الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ إذَا خَرَجَ، وَلَا يَكْتَفِي بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالرَّفْعِ، كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، وَأَبْطَلَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ، لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِإِبَاحَتِهِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ ذَكَاةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِاسْتِئْنَافِ الذَّكَاةِ فِيهِ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا أَحْسَبُ أَصْحَابَهُ، وَافَقُوهُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا لَا يَحِلُّ
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطُّيُورِ، وَأَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 فِي الصَّيْدِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ بَيْنَهُمَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَّا عَلِيَّ بْنَ الْحَكَمِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بِشْرٍ2 وَالْحَكَمُ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا سَعِيدًا بَيْنَهُمَا، انْتَهَى كَلَامُ الْبَزَّارِ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَلِيٍّ الْأَرْقَطِ، أَنَّهُ قَالَ: أَظُنُّ بَيْنَ مَيْمُونٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَعْنِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ ثِقَةٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْقَطَّانِ.
وَحَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْهُ3 مَرْفُوعًا: وَحَرَامٌ عَلَيْكُمْ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، مُخْتَصَرٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا.
1 عند مسلم في الصيد في باب تحريم أكل كل ذي ناب ص 147 ج 2، وعند أبي داود في الأطعمة في باب ما جاء في أكل السباع ص 177 ج 2.
2 رواية أبي بشر، عند مسلم، وأبي داود، ورواية الحكم، عند مسلم فقط.
3 عند أبي داود في الأطعمة في باب ما جاء في أكل السباع ص 177 ج 2.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ: فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، مُخْتَصَرٌ، وَلَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ1 وَشَطْرُ الْحَدِيثِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ"، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: أَمَّا الضَّبُعُ فَلِمَا ذَكَرْنَا، يُرِيدُ بِهِ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، قُلْت: وَفِي تَحْرِيمِهِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ4 فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ جَزْءٍ عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ، فقال:"أو يأكل الضَّبُعَ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ"؟، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ، وَلَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حديث إسماعيل عَنْ ابْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا، انْتَهَى. وَضَعَّفَهُ ابْنُ حَزْمٍ بأن إسماعيل بن مسلم ضَعِيفٌ، وَابْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ سَاقِطٌ، وَحِبَّانُ بْنُ جَزْءٍ مَجْهُولٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ بِهِ، فَقَالَ: وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ؟، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ السَّعْدِيِّ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، قَالَ: سَأَلَتْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَنَّ نَاسًا مِنْ قَوْمِي يَأْكُلُونَ الضَّبُعَ، فَقَالَ: إنَّ أَكْلَهَا لَا يَحِلُّ، وَكَانَ عِنْدَهُ شَيْخٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَا أُخْبِرَك بِمَا سَمِعْت أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ فِيهِ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُول: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي خَطْفَةٍ وَنُهْبَةٍ وَمُجَثَّمَةٍ، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، قَالَ سَعِيدٌ: صَدَقَ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ5 فِي الْحَجِّ وَالْأَطْعِمَةِ، وَالنَّسَائِيُّ
1 قال الحافظ ابن حجر في الدراية ص 320: وفي الباب عن علي، عن عبد الله بن أحمد في زوائد المسند انتهى.
2 قال في الدراية ص 320: وأصل الحديث في المتفق عن أبي ثعلبة، دون ذكر الطير، أهـ. قلت: أما عند مسلم ففي الصيد ص 147 ج 2، وعند البخاري في الصيد باب أكل كل ذي ناب من السباع ص 830 ج 2.
3 عند مسلم في الصيد ص 147 ج 2، وعند ابن ماجه في الأطعمة وعند النسائي في الصيد في باب تحريم أكل السباع.
4 عند الترمذي في الأطعمة في باب ما جاء في أكل الضبع ص 1 ج 2، وعند ابن ماجه في الأطعمة في باب الضبع ص 240 ج 2.
5 عند الترمذي في الحج في باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم ص 117 ج 1، وفي الأطعمة في باب ما جاء في أكل الضبع ص 1 ج 2، وعند ابن ماجه في الأطعمة في باب الضبع ص 240، وعند النسائي في الصيد فيه: ص 198 ج 2.
فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَطْعِمَةِ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: سَأَلْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَشَيْءٌ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَالَ فِي عِلَلِهِ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا السَّنَدِ وَالْمَتْنِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالسِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 عَنْ إبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيهِ كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَيُؤْكَلُ"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَبَا دَاوُد2 رَوَاهُ بِسَنَدِ السُّنَنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْأَكْلَ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الضَّبُعِ، فَقَالَ:"هُوَ صَيْدٌ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ فِي الْأَطْعِمَةِ وَوَهَمَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ إذْ عَزَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ لِلسُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَكِنْ أَخَذُوا مِنْ هَذَا اللَّفْظِ إبَاحَةَ أَكْلِهِ، زَاعِمِينَ أَنَّ الصَّيْدَ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَوْ قَتَلَ السَّبُعَ أَوْ نَحْوَهُ، مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَعِنْدَنَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، لِأَنَّ الصَّيْدَ اسْمٌ لِلْمُمْتَنِعِ المتوحش في أصل الخلقة، قَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا مُرَادًا لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ، إذْ كُلُّ أَحَدٍ يَعْرِفُ أَنَّ الضَّبُعَ مُمْتَنِعَةٌ مُتَوَحِّشَةٌ، وَإِنَّمَا سَأَلَ جَابِرٌ عَنْ أَكْلِهَا، سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَكْلِهَا، كَمَا تَقَدَّمَ، قُلْنَا: هَذَا يَنْعَكِسُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ، ثُمَّ سَأَلَهُ آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ هُوَ الْمَأْكُولَ لَمْ يُعِدْ السُّؤَالَ، وَاسْتَدَلَّ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} قَالَ: فَهَذَا يَقْتَضِي حِلَّ صَيْدِ الْبَحْرِ دَائِمًا، وَحِلُّ صَيْدِ الْبَرِّ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْبَحْرِ مَا لَا يُؤْكَلُ، كَالتِّمْسَاحِ، وَفِي الْبَرِّ مَا لَا يُؤْكَلُ، كَالسِّبَاعِ، قَالَ: فَثَبَتَ أَنَّ الصَّيْدَ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ، انْتَهَى. وَلِأَصْحَابِنَا أَنْ يَقُولُوا: الصَّيْدُ فِي الْآيَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِاصْطِيَادِ، وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ بِمَعْنَى فِي أَيْ أُحِلَّ لَكُمْ الصَّيْدُ فِي الْبَحْرِ، وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ الصَّيْدُ فِي الْبَرِّ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ لَحْمٍ اصْطَادَهُ حَلَالٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّيْدِ فِي الْآيَةِ الِاصْطِيَادُ لَا الْحَيَوَانُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ، فِي مَسْأَلَةِ أَكْلِ السَّمَكِ، وَقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالصَّيْدِ فِي قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} الِاصْطِيَادُ، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَارَ صَاحِبُ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ: وَالصَّيْدُ لَا يَخْتَصُّ بِمَأْكُولِ اللَّحْمِ، قَالَ قَائِلُهُمْ:
1 في المستدرك في الحج ص 453 ج 1.
2 عند أبي داود باب في أكل الضبع ص 177 ج 2.
صَيْدُ الْمُلُوكِ أَرَانِبٌ وَثَعَالِبُ
…
وَإِذَا رَكِبْت فَصَيْدِي الْأَبْطَالُ
وَهَذَا الْقَائِلُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثَ السَّادِسَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَائِشَةَ عَنْ الضَّبِّ حِينَ سَأَلَتْهُ عَنْ أَكْلِهِ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَةِ1 عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ ضَمْضَمَ بْنِ زُرْعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ، انْتَهَى. وَضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ شَامِيٌّ، وَرِوَايَةُ ابْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الشَّامِيِّينَ صَحِيحَةٌ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَضَمْضَمُ فِيهِمَا مَقَالٌ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: ليس إسناده بذاك، وقاال الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ إسْنَادُهُ، إنَّمَا تَفَرَّدَ بِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2 عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا، فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إلَى الضَّبِّ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ، قُلْنَ: هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، فَقَالَ خَالِدٌ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فأجدني أعافه، فاحترزته"، فَأَكَلْته وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ، فَلَمْ يَنْهَنِي، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا3 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَهْدَتْ خَالَتُهُ أُمُّ حَفِيدٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ مِنْ الْأَقِطِ، وَالسَّمْنِ، وَتَرَكَ الْأَضُبَّ تَقَذُّرًا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسِ: فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا4 عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِيهِمْ سَعْدٌ، فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمْ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ، فَأَمْسَكُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، فَإِنَّهُ حَلَالٌ"، أَوْ قَالَ:"لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي"، انْتَهَى.
1 عند أبي داود في الأطعمة في باب من أكل الضب ص 176 ج 2
2 عند البخاري في الصيد في باب الضب ص 831 ج 2، وعند مسلم فيه: ص 151 ج 2.
3 عند البخاري في الأطعمة في باب الأقط ص 813 ج 2، وعند مسلم في الصيد ص 151 ج 2.
