروك، وعند الدارقطني في الحدود ص 325.

3 عند الدارقطني في الحدود ص 325.

ص: 342

وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا1 عَنْ مُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا قَوَدَ فِي النَّفْسِ وَغَيْرِهَا إلَّا بِحَدِيدَةٍ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ مَتْرُوكٌ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَلِلشَّافِعِيِّ فِي الْمُمَاثَلَةِ بِالْقِصَاصِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ: إنَّمَا سَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْيُنَ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2 وَبِحَدِيثِ الْيَهُودِيِّ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا أَنَّ جَارِيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، قَتَلَهَا رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ، عَلَى حُلِيٍّ لَهَا، رَضَّ رَأْسَهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ بِك هَذَا؟ فُلَانٌ؟ فُلَانٌ؟ حَتَّى ذَكَرُوا لَهَا يَهُودِيًّا، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ، فَأَقَرَّ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ3 فِي بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الطَّلَاقِ هَكَذَا، وَفِيهِ أَنَّهُ أَقَرَّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَلَا يُعَارَضُ هَذَا بِحَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا4 لِأَنَّ الرَّجْمَ، وَالرَّضَّ، وَالرَّضْخَ كُلَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الضَّرْبِ بِالْحِجَارَةِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا دَعْوَى النَّسْخِ، لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَارِيخٌ، وَلَا سَبَبَ يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ، قَالَ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، بِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ ابْتِدَاءً، لَا عَلَى طَرِيقِ الْمُكَافَأَةِ، انْتَهَى. قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ، وَبِقَوْلِهِ:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْمُكَاتَبِ يَتْرُكُ وَفَاءً، هَلْ يَمُوتُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا؟ قُلْت: تَقَدَّمَ فِي الْمُكَاتَبِ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "أَلَا إنَّ قَتِيلَ خَطَإِ الْعَمْدِ -وَيُرْوَى- شِبْهِ الْعَمْدِ"، قُلْت: تَقَدَّمَ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ"، قُلْت: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ5 وَفِي الْمَعْرِفَةِ: أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ إجَازَةً ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مَنْصُورٍ

1 عند الدارقطني في الحدود ص 325.

2 عند مسلم في باب حكم المحاربين والمرتدين ص 58 ج 2.

3 ذكره البخاري في الطلاق في باب الاشارة في الطلاق والأمور ص 798 ج 2.

4 قلت: لم أجد لفظ الرجم في طرقه، عند البخاري، نعم وجدته عند مسلم: ص 58 ج 8.

5 عند البيهقي في السنن في الجنايات ص 43 ج 8.

ص: 343

ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ ثَنَا بِشْرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ يَزِيدَ بْن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ عَرَّضَ عَرَّضْنَا لَهُ1 وَمَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ، وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ"، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ، كَبِشْرٍ، وَغَيْرِهِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "أَلَا إنَّ قَتِيلَ خَطَإِ الْعَمْدِ، قَتِيلُ السَّوْطِ، وَالْعَصَا، وَفِيهِ، وَفِي كُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَبِمَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مصنفهما، والدارقطني، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سننيهما2 عن جابر الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَازِبٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ، وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ"، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِهِ، وَأَعَلَّهُ بِأَبِي عَازِبٍ، وَقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِهَةٍ فِيهَا ضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ، وَالْحَدِيدَةَ.

وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: حَدِيثُ: أَلَا إنَّ قَتِيلَ خَطَإِ الْعَمْدِ، قَتِيلُ السَّوْطِ، وَالْعَصَا، وَفِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ، قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالدِّيَةِ، قُلْت: رُوِيَ مُرْسَلًا عَنْ عُرْوَةَ، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، وَمُسْنَدًا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: لَمَّا انْصَرَفَ الرُّمَاةُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ، وَفِي آخِرِهِ: وَكَانَ الْيَمَانِ حُسَيْلُ بْنُ جَابِرٍ، وَرِفَاعَةُ بْنُ وَقْشٍ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ قَدْ رُفِعَا فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا نَسْتَبْقِي مِنْ أَنْفُسِنَا، وَمَا الَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِنَا، فَلَوْ لَحِقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنَا الشَّهَادَةَ، فَفَعَلَا، فَأَمَّا رِفَاعَةُ، فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَمَّا الْيَمَانُ فَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ، وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ، حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدِيَتِهِ أَنْ تُخْرَجَ، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدَمِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ خَيْرًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: إنَّ الذي

1 قال في النهاية ص 94 ج 3: قوله: "من عرض عرضنا له"، أي من عرض بالقذف عرضنا له بتأديب لا يبلغ الحد، ومن صرح بالقذف حددناه، انتهى.