4 عند مسلم في الصيد في باب إباحة الضب ص 150 ج 2، وعند البخاري في كتاب أخبار الآحاد ص 1079 ج 2، وقال الحافظ في الدراية: وعن ابن عمر سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب، فقال:"لا آكله، ولا أحرمه"، متفق عليه، اهـ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ1 حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: أُهْدِيَ لَنَا ضَبٌّ، وَعِنْدِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي، فَصَنَعْته، ثُمَّ قَرَّبْته إلَيْهِمَا، فَأَكَلَا مِنْهُ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمَا يَأْكُلَانِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، وَقَالَ:"مَا هذا"؟ فقلنا لَهُ: ضَبٌّ، فَوَضَعَ مَا فِي يَدِهِ، وَأَرَادَ الرَّجُلَانِ أَنْ يَضَعَا مَا فِي أَفْوَاهِهِمَا، فَقَالَ لَهُمَا عليه السلام:"لَا تَفْعَلَا، إنَّكُمْ أَهْلَ نَجْدٍ تَأْكُلُونَهَا، وَإِنَّا أَهْلَ تِهَامَةَ نَعَافُهَا"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: رَوَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ بَقِيَّةَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ، انْتَهَى. بِلَفْظِ ابْنِ مَاجَهْ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد3 قَالَ: غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، فَأَتَتْ الْيَهُودُ، فَشَكُّوا أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْرَعُوا إلَى حَظَائِرِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا لَا تَحِلُّ أَمْوَالُ الْمُعَاهَدِينَ إلَّا بِحَقِّهَا، وَحَرَامٌ عَلَيْكُمْ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ، وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ"، انْتَهَى. وَعِنْدَهُ بَقِيَّةُ عَنْ ثَوْرٍ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: حَدَّثَنِي، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ صَالِحٍ بِهِ، بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، ثُمَّ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ خَالِدًا لَمْ يَشْهَدْ خَيْبَرَ، وَأَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ، هُوَ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، والدارقطني فِي سُنَنِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا مَنْسُوخٌ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ غَيْرَ شُعْبَةَ، وَيُشْبِهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ صَالِحٍ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ غزوان عن صالح له، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا4 عَنْ الْوَاقِدِيِّ ثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ بِهِ، وَنُقِلَ عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْرَفُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى، وَلَا أَبُوهُ إلَّا بِجَدِّهِ، وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، انْتَهَى. ثم أخرجه عن عمر بْنِ هَارُونَ الْبَلْخِيّ ثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَذَكَرَهُ، قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ فِي إسْنَادِهِ صَالِحًا، وَهَذَا إسْنَادٌ
1 قال الحافظ ابن حجر في الدراية أخرجه أبو يعلى باسناد حسن، انتهى.
2 عند ابن ماجه في الذبائح في باب لحوم الحمر الأهلية ص 238، وعند أبي داود في الأطعمة في باب أكل لحوم الخيل ص 175 ج 2.
3 عند أبي داود: ص 177 ج 2 عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن صالح بن يحيى به.
4 عند الدارقطني في الذبائح والأطعمة ص 546.
مُضْطَرِبٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: صَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: إسْنَادُهُ مُضْطَرِبٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الثِّقَاتِ، انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَقَدْ تَابَعَ شُعْبَةَ1 عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاقِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ عَنْ ثَوْرٍ، فَقَالَ: عَنْ صَالِحٍ سَمِعَ جَدَّهُ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، ورواه عمر بن هارون البلخي عَنْ ثَوْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدٍ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ صَالِحٍ سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَصَالِحٌ هَذَا رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: يُخْطِئُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: فِي تَحْرِيمِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الذَّبَائِحِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا يَوْمَ خَيْبَرَ الْحُمُرَ، وَالْبِغَالَ، وَالْخَيْلَ، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحُمُرِ، وَالْبِغَالِ، وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ الْخَيْلِ، انْتَهَى2. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ: رَوَى عَلِيٌّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَهْدَرَ الْمُتْعَةَ، وَحَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَمُسْلِمٌ فِي الذَّبَائِحِ، وَأَخْرَجَاهُ فِي النِّكَاحِ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: عَامِ خَيْبَرَ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: زَمَنَ خَيْبَرَ.
حَدِيثٌ مُخَالِفٌ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد4 فِي الْأَطْعِمَةِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ غَالِبِ5 بْنِ أَبْجَرَ، قَالَ: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إلَّا شَيْئًا مِنْ حُمُرٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَأَتَيْته فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنَا السَّنَةُ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إلَّا سِمَانٌ حُمُرٌ، وَإِنَّك حَرَّمْت لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ:"أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِك، فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ"، انْتَهَى. وَفِي إسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ
1 قوله: وقد تابع شعبة، اهـ، قلت: لعل الصواب وقد تابع بقية، اهـ، كما يظهر من طرق هذا الحديث.
2 في المستدرك في الذبائح ص 235 ج 4.
3 عند البخاري في المغازي في باب غزوة خيبر ص 606 ج 2، وفي النكاح في باب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة ص 767 ج 2، وفي الذبائح في باب لحوم الحمر الأنسية ص 830 وفي ترك الحيل في باب بعد باب في الزكاة ص 1029 ج 2، وعند مسلم في نكاح المتعة ص 452 ج 1 وفي الذبائح في باب تحريم أكل الحمر الأنسية ص 149 ج 3.
4 عند أبي داود في الأطعمة باب في أكل لحوم الحمر الأهلية ص 177 ج 2.
5 قلت: وسند أبي داود: عن منصور عن عبيد أبي الحسن عن عبد الرحمن عن غالب.
يَقُولُ: عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عُبَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَعْقِلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَنْ ابْنِ مَعْقِلٍ، وَغَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ، وَيُقَالُ: أَبْجَرُ بْنُ غَالِبٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول: غَالِبُ بْنُ ذُرَيْحٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: غَالِبُ بْنُ ذِيخُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَنْ أُنَاسٍ مِنْ مُزَيْنَةُ عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَنْ أُنَاسٍ مِنْ مُزَيْنَةُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ رَجُلَيْنِ سَأَلَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذِهِ الِاخْتِلَافَاتُ بَعْضُهَا فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ، وَبَعْضُهَا فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَبَعْضُهَا فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ، وَقَالَ الْبَزَّارُ: وَلَا يُعْلَمُ لِغَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَبَعْضُ أَصْحَابِ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ يَقُولُ: عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَنْ أَبْجَرَ بْنِ غَالِبٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَنْ غَالِبِ بْنِ ذُرَيْحٍ1 وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَنْ غَالِبِ بْنِ ذِيخُ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي مَتْنِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كُلْ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ، وَأَطْعِمْ أَهْلَكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كُلْ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ فَقَطْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ فَقَطْ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: حَدِيثُ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ إسْنَادُهُ مُضْطَرِبٌ، وَإِنْ صَحَّ، فَإِنَّمَا رَخَّصَ لَهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، حَيْثُ تُبَاحُ الْمَيْتَةُ، كَمَا فِي لَفْظِهِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ: وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لَحْمِ الْخَيْلِ يَوْمَ خَيْبَرَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ وَفِي الذَّبَائِحِ، وَمُسْلِمٌ فِي الذَّبَائِحِ2 عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ، انْتَهَى. وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ.
قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ خَالِدٍ، وَالتَّرْجِيحُ لِلْمُحَرَّمِ، قُلْت، يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ خَالِدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ حَدِيثَ جابر صَحِيحٌ، وَحَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ إسْنَادًا وَمَتْنًا، كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ ادَّعَى نَسْخَهُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ، لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَأَذِنَ، وَفِي لَفْظٍ: وَرَخَّصَ، قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ3: وَالْإِذْنُ
1 قال الحافظ في التهذيب في ترجمة غالب بن أبجر ص 241 ج 8، ويقال: غالب بن ديح، ويقال ابن ذريح، وفي هامشه عن التقريب، ويقال ابن ديخ بكسر الدال المهملة، بعدها تحتانية، ثم معجمة، وذكر في المغني غالب بن ذيخ بكسر معجمة، وسكون تحتانية، وإعجام خاء والله أعلم.
2 عند مسلم في الذبائح باب إباحة أكل لحم الخيل ص 150 ج 2، وعند البخاري في غزوة خيبر ص 606 ج 2، وفي الذبائح في باب لحوم الخيل ص 829 ج 2، وفي باب لحوم الحمر الأنسية ص 830 ج 2.
3 قال الحازمي في كتابه الاعتبار ص 163 قالوا: والرخصة تستدعي سابقة منع، وكذلك لفظ: الإذن، قالوا: ولو لم يرد لفظ الرخصة والإذن، لكان يمكن أن يقال: القطع بنسخ أحد الحكمين متعذر لاستبهام التاريخ في الجانبين، وإذا ورد لفظ الإذن تعين أن الحظر مقدم والرخصة متأخرة، فتعين المصير إليها، أهـ.