2 عند الدارقطني في الحدود ص 333، وعند البيهقي في السنن في الجنايات ص 42 ج 8.

ص: 344

أَصَابَهُ عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، مُخْتَصَرٌ، فَمُرْسَلُ عُرْوَةَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ شَيْخًا كَبِيرًا، فَرُفِعَ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَخَرَجَ يَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ، فَجَاءَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، فَابْتَدَرَهُ الْمُسْلِمُونَ فَرَشَقُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ، وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي، فَلَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ شُغُلِ الْحَرْبِ، حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، قَالَ: وَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَزَادَتْ حُذَيْفَةَ عِنْدَهُ خَيْرًا، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ فِيهِ: وَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَدِيَهُ، فَتَصَدَّقَ بِهِ حُذَيْفَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ حُذَيْفَةَ أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ ثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمَّا اخْتَلَطَ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَجَالُوا تِلْكَ الْجَوْلَةَ، اخْتَلَفَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حُسَيْلٍ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ، فَضَرَبُوهُ بِسُيُوفِهِمْ، وَابْنُهُ حُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي، فَلَمْ يَفْهَمُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدِيَتِهِ أَنْ تُخْرَجَ، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَيُقَالُ: إنَّ الَّذِي أَصَابَهُ يَوْمَئِذٍ عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، انْتَهَى.

وَأَمَّا مُرْسَلُ الزُّهْرِيِّ: فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي بَابِ الْمَغَازِي حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرَ قِصَّةَ أُحُدٍ بِطُولِهَا، وَقَالَ فِي آخِرِهَا: ثُمَّ سَمَّى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مَنْ قُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَذَكَرَ فِيهِمْ الْيَمَانِ أَبَا حُذَيْفَةَ، وَاسْمُهُ حُسَيْلُ بْنُ جُبَيْرٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي عَبْسٍ، أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ، زَعَمُوا فِي الْمَعْرَكَةِ، لَا يَدْرُونَ مَنْ أَصَابَهُ، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدَمِهِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ، قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَخْطَأَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ فَرَشَقُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ، يَحْسِبُونَهُ مِنْ الْعَدُوِّ، وَإِنَّ حُذَيْفَةَ لَيَقُولُ: أَبِي أَبِي، فَلَمْ يَفْقَهُوا قَوْلَهُ، حَتَّى فَرَغُوا مِنْهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، قَالَ: وَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَزَادَتْ حُذَيْفَةَ عِنْدَهُ خَيْرًا، مُخْتَصَرًا. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ في مصنفه أَوَاخِرِ الْقِصَاصِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَحَاطَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ بِالْيَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ بِأَسْيَافِهِمْ، وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي، فَلَمْ يَفْهَمُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرحمين، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَزَادَهُ عِنْدَهُ خَيْرًا، وَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى.

ص: 345

وَأَمَّا حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 فِي الْفَضَائِلِ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِيهِمَا كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أُحُدٍ رَفَعَ حُسَيْلَ بْنَ جَابِرٍ، وَهُوَ الْيَمَانُ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَهُمَا شيخان كبيران: لا أبالك! مَا تَنْتَظِرُ، فَوَاَللَّهِ إنْ بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عُمُرِهِ، إلَّا ظَمَأُ حِمَارٍ، أَفَلَا نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنَا مِنْهُ الشَّهَادَةَ، فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا، ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى دَخَلَا فِي النَّاسِ، وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِمَا، فَأَمَّا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَمَّا الْيَمَانُ فَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ أَسْيَافُ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوهُ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَبِي أَبِي، قَالُوا: وَاَللَّهِ إنْ عَرَفْنَاهُ، وَصَدَقُوا، قَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدِيَهُ، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ كَذَلِكَ، وَزَادَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِيهِ، قَالَ: وَكَانَ الَّذِي قَتَلَهُ عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْبُخَارِيِّ2 لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الدِّيَةِ، أَخْرَجَهُ فِي الدِّيَاتِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: صَرَخَ إبْلِيسُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي النَّاسِ: يَا عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ، حَتَّى قَتَلُوا الْيَمَانَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَبِي أَبِي فَقَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، قَالَ: وَكَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا دَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ إلَى وَلِيمَةٍ، فَلَمَّا جَاءَ لِيَدْخُلَ سَمِعَ لَهْوًا، فَلَمْ يَدْخُلْ، فَقَالَ لَهُ: لِمَ رَجَعْتَ؟ قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ، فَهُوَ مِنْهُمْ، وَمِنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ شَرِيكَ مَنْ عَمِلَ بِهِ". انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ فِي كِتَابِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ، فَلَمَّا حَضَرَ إذَا هُوَ

1 في المستدرك في مناقب اليمان بن جابر ص 202 ج 3.