وَالرُّخْصَةُ تَسْتَدْعِي سَابِقَةَ الْمَنْعِ، وَلَوْ لَمْ يَرِدْ هَذَا اللَّفْظُ لَتَعَذَّرَ الْقَطْعُ بِالنَّسْخِ، لِعَدَمِ التَّارِيخِ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا، فَأَكَلْنَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْهُ، ثُمَّ نَقَلَ الْحَازِمِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيهِ نَسْخٌ، وَلَكِنْ الِاعْتِمَادُ عَلَى أَحَادِيثِ الْإِبَاحَةِ لِصِحَّتِهَا، وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهَا، قَالُوا: وَحَدِيثُ خَالِدٍ إنَّمَا وَرَدَ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ أَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ فِي الْخَيْلِ، وَفِي الْبِغَالِ، وَالْحَمِيرُ مُخْتَلِفٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ لِذَاتِهَا، وَعَنْ الْخَيْلِ لِأَنَّهُمْ سَارَعُوا فِي طَبْخِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ، فَأَمَرَ عليه السلام بِإِكْفَائِهَا، تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا نَهْيَهُ عليه السلام من تَنَاوُلِ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ اعْتَقَدُوا أَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ وَاحِدٌ، حَتَّى نَادَى مُنَادِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ الله تعالى ورسوله ينهاكم عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ، فَحِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ مُخْتَلِفٌ، وَأَنَّ الْحُكْمَ بِتَحْرِيمِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَأَنَّ الْخَيْلَ إنَّمَا كَانَ نَهْيًا عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُخَمَّسْ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَذِنَ، وَرَخَّصَ، دَفْعًا لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ، إلَّا أَنَّهُ رَافِعٌ لِحُكْمٍ أَوَّلَ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد، أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْرَعُوا إلَى حَظَائِرِهِمْ، الْحَدِيثَ.
الْحَدِيثُ الْعِشْرُونَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام أَكَلَ مِنْ الْأَرْنَبِ حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ مَشْوِيًّا، وَأَمْرَ أَصْحَابَهُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ، قُلْت: كَأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ: فَالْأَوَّلُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ1 فِي كِتَابِ الْهِبَةِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتهَا، فَأَخَذْتهَا، فَأَتَيْت بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِوَرِكِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَالَ: فَخِذَيْهَا، فَقَبِلَهُ، قُلْت: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، بِلَفْظِهِ سَوَاءٌ، وَفِي آخِرِهِ: قَالَ حَجَّاجٌ: قَالَ شُعْبَةٌ: فَقُلْت لَهُ: أَكَلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ أَكَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدُ: قَبِلَهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الذَّبَائِحِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْأَكْلَ، وَلَا ذَكَرَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ2 فِي الصَّوْمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ بِأَرْنَبٍ قَدْ شَوَاهَا، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَأْكُلْ، وَأَمَرَ الْقَوْمَ أَنْ يَأْكُلُوا، وَزَادَ فِي لَفْظٍ: وَقَالَ: "فَإِنِّي لَوْ اشْتَهَيْتهَا
1 عند البخاري في الهبة في باب قبول هدية الصيد ص 350 ج 1، وفي الذبائح في باب ما جاء في التصيد ص 825 ج 2، وفي باب الأرنب ص 830 ج 2.
2 عند النسائي في الصوم في باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ص 328، وص 329 ج 1، وفي الصيد في باب الأرنب ص 197 ج 2.
أَكَلْتهَا"، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، مُرْسَلًا، وَبِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ وَالْمَتْنِ، َرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَمِعَهُ عَنْ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ، انْتَهَى.1 وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ، فَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَرَوَى عَنْهُ عَنْ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ عَنْ عُمَرَ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ عُمَرَ هَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَرْنَبٍ يُهْدِيهَا إلَيْهِ، فَقَالَ: "مَا هَذِهِ"؟ قَالَ: هَدِيَّةٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْكُلُ مِنْ الْهَدِيَّةِ حَتَّى يَأْمُرَ صَاحِبَهَا، فَيَأْكُلَ مِنْهَا مِنْ أَجْلِ الشَّاةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ إلَيْهِ بِخَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " كُلْ"، قَالَ: إنِّي صَائِمٌ، قَالَ: "تَصُومُ مَاذَا"؟ قَالَ: ثَلَاثًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، قَالَ: "فَاجْعَلْهَا الْبِيضَ الْغُرَّ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ بِهِ سَوَاءً، وَزَادَ: فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إلَى الْأَرْنَبِ لِيَأْخُذَ مِنْهَا، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: أَمَا إنِّي رَأَيْتهَا تُدْمِي، فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، انْتَهَى. وَهُوَ فِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ أَمَا إنِّي رَأَيْتهَا تُدْمِي، أَيْ تَحِيضُ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: "كُلُوا"، وَلَمْ يَأْكُلْ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالسِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ صَادَ أَرْنَبَيْنِ، فَمَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُعَلِّقُهُمَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَتَيْت غَنَمَ أَهْلِي، فَاصْطَدْت هَاتَيْنِ، فَلَمْ أَجِدْ حَدِيدَةً أُذْكِيهِمَا بِهَا، وَإِنِّي ذَكَّيْتهمَا بِمَرْوَةِ، أَفَأَطْعَمُهُمَا؟ قَالَ:"نَعَمْ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكُبْرَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطْعِيُّ الْبَصْرِيُّ ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ صَادَ أَرْنَبَيْنِ، الْحَدِيثَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ، وَقَالَ: دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
1 رواية موسى بن طلحة عن أبي هريرة، وروايته عن ابن الحوتكية، عند النسائي في باب كيف يصوم ثلاثة أيام ص 329 ج 1، ورواية ابن الحوتكية عن عمر أيضاً، عند النسائي في الصيد في باب الأرنب ص 197 ج 2.
وَتَابَعَهُ حُصَيْنٌ، وَسَأَلْت الْبُخَارِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ أَصَحُّ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ1 فِي الضَّحَايَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُهْدِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْنَبٌ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَخَبَّأَ لِي مِنْهَا الْعَجُزَ، فَلَمَّا قُمْت، أَطْعَمَنِي، انْتَهَى. وَيَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ ضَعِيفٌ.
الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام فِي الْبَحْرِ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ"، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ دَوَاءٍ يُتَّخَذُ فِيهِ الضُّفْدَعُ، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الطِّبِّ وَفِي الْأَدَبِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الصَّيْدِ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيِّ أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الضُّفْدَعِ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ، فَنَهَى عَنْ قَتْلِهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 فِي الْفَضَائِلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَعَادَهُ فِي الطِّبِّ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ أَقْوَى مَا وَرَدَ فِي الضُّفْدَعِ، وَسَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ هُوَ الْقَارِظِيُّ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَدَنِيٌّ، يُحْتَجُّ بِهِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ الضُّفْدَعِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ، إمَّا لِحُرْمَتِهِ، كَالْآدَمِيِّ، وَإِمَّا لِتَحْرِيمِ أَكْلِهِ كَالصُّرَدِ، وَالْهُدْهُدِ وَالضُّفْدَعِ، لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ، فَكَانَ النَّهْيُ مُنْصَرِفًا إلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَجَهِلَ مَنْ عَزَا هَذَا الْحَدِيثَ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَتَرَكَ سُنَنَ أَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ بَيْعِ السَّرَطَانِ، قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ: أَمَّا الْمَيْتَتَانِ
1 عند الدارقطني في الصيد والذبائح ص 547.
2 في المستدرك في مناقب عبد الرحمن بن عثمان التيمي ص 445 ج 4، وفي الطب في باب النهي عن قتل الضفدع ص 411 ج 4، وعند أبي داود في الطب في باب في الأدوية المكروهة ص 185 ج 2، وفي الأدب في باب قتل الضفدع ص 358 ج 2، وعند النسائي في الصيد في باب الضفدع ص 201 ج 2.
فَالسَّمَكُ، وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ، فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ1 فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُحِلَّتْ لَنَا"، إلَى آخِرِهِ سَوَاءً. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَأَعَلَّهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ: إنَّهُ كَانَ يُقَلِّبُ الْأَخْبَارَ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، حَتَّى كَثُرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ رَفْعِ الْمَوْقُوفَاتِ، وَإِسْنَادِ الْمَرَاسِيلِ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِمَا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَقَطْ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفَانِ، إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ وَثَّقَ عَبْدَ اللَّهِ، أَسْنَدَ ابْنُ عَدِيٍّ إلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ ثِقَةٌ، وَأَخَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأُسَامَةُ ضَعِيفَانِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُورُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ، وَأَسْنَدَ ابْنُ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَتُهُمْ ضُعَفَاءُ، لَيْسَ حَدِيثُهُمْ بِشَيْءٍ، وَأَسْنَدَ عَنْ السَّعْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُمْ ضُعَفَاءُ فِي غَيْرِ خَرِبَةٍ فِي دِينِهِمْ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَابْنُ وَهْبٍ يَرْوِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ مَوْقُوفًا قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهُوَ موقوف في حكم الموفوع، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: وَقَدْ رَوَاهُ الْمِسْوَرُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَخَالَفَهُ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابن عمر موفوعاً، وَغَيْرُ ابْنِ زَيْدٍ يَرْوِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهَذِهِ الطَّرِيقُ رَوَاهَا الْخَطِيبُ بِإِسْنَادٍ إلَى الْمِسْوَرِ بْنِ الصَّلْتِ، وَالْمِسْوَرُ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى. قُلْت: وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ، قَالَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ ثَنَا دَاوُد بْنُ رَاشِدٍ ثَنَا سُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْت زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَحِلُّ مِنْ الْمَيْتَةِ اثْنَتَانِ، وَمِنْ الدَّمِ اثْنَانِ: فَأَمَّا الْمَيْتَةُ فَالسَّمَكُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمُ، فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: رَوَى جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَكُلُوا وَمَا لَفَظَهُ الْمَاءُ فَكُلُوا، وَمَا طَفَا فَلَا تَأْكُلُوا"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ3 عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا أَلْقَاهُ
1 عند ابن ماجه في الصيد في باب صيد الحيتان والجراد ص 239.