2 عند البخاري في الديات في باب العفو في الخطأ بعد الموت وفي باب إذا مات في الزحام أو قتل ص 1017 ج 2، وفي مواضع أُخر.

ص: 346

بِصَوْتٍ، فَرَجَعَ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ، قَالَ: إنِّي أَسْمَعُ صَوْتًا، وَمَنْ كَثَّرَ سَوَادًا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلًا كَانَ شَرِيكَ مَنْ عَمِلَهُ، انْتَهَى.

وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي اللِّبَاسِ1 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" ، انْتَهَى. وَابْنُ ثَوْبَانَ ضَعِيفٌ.

وَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ ثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ سَوَاءً، وَقَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ، فَوَقَفَهُ، انْتَهَى.

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَقَالَ: لَمْ يُتَابَعْ صَدَقَةُ عَلَى رِوَايَتِهِ هَذِهِ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ مُرْسَلًا، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ قُتَيْبَةَ ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَصْبَهَانِيُّ ثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ"، وَفِي آخِرِهِ:"ومن تشبه بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"، انْتَهَى. وَهُوَ فِي أَحَادِيثِ الْكَشَّافِ.

فَصْلٌ

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا فَقَدْ أُطِلَّ دَمُهُ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ2 فِي تَحْرِيمِ الدَّمِ مِنْ طَرِيقِ إسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ثَنَا الْفَضْلُ بن موسى السيناني عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ، فَدَمُهُ هَدَرٌ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ

1 عند أبي داود في اللباس في باب في لبس الشهرة ص 203 ج 2.

2 عند النسائي في تحريم الدم في باب من شهر سيفه، ثم وضعه في الناس ص 173 ج 2، وفي المستدرك في أواخر كتاب قتال أهل البغي ص 159 ج 2.

ص: 347

فِي مُسْنَدِهِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ أَيْضًا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَزَادَ يَعْنِي وَضَعَهُ ضَرَبَ بِهِ انْتَهَى. وَلَيْسَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي مُسْنَدِ إسْحَاقَ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ زَادَهَا مِنْ الرُّوَاةِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ بِهِ مَوْقُوفًا، وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ بِهِ أَيْضًا مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي آخِرِ الْجِهَادِ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ مَعْمَرٍ بِهِ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا، وَاَلَّذِي أَسْنَدَهُ ثِقَةٌ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يَخْرُجَاهُ، انْتَهَى. وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ2 فِي الْإِيمَانِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ فَلَيْسَ مِنَّا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ هُوَ، وَالْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا:"مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا"، وَأَخْرَجَاهُ عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ، وَتَفَرَّدَ بِالْأَوَّلِ.

الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "قَاتِلْ دُونَ مَالِك"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ الْمُخَارِقِ أَبِي قَابُوسَ.

فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْوَسَطِ فِي بَابِ الْقَافِ فِي تَرْجَمَةِ قُهَيْدِ3 بْنِ مُطَرِّفٍ الْغِفَارِيِّ، فَقَالَ: قَالَ لِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي وَهْبٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ قُهَيْدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي! قَالَ: "أَنْشَدَهُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ ثَلَاثًا"، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ:"قَاتِلْ دُونَ مَالِك"، قَالَ: فَإِنْ قُتِلْتُ؟ قَالَ: "فِي الْجَنَّةِ"، قَالَ: فَإِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: "فِي النَّارِ"، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ لِي أَبُو صَالِحٍ: ثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو

1 في المستدرك في أواخر قتال أهل البغي ص 158 ج 2.

2 ما رواه سلمة بن الأكوع، وابن عمر، وأبو موسى، وأبو هريرة، عند مسلم في الإيمان في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من حمل علينا السلاح فليس منا" ص 69، وص 70 ج 1، وحديث أبي موسى، وحديث ابن عمر عند البخاري في الفتن في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من حمل علينا السلاح فليس منا" ص 1047 ج 2.

3 قهيد بالتصغير بن مطرف الغفاري، روى عن أبي هريرة حديث: أرأيت أن عدي على مالي، الحديث. ذكره ابن سعد في طبقة الخندقين وذكره أبو نعيم، وغيره في الصحابة، انتهى. كذا في التهذيب ص 385 ج 8.

ص: 348

بِهِ، نَحْوَهُ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْن أَبِي عَمْرٍو بِهِ سَوَاءً، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ1 فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي؟ قَالَ: "فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: "قَاتِلْهُ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَتُهُ؟ قَالَ: "هُوَ فِي النَّارِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ هُوَ، وَالْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"، انْتَهَى. وَلِمُسْلِمٍ فِيهِ قِصَّةٌ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُخَارِقِ: فَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا الْمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ ثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَابُوسَ بْنِ الْمُخَارِقِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي؟ قَالَ: "ذَكِّرْهُ بِاَللَّهِ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ ذَكَّرْتُهُ بِاَللَّهِ فَلَمْ يَذْكُرْ؟ قَالَ: "اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِالسُّلْطَانِ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ قَدْ نَأَى عَنِّي؟ قَالَ: "اسْتَعِنْ بِمَنْ يَحْضُرُك مِنْ الْمُسْلِمِينَ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَحْضُرْنِي أَحَدٌ؟ قَالَ: "قَاتِلْ دُونَ مَالِك حَتَّى تُحْرِزَ مَالَك، أَوْ تُقْتَلَ، فَتَكُونَ مِنْ شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ ثَنَا ابْنُ السِّمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سِمَاكٍ بِهِ، وَرَوَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ بِهِ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ قَابُوسَ، لَمْ يَقُلْ فِيهِ: عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَنِي رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَبْتَزَّ مَالِي، الْحَدِيثَ. وَقَالَ: مَعْنَى يَبْتَزُّ أَيْ يُجَرِّدُنِي ثِيَابِي، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ، فَرَوَاهُ عَمَّارُ بن رزيق، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَأَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ قَابُوسَ مُرْسَلًا، لَمْ يَقُولَا: عَنْ أَبِيهِ، وَالْمُسْنَدُ أَصَحُّ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

1 عند مسلم في الإيمان ص 81 ج 1، وعند البخاري في المظالم والقصاص في باب من قتل دون ماله ص 337 ج 1.

ص: 349

بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

قَوْلُهُ: فِي الْقِصَاصِ فِي الْعَيْنِ الْمَقْلُوعَةِ وَأَنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَصِفَتُهُ أَنْ تُحْمَى الْمِرْآةُ، وَتُقَابَلَ بِهَا عَيْنُهُ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْءُهَا، بَعْدَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى وَجْهِهِ، قُطْنٌ رَطْبٌ، قُلْت: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ فِي كِتَابِ الْعُقُولِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ: لَطَمَ رَجُلٌ رَجُلًا، فَذَهَبَ بَصَرُهُ، وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ، فَأَرَادُوا أَنْ يُقِيدُوهُ مِنْهُ، فَأَعْيَا عَلَيْهِمْ، وَعَلَى النَّاسِ، كَيْفَ يُقِيدُونَهُ، وَجَعَلُوا لَا يَدْرُونَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ، فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ، فَأَمَرَ بِهِ، فَجُعِلَ عَلَى وَجْهِهِ كُرْسُفٌ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ الشَّمْسَ، وَأَدْنَى مِنْ عَيْنِهِ مِرْآةً، فَالْتَمَعَ بَصَرُهُ، وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَا: لَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إلَّا فِي السِّنِّ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ، قَالَا: لَيْسَ فِي الْعِظَامِ قِصَاصٌ، مَا خَلَا السِّنَّ وَالرَّأْسَ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "لَا قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ"، قُلْت: غَرِيبٌ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عمر، قال: إنا لانقيد مِنْ الْعِظَامِ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَيْسَ فِي الْعِظَامِ قِصَاصٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، الْحَدِيثَ". قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وأنها لم تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إمَّا أَنْ يُعْطَى الدِّيَةَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ"، انْتَهَى. هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ1 فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي بَابِ تَحْرِيمِ مَكَّةَ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ2 فِي كِتَابِ الْعِلْمِ: إمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ، وَلَفْظُهُ فِي اللُّقَطَةِ إمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ، وَلَفْظُهُ فِي الدِّيَاتِ:

1 عند مسلم في الحج في باب تحريم مكة ص 438 ج 1، وفي رواية عند مسلم: إما أن يفدى، وإما أن يقتل.