2 عند الدارقطني في الصيد والذبائح ص 540.
3 عند أبي داود في الأطعمة في باب أكل الطافي من السمك ص 178 ج 2، وعند ابن ماجه في الذبائح في باب الطافي من صيد البحر ص 241.
الْبَحْرُ، أَوْ جَزَرَ عَنْهُ، فَكُلُوهُ، وَمَا مَاتَ فِيهِ، وَطَفَا، فَلَا تَأْكُلُوهُ"، انْتَهَى. وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ، فَقَالَ: وَيَحْيَى بْنُ سليم كثير الوهم، سيء الْحِفْظِ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ مَوْقُوفًا، انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سُلَيْمٍ أَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ، فَهُوَ ثِقَةٌ، وَزَادَ فِيهِ الرَّفْعَ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، قَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، وَلَكِنْ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ، انْتَهَى. وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ هَذَا هُوَ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ، رَوَى لَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَظَنَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ غَيْرَهُ، فَقَالَ: هُوَ مَتْرُوكٌ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلْ ذَاكَ آخَرُ لَيْسَ فِي طَبَقَتِهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا، وَيَحْيَى متروك لا يحتج له، وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَلَا يُحْتَجُّ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ بَقِيَّةُ، فَكَيْفَ بِمَا يُخَالَفُ فِيهِ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَأَيُّوبُ، وَحَمَّادٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ، وَقَدْ أُسْنِدَ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَا اصْطَدْتُمُوهُ وَهُوَ حَيٌّ، فَكُلُوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ مَيْتًا طَافِيًا فَلَا تَأْكُلُوهُ"، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلَتْ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَيُرْوَى عَنْ جَابِرٍ خِلَافَ هَذَا، وَلَا أَعْرِفُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ شَيْئًا، انْتَهَى. وَقَوْلُ الْبُخَارِيِّ: لَا أَعْرِفُ لِابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ شَيْئًا، هُوَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي اشْتِرَاطِ ثُبُوتِ السَّمَاعِ، لِلْإِسْنَادِ الْمُعَنْعَنِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ مُسْلِمٌ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكْفِي لِلِاتِّصَالِ إمْكَانُ اللِّقَاءِ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَدْرَكَ زَمَانَ أَبِي الزُّبَيْرِ بِلَا خِلَافٍ، فَسَمَاعُهُ مِنْهُ مُمْكِنٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ هَذَا صَحَّحَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ حَدِيثَهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي عِلَلِهِ1 سَأَلْت أَبَا زُرْعَةَ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَا حَسَرَ عَنْهُ الْبَحْرُ، فَكُلْ، وَمَا أَلْقَى الْبَحْرُ، فَكُلْ، وَمَا طَفَا عَلَى الْمَاءِ، فَلَا تَأْكُلْ"، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خَطَأٌ، إنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى جَابِرٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاهِي الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ أَبِي أحمد الزبيري ثنا سفيان الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عن جابر موفوعاً، نَحْوَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ غَيْرُ أَبِي أَحْمَدَ، وَخَالَفَهُ وَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُؤَمَّلٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَغَيْرُهُمْ عَنْ الثَّوْرِيِّ، فَرَوَوْهُ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ
1 في كتاب العلل ص 46 ج 2.
2 عند الدارقطني في الصيد والذبائح ص 538 عن أبي هريرة أنه سأل ابن عمر، قال: آكل ما طفا على الماء؟ قال: إن طافيه ميتة، انتهى.
السِّخْتِيَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَزُهَيْرٌ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْقُوفًا، وَرُوِيَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا، وَلَا يَصِحُّ رَفَعَهُ، يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَوَقَّفَهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ بِهِ مَوْقُوفًا، وَقَالَ: هو الصحيح، وأخرجه أَيْضًا عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"كُلُوا مَا حَسَرَ عَنْهُ الْبَحْرُ، وَمَا أَلْقَاهُ، وَمَا وَجَدْتُمُوهُ طَافِيًا فَوْقَ الْمَاءِ، أَوْ مَيْتًا، فَلَا تَأْكُلُوهُ"، انْتَهَى. وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ وَهْبٍ بِهِ، وَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِي عَنْهُ غَيْرَ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، انْتَهَى.
وَمِنْ حِجَجِ الْخُصُومِ فِي إبَاحَةِ أَكْلِ الطَّافِي حَدِيثُ الْعَنْبَرِ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ جَابِرٍ، وَحَدِيثٌ:"هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ"، وَحَدِيثُ:"أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ، وَدَمَانِ"، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَحَدِيثُ الْعَنْبَرِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، فَكُنَّا نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّغِيرُ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ فَيَكْفِينَا إلَى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ، ثُمَّ نُبِلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ اُضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، قَالَ: فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْتَرِفُ الدُّهْنَ مِنْ وَقْبِ عَيْنَيْهِ بِالْقِلَالِ، وَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عينيه، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهُ، ثُمَّ رَحَّلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا، فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا، وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ2 فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ، فَتُطْعِمُونَا"؟ قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فَأَكَلَهُ، انْتَهَى.
وَفِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3 فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي آخِرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ
1 عند البخاري في مواضع: منها في الصيد والذبائح باب قول الله {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} ص 826 ج 2، وعند مسلم في باب إباحة ميتات البحر ص 147 ج 2، واللفظ له.
2 الوشيقة أن يؤخذ اللحم، فيغلى قليلاً، ولا ينضج: ويحمل في الأسفار، وقيل: هي القديد، كما في حديث: جيش الخبط، وتزودنا من لحمه وشائق، انتهى. كذا في النهاية في باب الواو مع الشين ص 230 ج 4.
3 ص 418 ج 2.
قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلِ مِنَّا كُلَّ يَوْمِ تَمْرَةً، فَكَانَ يَمُصُّهَا، ثُمَّ يَصُرُّهَا فِي ثَوْبِهِ، وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنَا، وَنَأْكُلُ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا، إلَى أَنْ قَالَ: وشكى النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ، فَقَالَ:"عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ"، فَأَتَيْنَا سَيْفَ الْبَحْرِ، فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً، فَأَلْقَى دَابَّةً، فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ، فَاطَّبَخْنَا، وَاشْتَوَيْنَا، وَأَكَلْنَا، وَشَبِعْنَا، قَالَ جَابِرٌ: فَدَخَلْت أَنَا، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ، حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً فِي حِجَاجِ عَيْنِهَا مَا يَرَانَا أَحَدٌ، حَتَّى خَرَجْنَا، ثُمَّ أَخَذْنَا ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهَا، فَقَوَّسْنَاهُ، ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمَ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمَ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمَ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ، فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ، مُخْتَصَرٌ، وَهَذِهِ وَاقِعَةٌ أُخْرَى غَيْرُ تِلْكَ، فَإِنَّ هَذِهِ كَانَتْ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ الْأُولَى، قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ.
قَوْلُهُ: وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِثْلُ مَذْهَبِنَا يَعْنِي كَرَاهَةَ أَكْلِ الطَّافِي، قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي الصَّيْدِ كَرَاهِيَتَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَا عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي الشَّعْثَاءَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ1 إبَاحَتَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ.
قَوْلُهُ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ الْجَرَادِ يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ مِنْ الْأَرْضِ، وَفِيهَا الْمَيْتُ، وَغَيْرُهُ، فَقَالَ: كُلْهُ كُلَّهُ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ2 أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: الْحِيتَانُ وَالْجَرَادُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: الْحُوتُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ، وَالْجَرَادُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ، انْتَهَى. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ3 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْمَاطِيُّ ثَنَا دَاوُد بْنُ رُشَيْدٍ ثَنَا سُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أبي هاشم الْأَيْلِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"كُلُّ دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لَيْسَ لَهَا دَمٌ يَنْعَقِدُ، فَلَيْسَ لَهَا ذَكَاةٌ"، انْتَهَى.
1 عند الدارقطني في الصيد والذبائح ص 539.
2 وعند الدارقطني في الصيد والذبائح ص 539 عن عمر بن الخطاب، قال: الحوت ذكي كله، والجراد ذكي كله، انتهى.
3 قال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 35 ج 4: حديث ابن عمر، رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير وفيه سويد بن عبد العزيز، وهو متروك، انتهى.