2 عند البخاري في العلم في باب كتابة العلم ص 22 ج 1، وفي اللقطة في باب كيف تعرف لقطة أهل مكة ص 328 ج 1، وفي الديات في باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ص 1016 ج 2.

ص: 350

إمَّا أَنْ يُودَى، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ1 إمَّا أَنْ يَعْفُوَ، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَلَفْظُ النَّسَائِيّ2 فِي الْقَوَدِ إمَّا أَنْ يُقَادَ، وَإِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ3: إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يُفْدَى، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فيالمعرفة: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ وَقَعَ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْمُوَافِقُ مِنْهَا بِحَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ أَوْلَى، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ4 عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَإِنِّي عَاقِلَتُهُ، فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ أَوْ يَقْتُلُوا"، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: ثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعْت أَبَا شُرَيْحٍ، فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ ابن ماجه، أبو دَاوُد أَيْضًا5 عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ، أَوْ خَبْلٍ، وَالْخَبْلُ: الْجُرْحُ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ: أَنْ يَقْتُلَ، أَوْ يَعْفُوَ، أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ"، مُخْتَصَرٌ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: حَدِيثُ: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ"، اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ الرُّوَاةِ فِيهِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَلْفَاظٍ: أَحَدُهَا: إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يُفَادِيَ، الثَّانِي: إمَّا أَنْ يَعْقِلَ أَوْ يُقَادَ، الثَّالِثُ: إمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ، الرَّابِعُ: إمَّا أَنْ يُعْطَى الدِّيَةَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ، الْخَامِسُ: إمَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يَقْتُلَ، السَّادِسُ: يَقْتُلُ أَوْ يُفَادَى، السَّابِعُ: مَنْ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، الثَّامِنُ: إنْ شَاءَ فَلَهُ دَمُهُ، وَإِنْ شَاءَ فَعَقْلُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ، وَهُوَ الْمُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ، وَقَدْ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِظَاهِرِهِ، وَقَالَ: لَوْ اخْتَارَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الدِّيَةَ، وَأَبَى الْقَاتِلُ إلَّا الْقِصَاصَ، أُجْبِرَ الْقَاتِلُ عَلَى الدية. ولاخيار لَهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْبَرُ، وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ، قَالَ: وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ مِنْ الْإِجْمَالِ فِي قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} فَاحْتَمَلَتْ الْآيَةُ عِنْدَ قَوْمٍ أَنْ يَكُونَ {مَنْ} وَاقِعَةً عَلَى الْقَاتِلِ، وَ {عُفِيَ} مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُتَّبِعَ بِالْمَعْرُوفِ هُوَ وَلِيُّ الدَّمِ، وَأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْأَدَاءِ بِإِحْسَانٍ هُوَ الْقَاتِلُ، وَإِذَا تَدَبَّرْت الْآيَةَ عَرَفْت مَنْشَأَ الْخِلَافِ، وَلَاحَ لَك مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَيُّ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

1 عند الترمذي في الديات في باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو ص 181 ج 1.

2 عند النسائي في القود ص 245 ج 2.

3 عند ابن ماجه في الديات في باب من قتل له قتيل فهو بالخيار ص 192.

4 عند أبي داود في الديات في باب ولي العمد يأخذ الدية ص 263 ج 2، وعند الترمذي فيه في باب ما جاء في ولي القتيل في القصاص والعفو ص 181 ج 1.

5 عند أبي داود في أوائل الديات ص 261 ج 2، وعند ابن ماجه فيه في باب من قتل له قتيل فهو بالخيار بين إحدى ثلاث ص 192، قلت: وعند الترمذي أيضاً، مختصراً ص 181 ج 1.

ص: 351

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِتَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ، مِنْ عَقْلِ زَوْجِهَا أَشْيَمَ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ، وَمِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.

فَحَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ1 عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أبي عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ، لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ: كَتَبَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُوَرِّثَ امرأة أشيم الضابي مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، فَرَجَعَ عُمَرُ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ فِي الْفَرَائِضِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الدِّيَاتِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِيهِمَا وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ2 أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: مَا أَرَى الدِّيَةَ إلَّا لِلْعَصَبَةِ، لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، فَهَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ، وَكَانَ عليه السلام اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْأَعْرَابِ: كَتَبَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، فَأَخَذَ بِهِ عُمَرُ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَزَادَ: وَكَانَ قُتِلَ خَطَأً، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَابْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، وَصَحَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ وَقَالَ: إنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ إلَّا نَعْيَهُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ أَنْكَرَ سَمَاعَهُ مِنْهُ الْبَتَّةُ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ3 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيِّ عَنْ زُفَرَ بْنِ وَثِيمَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى الضَّحَّاكِ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَتِهِ، انْتَهَى. وَزُفَرُ بْنُ وَثِيمَةَ مَجْهُولُ الْحَالِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَتَفَرَّدَ عَنْهُ الشُّعَيْثِيُّ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَدُحَيْمٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيِّ عَنْ زُفَرَ بْنِ وَثِيمَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ زُرَارَةَ بْنَ جَزْءٍ، قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى الضَّحَّاكِ ان سُفْيَانَ أَنْ يُوَرِّثَ، الْحَدِيثَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْمُؤْتَلِفِ، وَالْمُخْتَلِفِ: وَزُرَارَةُ بْنُ جُزْءٍ لَهُ صُحْبَةٌ، رَوَى عَنْهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ: وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ هَكَذَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ،

1 عند أبي داود في أواخر الفرائض ص 261 ج 2، وعند ابن ماجه في الديات في باب الميراث من الدية ص 194، وعند الترمذي فيه في باب ما جاء في المرأة ترث من دية زوجها ص 182 ج 1، وفي الفرائض في باب ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها ص 33 ج 2.

2 وعند الدارقطني أيضاً من طريق عبد الرزاق في الفرائض ص 458.

3 عند الدارقطني في الفرائض ص 457.

ص: 352

وَأَهْلُ العربية يقولون: بفتح الجم، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ1 فِي مُعْجَمِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيِّ عَنْ زُفَرَ بْنِ وَثِيمَةَ الْبَصْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، انْتَهَى. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ صَحَابِيٌّ، يُكَنَّى أَبَا أُمَامَةَ، تُوُفِّيَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَوْ تَمَالَأَ عليه أهل صنعاء لقتلهم جَمِيعًا، قُلْت: رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ2 أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتَلَ نَفَرًا: خَمْسَةً، أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً، وَقَالَ: لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أهل صنعاء لقتلهم بِهِ، انْتَهَى. وَعَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ في موطأه، وَالشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَلَمْ يَصِلْ بِهِ سَنَدَهُ، وَلَفْظُهُ: وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ غُلَامًا قُتِلَ غِيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صنعاء لقتلهم بِهِ، وَقَالَ مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ: إنَّ أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبِيًّا، فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ3، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتَلَ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ بِرَجُلٍ، وَقَالَ: لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صنعاء لقتلهم، انْتَهَى. وَرَوَاهُ مُطَوَّلًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ حَيَّ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَنَا أَنَّهُ سَمِعَ يَعْلَى يُخْبِرُ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَأَنَّ اسْمَ الْمَقْتُولِ أَصِيلٌ، قَالَ: كَانَتْ امْرَأَةٌ بِصَنْعَاءَ لَهَا رَبِيبٌ، فَغَابَ زَوْجُهَا، وَكَانَ لَهَا أَخِلَّاءُ، فَقَالُوا: إنَّ هَذَا الْغُلَامَ هُوَ يَفْضَحُنَا، فَانْظُرُوا كيف تصنعون به، فتمالأوا عَلَيْهِ وَهُمْ سَبْعَةُ نَفَرٍ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَقَتَلُوهُ، وَأَلْقَوْهُ فِي بِئْرِ غِمْدَانَ، فَلَمَّا فُقِدَ الْغُلَامُ خَرَجَتْ امْرَأَةُ أَبِيهِ، وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ، وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا تُخْفِ عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ أَصِيلًا، قَالَ: وَخَطَبَ يَعْلَى النَّاسَ فِي أَمْرِهِ، قَالَ: فَمَرَّ رَجُلٌ بَعْدَ أَيَّامٍ بِبِئْرِ4

1 قال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 230 ج 4 في حديث أسعد بن زرارة: رواه الطبراني، ورجاله ثقات، وفي حديث زرارة بن جزى، رواه الطبراني، ورجاله ثقات، وأخرج عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن قتل أشيم كان خطأ، قال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، انتهى.

2 عند مالك في الموطأ في باب ما جاء في الغيلة والسحر ص 342، وفي الموطأ للإمام محمد ابن الحسن الشيباني: ص 226، وقال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وعامة من فقهائنا رحمهم الله، انتهى. وعند البخاري في الديات في باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم ص 1018 ج 2.

3 عند الدارقطني في الحدود والديات ص 373، وراجع الحديث الآتي بعد هذا الحديث في السنن للدارقطني.

ص: 353